الطقوس الإجرائية لأخذ عهود البوديساتفا

أخذ عهود انخراط البوديتشيتا

(19) بدون العهود التي هي من طبيعة انخراط البوديتشيتا، إلهامك لن يزيد. لذا، بأمنية النمو نحو الاستنارة الكاملة المُبتغاة، حتمًا خُذ تلك العهود، بحماسة، من أجل هذا الغرض.

حالة انخراط البوديتشيتا هي عندما ننخرط بالفعل في التدريبات التي ستصل بنا إلى الاستنارة، وهذا يعني أخذ عهود البوديساتفا. بالأساس، يحدد لنا العهد حدودًا معينة بحيث نقول، "أنا سأمتنع عن السلوك السلبي المتجاوز لهذا الحد"، لذا فالهدف من العهد هو أن نمنع أنفسنا عن شيء سلبي.

وطريقة وصولنا إلى الاستنارة هي عبر التدرب على المواقف الداخلية الستة التي ستحملنا بعيدًا -والتي يطلق عليها أيضًا البراميتات الستة". هم "سيحملوننا بعيدًا"، وهذا حرفيًا ما يعنيه المصطلح التبتي والسنسكريتي؛ سيأخذوا بنا إلى الاستنارة.

ولذا، عهود البوديساتفا -والتي بها عدة عهود تخص كل من تلك المواقف الداخلية التي ستحملنا بعيدًا، أشياءً سنتجنبها، والتي ستخلق لنا مشاكل ضخمة فيما له علاقة بتدربنا على الكرم أو الالتزام الأخلاقي أو الصبر أو المثابرة بابتهاج، الثبات الذهني أو التركيز، والوعي التمييزي أو الحكمة، أو التي ستمنعنا في العموم من مساعدة الآخرين. لذا، تلك الأشياء نرغب في تجنبها. هناك ثمانية عشر عهدًا أساسيًا وستة وأربعين عهدًا فرعيًا، ويمكنكم العثور على مناقشات مفصلة عن تلك العهود في الموقع.

يقول أتيشا، "ما لم نأخذ تلك العهود، والتي هي من طبيعة انخراط البوديتشيتا" -بعبارة أخرى، معنى انخراط البوديتشيتا هو أن نأخذ العهود، بحيث نضبط سلوكنا وفقًا لها- "عندها هذا الإلهام" لتحقيق الاستنارة لن يأخذ بنا لتحقيق هدفنا، "لن يزيد" طيلة الطريقة حتى يجلبنا حقًا للاستنارة. يجب أن نفعل شيئًا؛ علينا أن نعمل على تنمية أنفسنا.

قول أتيشا أننا إذا رغبنا في تحقيق تقدمًا نحو تلك الاستنارة التي نطمح إليها، التي نتمنى تحقيقها، عندها يجب علينا "حتمًا أخذ تلك العهود"، بعبارة أخرى، أن نقوم بهذا بوعي كامل، بطريقة رسمية. "وبحماسة"، كما يقول، أي ليس بطريقة عرضية، ولكن أن نبذل الجهد من أجل المحافظة على تلك العهود.

ما الاستعدادات التي يمكن القيام بها؟ هل هناك متطلبات مسبقة على أخذ تلك العهود؟ يقول أتيشا:

(20) هؤلاء من يحافظون طيلة الوقت على أي من مجموعات العهود السبعة الخاصة بالتحرر الفردي لديهم أساسًا ملائمًا لأخذ عهود البوديساتفا؛ من عاداهم ليس لديهم هذا الأساس.

عهود التحرر الشخصي، ويُطلق عليها باللغة السنسكريتية عهود البراتيموكشا. والسبع مجموعات هم عهود الرجال والنساء من غير الرهبان ثم عهود الراهبات تحت التجربة- تحت التجربة تعني أنهن يجربن أخذ تلك العهود أولًا لعدة سنوات، قبل أن يقررن حقًا أخذ عهود الرهبنة- ثم عهود الراهب المستجد وعهود الراهبة المستجدة ثم عهود الراهب كامل الرسامة وعهود الراهبة كاملة الرسامة. هذه هي المجموعات السبعة من عهود التحرر الشخصي.

