شرح الصبر الذي سيحملنا بعيدًا
الموقف الداخلي التالي الذي سيحملنا بعيدًا هو الصبر أو التحمل. مرة أخرى هذا موقف داخلي، حالة ذهنية، والتي بها لا نغضب ولكن نكون قادرين على تحمل العديد من الصعوبات والمعاناة. لا نصبح منزعجين أو متضايقين من المعاناة أو من هؤلاء الذين يؤذوننا. هذا هو التعريف. وأثر هذا الموقف الداخلي – هذا لا يعني أنه لن يكون لدينا أي أعداء أو أشخاص يحاولون إيقاع الأذى بنا، لكن يعني أننا لا نصبح غاضبين أو مترددين أو مثبطين العزيمة عند مساعدة الآخرين؛ نحن لا نصبح محبطين. نحن حقًا لن نستطيع مساعدة الآخرين إذا كنا دائمًا نفقد التحكم في أعصابنا.
الصبر على ألا نستاء من الذين يسببون الأذى
لذا فالأول هو – هناك ثلاثة أنواع – الصبر على ألا نستاء من هؤلاء الذين يسببون الأذى لنا. لذا هذا لا يتضمن فقط هؤلاء الذين يتصرفون بسلبية – ألا نغضب منهم – لكن، بشكل أكثر تحديدًا، هؤلاء الذين يسببون لنا الأذى أو البغيضين الذين يعاملوننا بشكل سيئ. هذا لا يعني فقط أن يضربونا – غير هؤلاء من يضربونا – لكن هؤلاء من لا يشكروننا، من لا يقدروننا، وكل تلك الأشياء. الأشخاص الذي يلا يحبوننا، ونغضب: "هذا الشخص لا يحبني!"
وخاصة عندما نساعد الآخرين، من المهم جدًا ألا نغضب منهم إذا لم يأخذوا بنصيحتنا – أن نكون صبورين – أو إذا لم ننجح. هناك الكثير من الأشخاص الذين يصعب جدًا جدًا مساعدتهم. يجب أن نحاول ألا نغضب منهم، أو نفقد صبرنا، لكن أن نتحمل كل هذه الصعوبات.
من المهم جدًا خصوصًا للمعلم ألا يفقد صبره مع تلاميذه. حتى إذا كان أحدهم شديد البطء أو شديد الغباء، هذا الأمر على عاتقنا كمعلمين – وليس بالضرورة في تعليم الدارما، لكن تعليم أي شيء – أن نكون صبورين، ألا نغضب، ألا نُحبط، لكن أن نكون ماهرين في طريقة تعليمنا. إنه مثل تعليم شيئ ما لطفل. لا يمكن أن نتوقع من الطفل أن يكون قادرًا على التعلم بسرعة كالناضج.
شانتيديفا وتنمية الصبر
وهناك العديد والعديد من الطرق لتنمية الصبر. شانتيديفا في كتابه الانخراط في سلوك البوديساتفا، يوضح العديد والعديد من الطرق المختلفة. ليس لدينا وقتًا لأن نستعرضهم جميعًا، لكن فقط طريقة أو اثنتين منهم.
إذا أحرقنا يدنا في النار أو الفرن – حسنًا، لا يمكنك أن تغضب من النار لكونها ساخنة؛ هذه هي طبيعة النار. ولذا، بشكل مشابه، ما الذي نتوقعه من السامسارا؟ بالطبع سيخذلنا الآخرون، سيؤذوننا، الأشياء ستصبح صعبة – ما الذي نتوقعه؟ إذا طلبنا من شخص ما أن يقوم بشيء لنا، يجب أن نتوقع إنهم سيقومون به بشكل خاطئ. وإذا قاموا به بشكل خاطئ، بالطريقة التي لا تعجبنا، خطأ من هذا؟ إنه خطئنا لأننا كسولين ومن البداية طلبنا هذا من الآخرين بدلًا من أن نقوم به بأنفسنا. لذا إذا كان يجب أن نكون غاضبين من أي شخص، يجب أن نكون غاضبين من كسلنا. فما الذي نتوقعه من السامسارا؟
هذه جملة مفيدة للغاية أن نحفظها لكل الأنواع المختلفة من الصبر الذي نحتاج إلى تنميته، والتي هي: ما الذي أتوقعه من السامسارا؟ ما الذي تتوقعه؟ بأن هذا سيكون سهلًا، وأن الأشياء ستسير بشكل لطيف؟ ما الذي أتوقعه؟ طبيعة السامسارا، والتي هي كل لحظة من حياتنا، هي المعاناة والمشاكل، وأن الأشياء لا تسير طبقًا للطريقة التي نرغب بها، وأن يكون الأشخاص مرهقين ومُحبِطين لنا، وخلافه. لذا ما الذي تتوقعه؟ لا تكن متفاجئًا. لهذا السبب نحتاج لأن نخرج من السامسارا.
