مجال العلوم الفلكية التبتية
تتناول العلوم الفلكية لبناء التقويم وعِلم الفلك وعِلم التنجيم والرياضيات جوانب عديدة من الحياة التبتية؛ إذ تمتد تقاليدها من التبت إلى ما يُسمَّى بمنغوليا الخارجية والداخلية، ومنشوريا وتركستان الشرقية، والجمهوريات الروسية: بورياتيا وكالميكيا وتوفا. إضافةً إلى كل المناطق الأخرى الواقعة تحت التأثير الثقافي التبتي في جبال الهمالايا وآسيا الوسطى والصين الحالية. ولهذه العلوم دور شديد الأهمية في التقليد الطبي التبتي؛ حيث يجب على كل طلاب الطب أن يصلوا إلى مستوى معين في تعلم العلوم الفلكية، رغم أن طلاب الفلك غير مُلزَمين بدراسة الطب.
يعرض موضوع المعرفة حسابات التقويمات الفلكية للتوصل إلى موقع الكواكب، إضافة إلى حسابات خاصة ببناء التقويم السنوي والتنبؤ بحالات الكسوف، كما أنه يشكل الحسابات التنجيمية للأبراج الشخصية، وللمعلومات التي يمكن التوصل إليها في الروزنامة السنوية، فيما يخص تحديد أيام السعد وأيام الشؤم للبدء في نشاطات مختلفة مثل زراعة المحاصيل. وهذا مجالٌ واسعٌ جدًّا من الدراسة.
هناك قسمان من الحسابات: البيضاء والسوداء. والأبيض والأسود رمزان للمواد ذات المنشأ الهندي والصيني، وفقًا للون السائد للملابس التقليدية التي كانت تُلبَس في كل دولة. كما هي الحال بالنسبة للطب التبتي. ويشترك عِلم التنجيم التبتي في جوانب تتشابه مع تلك الموجودة في الهند الهندوسية والصين، غير أنها خضعت للتعديل والخلط، واستُخدِمَت بطرقٍ شتى لتشكل النظام التبتي المميز.
السياق الفلسفي
تختلف السياقات الفلسفية للعلوم الفلكية كثيرًا في العالم الهندوسي الهندي عنها في العالم البوذي التبتي والعالم الكونفشيوسي الصيني. ينشأ السياق التبتي من "الكلاتشاكرا تانترا"؛ حيث إن "كلاتشاكرا" تعني "حلقات الزمن". في هذه التانترا يقدم بوذا نظامًا من حلقات خارجية وداخلية وبديلة، تتعامل الحلقات الخارجية مع حركة الكواكب عبر السماوات والحلقات أو التقسيمات المختلفة للوقت، الذي تقيسه هذه الحلقات؛ من حيث السنوات والأشهر والأيام وما إلى ذلك، في حين تتناول الحلقات الداخلية حلقات الطاقة والأنفاس عبر الجسم. أما الحلقات البديلة فتتألف من ممارسات تأمُّلية مختلفة لنظام التانترا الذي يتضمن شخص بوذا الذي يُدعى كلاتشاكرا، والذي يُستخدَم للتحكم بالحلقتيْنِ السابقتيْنِ أو تطهيرهما.
تتوازى الحلقات الخارجية والداخلية للوقت مع بعضها البعض، وتحدث نتيجةً لنبضات خارجية جماعية وداخلية فردية من الطاقة (كارما). وبتعبير آخر هناك نبضات معينة من الطاقة ترتبط بنا جميعًا، وتُسيِّر الحلقات الكوكبية والجسمية الإنسانية. وبما أن الطاقة والحالات الذهنية ترتبطان ببعضهما البعض بشكلٍ قريب، فيمكننا اختبار الحلقات بطريقة مُزعجة أو غير ذلك. ومن خلال ممارسات الكلاتشاركا نعمل للتغلب على كَوْننا تحت تأثير حالاتٍ خارجية وداخلية متكررة لا سيطرة لنا عليها (سامسارا)؛ بحيث نتمكن من إدراك إمكاناتنا الكاملة لإفادة كل شخص قدر الإمكان، دون أن ترسم لنا تلك الحالات حدودًا أو تسبب لنا إزعاجًا.
وفي كثيرٍ من الأحيان يخضع الناس لتأثير أبراجهم الشخصية، أو إنهم يتأثَّرون بصورةٍ خارجة عن السيطرة بتغيرات الفصول والطقس ومراحل تبدُّل القمر، أو بموقعهم في مراحل حياتهم المختلفة، مثل: الطفولة والبلوغ والسن المتقدمة، وما إلى ذلك. كما أنهم غالبًا ما يخضعون لتأثير حلقات الطاقة داخل أجسامهم، فعلى سبيل المثال دورة الحيض أو البلوغ من خلال انقطاع الطمث، فهذه الأمور يمكن أن تسبب للناس تقييدات كبيرة. ويعطي نظام الكلاتشاكرا إطارًا تأمُّليًّا يمكننا من خلاله أن نتغلب على كوننا تحت سيطرة هذه التأثرات، لنتغلب بالتالي على القيود التي تفرضها علينا، وبذلك نكون قادرين على مساعدة الآخرين لأقصى درجة. ويقدم النظام البوذي التبتي عِلمَ الفلك وعِلمَ التنجيم داخل هذا الإطار الفلسفي العام، وهو يختلف كثيرًا عن الإطار الفيدي الهندوسي، الذي يتعلم فيه الطلاب هذه العلوم لحساب الوقت وممارسة الطقوس الفيدية.
