التغلب على فتور الهمة

البيت الخامس عشر عن ألا تُثبَط عزيمتنا عندما نتأمل على البوديتشيتا

تذكُر طبيعة بوذا للتغلب على فقد العزيمة أثناء التأمل على البوديتشيتا

(١٥-أ) وعندما تبدأ مشاعر فقد العزيمة في الظهور، دعوني أمدح بهاء الذهن.

يتحدث هذا البيت عن مشكلة كبيرة تحدث عندما نرغب في التأمل على البوديتشيتا، وهي فقد العزيمة والشعور بأن هذا "كثير جدًا؛ لا يمكنني القيام بهذا". النصحية هنا هي مدح بهاء الذهن. "بهاء الذهن" يشير إلى الجوانب الرائعة للذهن، خاصة الجوانب المختلفة لطبيعة بوذا. التركيز على جوانب طبيعة بوذا بالذهن، والتي سأشرحها باختصار، يمكن أن يساعدنا على التغلب على فقد عزيمتنا.

كيف يمكننا بالفعل التعامل مع فقد العزيمة؟ هذا سؤال هام للغاية. من أجل أن نكون قادرين على التأمل على البوديتشيتا، نحتاج لأن نعرف كيفية التعامل مع هذا التحدي. بناء على خبرتي وخبرة الآخرين في التعامل مع هذا الأمر، وجدت أن النصيحة العامة التي قدمها تسونغكابا عن كيفية بناء التخيل مفيدة للغاية. ما قاله هو أن يكون لدينا في البداية شيء عام كمحل للتركيز. ثم، بينما ننمي التركيز أفضل مع الوقت، ستظهر تفاصيل هذا الشيء بشكل تلقائي. لكن لا يجب ألا نقلق بشأن التفاصيل في البداية؛ وإلا، سنكون محبطين للغاية.

أعتقد أن هذه نصيحة مفيدة للغاية فيما يتعلق بكيفية التأمل على البوديتشيتا. في التانترا، عندما نتخيل أنفسنا كأحد هيئات بوذا، الشيء الأساسي هو أن نركز على الشعور الذي يطلق عليه "كبرياء هيئة بوذا"، والذي يعني الشعور بالثقة بالنفس بأننا بالفعل هيئة بوذا – الذي هو "أنا" – بالرغم من وعينا الكامل بأني فقط أطلق على "نفسي" هيئة بوذا والتي يمكني أن أصبح عليها على أساس من أسباب تلك الهيئة باستمراريتي الذهنية. هيئة بوذا ذاتها هي مجرد محل مبهم للتركيز؛ التفاصيل غير واضحة، لكن الثقة بأننا هيئة بوذا قوية. يمكننا القيام بشيء مشابه مع البوديتشيتا. مع البوديتشيتا، نركز على أستنارتنا الفردية التي لم تتحقق بعد، ولكنها يمكن أن تتحقق اعتمادًا على أسبابها، عناصر طبيعة بوذا باستمراريتنا الذهنية. حالة الاستنارة التي نهدف لتحقيقها مجرد شيء مبهم في تركيزنا، لكن ثقتنا أننا سنحوزها لأجل نفع الآخرين قوية للغاية.

في البداية، سنكون محبطين للغاية، إذا حاولنا التفكير في سياق ما معنى الاستنارة حقًا وما معنى أن يكون لدينا كل خصال بوذا – أن نكون قادرين على نفع كل شخص بما يتوافق مع أحتياجاته أو أحتياجاتها، أن نكون قادرين على التحدث بلغة يفهمها الجميع، أن نكون قادرين على أن نتضاعف لملايين ومليارات الهيئات، وأشياء من ذلك القبيل. إذا حاولنا القيام بذلك، فمن المحتمل أن تُثبط عزيمتنا. لا أعتقد أنه من المفيد في البداية أن نحاول تخيل كل خصال بوذا التي نهدف للحصول عليها بالتفصيل. إنها فكرة عامة لما هي الاستنارة التي نحتاج أن نركز عليها مع شعورنا بأن هذه هي بالفعل استنارتنا المستقبلية.

