البوديتشيتا وسلوك البوديساتفا

الأبيات من العاشر إلى سابع عشر

مراجعة مختصرة

بعد البدء بالإجلال والوعد بتأليف النص، يعرض توغمي زانغبو دوافع المراحل المتدرجة للمسار، لام ريم، بدءً من الحياة البشرية الثمينة والظروف الأكثر ملاءمة للاستفادة منها. تعلمنا أنه من الجيد ترك ديارنا والبقاء بالعزلة.

ثم تذكرنا بعد ذلك الموت وحتميةِ التغيير، وكيف أن الحياة البشرية الثمينة لن تدوم للأبد، معنى هذا أنه لا وقت نضيعه في ما له علاقة بالاستفادة من هذه الحياة الثمينة. هذا لا يعني أن نصبح متعصبين، إحدى أحجيات الزن المفضلة لدي أجدها منطقية للغاية، "الموت أتٍ في أي وقت. فاسترخي". من أجل الاستفادة الكاملة من هذه الحياة، نحتاج للابتعاد بعض الشيء عن الأصدقاء المُضللين، ويجب أن نعتمد على الأصدقاء الروحانيين والمعلمين الروحانيين المؤهلين بالكامل.

رأينا أن التوجه الآمن هو أساس كامل المسار البوذي. نضع في حياتنا التوجه الذي يشار إليه بالدارما، والذي يأخذنا نحو الإيقافات الحقيقية ومسارات الأذهان الحقيقية التي لدى الأريا سانغا جزئيًا، وحققها البوذات بالكامل. هذا هو التوجه الذي نرغب في الذهاب إليه.

في سياق دافع النطاق الأولي، نهدف لإعادة الميلاد بأحد الحالات الأفضل، لكن تحديدًا إعادة الميلاد البشري الثمين. حجر الأساس هذا يشار إليه بالجواهر الثلاث، والتي تساعدنا كي نطور هدفنا أكثر نحو التحرر والاستنارة. من أجل أن نتأكد أننا لن نحظى بإعادات الميلاد الأسوأ في الحيوات المستقبلية، نحتاج للامتناع عن السلوك الهدَّام.

مع دافع النطاق الأوسط، نعمل من أجل التحرر من إعادة الميلاد المتكرر غير المتحكم به. بغض النظر عن نوعية إعادة الميلاد التي لدينا، إذا كنا تحت تأثير الكارما والمشاعر المزعجة، وكانت كل لحظة من هذا الميلاد مليئة بعدم الوعي وأفعال الكارما القهرية، سيُنتج هذا عندها المزيد من أشكال المعاناة. هذا ما قمنا بتغطيته حتى الآن.

تنمية هدف البوديتشيتا

نستمر الآن مع دافع المستوى المُتقدم، وهو أن نستهدف بالبوديتشتيا تحقيق الاستنارة الكاملة.

(١٠) تدريب البوديساتفا هو تنمية هدف البوديتشيتا لتحرير الكائنات المحدودة، لأنه إذا كانت أمهاتنا اللواتي كنَّ طيبات معنا منذ الزمن الذي بلا بداية، يعانين، فماذا يمكننا أن نفعل بسعادتنا نحن (فقط)؟

ما هي بالضبط البوديتشيتا؟ هي حالة ذهنية يتم تنميتها بواسطة الحب، الشفقة، والعزم الاستثنائي. الحب هو الأمنية للجميع -وهذا يعني كل الكائنات تمامًا، وليس فقط من نحبهم أو الذين هم قريبين منا- أن يكونوا سعداء وأن يحظوا بأسباب السعادة. الشفقة هي الأمنية للجميع أن يكونوا أحرارًا من المعاناة وليس فقط المعاناة العادية، ولكن معاناة السامسارا التي تجتاح كل شيء وأسبابها. يتضمن هذا أيضًا تحمّل بعض المسئولية لتقديم المساعدة الفعلية للآخرين للتغلب على معاناتهم، لكن من أجل تحقيق هذا نحتاج إلى الخطوة التالية، العزم الاستثنائي. معنى العزم الاستثنائي هو أن نتخذ قرارًا حاسمًا بأن نتحمل المسئولية الكاملة لمساعدة جميع الكائنات، وليس فقط على مستوى مساعدة مؤقتة، ولكن مساعدتهم طيلة الطريق إلى للاستنارة. يكون لدينا هدف البوديتشيتا على أساس من هذا.

في المرحلة الأولى من البوديتشيتا، نُركز على جميع الكائنات بنية الوصول للاستنارة حتى نساعدهم، في المقابل، الوصول بهم للاستنارة أيضًا. بالتالي، المرحلة الأساسية من البوديتشيتا هي التركيز على استنارتنا الشخصية التي لم تتحقق بعد. يمكننا أن نوعز أو نشير لاستنارتنا الشخصية التي لم تتحقق بعد على أساس من أسباب الحدوث الحالي، مثل إيعاز الزهرة التي لم تحدث بعد على أساس من بذرتها الحادثة حاليًا. إذا كانت كل أسباب وشروط النمو متوافرة، فالزهرة ستحدث حاليًا. حينها سيكون لدينا زهرة حادثة حاليًا، وحالة الزهرة التي لم تحدث حاليًا ستكون غير موجودة. بشكل مشابه، إذا وضعنا كمًا لا يصدق من العمل والجهد، وبالإضافة إليه، توافرت شروط الوصول للاستنارة، استنارتنا التي لم تحدث بعد لن تكون مجرد إيعاز على استمراريتنا الذهنية. سيكون لدينا بدلًا من هذا الاستنارة الحادثة حاليًا.

بالطبع ما شرحته الآن أكثر تعقيدًا وصعوبة، يجب أن نكون دقيقين مئة بالمئة في طريقة استخدامنا للمصطلحات. وإلا، سيكون صعبًا للغاية معرفة ما الذي يجب علينا القيام به عندما نُركز على البوديتشيتا. ما الذي نُركز عليه؟ ما الذي يظهر لأذهاننا؟ هل هو، استنارتنا الشخصية المستقبلية. لكن هذا شيء لم يحدث بعد، فهل يعني هذا أنها غير موجودة وبالتالي نحن نُركز على شيء غير موجود؟ يصبح هذا سؤال شائك وما لم نعرف ما الذي نُركز عليه، سيكون صعبًا أن نُولد حقًا البوديتشيتا. مثل الغد، استنارتنا التي لم تحدث بعد لم تتحقق الآن، لكن يمكنها أن تحدث ويمكن أن نركز انتباهنا عليها لنضع الخطط. لماذا يمكن أن تحدث؟ يمكن أن تحدث لأنه لدينا عناصر طبيعة بوذا.

النقطة الأساسية هنا هي أننا لا نهدف لاستنارة شكياموني بوذا، لأنها استنارته هوَّ. نحن لا نهدف للاستنارة في العموم كما لو كانت بالونًا ضخمًا في السماء وجميعنا نستهدف ذات الشيء. هي ليست كذلك. إنها استنارتنا الشخصية. نُركز على عناصر طبيعة بوذا، وعلى أساس من هذا، يمكن أن نوعز استنارتنا الشخصية التي لم تحدث بعد.