في الفِكر الصيني الكلاسيكي يتوجَّه المرء إلى عِلم الفلك وعِلم التنجيم بغية الحصول على شرعية سياسية وممارسة الحُكم. وتصوِّر الفلسفة الكونفشيوسية الإمبراطور على أنه الوسيط بين السماوات والأرض. إذا سار الإمبراطور والبلاط الملكي والحكومة حسب الفصول والتقويم، وبانسجامٍ مع المبادئ العامة للتغير في قوى الكون، فسوف يسير كل شيءٍ على ما يرام في الإمبراطورية. ومن الواضح أنهم يملكون "وصايةً على السماء". ويُسبِّبُ خروجهم من مرحلةٍ ما كوارث طبيعية، ويعني أنهم فقدوا شرعيتهم السياسية. لذلك يُعَدُّ ضروريًّا معرفةُ مواقيت الفصول الدقيقة وتدفق القوى التنجيمية الكونية من أجل الحفاظ على الانسجام والقوة السياسية.
وهكذا يختلف السياق الفلسفي الصيني لعِلم الفلك وعِلم التنجيم بدرجة كبيرة عن الإطار البوذي التبتي؛ حيث إن هدفه الرئيس كان سياسيًّا. ولم تظهر الأبراج الشخصية في الصين حتى القرن الثامن الميلادي تقريبًا، وكان ذلك في الغالب نتيجةَ التأثير البوذي.
الحسابات البيضاء
الموادُّ ذات الأصل الهندي في العلوم الفلكية التبتية تنشأ مبدئيًّا من مصدريْنِ: "الكلاتشاكرا" أو "تانترا حلقات الزمن" البوذية بشكلٍ عيني، و"السفارودايا" أو "تانترا الصعود من العِلة"، التي تضم مواد مقبولة من الهندوس والبوذيين.
فبالنسبة للنقاش حول الحلقات الخارجية للزمن فإنَّ الكلاتشاكرا تانترا تُقدِّم قوانين حركة الكون وحسابات التقويمات الفلكية والتقويمات السنوية والروزنامة. وهناك مجموعتان من المعادلات الرياضية تنشآن من ذلك، وهما: السيدانتا أو نظام العقيدة الكاملة الذي فُقدَ قبل وصولها إلى التبت، والكارانا أو نظام الخُلاصة.
فبين القرنيْنِ الخامس عشر والسابع عشر أعاد العديد من المعلمين التبتيين بناءَ نظام العقيدة الكاملة. حتى عندما فضَّلَت بعض السلالات التبتية نظام العقيدة الكاملة كانوا يستخدمون نظام الخُلاصة لحساب حالات الكسوف والخسوف؛ لأنها تُقدِّم نتائج أفضل.
أما المصدر الآخر للمواد الفلكية ذات الأصل الهندي، وهو تانترا الصعود من العِلة – التي تُعرف كذلك بـ اليوداجايا أو تانترا النصر في المعارك – فهي التنانترا الهندوسية الشافيتية الوحيدة التي تُرجمَت إلى التبتية، والتي تضم مجموعة التينغيور للتفاسير الهندية. إن الخاصية الرئيسة التي تنبع منها هي طرح الأبراج الشخصية التنبُّئِية. ففي عِلم التنجيم الغربي يكون التأكيد الرئيس في البرج الفردي على النظر إلى وضع الولادة، ومنه إلى تحليل الشخصية ووصفها. ولا يُعَدُّ ذلك اهتمامًا كبيرًا في الأنظمة الهندية، ولا في الأنظمة الهندوسية أو البوذية، رغم أنها تتطرق إليه. وأخيرًا فما يهم في الأكثر هو رسم خريطة لما تُسفِر عنه حياة الشخص.
الأبراج التنبُّئِية
تحسبُ التقاليد الفلكية الهندية كلها حياةً ما وتُحلِّل مجراها؛ وهناك تسعة أجرام سماوية متعاقبة تحكم فترات هذه الحياة، فيحسب النظام البوذي فترة الحياة من وقت الولادة وموقع قمر الولادة، ثم يقسمها إلى تسع فترات حسب معادلات معينة. أما الصيغة الهندوسية فلا تأخذ فترة الحياة بعين الاعتبار، بل إنها تقسم الفترات حسب قاعدة أخرى. وفي كِلتا الحاليْنِ يُفسِّر عُلماء التنجيم كل فترة من خلال علاقتها بالكوكب الذي يحكمها، وخريطة الولادة والمرحلة السِّنِّية التي تجري فيها.
ورغم أن عِلم التنجيم البوذي يحتوي على حسابات لفترات حياة الناس، إلا أنه ليس نظامًا حتميًّا من القدر المحتوم، كما أنه يوفر معادلات لحساب إطالة العمر في حال أدائنا لأعمال صالحة وأفعال بَنَّاءة. ويحسب نظام الكلاتشاكرا الأصلي في الهند فترة الحياة التي يمتد أقصاها إلى ١٠٨سنة، في حين تؤكد الأنظمة الهندوسية على فترة أقصاها ١٢٠ سنة. في التبت تقلَّصت الـ ١٠٨ إلى ٨٠ سنةً؛ لأن معدل فترة الحياة حسب التعاليم البوذية ينخفض إلى أقصى درجة. في القرن التاسع عشر عدَّل مُعلِّم النيِنغما ميبام حساب فترة الحياة؛ بحيث يكون أقصاها ١٠٠ سنة. بالإضافة إلى ذلك، وبصرف النظر عن السن القصوى المؤكدة، يحتوي النظام التبتي على أربع طرق مختلفة لحساب فترة الحياة. وبذلك يكون لكل شخص عدة فترات حياة مُحتمَلة. فنحن نُولد وبداخلنا الكثير من طاقات الكارما المختلفة التي يمكن أن تنضج.
