القرارات الخمسة
هناك خمسة قرارات تأتي من التفكير بالتسع رؤى لتنمية مواقف داخلية متوازنة تجاه أنفسنا:
1- سأتوقف عن كوني متقلّبًا، بدلًا من ذلك سأنمّي موقفًا داخليًا متوازنًا تجاه نفسي طيلة الوقت
القرار الأول هو: بغض النظر عما إذا كان ما أقوم به جيدًا أو سيّئًا، سأنمي موقفًا داخليًا متوازنًا طيبًا تجاه نفسي. عندما يكون لديّ كراهية الذات أو رأي مبالغ فيه بشأن نفسي، فهذا يُضرّ بقدرتي على مساعدة الآخرين. ذات الشيء صحيح فيما يتعلق بتفكيري في أني عديم القيمة: هذا يُضر بقدرتي على مساعدة الآخرين، إضافة إلى أنه فقط يجعلني تعيسًا. لهذا، القرار الذي أمامنا هو: "أنا أعقد العزم على أن أحاول بقدر استطاعتي أن أتخلص من تلك المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة تجاه نفسي والتي تجعل موقفي الداخلي تجاه نفسي في صعود وهبوط. إنها فقط صانعة المشاكل".
رجاءً فكروا واتخذوا هذا القرار.
[وقفة للتدرب]
2- سأُخلّص نفسي من إيثار الذات
القرار الثاني هو أن نُخلص أنفسنا من إيثار الذات. نصل إلى هذا القرار عبر التفكير في كيف أن كل التعاسة تأتي من إيثار الـ"أنا" الزائفة. في هذا السياق، معنى "الإيثار" هو أن نكون مشغولين تمامًا بالـ"أنا" الزائفة. هذا لا يعني حب هذه الـ"أنا" الزائفة. تذكروا، الـ"أنا" الزائفة غير موجودة على الإطلاق؛ هي فقط شيء نقوم بإسقاطه: الـ"أنا" الصلبة البشعة للغاية، المهمة للغاية أو عديمة القيمة تمامًا والتي نُعَرِّف أنفسنا بها. نُذكّر أنفسنا، "عندما يكون لدي كراهية الذات -هذا الموقف الداخلي السلبي المتدني تجاه نفسي- يجعلني تعيسًا، ألا يتسبب في هذا؟ وعندما أكون متعلقًا بنفسي بحيث أصبح بالكامل منشغلاً تمامًا بها -القلق بشأن ما سيحدث، هل سأنجح، القلق من أن أمرض، مجرد التشبث وأن أكون مغاليًا في حماية نفسي- فهذه حالة ذهنية تعيسة للغاية. والتفكير في 'أنا ليس لدي أي خصال، أنا لا شيء' هي أيضًا حالة ذهنية تعيسة".
عندما تكون لدينا تلك المواقف الداخلية المزعجة تجاه أنفسنا ما الذي تتسبب فيه؟ نكون مشغولين بجلد أنفسنا، أو القلق عليها، أو تجاهل احتياجاتها، بحيث لا يمكننا أن ننتبه لما يحتاجه الآخرون. عادة ما نتصرف بشكل هدَّام تجاههم. على سبيل المثال، قد نكون منزعجين للغاية من أنفسنا: "لقد قمت بشيء غبي" ما الذي يحدث عندما نكون في تلك الحالة الذهنية؟ نكون غير قادرين على تحمل أنفسنا، وبالتالي ننزعج من الآخرين أيضًا. في تلك الحالة الذهنية المنزعجة، ننفجر أيضًا في وجه الآخرين. نقول أشياءً سيئة؛ نحن لسنا فقط غير طيبين تجاههم ولكن قد نكون حتى سيئين معهم، والذي يجلب التعاسة المزيد من التعاسة.
أو نكون في غاية القلق والانشغال بأنفسنا، بحيث لا يكون لدينا وقت كافٍ لنقدم أي شيء لشخص آخر. أو نعطيهم أجزاءً صغيرة أو سيئة مما نتناوله كطعام إذا طلبوا منا أن يتذوقوه. هذا يخلق علاقات سيئة. الشخص الآخر سيستاء منا، وسيجلب هذا المزيد من التعاسة. أو سنتجاهل احتياجتنا، قدراتنا، ويصيبنا الإنهاك. ما الذي يحدث عندما يصيبنا الإنهاك؟ نرتكب المزيد من الأخطاء أليس كذلك؟ لا ننتبه جيدًا. نصبح سريعي الغضب. ننزعج جدًا وبسهولة لأننا منهكين، وفي غاية التوتر. وفي علاقتنا بالآخرين، مرة أخرى، نولّد المزيد من التعاسة.
