مدخل نظري
هناك صعوباتٌ ومخاطر عديدة تكتنف عمليةَ استكشاف القاسم المشترك بين أي ديانتين أو نظامين فلسفيين، وإحدى هذه الصعوبات تتعلق باختيار أيٍّ الاتجاهات النظرية سيتم استخدامها فيما يتعلق بالنظام الأكاديمي لمقارنة الأديان. وأود أن أذكرَ برنامجًا لتصنيف الاتجاهات المختلفة لمثل هذه المقارنات، وهو في اللاهوت المسيحي، كما تصوره كريستين بيس كيبلنغير في مقالٍ بعنوان: "مواقف البوذيين نحو الآخرين: أنماطٌ، أمثلةٌ واعتباراتٌ"، ونُشِرَ في كتاب "المواقف البوذيةُ نحوَ الأديان الأخرى".
في هذا المقال، يضعُ كيبلنغير الخطوطَ العريضةَ لثلاثة مداخل: الإقصائي، الشمولي والتعددي.
- المدخل الإقصائي: هو أن هناك دينًا واحدًا لديه الطريق الحقيقي نحو الخلاص أو التحرر. فعلى الرغم من أن الأديانَ الأخرى قد تتعامل مع الموضوعات المشتركة نفسها، إلا أن مواقفَها خاطئة. والعديد من النصوصِ البوذية بها هذا التوجه، ليس فقط نحو الرؤى غير البوذية، وإنما أيضًا نحو الرؤى البوذية الأخرى.
- المدخل الشمولي: وطبقًا لهذا المدخل، فهناك طرق عديدة للخلاص أو التحرر، غير أن إحداها أفضل من الأخرى. وبعبارة أخرى، قد يكونُ بينَنا وبين الأديان الأخرى قواسمُ مشتركةٌ، ورغم أن الكل على صواب، إلا أن رؤيتَنا أفضلُ من رؤيتِهم. بعض أتباع التقاليد التبتية المختلفة يميلون لتبنِّي هذا التوجه نحوَ التقاليدِ التبتيةِ الأخرى؛ فالكل يقود إلى الاستنارة، غير أننا الأفضل.
- المدخل التعددي: وطبقًا للتعددية فهناك طرق عِدة للخلاص أو التحرر، وكلها سواء، ليس هناك طريقة أرفع مقامًا من الأخرى، وهذه هي الرؤية غير الطائفية، التي تقوم فقط بعرض المواقف المشتركة للأديان المختلفة، بدون تفضيل لأحدها على الأخر.
وفي نطاق المداخل التعددية والشمولية هناك درجاتٌ لِكِمِّية ما يقبله المرء من اختلافاتٍ حقيقية، ومدى عمق هذه الاختلافات في ظنهم.
- النوع الأول يؤكد على التشابه، وعلى الرغم من أنه يعترفُ بالاختلافات، إلا أنه يقلل من شأنها عن طريق إعادة صياغة الاختلافات، باعتبارها متشابهات أو متساوية أو قضايا غير مهمة. فهي تنظر للأديان الأخرى على أنها تفعل الشيء نفسه الذي نفعله، ولكن تفعله بطريقةٍ أخرى. بمعنى أنهم يتبعون دينَنا، دون أن يعرفوا ذلك حقيقةً. فعلى سبيل المثال، يفسر تقليد الغيلوك تدريبات تقليد النيينغما دزوغ تشين من خلال رؤية تقليد الغيلوك للأنوتارايوجا.
- النوع الثاني يحترم الفروق الطبيعية، ويجد الحوارَ أداةً قيمةً لتنشيط النمو، سواء كان يرى دينه هو الأكثر سموًا أم لا.
وبالنسبة للنمط الأول، (إنهم في الواقع يؤكدون ما نفعلُه، ولكن بطريقةٍ مختلفةٍ فقط)، ويكمنُ الخطرُ في أنه من الممكن أن يكون مغرورًا ومتغطرسًا ونرجسيًّا؛ فهو يفترضُ أننا نعرف ماذا يعني دينُهم في الواقع أكثرَ منهم. فمن حيثُ التنوع الشامل لهذا الذي يعتقدُ أن دينَنا أرفعُ منزلةً، يمكن لوجهةِ النظرِ هذه أن تتخذ الشكلَ الذي يوجهه الدينُ الآخر في الحقيقة إلى هدفنا، دون معرفتهم بذلك. أو أنهم أقل درجة فقط من طريقِنا. ومع هذه الأنماط من الاتجاهات لا يوجد أي شيء يمكن أن نتعلمَهُ منهم، لكن يوجد أشياء عديدة يمكن أن يتعلموها منَّا. التصنيف الفرعي لذلك هو:
- معظم أو كل الأديان تتجه نحو هدفٍ واحد، وعلى الرغم من أن طريقَهم ليست جيدًا كطريقنا، فسوف تؤدي في النهاية بطريقة طبيعية إلى الهدف نفسه الذي يسعى إليه طريقنا.