وعندما نتحدث عن شخصٍ له فترة حياةٍ عينية، يمكن أن تنشأ ظروف قاهرة تُطيل فترة الحياة أو تُنقصُها. فإذا كان أحدهم يعاني من مرضٍ لا شفاء منه، فقد لا يكون هذا الشخص يتمتع بالاحتمال الكارمي للشفاء. ورغم ذلك فمن شأن الصلوات والاحتفالات الطقسية للاما الأكبر أن تسلك سلوكَ ظرفٍ لجعل الاحتمال الإيجابي المدفون داخلنا ينضُج بصورةٍ لم تكن لتظهر في هذا العمر. وعلى نحوٍ شبيه إن من شأن حدث خارجي، مثل هزة أرضية أو اشتعال حرب، أن يوفر ظرفًا لجعل الإمكانات السلبية المدفونة داخلنا تنضج بصورةٍ لم تحمل تأثيرًا في هذه الحياة. في مثل هذه الحال يمكن أن نموت – كما يُقال – "الموت قبل الأوان". في حالةٍ أخرى إذا لم تكن لدينا الإمكانات المدفونة داخلنا، فإن الظرف الدراماتيكي في هذا العمر لن يحمل أي تأثير. فالطقوس الخاصة لا تعود بالفائدة على بعض الناس، وبعض الأفراد ينجون من الهزة الأرضية.
إذًا البُرج التبتي عبارة عن تنبؤ عام لما يمكن أن يحدث للمرء في حياته، وليس هناك ضمان بأن حياتنا ستتكشف فعلاً بتلك الطريقة. وهناك احتمالات أخرى كذلك؛ لأن عِلم التنجيم يستطيع التنبؤ بفترات حياة أخرى أيضًا. كل احتمال يُشبه مستوى كميًّا. كلها عملية – اعتمادًا على أفعالنا وممارساتنا – إلى جانب الظروف الخارجية القاهرة. وما يحدث في حياتنا يعتمد على الإمكانات الكارمية التي جمعناها من أفعال سابقة في هذه الحياة أو في حياة سابقة. وإلا لَكان الإنسان والكلب اللذان يولدان في اللحظة نفسها وفي المكان نفسه يعيشان حياتين متطابقتين.
إن الهدف الرئيس من البرج التبتي هو تنبيهنا إلى وجود مسارات مُحتمَلة لحياتنا قد نعيشها. وذلك بصرف النظر عن كونها الحالة التي تعتمد علينا. ورغم أن لدينا الكثير من الإمكانات فإنَّ معرفة مجموعة واحدة من الأبراج تبقى كافية لتُلهمنا استغلال حياتنا الإنسانية الثمينة لبلوغ الهدف الروحي. وضمن سياق الكلاتشاكرا نناضل للتغلب على كل العوائق الكارمية التي تمنعنا من أن نكون قادرين تمامًا على مساعدة الآخرين. والتأمل بمعاناتنا يساعدنا على تطوير عزمنا لنكون أحرارًا (نكران الذات)، إلى جانب الرحمة بالآخرين. وعلى نحوٍ مشابه، فإن التفكر بالمعاناة التي قد نعيشها في حياتنا كما يُجمِلُها بُرجنا يمكن أن تساعدنا على طول دربنا الروحية. إذًا فالبُرج التبتي يمكن أن يكون وسيلةً بارعة لمساعدة المهتمين بعِلم التنجيم للتقدم دائمًا. وليس البُرج التبتي مرهونًا بتوقعات مستقبلٍ حتمي وحقيقي في الجوهر أبدًا.
مقارنة مع أنظمة تنجيمية أخرى
يشترك نظام الحساب الأبيض – رغم قاعدته الهندية العامة – في خصائص معينة مع الأنظمة الفلكية اليونانية القديمة. ولعل أبرز مثالٍ هو تقسيم دولاب الأبراج إلى اثنتي عشرة علامة ومنزلاً، تحمل الأسماء نفسها التي تحملها العلامات التي يستخدمها النظام الغربي الحديث، ولكن بترجمةٍ تبتية. وبذلك تُرتب أبراج الولادة الكواكب ضمن علاماتٍ ومنازل، في حالٍ أشبه ما تكون بالخريطة الغربية. غير أن أسلوب التفسير يختلف جِدًّا؛ ففي الرسم الهندوسي يُستخدَم نظام متساوي المنازل؛ حيث تُتجاهَل الزوايا بين الكواكب، ولا يُعَدُّ الصعود نقطة جديرة بالملاحظة.
يُعَدُّ دولاب الأبراج الحزامَ الذي تدور عبره الشمس والقمر والكواكب حول الأرض في رسم مركز الأرض. وبالنسبة لمعظم الحسابات فإنَّ هذا الحزام يُقسم إلى سبعة وعشرين قصرًا أو مجموعة أبراج قمرية عوضًا عن تقسيمه إلى اثنتي عشرة علامة. ولا يظهر هذا الرسم في الأنظمة اليونانية القديمة أو الغربية الحديثة، لكنه يشترك مع الأنظمة الهندوسية الكلاسيكية. فأحيانًا تُحدَّد ثماني وعشرون مجموعة من الأبراج، وبينما يقسم النظام البوذي دولاب الأبراج إلى ثماني وعشرين حصة متساوية، فإن النظام التبتي يقسم حصة من أصل سبعٍ وعشرين حصة متساوية إلى اثنتيْن.
يردُ نظام الثماني والعشرين مجموعة من الأبراج القمرية في عِلم الفلك الصيني القديم؛ حيث إن التأكيد هناك على نجم الشمال بصفته مركز السماوات، هو مثل إمبراطور الصين. أما القصور فمثل الوزراء، تدور حوله بمحاذاة نجم الاستواء، لتُشكِّل كُتلاً نجمية تختلف بعض الشيء عن الكُتل الموجودة في القصور الهندية العامة. بالإضافة إلى ذلك فإن مجموعات الأبراج الصينية الثماني والعشرين لا تُشكل تقسيمًا متساويًا في السماء.
