تدريب الأجزاء السبعة لتنمية البوديتشيتا: توليد البوديتشيتا

مراجعة

في مناقشتنا لتأمل الأجزاء السبعة للسبب والنتيجة لتوليد البوديتشيتا، خضنا عبر التتابع حتى المرحلة الأخيرة، نتيجة ما كنا نقوم ببنائه.

تحدثنا عن الأساس، وهو المساواة، التحرر من التعلق، النفور واللامبالاة، والوعي بأن الجميع كانوا أمهاتنا، وتذكرنا طيبة الحب الأمومي، وقدَّرنا الحب الأمومي وشعرنا بالامتنان نحوه، ثم أصبح لدينا الحب المُدفئ للقلب -والذي يتولد تلقائيًا من هذا الشعور بالامتنان والتقدير- ومعه نُؤْثِر الآخرين، نهتم بحالهم، ونشعر بالحزن إذا حدث أي شيء سيئ لهم، ونشعر بحس بالبهجة عندما نقابلهم وتلقائيًا نشعر بالقرب نحوهم. داخل هذه الحالة الشعورية يكون لدينا الحب، الأمنية للآخرين أن يحظوا بالسعادة وأسباب السعادة.

تحدثنا عن كيف -على الرغم من أن هذا ليس بالضبط أحد أجزاء التعاليم، لكن وجدنا هذا منطقيًا في سياق التتابع- ننظر هنا للأمنية للآخرين أن يحظوا بالسعادة الدنيوية، أو بعبارة أخرى التخلص من المستوى الأكثر ظهورًا للتعاسة أو المعاناة. ثم مع الشفقة نتمنى لهم أن يكونوا أحرارًا من المعاناة وأسبابها، وهذه أمنية ألا يتحرروا فقط من معاناة المعاناة، لكن أيضًا معاناة سعادة السامسارا الدنيوية التي قد نكون قد تمنيناها لهم مع الحب، بعبارة أخرى، معاناة التغيير. سواءً رغبنا في أن نشمل هنا أمنية التحرر من معاناة السامسارا التي تجتاح كل شيء أم لا، يمكن أن نقوم بهذا في الخطوة التالية.

سبب السعادة في سياق الحب سيكون -كما هو موضح في المسار المتدرج، لام ريم- التوقف عن التصرف بشكل هدّام وبناء القِوى الإيجابية عبر التصرف بشكل بنَّاء. للتغلب، ليس فقط على معاناة المعاناة، بل أيضًا على معاناة التغيير، سبب هذا سيكون، على سبيل المثال -إذا رغبنا في فصل هذا عن المعاناة التي تجتاح كل شيء- فهم حتمية التغيير، عدم الثبات، بحيث يُدركون أن السعادة الدنيوية لن تدوم وخلافه، بحيث لا يكونون في غاية التعلق بها، على الرغم من أن هذا بالضرورة لن يُحررهم من هذا النوع من المعاناة. ولذا ما نحتاج لفهمه حقًا هو الخلو.

كما شرحت هذا، بالطبع أشياء أخرى ترد لذهني، لذا أجادل بشكل لا إرادي مع نفسي ووجدت الآن اعتراضًا على هذا، أنهم يمكنهم التغلب على معاناة السعادة الدنيوية بأدوات دنيوية، وهي اكتساب حالة التركيز المتقدمة، والتي حينها سينتقلون لمستوى إعادة الميلاد الأعلى بعوالم الهيئة وانعدام الهيئة الاستغراقية، حيث لن يختبروا بعد الآن هذه السعادة الدنيوية.

أيًا كان الأمر، يمكن أن تكون هناك مضادات دنيوية لكل من معاناة التغيير، والمضادات الأعمق ستكون فهم الخلو، والذي سيخلصنا من المعاناة التي تجتاح كل شيء، كما ناقشنا سابقًا، بعبارة أخرى، لن تقوموا بعد ذلك بتفعيل بذور الكارما. معاناة المعاناة، تذكروا، هي ما يُثمر عن السلوك الهدَّام والقوى السلبية الناتجة عن السلوك الهدَّام، والسعادة الدنيوية هي ما يُثمر عن القوى الإيجابية للسلوك البنَّاء. لكن هذا خليط، وخليط ملوث، ملوث بالارتباك، لذا هو فقط يديم السامسارا. لذا نرغب، بالطبع، في القيام بشيء للتخلص من هذه الكارما.

وهذا يعني التخلص من الشروط والأسباب التي تجعل من الممكن لميول وقوى الكارما أن تُثمر. إذا لم تتوفر الشروط، عندها لا يمكننا القول بأنه لا تزال لدينا الميول؛ أو لنصيغ الأمر بشكل أكثر دقة، إذا تحدثنا عن الميل، أو عادة حدوث شيء ما، النتيجة، هي إيعاز قائم على أسباب وإمكانيات النتيجة. إذن، إذا كانت هناك الأسباب التي حدثت بالفعل والنتيجة التي يمكن أن تحدث، عندها يمكننا القول أن هناك ميل قائم على هذا السبب لحدوث هذه النتيجة. إذا كان من المستحيل للنتيجة أن تحدث، لأنه ليست هناك الشروط التي ستسمح للميول بأن تُثمر، عندها يمكن أن نقول أنه لم يعد لدينا ميول بعد الآن.

الميول يتم إيعازها على أساس من أنها إمكانية لنتيجة. إذا لم يكن هناك إمكانية للنتيجة، ليس هناك ميول لحدوث النتيجة. وهكذا يتم تنقية الكارما، قوى الكارما، إمكانات الكارما -نزيل أسباب أو شروط إثمار ميول الكارما تلك وسيكون هذا هو فهم الخلو، لأن ما يسمح بإثمارها هو التشبث بالمعاناة، التفكير في "أرغب في التخلص منها"، والتشبث بالسعادة الدنيوية، التفكير في "لا أرغب في التخلص منها"، وهذا قائم على بناء هوية قوية للـ"أنا" مع ما نختبره.

إذا تخلصنا من هذا فلا يمكن لهذه الميول أن تُثمر، لأنه ليس هناك شروطًا مواتية لهذا، خاصة إذا كان بإمكاننا تثبيت أذهاننا على هذا الفهم للخلو طيلة الوقت، حينها نكون قد نقّينا أنفسنا من ميول الكارما تلك -هكذا نتخلص منها. لهذا السبب تأمل فاجراساتفا وما شابهه من تدريبات هي فقط علاجات مؤقتة، لكنها ليست الأعمق، العلاج النهائي هو التخلص من الكارما والإثمار. مع الشفقة، نتمنى لهم أن يحظوا بأسباب التخلص من المعاناة، هذا هو المستوى الأعمق، لأنه لدينا بالفعل المستوى الشائع للتخلص من معاناة التغيير عبر تحقيق بعض التركيز الاستغراقي.

وإدراك حتمية التغيير سيساعد، بالطبع -التركيز الاستغراقي سيصل بنا لهذا، لكنه سيكون مؤقتًا. حسنًا، قد تبدو كلمة مؤقتًا قاسية بعض الشيء لوصف حالة التحرر من معاناة المعاناة وتحقيق السعادة الدنيوية. لكنها فقط مؤقتة إذا كانت قائمة فقط على التوقف عن القيام بالسلوكيات الهدَّامة، لأن القوى هنا تكون قوية للغاية، العادات والميول في غاية القوة، سيتم ارتكاب تلك السلوكيات مرة أخرى، لذا في النهاية نتمنى أن يحظوا بالفهم الكامل للخلو.

ثم تأتي بعد ذلك العزيمة الاستثنائية. كما رأينا، نتحمل المسئولية -لمستوى معين- مساعدة الآخرين على تحقيق السعادة الدنيوية مع الحب، ومع الشفقة نتحمل مسئولية مساعدتهم على التغلب ليس فقط على معاناة المعاناة، ولكن أيضًا على السعادة الدنيوية العادية. مع العزم الاستثنائي نتحمل كامل مسئولية مساعدتهم على تحقيق الاستنارة. رأينا أيضًا أهمية ألا يكون لدينا شعورًا بالكبرياء والذي معه نتعالى على الآخرين، وننظر لهم بتعالٍ، أو نستخف بهم، أو "أنا سأنقذ العالم"، وندخل في عقدة المنقذ العظيم؛ وأيضًا ألا تكون لدينا غيرة من الآخرين الذين قد يعملون أيضًا على مساعدة الآخرين، الشعور بأننا وحدنا مَن يمكنهم إنقاذ العالم.

نحتاج أيضًا أن نكون واعين جدًا للحدود التي ستكون عندنا عندما نصبح بوذات، الحدود هذه هي أننا لن نصبح آلهة كلية القدرة. قوة تأثير استنارة بوذا وقوة الكارما متساويتان، نوع من المحافظة على الطاقة، أو شيء كهذا. أعني أن هناك قدر بعينه من الطاقة في الكون، إذا رغبنا في النظر لهذا الأمر من منظور علم الفيزياء، وقوة بوذا لا يمكنها التغلب على قوة الكارما، وإلا ستكون النتيجة السخيفة هي إذا كان بوذا يمكنه تحرير الجميع ويأخذ بهم للاستنارة، لماذا لم يفعل هذا بالفعل؟

نحن لا نرغب في الدخول في معضلة أيوب في الإنجيل، إذن البوذية تتجنب هذا التناقض عبر القول إن بوذا لا يمكنه القيام بهذا؛ لا أحد يمكنه إنقاذ الجميع فقط عبر قوته الخاصة. تحرر أي كائن سيحدث كظاهرة تنشأ اعتماديًا، معتمدة على جهود هذا الكائن، توجيهات وإلهام بوذا، ولكنه يتطلب أيضًا العديد من الأسباب والشروط.

الخطوة السابعة: البوديتشيتا

هذا ما قمنا بتغطيته حتى الآن وبهذا نصل للموضوع الأضخم، وهو البوديتشيتا ذاتها. هذا ليس بالشيء البسيط لنركز عليه، على الإطلاق، ويتطلب قدرًا هائلًا من التطور حتى نكون قادرين على معرفة متى نمينا بالفعل هدف البوديتشيتا عبر كل هذه المراحل، والتي ستقودنا إلي تحمل المسئولية، "سأحاول الأخذ بالجميع للتحرر والاستنارة"، ونرى عندها، "الطريقة الوحيدة للقيام بهذا هي عبر أن أصبح بوذا"، إذن ما الذي نقوم بالتركيز عليه حينها، عندما نركز على هذا؟

ضرورة أن نصبح بوذات

قبل أي شيء، علينا أن نقتنع بأن "من أجل أن أكون قادرًا على نفع الجميع"، الأخذ بهم للتحرر والاستنارة، "يجب أن أصبح بوذا". "لماذا يجب أن أصبح بوذا؟" لماذا لا يكفي أن أكون فقط أرهات، أن أكون متحررًا فقط من السامسارا؟ السبب خلف هذا -وقد لمَّحت لهذا سابقًا، لكن فقط لأؤكد على أهميته- عندما نتفحص هذا الأمر، خاصة بناءً على شرح تقليد الغيلوك لمنظور براسانغيكا، نشاطنا الذهني يخلق مظاهر الطرق المستحيلة للوجود.

