اللاعنف والقيم الروحانية

شكرًا جزيلًا لكلماتكم الطيبة. أنا حقًا سعيد بعودتي هنا لكالميكيا مرة أخرى. لقد كان لي كبير الشرف والامتياز أن أقابل وأدرس، فقط لمدة قصيرة، مع غيشي كالميكيا العظيم، غيشي وانغيال، بأمريكا في الستينات – من زمن بعيد جدا – وكانت هذه بدايتي مع البوذية التبتية، ولذلك فأنا دائمًا في قمة السرور عندما أعود هنا لموطنه وأقابل شعبه لأشاركهم بعضًا من الحظ الطيب الذي مكنني من مقابلته وقضاء وقت معه.

اليوم طُلِب مني التحدث عن اللاعنف والقيم الروحانية في العالم المعاصر. وهو موضوع ذو صلة بشكل خاص بالتلاميذ مثلكم الذين يخططون، على قدر ما فهمت، للانضمام للمهن الطبية والتعليمية، لأنه، جزء من عملكم هو مساعدة الآخرين، وبالتأكيد من الهام جدا من جانبكم أن تساعدوا بطريقة غير عنيفة. ومن الواضح أن المساعدة هي النقيض للعنف. وأن يكون لديك بعض القيم الروحانية سيساعدك في تقدير الفرصة التي لديك في عملك لأن تساعد فعلًا الناس بطريقة ذات معنى.

لدى البوذية الكثير لتقوله عن اللاعنف، مثل كل الأديان، وبالتأكيد أنظمة مختلفة ستقوم بتوضيح معنى اللاعنف بطرق مختلفة. عادة ما نفكر في العنف في سياق مجموعة معينة من الأفعال، الفعل العنيف، واللاعنف يعني الامتناع عن هذا النوع من السلوك. ولكن مدخل البوذية يهتم أكثر بالجانب الذهني، بحالتنا الذهنية المساهمة في هذا، والسبب هو إنها جميعًا تنبع من حالة ذهنية عنيفة، وذلك سواء قمت أم لم تقم بهذا السلوك العنيف، أليس كذلك؟ لذا فقط الامتناع عن أذى شخص ما، بينما في ذهنك لديك أفكار شديد العنف لتؤذيه – هذا بالتأكيد غير كافي. ولذا من الهام أن نفهم تلك الحالة الذهنية العنيفة ونتعلم أدوات للتغلب عليها.

ثلاث أنواع من العنف واللاعنف

في التعاليم البوذية نقوم بتقسيم العنف، الحالة الذهنية العنيفة، إلى ثلاثة أنواع مختلفة. ولربما طريقة أخرى لترجمة كلمة عنف هنا هي "القسوة." نحن لا نتحدث فقط عن القوة عندما نتحدث عن العنف، بسبب أننا في بعض الأحيان نحتاج لأن نستخدم بعض أدوات القوة من أجل إيقاف شخص ما عن التسبب في الأذى لأنفسهم أو للآخرين. إذا جرى طفلك للطريق حيث يمكن أن يُقتل بسهولة بالاصطدام بسيارة، أنت لن تقوله له فقط، "عزيزي، لا تجري للطريق." قد تجذب الطفل بقوة شديدة. وهذا ليس ما نعنيه بالعنف. العنف هو الرغبة في التسبب بالأذى، ويمكننا أن نتسبب بالأذى بالعديد من الطرق المختلفة. لذا لدينا هذه الأنواع الثلاثة المذكورين في البوذية، على الرغم من أنني متأكد أن بإمكاننا التفكير فيما هو أكثر من ذلك.

اللاعنف في مواجهة الآخرين

النوع الأول من [العنف] هو التفكير بشكل به عنف في تجاه الآخرين. ويُعرف بأنه قسوة انعدام الشفقة والتي بها نتمنى الإساءة والأذى للآخرين. الشفقة هي أن نتمنى للآخرين أن يكونوا أحرارًا من معاناتهم ومشاكلهم وأسبابهم. وهنا، بدلًا من رغبتنا للآخرين بأن يكونوا أحرارًا من المعناة، نحن نرغب في أن يعانوا، نحن نرغب في أن يكون لديهم مشاكل، سواء سببناها بأنفسنا أم تسبب بها الآخرين أو حدثت بشكل طبيعي. ومن أجل مساعدتنا على التغلب على هذه الحالة الذهنية، نحتاج أن نفكر في كيف أن الجميع متساوون، بمعنى أن الجميع يريدون أن يكونوا سعداء، لا أحد يريد أن يصبح تعيسًا.لذا فعندها يتسبب أحدهم لنا بالأذى، دعنا نفترض أنك تُدَرس في الفصل وأحد التلاميذ يتسبب في الأذى أو الإزعاج للآخرين، فعندها بدلًا من التفكير فقط في معاقبة هذا التلميذ – وهو ما سينطوي عادة على الغضب ونفاذ الصبر والحالات الذهنية الأخرى القلقة وغير المريحة – الأكثر فائدة هو التفكير أن هذا الطفل، بشكل ما، مريض. هذا الطفل يريد أن يكون سعيدًا لكنه ليس لديه حقًا أي فكرة واضحة أو صحيحة عن كيف يمكن أن يصبح سعيدًا وهو فقط يتصرف بطريقة مزعجة، في حالة ذهنية مرتبكة، معتقدًا إنه بشكل ما سيكون أكثر سعادة بهذه الطريقة. لذا فبهذا المنظور للطفل،لا أفكر في أنه سيء ويجب أن أعاقبه؛ نحن نُنمي بدلًا من ذلك الشفقة، الأمنية لهذا الطفل بأن يتغلب أو تتغلب على ارتباكه ومشاكله التي تتسبب في أن يكون مزعج وسيء السلوك في الفصل.