لذا موقفنا الداخلي تجاه أنفسنا حيوي للغاية. إذا كان لدينا موقف داخلي مزعج تجاه أنفسنا، فهذا نتيجة الانشغال بالـ"أنا" الزائفة، هذا الموقف الداخلي المزعج القائم على التفكير بأنفسنا في سياق شيء ما راسخ. لذا نحتاج لأن نُقرر أن نُخلص أنفسنا من هذا الانشغال بالـ"أنا" الزائفة، وأن نُخلص أنفسنا من إيثار الذات الذي يأتي معه.
[وقفة للتدرب]
3- سأعمل على تحسين نفسي
القرار الثالث، هو أننا سنعمل على نفع الـ"أنا" الشائعة -بعبارة أخرى، العمل على تنمية الذات- لأننا نُدرك أنها مصدر كل السعادة. نحن لا نتحدث عن العمل على أنفسنا لننمّي إيغو أكبر أو أفضل. نحن لا نتحدث عن هذا. بدلًا من ذلك، كلما عملنا على تنمية الذات، تحسين أنفسنا، كلما كنا أكثر سعادة وقدرة على نفع للآخرين. كلما نمّينا المزيد من الخصال الجيدة، كنا قادرين أكثر على مساعدة الآخرين، وهذا حقًا هو مصدر السعادة.
هذا مثير جدًا للاهتمام. إذا كنا في سلام مع أنفسنا ونشعر بالأمان مع الآخرين لأن لدينا موقف داخلي إيجابي تجاه أنفسنا، موقف داخلي طيب تجاه أنفسنا، يمنحنا هذا الاستقرار لنكون قادرين على مساعدة الآخرين. بعبارة أخرى، بغض النظر عما إذا شكرنا الشخص الآخر أم لم يشكرنا؛ حالتنا المزاجية لن تتغير. "أنا عظيم للغاية. هم يشكرونني" أو أي شيء مشابه. "هم لا يقدرونني، لأنهم لم يشكروني". وعلى الرغم من أننا بالطبع نرغب في النجاح بمساعدة الآخرين، لا نؤسس شعورنا بالقيمة الذاتية على ما إذا نجحنا في مساعدتهم أم لا. نجاحنا من عدمه قائم على ملايين الأسباب، وليس فقط على ما نقوم به.
لذا، إحساسنا بالقيمة الذاتية لا يعتمد على هذا -وتلك نقطة في غاية الأهمية- لأننا نشعر بالاستقرار، آمنين مع أنفسنا، طالما كنا مخلصين في القيام بأفضل ما لدينا فيما نعتقد أنه مفيد للآخرين. وإذا ارتكبنا خطأ ما، أو قدمنا نصيحة غير صائبة، أو لم يتبعوا نصيحتنا -حسنًا، أنا مجرد إنسان، وهم كذلك، ولدينا جميعًا نقائصنا.
ما هو مثير للاهتمام في هذا الموقف، هو أنه عادةً ما يكون لدينا هذا الموقف الداخلي "يمكنني أن أقوم بما هو أفضل". أولًا علينا أن نحلل هذا بشكل واقعي. هل يمكننا حقًا أن نقوم بما هو أفضل؟ أم نحن فقط نلوم أنفسنا لأن ما قمنا به لم ينجح؟ هل إمكانية قيامنا بما هو أفضل شيء واقعي أم غير واقعي، هل كان بمقدورنا حقًا أن نقوم بما هو أفضل؟ حسنًا، مرة أخرى، نحن بشر. بالتأكيد، بالتأكيد إذا كنا مدركين للعوامل الأخرى المشتبكة مع هذا الموقف لكان بإمكاننا اتخاذ قرار أفضل، لكننا لم نعرف. وإذا لم نقم بأفضل ما لدينا لأننا كنا منهكين أو كسولين أو أيًا كان السبب، نرى أنه علينا أن نعمل على أنفسنا من أجل أن نكون قادرين على القيام بما هو أفضل، لكن مسألة قيمة الذات هي حقًا عديمة الصلة. ما أن نبدأ في التفكير في سياق قيمة الذات، نتسبب في التعاسة لأنفسنا، بغض النظر عمّا إذا كان حكمنا هو "أنا رائع للغاية" أو "أنا بشع للغاية". عندما نفكر في أننا رائعين للغاية، نصبح متعجرفين. ما يحدث عندها هو أننا نصبح مهملين؛ غير حذرين. نصبح مفرطين في الثقة بأنفسنا، وعندها نقع في الأخطاء. فكروا في هذا للحظات.