والطرق المستحيلة للوجود هي التي في سياق العنونة الذهنية… العنونة الذهنية، حسنًا دعونا نخوض في هذا الأمر. لدينا مسمى، كلمة، على سبيل المثال "أنا"، هذه عنونة. ثم لدينا أساس لعنونة هذه الـ"أنا"، وأساس العنونة سيكون عناصر التجمعات، التجمعات الخمسة المُكَوِّنة لكل لحظة من خبرتنا. هذه أشياء تتغير طيلة الوقت وكل لحظة من خبرتنا ستتكوّن من واحد أو أكثر من تلك المكونات، أو عناصر تلك المجموعات الخمس.

الأمر ليس كأن الأشياء موجودة في خمس حقائب بمكان ما، لكن هذه فقط طريقة للتصنيف، طريقة لفهم خبرتنا. إذن كل لحظة من خبرتنا سيكون بها نوعًا من أنواع الظواهر المادية -مشهد، صوت، رائحة، مذاق، إحساس جسدي- والجسد هو أساس هذه الخبرة، والمتلقيات الحسية، هذه هي الخلايا البصرية للعين، الخلايا الحساسة للصوت في الأذن وما شابه. هذه ليست إشارة لقوى الحواس، هي ليست شيئًا مجردًا، هذه إشارة للخلايا ذاتها، هي نوع من الظواهر المادية.

ثم سيكون هناك وعي أولي. الوعي الأولي هو الذي يعي بالطبيعة الأساسية لمحل الوعي. الطبيعة الأساسية بالأساس هي ما عليه المحل، لكن بشكل عام -مشهد، صوت، رائحة، مذاق، ملمس- لذا هي فقط… ستكون مثل -أنا ألمس مسألة شائكة هنا، لأن سياتل هي أرض الحاسب الآلي- إذا كان لدينا حاسبًا آليًا، ولدينا نوع من كود البرمجة، عندها سيكون الوعي الأساسي هو الجانب الذي يقرأ ويقول، "هذه معلومات صوتية"، أو "معلومات بصرية". إذن فهو شيء مثل؛ هذا ما يقوم به الوعي الأساسي، هو فقط يعي ما نوع هذه المعلومات.

ثم لدينا المشاعر -لا، دعونا نقوم بهذا الأمر بترتيب مختلف، لن أقدم هذا العرض بالطريقة التقليدية- لدينا "التمييز". عادة ما يُطلق عليه "الإدراك"، لكن الإدراك أكثر تعقيدًا هنا. الإدراك يوحي بأننا قد تعرفنا على هذا الشيء من قبل، وأننا نتذكره، وأننا نجلب هذه الذكرى سويًا مع ما نختبره.

ليس هذا ما نتحدث عنه. إنه يميز داخل مجال الحواس، الخاصية المُعرّفة أو الخصائص الفردية المُمَيّزة لشيء ما.

إذن أنا أرى ألوان الأشكال -هذا ما أراه عندما يكون لدي وعيًا بصريًا- وأكون قادرًا على التمييز وأن أضع الأشكال الملونة لهذا اللون وهذا الشكل وما شابه معًا، حتى أكَوِّن وجهًا، وأميز هذا الوجه عن الأشكال الملونة الأخرى في الخلفية. إذا لم يكن بإمكاننا القيام بهذا، لن تكون هناك طريقة لنتمكن عن طريقها من فهم أي شيء نختبره، أو نتعامل مع أي شيء نختبره. إذا جمعنا تلك الأشكال الملونة سويًا بطريقة غير ملائمة، "بعض أجزاء الوجه، بعد أجزاء من الحائط، وجزء صغير من البساط" لنُكوِّن منها محلًا، ستكون لدينا مشكلة كبيرة. لذا يجب أن نميز؛ نميز الخصائص الفردية المميزة للصوت الخاص بطائرة عابرة فوق رؤوسنا عن صوت الطيور في الخارج، أو أيًا كان.

الشعور، في سياق التجمعات الخمسة، هو فقط البعد الخاص بالشعور بالسعادة والتعاسة. هذا كل ما نتحدث عنه هنا، وهكذا نختبر إثمار الكارما. لذا، إذا اختبرنا التعاسة فهذا إثمار الكارما السلبية، وإذا اختبرنا السعادة فهذا إثمار الكارما الإيجابية. هذا هو الفرق بين الكائنات الواعية وجهاز الحاسب الآلي، أننا نختبر فعليًا قدرًا من مشاعر السعادة أو التعاسة. جهاز الحاسب الآلي لا يختبر السعادة والتعاسة أثناء قراءة الكود البرمجي وتمييز نوعية المعلومات التي فيه. إذن عنصر الشعور في غاية الأهمية في تكوين خبرة الكائنات الواعية.

عنصر التجمع الأخير هو "كل شيء آخر"، إذن فيه كل بقية المشاعر، وكل العوامل الإدراكية، مثل التركيز والانتباه وما شابه. الميول وهذا النوع من الأشياء التي ليست طرقًا لنكون واعين بشيء ما بهذا التجمع أيضًا. على أي حال، باختصار شديد، هذه هي التجمعات الخمسة.

كل لحظة تتكوَّن من مجموعة كاملة من هذه الأشياء، ويُعزى عليها "أنا". إذن، لدينا العنونة، لدينا أساس العنونة، ثم هناك ما تشير إليه العنونة. وما تشير إليه العنونة هو، المحل المشار إليه هو "أنا"، الـ"أنا" الموجودة على المستوى الشائع. لكن هذه الـ"أنا" ليست مطابقة لأساسها، ولا يمكننا العثور على "أنا" بالأساس في سياق وجود شيء قابل للعثور عليه، أو خاصية مُعرفة والتي توجد بقوتها الخاصة، أو في صلتها بالعنونة الذهنية التي تصنع "أنا".

الشيء الرابع ذو الصلة بالعنونة الذهنية، ما هو غائب... لدينا المحل المشار إليه، إذن العنونة تشير إلى شيء موجود على المستوى الشائع. لكن ليس هناك شيئًا يتوافق مع العنونة، وهذا سيكون ما أطلق عليه "الشيء المشار إليه"، بين علامَتَي تنصيص. "الشيء المشار إليه" سيكون شيئًا موجودًا في صندوق، مثل ما تعنيه كلمات والعنونات، مثل المعجم. المعجم به كل هذه الكلمات، والتي هي في النهاية ليست إلا تجميع اعتباطي لأصوات، أصوات ليس لها معنى، وتم التوافق على ربطها بمعنى، وهذا المعنى بالمثل شيء صنعه الناس ووضعوه في المعجم.

مثل "حب"، وإذا نظرنا لكامل طيف المشاعر، من جانب المشاعر ذاتها ليس هناك حدودًا صغيرة، حوائط صغيرة، والتي "على هذا الجانب من طيف المشاعر هذا هو الحب" و"على الجانب الآخر لدينا شعور مختلف"، هذا سخيف. ليس هناك شيء من جانب المشاعر يتوافق مع الكلمات التي لدينا عن المشاعر المختلفة في الصندوق، "هذا هو الحب والآن أشعر به"، و"هذه غيرة والآن أنا أشعر بها"، هل هناك شيء كهذا؟ هذا غير منطقي بالمرة. عندما نقول أننا لا يمكننا العثور على محل الدحض، نحن نتحدث في سياق العنونة الذهنية، أننا لا يمكننا العثور على "الشيء المدحوض"، مثل الحب، من جانب أساس العنونة الذي يسمح لنا بالعنونة بشكل صائب، أن هناك، من جانب الشعور ذاته، هذا التجمع الذي يتضمن كل المشاعر، يوجد هناك حب في صندوق صغير عليه الخصائص المُعرّفة للحب والتي تسمح لنا بأن نُطلق عليها "حب" وليس "كراهية".

لكن ما هو الحب، ما الذي يُثبت أن هناك شيء مثل الحب؟ حسنًا، هناك الكلمة أو المفهوم الذي يُطلق عليه "حب". هل تخلق الكلمة أو المفهوم الحب؟ لا، بالطبع لا. لكن كيف نثبت ونبرهن أن هناك شيء مثل الحب؟ هذا ما كنت أشير إليه عندما قلت، أننا لا نتحدث عن الطرق المستحيلة للوجود عندما نتحدث عن الخلو، الخلو هو الغياب التام لشيء لم يكن له وجودًا ولن يكون له أبدًا. نحن نتحدث عن الغياب التام للطريقة المستحيلة لإثبات أن شيئًا موجود، ولا يمكننا إثبات أن الشيء موجود من جانب المحل ذاته. يمكننا فقط إثبات وجود الشيء على المستوى الشائع بسبب الشيوع، أن هناك توافق عليه. لكن الشيوع والتوافق لا يصنعون الشيء، وليس عليّ أن أعنون "حب" "حب" "حب" من أجل أن أشعر بالحب. هذه نقاط من المهم جدًا الإبقاء عليها بأذهاننا.

نحتاج لأن نكون حذرين بشأن كلمة "الخلو" حتى لا نعتقد أن معناها خالٍ بمعنى الخواء. هذا سيضللنا جدًا أثناء التأمل. الخلو، عندما نتحدث عن الظواهر المنفية، مثل التركيز على طاولة ليس عليها غطاء طاولة؛ هناك طاولة، لكنها خالية من غطاء الطاولة، لذا هناك طاولة ولكنها خالية. "الكوب خالٍ من الماء" هو مثال آخر. هكذا نتأمل على الخلو. الظواهر خالية بمعنى "ليس هناك شيئًا كهذه الطريقة المستحيلة للوجود"، وببساطة نلغيها، "ليس هناك شيئًا كهذا". لذا هي مثل الفراغ، مثل الخلو، باستثناء أننا نفهم أنه انعدام الطرق المستحيلة للوجود.

الآن، نحن نتفحص البوديتشيتا -نسيت ما الذي أثار هذه المناقشة- السبب والنتيجة، وفي سياق السبب والنتيجة رغبنا في التخلص من ميول السامسارا، ولهذا علينا فهم الخلو -هذا ما أثار تلك المناقشة. وأنه لا يمكن لبوذا أن يزيل معاناة الجميع، إذن لنزيل معاناتنا علينا فهم الخلو، حتى لا نُفعِّل بذور الكارما -هكذا تطورت المناقشة، كانت هذه هي المناقشة الفرعية التي دخلنا بها، أنا أسف.

إذن لماذا تحقيق التحرر ليس بديلًا كافيًا عن الاستنارة؟ إذا تخلصنا من المشاعر المزعجة وإذا تخلصنا من الكارما... عندها ما سيحدث هو أن الذهن تلقائيًا يخلق مظاهر تلك الطرق المستحيلة في الوجود... وعندما نفهم أن هذه الطرق المستحيلة للوجود لا تشير لأي شيء حقيقي، بعبارة أخرى ليس هناك "شيء مشار إليه" في صندوق، عندها تكون الخطوة الأولى هي أننا لا نصدق بهذا. إذا لم نصدق به، عندها لن نخدع أنفسنا بكل هذه المظاهر الخادعة التي يخلقها الذهن، ولن تتولد لدينا أي مشاعر مزعجة في سياق "يجب أن أحصل على هذا الشيء لأجل أن أكون آمنًا أكثر"، أي أننا نختبر عدم الأمان، أو "يجب أن ابتعد عن هذا"، أو "يجب فقط أن أتجاهل هذا".