هذا لا يعني أننا لن نفعل شيء، أن نكون سلبيين. اللاعنف لا يعني أن نكون سلبيين ولا ألا نقوم بأي شيء، لكنه يعني بدلًا من ذلك ألا نكون غاضبين، أن لا نتمنى الأذى للطفل المزعج. لذا فمن الواضح أننا نحتاج للقيام بشيء لجعل هذا الطفل يتوقف عن تصرفه المزعج، أيًا كانت تلك الوسيلة المتاحة والتي ستكون مقبولة وفقًا لنظام مدرستك. لكن الدافع خلفها، الحالة الذهنية خلفه، مختلفة تمامًا من الرغبة في معاقبة هذا الطفل لأنه طفل سيء.من المهم جدا فهم كلمة "الدافع". لها جانبين. الأول هو هدفنا أو نيتنا، والآخر هو المشاعر التي تقودنا لتحقيق هذا الهدف. الهدف هو مساعدة هذا الطفل. هذا هو السبب الذي من أجله سنصبح معلمين. الأمر مماثل إذا كنا سنتخذ الطب كمهنة لنا: هدفنا هو مساعدة المرضى. الآن ما هي الحالة الذهنية التي تقودنا تجاه تحقيق هذا الهدف؟ إذا كانت فقط الحصول على المال أو جعل الآخرين يشكروننا حقًا ويكونوا ممتنين لنا، فهذا حقًا دافع غاية في الأنانية، أليس كذلك؟ التمركز حول الذات. ولأن أفكارنا تتركز في أغلبها على أنفسنا، فنحن غير قادرين على أن نولي أفضل اهتمامنا على ما هو الأصلح للشخص الآخر. مثل الطبيب الذي يصف لشخص احتياجه لعملية جراحية بينما هو حقًا لا يحتاجها، لكنه يصف العملية الجراحية ببساطة لأنه سيحصل على المزيد من المال من خلال قيامه بها. لكن ما نحتاج أن نكون مدفوعين به بدلًا من ذلك، لأجل أن نحقق هدف مساعدة هذا الشخص الآخر، هو الشفقة – التفكير في الشخص الآخر، التفكير في رفاهيته، ما الذي سيكون أفضل له؟

في بعض الأحيان بالمهن الطبية، لأجل مساعدة شخص ما، تحتاج لاستخدام علاجًا قد يكون مؤلمًا للغاية: الحقن، العمليات الجراحية. (التعافي من العمليات الجراحية مؤلم.) لكن هذه ليست أدوات عنيفة، لأن النية هنا ليست التسبب في الألم للشخص الآخر؛ النية هنا هي مساعدتهم في التعافي من معاناتهم، من مشاكلهم، من أمراضهم.

بالمثل عندما تحتاج لتأديب تلميذ سيء السلوك: أيضًا الدافع ليس إيلام التلميذ. نحن نريد مساعدة التلميذ لأننا ندرك أنه مجرد إنسان مثلي – يرغب في أن يكون سعيدًا ولا يرغب في أن يكون تعيسًا – ولربما أستطيع أن أعلمهم وأريهم طريقة لأن يكونوا بها أسعد في الحياة. وبغض النظر عن المهنة التي قد يتخذها هذا الطفل في المستقبل، ما سيكون مفيدًا هو أن يكون لدى هذا الشخص التزام، لو أن هذا الشخص يعرف كيف يتعاون مع الآخرين. هذه أشياء ستكون مفيدة لأي شخص في المستقبل.

الالتزام يعني التحكم في الذات. عندما يرغب الطفل في أن يصبح سيء السلوك، نُعلم الطفل أن عليه أن يتحكم في نفسه أو نفسها. ولذا فإننا بتهذيبنا للطفل، النية، الهدف، هو أن نساعده على أن يُنمي بداخله الالتزام. وإذا كانت لدينا هذه الحالة الذهنية عندما نؤدب الطفل، فعندها وبشكل ما سيصل ذلك جيدًا للطفل. مثلما يهذب الأبوين طفلهما؛ لا يولد الأبوين مشاعر الكراهية للطفل، أليس كذلك؟

وهذا ما أعتقد إنه من المهم أن نتعلمه وأن نتدرب عليه إذا كنا سنعمل في أيًا من المهن المساعدة، مثل المهن الطبية والتعليمية، والتي بها نحتاج أن يكون لدينا من الداخل الموقف الداخلي الخاص بالحب والشفقة – إنك تريد مساعدة المرضى، أنت تريد مساعدة التلاميذ، أن تجعلهم أكثر سعادة، حياة أفضل، أن يكونوا أحرارًا من المشاكل. ومن أن تكون من الخارج مهنيًا، وهو ما يعني أن تكون جادًا وفي بعض الأحيان صارمًا للغاية. وعندها يمكننا أن نتقدم في مهننا بطريقة خالية من العنف هذا بالنسبة للنوع الأول من العنف.