- يحتاجون في النهاية إلى أن يتم توجيههم نحو طريقنا، كي يحققوا نفس الهدف الذي نسعى إليه، والذي هو الهدف الذي كانوا يسعون إليه من البداية، والذي لن يستطيعوا تحقيقه من خلال طريقهم فقط. وهناك مثالٌ من البوذية، يأتي تأكيد أنوتارايوجا تانترا أن السوترات أو نسخ التانترا الأدنى يمكن أن تقودَنا إلى المستوى العاشر فقط لذهن البومي، لكن بعدها أنت بحاجة إلى أدوات أنوتارايوجا لكي تصلَ بالفعل إلى الاستنارة.
هناك متغيراتٌ أخرى للنوع الأول الشمولي – (النوع الذي يقلل من شأن الاختلافات، ويقول إنها في الحقيقة تشابه) – يقوم بالتأكيدَ على الأمورِ التالية:
- الكلمات والمفاهيم والعقائد هي تعبيرات غير دقيقة عن الخبرات التأملية، وكل الأديان تتحدثُ عن الخبرةِ نفسها.
- هناك نظرية أساسية مشتركة، أو تأكيدات أساسية، لكل الأديان، والظروف التاريخية والثقافية هي وحدها التي تبرر الاختلافاتِ. وعلى سبيل المثال، التقديم المعتاد للأشكال المختلفة للبوذية في الدول المختلفة: الهند وجنوب شرق آسيا والصين واليابان والتبت... إلخ.
وعلاوة على ذلك، فحينما نستكشف أرضيةً مشتركةً محتملة بين البوذية والإسلام، فيما له علاقة بالموضوع قيد المناقشة:
- فمع الرؤية الإقصائية، إذا كان دينُنا فقط هو الحقَّ،إذن فأنت بحاجة إلى أن تترك دينك وتعتنق ديننا؛ لكي يتم إنقاذك.
- ومع النظرة الشمولية إنه لأمرٌ سائغٌ بالنسبة لك أن تتبعَ دينَك؛ لأنه في الواقع شكل أدنى لدينِنا. وفي النهاية، إما أنك ستدرك بطريقةٍ طبيعيةٍ وجهة نظرنا – (على سبيل المثال، فإن متبعي مدرسة التشيتاماترا وهم يتدربون على الأنوتارايوجا تانترا سيصبحون بطريقة طبيعيةٍ من متدربي مدرسة البراسانغيكا، وذلك حينما يصلون إلى مرحلة عزل الذهن في مرحلة التدرب النهائية) – أو سيكون علينا أن نُحولَهم في النهاية.
- ومع النظرة التعددية، فإن كل دينٍ يؤدي إلى هدفه الأسمى، وكلها جديرةٌ بالثناء –مع متغيرَين: الأهداف متساوية أو غير متساوية– وليس أحدهما متفوقًا على الآخر. لذا فلا حاجة للتحول، فيكون الأمر كما لو إنه، لو تبع الشخص التدريبات البوذية، فهو يصل إلى الجنة البوذية، لا إلى جنة المسلمين. وإذا قمت بالتدريبات الإسلامية تدخل جنة المسلمين، وليس جنة البوذيين.
أما بالنسبة للنوع الثاني: الشمولية والتعدد – (النوع الذي يحترم الفروقَ بين الأديان، بينما يقبل أن جميعَها صالح، سواء أكانت تعتبر نفسَها أرقى منزلةً أم لا) – القضية الحسَّاسة هي كيفية فهم دين آخر ومقارنته بدينك أنت.
- هل بإمكانك أن تفهمَ دينًا آخر حَصريًّا بشروطه الخاصة؟ أم أنك ستكون بحاجةٍ إلى أن تزن معتقداتهم في ضوء نظامك المعتقدي لتكون مفهومة بالنسبة لك؟
- فلو أنك فعلتَ الأمرَ الثاني – (أن تزن معتقداتهم في ضوء نظامك المعتقدي لتكون مفهومة لك) – هل يمكنك أن تفعلَ ذلك دون أن ينحدر هذا الاتجاه إلى النوع الأول، الذي معه تؤكد أن معتقداتِهم بدائل فقط لمعتقداتك أنت.