مع ذلك، حتى لو لم تكن لدينا مشاعر مزعجة وكان يمكن أن تكون لدينا مساواة تجاه الجميع -لا ننجذب للبعض، ننفر من البعض، ونتجاهل البعض الآخر، إلخ- ستظل لدينا عادة التشبث -هذا المصطلح، "التشبث" هو ترجمة سيئة أيضًا- للوجود المُثبت حقًا، للتشبث بهذا الوجود المستحيل. مع ذلك، لا أعرف طريقة أسهل لترجمة مصطلح "تشبث" لأن له هنا معنيان، الأول هو "التمسك" بمحل هذا المظهر الخادع، والجانب الثاني هو "التصديق" به.

إذن نتخلص من التصديق، لكن يظل لدينا المظهر الخادع للمحل. هذه العادة تولد كلٌ من تلقي الطرق المستحيلة للوجود والتصديق بها. لذا أولًا تتوقف عادة توليد التصديق بهذا الهراء الذي تخلقه أذهاننا. ما الذي تخلقه أذهاننا؟ مظهر أن كل شيء مغلف بالبلاستيك، في صندوق، متوافق مع الكلمات، متوافق مع ما نراه أمام أعيننا. اَنظر إليك، ما الذي أراه؟ أراك في صندوق؛ أنا لا أرى كل ما حدث سابقًا ولا ما يمكن أن يحدث لاحقًا، وكل الأسباب والشروط والأشياء التي أثرت عليك. أنا لا أرى هذا.

ولا أرى ما خلف رأسي، لذا إنه مثل النظر من منظار الأفق -منظار أفق محدود للغاية. نحن كائنات محدودة، هذا ما تعنيه كلمة كائنات "واعية"، أذهان محدودة، البوذات ليست كائنات واعية. لذا بسبب أذهاننا، مُعدَّاتنا محدودة، يكون لدينا مظهر أن كل الأشياء في صناديق. نحن لا نرى الصِّلات التي بين كل شيء. ولا نصدق أنها موجودة بهذه الطريقة عندما نفهم الخلو، لكن يظل، لا يمكننا تلقي أو إدراك كل الصِّلات السببية لكل شيء.

من أجل أن ننفع أحدهم ونساعده ونأخذه للتحرر، نحتاج لأن نعرف كل أسباب الحالة التي هو عليها الآن في سياق خبرته، مستوى المشاعر المزعجة والكارما السلبية، ولكل هذا، نحتاج لأن نعرف ما سيكون أثر كل شيء نُعلمه إياه. في عرض الثيرافادا -على الأقل- لما يعرفه بوذا، الذهن كلي المعرفة لبوذا، هذا ما يعرفه بوذا، بالأساس الأسباب والنتائج السلوكية.

ليس على بوذا بالضرورة أن يعرف طريقة الوصول إلى مكان ما، أو المثال الطريف الذي استخدمه، كل رقم هاتف على الكوكب، بوذا لا يعرف إلا واحدًا فقط في كل مرة. من منظور الماهايانا، بوذا يعرف كل الأشياء في ذات الوقت، بما في ذلك كل أرقام الهاتف. عندما تفكروا بشأن هذا، "هل هذا فقط مثال سخيف، أو هناك معنى خلفه؟" حسنًا، بوذا يعرف كل الأسباب، إذن سيعرف بوذا متى قمت بشراء الهاتف ولذا سيعرف رقمه. يمكننا أن نتدبر في الطرق التي يمكن لبوذا أن يعرف بها كل الأشياء، بناءً على قانون الأسباب والنتائج.

لهذا نحن مقتنعون بأنه من أجل نفع الجميع، الأخذ بهم للاستنارة والتحرر، يجب أن نصبح بوذات؛ وإلا، لن نقوم بالانتقال بلطف من العزم الاستثنائي إلى البوديتشيتا، الرغبة في أن نكون بوذات ونتحمل المسئولية. لذا "كيف يمكن أن نقوم بهذا؟" "الطريقة الوحيدة التي يمكنني بها القيام بهذا هي بألا أصل فقط للتحرر، لكن يجب أن أوقف ذهني عن الطريقة المحدودة لعملية خلق مظهر أن كل الأشياء داخل صناديق"، لذا يجب أن نصبح بوذات.

التركيز على هدف البوديتشيتا

يذكر تسونغكابا أنه من أجل توليد الحالة الذهنية أثناء التأمل، نحتاج لمعرفة ما الذي نُركز عليه -المحل المركزي- وكيف يتناول أو يُدرك الذهن هذا المحل. مع الشفقة، على سبيل المثال، نُركز على جميع الكائنات ومعاناتها، وطريقة التي يتصل بها الذهن مع هذا، أو يراقبه، هي بالأمنية لهم أن يتحرروا من هذه المعاناة. ذات الشيء مع التخلي، وبه نُركز على أنفسنا ومعاناتنا بأمنية أن نتحرر منها. إذن نفس الذهن، لكنه يُركز على ذات نوعية المحل المركزي، على الآخرين، نفس الطريقة التي كنا نُركز بها على أنفسنا. إذن هذه هي الشفقة. الحب، بشكل مشابه، نُركز على الآخرين والأمنية لهم بأن يحظوا بالسعادة.

إذن ما الذي يظهر للذهن عندما نُركز على البوديتشيتا؟ عندما نُركز على هدف البوديتشيتا؟ هذا سؤال كبير وليس بسيطًا على الإطلاق، وهذا ليس ذات الشيء كما في التأمل على الحب والشفقة. الحب والشفقة والعزم الاستثنائي هم الأساس ويصاحبوا البوديتشيتا، لكن ليسوا المحل المركزي الأكبر. هناك العديد من الشروح بخصوص هذه النقطة. أحد الشروح هو أننا يمكن أن تكون لدينا أنواع مختلفة من الإدراك والتي تعمل سويًا. على سبيل المثال، يمكننا أن نرى شيئًا أمامنا ونسمع في ذات الوقت؛ نقوم بهذا عندما نتحدث مع شخص مباشرة. لدينا هنا وعيان مختلفان، إدراكان مختلفان، يحدثان في ذات الوقت.

بعض الشروح تقول أنه يتم التبديل خلال أجزاء من اللحظة، لكن آخرون يقولون أن هذا يحدث في ذات الوقت، والأمر يتعلق فقط بمقدار الانتباه والتركيز الذي لدينا لأحدهما أو لكلاهما، ويمكن حتى أن نقوم بتثبيت الذهن بالكامل على أحدهما، والأخر مازال يحدث. إذن يمكن أن يكون لدينا حب وشفقة في ذات الوقت الذي يكون لدينا فيه البوديتشيتا -أو يمكن أن يكون... ليست حقًا غير متجسدة، لكن بدون الخوض في التفاصيل، بطريقة كامنة في الخلفية.

عندما نُركز على البوديتشيتا، بعض الشروح هي أن هناك خطوة أولى، حيث نفكر في كل الكائنات بأمنية الأخذ بهم للاستنارة، وثم الهدف الأكبر للبوديتشيتا وهو -كما قلت مرارًا وتكرارًا في مناقشتنا- استنارتنا التي لم تحدث بعد، لكن التي يمكن أن تحدث على أساس طبيعة بوذا. هذا هو محل التركيز. وكيف نتناوله؟ نتناوله بنية تحقيقه وأن ننفع كل الكائنات عبر هذا التحقيق، هذه هي البوديتشيتا.

استنارتنا (المستقبلية) التي لم تحدث بعد

الآن، السؤال الكبير جدًا، ما الذي نركز عليه هنا؟ كيف نُركز عليه؟ يأخذنا هذا لكامل المناقشة الخاصة بالـ"مستقبل". أحد مفاتيح هذا هو عندما نتحدث عن "الماضي" و"المستقبل"، تلك كلمات غربية، الطريقة التي نمنطق بها الأشياء. في البوذية، هذه ليست طريقة فهم الأشياء؛ الصياغة هي "ما لم يعد يحدث" و"ما لم يحدث بعد".

ما لم يعد يحدث -لنستخدم مثالًا بسيطًا- هو سنة 2006، وما لم يحدث بعد هو سنة 2008. ما الذي نتحدث عنه عندما نتحدث عن الماضي والمستقبل هو سنة 2006، والتي لم تعد تحدث. هل تحدث هذا الآن؟ لا، لم تعد تحدث الآن، هي لم تعد تحدث. هل هي موجودة؟ نعم، موجودة، لكنها لا تحدث الآن. سنة 2008، والتي لم تحدث بعد، هل هي موجودة، هل يمكن معرفتها؟ نعم، يمكنني أن أخطط لقيام بكذا وكذا. هل هي تحدث الآن، تحل الآن؟ لا. هي لم تحل بعد.

تُقسم الظواهر الموجودة -الظواهر الموجودة هي تلك التي يمكن معرفتها بشكل صائب- إلى ما يُطلق عليه في التبتية "سي با" و"مي سي با". تلك المصطلحات الكثيرون يترجموها مرة أخرى إلى "موجودة" و"غير موجودة" -خطأ، هذا ليس ما تعنيه تلك المصطلحات، لأن كلاهما ظواهر موجودة. هي تعني "يمكن حدوثها الآن" و"لا يمكن حدوثها الآن". كلاهما موجود. ما لم يعد يحدث موجود؛ يمكننا معرفته بشكل صائب، لكنه لا يحدث الآن. والاستنارة المستقبلية، والتي هي ظاهرة موجودة، لم تحدث بعد؛ لكن يمكننا معرفتها الآن، لكنها لا تحدث الآن.

هذه إحدى المفاتيح التي نتناول بها كامل هذا الموضوع. الآن، هناك... نُفرق هنا بين عدم حدوث الاستنارة بعد، والتي يمكن أن تحدث، إذن نعرف أنها لم تحدث بعد، وهذا مهم للغاية، وإلا سنجعل من أنفسنا حمقى ونعتقد، "أنا بالفعل مستنير"، وهو شيء غير صحيح. لكن نحن هنا لا نركز على عدم حدوث هذه الاستنارة بعد، على الرغم من أننا بحاجة لفهم هذا، نحن نُركز على الاستنارة التي لم تحدث بعد.

الحقيقة النبيلة الثالثة والرابعة باستمراريتنا الذهنية

إذن ما هي الاستنارة التي لم تحدث بعد؟ إذا سألنا الغيشيهات العظام، ستكون إجابتهم هي الحقيقة النبيلة الثالثة والرابعة بالاستمرارية الذهنية. شكرًا جزيلًا. إذًا ما الذي يقصدونه بهذا؟ حسنًا، الحقيقة النبيلة الثالثة هي الإيقاف الحقيقي للمعيقات الشعورية والإدراكية. المعيقات الإدراكية هي تلك المظاهر المستحيلة للوجود، والمعيقات الشعورية هي التي تأتي من التصديق بهذه المظاهر، عدم الوعي، الجهل بأن هناك "محل مشار إليه" فعلي متوافق مع الهراء الذي تجعله أذهاننا يظهر، ثم كل ما يتبع هذا من مشاعر مزعجة وميول تلك المشاعر المزعجة.