عندما نتحدث عن عهود غير الرهبان، تتكون مجموعة العهود تلك من خمسة عهود، لكن ليس من الضروري أن تؤخذ كامل المجموعة، أي منها سيكون كافيًا. الخمسة هم: الامتناع عن (1) إزهاق الحياة، القتل، (2) السرقة، (3) الكذب، (4) الانغماس في السلوك الجنسي غير الملائم، بعبارة أخرى، التصرف تحت تأثير المشاعر المزعجة الشديدة، مع الوقوع بالكامل تحت سيطرة الرغبة أو الكراهية، مما يتسبب في إيقاع الأذى بشخص آخر عبر السلوك الجنسي، أو الوقوع بالكامل تحت سيطرة الغُفل، معتقدًا أن هذا هو مسار التحرر،و (5) هو تناول المواد المسكرة أو المغيبة، وهذا يشمل الكحول ويتضمن أيضًا المخدرات.

إذا أخذنا واحدًا فقط من تلك المجموعة بهدف التحرر الشخصي أو التحرر من السامسارا، وأيضًا بشكل ما نتحرر من التردد، "هل يمكنني أن أتناول الكحول؟ هل يجب علي ألا أتناول الكحول؟"، "هل أقتل تلك البعوضة؟ هل علي ألا أقتل تلك البعوضة؟" عندما نأخذ عهدًا، تستقر أذهاننا، "أنا لن أقوم بهذا"، حينها نتحرر من التردد، من هذا التوتر. لذا فهذه العهود مُحرِرة للغاية، ليس فقط بمعنى إنها تساعدنا في تحقيق هدف التحرر النهائي، بل هي أيضًا مُحررة للغاية لنا أثناء سيرنا على المسار.

لذا، إذا احتفظنا بمستوى ما من تلك العهود، عندها "سيكون لدينا أساسًا ملائمًا"، كما يقول أتيشا. لدينا قدرًا ملائمًا من الالتزام الأخلاقي الذي سيشكل أساسًا لنا لنكون قادرين على أخذ عهود البوديساتفا والمحافظة عليها -عهود البوديساتفا مراقبتها أكثر صعوبة من عهود التحرر الشخصي.

على سبيل المثال، العهد الأول، ما سنحتاج لأن نتجنبه هو مدح أنفسنا على حساب الآخرين بما يقلل من شأنهم بسبب تعلقنا بالحصول على الأشياء من الآخرين. لذا نقول، "أنا أفضل معلم"، أو "أنا الأفضل في هذا أو ذك ولا أحد آخر يجيد هذا"، لأنك راغب في أن يأتي لك الآخرين. هذا يمنعنا حقًا من أن نكون قادرين على مساعدة الآخرين، لأننا نحاول أن نحملهم على إعطائنا شيئًا على حساب شخص آخر، وهذا انحسار شديد في الذات. وإذا فهم من حولنا هذا، والناس ليسوا أغبياء لذا يمكنهم أن يدركوا حقيقة ما يحدث، عندها لن يثقوا بنا وبدوافعنا. وهذا سيخلق عقبة كبيرة أمام قدرتنا على مساعدتهم، لذا نحن نرغب في تجنب هذا.

لذا فهذا النوع من العهود مراقبته أكثر صعوبة من الالتزام في حديثنا والذي سيعطينا أساسًا لنكون قادرين على منع أنفسنا من هذا النوع من الحديث المؤذي لأنه سيكون لدينا على الأقل أساس من التحكم بالذات بمنعها من الكذب والموجود بعهود التحرر الشخصي. مما سيمكننا من الامتناع عن شيئ مراقبته أكثر صعوبة -أعتقد أن هذا هو المقصود بأساس من الالتزام، أن نكون قادرين على منع أنفسنا. هؤلاء من ليس لديهم هذا النوع من الأساس من إحدى تلك المجموعات الخمس من العهود، يقول أتيشا أنهم ليس لديهم أساسًا ثابتًا ليكونوا قادرين على المحافظة على عهود البوديساتفا.