لذا فبدلًا من انعدام الشفقة تجاه الآخرين والتي بها نرغب في التسبب بالأذى لهم، نحمل الشفقة لهم، أمنية أن يكونوا أحرارًا من الأذى، أحرارًا من المعاناة. وبالطبع من الصعب جدا أن نعرف حقًا ما هي الأداة المُثلى لمساعدة شخص ما. وكل طفل، كل مريض، مُتفرِد. وهذا يعني أن ما قد ينجح مع شخص ما قد لا ينجح بالضرورة مع الشخص الآخر. لذا من الهام جدا أيضًا أن نحترم الفردية في كلًا من مرضانا كأطباء، في كل من تلاميذنا كمعلمين. وهذا قد لا يكون سهلًا عندما يكون لدينا العديد من المرضى الذين نحتاج أن نراهم كل يوم والفصول الدراسية المزدحمة. لكن حتى إذا لم يكن بإمكاننا أن نعرف كلًا منهم على المستوى الفردي، المهم هو أن نكتسب الحالة الذهنية، أن يكون لدينا الاهتمام بمعرفتهم. وأن نهتم بهم على أساس من احترامهم. وأن نحاول رؤيتهم بذات نوعية الاهتمام والاحترام الذي نوليه لأصدقائنا المقربين وأقاربنا – أبنك، والدك، أخاك أو أختك، أو أيًا ما كان، بناء على عمرهم وعمرك.

أعتقد أن أحد الخطوط الإرشادية المفيدة جدا دائمًا هو أن نتذكر أن هذا الشخص هو إنسان ولديه مشاعر مثل التي لدي. هم يريدون أن يكونوا سعداء، بالضبط مثلما أريد أن أكون سعيد، ويريدون أن يكونوا محبوبين، بالضبط كما أريد أن أكون محبوبًا. وإذا كانت لدي أفكارًا قاسية تجاههم وتصرفت بشكل قاسي، وكنت باردًا جدًا تجاههم، سيشعرون بالألم، بالضبط كما سأشعر بالألم إذا تصرف شخص ما بتلك الطريقة معي. لذا فذهنية احترام الآخرين هامة للغاية لنا كأشخاص متميزين على المستوى الفردي.

اللاعنف تجاه أنفسنا

النوع الثاني من اللاعنف مرتبط قليلًا بالنوع الأول الذي شرحته، لأننا هنا نتحدث عن اللاعنف تجاه أنفسنا (النوع الأول تجاه الآخرين). وهنا نتحدث عن كوننا مدمرين لذواتنا. عندما نكون مدمرين لأنفسنا، فهذا انعدام لحب الذات والذي نأمل به تحقيق الإساءة والأذى لأنفسنا. وقد نسبب هذا الأذى بشكل عمدي أو غير عمدي. على سبيل المثال، بأفكار مثل: "أنا سيء،" "أنا لست جيدًا،" "أنا لست جيدًا بشكل كافي."

خاصة إذا كنت طبيب ومات أحد مرضاك، وهو سيحدث بشكل لا يمكن تجنبه، فتفكر، "كم أنا طبيب بشع. أنا سيء للغاية،" وعندها نشعر بالذنب ونعاقب أنفسنا بطريقة أو بأخرى، غالبًا نفسيًا وشعوريًا، لأننا لم نتمكن من مساعدة شخص ما – توفى. هذه الأشياء نحتاج حقًا أن نُعِد أنفسنا لها إذا كنا سنصبح أطباء أو معلمين. نحن لسنا بوذا؛ لا يمكننا مساعدة الجميع – حتى بوذا لم يستطع مساعدة الجميع. لذا فمن الطبيعي في بعض الأوقات أن نفشل. سواء لم نستطع أن نعالج مريض، أو رغبنا بشدة في تعليم طفل ما. لكن هذه هي طبيعة الواقع. من أجل أن يتلقى شخص ما المساعدة، من جانبهم عليهم أن يكونوا متقبلين لتلك المساعدة. بعض الأمراض لا يمكن علاجها، وحتى إذا كان ذلك من الممكن، سنرتكب أخطاء في بعض الأوقات؛ فقبل كل شيء نحن بشر. وبعض التلاميذ لديهم مشاكل شعورية واجتماعية خطيرة، أيًا كانت – مشاكل عائلية – وتتجاوز قدرتنا على تقديم المساعدة لهم.

لذا علينا الحذر من الطرق التي يمكن أن نكون بها مُدمرين لأنفسنا؛ بعبارة أخرى، أن نكون عنيفين اتجاه أنفسنا. التطرق التي نكون بها مدمرين لذواتنا، على سبيل المثال، أن ندفع أنفسنا فوق طاقتنا، التفكير بأنه، "يجب أن أكون مثالي الكمال،" عندما يكون هذا مستحيلًا تمامًا. بالطبع نحاول أن نكون بأفضل صورة ممكنة فيما نقوم به، لكن لا أحد كامل. ولذا فبالطبع إذا لم نكن ناجحين في شيء أو آخر، بالتأكيد سنحزن على ذلك – نحن نريد أن يكون بإمكاننا أن نصبح أفضل في المستقبل – لكن نحتاج فعلًا أن نعمل جاهدين ألا يصيبنا الإحباط بشكل بشع بسبب هذا، لأن إحباطنا فقط سيؤذي عملنا، سيضر بفعاليتنا في عملنا.

قد تتساءل، "كيف يمكنني أن أمنع نفسي من أن أصاب بالإحباط أو الشعور بالألم الشديد" – كما تعرفون، عندما يكون لديك تلميذ وهذا التلميذ جيد، ثم يترك هذا التلميذ المدرسة لسبب ما. من الطبيعي أن نحزن، لكن الفكرة هنا هو ألا نصاب بالإحباط. وهنا يثور السؤال: كيف يمكن أن نساعد أنفسنا على ألا نصاب بالإحباط؟ وهنا سنعود لما كنا نتحدث عنه فيما له علاقة بالتعامل مع الآخرين. من أجل أن نرغب حقًا في مساعدة الآخرين وعدم إيذائهم، أحد أهم الأمور هو أن علينا أن نحترمهم، لذا وبشكل مماثل نحتاج أن نُقدر أنفسنا. إنه من الهام جدا أن نعيد التأكيد دائمًا على ذلك: "لدي قدرات؛ وإلا لما أصبحت معلمًا أو طبيبًا." نحن نعيد التأكيد على دافعنا: "أنا أقوم بعملي، ولدي نية طيبة." و"كإنسان أنا لست كاملًا؛ على الرغم من ذلك، أنا أُقدر نفسي لأجل محاولتي بأفضل ما أستطيع." وهذا يساعدنا على تخطي الاكتئاب.