إذن الإيقاف الحقيقي، ملجأ الدارما، جزء من ملجأ الدارما، جوهرة الدارما هي هذا الإيقاف الحقيقي بالاستمرارية الذهنية. والحقيقة النبيلة الرابعة هي المسار الذهني الحقيقي. نحن لا نتحدث عن مسار نمشي عليه بأقدامنا؛ نحن نتحدث عن -وفقًا لبعض نظم المعتقد- مسار فعلي للذهن، هي طريقة للوعي بالأشياء والتي تأخذ بنا للإيقاف الحقيقي وما ينتج عن الإيقاف الحقيقي. أحيانًا يمكن التحدث أيضًا عن الأساس المادي لهذا، لكنه بالأساس الذهن.

الإيقافات الحقيقية وخلو الذهن

هذه هي نوعية الأشياء التي نركز عليها، ولهذا نحتاج… الأمر يزداد تعقيدًا سريعًا جدًا، معقد للغاية. الإيقاف الحقيقي، كيف نُركز على الإيقاف الحقيقي؟ ما الذي يحدث هنا؟ الإيقاف الحقيقي هنا هو الافتراق عن المشاعر المزعجة، عن كل ما يُطلق عليه "الملوثات العابرة" بالاستمرارية الذهنية -ليست جزءًا من الطبيعة الأساسية للنشاطات الذهنية للذهن. وفقًا لشرح تقليد الغيلوك لمدرسة براسانغيكا بالنصوص الأخرى غير نص بانتشين سونام دراغبا، كل النصوص الأخرى تؤكد على أن هذا مرادف لخلو الذهن.

ولذا في هذا الشرح، سوبافاكا -الجسد الطبيعي الأساسي- هو خلو ذهن بوذا ومفارقته، إيقافاته الحقيقية. لذا هو ذات الشيء، مرادف. ليس علينا هنا فهم التقاطعات المنطقية، لكن -دون الدخول في كم هائل من التفاصيل، لأن هذا حقًا موضوع في غاية التعقيد- بالأساس، عندما نُركز على الخلو -غياب الطرق المستحيلة للوجود- فلقد أوقفنا في هذا الوقت تلك الملوثات العابرة. هذا هو كل التأكيد على أن التركيز على الخلو به الإيقاف الحقيقي -لكن بشكل ما يمكن أن نرجع لهذا مرة أخرى، إذا لم تفهموا تلك النقطة بالكامل- وإذا كان لديكم إيقاف حقيقي، عندها فهذه حالة الذهن الذي فهم الخلو.

ما نتحدث عنه هنا هو بالأساس ما يُطلق عليه "النقاء المزدوج للذهن"، هذا عندما نزيل الملوثات العابرة، نصل للحالة التي لم تُلوث أبدًا بها من البداية. الذهن بطبيعته لم يُلوث أبدًا بها، لذا عندما نفهم أن هذا مستحيل وما شابه، نحصل على ذات الشيء: النقاء المزدوج. لذا كي نُركز على الإيقاف الحقيقي الذي سنحققه، والذي لم يحدث بعد، في سياق هذا الجانب للبوديتشيتا، بالأساس نحن نُركز على خلو الذهن.

المسار الذهني الحقيقي

وهنا نحن نُركز على المسار الذهني الحقيقي، الحقيقة النبيلة الرابعة، والتي لم تحدث بعد، ما الذي نُركز عليه؟ نحتاج هنا للتعريف بموضوع طبيعة بوذا. تتحدث التعاليم الخاصة بطبيعة بوذا عن هذه العوامل المسئولة عن أن نصبح بوذات. الجميع لديه هذه العوامل. هناك عوامل ثابتة وعوامل المُطوَّرة، تلك هي العوامل التي، بشكل ما، ستصبح الأجساد المختلفة لبوذا. العوامل الثابتة هي خلو الذهن، وهو لا يتغير، خلو الذهن هو الحالة الطبيعية لنقاء الذهن من الملوثات العابرة -هذا جسد السفابافاكايا- لا يتغير، دائمًا على هذا الحال. طبائع بوذا المُطوَّرة هي تلك العوامل التي ستتطور لتصبح جسد الدارماكايا، ذهن وجسد، الأجساد المختلفة، لبوذا، الهيئة المادية لبوذا.

طبائع بوذا المُطوَّرة: شبكة القوى الإيجابية

يمكننا أن نستفيض بشكل هائل في هذه العوامل المختلفة الكثيرة جدًا، لكننا نتحدث فقط عن النقاط الأساسية، واطلق عليها، "الشبكتان"، بدلًا من "المراكمتان". نحن لا نتحدث عن جمع الطوابع؛ نحن نتحدث عن بناء شيء. عما يُترجم إلى "استحقاق"، هو "قوى إيجابية"، والتي تتشابك مع بعضها وتصبح أقوى وأقوى حتى في النهاية يكون لديك… مثل مرحلة انتقالية للاستمرارية الذهنية إلى مستوى آخر للعملية.

القوة الإيجابية… يصبح هذا موضوعًا مثيرًا جدًا للاهتمام، لدي مقالة طويلة عن هذا بموقعي، لكن دعونا نغطي النقطة الأخرى أولًا… شبكة الوعي العميق، الوعي العميق بالخلو، يتم بناؤه أثناء التأمل الاستغراقي التام على الخلو، بشكل غير مفاهيمي، حيث أن كل شيء أخر ملوث: مظاهر الوجود الحقيقي، التشبث بالوجود الحقيقي، وكل هذه الأشياء. إذن، نتساءل، "حسنًا، القوة الإيجابية التي يتم بناؤها ملوثة؛ إذن كيف يمكن أن تكون سببًا لذهن بوذا، جسد بوذا، إذا كانت ملوثة؟"

المفتاح هنا هو التكريس، لهذا التكريس في غاية الأهمية. إذا كرسنا لأجل الاستنارة، حتى إذا كانت تلك القوة ملوثة، تم بناؤها بالارتباك، تلك القوة الإيجابية ستصبح سببًا للاستنارة. إذا لم نكرسها، لأن تلك القوة الإيجابية ملوثة، فقط ستساهم في سامسارا ألطف. لذا التكريس حيوي للغاية هنا ولن تكون لدينا مشكلة، على الرغم من أنه يمكن لأحدهم المجادلة بشدة حول كيف يمكن للأسباب الملوثة أن تعطي نتيجة غير ملوثة.

شبكة الخمسة أنواع من الوعي العميق

أتمنى أني لستُ أسهب كثيرًا، لكن هذا جمهور من الجيد التحدث معه بالتفصيل. الآن، المسار الذهني الحقيقي، ما الذي نُركز عليه؟ نحن نُركز على عوامل طبيعة بوذا المُطوَّرة التي هي الآن سبب في تحقيق النتيجة. عندما نتحدث عن شبكة الوعي العميق، هناك الوعي العميق بالخلو، الحقيقة الأعمق. لكن هناك أيضًا وعي عميق بالحقيقة الشائعة -هناك "خمسة أنواع من الوعي العميق"، هذا ما يتم ترجمته أحيانًا إلى "أنواع الحكمة الخمسة لبوذا"، والتي هي ترجمة سخيفة، لأن الدودة لديها هذا، الجميع لديه تلك الأنواع الخمسة. إنها طبيعة بوذا.

هي (1) الوعي المشابه للمِرْآة، هذا خاص فقط بتلقي المعلومات؛ (2) الوعي المُعادل، وهذا يضع الأشياء سويًا، وإلا لن نتمكن من فهم أي شيء؛ (3) الوعي التفريد، والذي يقوم بفصل هذا الشيء عن ذاك الشيء، على الرغم من أن الوعي المُعادل يمكنه أن يجمع هذان الاثنان كذكرين وهاتان الاثنتان كإناث. إذا لم نستطع جمعهم سويًا، عندها سيكون التعامل مع ما نختبره شيء ميؤوس منه -التفريد، مثل تفريد هذا الشيء عن ذاك؛ ثم يأتي (4) الوعي المُحقق، والذي بالأساس القيام بشيء ما به، هذا ما تم معادلته أو تفريده، إيجاد صلة به، في سياق التواصل. ونحن نعرف كيفية التواصل مع طفل بشكل مختلف عن طريقة التواصل مع شخص ناضج، لذا تكون لدينا هذه القدرة، نرى الطعام، وحتى الدودة تعرف ماذا تفعل بالطعام، تأكله. إذن نحن نتعامل مع الشيء، ثم (5) وعي الدارماداتو، مجال الواقع، والذي به مستويين، الشائع، ماهية تلك الأشياء، والأعمق، كيف توجد.

على أي حال، كل هذا موجود هناك، مع عوامل طبيعة بوذا تلك، إذن لدينا كل هذا. حتى إذا لم تكن لدينا شبكة الوعي العميق من الإدراك غير المفاهيمي للخلو، والتي بالتأكيد ليست موجودة لدى أغلبنا، ما لدينا هو المستوى الشائع، تلك الشبكتان ليست لهما بداية. لكن دعونا لا نخوض في جوانب أخرى لشخصية بوذا؛ نحن فقط نتحدث في هذا السياق.

إدراك الاستنارة التي لم تحدث بعد عبر الاستدلال المنطقي

دعونا نتحدث في سياق ميول النتائج الخاصة بتحقيق أجساد وأذهان بوذا وما شابه. هنا، ميول الكارما لديها وجه معين منها -حرفيًا "جزء" منها، "وجه" معين منها- والتي هي "لم تعطِ بعد موقتًا نتيجتها"، والتي يمكن أن تعطي، ما أطلق عليه "النتيجة التي لم تحدث بعد"، هذا هو المستقبل. إذن "النتيجة التي لم تحدث بعد مؤقتًا"، والتي هي وجه أو جزء معين مِن الميل، لهذا السبب هنا، هذا هو ما يُطلق عليه "النتيجة التي لم تحدث بعد" والتي يتم إيعازها على "النتيجة لم تحدث بعد مؤقتًا"، والتي يتم إيعازها على المَيل.

الجزء الآخر من الميل هو "إمكانية توليد النتيجة عندما تكتمل الشروط". كل هذه هي أجزاء مما يحدث الآن، وهكذا يمكننا التركيز على شيء الآن، ما يحدث الآن. إذن هذا هو ما يحدث الآن، أن لدينا ميل، والميل لديه إمكانية، كل عوامل طبيعة بوذا تلك لديها "إمكانية توليد النتيجة" -الاستنارة- "عندما تكتمل الشروط"، و"التي لم تحدث بعد مؤقتًا" هي "نتيجة لم تحدث بعد".

أساس النفي هو "غياب النتيجة باستمراريتنا الذهنية". على أساس من هذا الغياب للنتيجة، يمكن أن نقول أنها لم تحدث بعد. من المهم جدًا إدراك أنه عندما نركز على البوديتشيتا فنحن لسنا مجانين. نحن نفهم أن هناك "غياب للنتيجة الحادثة الآن"، نحن لسنا بوذات بعد، وبسبب هذا الغياب يمكن أن نقول أن هناك "النتيجة التي لم تحدث بعد".

الآن، "النتيجة التي لم تحدث بعد" و"غياب النتيجة" هما "ظاهرة معروفة منفية"، أو "ظاهرة منفية"، والتي تعني أنه يجب علينا أن يكون لدينا بعض الإدراك للنتيجة من أجل معرفة أنها غير موجودة. كيف أعرف بغياب التفاحة من على الطاولة؟ ما الذي أراه؟ أنا لا أرى شيئًا، وأفهم من هذا غياب التفاحة. كيف أعرف أنه غياب للتفاحة؟ لأني أعرف ما هي التفاحة، وأنها ليست هناك -لنصيغ الأمر بطريقة بسيطة.

