الأذهان الأساسية والواحد وخمسون عاملًا ذهنيًا

الذهن كنشاط ذهني

وفقًا للتعريف البوذي، الذهن هو فقط الوضوح والوعي ويشير إلى النشاط الذهني الفردي الذاتي لاختبار الأشياء. يعني الوضوح توليد المظهر الإدراكي للأشياء، مشابه للمجسم الذهني، ويُشير الوعي للانخراط الإدراكي معه. في إشارة لمجرد حدوث هذا دون "أنا" منفصلة غير متأثرة أحادية تتحكم أو تراقب تلك الأنشطة. الـ"أنا" لها وجود، لكن فقط كعنونة على أساس من استمرارية الاختبار المتغيرة بشكل لحظي للأشياء المتغيرةلحظيًا.

طرق الوعي بشيء ما

تشتمل طريقة معرفة شيء ما على كل أنواع الأنشطة الذهنية، ويتضمن هذا:

  • أنواع الوعي الأساس
  • العوامل الذهنية (الوعي الإضافي)

تضيف مدرستا سُترانتيكا وتشيتاماترا،

  • الوعي الانعكاسي

يرافق الوعي الانعكاسي كل لحظة من الإدراك المفاهيمي وغير المفاهيمي للمحل، على الرغم من أنه ذاته يظل دائمًا غير مفاهيمي. يُركز فقط على إدراك أنواع أخرى من وعي الإدراك -أي، أنواع الوعي الأساسية والعوامل الذهنية- وأيضًا مدى صوابهم. إنه لا يُدرك المحال التي تُركز عليها أنواع الوعي الأساسي والعوامل الذهنية الأخرى. ولكنه يغرز تجريد غير ثابت (متغير مؤثر غير متطابق) للانطباع الذهني عن الإدراك الذي تُدركه أنواع الوعي الأساسي والعوامل الذهنية الأخرى، والذي يسمح حينها بحدوث التذكُّر اللاحق للإدراك (الحضور الذهني). يحدث هذا التذكُّر عبر الإدراك المفاهيمي للجانب الذهني التي يشابه المحل المُدرَّك سابقًا والتصنيف (الشمول) المشتق ذهنيًا من المحل والذي يُلائم كل الجوانب الذهنية المُمَثِّلة للمحَّل.

وفقًا لتقليد الغليوك، في نظام المدياميكا، فقط المدرسة الفرعية يوغاتشارا سفاتانتريكا مدياميكا هي التي تقبل وجود الوعي الانعكاسي. سُترانتيكا سفاتانتريكا مدياميكا وبراسنغيكا مدياميكا ترفضان حتى وجوده الشائع. وفقًا للمدارس الأخرى غير الغلوك، كل المدارس الفرعية في نظام مدياميكا تقبل الوجود الشائع للوعي الانعكاسي.

أنواع الوعي الأساسي

جميع النُظُم البوذية تقبل أن هناك، على الأقل، ستة أنواع من الوعي الأساسي:

(١) وعي الإبصار

(٢) وعي السمع

(٣) وعي الشم

(٤) وعي التذوق

(٥) وعي الأحاسيس الجسدية

(٦) الوعي الذهني

على عكس الرؤية الغربية للوعي كَمَلَكَّة عامة تعّي كل الحواس والمحال الذهنية، تُفرق البوذية بين أنواع الوعي الستة، كل منها يختص بأحد مجالات الحواس أو المجال الذهني.

تُدرِك أنواع الوعي الأساسي فقط الطبيعة الأساسية للمحل، بما يعني تصنيف الظاهرة التي ينتمي لها المَحَّل. على سبيل المثال، يُدرك وعي الإبصار الرؤية كمجرد رؤية.

تضيف مدرسة التشيتاماترا نوعين آخرين من الوعي الأساسي لتصل قائمة شبكات الأذهان الأساسية إلى ثمانية: 

(٧) الوعي المُحَرّف

(٨) الوعي القاعدي (الوعي القاعدي المُشكِّل لكل شيء، مستودع الوعي).

الوعي القاعدي هو وعي فردي، وليس كوني، يكمُن خلف كل لحظات الإدراك. يُدرك محال الوعي نفسها الذي يكمن خلفه، لكنه وعي غير حاسم لما يظهر له (إدراك غير منتبه) ويفتقد للوضوح فيما يخص محله. يحمل موروثات الكارما والانطباعات الذهنية للذكريات، كلاهما بشكل ما تجريدان غير ثابتان يُعْزَيَا إلى الوعي القاعدي. استمرارية الوعي القاعدي الفردي تتوقف عند تحقيق الاستنارة.

يستهدف الوعي المُحَرّف الوعي القاعدي ويُدرك عاملها المثمر على إنه "أنا" الزائفة. على المستوى الأكثر ظهورًا، يُدرك الوعي القاعدي كأنه "أنا" الموجودة بشكل ثابت، كينونة أحادية مستقلة عن التجمعات الخمسة المكوِّنة لكل لحظة من خبرتنا. الخمسة هم أشكال الظواهر المادية (بما في ذلك الجسد)، الشعور بقدر من السعادة، التمييز، ومتغيرات مؤثرة أخرى (مشاعر وما شابه)، والوعي الأساسي.

على مستوى أكثر خفاءً، يُدرك الوعي المُحَرّف العامل المُثمر للوعي القاعدي على أنه "أنا" التي هي كينونة ذات جوهر، مكتفية بذاتها، يمكن معرفتها وحدها والتي يمكنها أن تتخذ موقفها الخاص.

 وفقًا للمدارس من غير الغيلوك، كل نظم مدياميكا تقبل الوجود الشائع للوعي القاعدي والوعي المُحَرّف. وفقًا للغيلوك، الوجود الشائع لهذه الأنواع من الوعي غير مقبولة لدى جميع نظم مدياميكا.

مناقشة عامة للعوامل الذهنية

مثل أنواع الوعي الأساسي، العوامل الذهنية هي أيضًا مجرد طرق للوعي بالأشياء. تعي محالها بطرق خاصة، لكن دون تحريف (إضافة شيئ غير موجود) أو تبرؤ (إنكار شيء موجود). بعض العوامل الذهنية تؤدي وظيفة تساعد أنواع الوعي الأساسي على اِتخاذ محلها معرفيًا، البعض الآخر يضيف نكهة من المشاعر على تناول المحل.

شبكة العوامل الذهنية تصاحب كل لحظة من لحظات أنواع الوعي الأساسي وجميعها تتشارك في خمسة خصائص تتطابق مع الوعي الأساسي الذي تصاحبه، مثل أن جميعهم يركزون على نفس المحل.

الوعي الرئيسي

بعض طرق الوعي بالمحال لا تقع في تصنيف أنواع الوعي الأساسي ولا العوامل الذهنية. أحد أكثر الأمثلة شيوعًا هو الوعي الرئيسي. في عملية الإدراك، الوعي الرئيسي هو الوعي الذي يتكون من الوعي الأساسي والعوامل الذهنية المصاحبة له، هي الطريقة الأبرز للوعي بمحل الإدراك. وتُميِّز طريقة الإدراك التي تحدث.

مثال على وعي رئيسي هو البوديتشيتا. تتكون البوديتشيتا من الوعي الذهني الذي يُركِّز على الاستنارة الشخصية المستقبلية للفرد وعوامل ذهنية مثل نية تحقيق هذه الاستنارة ونية نفع الآخرين عبر الوسائل الناتجة عن تحقيقها. وفقًا لعرض الغيلوك، الأنواع الخمسة للوعي العميق -المشابه للمرآة، المساوي، المُشخصِن، المحقق، ومجال الواقع- هي مثال آخر على الوعي الرئيسي.

عدد العوامل الذهنية

هناك نُظُم مختلفة عديدة للأبيدارما (الموضوعات الخاصة للمعرفة)، كل منها بها عدد وقائمة خاصة به للعوامل الذهنية. عادة ما تختلف أيضًا تعريفات الوعي التي تؤكد عليها تلك النُظُم المختلفة.

على سبيل المثال، يعرض نظام الثيرافادا في النص الخاص بأنورودا "النص الشامل لجميع نقاط الموضوعات الخاصة للمعرفة" قائمة من أثنين وخمسين عامل ذهني. المعالجة التقليدية لتقليد البون لهذا الموضوع ونجدها في نص شِنراب ميوّ "جوهر موضوعات المعرفة" ونص شِنتشِن لوغا "نص استخراج الكنز" يقدم قائمة من واحد وخمسين عامل ذهني.

