مساواة الذات ومبادلتها مع الآخرين

قبل أن يتوفى الرينبوتشي تسينشاب سيركونغ قام بإملاء تلك التعاليم على دكتور بيرزن، حيث جعله يكتبها كلمة كلمة وطلب منه أن يحفظها على أنها أهم تعاليم قدمها. فهي تشرح بشكل مفصل التأمل الخاص بالتغلب على أعظم مصدر للتعاسة والمشاكل – مواقفنا الداخلية الخاصة بتفضيل الذات – وبدلًا من ذلك، مصدر كل السعادة، وهو تنمية الموقف الداخلي الخاص بتفضيل الآخرين بإخلاص.

هناك تقليدان بشأن كيفية تنمية البوديتشيتا، قلباً مكرساً بالكامل للآخرين ولتحقيق الاستنارة من أجل نفعهم بقدر الإمكان – تقليد الأجزاء السبعة "السبب والنتيجة"، وتقليد مساواة واستبدال الموقف الداخلي الشخصي عن الذات وعن الآخرين. لكلاً منهم طريق منفصل أو مُميز لتنمية التوازن سلفاً كتمهيد. وعلى الرغم من أن في كلاهما يتم استخدام ذات المسمى "التوازن" إلا أن نوع التوازن الذي يتم تنميته مختلف.

(١) التوازن الذي يأتي قبل التعرف على كل شخص على إنه كان والدتنا في تأمل الأجزاء السبعة السبب والنتيجة يتضمن تصور صديق وعدو وغريب وهو التوازن الذي به نتوقف عن الشعور بالتعلق أو النفور. احد أسمائه هو "التوازن البسيط والذي به نتوقف عن التعلق أو النفور تجاه الصديق والعدو والغريب". كلمة البسيط هنا تشير إلى وجود أداة ثانية والتي تحمل ما هو أكثر.

اسم آخر لهذا النوع الأول وهو "التوازن البسيط الذي يعتبر الطريق لتنمية التوازن المُشتَرك مع الشرافاكا والبراتيكابوذا". شرافاكا (المستمعون) وبراتيكابوذا (المتطورون ذاتياً) هم نوعان من متدربي الهينايانا (الناقلة المتواضعة) لتعاليم بوذا، و"بسيطة" تشير إلى أنه بهذا النوع من التوازن ليس لدينا أو لسنا منخرطين بقلب البوديتشيتا المتفاني.

(٢) التوازن الذي ننميه كتمهيد لمساواة واستبدال الموقف الداخلي تجاه الذات والآخرين ليس هو نوع التوازن البسيط المذكور أعلاه. إنه التوازن الذي به لا يكون لدينا مشاعر للقرب أو للبعد في الأفكار أو الأفعال الخاصة بنفع ومساعدة كل الكائنات المحدودة وإزالة مشاكلهم. هذا ما يميز خصوصية الطريقة غير المعتادة للماهايانا (الناقلة الشاسعة) لتنمية التوازن.

التوازن البسيط

إذا تسائلنا ما هي طريقة تنمية التوازن الذي يأتي قبل التعرف على كل شخص بأنه كان أمًا لنا في أداة الأجزاء السبعة السبب والنتيجة، فهذا يتضمن الخطوات التالية.

تخيُل الأشخاص الثلاثة

أولاً، نحن نتخيل ثلاثة أشخاص: شخص سيء جدا غير سار والذي لا نحبه أو نعتبره عدوًا لنا، شخص عزيز ومحبوب أو صديق، وشخص غريب أو شخص من بين هؤلاء الذين لا نحمل لهم أي مشاعر. نتخيل ثلاثتهم سوياً.

ما نوع المواقف الداخلية التي ستظهر بشكل طبيعي عندما نبدأ بعد ذلك بالتركيز علي كلاً منهم بدوره؟ شعور غير سار واضطراب ونفور سيظهر عندما يتعلق بالشخص الذي لا نحبه. مشاعر من الانجذاب والتعلق ستظهر عندما يتعلق بالشخص الصديق العزيز الغالي. مشاعر اللامبالاة وعدم الرغبة في المساعدة أو الإيذاء ستظهر تجاه من ليس احدهما، حيث إننا نجد الغريب لا هو جاذب و لا منفر.

إيقاف النفور من شخص لا نحبه

أولاً، نبدأ بالشخص الذي لا نحبه، الشخص الذي قد نعتبره عدوًا لنا.

(١) نترك شعورنا غير السار والنافر منه يظهر. عندما يظهر بوضوح،

(٢) نلاحظ أن هناك شعور آخر يظهر، أعني بهذا إنه سيكون من الجيد أن يحدث له شيئًا سيئًا، أو إذا أختبر شيئًا لا يرغب في حدوثه.

(٣) ثم نبدأ في فحص أسباب ظهور هذه المشاعر السيئة والأمنيات. عادة نكتشف إن هذا بسبب إنه جرحنا، سبب لنا بعض الأذى، أو فعل أو قال شيئًا سيئًا لنا أو لأحد أصدقائنا. هذا سبب رغبتنا في أن يحدث له شيئًا سيئًا أو إنه لا يحصل على ما يرغب به.