يمكن أن نُمثّل هذا بصورة بوذا، لكن علينا أن نعرف ما تمثله بالفعل تلك الصورة التي نتخيله. تركيزنا على استنارتنا الشخصية التي لم تحدث بعد يصاحبه نيتين. هما النية لتحقيق هذه الاستنارة والنية لمساعدة الجميع على تحقيقها باستخدام وسائل تحقيقها بأنفسنا. أترجمها هذه الأيام بـ"هدف البوديتشيتا"، لأنها ما نهدف إليه دائمًا. هذا هو هدفنا في الحياة، أن نصل للاستنارة لنكون قادرين على نفع الجميع بأفضل الطرق، عن طريق مساعدتهم على الوصول للاستنارة.

عندما تكون لدينا البوديتشيتا بمعناها الكامل، تصبح ما يطلق عليه "بلا جهد"، والتي معناها أنه ليس علينا اتباع مجموعة من الخطوات لبنائها أو توليدها. بعبارة أخرى، تصبح بمتناول يدينا، لدينا بوديتشيتا كاملة بكل تفاصيلها وحاضرة لدينا ليل نهار. لن يشكّل فارقًا ما إذا كنا واعين بهذا الهدف أم لا. كل شيء في حياتنا، كل شيء نقوم به، حتى عندما ننام، يهدف إلى تحقيق تلك الاستنارة.

نيتنا هي العمل من أجل الجميع، كل كائن محدود، وتهدف نيتنا للأخذ بهم لأعلى، أكمل نمو ممكن لحالة كلية المعرفة. هذا شيء هائل، وشاسع بشكل مدهش، حالة ذهنية لا تصدق. هذا ما نعنيه بالماهايانا، الناقلة العظيمة للذهن. إنه ذهن الذي يعمل كالناقلة يأخذ بنا لأعظم هدف. ما نهدف إليه هو أن يكون لدينا هذا الشيء المثالي كمركزًا لحياتنا، كشيء مركزي باستمراريتنا الذهنية، سواءً كنا واعين به أم لا، هذا هو هدفنا في الحياة.

يعطي توغمي زانغبو في هذا البيت مؤشرًا لطريقة بناء هدف البوديتشيتا. يشير إلى تحرير الكائنات المحدودة، التي هي أمهاتنا. يقول: لإنه إذا كانت أمهاتنا اللواتي كنَّ طيبات معنا منذ الزمن الذي بلا بداية، يعانين، فماذا يمكننا أن نفعل بسعادتنا نحن (فقط)؟ يشير هذا إلى أداة السبعة أجزاء السبب والنتيجة لتوليد البوديتشيتا.

نحتاج أولًا إلى تنمية التساوي حتى لا يكون لدينا انجذاب للبعض، نفور من البعض، ولا مبالاة بالبعض الآخر. نحن منفتحون على الجميع، وهذا مهم للغاية، عندما نفكر في سياق الحب والشفقة بمعناهما في الماهايانا. تذكروا أننا لا نتحدث عن الحب والشفقة فقط تجاه من نحبهم، لأن هذا ليس هو حب وشفقة الماهايانا. يجب أن يكون لدينا "الحب العظيم" و"الشفقة العظيمة". في سياق الماهايانا، عندما نتحدث عن الحب العظيم والشفقة العظيمة، فهما متساويان تجاه الجميع. من الواضح أن هذا شيء يصعب أن يكون لدينا، خاصة بما أن بعض الكائنات المحدودة حاليًا في حالة إعادة ميلاد على هيئة بعوضة. يتطلب هذا فهم إعادة الميلاد. لا أحد يوجد فعليًا فقط على الهيئة التي هو متجسد بها الآن. الجميع هم استمراريات ذهنية فردية تأخذ عدد لا يمكن حصره من إعادات الميلاد على أساس مادي لما تقوم ببنائه الكارما الخاصة بهم.

كلٌ من تلك الاستمراريات الذهنية، أو بالأحرى تلك الكائنات، كانت في حياة أو في أخرى أمًا لنا، ولهذا يطلق عليها توغمي زانغبو "أمهاتنا". هذا لأن هناك كم لا نهائي من الوقت وهناك عدد غير محدود من الكائنات. إذا فكرنا في هذا الأمر حسابيًا، يمكننا إثبات صحته.

توصّل تلاميذي في ألمانيا إلى إثبات رائع على صحة هذا على طريقة براسانغيكا. تجادل براسانغيكا باستخدام الاستنتاجات السخيفة. الجميع كانوا أمهاتًا لي، ليس فقط لأن الزمن لا بداية له وهناك عدد غير محدود من الكائنات، لكن السبب الرئيسي هو أن الجميع متساوون. إذا كان أحد الكائنات أمًا لي، أي في هذه الحياة، يتبع هذا أن الجميع كانوا أمهاتًا لي في حياة بعينها، لأن الجميع متساوون. إذا لم يكن هذا هو الحال، عندها إذا كان هناك كائنًا واحدًا لم يكن أبدًا أمًا لي، عندها لن يكن أي أحد أمًا لي، لأن الجميع متساوون، بما في ذلك أمي في هذه الحياة. هذا إثبات رائع على طريقة براسانغيكا، حتى إذا لم يقم التبتيون باستخدام مثل هذا الإثبات. لكنهم يقبلونه بسهولة. أعطيت هذا الإثبات لأحد المعلمين في مدرسة المناظرات بدارماصالا ووافق أنه إثبات صحيح.

هذا في الحقيقة شيء في غاية الأهمية لأنه أول خطوة بتأمل السبعة أجزاء السبب والنتيجة لتنمية البوديتشيتا:

(1) إدراك أن الجميع كانوا بالفعل أمهات لنا – نحتاج لأن نصبح مقتنعين بهذا. وإلا، نحن فقط نقبل هذا الأمر بدون فهم حقيقي له، وهو أمر غير ملائم. إذا لم يكن أحد الكائنات أمًا لنا، عندها لم يكن لنا أمًا أبدًا، لأنهم جميعًا متساوون. لذا إذا كان أحد الكائنات أمًا لي، عندها فقد كان الجميع أمهاتًا لي، لأن الجميع متساوون. هذا مثير للاهتمام، أليس كذلك؟

ثم النقطة التالية:

(2) تذكُر الطيبة المحبة الأمومية – شكل الحد الأدنى على الإطلاق للطيبة هو عدم التخلص منا أثناء الحمل. لذا، بغض النظر عن صعوبة علاقتنا بأمنا، على الأقل كان هناك طيبة. بالنسبة لأغلبنا، كأطفال حديثي الولادة، لم نكن قادرين على النجاة لوحدنا دون مساعدة أمّنا.

(3) تقدير تلك الطيبة – الصياغة المعتادة لتلك النقطة هي "رد تلك الطيبة"، لكن اعتقد أن هذا قد يخلق ثقلًا في ما له علاقة بالشعور بالذنب الذي لدى معظم الغربيين. المصطلح عادةً يعني "تقدير تلك الطيبة"، أو "الامتنان". عندما نُقدر الطيبة التي أظهرها لنا الجميع، ونشعر حقًا بالامتنان لها، عندها، وبشكل طبيعي، سيكون لدينا ما يطلق عليه "الحب المُدَفّئ للقلب". متى ما قابلنا أي كائن، يجعل هذا قلبنا يمتلئ بالبهجة والسعادة، مثل مقابلة طفلنا، ونشعر بمشاعر سيئة إذا حدث لهم أي شيء.

(4) تنمية الحب – بناءً على الحب المُدَفّئ للقلب تجاه الجميع، نتمنى لهم أن يحظوا بالسعادة وأسباب السعادة.

(5) تنمية الشفقة – أيضًا بناءً على الحب المُدَفّئ للقلب تجاه الجميع، نتمنى لهم أن يكونوا أحرارًا من المعاناة وأسباب المعاناة، ونكون مستعدين للقيام بشيء لتحقيق هذا.