الأمر مشابه لأن نشتكي إن الشتاء هنا بلاتفيا بارد ومظلم. حسنًا، ما الذي تتوقعه من الشتاء – أنه سيكون جميلًا، دافئًا، وأن نستطيع التجول حاصلين على حمام شمس بملابس السباحة؟ ما الذي تتوقعه؟ إنه مثل طبيعة النار. طبيعة النار السخونة. ما الذي تتوقعه؟ بالطبع ستحرق نفسك إذا وضعت يدك بها، إذا التقط البراد الساخن من على الموقد بيدك. ما الذي تتوقعه؟ لذا فلا معنى لأن تُصبح غاضبًا.
ثم طريقة أخرى، وهي الصبر الذي نتمكن من تنميته من خلال رؤية الآخرين كمجانين أو أطفال. إذا صاح علينا شخص مجنون أو سكران، سنكون أكثر جنونًا إذا صرخنا عليه في المقابل. أو إذا قال لنا طفلنا ذو العامَين… عندما يحين وقت النوم ونطلب منه أن يذهب إلى سريره ويغلق التلفاز، فيقول لنا، "أنا أكرهك!" هل حقًا نأخذ الأمر على محمل الجد ونغضب ونتضايق أنه يكرهنا؟ إنه طفل. وهو متعب؛ تأخذه لينام، إلى السرير. ولذا، بالمثل، من خلال رؤية الآخرين عندما يتصرفون بهذه الطرق، إنهم مرهَقون، ومعتلو المزاج – "هُم مثل الطفل أو هُم الآن يتصرفون مثل الشخص المجنون". فهذا يساعدنا على ألا نغضب منهم.
وأيضًا إذا تسبب شخص ما في صعوبات لنا، دائمًا من المفيد أن نراهم كمُعلمين لنا: "هذا هو مُعلمي على الصبر. إذا لم يتسبب الآخرون في الصعوبات لنا، لن نتمكن أبدًا من تعلم الصبر أو لن نتمكن من اختبار أنفسنا. لذا فهم طيبون للغاية لمنحنا مثل تلك الصعوبات". قداسة الدالاي لاما دائمًا ما يقول أن الصينيين، القيادات الصينية… ماو تسي تونغ هو أفضل معلم له، معلمه على الصبر. الشخص المزعج بالمكتب – معلم للصبر.
الصبر على تحمل معاناتنا
ثم النوع الثاني من الصبر هو صبر تقبل وتحمل معاناتنا. يتحدث شانتيديفا بقدرٍ لا بأس به عن هذا، ويقول إذا كان لدينا موقفًا صعبًا وبه معاناة، إذا كان هناك شيئًا نستطيع القيام به، قوموا به – دون أن نُصبح غاضبين أو منزعجين، لأن هذا لن يفيد. وإذا لم يكن هناك شيء يمكننا القيام به، عندها لماذا نغضب أو نتضايق، لأن ذلك لن يفيد أيضًا. لذا إذا كان الجو باردًا وكان لدينا ملابس دافئة، لماذا نغضب أو نشتكي من البرد؟ نرتدي الملابس الدافئة. وإذا لم يكن لدينا ملابس دافئة، فلماذا نغضب أو نتضايق، فهذا لن يجعلنا أكثر دفئًا على أية حال.
دائمًا يمكننا أن ننظر إلى معانتنا على إنها… كن سعيدًا بشأنها، بمعنى أنها تُذهِب بالمعيقات السلبية – تعمل على إثمار الكارما السلبية – وتذكر أنه من الجيد التخلص منها الآن لأنه في المستقبل قد تكون أكثر سوءًا. لذا فَكِّر إنه من الجيد جدًا إنها أثمرت الآن على هذه الهيئة، لأنه مهما كانت المعاناة التي لدينا الآن، فمن المُمكن دائمًا أن تصبح الأمور أسوأ. لذا، فقد نجونا بما هو أخف.
إذا اصطدمت أقدامنا بالطاولة في الظلام وشعرنا حقًا بالألم – حسنًا، هذا جيد جيدًا، لأنه كان من المُمكن أن أكسر قدمي، "من الأفضل أن هذا ما حدث بدلًا من أن أكسر قدمي". لذا فهذا يساعدنا على ألا نغضب. فبعد كل شيء، القفز غضبًا وجعل الأمر حدثًا كبيرًا عندما تؤلمنا أقدامنا لأننا صدمناها – هذا لن يفيد بشيء. حتى إذا جاءت والدتنا وقَبَلت مكان الألم، فهذا لن يفيد؛ ستظل تؤلمنا.