(٤) الآن نفكر في سبب رغبتنا في حدوث شيء سيء لهذا الشخص الذي نكرهه جدا ونتفحص لنرى إذا كان هذا سبباً جيداً. ونراعي التالي:

  • في حيواتنا السابقة هذا الذي ندعوه عدوًا كان أمًا وأبًا لي للعديد من المرات، وأيضاً قريبًا لي وصديقًا. لقد ساعدني كثيرًا عددًا لا يحصى من المرات.
  • في هذه الحياة، ليس من المتيقن ما الذي سيحدث. لربما سيصبح مصدرًا عظيماً للمساعدة وصديقًا لاحقًا في هذه الحياة. مثل هذه الأشياء واردة للغاية.
  • على كل حال أنا وهو لدينا عدد لا نهائي من الحيوات المستقبلية ومن المؤكد إنه في بعض الحيوات سيصبح أمًا لي أو أبًا. بهذه الطريقة سيساعدني كثيرًا، وسوف أضع جميع أمالي عليه. لذا، في الماضي والحاضر والمستقبل حيث إنه كان وهو الآن وسيكون في المستقبل مصدرًا للمساعدة بطرق لا حصر لها، فهو في النهاية صديق جيد. هذا مقرر بالتأكيد. لهذا السبب إذا حدث أن آذاني قليلاً لسبب ما في هذه الحياة واعتبرته عدوًا لي وتمنيت له المرض، هذا لا يصح إطلاقًا.

(٥) نفكر في بعض الأمثلة. على سبيل المثال، لنفترض أن ممثلًا لبنك أو شخصًا غنيًا ذي نفوذ رغب في أن يعطيني الكثير من المال ولديه النية للقيام بذلك، وقام بشيء ما في الماضي، عندما فقد أعصابه في يوم ما وأصبح غاضباً وصفعني على وجهي. إذا أصبحت غاضباً وتمسكت بالغل هذا قد يجعله يفقد اهتمامه بإعطائي المزيد من المال. قد يكون هناك خطر أن يُغير رأيه ويقرر إعطاء المال لشخص آخر. في المقابل إذا تحملت الصفعة، وأخفضت عيني، واحتفظت بفمي مغلق، قد يُصبح فيما بعد أكثر سروراً مني لأنني لم أتضايق. لربما يرغب في إعطائي أكتر مما أنتوى في البداية. إذا أصبحت غاضباً وتسببت في حدث كبير سيصبح الوضع كما في المثل التبتي "بفمه الطعام ويلفظه للخارج".

(٦) لذا علي أن أضع بالاعتبار المدى البعيد للعلاقة مع هذا الشخص الذي لا يعجبني، وذات الأمر مع جميع الكائنات المحدودة. مساعدتهم لي على المدى البعيد هو أمر محسوم ١٠٠%. لذا فليس من الملائم على الإطلاق أن أحتفظ بغضبي لشيء بسيط، وأذى تافه يمكن لأي احد القيام به.

(٧) بعد ذلك نفكر في كيف أن العقرب أو الحيوان البري أو الشبح عند أقل استثارة يهاجم فوراً. ثم نفكر في أنفسنا، نرى كيف إنه ليس من الملائم التصرف مثل هذه الكائنات. بهذه الطريقة نُعطل غضبنا. نحن بحاجة لأن نفكر في إنه بغض النظر عن الأذى الذي تسبب به هذا الشخص لي فلن أفقد أعصابي وأصبح غاضباً وإلا فإنني لست أفضل من حيوان بري أو عقرب.

(٨) الخلاصة، نحن نُصيغ كل ما سبق في هيئة قياس منطقي. سأتوقف عن الغضب من الآخرين لتسببهم لي ببعض الأذى للتالي:

  • في الحيوات السابقة كانوا والديَّ.
  • لاحقاً في هذه الحياة ليس مستبعداً أن يصبحوا أصدقائي الأعزاء.
  • في المستقبل بوقت أو آخر سيولدون كوالدي وسيساعدونني بشكل عظيم، إذا في الأزمنة الثلاثة هم كانوا غاية في النفع لي؛
  • إذا أصبحت غاضباً في المقابل فأنا لست بأفضل من حيوان بري. لذا يجب أن أتوقف عن أن أكون غاضباً بسبب الأذى البسيط الذي فد يكونوا سببوه لي في هذه الحياة.

إيقاف التعلق بشخص نحبه

(١) نركز على صديق لنا أو شخصاً نحبه ضمن مجموعة والصديق والغريب الذين تخيلناهم في البداية.

(٢) ندع مشاعر الانجذاب والتعلق تظهر تجاه هذا الشخص.

(٣) ندع أنفسنا نشعر بشكل أقوى كيف أننا نرغب بشدة في أن نكون مع هذا الشخص، ثم

(٤) نتفحص أسبابنا لمثل هذا الإعجاب الشديد والتعلق. هل بسبب إنه قدم لي مساعدة بسيطة في هذه الحياة، قام بشيء لطيف لي، جعلني اشعر بأنني في حالة جيدة أو شيء مشابه، لذا أشعر بالانجذاب الشديد وأنني متعلق به

(٥) الآن نتفحص إذا كان هذا سببًا كافيًا لأن يكون لدي مثل هذه المشاعر. إنه أيضاً ليس سبباً جيداً، بسبب

  • مما لا شك فيه بالحيوات السابقة، هذا الشخص كان عدوي، جرحني، وحتى أكل لحمي وشرب دمي.
  • لاحقاً في هذه الحياة ليس هناك تأكيد بأنه لن يصبح أسوأ أعدائي.في الحيوات المستقبلية إنه من الموثوق به أنه سيؤذيني وسيفعل أشياءً سيئة جدا لي في وقت ما.