ليس كل المعلمين البوذيين، خاصة في بعض التقاليد التبتية، يوافقون أتيشا على رأيه. البعض منهم يقول، "حسنًا، عهود التانترا كافية؛ لست بحاجة لأخذ أي عهود أخرى معها". لكن نصيحة أتيشا، على الأقل، تُتبع بشكل صارم في تقليد الغيلوك -وهناك قدر كبير من الحكمة خلف نصيحة أتيشا.

(21) من بين السبع مجموعات من عهود التحرر الشخصي، من رحل بعيدًا أكد في شروحه أن هؤلاء من يتبعون مسار الامتناع العظيم، من يحملون عهود الرهبان كاملي الرسامة، هم الأسمى.

"من رحل بعيدًا"، هذه ترجمتي للمصطلح السنسكريتي "تاتاجاتا"، وهو لقب آخر لبوذا. المقطع "جاتا" يعني "رحل" أو "نما"، هم رحلوا أو عبروا خلال مراحل، والمقطع "تاتا" يعني "هكذا – بهذه الطريقة" أو "وفقًا لـ"، وفقًا للفهم الصحيح للخلو، وما نموا إليه متوافق مع كل ما وصفه بوذا وبالتالي فقد رؤوا الأشياء وفقًا للطريقة التي توجد بها، وحينها حققوا استنارتهم. هناك الكثير من المعاني خلف مصطلح "تاتاجاتا".

لذا، وكما قال بوذا، من بين تلك المجموعات السبعة من العهود، الأسمى بينهم هي عهود "الامتناع العظيم". شرح أتيشا في كتابه الشارح لتلك الأبيات أن "الامتناع" يُقصَد به هنا الامتناع عن الجنس والكحول، عن المواد المُغيبة، الامتناع عن كليهما. ووصف هذا الامتناع بأنه "العظيم"، وهي طريقة أتيشا في مدح الشيء بأنه إيجابي للغاية، ويتحدث أتيشا هنا عن الامتناع الكامل ويشير هذا إلى عهود الرهبان كاملي الرسامة.

علينا أن نفهم هذا البيت في سياق المجتمع الهندي بهذا الوقت، حيث إنه من الواضح أن الراهبات كاملات الرسامة يحملن أيضًا ذات العهود. لكن في السياق التاريخي الهندي، لم تكن النساء تعاملن بمساواة؛ وعبارة أتيشا لا تعكس موقفًا من الميلاد كامرأة، ولكنه يعكس موقف المجتمع بهذا الوقت. ليس هناك خطأ في النساء، الخطأ في المجتمع بذاك الوقت -المرأة كبوديساتفا ستواجهها عقبات أكثر في محاولتها للعمل على نفع الآخرين مما ستواجه الرجال.

المرأة التي قد تخرج لتحاول مساعدة الرجال في موقف صعب قد يتم اغتصابها من قِبَلِهم، على سبيل المثال، لذا فقد يواجههن صعوبات أكبر. لهذا السبب يقول أن الراهب لديه فرصة أفضل ليكون في نفع الآخرين. لكن هذا قد لا يكون صحيحًا في العصر الراهن بالمجتمع الغربي. علينا أن نفهم مثل تلك العبارات عن الرجال والنساء في سياقها التاريخي.

وعندما نتحدث عن الامتناع، فأول ما نشير إليه هنا هو حالة أن يكون لدينا شريك، أو أن نكون متزوجون -من الواضح أنه في سياق المجتمع الهندي نحن نتحدث عن الزواج والأسرة وما إلى ذلك- فقط يكون هذا معيقًا بعض الشيء فيما له علاقة بالعمل على نفع الآخرين لأننا سيكون علينا مسئوليات ضخمة تجاه عائلتنا والاعتناء بها. عندما يكون لدينا شريك في علاقة جنسية، فبالمثل يكون انتباهنا مشدودًا بالكامل تجاه هذا الشريك ونرغب في قضاء وقتنا معه أكثر من أي شخص آخر. ولذا يكون لدينا الميل للتوقف عن مساعدة الآخرين، على الأقل لفترة، حتى نبتعد قليلًا لتكون لدينا حياتنا الخاصة. وهذه ستكون مشكلة. وبالمثل إذا تحدثنا عن الامتناع عن تناول المواد المغيبة مثل الكحول والمخدرات وما شابه، تلك المواد التي تؤثر على قراراتنا وقدرتنا على التمييز. قد نصبح في غاية الكسل؛ يمكنها أن تجعلنا نشعر بالنعاس؛ لتناول هذه المواد الكثير من العيوب التي يمكن أن تعيقنا عن مساعدة الآخرين. عادة ما نصبح معتمدين عليها، نشعر بأننا غير قادرين على القيام ببعض الأشياء بدونها.