(6) تنمية العزم الاستثنائي – نتخذ قرارًا حاسمًا لتحمل مسئولية الأخذ بهم جميعًا طيلة الطريق للاستنارة.

بناءً على هذه الأسباب الستة، تكون عندها الخطوة السابعة، النتيجة:

(7) تنمية البوديتشيتا.

كما قال توغمي زانغبو، إذا كانت أمهاتنا تعانين، بما أننا متصلون بشكل تبادلي ولدينا صلة بالجميع، ما الذي سنفعله بسعادتنا نحن فقط؟ نحتاج لأن نستخدم سعادة الدائمة للتحرر والاستنارة التي حققناها خلال كوننا بوذات لنفع الآخرين، وليس فقط للاسترخاء بجانب حمام السباحة والاستمتاع بمشروب لذيذ.

مساواة واستبدال الذات مع الآخرين

يوضّح توغمي زانغبو في البيت التالي، الأداة الكبيرة الأخرى لتنمية البوديتشيتا، وهي مساواة واستبدال موقفنا الداخلي تجاه الذات مع الآخرين.

(١١) تدريب البوديساتفا أن نستبدل بنقاء سعادتنا الشخصية بمعاناة الآخرين، لأن (كل) معاناتنا، دون أي استثناء، تأتي من الرغبة في السعادة الشخصية، بينما تُولَد الاستنارة الكاملة من الموقف الداخلي الخاص بتمني الخير للآخرين.

مرة أخرى، نحتاج في البداية لمساواة موقفنا الداخلي تجاه الجميع. يعتمد هذا على ذات التساوي الذي لدينا في الأداة الأولى لتنمية البوديتشيتا، حيث لا يكون لدينا انجذاب نحو البعض، والنفور أو اللامبالاة نحو البعض الآخر. مع ذلك هنا، على أساس من هذا، نذهب إلى خطوة أبعد، وهي مساواة أنفسنا مع الآخرين. يعني هذا أننا وكل شخص آخر متساوون في رغبتنا بالسعادة وعدم رغبنا في التعاسة. علاوة على هذا، لدينا جميعًا الحق في أن نحظى بهذه السعادة وألا نكون تعساء، بغض النظر عما نقوم به. لذا لماذا نبحث فقط عن سعادتنا؟ في الفصل الثامن من "الانخراط في سلوك البوديساتفا"، يوضح شانتيديفا هذه النقطة كالتالي:

(٩٥) بما أن السعادة شيئًا مرغوبًا فيه بشكل متماثل سواءً مني  أو من الآخرين، فما الذي يميزني حتى أسعى لسعادتي الشخصية فقط؟
(٩٦) وبما أن المعاناة شيئًا غير مرغوب بشكل متماثل مني ومن الآخرين، فما الذي يميزني حتى اَعتني بنفسي فقط دون الآخرين؟

عندما نساوي بين الجميع بهذه الطريقة، كما شرح شانتيديفا بشكل جميل، نُشكل جميعًا، بشكل ما، جسدًا حيًا، مثل الأجزاء المادية المختلفة التي تُشكل كامل الجسد. كتب شانتيديفا بذات الفصل:

(٩١) تمامًا مثلما يُعتنى بالجسد ككل متكامل على الرغم من أنه أجزاء المختلفة مقسمة إلى أعضاء مثل اليد وغيرها؛ بشكل مشابه، بغض النظر عن الفروقات بين الكائنات الهائمة، إلا أنها فيما يتعلق بالسعادة والألم، كلها مُساوية لي في أمنيتها في أن تكون سعيدة، و(هذا يُشكل) التكامل.

لا يمكن أن نقول أن جزءًا واحدًا من الجسد يحتاج إلى رعاية أكثر من جزء آخر، أو أو إنه هناك جزءًا من الأكثر أهمية أن لا يشعر بالألم عن جزءًا أخر. جميعها متساوية. لذا لا يمكننا أن نقول أن جزءًا واحدًا من الجسد، مثل اليد، ستعتني فقط باليد. إذا كانت القدم تشعر بالألم من شَوْكَة مغروسة فيها، ستتحرك اليد فورًا دون تفكير، تساعد نزع تلك الشَوْكَة. ذات المنطق يُطبّق على سبب اعتنائنا بالآخرين، يصيغ شانتيديفا هذا بالطريقة التالية في الفصل الثامن:

(٩٩) إذا كان على كل شخص أن يعتني بنفسُه بأي معاناة لديه، عندها عندما تعاني القدم وليس اليد، لماذا تعتني اليد بها؟
(١٠٠) إذا كانت حالة (التجاهل) هذه ستكون غير منطقية وهذا نتيجة الحس (بتكامل) الذات؛ عندها، بالتأكيد ذات الأمر غير منطقي فيما يتعلق (بتكامل المكوّن) للذات أو الآخرين والذي هو شيء يجب أن أرفضه بقدر الإمكان.

القضية هنا بأكملها تدور حول أساس عنونة "أنا". هل نُعنون "أنا" فقط على أساس يدنا، أم على أساس كامل الجسد؟ هل نعنون "أنا فقط على أساس شخصنا، أم يمكن أن نعنونها على أساس أي شخص وكل شخص؟ كما يقول شانتيديفا بذات الفصل:

(٩٢) على الرغم من أن ألمي لا يؤلم أجساد الآخرين، مع ذلك فلأن الألم يخص "أنا"، فهو لا يحتمل، وهذا بسبب التشبث بـ"أنا".
(٩٣) بالمثل، على الرغم من أن ألم الآخرين لا يقع عليَّ، مع ذلك، وبشكل مشابه، فلأن الألم يخص "أنا"، فهو (أيضًا) غير متحمل، وهذا بسبب التشبث بالـ"أنا".

كما شرح شانتيديفا، في هذه اللحظة نحن نؤسس لمفهوم "أنا" على أساس من القِطَع التي جاءت من أجساد الآخرين، شيءٌ نما من الحيوان المنوي والبويضة لشخصين آخرين. هي ليست من الحيوان المنوي والبويضة الخاصين بنا، أليس كذلك؟ بالأساس، نحن نعتني بشيء جاء من أجساد الآخرين، لذا ما الفارق بين الاعتناء به وبجسد أي شخص آخر جاء هو الآخر من أجساد الآخرين؟ ما الفرق بين مسح مخاط أنفنا بأصبعنا ومسح مخاط أنف طفلنا بأصبعنا؟ نحن مستعدون للقيام بالاثنين إذا كان هذا ضروري. كيف يختلف هذا عن مسح مخاط أنف سكير ملقى بالطريق؟ يصيغ شانتيديفا هذا في ذات الفصل كالتالي:

(١١١) وكما أنه بسبب العادة، هناك فهم للـ"أنا" فيما يتعلق بقطرات المني والدماء الخاصة بالآخرين، على الرغم من إنها ليست موجودة "كشيء" ما.
(١١٢) فلماذا بالمثل لا يمكنني أن اتخذ لـ"أنا" جسدًا ينتمي لشخصٍ آخر؟ (فبعد كل شيء،) ليس صعبًا أن نُعنونه، بنفس الطريقة، كشيءٍ غير الجسد "الخاص بي".