الآن، ماذا سيحدث عندما نتفحص أنفسنا بأمانة ونكتشف أننا لم نكن نقوم بأفضل ما عندنا؟ كان يمكنني أن أقوم بما هو أفضل من ذلك. بالطبع بهذا الموقف سأشعر بالندم، ومن الهام أن نعيد التأكيد على:  "في المستقبل، سأحاول بشكل أفضل." لكن من أجل أن نمنع، أو من أجل أن نحاول أن نمنع، تكرار فشلنا بعدم محاولتنا بأفضل ما عندنا، نحتاج أن نتفحص ما كان السبب وراء ذلك. قد يكون بسبب أني كنت مرهق للغاية. ولذلك، مرة أخرى، أحتاج أن أكون طيبًا تجاه نفسي، ولست مدمرًا لنفسي. علينا أن نتعرف على احتياجاتنا فيما له علاقة بالراحة – ما هي حدودنا؟ – وأن نحترمها. لا تشعر بالسوء لهذا. لكل منَّا حدوده. بالطبع في الطوارئ يمكننا دائمًا أن نفعل المزيد، لكن ليس كل شيء طارئ. وأحيانًا يكون علينا فقط أن نقول، "أنا بحاجة للراحة،" ثم حاول أن تحصل على بعض الراحة، إذا أمكن ذلك – في بعض الأحيان لن يكون هذا ممكنًا – لكن إذا كان ممكنًا، خذ بعد الراحة دون الشعور بالذنب.

بالطبع ليس من السهل محاولة الموازنة بين مهنتنا مع بناء عائلة. للأطفال احتياجات كثيرة، أطفالنا. لكن هذا بحاجة لترتيب الأولويات، الطريقة التي ننظم بها جدول أعمالنا وخلافه، حتى لا أعمل فوق طاقتي، أنهك، ثم لا استطيع القيام بأي شيء جيد بأي مجال. ولذا ندع الأمور تستمر وتستمر بهذه الطريقة حتى نصل لنقطة الانهيار. لأن تجاهلنا لاحتياجاتنا لهو حقًا عنف تجاه أنفسنا. ولذا فاللاعنف تجاه أنفسنا هام للغاية.

عدم الشعور بالسرور بمصائب الآخرين

النوع الثالث من اللاعنف هو أن لا نشعر بالسرور بمصائب الآخرين. بعبارة أخرى، هذه تعتبر قسوة – إذا فكرنا في العنف في سياق حالة ذهنية قاسية – هي حالة ذهنية قاسية أن نبتهج لصعوبات الآخرين؛ بعبارة أخرى، فشل شخص ما. قد نفكر في أنه، "حسنًا، هذا شيء لا أقوم به فعلًا." لكن إذا فكرت بمثال السياسيين، فإذا كان هناك اثنين مرشحين وخسر المرشح الذي لا تحبه المنصب – خسر الانتخابات أو طرد من منصبه – سنكون سعداء للغاية بهذا الشأن. نحن مبتهجون لمصائبهم، ألسنا كذلك؟ بالمثل في هذا النوع من المواقف، على الرغم من أننا قد نكون سعداء أن المرشح الذي نعتقد أنه الأفضل قد وصل للمنصب، لذا فنحن نبتهج لسعادته، لكن ليس هناك أي سبب للابتهاج لخسارة الآخر، لأنهم بلا شك لديهم عائلات، لديهم آخرون معتمدون عليهم، وهم جميعًا يختبرون التعاسة – هم أناس أيضًا. لذا أنا سعيد بأنهم ليسوا في هذا المنصب، لكن أنا أيضًا أتمنى لهم السعادة في الحياة. لا أتمنى لهم المرض (أو تمني الأشياء السيئة).

إذا فقد رأينا الثلاث أنواع من اللاعنف … والتي نجابه بها ثلاث أنواع من التفكير القاسي، الأفكار القاسية:

  • انعدام الشفقة والتي بها نرغب أن يشعر الآخرون بالبؤس والمعاناة. نحن نجابه ذلك.

  • ونتجنب أن يكون لدينا انعدام الحب للذات والذي به نرغب في التسبب بالأذى لأنفسنا سواء بشكل واعي أو بشكل غير واعي.

  • ونتوقف عن الابتهاج عندما يفشل شخص ما أو شيء بشع يحدث له.

وكما قلت، نوع الأفعال التي نقوم بها تجعل هذا قوي دون أن تكون عنيفة. هناك مثال تقليدي مشروح في أحد السوترات البوذية. كان هناك شخصين يجلسان للتأمل بجانب النهر. وجاء رجل للنهر – كان هذا النهر من النوع قوي التيار جدا – وأراد الرجل أن يقفز ليعبر النهر سباحة. وهذا النوع من الأنهار لا أحد يستطيع أن يعبره سباحة؛ أي شخص سيحاول بالتأكيد سيغرق. أحد الشخصين المتدربين على التأمل جلس بنظره مسالمة جدا على وجهة وكان غير عازمًا إطلاقًا على القيام بأي شيء وعلى أن يدع الرجل يقفز في النهر وبالتأكيد سيغرق. المتدرب الآخر نهض ولم يتمكن من إقناع الرجل أن لا يقفز في النهر، ولذا لكمه فأفقده الوعي ليمنعه من القفز في النهر. رأى بوذا كل هذا (كان بوذا قادمًا فرأى كل هذا) وقال أن المتأمل الذي جلس مسالمًا بابتسامة على وجهة، هذا من أرتكب فعل العنف. لَكْم الشخص لمنعه من إيذاء نفسه، هذا كان فعل اللاعنف. لماذا؟ بسبب الدافع، الحالة الذهنية – الرغبة في مساعدة هذا الشخص على تجنب المعاناة والغرق الذي لا يمكن تجنبه.