هذه المناقشة ترد قليلًا قبل البوديتشيتا، "من أجل أن أنفع جميع الكائنات وآخذ بها للتحرر والاستنارة يجب أن أصبح بوذا"، "لكن أنا لست بوذا بعد"، هل تتذكرون هذه الخطوة الصغيرة؟ خطوة "أنا لست بوذا بعد". إذن هناك غياب للاستنارة الآن، "هناك غياب للاستنارة الحادثة باللحظة الراهنة" -لنصيغ الأمر بشكل أكثر دقة- "الآن باستمراريتي الذهنية".لكن هناك أسبابها، وجزء من تلك الأسباب هو "الاستنارة التي لم تحدث بعد"، لأن هذه الأسباب هي التي "لم تُولدها بعد بشكل مؤقت". لكنها تمتلك "إمكانية توليد النتيجة عندما تكتمل الشروط"، بعبارة أخرى، عندما نبني بالكامل شبكة القوة الإيجابية والوعي العميق. هناك الكثير من الأشياء لنفهمها هنا فيما يخص البوديتشيتا.

هل هذه هي النية؟

النية هي لتحقيق هذا، والنية لتحقيق الاستنارة تقوم على أساس فهم أنها لم تحدث بعد، لكن هناك الحاجة لتحقيقها من أجل أن نكون قادرين على تحرير جميع الكائنات والأخذ بهم للاستنارة. إذن تتولد النية من هذا الفهم. تتولد نية تحقيق شيء إذا لم يكن تم تحقيقه بعد، وتتولد تلك النية لتحقيقه فقط بمعرفة أنه شيء قابل للتحقق. وإلا، ماذا ستكون جدوى ما نحاول القيام به؟ نحن نرغب في تحقيقه عبر فهم ضرورة تحقيقه.

كل هذا هو خلفية التنمية المخلصة للبوديتشيتا. نحتاج لأن يكون لدينا نوعًا من الإدراك لماهية الاستنارة، والآن، هذه "ظاهرة مؤكدة"، الاستنارة التي لم تحدث بعد. كما قلت مبكرًا في هذه السلسلة من المحاضرات، إنها استنارتنا الشخصية. نحن لا نتحدث عن استنارة شكياموني بوذا ولا نتحدث عن الاستنارة في العموم، نحن نتحدث عن استنارتنا الشخصية، والتي لم تحدث بعد، ونعرفها على أساس من طبيعة بوذا الخاصة بنا، والتي هي الأسباب التي ستسمح بحدوثها.

الحقيقة النبيلة الثالثة والرابعة، هما الاستنارة التي لم تحدث بعد، إذن يمكننا معرفة خلو الذهن الذي سيقودنا للحقيقة النبيلة الثالثة، الإيقاف الحقيقي، ويمكننا أن نعرف… هذا هو الجزء الصعب هنا. كيف نعرف أن الحقيقة النبيلة الرابعة، الوعي العميق لبوذا، الوعي كلي المعرفة لبوذا، والأجساد التي تنبع من الجانب المادي له، كيف نعرف أن الحقيقة النبيلة الرابعة التي لم تحدث بعد؟ هنا، يمكننا معرفتها عبر الاستدلال المنطقي، أنه إذا كانت الأسباب متوفرة، فستكون النتيجة، وسنعرف هذا مفاهيميًا، عبر الاستدلال المنطقي.

كيف نعرف شيئًا مفاهيميًا، عبر الاستدلال المنطقي؟ نعرفه عبر التصنيفات. لدينا تصنيف "استنارة"، ذهن بوذا وأجساده. الآن علينا الخوض في نظرية المعرفة، عرض تقليد الغيلوك لمدرسة براسانغيكا -هناك العديد من العروض الأخرى- وهنا سيكون المحل الظاهر للإدراك المفاهيمي هو التصنيف، هذا ما "يصفع أذهاننا"، لنضعه في صورة واضحة، كما يتم تصويره في النصوص، بأنه "ما يقف أمام أذهاننا". وهذا التصنيف، بالطبع، ليس له شكل أو لون أو ما شابه، إذن ما يظهر هو تمثيل لهذا التصنيف.

إذن ما الذي يُمثل الاستنارة؟ مفاجأة! نحن نتخيل بوذا. لهذا، في تدربنا المعتاد، في بداية أي تدرب على الملجأ والبوديتشيتا. نتخيل بوذا، نتخيل الشجرة التي تجمع المعلمين، نتخيل كل هذه الأشياء، ونركز على أننا نضع توجهًا آمنًا بحياتنا ونولد البوديتشيتا. ها هي، بكل وضوح. ما يظهر للذهن هو بوذا، أو في تأمل التانترا، أنفسنا كبوذات أو بأحد هيئات تمثيلات أحد جوانب شخصية بوذا.

لهذا من الأساسي للغاية أن تكون لدينا البوديتشيتا للقيام بتدريبات التانترا، لأننا نُركز على استنارتنا المستقبلية التي لم تحدث بعد، ها هي، عبر تصنيف "استنارة". وعلى أساس من غياب حدوثها الآن نعرف أن الاستنارة لم تحدث بعد، وهذه الاستنارة التي لم تحدث بعد قائمة على أساس، أحد جوانب هذا الأساس هو الأسباب، الميول، طبيعة بوذا، شبكتي القوة الإيجابية والوعي العميق الخاصين بنا وكل تلك الأشياء الأخرى الموجودة.

على الرغم من شدة التعقيد، اعتقد أن هذا ما نحتاجه عندما نُحلل ما يحدث بأذهاننا عندما نجلس ويفترض أن نركز بذهن مثبت على نقطة واحدة مع البوديتشيتا. ما الذي يظهر؟ ما الذي نقوم به؟ ونحن لا نجلس هكذا لنتأمل على الشفقة. هذه خطوة سابقة. هذا بالطبع غاية في الصعوبة، لأننا نتحدث هنا عن الحقيقة النبيلة الثالثة والرابعة، نتحدث عن الخلو، وبشكل ما… هذا تخيل على سبيل المثال -لا يجب أن يكون تخيل، يمكننا القيام بهذا عبر أداة الماهامودرا- في أداة الماهامودرا نُركز على طبيعة الذهن، الوعي العميق للذهن -لا يجب أن يكون هذا عبر التركيز على صور. هناك العديد من الطرق لعرض الحقيقة النبيلة الثالثة والرابعة، الوعي العميق للذهن والقوة الإيجابية للذهن.

لكن من منظور تقليد الغيلوك، لا يمكننا التركيز في ذات الوقت على حقيقتي خلو الذهن والذهن ذاته، الحقيقة الشائعة. ما يمنع هذا هو الجانب الآخر للمعيقات المعرفية، المعيقات المعرفية ليست فقط تخلق مظهر الوجود الحقيقي، الوجود المُثبت فعليًا؛ لكن تمنعنا أيضًا من التركيز على الحقيقتين في ذات الوقت، لأنه لا يمكن أن يكون لدينا مظهر الوجود الحقيقي ومظهر الخلو في ذات الوقت، هذا منطقي.

لذا ما نتعامل معه هو البوديتشيتا المفاهيمية، وحتى نصبح بوذات ستظل مفاهيمية، لأننا لا يمكننا التركيز على الحقيقتين في ذات الوقت. عبر تصنيف استنارة يمكننا بشكل صريح التركيز على خصال الاستنارة، الجسد المادي، أو شيء مثل الوعي العميق لبوذا، إذا كنا نقوم بتأمل الماهامودرا، وأضفنا لهذا ضمنيًا فهمنا للخلو، "يكون الخلو ضمنيًا" بمعنى أن الخلو ليس المحل الظاهر للذهن، لكنه يُفهم من هذا. بهذه الطريقة نُضيفُهْ.

الإدراك غير المفاهيمي لبوذا لما "لم يحدث بعد"

الآن، السؤال الصعب… كل هذا صعب، لذا يجب أن أتوقف عن استخدام كلمة "صعب"، لكن السؤال الذي يمثل "تحديًا"، هذه هي الطريقة الصحيحة في التعبير عن هذا السؤال -الشيء الذي يمثل تحديًا، ما الذي يظهر لبوذا عندما يعرف المستقبل بشكل غير مفاهيمي، ما لم يحدث بعد؟ هذا مقبول في سياق الإدراك الاستدلالي، لكن ما الذي يعرفه بوذا؟ لأن هذا أيضًا سيساعدنا قليلًا في مسألة الاستنارة المستقبلية.

إذا اطلعنا على نصوص الأبيدارما، هناك قائمة للأنواع المختلفة من… إذا قصرنا حديثنا على الأشكال المادية للظواهر، عندها ستكون لدينا تلك المثيرات الإدراكية، وهي الأشياء التي ستثير إدراكنا. لدينا قائمة من اثني عشر مثيرًا، ولا يجب الخوض فيها بالتفصيل، لكن هنا الهيئة المادية -مثل الأشكال الملونة، هذا النوع من الأشكال- والتي يمكن معرفتها كأحد المثيرات الإدراكية، والتي يمكن أن تكون محلًا لكل من الوعي البصري والوعي الذهني، وهناك تلك التي يمكن فقط أن تكون محلًا للوعي الذهني، مثال على هذا سيكون الأشكال الملونة التي نتلقاها أثناء الحلم -هي لا يتم التعرف عليها عبر وعي الإبصار، تُعرف عبر الوعي الذهني.

هناك قائمة كاملة للأشكال المادية التي يمكن معرفتها فقط عبر الوعي الذهني، مثل شكل الذرة، المسافات الفلكية بين النجوم، والأشياء التي لا يمكن رؤية كامل نطاقها، لكن يمكن معرفتها ذهنيًا. في هذا النوع من الأشكال أو الظواهر المادية التي تحت تصنيف المثيرات الإدراكية للأشياء، الدارمات، نوعية الأشياء التي يمكن فقط معرفتها عبر الذهن، ثم لدينا -هذه هي الترجمة التي استخدمها، لا أعرف ما إذا كانت هذه هي أفضل ترجمة- "المحال التخيلية بالكامل". على سبيل المثال، يمكن أن نتخيل شينريزيغ، ما الذي يظهر؟ حسنًا، يظهر شينريزيغ، لكن هذا محل تخيلي والذي يظهر عبر تصنيف شينريزيغ، والذي يمكن أن يكون قائمًا على لوحة فنية، قد يكون قائمًا على تمثال، لكن هناك شيئ يظهر، أليس كذلك؟ هذا محل تخيلي بالكامل.