في البداية، نحتاج أن نبني أنفسنا للحالة الفعلية لذهن وقلب البوديتشيتا. إنه فقط عندما نتقدم جدًا في المسار سيأتينا هذا الذهن بشكل تلقائي. كيفية بناء تلك الحالة الذهنية هي إما بتأمل النقاط السبعة السبب والنتيجة أو تأمل مساواة واستبدال الذات بالآخرين. الآن ليس وقتًا مناسبًا للخوض في تفاصيل كيفية القيام بتلك التدريبات، لكن النقطة الأساسية بهم – فيما له علاقة بالشعور الذي نرغب في توليده – هي أن يكون لدينا شعورًا هائلًا جدًا من الانفتاح، أن نمد حدود اعتناءنا بشكل عظيم.

سواء كان شعور الانفتاح هذا قوي في البداية أم لا فهذا شيء غير هام. سينمو مع الوقت. إنه مثل تدريب التخيل: سيصبح مُركزًا أكثر وأكثر وبشكل أفضل مع الوقت. نحن فقط نرغب في توسيع نطاق أذهاننا: "الجميع متساوون، ولذا سيكون لدي أهتمام متساوي بالجميع". لا تَعلَق في تفاصيل من نوع "ماذا عن الصرصور؟" و"ماذا عن البعوضة؟" و"ماذا عن كائنات الجحيم؟" هذه تفاصيل. النقطة الأساسية هي أن نوسع نطاقنا، أن يكون لدينا هذا الانفتاح، هذا النطاق الفسيح.

ثم نضيف لانفتاح المشاعر هذا خصلة الشعور بـ "أريد أن أكون سعيدًا والجميع كذلك. لا أريد أن أعاني ولا أحد كذلك. جميعنا متساوون في ذلك". نحن بهذه الطريقة ندع مشاعر الرغبة في السعادة وعدم الرغبة في التعاسة تمتد بما يتجاوز حدود شعورنا المعتاد بالـ"أنا". نحن ننفتح ونترك تلك المشاعر تشع للخارج. ثم نضيف لذلك فكرة، "أن نكون بالفعل قادرين على جلب السعادة لأنفسنا وللآخرين، نحتاج أن نصل للاستنارة، والجميع بحاجة للوصول للاستنارة". نشعر بقوة شديدة أننا "حقًا نرغب في القيام بذلك، لأجلي ولأجل الآخرين".

إنه كما لو أن هناك شمس من الحب، الشفقة والاهتمام بالآخرين بداخلنا، ترغب في أن تشع على الجميع وتجلب لهم الاستنارة. ما نحن بحاجة للقيام به هو أن نخلص أنفسنا من الحدود التي تقيد أهتمامنا بأنفسنا فقط وأن نتخيل تلك الشمس تسطع دون أي حدود. لا تقلقوا لأي مدى – "هل لألف كيلومتر، مليون كيلومتر، أم عشرين مليون سنة ضوئية؟" هذا غير هام. النقطة الرئيسية هي أن نحاول أن يكون لدينا شعور باللامحدودية، بمعنى، أن تسطع للخارج بدون حدود – الحب غير المحدود، الشفقة غير المحدودة، الاهتمام غير المحدود. هذا هو الأمر بالكامل – أن نصبح شاسعين، شاسعي القلب، شاسعي الذهن.

ثم نفكر، "الاستنارة – هذا ما أحتاج لأن أصل إليه". ومرة أخرى، لا يجب أن يكون لدينا كل التفاصيل، فقط شعورًا عامًا بهذا. الشعور العام بأن هذا "أسمى حالة ممكنة، أقصى حالة تطور مع إزالة كل محدوديتي". فقط حاولوا أن يكون لديكم هذا الشعور بالامتداد للخارج. لا يهمك كم من الوقت سيتطلب الوصول للاستنارة. لذا، هناك أيضًا شعور الامتداد فيما له علاقة بالزمن أيضًا. لذا، هناك هذه المساحة الشاسعة للغاية والتي تشمل جميع الأبعاد – الأبعاد المكانية، الأبعاد الزمانية، أبعاد النمو، أبعاد الخصال. مرة أخرى، لا تقلقوا بشأن التفاصيل. فقط ليكن لديكم هذا الشعور بالاتساع، أتساع الدفء. هذا ما تعنيه كلمة "ماها" في الماهايانا: شاسع.

