تسع رؤى لتنمية موقف إيجابي تجاه أنفسنا

مراجعة

في مناقشتنا بشأن مساواة مواقفنا تجاه أنفسنا، قمنا بتغطية تدريبات مختلفة لمساعدتنا على تنمية المساواة -تحديدًا المساواة تجاه أنفسنا في سياق ما قمنا به في حياتنا، في سياق الطريقة التي ننظر ونعامل بها أنفسنا، وفي سياق الجوانب المختلفة من جسدنا وشخصيتنا. عندما نتحدث عن المساواة في هذا السياق، فنحن نشير إلى الحالة الذهنية التي نكون فيها أحرارًا من المواقف الداخلية أو المشاعر المزعجة. يشير هذا إلى الحالات الذهنية التي نكون فيها أحرارًا من العداء أو النفور (ما لا نحبه في أنفسنا، أن يكون لدينا موقفًا داخليًا سلبيًا)، وأن نكون أحرارًا من جانب آخر من الانجذاب (هوس الذات، "أنا رائع للغاية")، وأحرارًا أيضًا من الغُفل، والذي نعتبر فيه أننا مُنعدمي القيمة ونتجاهل اِحتياجاتنا. لكن يجب أن نكون حذرين من ألاّ نُسيء فهم هذه الحالة الذهنية كما لو أنها خالية من أي مشاعر. لا نعني هذا إطلاقًا.

المشكلة هنا هي في الإطار النظري. في لغاتنا الغربية، لدينا مفهوم المشاعر، ونحن نضع الكثير من الأشياء تحت تصنيف "المشاعر". لكن في تقاليد السنسكريتية والتبتية، ليس هناك تصنيف نظري مقابل "للمشاعر". ليس هناك كلمة "مشاعر". بدلًا من هذا نتحدث في سياق العوامل الذهنية. يتضمن هذا في الأغلب الأشياء الميكانيكية مثل، الانتباه، التركيز، الاهتمام. ثم لدينا الحالات الذهنية المزعجة، مثل الغضب أو الجشع، والبنَّاءة مثل الحب، الصبر أو المثابرة. في هاتين اللغتين هناك مثل تلك التصنيفات. بينما في في الإطار النظري الغربي بعض عناصر تلك التصنيفات -المواقف الداخلية البنَّاءة، الهدَّامة، والمزعجة- البعض منها نعتبره مشاعر، والبعض الآخر لا نعتبره كذلك، مثل الشك غير الحاسم، التردّد. "هل يجب أن أقوم بهذا؛ هل يجب أن أقوم بذاك؟" هل هذا شعور؟ ما الذي نطلقه عليها وفقًا للإطار النظري الغربي؟ بسبب هذه المرجعية المختلفة في تحليل الذهن، يصبح الأمر مُربكًا، لأنه عندما نسمع كلمة "المساواة"، نفكر إنها تعني إنه ليس هناك أي مشاعر على الإطلاق.

في مناقشتنا لتنمية التساوي تجاه أنفسنا، نحن لا نتحدث عن تخليص أنفسنا مما يمكن أن نطلق عليه المشاعر الإيجابية، مثل الصبر، الحماسة، الحب، الشفقة، الكرم، وما شابهها. تلك أشياء جيدة. ليست صانعة المشاكل، على الرغم، بالطبع، يمكنها أن تختلط بالمشاعر المزعجة. مع الحب، يمكن أيضًا أن يكون هناك تعلق. لذا نحتاج لأن نُفرّق هنا بين المشاعر البنَّاءة والهدَّامة -وبشكل أكثر تحديدًا، ما يُطلق عليه "المشاعر المزعجة". ولا حاجة هنا للدخول في تفرقة تقنية بينهما.

إذا نظرنا إلى صانعي المشاكل الثلاثة الذين ذكرناهم -وهي بالأساس الغضب، التعلق، والغُفل- مع التعلق والغضب هناك المغالاة. مع الغضب -ونتحدث هنا عن توجيهه نحو أنفسنا ("أنا أكره نفسي حقًا")- ما نقوم به هو إننا نغالي في الجوانب السلبية (على سبيل المثال، الفشل، أو النقائص الشخصية، أو الحالات المزاجية السيئة التي نمر بها). نغالي فيها، نجعلها شيئًا راسخًا، ونحوّلها إلى نوعٍ من الوحوش، ونفقد تمامًا رؤية كل الأشياء الإيجابية التي يمكن أن نجابهها بها -نجاحنا على سبيل المثال، أو نقاط القوة في شخصيتنا.

عندما يكون لدينا تعلّق -ورأيٌ مبالغ فيه بشأن أنفسنا، وما شابه- نقوم عندها بالعكس. نجعل من صفاتنا الجيدة أو الأشياء الجيدة التي تحدث في حياتنا شيئًا راسخًا، ونغالي فيها ونتجاهل الجوانب السلبية.

عندما يكون لدينا الغُفل -النظر إلى أنفسنا على أننا بلا قيمة وتجاهل احتياجاتنا- نتجه إلى التطرف الآخر ونتجاهل أي خصال كانت لدينا، سواءً الإيجابية أو السلبية. نحن نُنكر حتى أننا بشر ولنا حقوقٌ بعينها.

مع المساواة، نحاول أن يكون لدينا رؤية أكثر إيجابية عن أنفسنا، حياتنا، وما شابه، بدون المغالاة أو إنكار لأي جوانب. نتقبل أن هذا هو واقعنا وأن أيًا من تلك الجوانب لا تتصف بالرسوخ، التجمّد أو الدوام للأبد. يمكننا أن نعمل على أنفسنا، يمكننا أن نتحسن؛ لكن علينا أولًا أن نتقبل وضعنا الراهن. أن يكون لدينا تلك الرؤية الإيجابية عن أنفسنا لا تحجب بأي شكل من الأشكال مشاعرنا الإيجابية، مثل الحب، الطيبة، الشفقة، الصبر والحماسة، إلخ. في الحقيقة تسهل علينا أن يكون لدينا المزيد من المشاعر الإيجابية، لأنه عندما يكون لدينا مثل تلك المشاعر المزعجة، خاصة الموجّهة نحو أنفسنا، يخلق هذا الحواجز. عندما يكون لدينا الغضب تجاه أنفسنا، عندما لا نحب أنفسنا، يمكن لهذا أن يقف حائلًا بين أن يكون لدينا مشاعر دافئة تجاه أنفسنا والآخرين.

Top