وأتيشا هنا لا يقول أننا إذا ما لم نكن رهبان كاملي الرسالة فلا يمكننا اِتباع مسار البوديساتفا، ليس هذا ما يقوله. ما يقوله فقط هو أن الرهبان كاملي الرسالة ومن يعيشون حياة الامتناع تلك، فهذا سيكون الوضع المثالي لأخذ عهود البوديساتفا والمحافظة عليها.

إذا، كيف يمكننا أن نأخذ تلك العهود؟ يقول أتيشا:

(22) من خلال الطقوس الإجرائية المشروحه في فصل "الالتزام الأخلاقي" في كتاب مراحل البوديساتفا، خُذ عهود (البوديساتفا) من معلم متميز مؤهل بالكامل.

مراحل البوديساتفا هو كتاب لأسانغا. يطلق عليه بالسنسكريتية بوديساتفابومي. يتحدث هذا الكتاب عن مراحل مسار البوديساتفا، وبه فصل خاص بالالتزام الأخلاقي ويتحدث فيه عن عهود البوديساتفا والطقس الإجرائي الخاص بأخذ تلك العهود. وإذا كنا سنأخذ تلك العهود بهذا النوع من الطقوس الإجرائية فسنحتاج عندها أن نأخذ تلك العهود من معلم روحاني والذي يجب أن يكون "مؤهلًا بالكامل".

فيما يتعلق بمؤهلات معلم الماهايانا، مَن بإمكانه منح تلك العهود، يتحدث أتيشا عن هذا في البيت التالي ويقول:

(23) يُعرف المعلم المتميز بأنه شخصًا ماهرًا في الطقوس الإجرائية لأخذ العهود، وجزء من طبيعته إنه يعيش وفقًا لتلك العهود، ولديه الثقة ليمنح تلك العهود، وذو الشفقة.

يجب أن يكون المعلم "شخصًا ماهرًا في الطقوس الإجرائية لأخذ العهود"، بعبارة أخرى، يعرف كيف يقوم بهذا الطقس الإجرائي. و"جزء من طبيعته" أنه شخصًا فعليًا "يعيش وفقًا لتلك العهود". لديه البوديتشيتا ويحمل تلك العهود ويتبعها فعليًا في حياته، يحافظ عليها، ويُبقي عليها نقية.

وهو أيضًا "لديه الثقة ليمنح تلك العهود". كلمة "ثقة" المستخدمة هنا أصلها التبتي هي كلمة صبر. قد توحي كلمة "الصبر" هنا بأنه لديه الصبر تحمل كل الصعوبات التي تتطلبها المحافظة على تلك العهود، ويتضمن هذا تعليم مسار البوديساتفا للآخرين، الصبر ألا تثبط عزيمته فيما له علاقة بمساعدة الآخرين، لأنه أحيانًا سيكون من الصعب للغاية تقديم المساعدة للآخرين وسيجعلون حياتنا في غاية الصعوبة. لذا يمكننا أن نفهم كل هذا من تلك الكلمة المذكورة هنا، "الصبر".

لكن العديد من الشروح قدمت هذا النص على إنه "ثقة"، بمعنى أنه إذا كان لدىّ هذا المعلم أنواعًا مختلفة من الصبر، فسيمنحونه قدرًا كبيرًا من القوة، القوة الداخلية، نتيجة محافظته على عهوده، لكونه قادرًا على التعامل مع الآخرين، تقديم المساعدة للآخرين، وما شابه. وهذه القوة أو الثقة بالنفس هي التي ستسمح له بأن يصبح مثالًا أخلاقيًا، مثالًا للبوديتشيتا التي تلهمنا الثقة عندما نأخذ منه عهود البوديساتفا.