[وقفة للتدرب]
4- أنا قادر على استبدال موقفي الداخلي بشأن الـ"أنا" الزائفة مع الـ"أنا" الشائعة
القرار الرابع هو أننا قادرون على استبدال موقفنا الداخلي تجاه الـ"أنا" الزائفة مع الـ"أنا" الشائعة. بعبارة أخرى، حتى الآن كنا مشغولين للغاية بالـ"أنا" الزائفة ومتجاهلين تمامًا الـ"أنا" الشائعة، وما نرغب في القيام به الآن هو أن نكون قادرين على استبدال هذا. هذا لا يعني أننا الآن سنكون مشغولين بالـ"أنا" الشائعة بشكل عصبي. بدلًا من هذا، ما أعنيه، أننا سنعتني بالـ"أنا" الشائعة بطريقة صحية وننسى الـ"أنا" الزائفة، لأنها غير موجودة على الإطلاق.
نحن قادرون على القيام بهذا. لماذا؟ لأننا عندما ساعدنا الآخرين في الماضي، كنا في الحقيقة نساعد أنفسنا. علاوة على هذا، لأن الـ"أنا" الزائفة غير موجودة على الإطلاق، فلا يمكن نفعها أو ضرها. لذا، عندما فكرنا في نفع أنفسنا في سياق الـ"أنا" الزائفة -"أنا رائع للغاية"، و"يجب أن أقوم بهذا وذاك"، وما شابه، لصالح هذه الـ"أنا" الزائفة- إذا كان في هذا أي فائدة على الإطلاق، فهذا لم يُفِد الـ"أنا" الزائفة؛ كان هذا مفيدًا للـ"أنا" الشائعة. نحن بحاجة لأن نُفكر في هذا.
إذا كان هذا مُحيرٌ بعض الشيء، دعوني أعطيكم مثالًا. لنفترض أننا مشغولون تمامًا وقلقون بشأن أنفسنا: "يجب أن أكون مثاليًا في المدرسة". نحن قلقون بشأن ما سنفعله، وندرس باجتهاد، باجتهاد شديد استعدادًا للامتحان. ونجتاز الامتحان. نحصل على درجات مرتفعة. من الذي انتفع من هذا، الـ"أنا" الزائفة أم الـ"أنا" الشائعة؟ الـ"أنا" الزائفة غير موجودة نهائيًا. إذا انتفعنا من هذا، فالـ"أنا" الشائعة هي من انتفعت. حتى على الرغم من تفكيرنا في سياق الـ"أنا" الزائفة -"أنا قلق جدًا بشأن الامتحان" و"يجب أن انجح" وأفكار مثل هذه- مع ذلك، الـ"أنا" الشائعة هي التي استفادت. لذا على الرغم من أننا نجعل الـ"أنا" الشائعة في غاية التعاسة بسبب قلقنا المتواصل، إلا أننا أيضًا طيبين تجاهها لأننا ننجح في الامتحان. لهذا السبب أقول نحن قادرون على أن نكون طيبين تجاه الـ"أنا" الشائعة -لأننا في الحقيقة كنا بالفعل طيبين تجاهها بقيامنا بهذا. أي نفع قدمناه لأنفسنا كان للـ"أنا" الشائعة.
[وقفة للتدرب]
5- سأغير حتمًا من موقفي الداخلي تجاه الـ"أنا" الزائفة والـ"أنا" الشائعة
القرار الأخير هو التأكيد على أننا سنحاول القيام بأفضل ما عندنا لإيقاف تلك المواقف الداخلية وهذه الطرق المضطربة في معاملتنا لأنفسنا، بناءً على تَعْرِيفِنا لأنفسنا من خلال الـ"أنا" الزائفة، وبدلًا من هذا سنعمل على تنمية موقف داخلي إيجابي طيب تجاه الـ"أنا" الشائعة ونعامل أنفسنا بشكل جيد. لهذا، نفكر في سياق الأفعال العشرة الهدَّامة والأفعال العشرة البنَّاءة كما تم ذكرها في الأدبيات البوذية.