ثم، داخل هذا، هناك – مثل الوهم – هيئة بوذا. سواء تخيلنا أنفسنا كهيئة بوذا، كما نفعل في التانترا، أو نتخيلها أمامنا، هذا لن يشكل فارق. يمكننا أيضًا القيام بها بأسلوب الماهامودرا بأن يكون طبيعة الذهن ذاتها، وضوح الذهن ذاته، الذي يمثل ما نحاول تحقيقه. هذا أيضًا محل للتركيز. لذا، لدينا محورين للتركيز – الاتساع الهائل وتمثيلًا ما لها. إنه مثل المغناطيس؛ نحن فقط ننجذب لهذا التمثيل ولهذا النطاق الشاسع. هذا ما نركز عليه مع البوديتشيتا.

بالتالي، البوديتشيتا ليست مجرد الشفقة: "أنت شخص فقير تعيش بالشارع، أنا أرغب في مساعدتك". إنها ليست هذا على الإطلاق؛ إنها شاسعة أكثر من هذا بكثير. هذه هي الحالة الذهنية التي نرغب في تنميتها. إنها تجلب الدموع لأعيننا. قلوبنا ممتلئة بالكامل؛ إنها ببساطة غامرة للغاية. إنها حقًا حالة ذهنية استثنائية.

الآن، مسألة ما إذا كانت الاستنارة ممكنة أم لا صعب للغاية. من الصعب جدًا أن نكون مقتنعين بالكامل بإمكانيتها عبر المنطق وحده. لذا، هو أن نعطي الأمر ميزة الشك، وهي الكيفية – خاصة لنا كغربيين – التي نميل لأن نتناول بها مسألة إعادة الميلاد. بعبارة أخرى، نقول، "حسنًا، دعونا نفترض إنها ممكنة. لذا، دعونا نعمل عليها ونرى إلى أي ستقودنا. سأكون صبورًا لإدراكي إنه من الصعب جدا فهمها ومن الصعب جدًا الاقتناع بها. وستتطلب سنوات وسنوات للوصول إلى ذلك المستوى. ولن تكون أبدًا ببساطة "ها، لقد اقتنعت بها! "بأي حال من الأحوال". لذا، نحن نعمل عليها. نعود ذهننا عليها.

ما الذي نعمل به؟ نعمل مع طبيعة بوذا، كما ذُكر هنا. لذا ما الذي نتحدث عليه؟ طبيعة بوذا هي عنصر، أو بشكل أكثر دقة، شبكة العناصر التي تسمح لهذه التنمية اللانهائية للحدوث.

  • لدينا عدة عوامل التي يمكن تحفيزها لتنموا والتي يمكن تنميتها. على سبيل المثال، هناك دفء طبيعي للذهن؛ غريزة الاعتناء بشخص آخر؛ تلك الخصلة الطبيعية للذهن بأن يُخرج الطاقة – قدرة الذهن على الفهم، التواصل، الشعور؛ شبكة القوة الإيجابية وشبكة الوعي العميق تُنسب إلى استمراريتنا الذهنية. كل تلك الخصال، والتي هي بالفعل بالذهن، يمكن أن تُنمى أكثر وأكثر.
  • هناك أيضًا طبيعة بوذا المستمرة. هذا هو خلو الذهن. إنه أيضًا أحد عناصر طبيعة بوذا. خلو الذهن الذي يسمح بالتغيير، بالنمو.
  • النوع الثالث من عناصر طبيعة بوذا هي قدرة الذهن على أن يُلْهَم لينموا ويتطور: نحن لسنا كقطع الحجارة.

التركيز على تلك الأنواع الثلاثة من عناصر طبيعة بوذا، يعطينا التشجيع. نحن نعرف، إنه اعتمادًا على تلك العناصر، يمكننا تحقيق الاستنارة.

باختصار، لدينا فكرة بسيطة عن خصال بوذا التي نهدف لتنميتها لدينا، لكننا لا نتعلق بهذا لأننا عندها سنفقد عزيمتنا. فقط لدينا الشعور بأن هذا يمكن تنميته، أن تلك العناصر المُسببة لتحقيق تلك الاستنارة موجودة. لذا، عندما يكون لدينا هذا الشعور وبأذهاننا هذا النطاق الشاسع، عندها نكون قادرين بالفعل على التأمل على البوديتشيتا.