ومن ناحية أخرى إذا أمكنك العثورُ على قضايا وأفكار مشتركة يشتركُ فيها دينان، كالبوذية والإسلام، عندئذٍ تستطيع فهم الفروق التي بينهما واحترامها، وإن كنت ترغب في التعبير عن هذه الأفكار المشتركة واتجاه الدين الآخر في الإطار المفاهيمي للنظام الخاص بك، ويمكنك احترام الاختلافات باتجاه يملأه التسامح والحيادية، دون أي تأكيد على أن دينك هو الأفضل، وبدون تبني اتجاهٍ استعلائي نحو الدين الآخر، فعلى أساس هذا الفهم والاحترام يمكن أن يتأسس التجانس الديني.
هذا هو الاتجاه الذي يتبناه قداسة الدالاي لاما الرابع عشر. فحينما سُئل عن أفضل الأديان أجاب: " تلكم الطائفة من المعتقدات والتدريبات التي تجعلك إنسانًا أكثرَ طيبةً وأكثرَ شفقة".
منظورٌ تاريخيٌّ
المدخل الإسلامي التاريخي نحو البوذية
والآن هيا بنا ننظر بوجهٍ خاص إلى البوذية والإسلام، فبالنسبة إلى الإسلام فمعلوماتي مستمدة –إضافةً إلى بحثي الخاص في الموضوع– من كتاب " الأرضية المشتركة بين الإسلام والبوذية" لرضا شاه كاظمي، وفيه مقدمتان لقداسة الدالاي لاما الرابع عشر، وسمو الأمير غازي بن محمد من الأردن، ولقد ذكرتُ في هذا المقام اقتباساتٍ ذات صلة من القرآن وردت في كتاب كاظمي.
فعلى المستوى التاريخي كلٌّ من المسلمين والبوذيين –وهنا دعنا نحدد أنفسَنا بالأشكال الهندو تبتية للبوذية– تبنَّوا اتجاهًا شموليًا. فعلى سبيل المثال اعتبرَ المسلمون البوذيين أهلَ كتابٍ، مثلهم مثل اليهود والمسيحيين والصابئين. فكيف حدثَ هذا؟
إبَّان الخلافة الأموية (٦٦١ – ٧٥٠ م) بسَط المسلمون حكمهم ودينَهم عبر الشرق الأوسط، وهكذا، ففي بداية القرن الثامن غزا القائد الأموي محمد بن القاسم منطقةَ السِّند ذات الأغلبية البوذية، وهي ما يعرف الآن بجنوب باكستان، وطلب البوذيون وهندوس براهمان آباد، وهي إحدى مدنها الرئيسة، السماح لهم بإعادة بناء معابدِهم والتمتع بالحرية الدينية. فتشاور القائدُ بن القاسم مع الوالي الحجاج بن يوسف، الذي استشار بدوره علماء الدين الإسلامي، الذين اعتبروا البوذيين (والهندوس أيضًا) أهل كتابٍ، فيما عرف بـ"تسوية براهمان آباد".
مرسوم الحاكم الأموي الحجاج:
طلب رؤساء براهمان آباد بشأن بناء المعابد البوذية وغيرها، والتسامح في الشئون الدينية، هو طلبٌ عادلٌ ومنطقي، ولا أرى حقًّا لنا عليهم سوى دفع الجزية، لقد أظهروا الطاعة لنا، ودفعوا ضريبة الرافدة الثابتة (الجزية) للخليفة؛ لأنهم أصبحوا في حمايتنا (ذميين)؛ ليس لنا حق في التدخل في حياتهم وممتلكاتهم، اسمحوا لهم بحرية ممارسة دينهم، ولا ينبغي أن يمنعهم أحد".
وبالتالي فقد سمح للبوذيين بإعادة بناء معابدهم وأديرتهم، وعوملوا على أنهم ذميون طالما أنهم يدفعون الجزية. فالخلفاء الأمويون، ومن بعدهم العباسيون –الذين حكموا من بغداد (٧٥٠ – ١٢٥٨م)- والحكام المسلمون للهند من بعدهم اتبعوا هذه السياسة مبدئيًّا، على الرغم من عدم التزام الحكام والقادة العسكريين بها دائمًا، وبالرغم من ذلك، فإن دلالةَ هذا الحكم هي أن البوذيةَ لم تكن مماثلة للعقائد الشركية الوثنية، التي لم يُمنح أتباعُها مثل هذه المميزات.