(٦) إذا بسبب قيامه بشيء لطيف لكن تافهة في هذه الحياة أصبحت مفتوناً ومتعلقاً به، إذا فأنا لست أفضل حالاً من الرجال الذين تم إغوائهم بغناء نساء سيرين آكلات لحوم البشر. هؤلاء السيرينات يتخذون مظهرًا جميلًا، ويغوون الرجال بطرقهم، ثم لاحقًا يلتهموهم.

(٧) بهذه الطريقة، نقرر ألا نصبح أبداً متعلقين بأي أحد للأشياء الصغيرة اللطيفة التي يقوم أو تقوم بفعلها شخص ما لنا في هذه الحياة.

وقف الشعور بعدم اللامبالاة تجاه شخص محايد

ثالثاً نتبع ذات الإجراء مع الشخص الذي بينهم – الغريب الذي ليس بصديق أو عدو.

(١) نركز على هذا الشخص في تخيلنا،

(٢) ندع أنفسنا نشعر بلاشيء سواء الأمنية لإيذاءه أو نفعه، سواء التخلص منه أو أن نكون معه،

(٣) نشعر أكثر بالرغبة في تجاهله.

(٤) نتفحص أسبابنا للشعور بهذه الطريقة. إنه بسبب إن هذا الشخص لم يقم بأي شيء سواء لنفعنا أو لإيذاءنا، لذا ليس لي أي شأن به.

(٥) عندما نتفحص أكثر إذا كان هذا منطق سليم أن نشعر بهذه الطريقة، نجد أن هذا الشخص ليس بالكامل غريبًا لأنه في حيوات سابقة لا يمكن حصرها، ولاحقاً في هذه الحياة، وفي الحيوات المستقبلية سيكون قريباً وسيكون صديقاً وخلافه.

بهذه الطريقة سنتمكن من إيقاف مشاعر الغضب والتعلق وعدم اللامبالاة تجاه الأعداء والأصدقاء والأغراب. هذه هي الطريقة لتنمية التوازن البسيط المشترك مع الشرافاكا وبراتيكابوذا والذي يتم تنميته كتمهيد للتعرف على كل شخص بإنه كان أم لنا في أداة الأجزاء السبعة السبب والنتيجة لتنمية قلب البوديتشيتا المُكرَّس بالكامل لنفع الآخرين.

توازن الماهايانا المتميز

طريقة تنمية التوازن بمعنى مساواة واستبدال المواقف الداخلية المتعلقة بالذات والآخرين تنقسم إلى أثنتين:

(١) طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة النظر النسبية

(٢) طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة النظر الأعمق

طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة النظر النسبية تنقسم إلى أثنين:

(١) طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة نظرنا،

(٢) طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة نظر الآخرين.

طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة نظرنا

وتحتوي على ثلاث نقاط:

(١) حيث أن جميع الكائنات المحدودة كانوا أبائنا وأقربائنا وأصدقائنا في عدد لا محدود من الحيوات السابقة، فإنه من غير الملائم أن نشعر بالبعض قريبًا والأخر بعيدًا، أن هذا صديق وهذا عدو، أن أرحب بالبعض وأرفض البعض الأخر. نحن بحاجة للتفكير في أنه بعد كل شيء إذا لم أرى أمي لعشرة دقائق أو عشر سنوات أو عشرة حيوات فستظل أمي.

(٢) من الوارد جدا أن هذه الكائنات كما ساعدتني فهي أيضاً في بعض الأوقات سببت لي الأذى. مع ذلك مقارنة بعدد مرات المساعدة وكم المساعدة التي تلقيتها فإن الأذى الذي أحدثوه تافه، لذا فمن غير الملائم أن أرحب بشخص على إنه مقرب لي وأرفض الآخر كبعيد.

(٣) بالتأكيد سنموت ولكن وقت وفاتنا غير متيقن منه تماماً. نفترض على سبيل المثال إننا حكم علينا بالإعدام غدا. سيكون من السخف أن نستخدم آخر يوم لنا في الغضب وإيذاء الآخرين. بإختيار شيء تافه سنفقد الفرصة بأن نقوم بشيء إيجابي وذو معنى في آخر يوم بحياتنا. على سبيل المثال، في يوم ما كان هناك موظف كبير والذي أستشاط غضباً من شخص ما وفكر في معاقبته بشدة في اليوم التالي. قضى يومه بالكامل يخطط لهذا وفي اليوم التالي وقبل القيام بأي شيء مات فجأة. غضبه كان شديد السخف. والمثل صحيح، إذا كان الشخص الآخر محكوم عليه بالموت في اليوم التالي فلا يوجد معنى لإيذائه اليوم.

طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة نظر الآخرين

هذه الطريقة أيضاً مقسمة إلى ثلاث نقاط:

(١) علينا أن نضع في اعتبارنا أنني عن نفسي لا أريد أن أعاني حتى ولو في أحلامي، وبغض النظر عن مقدار السعادة التي لدي فلن أشعر إنها كافية. وبالمثل فهذا صحيح تماماً مع الجميع. جميع الكائنات المحدودة من أصغر حشرة صعوداً لجميع الكائنات، يتمنون السعادة وعدم المعاناة أو الوقوع في مشاكل. لذا، من غير الملائم أن أرفض البعض وأرحب بالبعض الأخر.

(٢) لنفترض أن عشرة شحاذين جاءوا إلى بابي. من غير الملائم تماماً وغير العادل أن أعطي الطعام لبعضهم فقط دونًا عن الباقين. هم جميعاً متساوون في الجوع واحتياجهم للطعام. بالمثل، كما هو الأمر للسعادة غير الملوثة بالارتباك – حسناً من لديه منها؟! لكن حتى السعادة الملوثة بالارتباك – جميع الكائنات تفتقد المعين الكافي منها. إنها شيء الكل لديه اهتمام حماسي للعثور عليه. لذا فمن غير الملائم أن أرفض البعض وأرحب بالبعض الأخر.

(٣) مثال أخر، نفترض أن هناك عشرة مرضى. جميعهم متساوون في كونهم بائسون ومثيرين للشفقة. لذا، فمن غير العادل أن أفضل البعض، وأن أعالجهم هم فقط، وأن أنسى الآخرين. بالمثل، جميع الكائنات متساوية في البؤس من مشاكلهم الفردية الخاصة ومن مشاكل الوجود المتكرر غير المتحكم فيه "سامسارا". لهذا السبب فمن غير العادل والملائم أن أرفض البعض وأرحب بالبعض الأخر.

طريقة تحقيق الاتزان المعتمدة على وجهة النظر الأعمق

هذه أيضاً تحتوي على ثلاث سلاسل من الأفكار.

(١) نفكر كيف إنه بسبب ارتباكنا نقوم بتصنيف من يساعدنا أو يفعل شيئًا لطيفًا لنا كصديق حقيقي، ومن يؤذينا نصنفه كعدو حقيقي. مع ذلك إذا كان لهم وجوداً مثبتًا فعليًا بهذه الطريقة التي نقوم بتصنيفهم بها لكان بوذا بحاجة لأن يراهم بالمثل، لكنه لم يفعل قط. وكما قال دارماكيرتي في شرح "خلاصة إدراك الأذهان الصحيح" بوذا نفسه لن تجد لديه أية تفرقة بين شخص يقدم له المياه المُعطرة من جانب وآخر يقطع من جسده بالسيف في الجانب الآخر.

نستطيع أن نرى هذا الحياد، مثلاً، في الكيفية التي عامل بوذا ابن عمه ديفاداتا والذي كان دائماً يحاول أن يؤذيه بسبب الغيرة. لذا نحن أيضًا بحاجة لتجنب الانحياز وإتخاذ جانب بعض الأشخاص تحت تأثير التفكير المرتبك بأنهم موجودين حقًا في التصنيفات التي قمنا بعنونتهم تحتها . لا أحد موجود بهذه الطريقة. علينا أن نعمل على إيقاف تمسكنا بالوجود الحقيقي. هذا التمسك يأتي من أذهاننا المرتبكة وتجعل الأشياء تظهر لنا بطرق غير حقيقية.

(٢) بالإضافة لهذا، إذا كانت الكائنات المحدودة موجودة بشكل مثبت فعليًا في تصنيفات الأصدقاء والأعداء، كما نتمسك بوجودهم على هذا النحو، سيتعين عليهم دائماً أن يظلوا علي هذا الشكل . ضع في اعتبارك كمثال الساعة التي نشعر دائماً بأنها تُعبر عن الوقت الصحيح. أليس من الوارد لظروف خاصة بها أن تتغير وتُبطئ، بالمثل حالة الآخرين لا تبقى ثابتة ولكنها أيضاً يُمكن أن تتغير.

هذا يساعدنا على التفكير في الدروس المتعلقة بحقيقة أنه لا يقين بمواقف السامسارا المتكررة غير المتحكم بها، مثل مثال الابن الذي يأكل أباه، ويضرب أمه، ويحتضن عدوه كالطفل. هذا المثال جاء في ارشادات تنمية دافع المستوى المتوسط في مسار الاستنارة المتدرج (لام-ريم). الآريا (الكائن سامي الإدراك) كاتيايانا أتى ذات يوم لمنزل حيث وُلد الأب مرة أخرى كسمكة في بركة وأبنه كان يأكله. ثم قام الأبن بعد ذلك بضرب الكلب والذي كان أمه، بعظمة السمكة التي هي أباه بينما احتضن الطفل وحمله والذي كان عدوه. ضحك كاتيايانا على سخافة التغيريات في حالة الكائنات الهائمة بالسامسارا. لذا علينا أن نتوقف عن التشبث أو التمسك بوجود الأشخاص في التصنيفات الدائمة الثابتة كأصدقاء أو أعداء، ومن ثَم، وعلى هذا الأساس، نرحب بأحدهم ونرفض الآخر.