نحتاج هنا لبعض المرونة والخيال في طريقة فهمنا لتلك الأفعال الهدَّامة والبنَّاءة، ولا نُحدّ أنفسنا فقط بالطريقة الحَرفية التي تم تعريف تلك الأفعال بها في النصوص، ولكن أن نتوسع في تطبيقها. على سبيل المثال، نحن لا نفكر فقط في سياق إزهاق حياة الآخرين، ولكن نُضمن أيضًا تحت هذا التصنيف الإيذاء أو الألم الجسدي. وبالطبع نفكر في سياق عدم القيام بهذا تجاه أنفسنا.
القائمة التقليدية للأفعال العشرة الهدَّامة تتضمن ثلاث طرق هدَّامة للتصرف:
- إزهاق الحياة
- أخذ ما لم يُعطَ لنا
- الانخراط في السلوك الجنسي غير الملائم -الامتناع بالأساس عن الانغماس في السلوك الجنسي غير الصحي أو المؤذي.
ثم هناك الطرق الأربع الهدَّامة للتحدث:
- الكذب – قول ما ليس بصحيح
- الحديث المثير للشقاق – أن نقول شيئًا لأحدهم عن أصدقائه بما يوقع الفُرقة بينهم
- الحديث القاسي – قول أشياء مؤذية
- الثرثرة عديمة المعنى – فقط "بلا بلا بلا" والتي نقاطع بها حديث الآخرين ونضيّع وقتهم.
وهناك الثلاث طرق الهدَّامة للتفكير:
- التفكير الجشع – التفكير بغيرة، "يجب أن أحصل على ممتلكات الآخرين"، والتآمر حول كيفية القيام بهذا
- التفكير الحقود – التفكير في كيفية إيذاء شخصٍ ما والتآمر والتخطيط لما يمكن قوله له عند رؤيته المرة التالية والذي سيتسبب في إيذائه
- التفكير المُشوّه بعداء – على سبيل المثال، شخصٌ ما يقوم بشيء إيجابي -لنفترض أنه يقوم بتدرب روحاني ما- ثم نفكر، "هذا غباء. هذا شيء بشع. كيف يمكنني أن أُوقفه؟ ما الأشياء السلبية التي يمكن أن أقولها وستجعله يشعر أن هذا شيءٌ غبيٌ؟" هناك أشكالٌ مختلفة لهذه الطريقة الهدَّامة في التفكير.
اعتقد أنه ببعض الخيال يمكننا أن نفكر في تنويعات مختلفة لتلك الطرق الهدَّامة والتي يمكن أن نطبقها هنا على كيفية معاملتنا لأنفسنا، التحدث مع أنفسنا والتفكير بشأن أنفسنا. نفكر في مساوئ كل تلك الطرق الهدَّامة الموجّهة لما نراه كـ"أنا" زائفة ونقابله بفوائد توجيه عكس هذه الأفعال -الطرق البنَّاءة- تجاه الـ"أنا" الشائعة. سواءً كانت توجه تلك الطرق الهدَّامة نحو الـ"أنا" الزائفة أو الشائعة، يظل أنها غير مفيدة على الإطلاق.
أولهم سيكون محاولة عقاب أنفسنا لأننا لسنا جيدين، وهذا النوع من الأشياء، مقابلهم سيكون الاعتناء بأنفسنا، الاعتناء بالـ"أنا" الشائعة. نحن نفكر في أنفسنا في سياق الـ"أنا" الزائفة ونعاملها بشكل سيء، مقابل هذا هو معاملة الـ"أنا" الشائعة بطيبة. نفكر في مساوئ الأول وفوائد الثاني.
الاعتناء بالـ"أنا" الشائعة لا يعني التدليل المفرط للذات ومنح أنفسنا كل شيء نرغب فيه. ولا يعني حَرم الذات من الأشياء كمقابل لمنح أنفسنا الأشياء، حرمان الذات بسبب "أنا لا استحق هذا"، وهذا النوع من المواقف الداخلية. سيقع هذا الموقف الداخلي تحت تصنيف السرقة من أنفسنا -عدم منح أنفسنا الأشياء التي نحتاجها. أحيانًا نقوم بهذا. أحيانًا نكون في غاية البخل والشح مع أنفسنا. لا ننفق أي شيء على أنفسنا لنجعل حياتنا أسهل قليلًا، حتى على الرغم من أننا نستطيع ذلك -نتحدث هنا عن الحالة التي يمكننا فيها تحمّل مثل هذه النفقات- بينما في الحقيقة يمكننا أن نكون أكثر طيبة تجاه أنفسنا.