والآن بمقدورك أن تدعي أن منح البوذيين الاعتراف القانوني كان سياسيًّا أكثر منه دينيًّا، وناشئًا من البراجماتية أكثر من كونه مرتبطًا بالتحليل الفلسفي العميق. وربما كان الأمرُ كذلك؛ فبعد السماح بإعادة بناء المعابد البوذية والهندوسية فرض الحكام العرب ضريبة على الحجاج الذين أتوا للتعبد فيها. ومع ذلك لم يعتبر علماء المسلمين هذه السياسة "البراجماتية" ناقضةً أو مقللةً من شأن أي مبدأ إسلامي عقائدي. فالمعنى الضمني لمنح البوذيين اعترافًا قانونيًّا، وحماية سياسية، وتسامحًا دينيًّا، هو أن الطريق الروحي والنظام الأخلاقي للعقيدة البوذية قد يكون مصدرُها سلطة أعلى؛ أي من وحي حقيقي من الله.
ما هو الأساس لاعتبار البوذيين أهل كتاب؟ هل هو وجود عادات مشتركة في العبادة فقط؟ فعلى سبيل المثال، في بداية القرن الثامن، كتب المؤرخ الفارسي الكرماني وصفا تفصيليًّا لدير نافا فيهارا ببلخ في أفغانستان، ووصف بعض العادات البوذية التي تتشابه مع الإسلام. ووصف أن المعبد الرئيس على شكل مكعب حجري في الوسط، مغطى بالستائر؛ والعباد يطوفون حوله ويسجدون، كحال الكعبة بمكة. ومع ذلك فلم يناقش أيًّا من المعتقدات البوذية.
لذا فهل هناك أساسٌ عقائدي لاعتبار البوذيين أهل كتاب؟ هذا سؤالٌ مهم؛ إذ إنه لو اعتُبر البوذيون أهلَ كتاب لدخلوا ضمنًا في طيف المجتمعات "الذمية" المذكورة في هذه الآية من القرآن:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة: ٦٢].
وقد يشير هذا للأرضية المشتركة بين البوذية والإسلام وِفقًا للقرآن -في الإيمان بالله واليوم الآخر، وفي أداء أفعال فاضلة بنَّاءة، وإن لم تكن الرؤى واحدة، فالإسلام يعتبرها على الأقل مشابهة بدرجة تجعلُها متوافقة. كما في آية:
{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: ١٣٧].
إذًا، فهذا المدخل شمولي بشكل واضح. فالبوذيين أيضًا سيصلون إلى الخلاص الذي يُعلمِّه الإسلام، لأنهم يتبعون الرؤى نفسها.
والسؤال هو ما الحدود لما يمكن أن يُتضمَّن في مفاهيم: الإله، دينٌ مُوحَى به من الله، يوم القيامة، وحدانية الحقيقة، وهلم جرًّا؟ على كلا الجانبين: المسلم والبوذي هناك علماء وضعوا تعريفاتٍ حاسمة لكل تلك المفاهيم، لكن بعضهم أيضًا تركوها مرنةً تمامًا كذلك.
المدخل التاريخي البوذي نحو الإسلام
قبل استكشاف حدود تلكم المفاهيم، دعونا أولاً ننظر إلى الاتجاه التاريخي للبوذيين نحو الإسلام. فالنص البوذي التقليدي الوحيد الذي ذكر أي عادات أو معتقدات إسلامية هو "الكلاتشاكرا تانترا" في الأدب السنسكريتي، التي ظهرت في أواخر القرن العاشر وأوائل الحادي عشر الميلادي، وعلى الأرجح في منطقة جنوب شرق أفغانستان، وشمال باكستان. ففي ذلك الوقت كان البوذيون في تلك المنطقة يواجهون خطر الغزو المحتمل من قِبَل حكام مولتان بوسط باكستان، الذين يتبعون شكلاً شرقيًّا من الشيعة الإسماعيلية، وكان تحالف مولتان مع الدولة الفاطمية بمصر منافسًا للعباسيين في السيطرة على العالم الإسلامي، فوقع البوذيون والهندوس في جنوب شرقي أفغانستان وشمال باكستان بين رحى هذا التنافس.
[انظر: تنبؤات الكالاتشاكرا للحروب المستقبلية]
تذكر نصوص الكلاتشاكرا بعض معتقدات الغزاة المحتملين وعاداتهم. وبعض المعتقدات الموصوفة يبدو أنها خاصة بالفكر الإسماعيلي في ذلك الوقت، مثل قائمة الأنبياء. بينما البعض الآخر يناقض ذلك الفكر، مثل إضافة ماني مؤسس المانوية إلى القائمة. ومع ذلك فمعظم هذه المعتقدات أساسيةٌ بالنسبة للإسلام كله، فبعضها يتعلق بالسلوك الأخلاقي، ويردد التأكيدات البوذية على النظام الأخلاقي، رغم أن الأدب لا يتعرف عليها بأنها متماثلة. ومع ذلك فيمكن اعتبار تلكم النقاط أرضية مشتركة بين الديانتين. فعلى سبيل المثال، في كتاب "جوهر التانترا المضافة للكلاتشاكرا تانترا العظيمة" يقول:
لديهم طبقة واحدة فقط، لا يسرقون، ويقولون الصدق، ويحرصون على نظافتهم، ولا يتحرشون بزوجات الآخرين، ويتبعون ممارساتٍ تقشفية محددة، ويظلون أوفياء لزوجاتهم.