خير مثال على هذا هو قداسة الدالاي لاما. ننظر لقداسته وكم الصعوبات التي يلقاها، الصعوبات التي تثيرها له الصين، الصعوبات التي بداخل المجتمع التبتي ذاته، وصعوبة الموقف التبتي الميؤوس منه. ومع ذلك هو مستمر في مساعدة الآخرين، أن تكون لديه شفقة، صبر على كل ذلك، فهذا يضعه حقًا في موضع المثال الأخلاقي، يمنحه "ثقة منح العهود للآخرين".

الميزة الرابعة التي ذكرها أتيشا هي أن هذا المعلم "ذو شفقة"، إنه مُشفق بإخلاص، يتمنى حقًا أن يتحرر الآخرين من المعاناة وأسبابها ويعمل جاهدًا في هذا الاتجاه، وليس فقط بالأقوال.

إذًا ماذا نفعل إذا لم نجد مثل هذا المعلم؟ هناك عندها طقسًا إجرائيًا آخر لأخذ عهود البوديساتفا بدون معلم. وهذا في الحقيقة شيء ذي أهمية كبيرة. في كل من عهود التحرر الشخصي وعهود التانترا يجب أن تؤخذ تلك العهود من معلم، على الرغم من أن عهود التانترا يمكن أن يتم تجديدها بدون معلم، لكن أخذها لأول مرة يتطلب وجود معلم. لكن عهود البوديساتفا يمكن أخذها لأول مرة بدون معلم. والأمر في حقيقته ليس كأنك تأخذ تلك العهود بشكل ما من المعلم، لأن تلك العهود هي وعدًا يقطعه الشخص على نفسه أمام البوذات؛ المعلم هنا أشبه بالميُسِر الذي يتم عبره القيام بهذا الطقس الإجرائي.

(24) مع ذلك، إذا بذلت جهدك في هذا الأمر ولم تتمكن من العثور على مثل هذا المعلم، هناك طقسًا إجرائيًا آخر لتلقي تلك العهود، والذي سأشرحه بالكامل.

وهناك مصدر لهذا الطقس الإجرائي في السوترات، هذا ليس شيئًا أختلقه أتيشا. يقول:


(25) فيما يخص هذا الأمر، سأكتب هنا بوضوح شديد كيف وَلَّد مانجوشري البوديتشيتا في إحدى حيواته السابقة عندما كان يُعرَف بأنه الملك أمباراجا، بالضبط كما تم شرح هذا الأمر في سوترا حلية أرض بوذا الخاصة بمانجوشري.

هذا هو المصدر وفي الأبيات التالية نص ما ردده مانجوشري وما سنقوم بترديده أيضًا لنأخذ عهود البوديساتفا بذات الطريقة، بدون معلم. ومن الواضح أن هناك طقوسًا إجرائية أكثر تفصيلًا لهذا. ولكن تشتمل الأبيات التالية فقط على العناصر الرئيسية لما قام به مانجوشري.

(26) "أمام أعين حُماتي، أولِّد البوديتشيتا، وأدعو جميع الكائنات الهائمة كضيوف، سأحررهم من الميلاد غير المتحكم به.

المقصود بكلمة "حُماتي" هم البوذات، أنهم حُماتنا. يساعدوننا طيلة المسار ويحمونا بهذا من أن نضل السبيل. "أمام أعينهم أولِّد البوديتشيتا"، أُعيد التأكيد عليها، "وأدعو جميع الكائنات الهائمة كضيوف". بعبارة أخرى" أركز على جميع الكائنات الهائمة بإعادات الميلاد غير المتحكم بها وأدعوهم كضيوف عندي"، هذا يعني أنني لن أخذلهم.