القيم الروحانية

كل هذا مرتبط بالجزء الثاني من موضوعنا هذا الصباح، وهو القيم الروحانية في العالم المعاصر. كلمة "روحانيات" كلمة يصعب تعريفها، ومن الواضح أن لها الكثير من الدلالات، أو مما لا شك فيه إن لها العديد من الدلالات، في الإنجليزية والروسية. لكن دعونا نبحث عن طريقة لتعريفها، أو ما ستكون الكلمة المرادفة لها، في السياق البوذي. وفي البوذية نتحدث عن الدارما. و"الدارما" تعني الإجراءات الوقائية؛ إنه شيء نقوم به من أجل تجنب المعاناة والمشاكل. وهذا ليس قاصرًا على التفكير في الموقف الحالي – مثل أن نقود سيارة أو دراجة، ومن أجل أن نتجنب أن نصطدم بشيء ما، ننحرف جانبًا. هذه ليست الدارما.

لذا فنحن لا نتحدث على المستوى الآني للأشياء التي نقوم بها كل يوم. لن نطلق على هذا روحانيات. لكن بدلًا من ذلك نفكر في سياق أنني أرغب في منع شيء ما من الحدوث في المستقبل. وبأغلب الديانات، ومنهم البوذية، هذا التفكير يكون في سياق الحيوات المستقبلية، وفي ديانات أخرى فالتفكير فيما بعد هذه الحياة، وهو ما يعني أن لا يكون تركيزنا الأساسي منحصرًا في النجاح المادي بهذه الحياة، لأنه في وقت الموت سنترك هذا خلفنا، وهذه الحياة قصيرة للغاية مقارنة بكمية الوقت الهائلة في المستقبل.

هذا حسن جدا إذا كنا نصدق في إعادة الميلاد أو ما بعد الحياة، لكن العديد منَّا ربما لا يصدقون في ذلك. لكن في هذه الحالة هل من الممكن أن نظل أشخاص روحانيين؟ وأعتقد إننا بالتأكيد نستطيع ذلك إذا لم نحصر تفكيرنا فقط في سياق رفاهيتنا المادية في هذه الحياة، بالنسبة لي بشكل شخصي وبالنسبة لعائلتي، ولكن إذا فكرنا في إطار زمني أطول – على سبيل المثال، أجيال المستقبل. بعبارة أخرى، أن نحاول أن نجعل العالم مكان أفضل بأي نوع من المساهمة نكون قادرين عليها، مهمًا كانت صغيرة. مرة أخرى مثال أعطاه بوذا – أن هناك جراب كبيرًا من الأرز يتكون من حبات مفرده من الأرز. لذا فالبعض يستطيع المساهمة في هذا الجراب بحفنه من الأرز والبعض الآخر سيكون قادرًا على المساهمة بحبة واحدة من الأرز، لكن كلًا من الاثنين ساهموا. وهذا هو المهم. وحتى إذا وجدت أنك لا تستطيع المساهمة بالشيء الكبير، فعلى الأقل قد حاولت.

لذا بتدربكم على أن تكونوا معلمين أوعاملين صحيين، فمن الواضح أن هذه فرصة عظيمة للتفكير في ذلك في سياق المساهمة في جعل هذا العالم مكانًا أفضل. كمعلمين، أنتم تعلمون أشخاصًا نأمل أنهم في المستقبل سيقومون بمساهمتهم الخاصة. كأطباء أنتم تعالجون المرضى حتى يكون لديهم القدرة على الاستمرار في مساهمتهم في المستقبل، لذا فهذا يرتبط بشدة برغبتنا في جعلهم سعداء، وليسوا تعساء. لذا علينا ألا يكون لدينا أية أفكار عنيفة أو قاسية تجاههم، وأن نحترمهم أيضًا. نحن نحترم أنفسنا بما له علاقة بـ"أنا أستطيع أن أصنع مساهمة للمستقبل،" ونحترم إمكانياتنا، وتلاميذنا، فيما له علاقة "هم أيضًا يستطيعون القيام بمساهمة." وما معنى مساهمة؟ ما معنى أن نجعل العالم مكان أفضل؟ أعني في الأساس تسويق الأدوات التي تساعد الناس على أن يكونوا أكثر سعادة. وأن يكونوا أكثر سعادة لا يعني ببساطة على المستوى المادي، على الرغم من أن هذا مهم، لكن أيضًا أن يكون لديهم راحة البال، على ألا يكون بقدرتهم أن يستخدموا مهارتهم التقنية فقط، ولكن أيضًا الشعورية، للتعامل مع أيًا ما يأتي في الحياة.