وفي موضعٍ آخر نجد كثيرًا من الاتجاه الشمولي، حينما تبدأ نصوص الكلاتشاكرا في وصف معتقدات الغزاة، مستخدمة مصطلحاتٍ بوذية. فعلى سبيل المثال، فإن "الكلاتشاكرا تانترا الملكية الموجزة" ، فقرة ١٦٤ 2/تقول:
"كل ما يظهر متحركًا أو ساكنًا خلقه الخالق من إسعاده، بوصفه سببَ تحرر الطائيين، هناك جنة. هذه في الحقيقة تعاليم الرحمن للناس".
وكلمة "طائي" هو اسمٌ تطلقه نصوصُ الكلاتشاكرا على الغزاة، وهي كلمة عربية تستخدم للإشارة إلى الغزاة العرب لإيران، و"الرحمن"، تعني الشفوق، وهي صفة لله.
ويُفصِّل بونداريكا في هذه الفقرة في كتابه النور الساطع: تفسير شرح "الكلاتشاكرا تانترا الملكية الموجزة" بقوله :
والآن، بالنسبة للتأكيدات على الغزاة الطائيين والخالق الرحمن يُنشئ كل ظاهرة وظيفية متحركة أو ساكنة. سبب تحرر الطائيين، ألا وهم الغزاة المتشحون بالبياض، هو إرضاء الرحمن، وهذا بالتأكيد يجلب إعادة ميلاد أسمى (في الجنة) للبشر. وينتج من عدم رضاه (إعادة ميلادهم) في الجحيم. هذه هي تعاليم الرحمن وتأكيدات الطائيين.
ويسهب بونداريكا أكثر فيقول:
تأكيد الغزاة الطائيين هو أن البشر الذين يموتون يلاقون السعادة أو الشقاء في إعادة ميلاد أسمى (في الجنة) أو إعادة ميلاد أدنى في النار، بأجسامهم البشرية من خلال حكم الرحمن.
الأرضية المشتركة هنا بين البوذية والفهم البوذي للإسلام هي إعادة الميلاد في الجنة أو النار، بناءً على مسلك الشخص الأخلاقي. ومن المثير للاهتمام هنا بشأن هذه المقاطع أن نصوص الكلاتشاكرا لا تعلق على تأكيد الخالق، ولا على دور الخالق في تحديد حياة الفرد بعد موته اعتمادًا على إرضاء الإله أم لا. وبشأن هذه النقطة الأخيرة، بالمناسبة، فيما يتعلق بحكم الله اعتمادًا على عمل العبد: هل يرضي إلهه أو يسخطه؟ العرض البوذي للمسألة لا يتسمُ بالعدل. فطبقًا للحديث القدسي:
"يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا"
وعلى أي حال فإن نصوص الكلاتشاكرا تركز فقط على طبيعة الآخرة، وأثر أفعال الشخص في هذه الحياة بوجهٍ عام عليها. وبمناقشة القضية بهذه الطريقة تكشف النصوصُ الاتجاهَ الشمولي نحو التعرف على تأكيد الغزاة على إعادة الميلاد الأبدي بوصفه نقطةً معيبةً ،قد شُرحت بطريقة أكثر صحة في البوذية. "الكلاتشاكرا تانترا الملكية الموجزة"، الفقرة ١/٧٤٢:
من خلال الحياة التالية (أبدية) يختبر الشخص (نتائجَ) أعماله السابقة الخاصة بالكارما والتي ارتكبها فيما مضى في هذا العالم. وإذا كان الأمر كذلك فإن استنفاد كارما البشر من ميلادٍ لآخر لن تحدث. ولن يكون هناك خروج من السامسارا، أو بلوغ التحرر، حتى من منطلق الوجود اللانهائي. هذه الفكرة في الواقع تظهر بين الطائيين، رغم نبذها من قِبَلِ مجموعاتٍ أخرى.