كما قال شانتيديفا في ذات الفصل، المعاناة شيء يجب أن يزال، ليس لأنها معاناتي، أو معاناتك. المعاناة يجب أن تزال ببساطة لأنها معاناة وتؤلم. يقول شانتيديفا أن المعاناة ليس لها مالك. كما يمكننا الاعتناء بـ"أنا" التي أساسها الجسد المفرد، يمكننا بشكل مشابه أن نعتني أيضًا بـ"أنا"، والتي أساسها أجساد جميع الكائنات.

(١٠٢) بوجودها دون مالك، كل المعاناة ليس بها ما يميزها: لذا (لأنها ببساطة) معاناتهم فهم من عليهم تجنبها، لماذا هناك (تحديدًا) ثابتًا هنا؟
(٩٤) وبالتالي، فألم الآخرين هو شيء سأزيله، لأن (طبيعته) ألم، هو مثل ألم "أنا" الخاصة بي؛ والكائنات الأخرى التي سأساعدها، (طبيعتها) ككائنات محدودة، مثل جسد "أنا" الخاصة بي.

عندما نقوم بتدريب الأخذ والمنح، تونغلين، المشار إليه في النص بعبارة استبدال سعادتنا الشخصية بمعاناة الآخرين، فهذا يعني أن نأخذ معاناتهم كأنها تخصنا، ونمنحهم سعادتنا كما لو أننا كنا نمنح السعادة لأنفسنا. إذا لم نفهم الخلو والعنونة الذهنية للـ"أنا" الشائعة في سياق هذا التدريب، عندها سنكون في مشكلة كبيرة. ما هي المشكلة التي سنقع فيها؟ هي مشكلة تأسيس كامل التدرب على أساس من سوء فهم أن كل منا هو "أنا" راسخة، مستقلة، ذات وجود حقيقي. إذا قمنا بهذا، عندها سنقع في عقدة الشهيد الذي عليه أن يأخذ على عاتقه معاناة العالم بأكمله، كما في، "سأنقذ الجميع"، ويمكن لهذا أن يولّد كمًا هائلًا من الخوف، لأننا نفكر أيضًا، "أنا بالتأكيد لا أرغب في أن أشعر بالألم الذي تشعر به بينما تموت من السرطان". في هذه الحالة، نحن نفكر في "أنا" راسخة للغاية منفصلة عن كل الآخرين. ونحن بالتأكيد لا نرغب في أن نعاني معاناة شخص يحتضر. لكن، إذا فهمنا خلو الـ"أنا"، وفكرنا في سياق توسيع الـ"أنا" الشائعة متخذين من الجميع أساسًا لعنونتها، عندها سيصبح كامل تدرب استبدال الذات بالآخرين سهلًا ومنطقيًا للغاية. الأمر سيكون مخيفًا فقط عندما نفكر في سياق الـ"أنا" الراسخة. هذه نقطة مهمة للغاية بشأن تدريب مساواة واستبدال الذات مع الآخرين.

لماذا نرغب في التفكير في سياق جميع الآخرين وسعادتهم، وليس فقط في أنفسنا وسعادتنا؟ يؤكد توغمي زانغبو أن هذا لأن (كل) معاناتنا، بدون استثناء، تأتي نتيجة للرغبة في السعادة الشخصية. عندما نتصرف بشكل هدَّام، نحن في الحقيقة نقوم بهذا فقط لرغبنا في سعادتنا الشخصية. على سبيل المثال: "أنا لا أحب هذه الخنفساء التي تطير حول رأسي. أنا خائف منها وأرغب في أن أكون سعيدًا بدون أن تكون هي موجودة حولي. هي شكل حياة غير مقبول عندي". لذا أقرر قتلها، بناءً على تفكيري بأنانية بشأن ما فيه فائدة لي. مثال آخر للتفكير فقط في سعدتنا الشخصية: "أرغب في أن يكون لدي ما لدى شخص آخر"، ولهذا، أسرقه. نحن نرغب في سعادتنا الشخصية، فندخل في علاقة جنسية مع شريكة شخص آخر. نرغب في أن نحصل على ما نرغب فيه فنكذب. بشكل مشابه، يمكننا أن نفكر في كل فعل من الأفعال العشرة الهدَّامة. ليس من الصعب أن نحدد كيف تنشأ على أساس من أمنية السعادة الشخصية فقط وليس الاعتناء بشخص ما آخر.

حتى عندما نتصرف بشكل بنَّاء، نقوم بهذا على أساس من التفكير في سعادتنا الشخصية، وهذا أيضًا يديم فقط السامسارا الخاصة بنا. "أنا طيب معك"، على سبيل المثال، "لأنني أرغب في أن تحبني"، "أرغب في أن أشعر بأني مهم ومفيد"، وما شابه. هذا أيضًا ببساطة تفكير في سعادتنا الشخصية. في الاصطلاح البوذي، يُطلق على هذا "الموقف الداخلي الخاص بإيثار الذات".

يشرح هذا البيت أن بوذا كامل الاستنارة يُولد من الموقف الداخلي الخاص بتمني الخير للآخرين. إذا كنا سنمتنع عن التصرف بشكل هدَّام، مثل قتل الخنفساء، فهذا لأننا نفكر في سعادتها. إذا امتنعنا عن سرقة شيء ما من شخص آخر، مرة أخرى، هذا لأننا نفكر في سعادته، وليس سعادتنا. بالمثل، يمكننا أن نفكر في الأفعال العشرة البنَّاءة. أساسها جميعًا التفكير في سعادة الآخرين، وليس سعادتنا، ونتيجة لهذا، نتقدم على طول الطريق للبوديتشيتا. كيف يصبح شخصًا ما بوذا؟ هذا بسبب البوديتشيتا. البوديتشيتا أساسها التفكير في الآخرين.

للقيام بمراجعة سريعة لأداتَيْ توليد البوديتشيتا، تعمل أداة السبعة أجزاء السبب والنتيجة في سياق رؤية الجميع كأمهات لنا، ثم لدينا تدريب مساواة واستبدال الذات مع الآخرين. ما أن ننمي البوديتشيتا على أساس من هاتين الأداتين، عندها تتولّد لدينا حالة طموح البوديتشيتا. نحن نطمح للوصول للاستنارة لأجل نفع الجميع. بالإضافة إلى هذا، ننتقل إلى حالة انخراط البوديتشيتا، والتي فيها نأخذ عهود البوديساتفا وننخرط فعليًا في السلوك الذي سيأخذ بنا للاستنارة.

سلوك البوديساتفا: التعامل مع الأذى

يشمل سلوك البوديساتفا جوانب مختلفة، لكن أحد أهم تلك الجوانب هو: كيف نتعامل مع الأذى الواقع علينا. الطريقة الأساسية التي وصفها توغمي زانغبو للتعامل مع الأذى والصعوبات هي أداة الأخذ والمنح، تونغلين. هذه أحد أكثر الطرق الأساسية في تحويل الظروف السلبية إلى إيجابية، وهو موضوع يناقش في نصوص تدريب الذهن (لوجونغ) المختلفة. تذكروا، لقد كتب توغمي زانغبو شرحًا لنص غيشي تشِكاوا "النقاط السبع لتدريب الذهن" وبالتالي سنجد هنا العديد من النقاط المتشابهة، ليس فقط مع هذا النص، ولكن أيضًا مع نص "الأبيات الثمانية لتدريب الذهن" للانغري تونغبا، والتي تستند إليه تلك النقاط السبعة.

(١٢) تدريب البوديستفا هو، حتى إذا قام شخصٌ ما تحت تأثير الرغبة الشديدة بسرقتنا أو جعل الآخرين يسرقون ثروتنا بأكملها، أن نهبَه أجسادنا، مواردنا، وأفعالنا البناءة بالأزمنة الثلاثة.

