أغراض ومنافع المناظرة

02:15
المناظرة في البوذية لا تدور حول اﻻنتصار على الشخص الآخر لمهارته في استخدام المنطق. ولكنها من أجل مساعدة التلاميذ على تطوير الثقة في فهمهم، حتى لا يكون لديهم شك أثناء قيامهم بالتأمل. كل تلميذ عليه تحدي زملائه للدفاع عن أفكارهم بطرح الأسئلة والإشارة إلى التناقضات الموجودة في إجاباتهم، في النهاية كلا الجانبين يستفيد.

إن أحد أهم أغراض المناظرة في التدريب البوذي هو مساعدتك على تنمية الإدراك الثابت، فأنت تأخذ موقفًا، وعندئذٍ يتحدَّى شريكُك في المناظرة هذا الموقفَ من وجهات نظر عدة، فإذا استطعت أن تدافع عن موقفك أمام كل الاعتراضات، وتثبت أنه لا يوجد به تناقضات منطقية، أو أنه ليس هناك أية تناقضاتٌ البتَّة، تستطيع التركيز على هذا الموقف أو وجهة النظر هذه بإدراكٍ ثابت تمامًا لا يتزعزع، ونسمي هذه الحالة العقلية الاقتناع الراسخ. وأنت تحتاج أن يكون لديك هذا الإدراك المبني على الاقتناع والاقتناع الراسخ، وذلك حينما تتأمل وحدك أي موضوعٍ، مثل المؤقتية، والمساواة بين النفس والآخرين، واعتبار الآخرين أغلى من النفس، و البوديتشيتا، والخواء ، وهلم جرًّا.

فيديو: الرينبوتشي تسينشاب سيركونغ الثاني ‪–‬ "الانتقال بين الإيمان والمنطق"
لتشغيل الترجمة، رجاءً أضغط على علامة "CC" أو "الترجمة والشرح" بالركن السفلي على يمين شاشة عرض الفيديو. لتغير لغة الترجمة،  يُرجى  الضغط على علامة "Settings" أو "إعدادات"، ثم أضغط على علامة "Subtitles" أو "ترجمة"، واختار لغتك المفضل

وعلاوة على ذلك، فإن التحاور يقدم موقفًا أكثرَ إفضاءً إلى التركيز للمبتدئين من التأمل، فتحدِّي شريكك في المناظرة وتأثيرُ وجود زملاءَ يستمعون يجبرانك على التركيز. وحينما تتأمل بمفردك تجد أن قوة الإرادة فقط هي التي تدفعك للتوقف عن الشرود العقلي أو النوم. إضافة إلى ذلك، فعلى أرضية المناظرات الرهبانية تحدث العديد من المناظرات بصوت عالٍ قريبةً من بعضها البعض، وهذا أيضًا يجبرك على التركيز. فلو أن المناظرات حولك شتَّتكَ أو سبَّبت لك ضيقًا فسوف تخسر. وطالما أنك تُنمِّي مهارات التركيز على أرض المناظرة، فيمكنك تطبيقها في التأمل، حتى لو كان التأمل في أماكنَ صاخبةٍ.

بالإضافة إلى أن الجدال والمناظرة يساعدانك على تطوير ِشخصيتك، فلا يمكن أن تكون خجولاً وأنت تناظر، بل يجب عليك أن تجهرَ بالحديث حينما يتحدَّاك خصمك. ومن ناحيةٍ أخرى، فلو كنت متغطرسًا، أو تملَّكك الغضبُ، فإنك ستصبح مُشوَّش العقل، وحتمًا سيهزمك خصمك، وفي كل الأوقات أنت بأمسِّ الحاجة إلى المحافظة على توازنك عاطفية. وسواء فُزتَ أم خسرتَ فإن المناظرة تزودك بفرصةٍ ممتازة للتعرف على الـ"أنا" التي ينبغي دحضُها، وحينما تفكر أو تشعر بهذه الصورة: "أنا انتصرت، أنا ماهرٌ للغاية". أو: "أنا خسرتُ، أنا غبيٌّ للغاية". يمكن أن تدرك بوضوح وجود "أنا" معجبة بنفسها، وأنت تتماثل معها، فهذه الـ"أنا" هي خيالٌ محضٌ وينبغي دحضُها.

حتى حينما تبرهن على أن موقف خصمك غير منطقي فهذا لا يعني أنك أذكى منه، أو أنه غبي، بل يجب عليك دومًا أن يكونَ دافعك هو مساعدة شريكك على تنمية فهم واضح واقتناع راسخ بما يمكن برهنته منطقيًّا.

Top