يحدد فاسوباندو في نص "بيت كنوز الموضوعات الخاصة للمعرفة" قائمة من ستة وأربعين عامل ذهنيًا، بينما يذكر قائمة من واحد وخمسين عامل ذهني في نص "معالجة عناصر التجمعات الخمسة". قائمة الواحد وخمسين عاملًا ذهنيًا التي يذكرها فاسوباندو مختلفة عن نسخة تقليد البون المشابهة لها في العدد. أسانغا أيضًا يعرض قائمة من واحد وخمسين عامل ذهني في نص "مقتطفات من الموضوعات الخاصة بالمعرفة". تكرر هذه القائمة ما عرضه فاسوباندو في قائمة الواحد وخمسين عامل ذهني، لكن مع تعريفات مختلفة للعديد من أنواع الوعي، وفي بعض مواضع، تعديل طفيف في ترتيبهم.

تَتَبِّع مدارس مدياميكا نسخة أسانغا. سنقوم هنا بعرض نظامه بناء على شرح علَّامة تقليد الغيلوك بالقرن السابع عشر يَشى غيالتسِن في نص "البيان الواضح في مسألة [الأذهان] الأساسية والعوامل الذهنية". وسأشير للفروق الأساسية بناء فقط على نص فاسوباندو "بيت كنوز الموضوعات الخاصة للمعرفة"، حيث أن التبتيين عادة ما يدرسون هذا النص أيضًا.

قائمة أسانغا:

  • الخمسة عوامل الذهنية الفاعلة دائمًا
  • الخمسة عوامل الذهنية التأكيدية
  • الأحد عشر شعورًا بنَّاءً
  • الستة مشاعر والمواقف الداخلية الجذرية المزعجة
  • العشرون شعورًا مزعجًا المساعدين
  • الأربعة عوامل الذهنية المتغيرة

قوائم العوامل الذهنية تلك ليست جامعة مانعة. هناك أكثر بكثير من تلك العوامل الذهنية الواحد والخمسين. العديد من الخصال الجيدة التي يتم تنميتها في مسار البوذية محصورة في قوائم منفصلة -على سبيل المثال، الكرم، الالتزام الأخلاقي، الصبر، الحب، والشفقة. القوائم المختلفة هي فقط بعض التصنيفات المهمة للعوامل الذهنية.

الخمسة عوامل ذهنية الفاعلة دائمًا    

تصاحب العوامل الذهنية الخمسة الفاعلة دائمًا كل لحظة من لحظات الإدراك. 

(١) الشعور بمستوى ما من السعادة (شعور) هو الطريقة التي نختبر بها إثمار الكارما الخاصة بنا. يشتمل هذا الإثمار على:

  • عناصر التجمعات الخمسة التي ولدنا بهم
  • البيئة التي نعيش فيها
  • ما يحدث لنا ويكون مشابه لما قمنا به في الماضي. 
  • شعورنا بالرغبة في تكرار أنماطنا السلوكية السابقة.

مستوى من السعادة هو ما نختبره كإثمار للكارما البنَّاءة، ومستوى من التعاسة هو ما نختبره كإثمار للكارما الهدَّامة. تشكل السعادة، التعادل، والتعاسة طيفًا غير منقطع. أي منهم قد يكون جسديًا أو ذهنيًا.

السعادة هي هذا الشعور الذي، عندما يتوقف، نتمنى أن نختبره مرة أخرى. التعاسة أو المعاناة هي هذا الشعور الذي، عندما ينشأ، نرغب في نفترق عنه. الشعور المتعادل هو ما ليس مِن الإثنين السابقين.

الشعور بمستويات من السعادة قد يكون أو لا يكون، مزعجًا. قد يكون مزعجًا عندما يُصاحبه خمسة خصائص متطابقة مع الاشتهاء (التعطش) لأن عناصر التجمعات تكون حينها ملوثة -بمعنى إنها مختلطة بالارتباك- وتُديم بقائنا في السامسارا. يكون الشعور بمستويات من السعادة غير مزعج عندما يصاحبه خمسة خصائص متطابقة مع الاستغراق الكامل في الخلو للأريا (التأمل المتوازن). السعادة غير المزعجة أو الحياة غير المزعج قد يصاحبان فقط الاستغراق التام للأريا.

(٢) يتخذ التمييز خاصية مميزة غير شائعة للمحَّل الظاهر للإدراك غير المفاهيمي أو الخاصية المركبة للمحل الظاهر للإدراك المفاهيمي، وينسب لها قيمة. مع ذلك  ليس بالضرورة أن يقوم التمييز بنسب اسم أو عنوان ذهني للمحل الخاص به، ولا يقارنه بالمحال المُدرَّكة سابقًا. العنونه الذهنية للكلمات والأسماء هي عملية مفاهيمية معقدة للغاية. لهذا، يختلف التمييز بشكل كبير عن "الإدراك".

على سبيل المثال، فيما يخص الإدراك البصري غير المفاهيمي، يمكننا تمييز الأشكال الملونة بمجال المشهد البصري، على سبيل المثال الشكل أصفر. وفقًا لتقليد الغيلوك، يمكننا أيضًا تمييز المحال العادية بالإدراك البصري غير المفاهيمي، مثل ملعقة. في مثل هذه الحالات، التمييز لا ينسب اسم أصفر أو ملعقة. في الحقيقة، التمييز هنا لا يعرف حتى ما هو اللون الأصفر أو ما هو الغرض من الملعقة. هو فقط يميزهم كمحال شائعة. بالتالي، حتى الطفل حديث الولادة يمكنه تمييز الضوء مِن الظلام، الساخن مِن البارد. هذا يُعرف بالتمييز الذي يتخذ الخاصية المميزة الخاصة بالمحل.

في الإدراك المفاهيمي، ينسب التمييز مصطلح شائع أو معنى لمحله -المحل الظاهر للإدراك، أي تصنيف صوتي أو تصنيف قائم على المعنى- بما يُقصي عنه المحال الأخرى، على الرغم من أن هذه ليست عملية إزالة البدائل الممكنة واحدة بعد الأخرى. ولا يجب أن تكون هذه البدائل الممكنة حاضرة حتى يتم إقصاءها. وبالتالي، بنسب اسم للمحل، مثل "أصفر" أو "ملعقة"، يتم تمييز تصنيف "أصفر" عن كل شيء آخر ليس هذا التصنيف، مثل تصنيف "أسود"، أو تصنيف "ملعقة" عن كل شيء آخر ليست هذا التصنيف، مثل تصنيف "شوكة". هذا ما يعرف بالتمييز الذي يتخذ الخاصية المميزة المتعلقة بالشائع. الإدراك غير المفاهيمي يفتقد لهذا النوع من التمييز.

(٣) الإلحاح المُسبب في توجيه النشاط الذهني للمحل أو التوجه نحوه. في العموم، يحرك الاستمرارية الذهنية لتتخذ محلها معرفيًا. الاستمرارية الذهنية هي التتابع الفردي الدائم للحظات النشاط الذهني.

الكارما الذهنية هي مرادف للإلحاح الذهني. وفقًا لمدارس سوترانتيكا، تشيتاماترا، سفاتانتريكا مادياميكا، والعروض من غير الغيلوك لبراسانغيكا مادياميكا، الكارما الجسدية واللفظية هي أيضًا إلحاح ذهني.

(٤) وعي الاتصال يفرق ما إذا كان محل الإدراك سار، غير سار، أو متعادل، وبهذا يخدم كأساس لاختبار المحل بمشاعر السعادة، التعاسة، أو التعادل.

(٥) الانتباه أو تناول المحل هو انخراط النشاط الذهني مع المحل. الانخراط الإدراكي قد يكون مجرد توجيه مستوى ما من الانتباه للمحل، بدءًا من أقل مستوى إلى الأكبر. قد يُركز أيضًا على المحل بطريقة معينة. على سبيل المثال، قد يُركز الانتباه على المحل باعتناء، بطريقة مسترخية، غير متقطعة، أو بلا جهد.

بالإضافة إلى هذا، أو بديلًا عنه، الانتباه قد يتناول المحل بطريقة معينة. قد يتناوله بطريقة متوافقة (فهم صحيح) مع الواقع أو غير متوافقة (فهم غير صحيح) مع الواقع. الطرق الأربع للانتباه بشكل غير متوافق مع عناصر تجمعات خبرتنا هم في الاعتقاد في الثبات بدلًا من التغيُّر، السعادة بدلًا من الإشكاليات (المعاناة)، النقاء بدلًا من عدم النقاء، والوجود الحقيقي للذات بدلًا من انعدام الذات. الطرق الأربع للانتباه المُطابق للواقع هي العكس.