ويتناول نظام الكلاتشاكرا عشرة أجرام سماوية، تدعو جميعها باسم "كواكب". أول ثمانية كواكب هي الشمس والقمر والمريخ وعطارد والمشتري والزهرة وزحل ومُذنب، وهذا الأخير ليس مُستخدَمًا في الأبراج. أما الجُرمان السماويان فيُمكن أن يُشار إليهما بكوكبيْ عُقدتَي القمر الشمالية والجنوبية.
رغم أن مدارَيِ الشمس والقمر يقعان في حزام دولاب الأبراج، إلا أنهما يتقاطعان مع بعضهما البعض، وتُعرف نقطتا التقائهما بعُقدتَيِ القمر الشمالية والجنوبية. ومع كل هلال قمري قلَّما تقترن الشمس بالقمر، أي في الموقع نفسه. ويحدث الاقتران فقط إما في العقدة الشمالية وإما في العقدة الجنوبية؛ حيث يتقاطع مداراهما، يكون الاقتران دقيقًا ويحدث كسوفٌ شمسي. بعد البدر القمري تكون الشمس والقمر في موقعيْن متقابليْنِ. وعندما يحدث ذلك مع اقتران أحدهما مع العقدة الشمالية والعقدة الجنوبية الأخرى يكون التقابُل دقيقًا ويحدث خسوفٌ قمري.
يصور النظامان الهندوسي الكلاسيكي والكلاتشاكرا العقدتيْنِ الشمالية والجنوبية للقمر بأنهما كوكبان، في حين لا يفعل النظام اليوناني القديم ذلك. يفسر كِلا النظاميْنِ الهنديِّيْنِ حالات الكسوف الشمسية بأنها حالات اقتران الشمس والقمر مع الكوكبيْنِ العقدييْنِ.
يدعو نظام الكلاتشاكرا كوكب العقدة الشمالية باسم راهو، الذي يعني حرفيًّا "المتذمر"، أو كوكب رأس التنين، ويدعو كوكب العقدة الجنوبية باسم كالاغني، الذي يعني "نيران الزمن"، أو كوكب ذنَب التنين. ورغم أن الأنظمة الهندوسية تدعو الأول باسم راهو، إلا أنها تدعو الأخير باسم كيتو، الذي يعني "الذنَب الطويل"، ويشير ذلك إلى كونه ذنَب التنين. وحَسَب الأساطير الهندية العامة فإن ما يُدعى بـ"التنين" يلتهمُ الشمسَ أو القمر خلال الكسوف. ولكن في الكلاتشاكرا يُعَدُّ كيتو اسمًا يُمنح للكوكب العاشر، وهو المذنب، الذي لا يدخل في الأنظمة الهندوسية أو اليونانية، التي تتناول تسعة أو سبعة فقط من الأجرام السماوية على التوالي.
لم يحتوِ النظام الصيني الكلاسيكي على أي ذِكرٍ لعقدتَيِ القمر الشمالية والجنوبية، ولا يذكر النظام الصيني سوى الشمس والقمر وعطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل. وفي أوقاتٍ لاحقة، عندما ظهر مفهوم عقدتَيِ القمر الشمالية والجنوبية في عِلم الفلك الصيني، أُشِير إليهما بأنهما رأس التنين وذنَبه، وهو ما يشير بوضوح إلى أصلهما الهندي، غير أنهما لم يُعَدَّا كوكبيْنِ.
الخاصية المُشتركة الأخرى مع الأنظمة اليونانية القديمة والهندوسية هي تسمية أيام الأسبوع تَيمُّنًا بأسماء الكواكب: فالأحد (Sunday) للشمس (sun)، والاثنيْن (Monday) للقمر (moon)، والثلاثاء (Tuesday) للمريخ (Mars)، والأربعاء (Wednesday) لعطارد (Mercury)، والخميس (Thursday) للمشتري (Jupiter)، والجمعة (Friday) للزهرة، والسبت (Saturday) لزحل (Saturn). ونتيجةً لذلك فالكلمة التبتية التي تعني "يوم أسبوعي" (weekday) هي نفسها التي تشير إلى الكوكب.
كان الأسبوع عند الصينيين مكونًا من عشرة أيام، ولم يعتمدوا الأسبوع المكون من سبعة أيام حتى القرن السابع الميلادي، وذلك نتيجةً لتأثير مُجتمعات التجار المسيحيين النساطرة من فُرسٍ وسغديانيين، والتي تعيش في الصين. غير أن الصينيين يشيرون إلى أيام الأسبوع بالأرقام، وليس بأسماء الكواكب.
يرتبط أحد الفروق الرئيسة بين الأنظمة اليونانية القديمة والهندوسية بنوع دائرة الأبراج المستخدمة. وعلى غرار النظام الغربي الحديث استخدم اليونانيون القدماء دائرة الأبراج المدارية بينما استخدم الهندوس خريطة أبراج فلكية أو ذات نجم ثابت. الفرق بين الاثنين يتعلق بموقع برج الحمل الذي يحمل الدرجة "صفر". وفي دولاب الأبراج المدارية عندما تكون الشمس في وضع الاعتدال الربيعي في نصف الكرة الشمالي فيعرف هذا الموضع ببرج الحمل بدرجة صفر بغض النظر عن موقع الشمس بالنسبة لمجموع برج الحمل في هذا التوقيت. في دولاب أبراج النجوم الثابتة تكون الشمس في موضع برج الحمل بدرجة صفر عندما تتحد الشمس مع بداية هذه المجموعة.