أيضًا، إذا كنَّا نحاول أن نقوم بالفعل بشيء إيجابي جدًا وبنَّاء، إذا كانت هناك الكثير من العقبات والصعوبات في البداية، هذا شيء عظيم. محاولة أن نقوم بشيء شديد الإيجابية، مثل أن نرغب في القيام بمعتزل طويل أو القيام بمشروع إيجابي ما للدارما أو الذهاب في رحلة لمساعدة شخص ما، وخلافه. في البداية إذا بدأ الأمر بعقبات كبيرة ومشاكل – ليس بالضرورة شيء ضخم (أن تكسر قدمك أو شيء مشابه)، لكن إذا كان هناك صعوبات في البداية – هذا شيء جيد جدًا لأننا من المُمكن أن ننظر لها هكذا: "حسنًا، هذا يقضي على المعيقات حتى تسير بقية المهمة بشكل جيد". ولذا يمكننا أن نكون سعداء بأن هذا تم القضاء عليه الآن بدلًا من أن يسبب مشاكل أكبر لاحقًا.
كما قال شانتيديفا، المعاناة والمشاكل بهم خواص جيدة. هذا لا يعني أن نبحث عن المشاكل بأنفسنا لأن المسار الذي يجب أن نتخذه هو أن نُعذِّب أنفسنا وأن نعاني. هذا ليس المقصود. لكن إذا عانينا، فعندها هناك عدة خواص جيدة يمكن أن نُقدِّرها، كبداية، فإن المعاناة تقلل من غرورنا؛ تجعلنا أكثر تواضعًا. أيضًا تساعدنا على تنمية الشفقة لهؤلاء الذي يعانون من نفس أنواع المشاكل. نفترض أننا أُُصبنا بمرض معين، عندها سنقدر هؤلاء الذين لديهم ذات المرض؛ وإلا فلن يكون لدينا أدنى فكرة أنهم يعانون. بالتقدم في السن وتجربة آلام الشيخوخة – أنت لا تشعر فعليًا بالشفقة بسهولة على المسنين وعمرك ستة عشرة عامًا، لكن عندما يكون عمرك ستين عامًا وتبدأ بتجربة كل هذا بنفسك، عندها سيكون لديك قدرًا كبيرًا من الشفقة والتفهم لهؤلاء المسنين. وأيضًا إذا فهمنا الكارما (قانون الأسباب والنتائج السلوكية) إذا كنا نعاني، فهذا يجعلنا أكثر قوة بكثير على تجنب التصرف بشكل هدَّام وسلبي، والذي هو السبب في المعاناة، وأن ننخرط بقوة أكثر في الأفعال الإيجابية والبنَّاءة، والتي هي السبب في السعادة. هذا يعطينا الشجاعة.
الصبر على تحمل الصعوبات في سبيل الدارما
النوع الثالث من الصبر هو التصميم على تحمل الصعوبات المتعلقة بدراسة الدارما والتدرُّب عليها. عندما نحاول التأمل، العمل من أجل الوصول إلى الاستنارة، وخلافه، سيتطلب الأمر وقتًا طويلًا جدًا ومقدارًا هائلًا من العمل والجهد، وعلينا أن نكون واقعيين جدًا بشأن هذا وألا تفتر عزيمتنا. أن نكون صبورين على ذلك. أن نكون صبورين على أنفسنا. هذا لا يعني أن نعامل أنفسنا معاملة الأطفال، لكن أن نكون صبورين.
أعتقد إنه من المهم جدًا أن نفهم حقًا ونتقبل أن طبيعة السامسارا هي الصعود والهبوط. وهذا لا يعني فقط أن لدينا إعادة ميلاد أسمى وأدنى، لكنه صعود وهبوط طوال الوقت. لذا في بعض الأحيان سنشعر بالرغبة في التدرب؛ في بعض الأحيان لن نشعر بالرغبة في التدرب. أحيانًا سيسير تدربنا بشكل جيد؛ أحيانًا لن يسير بشكل جيد. ما الذي نتوقعه؟ هذه هي السامسارا. هي لن تتحسن وتصبح أفضل يومًا بعد يوم، ولذا يجب أن نكون صبورين ولا تُثبط عزيمتنا، لا نغضب ونستسلم. "اعتقدت أنني تدبرت أمر الغضب ولن أغضب بعد ذلك"، وفجأة، يحدث شيء ما وأغضب مرة أخرى. هذا يحدث. نحن لن نتخلص منه تمامًا حتى نصبح متحررين كأرهات، لذا كن صبورًا.