الخمسة عوامل الذهنية الفاعلة دائمًا من الضروري أن تكون حاضرة في كل لحظة لإدراك أي شيء، وإلا سيكون استخدامنا للمحل كمحل للإدراك غير مكتملًا.

يشرح أسانغا،    

  • نحن لا نختبر حقًا المحَّل إلا إذا شعُرنا تجاهه بشعورٍٍ ما مِن طيف المشاعر المتدرجة مِن السعادة للتعادل ووصولًا إلى التعاسة.
  •  لا نُدرك شيئًا داخل نطاق الحواس كمحل للإدراك ما لم نميز بعض الخصائص المميزة به. 
  • لا نتوجه إلى المحل إدراكيًا ما لم يكن لدينا إلحاح ذهني نحوه.
  • لن يكون لدينا أي أساس لاختبار المحل بمشاعر ما لم يكن لدينا وعي الاتصال الذي يميز بين ما هو سار، غير سار، أو متعادل.
  • نحن لا ننخرط حقًا مع محل بعينه ما لم نوجه قدرًا من الانتباه نحوه، حتى إذا كان هذا المستوى منخفضًا للغاية.

الخمسة عوامل الذهنية التأكيدية

يُعرف فاسوباندو الخمسة عوامل التالية بطريقة عامة ويؤكد على أنهم يصاحبون كل لحظة من لحظات الإدراك. يُطلق عليهم أسانغا العوامل الذهنية التأكيدية ويُعرفهم بشكل أكثر تحديدًا. بالنسبة لأسانغا، هذه العوامل الذهنية تُصاحب فقط أنواع الإدراك البنَّاء التي تَعِي (تفهم) محالها وبالتالي فهي تصنيف فرعي لما يُعرفه فاسوباندو. هم يُمَكِنون الأنشطة الذهنية من التأكيد على محالها، بما يعني تناولها إدراكيًا بثقة.

(١) النية الإيجابية ليست فقط الدافع لحيازة محلًا ما، تحقيق أي هدف، أو القيام بشيء ما بهذا المحل أو الهدف ما أن تم حيازته أو تحقيقه. إنها الأمنية لحيازة المحل البنَّاء المرغوب، القيام بشيء به، أو تحقيق هدف بنَّاء مرغوب فيه. هذه النية قد تكون أمنية ملاقاة محل بنَّاء سبق إدراكه، أمنية عدم الانفصال عن المحل البنَّاء المُدرك حاليًا، أو الاهتمام الشديد بحيازة المحال البنَّاءة في المستقبل. تقود النية الإيجابية للمثابرة المبتهجة في حيازة المحال المرغوبة أو تحقيق الأهداف المرغوبة.

(٢) يُركز الاقتناع الحاسم على الحقيقة التي فهمناها بشكل صائب إنها بهذه الطريقة وليست بتلك الطريقة. وظيفة الاقتناع الحاسم أن يجعل تصديقنا في الحقيقة حاسمًا بحيث لا تجعلنا آراء ومناقشات الآخرين نَعدِل عنه. بالنسبة لفاسوباندو، هذا العامل الذهني معناه أخذ الشيء بعين الاعتبار. هو فقط النظر لحيازة المحل لقدر ما من الخصال الجيدة -من عدم حيازته لأي خصال جيدة لحيازته لجميع الخصال الجيدة- وقد يكون صحيح أو مُحرّف.

(٣) تذكُّر الحضور الذهني ليس مجرد التمسك بأي محل تم إدراكه دون فقدانه كمحل للتركيز. هنا، هو يمنع النشاط الذهني من نسيان أو فقدان المحل البنَّاء المعتاد عليه. وله ثلاث خصائص:

  • المحل يجب أن يكون شيئًا بنَّاءً نحن معتادون عليه
  • الجانب يجب أن يكون التركيز على المحل وعدم نسيانه أو فقدانه
  • الوظيفة يجب أن تكون منع الشرود الذهني.

بالتالي، الحضور الذهني هو مرادف لنوع من "الغراء الذهني" الذي يتمسك بمحل التركيز دون تركه. تمتد قوته من ضعيف إلى قوي.

(٤) الثبات الذهني (التركيز) ليس مجرد البقاء مثبتين على محل الإدراك المُتخذ مِن قِبل أي نوع من أنواع الإدراك، بما في ذلك إدراك الحواس. هنا، يجعل الثبات الذهني النشاط الذهني مستمرًا في الانخراط بنقطة واحدة، بشكل مستمر، مُركزًا على محل بنَّاء معنون. بعبارة أخرى، محل التثبيت يجب أن يكون شيئًا حدد بوذا إنه بنَّاء. بالإضافة لهذا، يجب أن يتم تناول المحل بالوعي الذهني. هذا لأن العنونة الذهنية وظيفة قاصرة على الإدراك المفاهيمي، أي نشاط ذهني بشكل حصري. الثبات هو سكون بقاء الذهن على المحل وقد يختلف قوته من ضعيف إلى قوي. ويخدم كأساس للوعي التمييزي.

تركز تعاليم كل من تقليدي الكارما كاغيو والساكيا على المحال البصرية، مثل تمثال بوذا، كأداة لتحقيق الشاماتا (حالة السكون والثبات الذهني). تلك التعاليم لا تُناقض تعريف أسانغا للثبات الذهني. هذا لأن تلك التقاليد تعني بالتركيز على تمثال بوذا بأنه محلًا عاديًا للحواس. وفقًا لتأكيداتهم، محال الإدراك البصري هي مجرد لحظات لأشكال ملونه. المحال العادية للحواس، مثل تمثال بوذا، تُدرك فقط عبر الإدراك الذهني المفاهيمي. هذا لأن المحال العادية للحواس الممتدة لفترة من الزمن تُدرَّك حسيًا لمدة بحواس أخرى يتم عنونتها ذهنيًا على أساس من لحظات الإدراك البصري اللاحق للأشكال الملونة.

(٥) الوعي التمييزي (الحكمة) يُركز على محل لتحليله والتفرقة بين نقاط قوته وضعفه أو خصاله الجيدة وعيوبه. يفرق بينها على أساس من البديهيات الأربع: الاعتمادية، الوظيفية، الإثبات المنطقي، وطبيعة الأشياء. بالتالي، كما مع العوامل الذهنية التأكيدية الأخرى، يفهم الوعي التمييزي محله -على سبيل المثال، ما إذا كان بنَّاء، هدَّام، أو لم يحدد بوذا إذا ما كان أحدهما. وظيفته الابتعاد عن التردد غير الحاسم بشأن محله.

[أطلع على: البديهيات الأربع لتفحص التعاليم البوذية]

يُطلق فاسوباندو على هذا العامل الذهني وعي الذكاء ويُعرفه بأنه عامل ذهني يميز بحسم ما إذا كان الشيء صحيح أم خاطئ، بنَّاء أو هدَّام، وما شابه. هو يضيف قدرًا من الحسم لتمييز المحل الإدراك -حتى إذا كان هذا القدر ضئيلًا للغاية- وقد يكون صحيح أو خاطئ. بالتالي، وعي الذكاء لا يفهم بالضرورة محله بشكل صحيح.

الأحد عشر شعورًا بنَّاءً 

(١) التصديق في صحة الحقيقة يُركز على شيئ موجود ومعروف، شيئ ذي خصال جيدة، أو ذي إمكانات حقيقية، ويعتبره إما موجودًا أو صحيحًا، أو يعتبره الحقيقة الخاصة به صحيحة. بالتالي يعني هذا ضمنيًا قبول الواقع.

هناك ثلاثة أنواع:

  • التصديق المريح للذهن في صحة حقيقة شيئًا ما - هو واضح بشأن حقيقة بعينها، ومثل الماء المُنقي، ينقي الذهن. يحدد فاسوباندو أنه يزيل عن الذهن المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة الخاصة بالمحل.
  • التصديق في صحة حقيقة بناء على المنطق – يعتقد أن حقيقة معينة بشأن شيء ما صحيحة بناء على الأسباب المنطقية التي تثبتها. 
  • التصديق في صحة حقيقة بطموح مُتعلق بها - يفكر في صحة كل من الحقيقة المتعلقة بمحل ما والطموح الذي بالتبعية ننميه نحو هذا المحل، مثل التصديق في حقيقة أننا يمكننا أن نحقق هدف إيجابي بعينه وطموح تحقيق هذا الهدف.