ولقد انتقد نظام الكلاتشاكرا الأنظمة الهندوسية، ودافعَ عن دائرة البروج الاستوائية. ومع ذلك فقد تجاهل التبتيون هذا الملمح من تنجيم الكلاتشاكرا، وعادوا إلى نظام النجم الثابت. ولكن رغم ذلك فإن دائرة البروج الاستوائية وتلك اليونانية القديمة، بل الغربية الحديثة لا تتشابه مع بعضها البعض، وبالمثل فإن أنظمة النجم الثابت التبتية والهندوسية لا تتطابق مع بعضها البعض. وتفاصيل تلك الاختلافات مُعقَّدة نوعًا ما. ولتبسيط المناقشة دعونا نسقط اعتبار النظام اليوناني القديم.
وفي عام ٢٩٠ م تقريبًا تحدَّدت نقطة الاعتدال الربيعي فعلاً في بداية مجموعة برج الحَمَل، كما لُوحِظت في السماء. ومنذ ذلك الحين، وهو يزحف ببطءٍ إلى الوراء، بمعدل درجة واحدة تقريبًا كلَّ اثنيْنِ وسبعينَ عامًا. وتُعْرفُ هذه الظاهرة بـ "السَّبقِ قي الاعتدال"، وبعبارة أخرى: حركة عكسية لوضع اعتدال الشمس. والفرق بين الوضع الملاحظ لدرجات الصفر عند برج الحمل ووضع درجات الصفر لبرج الحمل على النحو المحدَّد؛ من حيث الاعتدال الربيعي، يرجع إلى أن محور الأرض القطبي يدور تدريجيًّا باتجاه النجوم "الثابتة"، بفترة دوران تبلغ ٢٦٠٠٠ سنة.
وتقع نقطة الاعتدال الربيعي الآن بين درجتي ثلاث وعشرين وأربع وعشرين خلف الحوت، والبرج قبل الحمل. وهكذا، فإن النظام الغربي الحديث حاليًّا يَعُدُّ درجات الصفر عند برج الحمل ما بين ست وسبع درجات عند الحوت، كما يُلاحَظُ في السماء، وبعبارة أخرى: الوضع الاستوائي مطروحًا منه ما بين ثلاث وعشرين وأربع وعشرين درجة.
وفي الحقيقة فإن الوضع أكثر تعقيدًا؛ فقد كان هناك خمس أنظمة كلاسيكية هندوسية هندية مختلفة من الإحصاءات التنجيمية، أكثرها شهرة وما يزال يستخدم في الهند: هو نظام سوريا سيدهانتا (نظام الشمس في الحسابات). وهو يعتبر نقطة وضع الاعتدال الربيعي عند عام ٥٠٠ م تقريبًا درجات الصفر عند برج الحَمَل، بينما في الحقيقة هذا الوضع كان بالفعل عند درجات قليلة في الحوت، كما يُلاحَظ في السماء. وآنئذٍ فإن سوريا سيدهانتا (نظام الشمس في الحسابات) يُشَيِّدُ دائرة بروج للنجم الثابت، معتمدةً على هذا الوضع للاعتدال الربيعي، بوصفه بداية برج الحمل.
ولقد كانت الأنظمة الهندية الهندوسية مدركةً لِسَبقِ الاعتدال، وقدمت المعادلات الرياضية لإحصاءِ قِيمتِهِ. ومع هذا، على الرغم من أن التباين بين الوضع الملاحظ لبرج الحمل ونقطة الاعتدال الربيعي يزداد خطيًّا إلى أن يلتقِيَا بعد قرابة ٢٦٠٠٠ عام، وتُفسِّر سوريا سيدهانتا أن التباين يتذبذبُ. أولاً: تسير نقطة الاعتدال الربيعي للخلف تدريجيًّا حتى تصل ٢٧ درجة خلف الوضع الثابت الأصلي لدرجات الصفر عند برج الحمل، عندئذٍ تعكس اتجاهَها، وتتحركُ للأمام حتى تتقدَّمَ سبعًا وعشرين درجةً على هذا الوضع المحدد، وعندها تعكس الاتجاهَ مرة ثانية، حتى تصل إلى الوضع الثابت أصلاً للحمل مرة أخرى، وعندئذٍ يتكرر التذبذب. ولا يتوافق نمط التذبذبِ هذا مع التغيير الفعلي في موضع الشمس عند الاعتدال الربيعي، فيما يتعلق بأيٍّ من وضع درجات الصفر عند برج الحمل، كما هي ثابتة أصلاً بالـ سوريا سيدهانتا، أو الوضع الملاحظ فعليًّا عند بداية بُرج الحمل في السماء.
انتقد نظام التنجيم في الكلاتشاكرا أنظمة دائرة البروج ذات النجم الثابت التي استخدمتها السوريا سيدهانتا، والأنظمة الهندية الهندوسية الأربع الأخرى، ومفهوم السَّبق المتذبذب للاعتدال. وقد دافع عن دائرة البروج الاستوائية المعدلة بدلاً من ذلك. وطبقًا لنظام الكلاتشاكرا فنحن نحتاج إلى قياس نقطة الاعتدال الربيعي بالملاحظة مرة كل ستين سنة. وعندئذٍ ستظلُّ هذه النقطة ثابتةً في تعريفها لدرجات الصفر عند برج الحمل لفترة ستين سنةً كاملة، وعندئذٍ نحتاج إلى تصحيحها عند مُسْتَهَلِّ فترةٍ الستين سنة القادمة. وعلاوةً على ذلك، وكما في النظام الغربي الحديث، فهو يصف سبق الاعتدال باعتباره يتزايد خطيًّا كلما تحرك ببطءٍ عكسيًّا حول دائرة البروج دون أي تذبذب.