إذا عملنا على أساس من طبيعة بوذا تلك وذهننا منفتح بهذا الاتساع، لن تُثبط عزيمتنا. فهم ما تعنيه حقًا الاستنارة واكتساب الثقة بأنها يمكن تحقيقها سيأتي لاحقًا. الشيء الأساسي هو هذا الشعور بالاتساع، شعور الدفء الذي هو جزء منه، والثقة الأساسية بأن المادة الخام موجودة.

لا تتدربوا بالحالة الذهنية التي هي "لا يمكنني القيام بهذا؛ إنه كثير جدًا. إنه مستحيل". عندها نحن نُعرِف أنفسنا بـ "أنا" المحدودة. عندها، بدلًا من أن يكون لدينا ثقة هيئة بوذا، لدينا ثقة في "أنا" التي هي جزء من السامسارا – والتي لا تفيد، خاصة إذا استطعنا تذكير أنفسنا بخلوها، بأن "هذه قمامة. هذه ليست الطريقة التي أنا عليها". تركيزنا على الاستنارة المستقبلية التي لم تحدث بعد – نحن نعرف إننا لم نصل لهذا بعد. لذا، فالأمر ليس كأننا نخدع أنفسنا.

تفادي فقدان العزيمة عبر التأمل على الخلو (الخواء)

(١٥-ب) وأتأمل على خلو كلتا (الحالتين).

لتجنب فقدان العزيمة، نحتاج أيضًا للتأمل على خلو كلا من حالة السامسارا غير الملائمة التي بها نحن غير قادرين بها على مساعدة الجميع الآن، وخلو حالة الاستنارة التي نهدف إليها. الخلو، عادة ما يطلق عليه "الخواء"، يعني الغياب الكامل للطرق المستحيلة للوجود. إنه ليس كأن أيًا من الحالتين، سواء حالتنا في السامسارا أو حالتنا عند بلوغ الاستنارة، مثل ذات مغلقة ككرة الطاولة – كرة الطاولة الأولى هي "أنا" العاجزة المحدودة التي لا يمكنها مساعدة أي شخص أو التي يمكنها فقط مساعدتهم بطريقة تافهة للغاية، وكرة الطاولة الأخرى التي هي تلك الاستنارة الخيالية التي يستحيل الوصول إليها. كلًا من تلك الحالتين تنشآن بناء على أسباب وشروط.

شروط الاستنارة موجودة، والتي هي عناصر طبيعة بوذا. تحقيقها هو مجرد مسألة بناء قوة إيجابية كافية ووعي عميق. نقوم بهذا عبر المساعدة الفعلية للآخرين وتعويد أنفسنا على الفهم الصحيح للخلو، أي عبر إدراك أن الأشياء تنشأ معتمدة على علاقتها بالأسباب والنتائج، والجهد الذي نقوم به.

سنتغلب على فقد العزيمة من خلال امتلاكنا لهذا الفهم، بالتفكير بأن هذه الطريقة للوجود مستحيل، وأن يكون لدينا بدلًا من هذا التفكير – كما قلنا سابقًا، عندما تحدثنا عن المثابرة بفرح – موقف داخلي واقعي. نحن نقبل أن هذا سيكون صعبًا. نحن لا نخدع أنفسنا: هذا سيكون صعبًا. لكن هل هناك أي شيء آخر في هذه الحياة ذو قيمة لنقوم به؟ كل شيء آخر تافه بالمقارنة بتنمية هدف البوديتشيتا. قالها شانتيديفا بشكل جيد للغاية في الفصل الأول، فوائد البوديتشيتا، الفصل الأول من كتاب الانخراط بسلوك البوديساتفا:

البيت (١٢) كل شيء آخر بنَّاء مماثل لشجرة لسان الحمل: ما أن تطرح ثمارها، حتى تذبُل، لكن شجرة البوديتشيتا تحمل ثمارها للأبد، ولا تَذبُل أبدًا؛ بل تنموا أكثر وأكثر.

حتى إذا لم يكن من الممكن تحقيق الاستنارة – وهذا ما بأذهاننا الآن مفكرين: لدينا تردد غير حاسم، نتسائل، "هل هذا ممكن أم لا؟ هذا يبدوا رائع للغاية" – هذا لا يهم. وسواء كنا بالفعل كائنات مستنيرة الآن أم لا أو حتى إذا كنا مستنيرين في الماضي، كل هذا غير مهم. بالتأكيد، يمكننا أن ندرك تمامًا أننا يمكننا النمو والتطور أكثر وأكثر. لذا، يمكننا تمثيل كل هذا في سياق، "حسنًا، الحد الأقصى لما يمكننا الذهاب إليه في تطوير أنفسنا – دعونا نطلق على هذا الاستنارة".