(٢) الكرامة الأخلاقية الذاتية (حفظ ماء الوجه) بمعنى الامتناع عن السلوك السلبي لاهتمامنا بكيف ستنعكس أفعالنا علينا. وفقًا لفاسوباندو، هذا العامل الذهني يعني أن يكون لدينا حس بالقيمة. هو أحترام الخصال الإيجابية أو الشخص الذي يمتلكها.

(٣) الاهتمام بالطريقة التي ستنعكس بها أفعالنا على الآخرين هو حِّس بالامتناع عن السلوك السلبي لاهتمامنا بالطريقة التي ستؤثر بها أفعالنا على هؤلاء مَن هُم على صلة بنا. على سبيل المثال، هؤلاء مَن على صلة بنا قد يكونوا عائلاتنا، معلمونا، دوائرنا الاجتماعية، مجموعتنا العرقية، ديانتنا، أو مواطنين دولتنا. بالنسبة لفاسوبيندو، يعني هذا العامل الذهني أن يكون لدى الشخص وازعًا داخليًا، وهو مانع عن أن يصبح الشخص سلبيًا بتبجح. هذا العامل الذهني والعامل الذهني السابق يصاحبان كل الحالات الذهنية البنَّاء.

(٤) التَجَرُّد هو اشمئزاز ضَجِر وبالتالي افتقاد الرغبة الجارفة في الوجود القهري ومحال الوجود القهري. هذا مع ذلك لا يعني بالضرورة التحرر الكامل من كل مستويات الرغبة الجارفة، ولكن فقط درجة من الحرية منها. قد يكون التَجَرُّد مِن السعي القهري في هذه الحياة، مِن السعي القهري لأي حياة في العموم، أو من سكينة التخلص (نرفانا) من الوجود القهري. يُشكِّل هذا العامل الذهني الأساس لعدم الانخراط في السلوك الخاطئ.

(٥) رِباطة الجأش هي عدم تمني التسبب في الأذى كاستجابة نحو الكائنات المحدودة (الكائنات الواعية)، معانتنا، أو المواقف التي بها معاناة قد تنشأ عن أيهما أو التي قد تكون ببساطة بها معاناة. هذا العامل الذهني لا يعني التحرر الكامل من الغضب، ويشكل أيضًا أساسًا لعدم الانخراط في السلوك الخاطئ.

(٦) انعدام الغُفُل هو الوعي التمييزي الذي يعي بكل تفصيلة تخص قانون الأسباب والنتائج السلوكي أو المتعلقة بالواقع، والذي يعمل كمضاد للغُفُل بشأنهما. قد ينشأ انعدام الغُفُل كشيء تم الحصول عليه عند الميلاد نتيجة لإثمار الكارما. عوضًا عن هذا، يمكن أن ينشأ نتيجة لإخضاع أنفسنا للاستماع إلى التعاليم أو قراءة النصوص المرجعية، التدبر في معانيها، أو التأمل على الفهم الصحيح لمعناها. لا يشير هذا إلى التحرر الكامل من الغُفُل، ويُشكل هذا العامل الذهني أيضًا أساسًا لعدم الانخراط في السلوك الخاطئ.

(٧) المثابرة هي الحماسة المستمتعة بكون الشخص بنَّاء. يشرح أسانغا خمسة جوانب أو أقسام:

  • الشجاعة المماثلة للدرع، لتحمُّل الصعوبات، تُكتسب من تذكير أنفسنا بالبهجة التي نمارس بها ما نقوم به،
  • أخضاع أنفسنا للمهمة باستمرار واحترام
  • ألا نتراجع وأن تُثبط عزيمتنا أبدًا
  • ألا ننسحب
  • ألا نصبح أبدًا معتدين بأنفسنا

(٨) حِّس اللياقة (المرونة) هو شعور بالمرونة أو قابلية استخدام الجسد والذهن والتي تسمح للنشاط الذهني بالبقاء منخرطًا مع المحل البناء طيلة المدة المرغوبة. يتم الحصول على هذا نتيجة قطع استمرارية الأوضاع المؤذية للجسد والذهن، مثل الشرود الذهني أو التململ. حِّس باللياقة يؤدي لشعور منعش غير مزعج بالهناء الجسدي والذهني.

(٩) الموقف الداخلي المعتني (الحرص) هو العامل الذهني الذي، بينما نحافظ على حالة مِن التَجَرُّد، رِباطة الجأش، انعدام الغُفُل، المثابرة الفرحة، يؤدي بنا للتأمل على الأشياء البنَّاءة وحمايتنا مِن الميل نحو الأشياء الملوثة (السلبية). بعبارة أخرى، اشمئزاز مِن، وعدم الميل إلى، الوجود القهري، عدم الرغبة في التسبب بالأذى كاستجابة للمعاناة، عدم الغُفُل بشان اثر سلوكنا، والابتهاج بالتصرف بشكل بنَّاء، الموقف الداخلي المعتني يؤدي بنا للتصرف بشكل بناء والامتناع عن السلوك الهدَّام. هذا لأننا نعتني بشأن موقف الآخرين وأنفسنا وبشأن آثار سلوكنا علي كلٍ منا؛ نحن نأخذ هذا بجدية.

(١٠) التساوي أو السكينة هو العامل الذهني الذي، بينما نحافظ على حالة من التَجَرُّد، رِباطة الجأش، انعدام الغُفُل، والمثابرة الفرحة، يسمح للعامل الذهني بالبقاء غير منزعج بلا جهد، دون تقلُّب ذهني أو كسل، في حالة متعادلة من العفوية والتفتح.

(١١)  ألا نكون قُساة ليس مجرد رِباطة الجأش الخاصة بعدم تمني التسبب في الأذى للكائنات المحدودة التي تعاني أو التسبب في مضايقتها أو إزعاجها. ولكن به، بالإضافة لهذا، شفقة، أمنية تحريرها من المعاناة وأسبابها.

الستة مشاعر ومواقف الداخلية الجذرية المزعجة 

الشعور أو الموقف الداخلي المزعج (المشاعر المؤلمة) هو الذي عندما ينشأ، يتسبب لنا في فقدان راحة البال ويعيقنا مما يفقدنا قدرتنا في التحكم بأنفسنا. هناك ستة مشاعر موافق داخلية جذرية، والتي تقوم بدور الجذور للمشاعر والمواقف الداخلية المساعدة. يصنف فاسوباندو خمسة من الستة بأنها بدون منظور للحياة. بالتالي، هم مشاعر أو حالات ذهنية مزعجة. السادس يتكون من مجموعة من خمسة مناظير للحياة وبالتالي يُشكِّلوا خمسة مواقف داخلية مزعجة. يُطلق أسانغا على مجموعة الخمسة "المناظير المزعجة في الحياة". دعونا نُطلق عليها "المناظير المزعجة" اختصارًا.

باستثناء مدرسة المعتقد التي ينتمي إليها فاسوباندو، كل مدارس المعتقد الهندية الأخرى تؤكد -فيما عدا استثناءات قليلة- على أن المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة لها مستويان: ذات أساس مذهبي والتي تتولد تلقائيًا. المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة ذات أساس مذهبي تنشأ بناء على إطار نظري للمنظور المُحَرّف بالحياة. التي تنشأ تلقائيًا تتولد بدون مثل هذا الأساس.

مِن بين المشاعر المزعجة التي ليس لها منظور، الاستثناء هو التردد غير الحاسم، ومن بين تلك المشاعر المزعجة ذات منظور، الاستثناء هو اعتبار المنظور المُحَرّف ساميًا، ومنظور التمسك بأخلاق أو بسلوكيات مُحَرّفة كشيئًا ساميًا، والمنظور المُحَرّف. تلك الاستثناءات ليس لها نشوء تلقائي وتحدث فقط على أساس من معتقد مذهبي. لا تؤكد مدرسة المعتقد سوترانتيكا على النشوء التلقائي لأشكال المنظور المتطرف. نظام معتقد فاسوباندو لا يؤكد على النشوء التلقائي لأي شكل من المواقف الداخلية المزعجة (المنظور المزعج). وفقًا لتأكيداتها، كل المناظير الخمسة المُحَرّفة أساسها مذهبي بشكل حصري.