وما الذي سأقوم به من أجلهم؟ سأحاول تحريرهم من الميلاد غير المتحكم به. هذا يعني أني سأعمل على مساعدتهم بقدر الإمكان الآن وسأحاول تحقيق الاستنارة حتى أستطيع تحقيق أفضل نفع لهم، على الرغم إنه من الواضح أنه من المستحيل على أي أحد أن يحرر الآخرين بمجرد إشارة من إصبعه.

(27) من الآن وحتى أحقق الحالة سامية النقاء، لن أتصرف أبدًا بنية سقيمة، بذهن غاضب، ببخل أو بغيرة.

لنتحدث عن "الحالة النقية" -وهي كلمة بودي في اللغة السنسكريتية والتي يمكن أن تكون حالة نقاء الكائنات المحررة، أي الأرهات سواء كانوا أرهات الشيرافاكا أو البراتياكابوذا- أو الحالة سامية النقاء والتي يُقصد بها الاستنارة، أي حالة البوذا. لذا "من الآن وحتى تحقيق الحالة سامية النقاء"، بعبارة أخرى، من الآن وحتى الاستنارة، "من الآن وحتى أحقق ذلك لن أتصرف أبدًا"، وهذا معناه "أني لن أتصرف أبدًا بهذه الطريقة"، لأنه من الواضح إنه من المستحيل ألا نغضب أبدًا بعد الآن، "فأنا بالتأكيد سأحاول القيام بأفضل ما عندي".

"لن أتصرف أبدًا بنية سقيمة" -هذا المعاكس تمامًا للحب، الرغبة في أن يكون الآخرون سعداء، وعدم الرغبة في أن يكونوا تعساء. "النية السقيمة" هي أمنية أن يكون الآخرون تعساء، أن يحدث لهم شيئًا بشعًا.

"لن أتصرف بذهن غاضب"، أي قد أشعر "أنا غاضب منك ولا أحبك بعد الآن وأرفض وجودك في حياتي"، ولكن في نفس الوقت "أنا لن أتصرف بتلك الطريقة". و"لن أتصرف ببخل" -معنى البخل هنا هو ألا نمتنع، "لا أرغب في مشاركة ما لدي معك. لا أرغب في أن أمنح أي شيء لك", أيًا كان ما نتحدث عنه سواء كان مساعدة، وقت، إلخ. هذا لا يعني بالضرورة الأشياء المادية؛ يمكننا أن نكون بخيلين للغاية في وقتنا، طاقتنا وما شابه. لذا "أنا لن أتصرف بتلك الطريقة".

وأنا "لن أتصرف بغيرة". كلمة الغيرة قد يكون لها دلالات كثيرة سلبية هنا: شخص آخر يقوم بشيء مفيد و"أشعر بالغيرة مما يقوم به، لأني أرغب في الحصول على كل الإطراء". نحن غير سعداء بشأن أي شيء إيجابي يقوم به الشخص الآخر ونتمنى أنهم لم يقوموا به. لذا، هذا أيضًا شيئًا سلبيًا فيما له علاقة بالعمل على نفع الجميع. نفع الآخرين لا يعني "يجب أن أحقق لهم النفع بنفسي"، "إذا حقق أي شخص آخر النفع لهم فهذا شيء عظيم".

نوع آخر من الغيرة هو إذا منح شخصًا شيئًا لشخص آخر، قام بشيء لطيف من أجل شخص آخر، ونشعر بالغيرة من هذا، "لم يعطه لي". إذا أظهروا حبهم لشخص آخر، "هم لا يظهرون حبهم لي"، لذا "أشعر بالغيرة". وهذا لا يعني أننا لا نرغب في تلك الأشياء ولكن هذه هي إحدى الطرق الأخرى التي لن نتصرف بها في مثل هذه المواقف.

(28) سأعيش وفقًا للسلوك الممتنع؛ سأخلص نفسي من السلبيات والتعلق والجشع. سأبتهج بالعهود الأخلاقية، وسأستمر في تدريب نفسي كما فعل البوذات.