وهذا ما أعتبره قيم روحانية؛ بعبارة أخرى، ما نعتبره مهمًا في حياتنا بمعنى ما نقوم به في حياتنا. باختصار، أعتقد إنه من الهام للغاية، خاصة لشباب مثلكم، أن تفكروا بجدية حقًا في دوافعكم. لماذا أدرس ما أدرسه؟ ما الذي أريد أن أحققه في الحياة؟ ما الذي أريد أن أحققه لعائلتي في المستقبل؟ ما الذي أريد أن أتركه خلفي في النهاية للمستقبل، للأجيال القادمة؟ ولماذا أرغب في ذلك؟ هذا قد يتطلب الكثير من البحث الداخلي، لكنه شيء يستحق بذل الجهد بالقيام به. وقد نجد أن إجاباتنا على هذه الأسئلة غير مُرضية. وأعتقد أن المعيار الذي نحتاج لاستخدامه لنقرر "هل أريد تصحيح دافعي أم لا؟" هو أن نرى هل ما نقوم به سيجلب لي وللآخرين السعادة، أو إنه فقط سيتسبب في المشاكل؟ وفيما له علاقة بتقييم ذلك، الأثر بعيد المدى أكثر أهمية بكثير من الأثر الحالي قصير المدى. لكن إذا كنا واضحين تمامًا بشأن ما نريد القيام به في حياتنا، ورأينا أننا نسير في اتجاه جيد بحياتنا، فهذا سيعطينا حسًا رائعًا بالرفاهة والرضا.

أعتقد أن أحد العوامل التي أحيانًا تجعل الناس تصاب بالإحباط هو أن يكتشفوا أن حياتهم ليس لها معنى، دون اتجاه. نحن نسعى لمهنة، لكن قلبنا ليس راغبًا بها. ونشعر أن مشاكل العالم، مشاكل دولتنا، مشاكل مقاطعتنا، مشاكل عائلتنا، مشاكلي الشخصية – كل هذه مشاكل كثيرة وفظيعة للغاية. لذا فما المعنى من كل ذلك، وأن أدير حياتي بهذه الحالة الذهنية؟ هذا شيء محزن جدا؛ إنها حياة حقًا تعيسة. لذا فمرة أخرى نحن مطالبين بأن نحترم أنفسنا من أجل أن نتغلب على مشاعر اليأس تلك. نحتاج لإعادة التأكيد على أنه "بغض النظر على الموقف الخارجي، فأنا لدي القدرة على تحسين نفسي وأن أصبح إنسانًا أفضل.” وهذا مهمًا للغاية ليس فقط من أجل أن أصبح إنسان أفضل – إقرار ذلك – بل أيضًا كامل حالتي الذهنية ستؤثر على كل من حولي. ولذا عملي في مساعدة الآخرين طبيًا وتربويًا … وهذا شيء له مغذى كبير في القيام به. نحن لا نعرف كيف سيكون المستقبل، لكننا نعرف أنه إذا كان الناس في صحة جيدة، ومتعلمين بشكل جيد، عندها هناك أمل، أمل بأن الأشياء – كما نتمنى – ستتحسن. ربما هذا شيء يصعُب تخيله. لكن حتى إذا كان هناك المزيد من الصعوبات في المستقبل، يمكننا مساعدة الناس على أن يكونوا مستعدين بشكل أفضل للتعامل مع هذه الصعوبات.

هذه هي أفكاري بخصوص اللاعنف والقيم الروحانية في العالم المعاصر. ولربما يكون لديكم بعض الأسئلة أو أي شيء ترغبون في مناقشته أو مشاركته.

الأسئلة

بعالمنا المعاصر، بالطبع نفهم إنه من بين القيم البوذية هناك الشفقة. لكن في الحياة الفعلية الموقف صعب للغاية وأحيانًا ينموا الأطفال دون والدين ويصبحون همجيون. وبالنسبة لنا، إذا كنا معلمين، من الصعب جدا أن نثبت لهم أهمية الشفقة – وبأنهم في حاجة لأن يتعلموا كيف يحمون من هم أضعف منهم وألا يؤذوهم وألا يكونوا متوحشين معهم. لذا فنحن كمعلمين – كيف نحمل هذه الرسالة للتلاميذ، خاصة للعنيفين منهم ، الذين يَنمون في وضع أقتصادي واجتماعي صعب للغاية؟

أعتقد أن أحد الأدوات التي يمكن أن تساعد مثل هؤلاء الأطفال الهمجيين بأن نسمح لهم بأن يعطوا، يعطوا وأن يصبحوا كرماء. بعبارة أخرى، إذا كان شخص ما (طفل، على سبيل المثال) مسموح له بأن يحصل على فرصة أن يعطي للأطفال الآخرين – بعبارة أخرى، يمرروا فيما بينهم الأوراق أو بعض الواجبات، أو يقوموا بشيء كريم – أن يقوموا بشيء فيه مساعدة للآخرين. هذا يعطي الطفل إحساس بقيمة الذات. بعبارة أخرى، عندما يأتي الطفل من خلفية غاية في الصعوبة ويشعر بعدم الحب، فعادة ما يعكسون إحساس الرفض هذا في تصرفاتهم من خلال سلوكهم شديد الوحشية. "إذا اعتبرتني الحياة سيئًا بشكل عام لأن لدي خلفية سيئة، عندها سأجعل الجميع يرون كم أنا سيئ،" أو ما شابه. لذا، بعبارة أخرى، يتصرفون بشكل مُعادي للمجتمع، لكونهم منفصلين عنه. هذا شيء تقليدي. لكن إذا مُنحوا الفرصة لأن يُظهروا أنهم أشخاص جيدين، أن لديهم ما يستطيعون تقديمه، حتى إذا لم يعطوا بطريقة جيدة جدا – أعني بطريقة مصطنعة – مع ذلك، فهذا يعطيهم الحس بأن لديهم شيء إيجابيًا ليقدمونه، وليس فقط أشياء سلبية.

إنه من وجهة النظر البوذية، هذا يراكم نوعًا من القوى الإيجابية أو الاستحقاق، من خلال العطاء. لكن ليس علينا أن نقدم التفسير البوذي. أعتقد أن ما قمت بشرحه وفقًا للمنطق النفسي قد يكون مفيدًا. لكن بإعطائهم شيئًا إيجابيًا أو بناء ليقوموا به، فإنه من الهام جدا عدم إعطائهم فكرة أن هذا شكل من أشكال العقاب.