(١) الرغبة الجارفة تستهدف أي محل خارجي أو داخلي ملوث (مرتبط بالارتباك) -سواء حي أو جماد- وأمنية حيازته بناء على اعتباره جذابًا بطبيعته الخاصة. وظيفة هذا العامل الذهني هي جلب المعاناة. على الرغم من أن الرغبة الجارفة أو الجشع قد يعملان مع الإدراك الحسي أو الذهني، أساسه التحريف المفاهيمي المُسبق. لاحظوا أن إدراك الحواس هو دائمًا إدراك غير مفاهيمي، بينما الإدراك الذهني قد يكون مفاهيمي أو غير مفاهيمي. التحريف المفاهيمي المُسبق يُغالي في الخصال الجيدة للمحل المرغوب أو يضيف له خصالًا جيدة يفتقدها هذا المحل. بالتالي، يتنبه التحريف المفاهيمي للمحل المرغوب بطريقة غير متوافقة (فهم صحيح) -على سبيل المثال، التفكير في أن شيء قذر (جسد مليء بالغائط) على إنه نظيف.

من المنظور الغربي، قد نضيف أنه عندما تكون هناك رغبة جارفة موجهة نحو شخص آخر أو مجموعة أشخاص، فقد تتخذ الرغبة الجارفة هيئة أُمنية الحصول على هذا الشخص أو المجموعة كشيء ينتمي لنا أو ننتمي له. قد يبدوا أيضًا أن الرغبة الجارفة عادة يدعهما بشكل إضافي رفض مفاهيمي أو إنكار مُسبق للخصائص السلبية لمحلها.

يُعرف فاسوباندو هذا الشعور المزعج الجذري بأنه التعلق أو التملك. أمنية عدم التخلي إما عن كل الأنواع الخمسة من المحال الحسية المرغوبة (المشاهد، الأصوات، الروائح، الأذواق، الأحاسيس الجسدية) أو عن وجودنا القهري. الرغبة الجارفة أساسها أيضًا المغالاة أو الطريقة غير المتوافقة في الانتباه للمحل الملوث. التعلق بالمحال الحسية المرغوبة هو تعلق بمحال عالم المحال الحسية المرغوبة (عالم الرغبة). التعلق بالوجود القهري هو تعلق بمحال عالم الوجود المادي (العالم المادي) أو عالم الكائنات عديمة الهيئة المادية (العالم غير المادي). يعني هذا التعلق بنشوة الحالات التأملية العميقة التي يتم الحصول عليها في عوالم الكائنات عديمة الهيئة تلك.

(٢) الغضب يستهدف كائن محدود آخر، معاناتنا، أو مواقف تشتمل على معاناة قد تنشأ مِن أي من الاثنين أو ببساطة مواقف تحدث بها معاناة. الغضب حالة من عدم الصبر تجاههم وأمنية التخلص منهم عبر تدميرهم أو إيذائهم بنية سقيمة أو عبر ضربهم بموقف داخلي مولع بالخصام. أساس الغضب هو النظر لمحله كشيء غير جذاب أو مُنفر بطبيعته وأن وظيفته هي جلب المعاناة. العداء هو تصنيف فرعي من الغضب وموجه بشكل أساسي نحو الكائنات المحدودة على الرغم من إنه غير قاصر عليهم.

كما مع الرغبة الجارفة، على الرغم من أن الغضب قد يطرأ مع أي مِن الإدراكات الحسية أو الذهنية، أساسه التحريف المفاهيمي المُسبق. التحريف الداخلي إما يغالي في الخصال السلبية للمحل أو يضيف إليه خصال سلبية غير موجودة به. بالتالي، ينتبه التحريف المفاهيمي للمحل بطريقة غير متوافقة -على سبيل المثال، الفهم غير الصحيح لشيء غير خاطئ على إنه خاطئ.

من المنظور الغربي، قد نضيف أنه عندما يكون الغضب أو العداء موجه لشخص آخر أو مجموعة أخرى فقط يتخذ هيئة رفض هذا الشخص أو المجموعة. بدلًا من هذا، بسبب الخوف من الرفض من الشخص أو المجموعة، قد نعيد توجيه غضبنا نحو أنفسنا. وقد يبدو أيضًا أن الغضب عادة يدعمه بشكل إضافي التحريف المفاهيمي أو الإنكار المُسبق للخصال جيدة لمحله.

(٣) العجرفة (الكبرياء) هو ذهن مُختال بناء على منظور مُضلل تجاه الشبكة العابرة. كما سيتم توضيحه أدناه ، يُركز هذا المنظور المُضلل على بعض جوانب أو شبكة من الجوانب مِن بين التجمعات الخمسة وتعريفها بأنها "أنا" الأحادية غير المتأثرة المنفصلة عن التجمعات الخمسة وتَتَسيدها. من بين الأشكال والمستويات المختلفة للمناظير المُضللة تجاه الشبكة العابرة، العجرفة أساسها نوع بعينه من التشبث بالـ"أنا" الذي ينشأ تلقائيًا. تجعلنا العجرفة غير مُقدرين للآخرين ولا نحترم الخصال الجيدة التي لديهم وتمنعنا من تعلم أي شيء. هناك سبعة أنواع لها: 

  • العجرفة هي الذهن المُختال الذي يشعر "أنا أفضل من شخص آخر أدنى مني في بعض الخصال".
  • العجرفة المُغالية هي الذهن المُختال الذي يشعر "أنا أفضل من شخص آخر مساوي لي في بعض الخصال".
  • العجرفة المشينة هي الذهن المختال الذي يشهر "أنا أفضل من شخصًا مساوي لي في بعض الخصال".
  • العجرفة المنحسرة في الذات هي الذهن المختال الذي يفكر في "أنا" بينما يُركز على تجمعات إدامة السامسارا. 
  • العجرفة الزائفة أو المتعجلة هي الذهن المختال الذي يشعر بأنه حقق بعض الخصال التي لم يتم حقًا تحقيقها أو لم تتحقق بعد.
  • العجرفة المتواضعة هي الذهن المختال الذي يشعر بأنه أقل بالمقارنة بمن يتفوق عليه في بعض الصفات بقدر هائل، لكن يشعر بأنه أسمى من الجميع تقريبًا.
  • العجرفة المُحَرّفة هي الذهن المختال الذي يشعر بأن بعض الجوانب المنحرفة التي سقط بها هي خصال جيدة تم تحقيقها -على سبيل المثال، أن يكون صيادًا ماهرًا.

ذكر فاسوباندو أن بعض النصوص البوذية ذكرت تسعة أنواع من العجرفة، لكن يمكن أن تندرج تحت التصنيفات الثلاثة عاليه -العجرفة، العجرفة المغالية، العجرفة المتواضعة. التسعة هي الأذهان المُختالة التي تشعر بالتالي:  

  • أنا أسمى مِن الآخرين
  • أنا مساوي للآخرين
  • أنا أدنى من الآخرين
  • الآخرين أسمى مني
  • الآخرين مساويين لي
  • الآخرين أدنى مني
  • ليس هناك مَن هو أسمى مني
  • ليس هناك مَن هو مساوي لي
  • ليس هناك مَن هو أدنى مني.

(٤) عدم الوعي (الجهل)، وفقًا لكل من أسانغا وفاسوباندو، الارتباك أو الغباء عدم معرفة قانون الأسباب والنتائج السلوكي أو طبيعة الواقع. الارتباك هو ثقل الذهن والجسد. عندها، عدم الوعي هو حالة ذهنية مزعجة والذي يتسبب في إعادة الميلاد المتكرر غير المتحكم به ويديمه، ولا يدخل في نطاقه عدم معرفة اسم أحدهم. يُنتج عدم الوعي يقين مُحَرَّف، تردد غير حاسم، واضطراب كامل. بعبارة أخرى، يجعلنا عدم الوعي عنيدين في ثقتنا بشأن شيء غير صحيح، نشعر بعدم الأمان وغير متأكدين من أنفسنا، وقلقين.

وفقًا لنص "شرح (مُلخص ديغناغا عن) أذهان الإدراك الصائب" لدارماكيرتي، عدم الوعي هو أيضًا ذهن معتم يُدرك شيئًا بطريقة معكوسة.

ينشأ السلوك الهدَّام ويصاحبه عدم الوعي بقانون الأسباب والنتائج السلوكي. بالتالي، يشرح أسانغا أنه عبر هذا النوع من عدم الوعي نقوم ببناء كارما اختبار حالات إعادة الميلاد الأسوأ. عدم الوعي بالطبيعة الحقيقية للواقع يُنشئ ويصاحب أي نشاط -هدَّام، بنَّاء، أو غير محدد. مُركزًا فقط على السلوك البنَّاء، يشرح أسانغا أنه عبر هذا النوع من عدم الوعي نقوم ببناء كارما اختبار حالات إعادة الميلاد الأفضل في السامسارا.