أفكر في مثال. لنفترض، أننا في الخارج ليلًا. لا أدري كيف هو الحال هنا في موسكو، لكن قطار الأنفاق والحافلات في برلين يكونون نادرين ليلًا؛ وإذا كنا سنضطر إلى تغيير المواصلات مرة أو اثنين حتى نصل إلى منازلنا، فقد يتطلب هذا ساعات. لذا كمثال على حرمان أنفسنا من الأشياء هو أن لا نكون مستعدين لإنفاق بعض المال على سيارة الأجرة من أجل أن نصل إلى منزلنا عندما يكون الوقت متأخرًا -هذا النوع من السلوك. ومن الذي سيعاني من هذا؟ أنا من سيعاني من هذا لأني سيكون علي الاستيقاظ مبكرًا للذهاب إلى العمل. إذا كان فقط بإمكاني أن أحظى بثلاث ساعات أخرى من النوم، كيف يمكنني أن أحظى بهذا؟ هذا الموقف الداخلي "أنا لن أنفق المال، على الرغم من أنه لدي المال لأن استقل سيارة أجرة". هذا ما أتحدث عنه. إذا لم يكن لدينا المال، فهذا شيء آخر.
مثال آخر سيكون أنه بدلًا من التحدث بشكل قاسي مع أنفسنا -"كم أنت غبي. أنت بشع"- نُشجع الـ"أنا" الشائعة: "هيا، يمكنك القيام بهذا". بدلًا من الكذب على أنفسنا، نكون أمناء مع أنفسنا. تلك هي أمثلة على التعامل مع أنفسنا بطيبة كمقابل لمعاملة أنفسنا بطريقة سيئة، ونرى مساوئ المواقف الداخلية المدمرة للذات ومعاملة أنفسنا دون طيبة، وفوائد معاملة أنفسنا بطيبة وأن نكون بنَّائين تجاه أنفسنا. بهذا القرار الأخير، نعمل على تلك الجزئية. ليس لدينا حقًا وقت لأن نخوض في كامل الأفعال العشرة الهدَّامة لنوضح كل سلوك هدَّام ومقابله البنَّاء، لكن اعتقد أن الفكرة أصبحت واضحة لكم.
[وقفة للتدرب]
تطبيق تدريب المنح والأخذ، تونغلين، على مشاكلنا
كما ذكرت، لكي أطوّر هذا التدريب أخذت نقاط ظهرت في سياق تدريب مساواة واستبدال المواقف الداخلية الخاصة بالذات مع الآخرين وطبقتها فقط على أنفسنا. الخطوة التالية في تلك العملية، عندما نطبق هذا التدريب على الذات والآخرين، هو تدريب المنح والأخذ، تونغلين. هل هناك طريقة يمكن بها تطبيق هذا التدريب هنا؟ يقول نص النقاط السبع لتدريب الذات، أننا يجب أولًا أن نبدأ بأنفسنا عندما نقوم بتدريب المنح والأخذ، لذا كيف نقوم بهذا؟
عندما نفكر في أخذ معاناة الآخرين، نتخيلهم أمامنا، أو نقوم بهذا مع هؤلاء الذين نراهم في قطار الأنفاق أو في الحافلة. بالطبع، عندما نقوم بهذا تجاه الآخرين المتواجدون أمامنا، لا نُعَرِّفهم ما نقوم به. أن نصنع جلبة حول هذا أو نُعلنه للشخص الأخر، "سأحمل مشاكلك بعيدًا عنك" نحن بهذا نخلق المشاكل لأنفسنا، لأن الآخرين سيعتقدون أننا حمقى إذا لم نستطع تخليصهم من مشاكلهم. هذه حيلة لتضخيم الغرور. يقال في الثمانية أبيات لتدريب الذهن، أن نقوم بهذا التدريب في الخفاء -أحيانًا يُترجم بـ"السري"- مصطلح "خفي" معناه، أن لا ندع الآخرين يعرفون ما الذي نقوم به.
إذا فكرنا في سياق أخذ مشاكلنا -على سبيل المثال، مشكلة التقدم في العمر- وتعاملنا معها الآن، سنتخيل أنفسنا متقدمين في العمر أمامنا ونحمل عنا هذه المشكلة. مثال آخر، المرض في مراحل لاحقة في الحياة. نتخيل أنفسنا مرضى ونأخذ تلك المشكلة -في سياق كيفية التعامل مع هذا- ونمنح أنفسنا الحل، بحيث نكون مستعدين لنقدر على التعامل مع هذه المشاكل إذا حدثت. نحن لا نُنكر أن تلك المشاكل قد تحدث.