وإذا أردنا النظرَ إلى هذه النقطة –فيما يتعلق باللعنة الأبدية في نطاق سياقٍ بوذي أوسع- نجد هنا أن الأرضية المشتركة بين الرؤى البوذية والإسلام تتسع قليلاً؛ ومع ذلك فإنها تتسع؛ لأنك تستطيع رؤية الموقف الإسلامي من إعادة الميلاد والتحرر على أنه خطوة تقود إلى الموقف البوذي. فمن الناحية البوذية -آنئذ– يمكنك القول إن الإسلام يتحدث فقط عن التحرر من معاناة المعاناة، أو حالات إعادة الميلاد الأسوأ، وهذا التحرر هو إعادة ميلاد أسمى في الجنة، وهذا هو نطاق الدافع الأول للمسار المتدرج للاستنارة اللام ريم. وتواصل البوذيةُ حديثَها عن التحرر من المعاناة التي تجتاح كل شيء لإعادة الميلاد، الذي هو نطاق الهدف الأوسط للدافع، وفي هذا الضوء يصبح اتباع الإسلام خطوةً أولية لاتباع البوذية!
لكن يمكن النظر إلى تأكيد المسلمين على المعاناة الأزلية بطريقة مختلفة، وهكذا فهي ليست مختلفةً عن الرؤية البوذية. ففي نصوص الكلاتشاكرا الاعتراض على المفهوم الإسلامي للنار هو أنه طالما دخل المرءُ النارَ فهي أزلية، ولا يمكنك التحررُ منها. لكن لو نظر المرءُ للأوصاف البوذية للسامسارا، حيث يود الشخص أن يخرجَ منها كما يخرجُ من مبنى يحترق. فإعادة الميلاد في السامسارا سيكون أبدي إلا إذا قام الشخص بشيء بهذا الخصوص، بمعنى التوجه نحو الدارما.
ميبام معلم تقليد النيينغما، في كتابه، ضياء شمس الفاجرا، توضيح معاني كلمات "الكلاتشاكرا تانترا المجيدة": تعليقًا على الفصل (الخامس) ، الوعي العميق، اتبع اتجاهًا شموليًا أقوى من أدب الكلاتشاكرا الأصلية، ملمحًا بطريقة ماهرة إلى أن بوذا علَّمَ أدوات تقود المسلمين إلى الاستنارة، فكتب ميبام:
"لدى الغزاةِ غير الهنود (نقطتان فلسفيتان) يتمسكون بهما؛ يؤمنون بأن الظواهر الطبيعية الخارجية لها طبيعة مُكوَّنة من الذرَّات، ويؤمنون بوجود الذات التي تتخذ إعادة ميلاد مؤقتة، أو لها جانب يأخذ ميلاد في السامسارا. الهدف هو تحقيق سعادة الآلهة كثمرة لذلك. وعلاوة على ذلك لا يؤكدون على أي نوع آخر من النِرفانا".
ويواصل ميبام الإشارة إلى أن تأكيد الغزاة على الطبيعة الذرية للمادة تتلاءم مع المعتقدات البوذية، ويوضح أن مدرستي فيباشيكا وسوترانتيكا لبوذية هينايانا تؤكد على ذراتٍ غير منقسمة وغير جزيئية، بينما مدرستا الشيتاماترا والمادياماكا لبوذية الماهايانا تؤكد على ذراتٍ تنقسم إلى ما لا نهاية.
وبخصوص النفس أو الروح يستطرد ميبام قائلاً:
ولعلمه بميولهم وأفكارهم فقد درَّسَ بوذا السوترات،لما قد يقبله (الغزاة). فعلى سبيل المثال في "سوترا تحمل المسئولية"، قال بوذا إن الأشخاصَ الذين يحملون المسئوليةَ (عن أفعالهم) موجودون، لكن دون الحديث عن روح الشخص، باعتبارها دائمة أو غير دائمة. هذه النقاط صائبة من حيث الشكل بالنسبة لتأكيداتهم (أي الغزاة). والمعنى الذي قصده بوذا هو أن الأشخاص يُوجدون بوصفهم استمرارًا للذات التي تحمل مسئولية الكارما، أي مسئولية أفعالهم، لكنها فقط منسوبةٌ إلى استمرارية، وبطبيعتها، فهي ليست دائمة وليست مؤقتة.
وفي حالة الحلم الذي ينشأ من عادات الذهن فقط، تجسد الخبرة الشخصية للسعادة والألم لا وجود لها. وحيث أن هذا مجرد مجرد مظهر، فإن تغير (الأفراد) بهذه الحالة لا يؤخذ على إنه جزء من الطبيعة المتغيرة للأشياء. هذا لأن هذا الفرد (المتجسد بالحلم) خالي من الطبيعة (المتأصلة). فإنه (من الواضح) خالي من إضافات التغير والثبات، لذا فقد تم تعليم هذا كمثال فقط. عبر تعاليم من تجاوز بالكامل، تخلى (الغزاة) الدارما الخاصة بهم وبالتالي أصبحوا متبعي للفيباشيكا حاملين للتعاليم البوذية.