(٣) قام شانتيديفا في "خلاصة التدريبات" بشرح كيف أن الذات والآخرين يعتمدون على بعضهم البعض. كمثال الجبال القريبة والبعيدة، إنهم معتمدين على بعضهم أو يتم تصنيفهم من خلال علاقتهم ببعضهم. عندما نكون على الجبل القريب الآخر يبدو أنه البعيد وهذا يبدو القريب، وعندما نذهب للجانب الآخر فهذا الجبل يصبح البعيد وذلك القريب. بالمثل، نحن ليس لنا وجوداً مثبتاً بالفعل كـ"ذات" من جانبنا، لأنه عندما ننظر لأنفسنا من وجهة نظر شخص آخر سنصبح عندها " آخر". بشكل مشابه، صديق وعدو هم مجرد طرق مختلفة للنظر إلى شخص ما أو اعتباره كذلك. يمكن لشخصا واحداً أن يصبح الاثنين، صديق لشخص وعدو لآخر. مثل الجبال القريبة والبعيدة، كل شيء نسبي اعتماداً على وجهة نظرنا.

القرارات الخمسة

بالتفكير بهذه الطريقة في النقاط السابقة نحن بحاجة لأن نأخذ خمس قرارات

سأتوقف عن كوني منحازاً

سواء تفحصنا الأمر من وجهة النظر النسبية أو الأعمق، لا سبب لاعتبار بعض الأشخاص أو الكائنات قريبة والبعض الآخر بعيد. لذا علينا أن نأخذ قرارًا حاسمًا: سأتوقف عن كوني منحازاً. يجب أن أخلص نفسي من مشاعر الإنحياز والتي بها أنفر من البعض وأرحب بالبعض الآخر. لأن العداء والتعلق يؤذيني أنا في هذه الحياة وفي الحيوات التالية، بشكل مؤقت وأبدي، على المدى القصير والبعيد، وليس لهم أية فائدة. هم جذور المئات من أشكال المعاناة. هم مثل الحراس الذين يبقونني دائراً في سجن مشاكل إعادة الميلاد المتكرر غير المتحكم به السامسارا .

فكر كمثال في هؤلاء الذين بقوا في التبت بعد ثورة ١٩٥٩. هؤلاء الذين تعلقوا بأديرتهم وثرواتهم وممتلكاتهم ومنازلهم وأقربائهم وأصدقائهم وخلافه ولم يتحملوا فكرة ترك كل هذا خلفهم. وهكذا دفنوا بالسجون أو معسكرات الإعتقال لما يزيد عن عشرين عاماً، بسبب تعلقهم. مشاعر الانحياز هذه مثل الجزارين الذي يقودوننا إلى نيران عالم جحيم المكدر. هذه المشاعر هي الأشباح المتقيحة بداخلنا التي تمنعنا من النوم ليلًا. يجب أن نتخلص منهم جذرياً بكل الوسائل.

على الجانب الآخر فإن موقف داخلي متساوي تجاه الجميع والذي به نتمنى لجميع الكائنات المحدودة أن تصبح سعيدة وأن ينفصلوا عن مشاكلهم ومعاناتهم، هام للغاية من جميع وجهات النظر، سواء المؤقتة أو الأبدية. إنه الطريق الرئيسي الذي سار عليه كل البوذات والبوديساتفات ليصلوا لاستنارتهم. إنها الغاية والأمنية الأعمق لكل بوذات الأزمنة الثلاثة. لذا علينا أن نفكر إنه مهماً كان الأذى أو النفع الذي يقوم به أيٍ من الكائنات المحدودة لي من جانبهم، فمن جانبي ليس لدي أي بديل. لن أغضب أو أتعلق. لن أعتبر البعض بعيدين والآخرين قريبين. ولا يمكن أن يكون هناك طريقة أو أداة لمعالجة المواقف غير هذه. بالتأكيد لقد حسمت قراري. سيكون لدي موقف داخلي متساوي بخصوص طريقة تفكيري وتصرفي تجاه كل الأشخاص ، حيث أن الجميع يريدون أن يكونوا سعداء ولا يرغبون أبدًا في المعاناة. هذا ما سأبذل فيه قصارى جهدي لأحققه. يا مرشدي الروحي، رجاء ألهمني للقيام بهذا بأقصى استطاعتي. هذه هي الأفكار التي يجب أن تكون لدينا أثناء ترديد المقطع الشعري الأول من الخمس المقاطع في "طقوس الوهب للمعلمين الروحانين (لاما تشوبا، غورو بوجا)” والمصاحبة لهذا التدريب:

ألهمنا لنزيد راحة وفرح الآخرين، من خلال التفكير بأننا والآخرين لسنا مختلفين: لا أحد يتمنى أدنى قدر من المعاناة، أو شعر أبدًا بالاكتفاء من السعادة التي لديه أو لديها.

لذا فمع الأبيات الأولى نستجمع الطموح لتنمية الموقف الداخلي المتساوي الخاص بعدم امتلاك مشاعر بالقرب أو البعد بأفكارنا أوأفعالنا فيما يخص جلب السعادة وإزالة المعاناة بالتساوي تجاه الجميع. مثل هذا الموقف الداخلي بالتساوي يُحقق تعريف نوع التوازن أو الموقف الداخلي المتساوي والذي نحن معنيين به هنا. نحن نتخذ قرارًا حاسمًا لتنمية وتحقيق هذا الموقف الداخلي، وبذات الطريقة عندما نرى شيئًا رائعاً بأحد المحال ونقرر شراءة.