المقابل لهذا، عندما نعمل على أخذ المواقف الداخلية السلبية التي لدينا تجاه أنفسنا والمعاناة جلبتها علينا -وهذه فكرتي الخاصة، لم أسمع عن هذا من أي شخص آخر- لا اعتقد أنه علينا تخيل أنفسنا أمامنا. اعتقد أننا نقوم بهذا بطريقة مختلفة قليلًا.
عندما نطبق هذا التدريب على الآخرين، نتخيل أن المعاناة، تلك الأشياء السلبية، تأتينا منهم وتدخل جسدنا على هيئة أشكال مقرفة مختلفة وتتحلل بقلوبنا -تتحلل إلى هدوء الذهن صافي الضياء، كما كانت- ثم نرسل السعادة لهم. ليس كأننا نحتفظ بالأشياء السلبية داخلنا ونتمسك بها، لكنها مثل الاضطرابات التي تهدأ بسطح محيط الذهن. ثم على أساس هذا الهدوء، نرسل المشاعر الإيجابية.
هنا، عندما نعمل على أنفسنا، بدلًا من تخيل أنفسنا أمامنا ونقوم بمثل هذا النوع من التدريبات، كما لو أننا نقوم بها مع المواقف الداخلية السلبية لشخص آخر، بدلًا من هذا لا نتخيل أي شيء أمامنا. نحاول أن نشعر أن الطاقة المضطربة السلبية في جسدنا النابعة من ثقتنا المتدنية بالذات، على سبيل المثال، ونتخيل أننا نسحبها من كامل جسدنا إلى قلوبنا. يمكننا أن نتخيل المواقف الداخلية والطاقة السلبية بأشكال مختلفة -ضوء مُعتم أو مادة مقرفة من نوع ما- لكن نسحبها إلى قلوبنا، إلى مركز قلوبنا، ونتخيل أنها تهدأ وتتحلل هناك. ثم من قلوبنا، نتخيل موقف داخلي إيجابي تجاه الـ"أنا" الشائعة يشع وينتشر في كامل جسدنا. اعتقد أن مثل هذا التخيل سيكون أقل ثنائية.
هناك سببٌ عميقٌ لهذه الطريقة في التخيل. عندما يكون لدينا موقف داخلي سلبي تجاه أنفسنا، طاقتنا تكون مضطربة تمامًا. لذا نقوم هنا بجمع تلك الطاقة المضطربة ونُركز العملية بذهننا، هذا أيضًا يساعد على المستوى الجسدي في تهدئة الطاقة المضطربة داخل أجسادنا. اعتقد أن تحقيق هذا سيكون أكثر صعوبة أنفسنا أمامنا أننا نأخذ الطاقة المضطربة منها.
حتى إذا كنا فقط قادرين على تهدئة التوتر بعضلاتنا بينما نقوم بالتصور الخاص بتدريب المنح والأخذ -على سبيل المثال، تهدئة التوتر في منطقة الكتف والرقبة، حيث يكمن التوتر عادةً- ونجعله يتحلل، ثم نحاول أن يكون لدينا موقفًا داخليًا أكثر هدوءًا وإيجابية يشع من أعماقنا ليوفر لأجسادنا، على الأقل، إذا لم يكن لنا بالكامل، كل ما قد يكون مفيدًا. هذه هي الفكرة، حاولوا القيام بها.
[وقفة للتدرب]
الخلاصة
يتسبّب كلٌّ من تدني الثقة وكراهية الذات، في قدرٍ عظيمٍ من التعاسة؛ يُعيقان فاعلية تعاملنا مع تحديات الحياة. سواءً كنا نسعى إلى الأهداف البوذية التقليدية، أي تحقيق التحرر والاستنارة، أو نأمل ببساطة في تحسين جودة حياتنا وأن نكون أكثر فائدة لعائلاتنا، أصدقائنا والآخرين، نحتاج لأن نتغلب على تلك المشاعر السلبية تجاه أنفسنا. أولًا، نحتاج لأن نُهدئ أي مشاعر مزعجة موجهة نحو الذات -سواءً نفور، هوس أو تجاهل- ثم نعمل على تنمية المساواة تجاه أنفسنا، بموقف داخلي متفتح وواقعي بشأن نقاط قوتنا وضعفنا، يمكننا عندها أن نعقد العزم على العمل من أجل أن نصبح أشخاصًا أفضل، بناءً على معاملتنا لأنفسنا بطيبة،احترام الذات، بالضبط كما نعامل الآخرين.