وفقًا لفاسوباندو وكل نظم معتقد تقليد الهينايانا (فيباشيكا وسوترانتيكا)، عدم الوعي بالطبيعة الحقيقية للواقع يشير فقط لعدم الوعي بكيفية وجود الأشخاص، نحن أو الآخرين. هذا لأن مدارس معتقد تقليد الهينايانا ليس لديها التأكيد الخاص بالهوية المستحيلة للظواهر، انعدام ذات الظواهر، انعدام هوية الظواهر.

وفقًا لتفسير تقليدي الساكيا والنييغما لمدرسة براسنغيكا وتفسير التقاليد التبتية الأربعة لرؤى مدرستي سفاتانتريكا مدياميكا وتشيتاماترا، المصادر التي يشير فيها أسانغا للطبيعة الحقيقية للواقع لا تشتمل هي الأخرى على عدم الوعي بكيفية وجود الظواهر. هذا لأن تلك المدارس تؤكد أن عدم الوعي بطريقة وجود الظواهر ليس حالة مزعجة للذهن ولا يمنع التحرر. هم يضيفون هذا العامل الذهني مِن بين المعيقات المعرفية، بعبارة أخرى المعيقات الخاصة بكلية المعرفة وتمنعها.

تفسير الغيلوك والكارما يوغا لرؤية براسانغيكا مدياميكا يشمل عدم الوعي بالطبيعة الحقيقية لوجود كل الظواهر كنوع مِن عدم الوعي الذي هو حالة ذهنية مزعجة. بالتالي، يضمونه فيما يشير إليه أسانغا وتحت المعيقات الشعورية، بعبارة أخرى المعيقات التي هي مشاعر ومواقف داخلية مزعجة والتي تمنع التحرر.

الغُفل هو تصنيف فرعي من عدم الوعي، عندما يستخدم بطريقة تقنية، يشير فقط إلى عدم الوعي الذي يصاحب الحالات الذهنية الهدَّامة -كل من عدم الوعي بقانون الأسباب والنتائج السلوكي والطبيعة الحقيقية للواقع.

الرغبة الجارفة (أو التعلق، وفقًا للتعريف)، العداء، والغُفل هما الثلاث مشاعر السامة.

(٥) التردد غير الحاسم (الشك) هو دعم ذهنين بشأن ما هو صحيح -بعبارة أخرى، التردد بين قبول أو رفض ما هو حقيقي. ما هو حقيقي يشير إلى حقائق مماثلة للحقائق الأربع النبيلة وقانون الأسباب والنتائج السلوكي. علاوة على هذا، التردد قد يميل اكثر نحو جانب لما هي الحقيقة أكثر من جانب ما هو زائف، أو الانقسام بالتساوي بين الاثنين. التردد غير الحاسم يعمل كأساس لعدم الانخراط فيما هو بنَّاء.

يشير أسانغا إلى أن السبب الرئيسي للمشاكل هنا هو التردد المرتبك غير الحاسم. يشير هذا إلى التردد الذي يميل أكثر نحو القرار غير الصحيح بشأن الواقع. هو مُسبب للمشاكل لأنه، إذا كان التردد يميل أكثر نحو ما هو صحيح أو منقسم بتعادل بينهم، لكان من الممكن أن يقود إلى الانخراط فيما هو بنَّاء.

(٦) المناظير المُضللة تنظر إلى محالها بطريقة معينة. تسعى إلى محالها وتنظر لها كشيء يُلتصق به، دون تمحيص، تحليل، أو تحري من جانبها. بعبارة أخرى، هي فقط لديها موقف داخلي نحو محالها. تحدث فقط أثناء الإدراك المفاهيمي ويصاحبها إما التحريف المفاهيمي أو الرفض. كعوامل ذهنية، مع ذلك، هي ذاتها لا تقوم بالتحريف المفاهيمي أو الرفض لأي شيء.

هناك خمسة مناظير مُضللة. يشرح أسانغا أن كل منهم هو وعي تمييزي مُضلل مزعج. هم مع ذلك ليسوا تصنيفًا فرعيًا يندرج تحت الوعي التصنيفي الذي هو عامل ذهني تأكيدي. هذا لأنهم لا يفون بمعايير أسانغا لهذا الوعي التمييزي، أي أنهم يفهمون محلهم بشكل صحيح.  

علاوة على هذا، يشرح أسانغا أن كل من المناظير الخمسة المُضللة تشتمل على:

  • التحمُّل للمنظور المُضلل، حيث أنها تفتقد التمييز لترى أنها تجلب المعاناة
  • التعلق بها، حيث أنها لا تُدرك كونها مُضللة
  • الاعتقاد في إنها صحيحة
  • الإطار النظري الذي يربط بها بشكل وثيق
  • افتراض إنها صحيحة.

المناظير الخمسة المُضللة

(١) المنظور المُضلل نحو الشبكة العابرة (الرؤية الزائفة للشبكة العابرة) يسعى ويلتصق بأحد الشبكات العابرة من التجمعات الخمسة المُديمة للسامسارا الخاصة بنا كأساس للتحريف الداخلي (إسقاط) الإطار المفاهيمي المصاحب لها (الموقف الداخلي) الذي ترتبط به بشدة. الإطار المفاهيمي هو "أنا" أو "ملكي". هذا المنظور المُضلل لا يُركز على تجمعات أي شخص آخر. مع ذلك، "أنا" و"ملكي" هنا لا يشيران إلى الوجود الشائع لهما، لكن للزائف غير المتوافق على الإطلاق مع أي شيء حقيقي. الـ"أنا" الزائفة قد تكون أحادية ثابتة يمكنها أن توجد مستقلة عن عناصر التجمعات أو "أنا" يمكن معرفتها بذاتها. بالتالي هذا المنظور المُضلل نحو الشبكة العابرة قائم على عدم الوعي بكيفية وجود الـ"أنا" الشائعة ويصاحبه التشبث بالذات المستحيلة للشخص. هذا التشبث بالذات المستحيلة للشخص هو ما يقوم بالفعل بإسقاط التحريف الداخلي للـ"أنا" أو "ملكي" الزائفين، وليس المنظور المُضلل ذاته.

بشكل أكثر تفصيلًا، المنظور المُضلل نحو الشبكة العابرة هو وعي تميزي مُضلل مزعج "يتشبث" بالشبكة العابرة للتجمعات كما لو إنها متطابقة مع "أنا"، أي مع "أنا" الزائفة، أو يتم التشبث بها على إنها لي، بعبارة أخرى على إنها مختلفة بالكامل عن "أنا" الزائفة. على سبيل المثال مثل المالك، المتحكم بهم، أو ساكنهم. معنى "التشبث" هنا هو الإدراك المفاهيمي للمحل عبر وسيط تصنيف أو أكثر مُحرف داخليًا والتفكير في أن التحريف الداخلي لتلك التصنيفات صحيح. التصنيفات المفاهيمية تُشكل الإطار المفاهيمي الذي يتمسك هذا المنظور المُضلل به بشدة. في هذه الحالة، تتضمن التصنيفات المُحرفة داخليًا كلًا من "أنا" الزائفة المستحيلة وإما "(الواحد) المتطابق تمامًا" أو "(العديد) المختلفين كليًا".

علاوة على هذا، المنظور المُضلل نحو الشبكة العابرة يسعى ويلتصق بواحد أو أكثر من عناصر تجمعاتنا، بناء على تمييز واحد أو أكثر منهم مِن بين كل شيء آخر. كوعي تمييزي مُضلل مزعج، يضيف يقين لهذا التمييز. التفكير الخاطئ (الانتباه بطريقة غير متوافقة) يصاحب أيضًا هذا المنظور المُضلل وهو في الحقيقة العامل الذهني الذي ينظر (يلفت انتباه الذهن) لعنصر أو عناصر التجمعات المُركز عليها كتصنيفات مُحرفة.

وفقًا لتسونغكابا، المنظور المُضلل نحو الشبكة العابرة لا يُركز في الحقيقة على التجمعات، وفقًا لشرح أسانغا وفاسوباندو. وفقًا لنظام براسانغيكا غيلوك، يُركز هذا المنظور المُضلل على "أنا" الشائعة، التي يتم عنونتها على الشبكة العابرة لعناصر التجمعات. علاوة على هذا، "أنا" الزائفة التي يتمسك بها هذا المنظور المُضلل بشدة وكأن لها أيضًا وجود مثبت حقًا.