ويكمن الاتجاه الشمولي هنا في أن بوذا أعطى تعاليم تتوافق مع تأكيدات الغزاة، ومن خلال هذه الوسيلة الماهرة سيقود الغزاة إلى التحرر. ومن الواضح أن المسلمين سيجدون هذا المسلك مهينًا، ولن يؤدي هذا الاتجاه إلى الانسجام الديني.
الأرضية مشتركة باعتبار البوذيين أهل كتاب
لنعود إلى دلالات اعتبار الإسلام للبوذيين أهل كتاب؛ لكي نتعمقَ أكثر في الأرضية المشتركة. فكما رأينا الأرضية المشتركة من هذا التأكيد هي أن البوذية موحى بها من قِبَلِ سلطةٍ أعلى؛ ألا هو الله. وهذا بالطبع يثير السؤال عن الله بصفته مصدرًا للوحي، وعن الشخص الذي تلقَّى هذا الوحي ونشره للعالم.
يتبع المسلمون والبوذيون اتجاهًا شموليًا فيما يتعلق بمسألة الوحي. فعلى سبيل المثال، تفسير الكلاتشاكرا "النور الساطع غير الملوث" يقول:
"فيما يتعلق بالغزاة كان محمد "أفاتار" للرحمن. دليل تعاليم الغزاة، وقد كان معلم الغزاة الطائيين".
في الهندوسية كلمة "أفاتار" تعني تجسد روح الإله في شكلٍ آخر. وهكذا فكون محمد تجسدًا للرحمن يوازي تأكيد الهندوس على كريشنا بوصفه أفاتار للإله فيشنو. وبتعبيرٍ بوذي هذا التشابه يكون مساويًا للتأكيد بأن محمد كان انبثاقَ نيرماناكايا للإله.
ومن ناحيةٍ أخرى هل يمكن اعتبار بوذا نبيًّا؟ أو رسولاً من لله؟ صحب المؤرخ الفارسي البيروني محمود الغزنوي في غزوه لشبه القارة الهندية أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، واعتمادًا على ما تعلمه هناك كتب البيروني "كتاب عن الهند". وصف فيه العادات والمعتقدات البوذية الأساسية، ولاحظ أن الهنود يعتبرون بوذا نبيًّا، وهذا لا يعني بالضرورة أنه يُلمحُ إلى أن المسلمين ينبغي أن يقبلوا بوذا نبيًّا أو رسول الله. ومع ذلك يذكر القرآن في سورة النساء:
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}. [النساء: ٤-١٦٣]
فقد يكون بوذا من بين الرسل الذين لم يُذكَروا صراحةً.
فعلى سبيل المثال، وطبقًا لعرض المآثر الاثني عشر المستنيرة بوذا، فبوذا يأتي في أوقاتٍ مختلفةٍ، حينما تكون الكائناتُ ناضجةً، ويُعلم الدارما بطرقٍ مختلفة في كل عصر، لكي تناسبَ الكائنات هناك. على الرغم من أن هناك ألف بوذا نرماناكايا سامي في هذه الحقبة الميمونة، مع عدد هائل من الحقب العظيمة قبل الحقبة العظيمة التالية التي سيظهر بها مثل هؤلاء البوذات، هناك العديد من النرماناكايات كشخصيات واللاتي تأتين في الأوقات التي تكون فيها تعاليم كل نرماناكايا سامية ما تزال موجودة. أيضًا كل بوذا يستخدم وسائل ماهرة لتعليم الدارما بطرق مختلفةٍ لأناسٍ مختلفين. فبالنسبة للبعض علمهم أن هناك ذاتًا. والإسلام أيضًا له طريقته في التعليم بوسائل ماهرة، فالقرآن يقول:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤].
وينبغي أن نكونَ حذرين هنا، فعلى الرغم من أن الإسلام قد يقبل بوذا على أنه رسول لله، فسوف يشعر المسلمون، مثلهم مثل اليهود والمسيحيين، بالاستياء إن قال لهم أحدٌ إنَّ محمدًا وعيسى وإبراهيم وداود هم بوذا نيرماناكايا، أو تجسد للإله. وهذا خللٌ كبيرٌ في المنهج الشمولي للدين المقارن. ومع هذا، كيف يتسنى لنا فهمُ التأكيد البوذي على أن ناغارجونا كشف تعاليم البراجناباراميتا التي عهد بها مانجوشري إلى كائنات الناغا، الذين أخفوها أسفل المحيط. أو التأكيد على أن أسانغا تلقى التعاليم الفعلية المنتشرة عن الحب والشفقة والبوديتشيتا من المايتريا، حينما أُخِذ إلى سماء توشيتا. وأنَّى لنا أن نفهم الرؤية النقية، وتعاليم نصوص الكنوز المخفية في تقاليد النييغما. هل هذه التأكيدات البوذية تختلف كثيرًا عن التأكيد الإسلامي على أن الأنبياء يتلقون الوحيَ من اللهِ؟!