أهمية الحصول على الإلهام من المعلم الروحاني حتى لا نفقد عزيمتنا

أعتقد أن هذه هي الطريقة التي نبدأ بها. لن أقول أن هذا هو الفهم النهائي، ليس بأي حال من الأحوال، لكن هذه هي طريقة البدء. ثم يمكننا أن ننطلق؛ وإلا، فسنبقى عالقين في حالة "لا يمكنني القيام بهذا" و"كم أنا بائس". نحن لا يمكننا أن نضع بوذا كهدفًا لنا الآن بأي طريقة من الطرق؛ هذا يتجاوز مخيلتنا ؛ لهذا السبب يقولون أن هناك أهمية قصوى لوجود المعلمين. لنستخدم مثال الذي أعطاه ساكيا بانديتا، المعلم مثل العدسة المكبرة التي تركز أشعة الشمس لتُضرم النار بحطب ذهننا. الشمس، في هذا المثال، هي بالطبع بوذا.

مع المعلمين، مثل قداسة الدالاي لاما أو حتى مع آخر أقل تطورًا من قداسته، نكتسب شعورًا بما يمكن أن يصل إليه نمو أي بشري. هذا يلهمنا. لذا، يمكننا أن نخلق الصلة بين أنفسنا وبين تلك المرحلة التالية الأعلى والتي يكون باستطاعتنا نرى أنفسنا بها وأن نُلهم لنصل إليها. بهذه الطريقة، ننمي المزيد والمزيد. بالطبع لا يمكننا أن نرى أنفسنا كبوذا وكل خصال شاكياموني بوذا. هذا شيء ضخم للغاية. لذا، لا تقلقوا بشأن هذا، أتفقنا؟

عندما نتأمل ويكون لدينا البوديتشيتا المعتادة – ذهننا ينطلق بلا حدود – عندها ندمج فهم الخلو مع هذا النطاق الشاسع، والذي سينطلق به ذهننا أيضًا بلا حدود. هذه هي الطريقة التي نبدأ بها بجلب الاثنين معًا. مفكرين فيما له علاقة بالخلو، نحن نفهم أن لا شيء يوجد مثل كرة الطاولة؛ كل شيء مترابط بشكل تبادلي، معتمد على بعضه البعض بشكل تبادلي، وخصائصه متأثرة بكل شيء آخر في كل أبعاد المكان والزمان. لذا نطاق الماهايانا هذا هام للغاية – بينما نقوم بالتركيز.

لهذا السبب هيئة بوذا أو ما شابهها مفيدة للغاية: تعطي الذهن شيئًا يُركز عليه. عندما يكون ذهننا منفتحًا ومنطلقًا جدًا، من السهل أن نشرد. لذا، نحاول أن يكون لدينا توازن بين اتساع النطاق والتركيز على هيئة بوذا – خاصة بسبب أن هيئة بوذا تضيف للتأمل شعورًا بالهناء. دون أن يكون لدينا شيئًا نركز عليه، من السهل جدا أن "نتيه في هذا الهناء"، لنعبر عن هذا بالخبرات اليومية – أن نشعر بهناء شديد لدرجة تحولنا مثل جرو الكلب المستلقي على ظهره وقدميه في الهواء، وبطنه تمسد.

البيت السادس عشر عن تجنب فقد العزيمة عبر تطبيق الخلو على أيٍ مما نختبره

أعتبار كل شيء مثل الوهم

(١٦-أ) أينما نشأ بالموقف شيئًا محلًا للتعلق أو العدوان، دعوني أعتبره مثل الوهم أو الإسقاط؛

هذا بعد أن نستغرق في التأمل على فهم الخلو. عندما نتعامل مع أي موقف يتسبب في إزعاج أذهاننا، من الهام أن نعتبره مثل الوهم حتى لا تثبط عزيمتنا. عندما يكون لدينا صعوبات أو تظهر العقبات، نراها مثل الوهم، كما الحلم. عندما نستيقظ من الحلم، يختفي؛ ينتهي الحلم، على الرغم من حدوثه. قد نتذكره، ربما، لكنه ليس شيء يحدث الآن. لذا، أينما تنشأ الحالة الذهنية أو المزاج أو الموقف المثبط للعزيمة، ندرك إنه ليس شيئًا راسخًا. لقد نشأ نتيجة أسباب وشروط، وسيمر، مثل الحلم.