إذا كنا حقًا نهدف بالبوديتشيتا إلى الأخذ بالجميع إلى الاستنارة، والتي هي أعلى حالة ممكنة، ولدينا الاستعداد الكامل لمنحهم كل تلك السعادة، عندها بشكل ما، فقد منحناها لهم. قد لا نكون منحناها لهم بالفعل الآن بشكل مادي، لكن بأذهاننا منحنا لهم كل ما يمكن أن يُمنح. لذا، إذا سرقوا شيئًا منا، أخذوا شيئًا، أو تسببوا في قيام شخص ما بسرقته، كما يقول توغمي زانغبو، بينما هم تحت تأثير الرغبة الشديدة، عندها فقد أخذوا ما هو ملك لهم بالفعل.

يقول شانتيديفا في الفصل الثالث شيئًا مشابهًا:

(12 أ،ب) بمنحي هذا الجسد لكل ذوي الأجساد المحدودة ليفعلوا به ما يحلو لهم، الأمر يعود لهم ليفعلوا ما يرغبون به،
(14 أ،ب) دعهم يفعلون ما يرغبون فيه بجسدي، طالما أنه لا يسبب لهم الأذى؛

لذا، إذا أخذوا شيئًا يخصنا، فهذا مقبول لأننا ذهنيًا قد وهبناه لهم بالفعل. وقد كرّسنا لهم أيضًا كل شيء آخر. بالطبع، نُكرس لهم، كما يقول توغمي زانغبو، أجسادنا، مواردنا وأفعالنا البنَّاءة بالأزمنة الثلاثة. هنا، معنى "تكريس"، على سبيل المثال، هو أننا نفكر، "لقد سرقتَ مالي أو لقد سرقت جهاز الحاسوب الخاص بي"، أو أيًا كان، "أتمنى أن تستمتع به. أرغب في أن تحظى بالسعادة، ولذا أتمنى أن تحصل على السعادة من خلال هذا". نأخذ المعاناة المترتبة التي قد تتولد عن هذا الفعل ونمنح فقط السعادة في المقابل.

نتذكر هنا، مرة أخرى، ما قاله توغمي زانغبو في السابق، أن كل التعاسة والمعاناة تأتي من التفكير فقط في أنفسنا، وأن كل السعادة تأتي من التفكير في سعادة الآخرين. عندما كنت أعيش في درامصالا، الهند، كان لدي حديقة زهور وفي أحد الأيام جاء أطفال القرية وقطفوا كل الزهور. لكوني من كائنات السامسارا، غضبت قليلًا ورغبت في أن أذهب وأصيح عليهم وأطردهم بعيدًا. لكن عندها حاولت أن أتذكر مثل هذه النصيحة، أنه إذا كنت أقوم بكل التأمل والتدريبات، "ليت جميع الكائنات تكون سعيدة، ليت الجميع يحظى بالاستنارة"، وفي نفس الوقت أبخل عليهم ببعض الزهور، فهذا سخيف للغاية. كوني متضايق وتعيس بشأن قطفهم للزهور كان بالكامل قائمًا على تفكيري فقط في نفسي. كانت زهوري وأرغب في أن استمتع برؤيتها. لكن عندما فكرت في سياق "ليتهم يستمتعون بهذه الزهور"، عندها كنت أفكر في سعادة الآخرين وفي الحقيقة جلب لي هذا راحة البال.

تذكروا الفكرة وراء مساواة واستبدال الذات مع الآخرين: ما الفرق بين استمتاعي بها واستمتاعهم بها؟ لذا نكرس لهم حتى المزيد من السعادة من أجسادنا، مواردنا، وأفعالنا البنَّاءة في الأوقات الثلاثة، الماضي، الحاضر والمستقبل.

الغرض من كل تلك الأبيات الخاصة بالأذى هو مساعدتنا على ألا نغضب. البوديساتفا لن يغضب من أي شخص، لأن الغضب بالأساس هو أمنية أن يكون الشخص الآخر غير سعيد. نحن نرغب في أن نتخلص منهم ونوقف أيًا كان ما يقومون به. من الواضح أنها رغبة في أن يكون شخص ما غير سعيد، أليس كذلك؟ بهذه الطريقة، الغضب، كما يقولون، يخرّب القوى الإيجابية التي قمنا ببنائها عبر الأفعال البنَّاءة المختلفة. معنى "يخرّب" هو أنه يجعلها ضعيفة للغاية، لذا تأخذ وقتًا أطول كي تثمر والنتيجة التي ستعطيها تكون أضأل. نحتاج لتنمية الصبر. مع الصبر نحن لا نغضب، وأحد أفضل الطرق للقيام بهذا هو تدريب الأخذ والمنح، تونغلين.

(١٣) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا لم نرتكب أدنى خطأ، وهناك شخص ما سيقطع رأسنا، أن نقبل على أنفسنا عواقبه السلبية، عبر قوة الشفقة.

أن يقطع أحدهم رأسنا لهو مثال متطرف، لكن الفكرة التي نأخذها هنا من هذا المثال هي إذا كان أحدهم سيؤذينا بشكل شديد وحتى إذا لم يكن هذا لخطأ منا، نظل لا نغضب. بدلًا من هذا نحاول القيام بتدريب الأخذ والمنح، تونغلين، مفكرين في كل العواقب السلبية والمعاناة التي سيختبرها هذا الشخص كنتيجة لقطعه لرأسنا أو أيًا كان الأذى الذي سيقوم به ضدي. نقوم بتدريب الأخذ والمنح، تونغلين، بأخذ تلك العواقب على أنفسنا من خلال قوة الشفقة، أمنيتنا له أن يتحرر تمامًا من المعاناة.

من المثير للاهتمام أن ننظر إلى التعاليم الخاصة بالكارما، في سياق العوامل التي تجعل إثمارها أكثر قوة. هناك قائمة كاملة نجدها في التعاليم عن الأشياء التي تجعل عواقب الكارما أكثر ثقلًا. "الأكثر ثقلًا" هو المصطلح الحرفي، وأحد عناصر تلك القائمة هو مقدار المعاناة التي سيتسبب فيها الفعل الهدّام على الكائن الواقع عليه هذا الفعل. إذا كان سيتسبب في كمٍ هائلٍ من المعاناة، عندها تكون العواقب أكثر ثقلًا. إذا لم يكن سيتسبب في قدر كبير من المعاناة، العواقب ستكون أخف. المثال الذي يُستخدم عادةً هو الفرق بين تعذيب أحدهم حتى يموت ببطء والقتل الفوري السريع.

استخدم توغمي زانغبو مثال "قطع رؤوسنا"، لأنه إذا كان سيقوم أحدهم بإعدامنا، إطلاق الرصاص علينا في إحدى حروب التطهير العرقي أو ما شابه، عندها سنغضب وسنعاني حقًا من هذا، عندها ستكون العواقب على الشخص الآخر ثقيلة للغاية. إذا كانوا سيقطعون رؤوسنا، عندها في الحقيقة سنموت سريعًا. لكن، مرة أخرى، البيت السابق الذي يتحدث عن سرقة شخص لشيء منا، نصبح غاضبين للغاية ونمتلئ بالضغينة، نعاني ونفكر في هذا لوقت طويل جدًا. قد نخطط لكيفية الانتقام من هذا الشخص وبكل هذه المشاعر السلبية، النتيجة لن تكون فقط أننا سنعاني كثيرًا الآن وفي المستقبل، لكن ستكون عواقب الكارما أكثر ثقلًا بكثير على هذا الشخص. ما الذي سيحدث إذا لم نغضب؟ بدلًا من هذا، إذا كنا سنفكر في هذا الشخص بشفقة، سنرغب في أن تكون العواقب الناتجة عن فعله أقل ما يمكن. بسبب شفقتنا تجاهه، سيتغير عندها الموقف بأكمله، ليس فقط لنا، ولكن للشخص الآخر أيضًا.