(٢) المنظور المتطرف الذي ينظر إلى الخمسة تجمعات لإدامة السامسارا بشكل أبدي أو عدمي. في نص "العرض الكبير للمراحل المتدرجة للمسار"، يوضح تسونغكابا هذه النقطة عبر شرحه أن المنظور المتطرف هو وعي تمييزي مُضلل مزعج يُركز على "أنا" الشائعة التي قام الموقف الداخلي المزعج السابق بتعريف الشبكة العابرة بها. يفكر هذا المنظور المتطرف في "أنا" الشائعة بأن لها هوية أبدية أو ليس لها استمرارية في الحيوات المستقبلية. وفقًا لفاسوباندو، المنظور المتطرف ينظر إلى عناصر تجمعات إدامة السامسارا على إنها دائمة للأبد أو تنتهي بالكامل مع الموت، دون استمرارية في الحيوات المستقبلية.

(٣) التمسك بالمنظور المُضلل على إنه منظور سامي (منظور السمو الزائف) يَعْتَبر أحد مناظيرنا المُضللة وتجمعات إدامة السامسارا القائم عليها هذا المنظور ساميين. يحدد تسونغكابا أن ما يستهدفه هذا الوعي التمييزي المُضلل المزعج قد يكون هو منظورنا المُضلل للشبكة العابرة، منظورنا المتطرف، أو منظورنا المُحَرّف. وفقًا لفاسوباندو، هذا الموقف الداخلي المزعج قد يتناول بانتباه غير متوافق تجمعات إدامة السامسارا، التي يُنْتَج على أساسها أي من تلك المناظير الثلاثة السابقة، على إنها نظيفة بالكامل بطبيعتها أو إنها مصدر للسعادة الحقيقية.

(٤) منظور التمسك بأخلاق أو سلوكيات مُضللة كشيء سامي والذي ينظر لهم على أنهم مُنَقَيين، مُحَرَرين، ويقدمون بالتأكيد نوعًا من الأخلاق المُضللة، نوعًا من سلوكيات مُضللة، وتجمعات إدامة السامسارا التي أنشئت تلك الأخلاق والسلوكيات المُضللة. هذا المنظور المُضلل مشتق مِن التمسك بالمنظور المُضلل نحو الشبكة العابرة، المنظور المتطرف، أو المنظور المُحَرّف. هو يعتبر الأخلاق والسلوكيات المُضللة كمسار لتنقيتنا من قوى الكارما السلبية (الإمكانات الإيجابية)، تحريرنا من المشاعر المزعجة، وسينجينا بالتأكيد من السامسارا (إعادة الميلاد المتكرر غير المتحكم به). ويعتبر أيضًا أن تجمعات إدامة السامسارا التي تم تهذيبها وفقًا لتلك الأخلاق والسلوكيات المُضللة قد تم تنقيتها، تحريرها، وبالتأكيد تحرريها.

يوضح تسونغكابا أن الأخلاق المُضللة هي تخليص أنفسنا من سلوكيات تافهة والتي التخلي عنها ليس له قيمة، مثل الوقوف على قدمين. السلوك المُضلل هو تحديدًا الانخراط في بعض الطرق التافهة الخاصة بطريقة ارتدائنا للملابس أو التحدث والتي تبنيها ليس له معنى، مثل تدريبات النُسَّاك الذين يقفون عرايا على قدم واحدة تحت الشمس الحامية.

(٥) المنظور المُحَرّف (الرؤية الزائفة) النظر إلى سبب حقيقي، أثر حقيقي، وظيفة حقيقية، أو وجود ظاهرة على إنهم غير حقيقيين أو ليس لهم وجود. بالتالي، يصاحبه رفض، على سبيل المثال، حقيقة أن السلوك البنَّاء والسلوك الهدَّام هم الأسباب الحقيقية لاختبارنا للسعادة والتعاسة. الرفض قد يكون لحقيقة أن السعادة والتعاسة هما أثر أو نتيجة تُثمر عن قوى الكارما الإيجابية والسلبية. أو قد يكون رفض لحقيقة عمل الحيوات الماضية والمستقبلية؛ أو رفض حقيقة وجود التحرر والاستنارة.

وفقًا لتسونغكابا ومدرسة الغيلوك براسانغيكا، المنظور المُحَرّف قد يتبنى أيضًا سبب زائف، أثر زائف، وظيفة زائفة، أو ظاهرة غير موجودة كأن لهم وجود حقيقي. بالتالي، فمن الممكن أيضًا أن يصاحبه التحريف الداخلي، مثال، أن المادة الأولية أو الإله الهندوسي إشفارا هما سبب أو خالق الكائنات المحدودة.

المشاعر المزعجة المساعدة العشرون

المشاعر المزعجة المساعدة العشرون المشتقون من الثلاثة مشاعر السامة، الرغبة الجارفة، العداء، أو الغُفل.

(١) الكراهية هي جزء من العداء وهي نية قاسية للتسبب في الأذى.

(٢) الاستياء هو جزء من العداء وهو حمل الضغينة. هو المحافظة على نية الانتقام والثأر مِن الأذى الذي وقع علينا أو على أحبائنا.

(٣) التستر على التصرف غير الملائم هو جزء من الغُفل وهو إخفاء تصرفاتنا غير المستحبة أو عدم الاعتراف بها، سواء لأنفسنا أو للآخرين. قد تكون أفعالًا غير مستحبة بطبيعتها، مثل الفعل الهدَّام لقتل بعوضة. بدلًا من هذا قد تكون أفعلًا غير مستحبة ممنوعة -أفعال طبيعية منعها بوذا عن أفراد بعينهم والتي نتعهد بالامتناع عنها، مثل تناول الطعام بعد الظهر إذا كنا رهبان أو راهبات كاملي الرسامة.

(٤) الإهانة هو جزء من العداء وهي نية التحدث بشكل مسيء، بناء على كراهية واستياء.

(٥) الحسد هي جزء من العداء وهي الشعور المزعج لعدم القدرة على تحمل الخصال الجيدة للآخرين أو حسن حظهم، نتيجة للتعلق الشديد تجاه نجاحنا أو الاحترام الذي نحصل عليه. بالتالي، كلمة غيرة لا تحمل ذات معنى الكلمة الإنجليزية حسد. بالإضافة لهذا، يتمنى الحسد أمتلاك تلك الصفات أو الحظ الجيد وعادة به أمنية حرمان الآخر منها.

(٦) الجشع هو جزء من الرغبة الجارفة وهو التعلق للكسب المادي أو الاحترام، وعدم الرغبة في التخلي عن أي ممتلكات، والتشبث بها وعدم الرغبة في مشاركتها مع الآخرين أو استخدامها بشكل شخصي. بالتالي، الجشع، به ما هو أكثر من الكلمة الإنجليزية بخل. البخل هو مجرد عدم الرغبة في المشاركة أو استخدام شيئًا نمتلكه. يفتقد للاكتناز الموجود في الجشع.

(٧) يقع الادعاء تحت تصنيف الرغبة الجارفة والغُفل. لأنه تعلق شديد بالكسب المادي والاحترام الذي نتلقاه، ويُفَّعِله الرغبة في خداع الآخرين، الادعاء هو التظاهر باستعراض أو ادعاء ملكية خصال جيدة ليست لدينا.

(٨) إخفاء العيوب أو الرياء هو جزء من الرغبة الجارفة والغُفل. لأنه التعلق الشديد بمكاسبنا المادية والاحترام الذي نتلقاه، هذه حالة ذهنية نخفي بها عيوبنا وأخطائنا عن الآخرين.

(٩) الزهو أو الخيلاء هو جزء من الرغبة الجارفة. نتيجة لرؤية علامات طول العمر أو أي مجد بالسامسارا، نتيجة للصحة، الشباب، الثراء، وما شابه، الزهو هو الذهن المُختال الذي يشعر بالسعادة والسرور من هذا.

(١٠) القسوة جزء من العداء ولها ثلاثة أشكال:

  • الغِلْظَة هي قسوة افتقاد الشفقة والتي نتمنى معها التسبب في الأذى والضرر للآخرين.
  • تدمير الذات هي قسوة افتقاد حب الذات مع أمنية التسبب في الأذى والضرر لأنفسنا.
  • المتعة المنحرفة هي قسوة الابتهاج برؤية أو السماع  لمعاناة الآخرين.

(١١) انعدام حِّس الكرامة الذاتية (حس الشرف) هو جزء من أي من المشاعر السامة الثلاثة. هو أفتقاد لأي حس بالامتناع عن السلوك الهدَّام بسبب الاهتمام بالطريقة التي تنعكس بها أفعالنا علينا. وفقًا لفاسوباندو، هذا العامل الذهني معناه أنه ليس لدينا حس بالقيمة. هو افتقاد لاحترام الخصال الإيجابية أو الأشخاص الذين يحملونها.