في حياتنا، عادة ما نحتاج أن نؤدب شخصًا ما. لكن أيضًا هناك عملية إعادة التأديب، عندما نحاول أن نؤدب شخصًا ما مرة أخرى. وفي هذه العملية، ما هو الأكثر نفعًا – العقاب، أو لربما نوع من العمل، مثل الخدمة الاجتماعية؟ – لهذا الشخص الذي تم تأديبه من قبل؟ أو لربما نوعًا من التعليم الأخلاقي لهذا الشخص؟ دعونا نفترض أنه في السجن، مجرمين – أشخاص نريد أن نأدبهم في حين إنهم ليسوا أطفالًا.

هذا يصعب الإجابة عليه بشكل عام بسبب، مرة أخرى، كل شخص متميز على مستوى فردي. ولم أنخرط بشكل شخصي في عملية التعليم بالسجون، لكن العديد من زملائي، زملائي البوذيين، قاموا بذلك. وأحد الأشياء التي توصلوا إليها أن العديد من الأشخاص في السجون، ليس كلهم بالطبع … يأخذ الأمر منهم وقتًا طويلًا، لأن لديهم الكثير من الوقت ليتفحصوا حياتهم، – ما الذي قاموا به في حياتهم وما الذي يريدونه من الحياة. ولذا فهناك عدد من المسجونين المهتمون للغاية بتعلم كيفية تعاملهم مع الغضب، التعامل مع الدوافع العنيفة، ولذا فهم متفتحون للغاية لأنواع أساسية جدا من التأمل البوذي للتهدئة، على سبيل المثال بالتركيز على التنفس. ولذا فمثل هؤلاء الأشخاص بالطبع متفتحين لمثل هذا النوع من المساعدة. ليس الجميع متفتح لتلقي المساعدة، وإذا لم يكونوا متقبلين، فليس هناك ما نستطيع القيام به. فقط معاقبتهم جسديًا، عندما لا يكون لديهم الرغبة في تغيير حياتهم أو تحسينها، فقط سينتج المزيد من العدائية والغضب بداخلهم.

هناك نوعًا من التدريبات التي تُستخدم في علم النفس والتي لا تتواءم على الإطلاق مع موضوعنا هنا، لكن فقط لأعطيكم فكرة: عندما يكون هناك طفل، عادة مراهق، غير متعاون على الإطلاق ويتصرف بشكل همجي، يذهبون في رحلة مع مجموعة من الأشخاص، وقائد للمجموعة، ويكون معهم بغل، البغل بالطبع حيوان عنيد للغاية ويصعب جعله يقوم بما ترغب به. ويكون مسئول عن هذا البغل، لذا فعليه أن يتعامل مع البغل، ويكون عليه أن يتعلم أن يتغلب على غضبه وعدم صبره، وخلافه، وبطريقة ما أن يعمل مع البغل. لذا مرة أخرى هذه الطريقة تعطيهم مسئولية أن يقوموا بشيء بناء، بمعنى – العمل مع البغل.

لذا ففي بعض الأوقات إعطاء مسئولية الرعاية بحيوان لطفل تجعله … الحيوان لا ينتقدهم؛ البشر ينتقدوهم. الكلب... بغض النظر عن مقدار تأديبك له، فسيحبك الكلب. لذا مرة أخرى دعوهم يتعاملون مع كائن آخر، في هذه الحالة كلب، في بعض الأحيان يكون لذلك أثر في ترويض طباع شخص ما، مساعدتهم على أن يهدئوا، أن يتخذوا نوعًا من المسئولية. لكن بالطبع هناك بعض الأشخاص عنيفين للغاية والذين … تعطيهم كلب وسيعذبونه، لذا عليك أن تكون حذرًا للغاية.

لدي صديقة تعمل كطبيبة نفسية وهي تتعامل بالأساس مع المراهقين العنيفين وعادة ما يكونوا مشردين ويعيشون بالشوارع مع كل الصعوبات التي تنتج عن ذلك. وأحد الخطوط الإرشادية التي تستخدمها والتي أخبرتني عنها هي، مرة أخرى نعود لما كنا نتحدث عنه، بشأن تدريب هذا الطفل – الذي كان عنيفًا للغاية – معاملته باهتمام واحترام كإنسان. أن تأخذهم على محمل الجد. أحصل على وقت كافي لتستمع إليهم وتعرف على مشاكلهم. لكن أحد الأشياء التي عليك أن تتجنبها أثناء الاستماع إليهم، لا تقول "أه، لقد انتهت الساعة الخاصة بك. عليك أن تذهب الآن." لأنهم عادة ما يستجيبون لذلك بشكل عنيف، لأنه به رفض لهم.

لذا فالدرس من هذا: إذا كنت ستحاول التعامل مع تلميذ صعب المراس، أعطي التلميذ الوقت. لتستمع إليه. لتحاول أن تفهم ما هي مشاكله. (حتى إذا لم تأتي له بحلول، فقط واقع أنك استمعت له بتعاطف شيء مفيد.) لكن لا تضع حدودًا للوقت، وعليك أن تحترم الطفل كإنسان.لكن في الواقع ما الذي عليك القيام به لتأدبهم وخلافه، فهذا أمر يصعب تحديده. لا أعرف ما هو مقبول بالفعل في مجتمعكم، وما هو غير مقبول. لكن فقط العقاب، خاصة بدافع الغضب، فلن يكون له فائدة.