عندما يعرف بوذا النتيجة التي لم تحدث بعد، الذي يظهر هو محل تخيلي بالكامل، هو ليس محلاً خارجيًا -هي لا تحدث الآن- هذا محل تخيلي بالكامل. لكنه موجود، لذا علينا أن نزيل أي نوع من الازدراء، التقليل من "تخيلي بالكامل"، لهذا السبب "تخيلي" ليس مصطلحًا جيدًا كفاية. لكن أن نُطلق عليه محلًا "مفاهيمي بالكامل" فهذا ليس جيد، لأن البوذات يمكنها أن تعرف بشكل غير مفاهيمي، إذا نحن عالقون هنا في البحث عن مصطلح جيد، فدعونا نتركه كما هو، "تخيلي بالكامل". بوذا يمكنه أن يعرف هذا بشكل غير مفاهيمي، ما الذي يعنيه هذا؟ هذا يعني أن بوذا لن يعرفه عبر وسيط تصنيف "استنارة". هذا كل ما يعنيه هذا، يظل تخيلي بالكامل، هو لم يحدث بعد. تلك هي الأشياء ذات صلة هنا بالبوديتشيتا.

ملخص

عندما نُركز على البوديتشيتا، هناك شيء يُمثل حالة استنارة بوذا، ونحاول التركيز على هذا بالفهم الذي لدينا الآن، لِما سيصبح سبب الحقيقة النبيلة الرابعة. هناك تخيل لشكل ما لبوذا، أو نقوم بهذا بطريقة الماهامودرا دون استخدام الأشكال، ونفكر في سياق القوى الإيجابية، نفكر في سياق الوعي العميق -لربما جانب الوعي العميق أكثر فائدة هنا. عندما نفكر في هذا التمثيل بالوعي العميق، هناك نوع من الشعور بالمعرفة وبشكل ضمني معه فهم الخلو و"هذا ما أرغب فيه"، وإنه على أساس من الأسباب، الميل لهذا، جانب "ما لم يُولِّد هذا موقتًا"، لكن لديه "القدرة على توليد هذا عندما تكتمل الشروط"، ومسبوق بالتركيز على كل الكائنات بالشفقة، أمنية أن يتحرروا من معاناتهم، والذي يكون بشكل ما في الخلفية.

يبدو هذا وصف كامل لما يحدث بأذهاننا عندما نحاول أن نجلس بذهن مثبت بالكامل بهدف البوديتشيتا. هذه النية في نفع جميع الكائنات، تكون كامنة بشكل ما خلف كل هذا كأساس، والآن بعد مؤقتًا، لأن هناك غياب لهذه الاستنارة الآن بالاستمرارية الذهنية، لكن "يجب أن تحدث من أجل أن استطيع مساعدة الجميع بأفضل شكل، ويجب أن تصبح "حادثة" الآن لي.

استنارتنا "مؤقتًا لم تتولد بعد"، لأن الشروط غير مكتملة، إذن، "يجب أن أُكمل هذه الشروط"، لذا يأخذ بنا هذا لبوديتشيتا الانخراط لنكمل الشروط. مرحلة الأمنية هي فقط التركيز على هذا، لكن إدراك أن "لم تولد نتيجتها مؤقتًا"، لأن الشروط غير مكتملة، "لهذا يجب أن أقوم ببناء الشروط"، لذا بوديتشيتا الانخراط هي الأنشطة والتدريبات على الصبر وخلافه والتي ستُكمل تلك الشروط لتتولد النتيجة.

خلو السبب والنتيجة

دعوني أضيف شيئًا آخرًا هنا. عندما نتحدث عن الخلو، والذي فهمناه بشكل ضمني، من الحيوي للغاية أن نفهم خلو السبب والنتيجة. الآن يمكن أن نرجع للعرض الرائع لنص شانتيديفا، الانخراط في سلوك البوديساتفات، أو في العروض الأخرى، وما الذي تم دحضه بها؟ في سياق العلاقة السببية، ما تم دحضه هو أن يكون السبب منعدم الصلة بالنتيجة، أو أن السبب يكون مطابقًا للنتيجة، بمعنى أن النتيجة غير متجسدة قائمة داخل السبب، منتظرة أن تتجسد عندما تكتمل الشروط.

إذن لا اعتقد أن "الاستنارة موجودة هناك بمكان ما داخل رؤوسنا وستظهر عندما نحصل عليها عندما تكتمل كل الشروط"، أو أن "بغض النظر عما أقوم به، لا يمكنني تحقيقها"، أو "ستحدث عبر المباركة"، أو شيء كهذا، من سبب منعدم الصلة، أو سبب غير كافٍ. ونحتاج لأن نفهم خلو النتيجة. نرجع مرة أخرى لشانتيديفا، حيث يشرح هذا بشكل لطيف للغاية، أن ما يتم دحضه هنا هو أن النتيجة موجودة بالفعل في وقت وجود السبب. إذا كانت موجودة بالفعل في وقت وجود السبب، "أنا بالفعل مستنير، أنا فقط بحاجة لأن أُدرك هذا"، عندها لماذا عليها أن تتولَّد؟ هي موجودة بالفعل، لذا لا يمكن أن تتولد.

وإذا كانت النتيجة غير موجودة تمامًا في وقت السبب، كيف يمكن لشيء غير موجود أن يوجد؟ كيف يمكن لهذا التحول أن يحدث؟ هل يمكن للاشيء أن يصبح شيئًا؟ نحتاج لأن نفهم كل هذه الأشياء من أجل أن يكون لدينا فهمًا صحيحًا للحقيقة النبيلة الثالثة. علينا أن نفهم خلو الاستمرارية الذهنية، خلو عملية الأسباب والنتائج التي ستشارك في تحقيق الاستنارة، حتى لا تكون لدينا فكرة غريبة ما عن كيف يمكننا أن نحقق الاستنارة الحادثة الآن.

ويزداد الأمر غرابة، والتعبير التقني عنه هنا هو أنه ليس هناك "تقاطع" بين الاستنارة التي لم تحدث بعد والاستنارة التي تحدث الآن. بعبارة أخرى، ليس هناك شيئًا يمكنه أن ينتمي للإثنين، والذي يتحرك عبر الخط الزمني: الآن هو لم يحدث بعد، بمعنى أنه يقف بعيدًا هناك، والآن يدخل لساحة الأحداث، الآن يقوم بدوره، وهو الآن يحدث. لذا فهو ليست هذه الاستنارة التي لم تحدث بعد متحولًا إلى الاستنارة التي تحدث الآن.

هذا يأخذ بنا لمستوى أكثر عمقًا فيما له علاقة بفهمنا للخلو. هذه أشياء تمثل جوهر فهمنا، ولهذا لدينا جانبي البوديتشيتا، البوديتشيتا الشائعة والبوديتشيتا العميقة أو البوديتشيتا النهائية، نحتاج لأن نفهم الخلو. وهذا ذو صلة شديدة هنا بالبوديتشيتا، وإلا سيكون الأمر في منتهى الغرابة، البوديتشيتا، نهدف إليها من أجل تحقيق شيء مستحيل، أو تحقيق شيء بطريقة مستحيلة، لذا يجب أن يكون لدينا كلا البوديتشيتتين، جانبي البوديتشيتا. 

البوديتشيتا أول مرة

هي موجهة نحو الجميع -حسنًا، هي بالفعل قائمة على المساواة وعبر كامل التتابع الذي يستهدف الجميع، دون انحياز. هذا يقوم أيضًا بدور السبب في أن يكون لدينا الذهن المستنير لبوذا، لأن الذهن المستنير لبوذا يستهدف الجميع. في التدرب على هذا بشكل موجه نحو جميع الكائنات بطريقة غير منحازة، متساوية، فهذا أيضًا يصبح سببًا للوصول للاستنارة. البوديتشيتا هي أيضًا أحد عناصر طبيعة بوذا، لكن من بين عناصر طبيعة بوذا هناك تلك التي ليس لها بداية وهناك تلك التي لها بداية، البوديتشيتا هي أحد تلك التي لها بداية.

هناك المرة الأولى التي ينمي فيها المتدرب البوديتشيتا. لدينا قصص عن عندما ولَّد بوذا البوديتشيتا أول مرة، وسنكون قادرين على تنميتها أول مرة، وهذا لا يشير إلى أول مرة قمنا فيها بتأمل البوديتشيتا بمستوى الأطفال، نحن نتحدث عن البوديتشيتا الحقيقية التي تكون لدينا بطريقة لا جهد فيها، بعبارة أخرى، لا يكون علينا القيام بخطوات توليدها، تكون لدينا تلقائيًا. عندها نصبح بوديساتفات؛ هذا هو الخط الفاصل للوقت الذي يمكن فيه أن نُعتبر بوديساتفات -أنها بلا جهد.

في هذه النقطة ندخل مسار الماهايانا الخاص ببناء الذهن -أو "المراكمة" كما يُطلق عليه عادةً، لكنه "بناء" -نحن الآن نبني المزج بين الشاماتا والفيباشيانا، هذا ما نبنيه بهذا المستوى الأول للذهن. إذن عند هذه النقطة، نصبح بوديساتفات، عندما تصبح البوديتشيتا بلا جهد فهذا هو الشيء الحقيقي، مع كل هذا الفهم وخلافه.

إذن البوديتشيتا موجهة نحو جميع الكائنات، والبوديتشيتا يمكن تنميتها، توليدها لأول مرة، إذن يثور هنا سؤال صعب، بالتسليم بأن الزمن بلا بداية، كيف حدث أننا جميعًا لم نستنير بالفعل؟ أو على الأقل نمينا البوديتشيتا؟ كيف يمكن أن تكون هناك أول مرة باستمرارية لا بداية ولا نهاية لها؟ هذا ليس سؤالًا سهلًا. يجب أن يكون لدينا أمل أن هذا يمكن تحقيقه لأول مرة، ولن نُحبِط أنفسنا بقول "أنا غبي وأناني للغاية لهذا لم أحققها بعد لأول مرة". لكنها تحتاج قدرًا هائلًا من الجهد، الفهم والتدرب.

لهذا السبب فهم المستقبل والماضي في غاية الأهمية. ليس كأن كل شيء مُقدر مسبقًا. بالوضع في الاعتبار المحددات التي لدينا الخاصة بماهية العوامل الذهنية الموجودة بالاستمرارية الذهنية التي بلا بداية، حسنًا، هناك بعض عوامل طبيعة بوذا والتي ستكون موجودة في الاستنارة أيضًا وهي من أسباب الاستنارة، وتدخل فيها الشفقة وما شابه. وهناك محددات أخرى والتي يُطلق عليها "الملوثات العابرة"، الجهل، أو عدم الوعي، الغضب، وهذه الأشياء. هي أيضًا بلا بداية، والاستمرارية الذهنية لديها القدرة على الفهم، هذا جزء من طبيعة بوذا، القدرة على فهم الأشياء.