سأخلص نفسي من إيثار الذات

بعد ذلك نفكر في عيوب أن يكون لدينا الموقف الداخلي الخاص بإيثار الذات. بسبب الاهتمام الأناني للموقف الداخلي الخاص بإيثار الذات، نحن نتصرف بشكل مدمر، نرتكب الأفعال العشرة الهدامة، وبناء علي ذلك نجلب على أنفسنا إعادة ميلاد في الجحيم. ومن هناك إلى كامل الطريق وحتى الوصول إلى الآرهات (كائن متحرر) الغير محقق للاستنارة – مثل هذا الاهتمام الأناني يتسبب في فقدان كل أشكال السعادة والسلام. إن البوديستفا أقرب للاستنارة، بعضهم أقرب من البعض الآخر. الفارق بينهم يأتي من مقدار إيثار الذات الذي لازال لديهم. من النزاعات بين الدول حتى الخلافات بين المعلمين الروحانيين وأتباعهم، أو الخلافات داخل العائلة، أو بين الأصدقاء – كل هذا يأتي من إيثار الذات. لذا نحتاج لأن نفكر أننا إذا لم نتخلص من هذه فوضى المحبطة للأنانية وإيثار الذات الذي بداخلنا، فليس هناك طريقة لأحظى بالسعادة. لذا فلن أقع أبدًا تحت سطوة إيثار الذات. يا مرشدي الروحي، رجاء ألهمني لأخلص نفسي من أي اهتمام أناني. هذه هي الأفكار بالبيت الثانية:

ألهمنا لنرى أن المرض المزمن لإيثار الذات هو سبب لظهور المعاناة غير المرغوبة، وبالتالي فإن التردد في التخلي عنه لهو شيء يستحق اللوم حتى ندمر شيطان الأنانية الوحشي.

وبالتالي مع الأبيات الثانية نتخذ قرارًا حاسمًا بتخليص أنفسنا من أنانية موقفنا الداخلي الخاص بإيثار الذات.

سأجعل إيثار الآخرين هو تدريبي الرئيسي

ثم نفكر بعد ذلك في الفوائد والخصال الجيدة التي تأتي من إيثار الآخرين. في هذه الحياة كل السعادة وكل شيء سيسير بشكل جيد؛ في الحيوات اللاحقة، الميلاد كإنسان أو ككائن سامي؛ وفي العموم كل السعادة وحتى الوصول للاستنارة تأتي من إيثار الآخرين. نحتاج لأن نفكر بشكل كبير في العديد من الأمثلة. مثل الموظف المحبوب بسبب إيثاره واهتمامه بالآخرين. التزامنا الذاتي الأخلاقي يمنعنا من قتل كائن آخر أو من سرقته وهذا مُستمد من إيثارنا للآخرين، هذا ما يجلب لنا إعادة الميلاد كبشر.

قداسة الدالاي لاما على سبيل المثال دائم التفكير في صالح الجميع في كل مكان، وجميع خصاله الحسنة جاءت من إيثار الآخرين. البوديستفا توغومي – زانجبو لم يُمكن إيذائه على يد كاما – كائن الرغبة السامي – والذي أخذ على عاتقه أن يسبب له التشوش. هذا المتدرب التبتي العظيم كان من تلك النوعية التي إذا طارت حشرة تجاه اللهب لبكى. كان بحق معنياً بجميع الكائنات لذا فحتى الأشباح أو هؤلاء المتدخلون لم يستطيعوا أن يحملوا أنفسهم على إيذائه. والسبب في هذا، كما قالت الأشباح ذاتها، إنه كان يفكر فقط في نفعنا وإيثارنا على نفسه.

بأحد حيوات بوذا السابقة عندما ولد كإندرا – ملك الكائنات السامية – كانت هناك حرب بين الكائنات السامية وأعدائهم من الكائنات شبه السامية. الكائنات شبه السامية كانت منتصره لذا هرب إندرا بعربته. وصل لنقطة بها تجمع للحمام وخشي أن يدهس بعضهم فقام بإيقاف العربة. عند مشاهدة ذلك، اعتقدت الكائنات شبه السامية إنه أوقف عربته حتى يعود إليهم ويُهاجمهم فهربوا. إذا حللنا هذا، سنرى أن هروبهم سببه الموقف الداخلي لإندرا بإيثار الآخرين. بهذه الطريقة نحتاج أن نفكر في مزايا إيثار الآخرين ونتناوله من العديد من الجوانب.