وحينما ذهب نظام الكلاتشاكرا إلى التبت في أوائل القرن الحادي عشر، فقد توقف التبتيون رغم ذلك عن إجراء التصحيح الدوري لنقطة الاعتدال الربيعي. ونتيجة لذلك فقد تحول نظام دائرة البروج التبتية إلى نظام النجم الثابت، لكنَّ نظام التباين فيه بين وَضْعِه الأصلي لدرجات الصفر عند برج الحمل والوضع الملاحظ حقيقةً لتلك الدرجات، يختلف عن أية تباينات في أيٍّ من الأنظمة الهندية الهندوسية، وهي تبلغ حاليًّا أربعًا وثلاثين درجة تقريبًا.
وتكشفُ ملاحظة السماء أن درجات الصفر عند برج الحمل في النظام الغربي تتوافق فعليًّا مع الوضع الملاحظ لبداية برج الحمل، مطروحًا منه عامل السَّبق ما بين ثلاث وعشرين وأربع وعشرين درجة. وذلك حينما ينتقل إلى البرج التالي ثانيةً – وهو برج الدلو – في حوالي أربعة قرون من الآن, فما يُسمَّى بـ"العصر الجديد لبرج الدلو" سيبدأ فنيًّا. وفي مناقشة مشتركة, حين يتحدث الناس عن أن عصر برج الدلو سيبدأ عاجلاً, فإنهم ربما يخلطون هذا بالمفهوم النصراني الذي يرى أن تغيير الألفية يميز عصرًا ذهبيًّا جديدًا.
وخلال الحُكم المنغولي للهند – خاصَّةً من القرن الثامن عشر الميلادي فصاعدًا – عندما أصبحت عمليات مراقَبة مواقع الكواكب منتشرة عبر التأثيرات الفلكية العربية المتنامية؛ حيث كان التواصل مع عِلم الفلك الغربي، نبذت العديد من الأنظمة الهندوسية النماذج الرياضية التقليدية؛ لأنهم قد توصلوا إلى أن النماذج الغربية تقدم نتائج أكثر دقة، ويمكن تأكيدها من خلال التليسكوبات وغيرها من أجهزة قياس السماء المختلفة التي بناها المنغول في مراصدهم. لذلك تبنَّى الكثيرون التقنية الجديدة في طرح قيمة بدارية نمطية بشكلٍ موحَّد من مواقع دولاب الأبراج المدارية ذات الأصل الغربي لكل الكواكب؛ من أجل استنباط مواقعها في دولاب أبراج النجوم الثابتة. وتبنَّتْ كل سلالة هندوسية قيمة بدارية تختلف بشكلٍ طفيفٍ عن غيرها، لتكون عامل تحويلها. فأكثر القيَم البدارية استخدامًا هي الدقائق الست بثلاثٍ وعشرين درجة.
من جهة أخرى يدَّعِي بعض عُلماء التنجيم الهندوس أن مواقع الكواكب المحسوبة تقليديًّا تعطي معلومات تنجيمية أكثر دقة، وهذه نقطة شديدة الأهمية؛ لأن عِلم التنجيم التبتي يمر الآن في مرحلة مشابهة لما مَرَّ به عِلم التنجيم الهندوسي في القرن الثامن عشر الميلادي، وذلك عندما تواصل مع عِلم الفلك الغربي. إن مواقع الكواكب – كما توصلت إليها النماذج الرياضية لنظام الكلاتشاكرا – لا تُعبِّر بشكلٍ دقيق عن المُراقَب. ولكن، سواء أكان من الضروري اتباع المثال الهندوسي في نبذ التقليد واعتماد القيَم الغربية المُعدلة بعامل البدارية أم لا، فهو أمرٌ لم يحسم بعد.
قد يحتجُّ المرء أن أمر مواقع الكواكب المُراقَبة لا يحمل تلك الأهمية الجدية؛ لأن النظام الفلكي البوذي التبتي لم يُبنَ أبدًا لإرسال صاروخٍ إلى القمر أو قيادة سفينة، إنما تُحسَب المعطيات الفلكية لأهدافٍ تنجيمية، وإذا كانت المعلومات التنيجية دقيقةً تجريبيًّا وتُقدم المُساعَدة فذلك هو ما يهمنا.
ويهدف عِلم التنجيم التبتي إلى أن يتيح لنا معرفة حالاتنا الكارمية الأساسية في الحياة، كي نتمكن من توظيفها؛ للتغلب على كل عقباتنا، وأن ندرك كل احتمالاتنا؛ حتى تكون أفضل فائدة للآخرين. وضمن هذا السياق البوذي يجب على الدراسات الفلكية التبتية أن تؤخَذ بعين الاعتبار. قد يبدو الحُكم على التقليد والتضحية به اعتمادًا على عدم تطابق معطياته الفلكية مع مواقع الكواكب المُراقَبة.
من أجل معرفة أنظمة الآخر والاستفادة منها يجدر بالغربيين والتبتيين احترام نزاهة نصوص بعضهم البعض من المعرفة والحِكمة، فيمكن تقاسم الأفكار، واكتساب المؤشرات لمجالات جديدة من البحث، ولكنَّ نَبْذَ التوجهات التقليدية دون تمحيص، وتبني توجهات أجنبية، قد يكون أمرا سيِّئًا. كما يُمكن أن نرى من تواريخ كلٍّ من الطب وعِلم التنجيم التبتييْنِ، لم تُنسَخ الأفكار القادمة من ثقافات أجنبية دون فحص، بل إنها حفزت التبتيين لإنشاء أنظمة مميزة خاصة بهم، اعتمادًا على بحثهم وتجربتهم الخاصة؛ حيث اتخذت الأفكار الغربية صيَغًا جديدة، من أجل إفادة الجميع، وهذا هو سبب حدوث ذلك التقدم.