هذا في سياق كون الشخص راهبًا فعليه حينها أن يعيش وفقًا لقواعد الامتناع. وبالتأكيد نحن نرغب على الأقل في ألا يكون دافع القوة الوحيدة بحياتنا مكرسًا بالكامل لشريكنا الجنسي ولأن يكون لدينا أحباء وكل تلك الأشياء، وأن نتناول الكحول طيلة الوقت. من الأفضل أن نكرس كل وقتنا وطاقتنا بالأساس لمساعدة الآخرين. بالطبع يجب أن يتم هذا في سياق معرفتنا بمتى يجب علينا أن نتوقف لنأخذ راحة وألا ندفع أنفسنا للعمل أكثر من طاقتنا ونصبح متعصبين، وإلا سنهزم أنفسنا بأنفسنا.

من الواضح الآن أن الدافع الجنسي شيئ قوي لدى الكثير منا. وإنكار هذا أو كبته، خاصة إذا تم بطريقة غير صحية، يمكنه أيضًا أن يُشكل عائق كبير. لكن من المهم ألا تحكمنا دوافعنا الجنسية، ألا تسيطر علينا، خاصة إذا كنا نحاول مساعدة شخص ما نجده جذابًا. ما هو دافعنا من تقديم المساعدة؟ هل هو فقط، "أرغب في مساعدة هذا الشخص لأني أجده جذابًا؟ وما الذي أسعى إليه من خلف هذا؟ وبعد ما أن يعجبوا بي، هل سأحصل على رد جميل مساعدتي بنوع من الترضية جنسية، بدلًا من مساعدتهم حقًا بدون وازع شخصي؟"

هذا يمكنه حقًا أن يدمرنا، قد يخلق لنا فعليًا مشاكل ضخمة؛ وإذا أدرك الطرف الآخر هذا، فقد يصبح شديد السلبية تجاهنا. وحتى إذا أستطعنا فعليًا مساعدته، فسيكون هناك جزءًا منَّا دافعه الحصول على بعض التقرب الجسدي من هذا الشخص، ولذا فسيقوض هذا دافعنا النقي. من المثير جدًا للاهتمام، في مثل هذه الحالات، أن نتفحص أنفسنا ونرى، "هل كنت سأكون مهتمًا بمساعدة هذا الشخص إذا لم يبدو جسديًا بذلك المظهر الذي هو عليه؛ إذا كنت أراه قبيحًا؟"

وإذا وجدنا أننا لن نكون مهتمين بتقديم المساعدة لهذا الشخص إذا كان يبدو لنا بهيئة غير جذابة، حينها سيكون علينا أن نتفحص فعليًا دافعنا. لذا، إذا كان دافعنا الجنسي قوي، نحتاج لأن نتعامل معه بطريقة ما، وأن نكون أمناء بهذا الشأن، أن نجد حلًا ما بحيث لا يخلق عائقًا ضخمًا أمام مساعدتنا للآخرين. أيضًا كما أشار شانتيديفا في كتابه، عندما نحاول تنمية التركيز، التركيز المثبَّت على نقطة واحدة، أكبر عائق أمامنا سيكون الشرود الذهني الذي تُسببه الرغبة الجنسية.

وكما قال أتيشا، "أحتاج أن أخلص نفسي من السلبيات وأيضًا التعلق" -وهي كلمة تعني كلًا من التعلق أو الجشع، الرغبة في الحصول على شيء ليس عندي، أو إذا كان لدي، لا أرغب في تركه. "السلبيات" يمكنها أن تشير أيضًا إلى القوى السلبية التي قمت ببنائها عبر سلوكي الهدَّام، لذا أحتاج أن أخلص استمراريتي الذهنية من هذه القوة السلبية. لأنه عندما يكون لدينا مثل تلك القوى السلبية، دائمًا ما سنفكر بطريقة مكتئبة وانهزامية، سنفكر بطرق سلبية، لذا نرغب في أن نخلص أنفسنا منها.