وبالنسبة لله، فإن الجانب الوحيد الذي ترفضه البوذيةُ هو ذلك المتعلق بخالقٍ قادرٍ بمقدوره الخلق، دون أن يتأثر بأي شيء حتى بالرغبة في الخلق.
إنها لا تنفي أي صفة أخرى لله، أو حتى للخلق نفسه. فعلى سبيل المثال تفسر الأنوتارايوجا تانترا أن الذهن المنير الصافي لكل فرد هو خالق كل المظاهر التي يمر بها هذا الشخص؛ وهذا يتأثر بكلٍّ من كارما الإنسان الخاصة به والكارما الجماعية. وعلاوة على ذلك، في الحقيقة الأعمق، أن الذهن المنير الصافي متجاوز للكلماتِ والمفاهيم، كما هو الحال بالنسبة لله. والقرآن يصرح بذلك:
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: ١٨٠].
ومع ذلك فهناك تسعة وتسعون اسمًا لله؛ وهذه تشيرُ إلى الصفات الجوهرية لله. وبالمثل، في كتاب "جوقة أسماء المانجوشري" يشير المانجوشري إلى الذهن المنير الصافي في حالته الأولية، والفقرات من نصوص الكلاتشاكرا تفسرُ صفاتِهِ.
مثل الله فإن الذهن المنير الصافي مانجوشري هو:
(٥٨) الأول والأسمى، دون بداية.
(١٠٠) هو الأول بلا بدايةٍ، ولا نهاية.
(٩٧) الباطن، الذي لا يَظهَر، وهو بدون علامة تجعلُهُ يُرى.
وعلاوة على ذلك فالله واحدٌ، وبالمثل فإن الذهن المنير الصافي مانجوشري هو:
(٤٧) ليس مزدوجًا، بل المتحدث بالوحدانية.
إحدى الصفات الرئيسة لله هي الحق – أي الحقيقي الصادق الملائم، بمعنى أخلاقي أيضًا - ولذلك صلةٌ بمفهوم الدارما. بمعنى الدارماتا -الحقيقة الأعمق، أو الإدراك العميق للدارماكايا.
الذهن المنير الصافي مانجوشري هو:
(٥٦-٥٥) الدارما النقية، حاكم الدارما ... النطاق الرائع الخالد للواقع.
(٤٧) إنه هو الإتقان، غياب الهوية–الطبيعة، الحالة الفعلية.
(١٥٧) هو نقاء ومجد الحقيقة الأعمق.
ودائما ما يُوصفُ الله بالرحمن الرحيم –رحمن بمعنى رحيم بخلقه، ورحيم بإنقاذه الخلقَ من المعاناة– وفي الدزوغ تشين، من خصائص الريغبا، الإدراك النقي، الذي خالق المظاهر، ويشارُ إليه باعتباره "الشفقة". وعلاوة على ذلك فإن مانجوشري، الذهن المنير الصافي، هو:
(٣٨) مؤلفٌ من حب عظيم، هو الذهن السابق للشفقة العظيمة.
(٨٨) هو الموكل بتحقيق أهداف كل الكائنات المحدودة. راغب المصلحة؛ هو الذي لديه عاطفة الوالدين نحو الكائنات المحدودة.
أيضًا، مثله مثل الله، فمانجوشري الذهن المنير الصافي، هو:
(١٥٢) الجدير بالوَهب، الجدير بالثناء، الذي يُنحنى احترامً له.... الجدير بكل مظاهر الاحترام، جدير للغاية بالتبجيل، مستحقٌّ للإجلال.
كل هذه المعالم فيما يختص بالله، فالذهن المنير الصافي، الكاشف عن الحقيقة، المُشفق، وهلم جرًّا . يشير إلى أرضيةٍ مشتركة بين البوذية والإسلام، إضافة إلى المبادئ الأخلاقية الأساسية المشتركة، ويمكن أيضًا أن نذكرَ العديدَ من المعالم الأخرى، مثل قراءة الأذكار في الإسلام، والمانترات في البوذية. والتوكيد على الصدقة، وطلب العلم، والحياة بأمانةٍ وصدقٍ، إلى غير ذلك. فلو اقتربنا من كل هذه المعالم المشتركة، بطريقةٍ تعددية تتسم بالاحترام، دون إصدار أحكامٍ، ودون محاولة إدخال تعاليم الآخر لتكون بدائل فقط لما لدينا، فعندئذٍ يكون لدينا أساسٌ متينٌ للانسجام الدينيِّ.