كيف يمكن أن نتغلب على كوننا منزعجين من علاقتنا اليومية مع الآخرين؟

إذا قمنا بتحليل أي موقف نجده غير سار، نجده مزعج، سنجد أنه ينشأ بسبب العديد والعديد من الأسباب والظروف – ظروف المجتمع، الظروف الاقتصادية، ما يحدث في منزل هؤلاء الأشخاص المنخرطين في الموقف، خلفياتهم، إلخ. عندما نصبح منزعجين وغاضبين من ذلك، عندها ما نقوم به في أذهاننا حقًا هو أننا نأخذ هذه الحادثة، أو أيًا ما نجده مزعجًا، ونجعل منه وحش كبير رهيب له وجود حقيقي، شيء وحشي. نفقد رؤيتنا لكل الأسباب والشروط التي يعتمد عليها هذا الموقف، وفقط نُسقط عليه المزيد من الصفات السلبية أكثر مما هناك بالفعل. ولأننا لا نريد أن نرى هذه الحالة بهذا الشكل، عندها يكون الغضب شعورًا قويًا جدا لرفض الموقف.

الآن إذا فكرنا بهذا الأمر، وبعدها عن الرفض … الآلية خلفه هي "أتمنى لهذه المعاناة، لهذه الصعوبة، أن تبتعد، ألا توجد هنا." هذه شفقة. لذا فالمضاد للغضب والانزعاج هو دائمًا الحب.فالحب هو الأمنية للشخص الآخر بأن يحصل على السعادة وأن يحصل على أسباب السعادة. إنهم يتصرفون بشكل مريع بسبب كل هذه الشروط وبسبب أنهم تعساء. أنا أريدهم أن يصبحوا سعداء حتى يتوقفوا عن التصرف بهذه الطريقة المزعجة، والمريعة،ولكي يصبحوا سعداء، علي أن أعرف ما هي كل الظروف التي جعلتهم تعساء ويتصرفوا بطريقة عنيدة، وعندها سأستطيع رؤية ما الذي أستطيع تغييره.

هذه هي بعض الطرق التي نستخدمها. إنها تحليل في الأساس: هذا ينشأ عن هذا السبب أو ذلك. أريدهم أن يتوقفوا عن التصرف بهذه الطريقة التي نتجت عن هذه الأسباب، لذا فما الذي يمكنني القيام به لتغير ما يؤثر على سلوكهم؟

كمعلمين سنعامل مع أطفال من خلفيات مختلفة – ثقافات، مجتمعات، خلفيات دينية مختلفة. فهل كافي أن يكون لدينا فقط الصبر على كل هؤلاء الأطفال، أنواع مختلفة من الأطفال، من أجل تهذيبهم وتعليمهم ؟

أعتقد أن احد أهم العوامل هو الاهتمام بالأطفال. هذا يعني أن تصبح على دراية بالخلفيات الدينية لهذه الأطفال، ما هي خلفيتهم الاجتماعية. كلما فهمت الأشخاص الذين تحاول تعليمهم، فستفهم أكثر ما الذي يحتاجون إليه. والغرض من التعليم – كما آمل – ليس فقط أن تمكنهم من النجاح في الامتحان، لكن مساعدتهم على أن يصبحوا أشخاص أفضل. لذا تعرف عليهم، يمكنك أن تطلب منهم كتابة مقالة صغيرة عن أنفسهم أو عن عائلاتهم أو عن خلفياتهم، أو أشياء من هذا القبيل. أجعلهم يقولون شيئًا عن أنفسهم. ومن ثم ستعرفهم أكثر قليلًا.

عادة ما أقابل أشخاص يترددون عندما يحتاجون لأن يقولوا رأيهم، أو شيئًا عن أنفسهم، لأنهم خائفون من الرفض. وسؤالي عن كيف يمكن مساعدة هؤلاء الأشخاص على التغلب على انغلاقهم الذهني ومخاوفهم.

أعتقد أن هذهتحديدًا مشكلة كبيرة مع المراهقين، والذين يكونون معنيونجدًا بقبول أقرانهم لهم. كيف نجعلهم يتغلبون على خجلهم؟ حسنًا، أحد الطرق المستخدمة في النظام التعليمي الرهباني البوذي هو أنه بعد الدرس، كل التلاميذ عليهم أن ينقسموا زوجين، أثنين أثنين، ثم يتناقشون مع بعضهم البعض – يقومون بمناظرة، في الحقيقة، مناظرة منطقية – لكن يتناقشون مع بعضهم فيما قيل للتو وليروا إذا فهموه. لذا فهم لا يتحدثون أمام كامل الفصل، والذي لربما يكون به بعض التلاميذ غير الطيبين وقد يضحكون عليهم. لكن يكونوا أثنين أثنين، لذا فعليك أن تقول شيء ما. ويمشي المعلم بينهم ليستمع لدقيقة أو أثنتين لكل ثنائي ليتأكد أنهم بالفعل يتحدثون عن الموضوع ولا يتحدثون عن شيء آخر. إنها أداة تربوية جيدة جدًالأنها لا تسمح للتلميذ بأن يجلس فقط بشكل سلبي ويستمع أو لا ينتبه ولا يتحصلعلى شيء. عليهم أن يقولوا شيئًا؛ عليهم أن يظهروا للشخص الآخر الذين يتناقشون معه أنهم كانوا حقًا منتبهين ومستمعين. ولا يمكنهم أن يكونوا خجولين. لكن عليك أن تتأكد أنهم لا يختارون نفس شريك النقاش كل مرة؛ عليهم أن يغيروه. هذه أحد الطرق التي تُستخدم في نظام التعليم بالأديرة. لربما تكون مفيدة.

Top