لهذا السبب من المهم للغاية أنه عندما يقوم أحدهم بشيء سلبي تجاهنا، نترك الأمر يمر. على سبيل المثال، قد يقترض أحدهم بعض المال منا ولا يقوم بردّه؛ حسنًا، هناك بعض المواقف التي لن يقوم فيها الشخص أبدًا برد المال لنا. فقد نترك الأمر يمر. هذا مختلف للغاية عن مفهومنا الغربي عن التسامح، والذي يوحي عادةً بنوع من الاستعلاء المتحفظ، الموقف الداخلي الذي نشعر به، "حسنًا، سأسامحك أيها المسكين". هذا قائم على مفهوم الذنب، أن الشخص الآخر مذنب ونحن نعفو عنه. هذا يعني هوية حقيقية للشخص الآخر أنه "شخص مذنب"، والذي، برحمتنا، نعفو عنه. بينما هنا، ببساطة على أساس من الشفقة، نرى أنه كلما أصبحنا أكثر غضبًا، أصبحنا أكثر ضيقًا، واختبر الشخص الآخر معاناة أكثر. ولأننا نريده أن يكون سعيدًا، فلن نغضب. سنتمنى له أن يحظى بالمزيد من السعادة.

حتى إذا لم نكن بعد بوديساتفات، هناك خطوطًا إرشادية مفيدة للغاية لنضعها موضع التدرب بقدر إمكاننا.

(١٤) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا قام أحدهم بالتشهير بنا بآلاف، ملايين، مليارات العوالم بكل الأشياء غير السارة عنَّا، أن نتحدث في المقابل عن خصاله الجيدة، بموقف داخلي مُحب.

عندما يقول الآخرين أشياءً غير سارة عنَّا، يصيحون علينا، يهينوننا وما شابه، من المهم ألا نقول شيئًا سيّئًا في المقابل. إذا كنا دائمًا ننتقد الآخرين ونقول عنهم أشياءً سيئة، سيكون لديهم رأيًا سيئًا عنا، ولن يثقوا بنا لنساعدهم، لأنهم سيتساءلون عما قد نقوله أيضًا عنهم. بالتالي، كتب لانغري تانغبا في نصه: الأبيات الثمانية لتدريب الذهن:

(٥) ليتني عندما يُعاملني الآخرون بسبب غيرتهم بشكل ظالم بتعنيفي، وإهانتي، وما هو أكثر، ليتني أتقبل الهزيمة على نفسي وأهب النصر للآخرين.

علاوةً على هذا، يشير شانتيديفا إلى أن الجميع لديهم خصالًا جيدة. كتب العديد من الأبيات ليشير بها إلى أنه إذا كنا نرغب في أن يكون الجميع سعداء بشأن خصالنا الجيدة، لماذا لا نرغب في أن نكون سعداء بخصالهم الجيدة؟ في هذا الخصوص، الجميع يشعرون بذات الأمر. كتب في الفصل السادس من كتابه، "الانخراط في سلوك البوديساتفا":

(٧٩) عندما تُمَجَّدَ خصالك الجيدة، تتمنى أيضًا أن يبتهج بها الآخرون؛ بينما عندما تُمَجَّدَ خصال الآخرين، لا تتمنى أن تبتهج أنت أيضًا.
(٨٠) بعد أن نمّيتُ هدف البوديتشيتا من خلال تمني السعادة لجميع الكائنات المحدودة، لماذا بدلًا من ذلك أُصبح غاضبًا عندما تجد الكائنات الهائمة السعادة بأنفسها؟

إذا ابتهجنا بسعادة الآخرين وخصالهم الطيبة، سنحصل في الحقيقة على المزيد من السعادة. إذا كنا سلبيين تجاههم وأنكرنا أي خصال جيدة لديهم، فماذا ستكون النتيجة؟ سينتهي بنا الحال غير سعداء. عندما ننتقد الآخرين، ما هي هذه الحالة الذهنية؟ إنها حالة ذهنية غير سعيدة بالمرة. الابتهاج بالخصال الجيدة للآخرين، بغض النظر عن صغر حجمها، هو بالتأكيد حالة ذهنية أكثر سعادة. ويحصل الآخرون على الكثير أيضًا من هذا: يحصلون على المزيد من الثقة والاحترام لنا، والذي يسمح لنا أن نكون أكثر قدرة على مساعدتهم. يثق الآخرين بنا بشكل أكبر، ويكونون متفتحين علينا أكثر بكثير.

إذا فكرنا في الدعاية السلبية الصينية ضد قداسة الدالاي لاما، هو أعظم مثال عن هذا. يقولون عنه العديد من الأشياء السلبية وينشرونها حول العالم. بالرغم من أن ما يقولونه غير صحيح على الإطلاق، مع ذلك قداسته لا ينتقدهم، ولا يقول أشياءً سيئة عن كم بشاعة الحكومة الصينية. بدلًا من هذا، يتحدث عن الأشياء الإيجابية التي يمكن للصين أن تقدمها للتبت، ولا ينكرها. بهذه الطريقة يفتح الطريق أمام التفاوض معهم. هذا موقف داخلي مختلف تمامًا عن الاختراقات الإرهابية أو الحركات التمردية التي ترى الحكومة سيئة للغاية وتسعى فقط لتدميرها.

الفكرة هنا هي ألا نتحدث عن الخصال السلبية للآخرين، حتى إذا قالوا أشياءً سيئة جدًا عنا، لكن بدلًا من هذا نؤكد على خصالهم الإيجابية ونقوم بهذا بموقف داخلي قائم عل الحب، نتمنى لهم أن يكونوا سعداء. الجميع لديه خصالًا جيدة، ولذا نبتهج للسعادة التي يحصلون عليها من خصالهم الجيدة. إذا لم نكن قادرين على تحمل قول أحدهم شيئًا سيئًا عنا، فكيف يمكن أن نتحمل ما يتحمله قداسة الدالاي لاما والذي هناك أمّة كاملة تقول أشياءً سيئة عنه؟ هذا يُلخص حقًا الكثير عن سلوك البوديتساتفا الخاص بقداسة الدالاي لاما، أليس كذلك؟

(١٥) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا فضح أحدهم أخطاءنا أو قال (عنا) كلمات كريهة في جمع من العديد من الكائنات الهائمة، أن ننحني له احترامًا، نصنّفه بأذهاننا كمعلمنا الروحاني.

استخدم لانغري تونغبا مثال المعلم بطريقة مشابهة:

(٦) وحتى إذا قام الشخص الذي ساعدته والذي كان محلًا لتوقعات عظيمة بإيذائي بمنتهى الظلم ليتني أنظر له أو لها كمعلمي النقي.