إذن، ما هي آلية التفاعل بين هاذين الجانبين؟ هذا سؤال مثير للاهتمام، ولا نرغب في أن نحط من شأنه لنحوله لما يشبه الثنائية الزرادشتية، حيث يقف الخير ضد الشر بحيث تتصارع قوتي الجهل والحكمة بالاستمرارية الذهنية. سيكون هذا في غاية الغرابة من منظور اللاثنائية البوذية، أليس كذلك؟ إذن كيف نفهم هذا، هذا سيأخذ بنا للإمكانات الإيجابية والقوى الإيجابية، والتي يجب أن نقوم ببنائها وصولًا لمستوى من المتراكم، فهل يؤدي هذا عندها لتوليد البوديتشيتا لأول مرة؟

كيف سيحدث هذا في ظل هذه الديناميكية بين عدم الوعي والسلوك الهدَّام وخصال طبيعة بوذا الإيجابية؟ ليس كأن الأمر مُقدر سلفًا؛ لدينا اختيار، لكن الاختيار ليس بالمعنى الغربي للإرادة الحرة. "حرية الإرادة" تعني أننا يمكننا القيام بأي شيء دون بناء الأسباب. نحن لا نتحدث عن هذا. لا يمكنني أن أنشر جناحاي، أقفز من النافذة وأطير. والذي يمكنني أن أقوم به بإرادتي الحرة، إذن نحن لا نتحدث عن هذا، هذا تطرف. يمكننا فقط فعل ما قمنا ببناء أسبابه. إذا لم يكن هناك شيء مثل النية والاختيار، عندها سيكون من الصعب أن نرى كيف يمكن لأي شخص تنمية البوديتشيتا لأول مرة، أليس كذلك؟

طالما لم نستخدم مثال "وضع عشرون زليون قرد أمام آلات كاتبة وأحدهم في النهاية سيكتب لنا شكسبير"، لذا وفقًا لقانون الاحتمالات فإن أحدًا ما سيحقق الاستنارة. لا اعتقد أن هذه ستكون إجابة مُرضية، أليس كذلك؟ إذن يجب أن يكون هناك قدرًا من النية -لكنها غير موجودة بمعزل عن كل العوامل الذهنية الأخرى وتأثيرات الأشخاص الآخرين، خاصة المعلمين العظام- والتي تلعب هنا دور أساس السبب والنتيجة اللذان سيسمحان لنا بتوليد البوديتشيتا لأول مرة. الآن، لا يمكنني أن أدعي أنني عملت حقًا بشكل منطقي على هذه النقطة، لكن يجب أن يكون هذا ممكنًا؛ وإلا سيكون كامل الأمر جنونًا في سياق "يجب أن نكون جميعًا مستنيرين بالفعل".

إذن يتطلب هذا بعض الجهد نظرًا للمعطيات الخاصة بلا بداية الزمن ووجود كلًا من الملوثات العابرة وعناصر طبيعة بوذا. هناك بعض النية. عندما نتحدث في سياق الكائنات الواعية، ما الذي يجعلها كائنات واعية، ليس فقط ما كنت أقوله سابقًا، اختبار نتائج الكارما، أي السعادة والتعاسة، لكن الجزء الداخلي وليس الخارجي. الجزء الخارجي هو اختبار إثمار الكارما؛ الجزء الداخلي لهذا هو النية التي يتم التصرف بناءً عليها، الاختيار. لهذا، يختارون التصرف كسمكة كبيرة ويأكلون السمكة الصغيرة.

لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحًا على المستوى البيولوجي، لكن من المنظور البوذي، النباتات لا تمتلك اختيار أن تنمو تجاه الشمس. هي لا تقوم باختيار واعٍ، لهذا هي لا تختبر الكارما. لا تبني كارما ولا تختبر السعادة والتعاسة كنتيجة لهذا، بينما هؤلاء من يقعون في تصنيف الكائنات الواعية، بما في ذلك كائنات البريتا وما إلى ذلك -يجب ألا نُقصر الأمر فقط على البشر والحيوانات، هذا منطقي بعض الشيء، أليس كذلك؟ ليس منطقي، لكن محدود لما نحن واعون به- عندما نتحدث عن تلك الكائنات الواعية، نحن نتحدث عن تلك التي تقوم فعليًا بالاختيار بناءً على النية، ويختبرون نتيجة هذا في سياق السعادة والتعاسة، هذه هي الكائنات الواعية.

لهذا يجب أن يكون ممكنًا على أساس من الكارما، أن نبني البوديتشيتا لأول مرة. لهذا من المهم أن نُدرك أنه عندما نتحدث عن القوى الإيجابية، القوى الإيجابية التي تعمل كسبب للاستنارة، وهذا هو الهدف من التكريس، وإلا أي قوى إيجابية سنبنيها ستساهم فقط في المزيد من السامسارا، لن تساهم في تنمية البوديتشيتا، أليس كذلك؟ إذن نرغب في أن نكون قادرين على توجيه قوتنا الإيجابية نحو الاستنارة.

إذن، كيف كنتم ستعرفون عن هذا؟ ستعرفون عن هذا من خلال بوذا. الآن لدينا شيء مثير للاهتمام أنه ليس هناك شيئًا مثل أول بوذا. كان هناك دائمًا بوذات. لكن كل بوذا نمى البوديتشيتا لأول مرة في وقت ما. هذا يصبح مثيرًا جدًا للاهتمام. اعتقد أن بعض علماء الرياضيات سيتعين عليهم البدء في العمل على هذه المعضلة لإيجاد حلٍّ لها. لكن هذه أيضًا أسئلة مثيرة للاهتمام، "كيف يمكنني أن أنمي البوديتشيتا لأول مرة؟" و"لماذا لم أنميها بالفعل؟"

أول مرة لا نتخلى فيها عن البوديتشيتا

بالمزيد من التحليل، بالوضع في الاعتبار المعطى الخاص بأن الزمن لا بداية له، نحن فقط لم ننمِّ البوديتشيتا لعدد لا نهائي من المرات، لكن أيضًا تخلينا عنها لعدد لا نهائي من المرات. لهذا السؤال ليس حقًا "كيف لم نتمكن بعد من تنمية البوديتشيتا لأول مرة؟" ولكن "كيف يمكن ألا نتخلى عن البوديتشيتا لأول مرة؟" الإجابة على هذا هي "عبر المحافظة على عهود البوديساتفات وحمايتها حتى ولو كان الثمن حياتنا". تذكروا، تؤخذ عهود البوديساتفات لكل حيواتنا حتى تحقيق الاستنارة. لهذا، إذا متنا وعهودنا سليمة، عندها حتى إذا وُلدنا كحشرة، تظل تلك العهود موعزة على استمراريتنا الذهنية، في بعض الحيوات التالية، عندما نولد كبشر، يمكننا إعادة تفعيل تلك العهود والاستمرار في مسار الاستنارة.

الأسئلة

أنت تقريبًا أجبت على سؤالي عندما قلت "توجية"، لكنني كنت استكشف فكرة التكريس وكيف يُفعِّل هذا مسارًا مختلفًا لبناء القوى الإيجابية؟

كيف بالضبط يُفعِّل التكريس المسارات المختلفة، ليس لبناء المزيد من القوى الإيجابية، لكن لما سينتج عنها؟ استخدم مثالًا مبسطًا عن جهاز الحاسب الآلي وحفظ معلوماتنا بأحد المجلدات. الإعدادات الرئيسية للقوى الإيجابية عندما نقوم بحفظها هي أن تذهب إلى مجلد "تحسين السامسارا"، وعلينا أن نكون واعين جدًا عندما نضغط على الزر ونقوم بحفظ هذه المعلومات في مجلد "التحرر" أو مجلد "الاستنارة"، وإلا ستذهب تلقائيًا إلى مجلد "أوقات طيبة بالسامسارا".

ماذا عن تكريسها لأهداف أقل، مثل العثور على معلمين بالحيوات المستقبلية وإعادة الميلاد البشري الثمين. هل من المقبول أن نضع القليل في كل مجلد؟

السؤال هو، ماذا عن التكريس لأهداف سنحتاجها من أجل تحقيق الاستنارة، إعادة الميلاد البشري الثمين، الاستمرار دائمًا في مقابلة المعلمين الروحانيين، وما شابه. بالتأكيد، هذا جيد، لكن اعتقد أن المهم هو إدراك أن تلك الأهداف هي مجلدات فرعية داخل المجلد الأكبر الخاص بالاستنارة، ولا نفكر بها كمجلدات مستقلة بالكامل، إذا أحببنا أن نستمر في استخدام هذا التصوير. هذا هو حجر الأساس الضروري للاستنارة ولهذا لا تجعلوا هذا هو هدفكم النهائي، لكن، "ليتني أكون قادرًا على أن يكون لدي الميلاد البشري الثمين كناقلة تمكنني من الوصول لنهاية طريق الاستنارة".

تذكروا -اعتقد أني أشرت لهذا سابقًا- أن التخلي صعب للغاية مع النطاق الأولي، حيث نرغب في أن يكون لدينا إعادة الميلاد البشري الثمين بحيواتنا التالية، ولكي نكون مع المعلمين وكل هذا، يمكن أن يكون هناك قدرًا كبيرًا من التعلق بكل هذا، "ليتني أبقى مع أصدقاء الدارما"، وكل هذه الأشياء.

هل تُثبت طبيعة بوذا أن الجميع سيصبحون بوذات؟

لا. طبيعة بوذا تُثبت أن الجميع يمكنهم أن يصبحوا بوذات. لهذا السبب لدينا هذه العبارة المثيرة للاهتمام "حتى نهاية السامسارا". جسد السامبوغاكايا سيقدم التعاليم حتى نهاية السامسارا. عندها سيثور السؤال الذي لا مفر منه، عندما يصبح الجميع مستنيرين، ماذا بعد هذا؟ سنجلس جميعًا كبوذات حول حمام السباحة، ما الذي سنفعله بعد هذا؟ وهناك أيضًا سؤال إضافي، والذي دائمًا أجده طريفًا جدًا، كيف سينمي آخر كائن الشفقة ليصبح بوذا، إذا لم يكن هناك كائنات واعية تعاني حتى ينمي هذا الشخص الشفقة تجاهها؟ والإجابة هي أن البوذات، لهذا السبب، سيتجسدون ككائنات واعية تعاني حتى يتمكن هذا الشخص الأخير من تنمية الشفقة.

مع ذلك، لنترك هذا جانبًا، ليس فقط لأن الجميع يمكنهم أن يصلوا للاستنارة، فهذا معناه أن الجميع سيصلوا للاستنارة. علينا أن نعمل لأجل تحقيق هذا. ليس كأن الكون يتجه نحو الاستنارة النهائية للجميع. ليست هناك حتمية أن يصبح الجميع مستنيرين. لماذا يجب أن يستنير الجميع؟ إذا كان هذا هو الحال، كل ما علينا القيام به إذن هو الجلوس منتظرين حدوث هذا، لأنه سيحدث في النهاية، كلنا سنصبح مستنيرين. لذا الجميع يمكنهم أن يستنيروا، لكن علينا بذل الجهد.

إذا لم يكن هناك بداية للزمن، ولا نهاية له، وأتمنى أن أتجنب تمامًا السياق الإبراهيمي في سؤالي، لكن هل تقول البوذية أن الجميع بدؤوا كمستنيرين ثم انتكسوا؟

نعم، هذا سؤال جيد. هي تقول، بالنظر لأن الزمن لا بداية له، ونرغب هنا في تجنب منظور الديانات الإبراهيمية، كيف بدأ الأمر؟ لا بداية تعني أنه لم تكن هناك أي بداية، إذن نحن لم نكن جميعًا مستنيرين بالفعل، أننا كنا نعرف ثم نمت لدينا العوائق. تذكروا، كنا نتحدث منذ قليل عن خلو الأسباب والنتائج. لذا ليس كأن النتيجة كانت موجودة بالفعل بالذهن المستنير، والآن أصبحت لدينا المعيقات، بأي وقت كان، أو كانت المعيقات دائمًا موجودة، وعلينا فقط التخلص منها حتى نرجع لحالتنا الأساسية، والتي كانت موجودة هناك بالعمق طيلة الوقت. هذا فهم خاطئ شائع لتعاليم تقليد النييغما، لذا، الأمر ليس كذلك.