هذا يعطينا الشجاعة. رؤية كل شيء مثل الوهم أو مثل الإسقاط يعطينا الشجاعة بألا ننخدع به. إنه مثل مشاهدة فيلم رعب. إذا كنا نشاهد فيلم رعب، قد نخاف. لكن إذا أدركنا إنه مجرد فيلم – فقط ممثلون بمستحضرات تجميل على الشاشة – يمكننا أن نحظى بالشجاعة وألا نخاف بشدة. هذه نصيحة مفيدة للغاية. الأشياء تحدث – فقد العزيمة أو المواقف الصعبة. لذا، نقول، "حسنًا، هذا ليس بالأمر الكبير. لقد نشأ هذا نتيجة أسباب وشروط. تبدوا راسخة، لكنها مثل الحلم"، ثم نستخدم المضاد للتعامل معها.

إنه مثل أن تكون في الهند وتجد عقرب في حذائك. لا تصاب بالهلع؛ لا تصنع جلبة نتيجة لهذا:  "حسنًا، هناك عقرب في حذائي". إنه مثل الوهم بمعنى أنه ليس وحشًا بشعًا. تلتقط حذائك، تذهب للخارج، وتَنفُض حذائك بالخارج. ترجع للداخل مرة أخرى وتضع حذائك. انتهى الأمر. ما المشكلة الكبيرة في هذا؟

هذه هي طريقة التعامل مع فقد العزيمة وكيفية التعامل مع المواقف الصعبة. "حسنًا، لقد نشأت. إنها مثل العقرب في حذائي. لذا، أحتاج لأن أتعامل معها. وإذا احتجت وقت لأهدأ، سآخذ بعض الوقت لأهدأ. ما المشكلة في هذا؟"

أعتبار الكلمات غير السارة كصدى الصوت والأذى كثمرات الكارما من الماضي

(١٦-ب) أينما سمعت كلمات غير سارة، دعوني أعتبرهم مثل صدى الصوت؛ ومتى حدث لجسدي أذى، دعوني أعتبره كما (لو أنه جاء) من الكارما السابقة.

هذا مشابه لنص تدريب المواقف الداخلية (تدريب الذهن) الذي كتبه دارماكشيتا معلم آتيشا – عندما نسمع كلمات غير سارة فإنها مثل صدى الصوت. لذا، فالكلمات السيئة التي تحدثناها ترجع ألينا الآن مرة أخرى ونحن نسمعها مرة أخرى. و عندما يحدث الأذى لجسدنا، فهذا جاءنا من الكارما الخاصة بنا. لقد ألقينا البمرنغ  (قطعة مسطحة ومقوسة من الخشب التي يمكن أن يتم رميها فتعود مرة أخرى لمن قذفها، وتُستخدم عادة من قِبَل سكان أستراليا الأصليين كسلاح للصيد)، والآن تعود لنا مرة أخرى. لقد خلقنا مشاكلنا بأنفسنا. الآخرون قد يكونوا هم الظروف المؤدية لهذا، لكننا من خلقنا الشروط لمقابلة تلك الظروف.

بهذه الطريقة، نحاول أن نتعامل مع تلك المواقف دون أن نجعل منها شيئًا مروعًا: "أنت شخص كريه. لقد قمت بشيء أكرهه فقط". إذا قاموا لنا بشيء لا نحبه، يمكننا ببساطة أن نخبر الشخص الآخر، "هذا غير مقبول. هل يمكنك التصرف بشكل مختلف، بهذه أو بتلك الطريقة؟" إذا كانوا أشخاص عقلانيين، سيتأقلمون مع هذا. إذا تأقلموا وتأقلمنا مع هذا، فلا توجد مشكلة كبيرة. إذا كانوا أشخاص غير عقلانيين ولا يرغبون في التأقلم، نحن نُأقلم أنفسنا بقدر الإمكان – بينما نضع حدود. نضع الحدود لما هو مقبول وفقًا لما هو غير هدام.

Top