عندما ينتقدنا الآخرون، أو يكشفون أخطاءنا وما شابه، يكونون في الحقيقة مفيدين للغاية بإظهارهم لأخطائنا حتى نتمكن من إصلاحها. فبعد كل شيء، إذا فكرنا في  الفائدة الحقيقية للصديق، إنه الشخص المستعد ليخبرنا أننا نتصرف مثل الحمقى عندما نتصرف بالفعل كالحمقى. في المدرسة، إذا لم يُشِر المعلم إلى الأخطاء التي لدينا أو التي نرتكبها، يقول دائمًا فقط، "ما كتبته رائع للغاية"، عندها لن نتعلم أي شيء أو نتحسن. بهذه الطريقة، أي شخص يكشف أخطاءنا هو حقًا مثل المعلم الروحاني الذي يساعدنا على اكتشاف وتصحيح نقائصنا.

عندما يتهمنا الآخرين زورًا، يمنحنا هذا الفرصة لنتفحص ونرى إذا كان ما يقولونه حقيقي أم لا. حتى إذا كشفوا أخطاءنا أمام جمع كبير من الكائنات الهائمة، يقول توغمي زانغبو، يظل علينا أن ننظر لهم كمعلمينا. إذا كنا نرغب حقًا في مساعدة الآخرين، أحدى النقاط الحاسمة هي ألا نخفي أخطاءنا ونقائصنا أو ندّعي أن لدينا خصالاً جيدة بينما هي ليست لدينا. الشخص الذي يشير لأخطائنا أمام جمع كبير من الناس يمنحنا الفرصة لنكون أمنين معهم.

على سبيل المثال، إذا صحَّحَنا معلمنا أو شخصًا آخر في الفصل، بدلًا من الشعور بالإحراج، يمكننا أن نشكرهم على الإشارة لهذه النقطة. ليس هناك داعٍ لأن نفكر، "إنه لأمر رهيب جدًا. ما الذي سيعتقده الآخرون بشأني". بدلًا من هذا، يمكن أن نقول ببساطة، "شكرًا لك. كان هذه زلة لسان أو كان هذا خطاءً".

على هذا الأساس، الأشخاص الذين في الفصل سيكون لديهم المزيد من الاحترام لنا. أحيانًا عندما يدرّس قداسة الدالاي لاما، قد يزل لسانه ويقول شيئًا خاطئًا. يُدرك هذا ويضحك عليه، قائلًا، "لقد قلت شيئًا غير صحيح". لا يصنع جلبة حول هذا. ولا يشعر، "أنا سيء للغاية".

بشأن تمييز أن هذا الشخص معلمنا الروحاني، "تمييز"، عادة ما تترجم بـ"إدراك". لكن، "أن نميز" معناها أن نرى صفاتًا أو خصائص معينة في شخص أو شيء ما، وأن نحدد تلك الخصائص المميزة. الشخص قد تكون لديه العديد من أنواعًا عديدة من الخصال التي تجعله يُميَّز بأشكال مختلفة، لكن أحد الأشياء التي يمكن أن نميزها هي أنه يتصرف كمعلم روحاني لنا في اللحظة التي يشير بها إلى أخطائنا. لذا فهذا تمييز صحيح، لأن لديه الخصال المميزة الخاصة بمساعدتنا على التعلم.

(١٦) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا قام شخص نعتني به، ونؤثره مثل طفلنا، وباعتبارنا كعدو من أعدائه، أن نحمل عاطفة خاصة له، مثل الأم نحو أبنها المبتلى بالمرض.

تخيلوا أنه في ساعة متأخرة من الليل، وأخبرنا طفلنا أنه حان وقت النوم، لكنه يتضايق بشدة ويصرخ، "أكرهك" هل نصدقه ونتضايق؟ هل نفكر، "طفلي لم يعد يحبني". لا، بدلًا من هذا تكون لدينا عاطفة تجاهه، ونستمر في التفكير فيما فيه حسن حال طفلنا. نُطفئ التلفاز ونُدخله لينام. أو، إذا كان طفلنا مريض ويبكي طيلة الليل، هل نغضب منه، وننظر له كعدونا لإزعاج نومنا؟ لا، تكون لدينا عاطفة وحب أكبر له.

ذات الشيء صحيح بالنسبة لأي شخص نعتني به ونقدم له مساعدة ضخمة، لكن بعد هذا يبدأ في معاملتنا بشكل سيء، يغضب منا بشدة، ويعتبرنا كعدو له. عند هذه النقطة، من المفيد جدًا النظر إليه بذات الطريقة التي ننظر بها إلى طفلنا المريض، لأنه، في الحقيقة، مريض بنوع من المشاعر المزعجة.

(١٧) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا قام شخص ما، مساويًا لنا أو أدنى منا، بمعاملتنا بشكل مُهين نتيجة لقوة تَكَبُّرِه، أن أرفعه لقمة رأسي مثل المعلم كعلامة على الاحترام.

عندما يعاملنا الآخرون بشكل مُهين نتيجة لتكبّرهم، خاصة إذا كانوا مساوين لنا أو أدنى منا بشكل أو بآخر، من المهم ألا نصبح نحن أيضًا متعجرفين ونصيح عليهم. يأخذنا هذا البيت إلى التعاليم التي كتبها شانتيديفا بشأن التغلب على التكبر والغيرة. عندما نشعر بالتكبر تجاه شخصٍ ما، يقترح شانتيديفا أن ننظر للأمر من منظور هذا الشخص الذي هو أدنى منا مكانةً. من منظوره، من نعتقد أنفسنا؟ لدينا كل الظروف الجيدة في الحياة، مع ذلك لا نشارك أي شيء معه، وعلاوة على هذا ننظر له بشكل متدني. من الطبيعي أنه سيشعر بشكل سيئ جدًا لهذا. في الفصل الثامن من كتاب "الانخراط في سلوك البوديساتفا"، يقول شانتيديفا:

(١٤١) "هذا الشخص يُبدي الآخرين له الاحترامًا، ولا يُبْدُوه لي؛ ليست لدَّي ثروة مثل التي لديه. يتم توجيه المديح له والاستخفاف بي؛ لديه سعادة، ولدي معاناة؛
(١٤٢) " أنا أقوم بكل العمل بينما هو يعيش (حياة) الرخاء. هو شهير في العالم كشخص بارز، بينما أنا وضيع، دون أي خصال جيدة.
(١٤٣) "لكن بدونها كيف يمكن إنجاز (أي عمل) بواسطة شخص ليس لديه أي خصال جيدة؟ لكن، جميعنا لدينا صفاتِ جيدة! (وبعد كل شيء،) هناك مِن بيننا مَن هم أدنى من هذا الشخص وهناك مَن هم أنا بالفعل أسمى منهم.
(١٤٤) "أشياء مثل الالتزام الأخلاقي وبصيرتي تضعف نتيجة للمشاعر المزعجة، ولعدم تحكمي بها. أحتاج لأن أتعافى بأفضل ما يمكنني: وأتقبل حتى، وبلا تردد، الألم الذي (يتضمنه) هذا.
(١٤٥) "ولكنه (لا) يعاملني (فقط) كشخص يمكن علاجه، فلماذا ينظر لي باحتقار؟

هذه الأبيات من نوعية التعاليم التي يقدمها شانتيديفا في سياق استبدال المنظور بين الذات والآخرين. حتى إذا أهاننا شخص آخر أقل من مكانًة وتعامل معنا بتكبر، من المهم للغاية أن نتذكر هذه النوعية من التعاليم، ولا نتصرف بذات الطريقة في المقابل. بدلًا من هذا، يجب أن نرفع هذا الشخص لقمة رأسنا، كعلامة على الاحترام، كمعلم لنا. بعبارة أخرى، بدلًا من النظر له بتكبر وعجرفة، نحترمه، كما يجب علينا أن نحترم معلمنا، لأنه، مرة أخرى، يعلمنا شيئًا؛ يعلمنا ألا نكون متكبرين.