عندما يجلس القاضي المحلي أو أي مسئول بمكتبه بشكل أنيق، موقعه وكل شيء خاص به سببه هو وجود الآخرين. في هذا المثال، طيبة الآخرين متكونه ببساطة من حقيقة وجودهم. إذا لم يوجد أناس آخرون عاداه لما أمكن له أن يكون قاضيًا. لما كان لديه شيئًا يقوم به. أكثر من هذا، إذا تواجد الناس ولم يأتيه أحد، هذا القاضي سيجلس هكذا دون فعل شيء. على الجانب الآخر، إذا جاءه الكثير من الناس يتطلعون إليه لتسوية شئونهم، ومن ثم أعتماداً عليهم سيجلس بطريقة حسنه ويخدمهم. ذات الأمر بالنسبة للمعلم باعتماده على الآخرين، هو يجلس بشكل حسن ويقوم بالتعليم. منصبه بالكامل هو بسبب أن هناك آخرون بحاجة للمساعدة التي يقدمها. هو يعلم الدارما من أجل نفعهم ولذا المساعدة التي يقدمها تأتي من اعتماده على الآخرين، وذلك من خلال تذكره لطيبتهم عليه.

بالمثل، فبواسطة الحب والشفقة، من خلال إيثار الآخرين، نستطيع أن نستنير بشكل أسرع. على سبيل المثال، إذا آذانا عدو ننمي الصبر ، وبذلك نصبح أقرب للاستنارة، وهذا سيتأتى لنا بسبب إيثارنا للآخرين. ولذلك فأن جميع الكائنات المحدودة هي مصدر وجذور كل السعادة والرفاه، دون استثناء لأحد، فنحن في حاجة لأن نقرر أنه بغض النظر عما قد يفعله الآخرون لي أو عما قد يسببوه لي من أذى فإننا سنؤثر دائماً الآخرين. الكائنات الأخرى هم مثل مرشديني الروحانيين أو بوذات أو الجواهر النفيسة لذلك فسوف أؤثرهم. اشعر بالخسارة عندما يحدث أي شيء سيئ لهم، وأبدًا لن أرفضهم مهمًا حدث. سيكون لدي دائماً طيبة ودفء في قلبي تجاههم. رجاء، ألهمني، يا مرشدي الروحاني، أن لا أنفصل أبدًا ولو للحظة عن مثل هذا القلب والشعور للآخرين. وهذا هو المعنى للأبيات الثالثة.

ألهمنا لنرى أن الأذهان التي نُؤثرها هي أمهاتنا وأن هذا ما سيؤمن لهن الهناء وأن هذا الإيثار هو البوابة التي ستقودني للفضيلة المتناهية، ولذا فيجب إيثار هذه الكائنات الهائمة أكثر مما نُؤثر حياتنا، حتى إذا اعتبرونا أعداءً لهم.

بهذه الطريقة نقرر لأن نحول مركز تركيزنا للتدرب على إيثار الآخرين.

أنا بالتأكيد قادر على استبدال موقفي الداخلي الخاص بالذات والآخرين

بالاعتماد على المدخل الخاص بالتفكير في عيوب إيثار الذات والفضائل الكثيرة لإيثار الآخرين، وعندما نفكر في إننا يجب أن نُغير قيمنا الخاصة بمن نُؤثرهم، عندها نتسائل إذا كنا حقًا نستطيع أن نُغير هذه المواقف الداخلية، بالتأكيد نستطيع. نستطيع أن نغير مواقفنا الداخلية لإن بوذا قبل أن يستنير كان مثلنا بالضبط. وهو أيضاً كان مثلنا هائم من إعادة ميلاد لأخرى في المواقف والمشاكل المتكررة وغير المتحكم بها لإعادة الميلاد، السامسارا. مع ذلك فبوذا القادر أستبدل مواقفه الداخلية بخصوص من يجب أن يُؤثر. بالتمسك سريعاً بإيثار الآخرين حقق قمة القدرة على الإيفاء بهدفه وهدف جميع الكائنات.

على العكس من هذا، فنحن لا نزال نُؤثر أنفسنا ونتجاهل الآخرين جميعًا. نضع جانباً كل ما يحقق أية منفعة للآخرين، ولم نحقق حتى أدنى منفعة لأنفسنا. إيثارنا لأنفسنا وتجاهل الآخرين جعلنا عاجزين تماماً، غير قادرين على تحقيق أي شيء ذي أهمية. نحن لا نستطيع أن ننمي التخلي الحقيقي أو العزم على التحرر من مشاكلنا. نحن حتى لا نستطيع منع أنفسنا من السقوط في أيِ من حالات إعادة الميلاد الأسواء. بهذه الطريقة علينا أن نفكر في عيوب إيثار الذات ومنافع إيثار الآخرين. إذا كان بوذا يستطيع تغيير موقفه الداخلي وقد بدأ بالضبط مثلاً، نحن أيضاً نستطيع تغيير موقفنا الداخلي.

ليس هذا فقط ولكن مع التعويد الكافي، فإنه حتى من الممكن أن نُؤثر أجساد الآخرين بالضبط كما نهتم بأجسادنا. فبعد كل شيء لقد أخذنا نقاط من المني والبويضة من أجساد الآخرين، أعني بذلك آبائنا، والآن نحن نُؤثرهم كأجسادنا. في الأصل، هذه الأجساد ليست ملكاً لنا. لذا، نحتاج لأن نفكر إنه ليس من المستحيل تغيير موقفنا الداخلي. أستطيع أن استبدل المواقف الداخلية التي لدي تجاه ذاتي والآخرين. لذا، ولكن مهماً فكرت في هذا الموضوع، فلن يتم فعلاً حتى أقوم باستبدال مواقفي الداخلية التي أتمسك بها تجاه ذاتي والآخرين. إنه شيء أستطيع القيام به، ليس شيئًا لا أستطيع القيام به. لذا، ألهمني يا مرشدي الروحي لأقم بذلك. هذا ما يقوم بغرزه المقطع الشعري الرابعة.