لكن ما الذي تقوله البوذية؟ ما هي الحالة التي كنا عليها؟

ما الذي تقوله البوذية؟ بلا بداية.

لكن ما الحالة التي كنا عليها؟

ما الحالة التي كنا عليها؟ هل هناك حالة كنا عليها دائمًا؟ لا. هناك دائمًا ما لم يعد يحدث والذي كان في الماضي، ويسبق دائمًا ما يحدث الآن. هذا لأن الأشياء لا يمكنها أن تنشأ دون سبب. إذا كان يمكن أن تنشأ دون سبب، إذا كان بإمكاني أن اَتصف ببعض الجرأة لأقدم المتسلسلة المنطقية لمدياميكا، عندها اللاشيء يمكن أن يصبح شيئًا. لكن عندها كيف يمكن للاشيء أن يصبح شيئًا؟ إذا كان الشيء حقًا لاشيء، كيف يمكنه أن يتغير من كونه لاشيء؟ وإذا لم يكن لاشيء حقًا، عندها فهو شيء، وإذا كان شيئًا، فلماذا سيحتاج لأن يصبح شيئًا مرة أخرى؟

سؤال عملي بخصوص التكريس. ما الفرق بين… كنت تردد تكريسًا مختصرًا للغاية بنهاية كل جلسة، ويُعرف المعلمون بقيامهم بالتكريس لساعات عديدة، ما الفرق بين التكريسين؟

ما الفرق بين التكريسين، بين القصير والمفصل الطويل للغاية؟ اعتقد أن الفرق هو في أسلوب المعلم والاعتبارات العملية. لا أعرف ما إذا سيكون هناك بالضرورة اختلاف في مستوى الإخلاص. اَتبع تحديدًا تقليد معلمي الرينبوتشي سيركونغ. كان يؤكد دائمًا، بطريقة طريفة للغاية، على أنه عندما يأتي الموت، لن ينتظرنا لنجلس في الوضعية الصحيحة للتأمل، نشعل البخور والشموع، ونقوم بترديدات اتخاذ الملجأ وتوليد البوديتشيتا ببطء شديد، أو ما شابه. عندما يأتي الموت، يجب أن نقوم بكل هذا في لحظات قصيرة.

أتذكر عندما قدَّم التعاليم الخاصة بكامل محاضرات المسار المتدرج، لام ريم، وكان هذا في إيطاليا، وتبعها بالتعاليم الخاصة بتأمل شينريزيغ، وتساءل الحضور ما إذا كان يمكنهم القيام بالتأمل في النهاية. قال حينها رينبوتشي، "حسنًا، قوموا بالتأمل على كامل المسار المتدرج وكامل تأمل شينريزيغ"، و"قوموا بهذا في دقيقتين". وقد كان كريمًا في قوله دقيقتين، وأصيب الحضور بالفزع، فقال، "حسنًا، ثلاث دقائق". بعد ذلك قال رينبوتشي بأننا يجب أن نكون قادرين على القيام بتأمل المسار المتدرج بأكمله، بكل مراحله، ووضَّح مستخدمًا مثلًا تبتيًا، بأن نكون قادرين على إنهاء التدرُبّ بأكمله، في الفترة ما بين وضع قدمًا على السرج ومع الانتهاء من وضع القدم الأخرى، لأن الموت لا ينتظر.‎

اعتقد أن شانتيديفا ذكر شيئًا مشابهًا، أن الموت لن يجلس منتظرًا. لذا يبدو أن التكريس يجب، بالنسبة لي، أن يكون خلال لحظات. ليس عليكم الخوض في كامل الترديدات المطولة؛ إنه حالة ذهنية. هل علينا تخيلها؟ لا، هل يجب أن نتلفظها؟ إذا رغبتم في هذا، حسنًا، لكن لا اعتقد أن القيام بها خلال لحظات سيكون أقل إخلاصًا من القيام بها في ثلاث ساعات.

وهل يكون مؤثرًا؟

اعتقد أن مستوى الفاعلية له علاقة بالإخلاص، وليس بطول المدة. الحياة قصيرة، ولذا نرغب في الاستفادة منها، الوقت الذي لدينا، ويجب أن نستفيد من الوقت الذي لدينا بفاعلية وكفاءة. وأسلوب معلمي هذا كان له صدى كبيرًا في شخصيتي. لا أقوم بأي شيء ببطء -في الحقيقة هذا خطأ- أحب، كما يقولون بالألمانية، "سريعًا، سريعًا، سريعًا"، وهذا ينجح معي، قد لا ينجح مع الآخرين.

عندما كنتَ تشرح كيفية التأمل على البوديتشيتا وخضت في شرح الحقيقة النبيلة الرابعة، تحدثت عن التأمل على الأجساد المادية، بناء تلك المراكمتين، وأيضًا قلت أننا يمكننا بدلًا من هذا التأمل بأسلوب الماهامودرا، وكنت أتساءل، كيف يمكننا تخيل الكائنات الواعية دون أجساد مادية؟ اعتقد أني وجدت نفسي عالقًا عند نقطة أنه علينا تغذية تلك الإمكانات.

حسنًا، سؤال بسيط في آخر دقيقة بجلستنا، كيف مع الماهامودرا… كنتُ ذكرت أننا يمكن أيضًا تمثيل حالة الاستنارة التي نهدف لتحقيقها إما بتخيل بوذا، أو -اعتقد أني ذكرت هذه النقطة في هذا السياق- بالتركيز على المعلم كبوذا، أو أيضًا القيام بهذا في سياق تأمل الماهامودرا على طبيعة الذهن. بالطبع هناك طريقة تقليد الغيلوك في تأمل الماهامودرا، وهناك طريقة تقليد الكاغيو، طريقة تقليد الساكيا، وكلهم مختلفون. لكن إذا تحدثنا في سياق الذهن -نحن هنا في مركز يتبع تقليد الغيلوك، لذا ساَلتزم بطريقة هذا التقليد- إذا نظرنا لمصطلح الخصائص المميزة للذهن، هي فقط الوضوح والوعي.

هذا المصطلح المُضلل، "الوضوح"، يشير إلى خلق المظهر، بعبارة أخرى، نشوء المجسم الذهني، والوعي هو نوع من الإدراك. خلق المجسم الذهني والإدراك ليسا شيئان منفصلان، ليس كأن أولًا يأتي المجسم الذهني ثم إدراكه، خلق المجسم الذهني هو معرفة الشيء بطريقة أو بأخرى؛ ويجب ألا يكون هذا المحل في بؤرة التركيز. وكلمة "فقط" تعني أن هذا كل ما يحدث، وليس هناك أنا منفصلة والتي تجعل هذا يحدث أو تراقب حدوثه. كل ما هناك هو هذا النشاط الذهني، إذن خلق المجسم، هذا هو الجانب الظاهر، إذن لدينا جسد، مظهر بوذا، ويظهر لنا من هذا الجانب، والجانب المعرفي، نعرف من خلاله ذهن بوذا. إذًا يجتمع الاثنان سويًا.

أو يمكننا الإسهاب أكثر وفقًا لشرح تقليد الكاغيو، أن جانب المعرفة للذهن هو ذهن بوذا، وجانب "الطاقة التي تشع خارجًا" لذهن بوذا، والتي في العموم ستخلق مظاهر أجساد بوذا، هي جانب التواصل للذهن. في الدزوجتشِن يُطلق عليه جانب "الشفقة" لذهن بوذا، حيث نتواصل مع الآخرين عبر هيئة السامبوغاكايا ونصبح عليها. والمحتوى الحقيقي للمظهر هو النرماناكايا، مع المجسم. إذن خلق المجسم، كمعاكس لما يحتويه المجسم، عندها نحصل على السامبوغاكايا والنرماناكايا من هذا الجانب الخاص بخلق المظهر.

هناك العديد من الجوانب المختلفة داخل تأمل الماهامودرا والتي بها يمكننا اشتقاق كل أجساد بوذا من طبيعة الذهن. ويتحدثون كثيرًا، خاصة في تقليد الكاغيو، عن عدم انفصال المظاهر عن الوعي العميق، والمظاهر عن الخلو، والوعي العميق والخلو، وكل هذه الأشياء. إنه موضوع كبير جدًا ولا يمكنني أن أقوم بتغطيته في إجابة مختصرة، لكن هذا هو ما يدور حوله هذا الأمر. تأمل الماهامودرا هو أيضًا شديد الصلة بالبوديتشيتا.

هل يمكننا التخلي عن البوديتشيتا؟ قلت أن هناك أول مرة.

بالتأكيد، يمكن أن نتخلى عن البوديتشيتا، ويعتبر هذا شيء مؤسف للغاية، لأنه بتخلينا عن الاستنارة، فما الذي سنحاول القيام به؟ الجانب المظلم. آسف، لم اَستطع أن أمنع نفسي عن هذه المزحة. نتخلى عن سعينا للاستنارة، فما الذي سنسعى نحوه؟ نحن نتجه للسامسارا، إذن نحن نتجه للمعاناة. إذن هناك أول مرة وبالطبع هناك ثاني مرة والتي ستكون من الأصعب تحقيقها.

فهمي هو أنه لا يمكن الارتداد من حالة الاستنارة؟ لكني سمعت مؤخرًا معلمًا ما يقول، اعتقد...

لا، لا ترتد ثانية بعد الوصول للاستنارة، الاستنارة دائمة. وإلا، لن يكون هذا إيقافًا حقيقيًا؛ هذا فهم خاطئ للحقائق الأربع النبيلة. هي أشياء حقيقية: الأريات -هؤلاء من لديهم إدراكًا غير مفاهيمي لكل هذا- يرونها كحقيقة، والآخرين لا يرونها كحقيقة، ولذا هناك أربع طرق خاطئة لفهم كلٍّ من الحقائق الأربع النبيلة.

بينهم، أحد طرق الفهم الخاطئ فيما يخص الإيقاف الحقيقي هو أنه إيقاف المؤقت؛ أننا يمكننا فقط التخلص من المشاكل لفترة قصيرة، لا يمكننا التخلص منها للأبد، أنها ستتكرر، والذي سيفسد الأمر ليتحول إلى "حظ عاثر، اِستفد من الوضع بقدر الإمكان"، والذي هو ليس الحل البوذي للسامسارا، لكنه الحل الذي يُقدمه العديد من المعالجين النفسيين، "تعلم العيش مع هذا". نحن لا نرغب فقط في "تعلم العيش مع هذا"، هذه ستكون نسخة الدارما المخففة، لكن حتى نخرج من نطاقها، سيتوجب علينا تعلم العيش مع هذه المشاكل، لذا فهذا ليس منعدم الفائدة تمامًا.

حسنًا، أي شيء آخر؟ إذن نُنهي جلستنا بالتكريس، النسخة القصيرة، أيًا كان الفهم والقوى الإيجابية، الشبكتين، التي قمنا ببنائهم عبر أنشطتنا هذه، ليتهم يصبحون أعمق وأعمق ويصبحون سببًا لتحقيقنا جميعًا الاستنارة لأجل نفع جميع الكائنات.

Top