بغض النظر عمّا إذا قام شخص آخر مساوي لنا أو أقل منا بإهانتنا أم لا، من المهم للغاية أن يكون لدينا موقفًا داخليًا من الاحترام تجاهه. فبعد كل شيء، بالاعتماد عليهم سنحقق الاستنارة، وحينها سنكون قادرين على مساعدة أشخاص كثيرين آخرين. نحتاج لأن نفكر، "بسبب شفقتي تجاههم، بسبب حبي ومساعدتي لهم، سأتمكن من الوصول للاستنارة ونفع الآخرين، لهذا هم بالتأكيد يستحقون الاحترام".

عندما نتحدث عن اكتساب الإلهام لتحقيق الاستنارة، يأتي الإلهام من وجهتين، من أعلى أو الأسفل. الأعلى، يأتي من الجواهر الثلاث ومعلمينا الروحانيين، حيث يلهموننا بمثالهم. لكن نكتسب الإلهام بشكل مساوٍ من الكائنات المحدودة -ما يُطلق عليهم "الكائنات الواعية"- الذين يعانون، لأننا برؤيتهم نكون ملهمين بالحب والشفقة كي نُحقق الاستنارة لنساعدهم.

يقول شانتيديفا أن كلًا من الكائنات المحدودة والبوذات متساوون في هذا، بناءً على طيبة كليهما، نكون قادرين على تحقيق الاستنارة. لذا يقول شانتيديفا في الفصل السادس من كتابه، لماذا نظهر الاحترام فقط لمعلمينا والبوذات، وليس لكل الكائنات المحدودة التي تعاني؟ كتب يقول:

(١١٣) عند يكون اكتساب دارما البوذا (التحققات) بسبب (كُلٍ من) الكائنات المحدودة والمظفر بالتساوي، فأي نظامٍ هذا الذي يُظْهَرُ فيه الاحترام للكائنات المحدودة بشكل غير مماثل للمُظفر؟

الأسئلة

هل الخطوة الأولى في التعامل مع الغضب عندما نلاحظ تولَّده، هي أن نبتعد عن الموقف كي نهدأ، ثم نعمل عليه لاحقًا حتى نتخلص منه في النهاية؟

نعم، في الحقيقة هذه خطوة جيدة، وتتلاءم مع ما تقوله تعاليم توغمي زانغبو، أنه على البوديساتفا أن يغادر دياره، حيث الغضب، تزعجنا كثيرًا مشاعر الغضب، التعلق والغُفل. الابتعاد عن الموقف الذي لن نكون فيه قادرين على التعامل بشكل لائق مع الغضب، هو مشابه لهذا. من الجيد لنا أن نهدأ ونستعيد رباطة جأشنا. بشكل مشابه، من المحتمل أن الشخص الآخر سيكون متضايقًا وغاضبًا أيضًا، لذا من غير المُرجّح أن يكون متقبلًا للتهدئة وحل الموقف بشكل سلمي. نحتاج لأن ننتظر حتى يهدأ هو أيضًا ويكون كلانا في حالة ذهنية ملائمة أكثر لحل النزاع.

أنا مرتبك بشأن الإشارة الواردة في البيت السابع عشر التي تتحدث عن الأشخاص الأدنى، لأننا كنا نتحدث عن أن الجميع متساوون تمامًا. ما معنى أن يكون شخص أدنى؟

صحيح أن الجميع متساوون، الجميع يرغبون في أن يكونوا سعداء، ولا أحد يرغب في أن يكون تعيسًا. علاوةً على هذا، الجميع لديهم حق متساوي لتحقيق هذا. الجميع كانوا متساوون في طيبتهم تجاهنا، عندما كانوا على سبيل المثال أمهات لنا. كما يقول شانتيديفا، البوذات وجميع الكائنات المحدودة متساوون في طيبتهم تجاهنا، ولذا يستحقون ذات الاحترام. مع ذلك، الكائنات المحدودة، كما يوضح شانتيديفا بشكل غاية في التحديد، ليسوا متساوون في جميع النواحي. في سياق الخصال الجيدة للحب والشفقة والحكمة وخلافه، خصال البوذات تتجاوز قدرتنا على التخيل. يقول شانتيديفا أنهم متساوون فقط فيما يتعلق بحقيقة أننا نستند بشكل متساوٍ على كليهما -على البوذات الذين يقدمون المثال على ما نهدف لتحقيقه والكائنات المحدودة الذين نستهدف تحقيق هذا من أجلهم- سنحقق جميعًا الاستنارة.

مع ذلك، في الفصل الثامن الخاص بالثبات الذهني، عندما يتحدث شانتيديفا عن استبدال الذات والآخرين، هو يتحدث في سياق هؤلاء الذين هم في مرتبة أعلى منا، مَن هم مساوون لنا، ومَن هم أدنى منا. نحتاج لأن نتغلب على التكبّر تجاه الذين هم أقل منا، على سبيل المثال هؤلاء من لديهم مالًا أقل منا. علينا أن نتغلب على المنافسة الشرسة مع هؤلاء الذين هم مساوون لنا. يمكننا مرة أخرى استخدام المال كمثال، حيث قد نشعر أنه علينا أن نتنافس مع هؤلاء الذين هم مساوون لنا لكسب المال أكثر منهم. بالإضافة لهذا، نحتاج لأن نتغلب على الغيرة تجاه الذين هم بمكانة أفضل منا، أو لديهم مال أكثر مما لدينا. في الحقيقة، كامل فكرةمَن هم أسمى، مساويين وأدنى هي على المستوى النسبي تمامًا، عادة في سياق النظر إلى خصائص مثل الثراء، القوة، المكانة، القوة الجسدية، الجمال وما شابه.

في البيت الثاني عشر، بخصوص السرقة، هل يتحدث هذا البيت فقط عن كارما الشخص الآخر الذي يسرق منا، أم عن الكارما الخاصة بنا عندما نتصرف بطريقة أو بأخرى في مواجهة ما يقوم به هذا الشخص؟

يقول شانتيديفا أنه على أساس مني يقوم هذا الشخص ببناء العواقب السلبية، لأنه يسرق مني. عندما أنمي الصبر تجاه مثل هذا الشخص، على أساس منه، أنمي السعادة. هو يولد معاناته على أساس مني، وأنا أنمي السعادة على أساسًا منه، لذا لماذا أمنحه المزيد من المعاناة بغضبي منه؟ على أساس مني سيحظى بإعادة ميلاد أسوأ، وعلى أساسًا منه سأحقق الاستنارة. من الواضح أن هذا غريب للغاية، أليس كذلك؟ لذا، لماذا أغضب منه؟

يمكننا النظر للموقف بطريقة أخرى، كما هو مذكور في نص عجلة الأسلحة الحادة، نص آخر من نصوص تدريب الذهن. بهذه الأداة، نُدرك أننا نحن من ارتكب الأفعال السلبية في الماضي بالسرقة من الآخرين، والآن يرتد هذا علينا. هذه طريقة أخرى نحوّل بها الموقف. لذا، أكرر، عندما يسرق منا شخص ما، يمكننا التفكير في سياق إثمار إمكانات الكارما السلبية الخاصة بنا، أو يمكن أن نفكر في سياق بناء إمكانات كارما إيجابية على أساس من عدم الغضب من هذا الشخص.

Top