ثم لدينا بعد ذلك "الابتهاج بالعهود الأخلاقية"، بعبارة أخرى، لن أشعر بأنه مثل هذه العهود هي ثقل رهيب علي وأنها مثل الحكم بالسجن بامتناعي عن تلك الأشياء. لكن نبتهج بهذا، "كم هذا رائع، هذا سيشكل حياتي بحيث أكون قادرًا على مساعدة الآخرين. كم من الرائع أن بوذا أشار إلى هذه الأشياء لنتجنبها إذا رغبنا في أن نكون قادرين على مساعدة الآخرين. هذا رائع. ليس علي أن أتعلم من ارتكاب الأخطاء؛ لقد أشار بوذا بالفعل لتلك الأشياء التي علي أن أتجنبها". لذا، "أنا مبتهج بهذا، كم هذا رائع. شكرًا لك".

لذا، نبتهج بهذه العهود وبهذا الالتزام، "سأستمر في التدرب بتلك الطريقة التي قام بها البوذات"، متبعًا في ذلك مثالهم. هذا لا يعني أن علينا القيام بكل شيء بالكامل بذات الطريقة بالضبط التي يتبعها معلمنا. نحن لن نصبح مثل القرود التي تقلد دون فهم. من الواضح أنه سيكون علينا، وفقًا للظروف التي نواجهها بالحياة والأشخاص الذين نقابلهم، أن نتبنى ما قام به بوذا، ما يقوم به معلمنا، لأجل أن تكون لدينا الصلة التي تُمكِّننا من مساعدتهم، ولكن سنقوم بهذا عبر اِتباع النماذج الأساسية للتدرب بالطريقة التي قام بها البوذات.

(29) لن أبتهج بتحقيقي للاستنارة بالوسائل السريعة فقط لأجل نفسي،

بعبارة أخرى، لن نعمل فقط لأجل تحقيق الاستنارة من أجل أنفسنا، ولكننا سنعمل لأجل صالح الآخرين. لذا يقول في النصف الثاني من هذا البيت،

لكني سأبقى حتى نهاية المستقبل، إذا كان بقائي هذا سيكون سببًا في (مساعدة) كائن محدود واحد.

لذا، فحتى إذا كنا نساعد "كائن محدود واحد"، "فسأبقى مستمرًا في العمل" و"لن أعمل فقط من أجل نفسي".

(30) سأنقي كل شيء من حولي ليصبح عالمًا لا محدودًا ولا يصدق وبكل مكان بالاتجاهات العشرة سأبقى (حاضرًا) لهؤلاء من ينادون أسمي.

هذا يعني أني سأحول كل شيء حولي إلى، كما أطلق عليه، "عالم لا محدود ولا يصدق"، بعبارة أخرى، سأحول كل شيء إلى عالم بوذا، "بحيث يصبح كل شيء حولي مساعدًا للآخرين على تحقيق التقدم بالمسار الروحاني". بمعنى إننا "ننقي" العالم من حولنا.

"سأبقى بكل مكان بالاتجاهات العشرة"، أي بغض النظر عن المكان، "سأبقى لمساعدة هؤلاء من ينادون اسمي"، بعبارة أخرى، هؤلاء من لديهم نوع من صلة الكارما معي والتي تُمكِّنني من مساعدتهم وهؤلاء من يطلبون مساعدتي.

ثم البيت الأخير بهذا باقتباس منجوشري:

(31) سأنقي كل أفعال جسدي وحديثي، وسأنقي أيضًا أنشطة ذهني: لن أرتكب أبدًا أي فعل هدام".

بعبارة أخرى "سأنقي أفعال الجسد، الحديث والذهن"، كلمة "سأنقي" يمكن هنا أن يكون لها معنَيَين: سواء نزيح بعيدًا العوائق التي تمنع أجسادنا، أحاديثنا، وأذهاننا من العمل بكامل طاقتها، لذا، بالأساس، نُزيل الإمكانات السلبية. أو يمكن فهم كلمة "سأنقي" بمعنى أننا سنحاول أن نجعل "كل أفعال الجسد، الحديث" نقية، بعبارة أخرى، نتصرف بطريقة نقية بدافع وهدف البوديتشيتا.

و"لن أرتكب أبدًا أي أفعال هدامة" -على الأقل "سأحاول ألا أتصرف بطريقة هدَّامة قائمة على المشاعر أو المواقف الداخلية السلبية".

Top