(٣١) عدم الاهتمام بالطريقة التي ستؤثر بها أفعالنا على الآخرين هو جزء من أي من المشاعر السامة الثلاثة. هو افتقاد لأي حس للامتناع ن السلوك الهدَّام بسبب الاهتمام بالطريقة التي تؤثر بها أفعالنا على هؤلاء ذوي الصلة بنا. مثل هؤلاء الأشخاص قد يكونون أعضاء أسرتنا، معلمينا، دوائرنا الاجتماعية، مجموعتنا العرقية، ديانتنا، أو مواطنين دولتنا. بالنسبة لفاسوباندو، هذا العامل الذهني يعني افتقاد أي وازع، وافتقاد القدرة على الامتناع عن التصرف السلبي بوقاحة. هذا العامل الذهني والسابق يصاحبان كل الحالات الذهنية الهدَّامة.

(٣١) ضبابية الذهن جزء من الغُفل. هي الشعور بثقل الجسد والذهن والذي يجعل الذهن غير صافي، غير قابل للاستخدام، وغير قادر على توليد المظهر الإدراكي لمحله أو فهم المحل بشكل صحيح. عندما يصبح الذهن غير صافي، نتيجة لضبابية الذهن، فهذه هي البلادة الذهنية.

(٤١) التقلب الذهني هو جزء من الرغبة الجارفة. هو العامل الذهني الذي يتسبب في شرود انتباهنا عن محله وبدلًا من هذا نتذكر أو نفكر في شيء آخر جذاب اختبرناه سابقًا. بالتالي، يتسبب في فقدان راحة بالنا.

(٥١) عدم التصديق في الحقيقة هو جزء من الغُفل وله ثلاثة أشكال والتي هي عكس الأشكال الثلاثة للتصديق في صحة الحقيقة:

  • عدم التصديق في الحقيقة القائمة على المنطق، مثل عدم التصديق في قانون الأسباب والنتائج.
  • عدم التصديق في الحقيقة، مثل الخصال الجيدة لجواهر الملجأ الثلاث، ويتسبب عدم التصديق هذا في جعل أذهاننا مشوشة بالمشاعر والمواقف الداخلية المزعجة وتصبح أذهاننا غير سعيدة.
  • عدم التصديق في الحقيقة، مثل وجود إمكانية تحقيقنا للتحرر، بحيث نفقد الاهتمام في التحرر ولا نطمح لتحقيقه.

(٦١) الكسل هو جزء من الغُفل. مع الكسل، لا يتحرك الذهن نحو، أو ينخرط مع، شيء بنَّاء لأنه متشبث بمتعة النوم، الاستلقاء، الاسترخاء، وما شابه. هناك ثلاثة أنواع:

  • الفتور والتأجيل، عدم الشعور بالرغبة في القيام بشيء بنَّاء الآن وتأجيله لاحقًا بسبب اللامبالاة تجاه معاناة السامسارا المتكررة غير المتحكم بها، التشبث بمتعة الكسل، أو التعطش للنوم كأداة للهرب.
  • التشبث بالأنشطة أو الأشياء السلبية أو التافهة، مثل المقامرة، تناول الكحول، الأصدقاء ذوي التأثير السيئ علينا، الذهاب إلى الحفلات، وما شابه.
  • الإحباط والشعور بعدم الكفاءة.

(٧١) عدم الاهتمام (اللامبالاة، الاندفاع). بناء على الرغبة الجارفة، العداء، الغُفل، أو الكسل، عدم الاهتمام هو حالة ذهنية لعدم الانخراط في أي شيء بنَّاء وعدم الامتناع عن الأنشطة الملوثة بالارتباك. عدم أخد الأمر بجدية وبالتالي عدم الاهتمام بشأن أثر سلوكنا.

(٨١) النسيان. نتيجة لتذكر شيء لدينا نحوه مشاعر أو مواقف داخلية مزعجة، النسيان هو فقدان محل التركيز بحيث نشرد نحو المحل المزعج. يخدم نسيان محل التركيز أو النسيان كأساس للشرود الذهني.

(٩١) عدم التنبه هو وعي تمييزي مُضلل مزعج يرافق الرغبة الجارفة، العداء، أو الغُفل، ويتسبب في الانخراط بأنشطة جسدية، لفظية، ذهنية غير ملائمة بدون أن نعرف بشكل صحيح ما هو ملائم وما غير ملائم. بالتالي، لا نتخذ خطوات لتصحيح أو منع السلوك غير الملائم.

(٠٢) الشرود الذهني هو جزء من الرغبة الجارفة، العداء، أو الغفل. هو العامل الذهني الذي، نتيجة لأي من المشاعر السامة، يتسبب في شرود أذهاننا عن محل تركيزها. إذا شردنا نتيجة الرغبة الجارفة، محل الرغبة ليس بالضرورة أن يكون شيء نحن معتادين بالفعل عليه، كما في حالة تقلب الذهن.

الأربعة عوامل الذهنية المتغيرة

يضع أسانغا قائمة تضم أنواع العوامل الذهنية ذات الحالة الأخلاقية المتغيرة. يمكنهم أن يكونوا بنَّائين، هدَّامين، أو غير محددين، ويعتمد تحديدهم على الإدراك الذي يتشاركون معه في الخصائص  الخمسة المتطابقة.

(١) النُعاس أو النوم هو جزء من الغُفل. النوم هو الانسحاب من الإدراك الحسي، يتميز بالشعور بالثقل، الضعف، التعب الجسدي والإعتام الذهني. ويتسبب في ترك الأنشطة.

(٢) الندم هو جزء من الغُفل. حالة ذهنية لا تتمنى تكرار شيء ما، سواء كان ملائمًا أو غير ملائم، قمنا به أو شخص آخر جعلنا نقوم به.

(٣) التحري العام هو عامل ذهني يتحرى شيئًا بشكل عام، مثل تحري ما إذا كان هناك أخطاء في الصفحة.

(٤) الفهم المتعمق الدقيق هو عامل ذهني يدقق بشكل تفصيلي ليصل لفهم عميق لتفاصيل بعينها.

العوامل الذهنية التي لا تنتمي لأي من التصنيفات السابقة

نتيجة لقيام التشبث بالوجود الحقيقي بالتحريف الداخلي للطرق المستحيلة للوجود لمحاله، بالتالي هو ليس ذهن رئيسي ولا عامل ذهني فرعي، إلا إنه قد يُصاحب كل منهما. علاوة على هذا، لأنه ليس عامل ذهني، فهو أيضًا ليس شعورًا أو موقفًا داخليًا مزعجًا.

وفقًا لشرح الغيلوك براسانغيكيا، التشبث بالوجود الحقيقي يصاحب كل لحظات الإدراك المفاهيمي وغير المفاهيمي، ما عدا إدراك الأريا غير المفاهيمي للخلو. هو أيضًا لا يصاحب لحظات الإدراك المفاهيمي للخلو لدى شخص بالمسار الذهني المسمى التطبيق (مسار الإعداد) في اللحظة السابقة لتحقيقه أو لتحقيقها للمسار الذهني المسمى الرؤية (مسار الرؤية) عبر الإدراك غير المفاهيمي للخلو. أثناء الإدراك الحسي والذهني غير المفاهيمي، يكون التشبث بالوجود الحقيقي غير متجسد. وفقًا لنصوص جِتسونبا، يكون حاضرًا كوعي دويني، والذي يظل طريقة للوعي بالشيء. وفقًا لنصوص البانشن لاما، هو حاضر فقط كعادة دائمة، وهذه ليست طريقة للوعي بالأشياء، لكنه متغير مؤثر غير متطابق. وفقًا للعروض من غير الغيلوك مادياميكا، على الرغم مِن إن عادة التشبث بالوجود الحقيقي حاضرة أثناء الإدراك الحسي غير المفاهيمي والإدراك الذهني، فإن التشبث ذاته غير حاضر. وفقًا لتأكيدات تقليد الكارما كاغيو، التشبث بالوجود الحقيقي لا يكون أيضًا حاضرًا أثناء أول لحظة من الإدراك المفاهيمي.

بشكل مماثل، الوعي العميق للاستغراق التام على الخلو والوعي العميق للتحقُّق اللاحق (الحكمة التالية للتأمل) هما ليسا وعيان أساسيان ولا عاملان ذهنيان، على الرغم من أنهما يصاحبا كل منهما. هذا لأنهما ليسا طُرقًا للوعي بالمحال؛ هما أيضًا يدحضا الوجود الحقيقي لهما.

Top