بإختصار ألهمنا لننمي الذهن القادر على التمييز بين عيوب الكائنات الطفولية المسعبدون لنهاياتهم الأنانية وحدهم وفضيلة الملوك الحكماء الذين يعملون فقط لصالح الآخرين، ومن ثَم نكون قادرين على مساواة واستبدال مواقفنا الداخلية المعنية بالآخرين وأنفسنا.

وبالتالي فالقرار الذي نتخذه هنا هو إننا بالتأكيد قادرين على استبدال مواقفنا الداخلية الخاصة بإيثار ذاتنا والآخرين.

بالتأكيد سأستبدل مواقفي الداخلية الخاصة بالذات والآخرين

مرة أخرى نفكر في عيوب إيثار الذات ومنافع إيثار الآخرين، لكن هذه المرة نقوم بها بطريقة بديلة، مازجين بين الاثنين معاً. بعبارة أخرى، نفكر في الأفعال العشرة الهدامة والعشر البناءة، واحداً تلو الآخر من كل قائمة بالتبادل، ونرى نتائجهم فيما يتعلق بإيثار الذات وإيثار الآخرين. على سبيل المثال، إذا آثرت نفسي فلن أتردد في قتل الآخرين. كنتيجة لذلك سأولد في عالم الجحيم المُكدر وحتى إذا ولدت لاحقاً كإنسان فسيكون لي حياة قصيرة مليئة بالمرض. على الجانب الآخر. إذا آثرت الآخرين، سأتوقف عن قتل الآخرين ، وكنتيجة لهذا سأولد في حالة أفضل، بحياة أطول وخلافه. ثم، نكرر نفس العملية مع السرقة والإمتناع عن السرقة، الإنغماس في السلوك الجنسي الغير لائق والإمتناع عن مثل هذا السلوك، وهكذا. بإختصار، المقطع الشعري الخامس يقول:

حيث أن إيثار الذات هو المدخل لكل أنواع العذاب بينما إيثار كل أمهاتنا هو أساس كل شيء جيد، ألهمنا لأن يكون أساس تدريبنا هو يوجا استبدال الآخرين بذواتنا.

القرار الخامس هو أنني بالتأكيد سأستبدل مواقفي الداخلية تجاه ذاتي والآخرين. هذا لا يعني بالطبع أنه الآن أنت أنا وأنا أنت. ولكنه يعني عوضاً عن ذلك أني سأستبدل رؤيتي الخاصة بمن الذي سأؤثره. فبدلاً من إيثار أنفسنا وتجاهلنا للآخرين، الآن سنتجاهل اهتمامنا الأناني وسنؤثر كل كائن آخر. إذا فشلنا في القيام بهذا، فليس هناك طريقة نستطع بها تحقيق أي شيء آخر. لكن إذا قمنا بهذا الاستبدال لمواقفنا الداخلية، عندها سيكون هذا هو الأساس لنتقدم في التدرب على تخيل إعطائنا لهم سعادتنا وأخذ معاناتهم كطريقة لتنمية الحب المهتم المخلص والشفقة المتعاطفة. على هذا الأساس، سنكون قادرين على تنمية العزيمة الاستثنائية لرفع مشاكل ومعاناة جميع الكائنات وجلب السعادة لهم، وقلب البوديتشيتا المُكرَّس والذي به نسعى جاهدين للاستنارة من أجل أن نكون قادرين على القيام بهذا بأفضل شكل ممكن.

فيديو: الرينبوتشي تسينشاب سيركونغ الثاني —‬ "معنى الحياة"
لتشغيل الترجمة، رجاءً أضغط على علامة "CC" أو "الترجمة والشرح" بالركن السفلي على يمين شاشة عرض الفيديو. لتغير لغة الترجمة،  يُرجى  الضغط على علامة "Settings" أو "إعدادات"، ثم أضغط على علامة "Subtitles" أو "ترجمة"، واختار لغتك المفضل

الخلاصة

مصدر تلك التعاليم هو نص الانخراط في سلوك البوديساتفا (باللغة السينسكريتية بوديشاريا افاتارا) لشانتيديفا، تعاليم مُعلمي الكادامبا، وبالتأكيد غورو بوجا – اللاما تشوبا بواسطة بانتشين لاما الرابع. لقد ظهر هذا النَّص بهذا الشكل في أقسام مُرقمة للعمل المُجمَّع للكيابجي تريجانغ دورجتشانغ، المعلم الثاني الراحل الخاص بالدالاي لاما. الاهتمام المُبالغ بالفهرسة التفصيلية والترقيم الخاص بعناصر هذا العمل هو مماثل لأن يكون أمامك طبق به سبع قطع من الفاكهة، وبدلًا من أن تأكله، ترغب في شخص يُقدم إليك برهان بعددهم، وما هو مصدر الشكل الذي اتخذوه، وهكذا. فقط اِجلس وكُلْ.

Top