الحسابات السوداء
إن الحسابات السوداء ذات الأصل الصيني، التي تُدعى كذلك حسابات العناصر، تضيف بضعة خصائص أخرى إلى التقويم التبتي، مثل الارتباطات مع حلقات الحيوانات والعناصر، وسنة الحصان الحديدي. كما أنها تُوجِدُ مجموعة إضافية من المتغيرات، لمعاينة كلٍّ من تحليل الشخصية وإنشاء أبراج شخصية تنبُّئِية عامة. فهذه الخصائص إذًا متكاملة مع معلومات الأبراج المُستقاة من نظام الحسابات البيضاء.
وتضمُّ المواد ذات الأصل الصيني حسابات للمجالات الخمسة الرئيسة: المجال الأول يتعلق بحالات التقدم السنوية الرئيسة، لرؤية ما سيحدث خلال كل سنة من الحياة. المجال الثاني يتعلق بالأمراض، وهل تسببها أرواح ضارة أم لا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما نوع هذه الأرواح، وما الطقوس التي يجب ممارستها من أجل استرضائها؟ إضافة إلى التنبؤ بطول فترة المرض. المجال الثالث يتعلق بالموتى، خاصَّةً وقت إزالة الجثة من البيت أو اتجاهها، والمراسم التي يجب إجراؤها لاسترضاء القوى الضارة. المجال الرابع: يتعلق بحساب العقبات، وزمن حدوثها في التقويم عامَّة، وخلال حياة الشخص خاصَّة. المجال الخامس: يتعلق بالزواج، وخاصة الانسجام بين الزوج المحتَمَل. فحسابات هذه العناصر إذا تستخدم بشكل رئيس لأهداف تنجيميَّة.
كما كانت الحال بالنسبة للمواد ذات الأصل الهندي والأنظمة الهندوسية الهندية، فإنَّ المواد ذات الأصل الصيني تشترك في العديد من الخصائص مع المدارس الفلكية الصينية الكلاسيكية. ورغم ذلك تبقَى طريقة تطوير التبتيين لها واستخدامهم لها مختلفة في كثيرٍ من الجوانب.
يربط نظام حسابات العنصر التقويم بحلقات من سِتين سنة، مع كل سنة على التوالي، عبر واحدٍ من أصل اثني عشر حيوانًا. ويبدأ الترتيب الصيني الكلاسيكي بالفأر، في حين يبدأ التسلسل التبتي بالحيوان الصيني الرابع وهو أنثى الأرنب. وبذلك يختلف موقع بداية حلقة الستين سنة في السلسلة.
تتشابك قائمة الحيوانات الاثني عشر مع عناصر التعزيز لكل سنة، وهي إحدى المجموعات الصينية الكلاسيكية المؤلفة من خمسة عناصر: الخشب والنار والتراب والحديد والماء. وكل عنصر يحكم لسنتيْنِ على التوالي؛ حيث تمثل السنة الأولى الذكر، والثانية الأنثى. ولم يستخدم التبتيون أبدًا نظام اليانغ والين الصيني. وبذلك يستغرق الأمر ستين سنة لتكرر تركيبةً معينة، مثل سَنة الفأر الذكر الخشبي، وهو السنة الأولى في القائمة الصينية الكلاسيكية، أو سنة أنثى الأرنب النارية، وهي السنة الأولى في القائمة التبتية.
لا يوظف النظام الفلكي التبتي ما يشمله النظام الصيني الكلاسيكي من الينابيع السماوية العشرة والفروع الأرضية الاثني عشر، ويربط الصينيون ذلك بحلقة الستين سنة، ويؤكدون عليه في تقويمهم وعِلمهم التنجيمي أكثر من تأكيدهم على الحيوانات والعناصر.
إضافة إلى الدمج الطفولي للولادة في الحيوان والعنصر، ظهرت تركيبةٌ متقدمة كذلك لكل سنة من العمر، لكنها تُحسَب بطُرق تختلف بالنسبة للذكور عنها بالنسبة للإناث. وفي الحقيقة تختلف معظم الحسابات ذات الأصل الصيني بالنسبة للرجال عنها بالنسبة للنساء. وتجدر الملاحظة إلى أن عمرنا – في كلا النظاميْنِ: التبتي والصيني – يشير إلى عدد سنوات التقويم التي كنا فيها أحياءً، بصرف النظر عن مدى قِصَر تلك الفترة في أي سنة عينية. وعلى سبيل المثال، إذا وُلدَ أحدهم في الشهر العاشر التبتي من سنة معينة، يكون عمر الشخص سنة واحدة حتى رأس السنة التبتية، وعندها يصبح على الفور في الثانية من عمره؛ رغم أن هذا الشخص قد عاش ثلاثة أشهر، إلا أن ذلك كان خلال سنتيْن تقويميتيْن. وبذلك يصبح التبتيون جميعًا أكبر بسنة واحدة في رأس السنة التبتية، ولا يحتفلون أو يحسبون الإجازات بالأسلوب الغربي. إذًا فالعمر التبتي ليس مفهومًا معادِلاً للفكرة الغربية حول العمر، والتي تحسب عدد السنوات الكاملة التي مرت منذ الولادة.
إنَّ كل حيوانٍ من الحيوانات الاثني عشر – بتركيباته المختلفة مع العناصر الخمسة ضمن حلقة الستين سنة – يملك مجموعة من خمسة عناصر مترابطة، تُستخدَم لما يُدعى حسابات الحصى. وهناك قوى حياتية وجسمية، قوة أو قدرة، وادي الحظ، وعناصر الحصى الحياتية-الروحية. ترِد الحالات الأربع الأولى كذلك في عِلم التنجيم الصيني الكلاسيكي؛ حيث يُشار إلى القوة بالثروة. والروح الحياتية أو المبادئ المنظمة في الحياة تحمل مفهومًا تبتيًّا أكبر، وترَد في التقليد الأصلية للبونية كذلك.
واعتمادًا على تحليل العلاقة بين عناصر الحصى ووقت الولادة وتلك الخاصة بأي سنة عبور، يمكننا – من خلال قوة حياة المرء – أن نتنبأ بالخطر المُحتمَل الذي يهدد الحياة في تلك السنة، و أن نتنبأ من خلال القوى الجسمانية بمدى الضرر الصحي والجسماني. ومن خلال عناصر القوى يمكننا التنبؤ بالنجاح، مثل النجاح في العمل، ومن عناصر وادي الحظ يمكننا التنبؤ بالحظ العام والسفر، ومن عناصر الروح الحياتية يمكننا التنبؤ برفاهية مبادئنا التنظيمية الأساسية للحياة واستقرارها. إذا كانت هناك علاقات صعبة خلال تلك السنة، ومن المفضل أداء مراسم دينية لنواجه هذا التنافر.
كما أن كل حيوان من الحيوانات الاثني عشر ترتبط به ثلاثة أيام من الأسبوع: قوة حياتية وروح حياتية وروح مميتة. وبالنسبة لكل من يشترك في الحيوان-العلامة نفسها عند الولادة يكون أول يومين من الأسبوع يومَيْ سَعْدٍ، في حين أن الأيام اللاحقة لا تكون كذلك. ويُستخدم ذلك خاصة في عِلم التنجيم الطبي لاختيار أيام العلاج.
تُستخدَم المربعات السحرية كذلك – خاصة المربعات المكونة من شبكة مساحتها ثلاثة مربعات أفقية في ثلاثة مربعات رأسية، مرتبة عليها الأرقام من واحد إلى تسعة، في كل مربع رقم؛ بحيث يكون مجموع الأرقام أفقيًّا أو عموديًّا أو قُطْرِيًّا خمسة عشر. وتندمج الأرقام التسعة مع حلقة الستين سنة؛ بحيث أنه كل ١٨٠ سنة يرتبط رقم المربع السحري بسنة العنصر-الحيوان نفسها. تبدأ السلسلة بالرقم واحد، وتتابع بعدها بشكلٍ تراجعي: تسعة فثمانية فسبعة، وهكذا. ويرتبط كل رقم من أرقام المربعات السحرية بلون، وكل لون يرتبط بعنصر من العناصر الصينية الخمسة. فرقم واحد يرتبط بالأبيض وهو الحديد، واثنان بالأسود وهو الماء، وثلاثة بالأزرق الرمادي الداكن وهو الماء، وأربعة بالأخضر وهو الخشب، وخمسة بالأصفر وهو الأرض، وستة بالأبيض وهو الحديد، وسبعة بالأحمر وهو النار، وثمانية بالأبيض وهو الحديد وتسعة بالأحمر الداكن وهو النار. وعندما يُطبَع المربع السحري يكون لون كل مربع حسَبَ هذا الرسم.
وبالنسبة لرقم الولادة، يؤخذ رقم مربع سحري متقدم بالنسبة لكل سنة من العمر، أما بالنسبة لتركيبة العنصر-الحيوان المتقدمة فالحساب يختلف بين الذكور والإناث، فلكل رقم مربع وقت الولادة تفسير، وهو يشمل وصفًا للحيوات السابقة، مع نزعاتها المتبقية في هذه الحياة، إضافةً إلى الحياة المستقبلية التالية المُحتمَلة، إلى جانب المراسم والتماثيل الدينية رغبةً في تحسينها، ونوع الولادة الجديدة المُحتمَلة. إذًا هذا هو مصدر المعلومات عن حيوات الماضي والمستقبل التي تعطيها الأبراج التبتية، ويمكن لعناصر الجسم وقوة الحياة ووادي الحظ وأرقام المربعات السحرية أن تُحسَب وتُعايَن كذلك بطريقة العناصر نفسها.
إن التريقرامات الثمانية في أي تشينغ أو "كتاب التغيرات" – الخطوط الثلاثة غير المكسورة والمكسورة، المرتبة أفقيًّا – تُستخدَم كذلك في العنصر التبتي أو الحسابات السوداء، ولكن ليس في الهكسقرامات المؤلفة من ستة وأربعين خَطًّا. وينبع التريقرام المتقدم بالنسبة لكل سنة من العمر من ترتيبٍ معين للتريقرامات. ويختلف الحساب بالنسبة للذكور عن للإناث، فكل مَن ينتمي إلى الجنس نفسه له التريقرامات المتقدمة نفسها للعمر نفسه.
عدا التباين البوني لعِلم التنجيم التبتي فليس هنا تريقرامات عبور سنوية، الأمر الذي يستلزم تعيين كل سنة تقويمية عامَّةً في سلسلة محددة. إذًا فتريقرام الولادة بالنسبة للذكور والإناث لا يُحسَب منذ سنوات ولادتهم، وإنما يُحسَب في علاقته مع تريقرام الأم بالنسبة لسنها في السنة التي ولدت فيها الشخص. وتفسير تريقرامات الولادة والتقدم يمنح معلومات إضافية للأبراج التنبُّئِية.
بالإضافة إلى ذلك، فيمكن حساب تريقرامات القوة الحياتية والقوة ووادي الحظ، وتُستنبَط من الأنواع الأربعة لأرقام المربعات السحرية التي تُحسَب من رقم الولادة، وهذه التريقرامات الأربعة – إلى جانب الجسم والقوة الحياتية والقوة ووادي الحظ وعناصر الحصى وقت الولادة، الخاصة بالزوج المرتقَب – هي ما تُقارَن في حسابات الزواج لتحديد التوافق.