تنبأ بوذا شاكياموني بأن جي تسونغكابا لوزانغ-دراغبا (١٣٥٧ – ١٤١٩ م).

سيُؤسِّس دير غاندين نامبار-غيالواي-لينغ، فقد قال بوذا في "تانترا سلف المانجوشري": "بعد موتي في هذا العالم، وعندما تصبح الأرض مُقفِرة، ستأخذ أنت شكل طفل، وتجعل مآثر بوذا شريعةً، في ذلك الوقت سيكون هناك الدير الكبير المُسمَّى: رابغا في أرض الثلوج". "غا" هو المقطع الأول من "غاندين".

بالمناسبة عندما كان تسونغكابا الولد الصغير في الحياة السابقة قدَّم لبوذا مِسبَحة بلورية، وقد تنبأ بوذا في "السوترا المعلمة للملك دام-نغاغ-بوغبا" أن "أو آناندا، هذا الولد الصغير الذي أعطاني المسبحة البلورية سيعيد تعاليمي. في زمن الانحلال في المستقبل سيُؤسِّس الدير المسمَّى:"غه" على الحدود بين دري ودين، وسيكون اسمه: لوزانغ. "غه" هي تهجئة مختلفة للمقطع الأول من "غاندين". وقد منح الولد بدوره صدَفة المحارة التي قدمت إلى بوذا من قبل ملك الناغا (لا أفهم من منح الصدفة لمن). وعهد بوذا بهذه الصدَفة إلى تابعه: ماودغاليايانا، الذي دفنها في التبت بوصفها الكنز المبشِّر بنجاح الانتشار المستقبلي للتعاليم.

وفي عام ١٤٠٩ م بدأ تسونغكابا مهرجان الصلاة الكبير (مونلامتشينمو) في معبد لاسا جوكانغ، ثم عرض عليه بعد ذلك أتباعُه، الذين أصابهم القلق بسبب تأثير السفر الدائم على صحة معلمهم، بناء دير في أي موقع يختاره،فقَبِل تسونغكابا، واختار جبل دروغري على بعد ٥٠ كم تقريبًا شرق لاسا،وقد مهد الأرض للبناء بنفسه، وسَمَّى الدير غاندين، أي: توشيتا باللغة السنسكريتية، نِسبةً لمملكة الأرض الطاهرة لبوذا المستقبل: مايترييا.

وقد اكتمل المعبد الرئيس وأكثر من سبعين بناية عام ١٤٠٩ م، في التزام صارم بالقواعد الرهبانية الهندية. وفي السنة التالية، وفوق التل خلف غاندين، استخرج تسونغكابا كنز صدفة المحارة الذي كان ماودغاليايانا قد دفنه هناك، وهكذا تحقَّقت جميع التنبؤات بشأن غاندين. وفي عام ١٤١٦ م أعطى تسونغكاباصدفة (محارة) غاندين إلى تابعه: جاميانغ تشوجي (١٣٧٩ – ١٤٤٩ م)، الذي أَسَّس دير دريبونغ في وقت لاحق من تلك السنة، ومنذ ذلك الوقت بقيت المحارة في دريبونغ، ثم أسَّس التابع المقرَّب الآخر: جامتشين تشوجي (١٣٥٤ – ١٤٣٥ م) دير سيرا عام ١٤١٩ م، وهي سنة وفاة تسونغكابا.

وقد بقي تسونغكابا معظم الوقت في غاندين حتى نهاية حياته، وتُوفِّي في هذا الدير، وبقاياه محفوظة هناك، ويعد تشييده معبد غاندين الرئيس، بتماثيله الضخمة، ورموز الماندالات الثلاثية الأبعاد، رابع مآثره العظيمة في حياته.

وكان دير غاندين – منذ تأسيسه – مَقرًّا لـ الغاندين تريبا، وهو حامل العرش الذهبي لـ غاندين، ورئيس تقليد الغيلوغ. وهذا التقليدمأخوذ من تسونغكابا، ويُسمَّى أيضًا تقليد غاندين، نِسبةً لدير غاندين. وتعني كلمة "لوغ" باللغة التبتية:"تقليد"، و"غيلوغ" هي اختصار لـ غاندين لوغ.

الغاندين تريبا الأول كان غيالتسابجي (١٣٦٤ – ١٤٣٢ م)، الذي أعطاه تسونغكابا ثوبه وعصاه قبل وفاته، أما الغاندين تريبا الثاني فكان كايدروبجي (١٣٨٥ – ١٤٣٨ م). أما حامل العرش الحالي فهو تريرينبوتشيييشي-توبتين، وهو رقم ٩٩ من هذه السلسلة، وتبلغ فترة تولي هذا المنصب سبع سنوات.

حَوَى دير غاندين كُلِّيتيْنِ: جانغتسي وشارتسي، أي قمة الشمال وقمة الشرق على التوالي. وطبقًا لتقليد واحد سُمِّيتَا نسبةً إلى موقعهما في الشمال والشرق من معبد غاندين الرئيس.

كان دير غاندين مُقسَّمًا في زمن الغاندين تريبا الثاني كايدروبجي إلى أربع كليات، وبعد هذه الفترة دُمِجَت كليتا بيلدين وياردروغ لِتصبحا كلية جانغتسي، في الوقت الذي دمجت فيه كليتا بانتشين شاكيا-شري وتشودراغ لتصبحا كلية شارتسي. ويُعَدُّ هورتون نامكا-بيلزانغ، المؤلف لـ "تدريب الموقف العقليمثل أشعة الشمس"، هو المؤسس لكلية جانغتسي، بينما يعدنايتينرينتشين-غيالتسين مُؤسِّسًا لكلية شارتسي، وقد دمجت كلية سانغبو نيارونغ التي ظهرت لاحقًا مع كلية شارتسي خلال فترة الغاندين تريبا الـحادي والعشرين.

كان فيكلية جانغتسي، التي فيها مسكن تسونغكابا، في البداية ثلاثة عشر قسمًا (كانغتسين): (١) لوبوم. (٢) تساوا. (٣) ساملوه. (٤) هاردونغ. (٥) سيركونغ. (٦) تريهور. (٧) غيالرونغ. (٨) باتي. (٩) نغاري. (١٠) دورا. (١١) درانيي (بانيي). (١٢)غوهوه. (١٣) كونغبو.

وقد التحق الرهبان بهذه الأقسام طبقًا لأوطانهم الأصلية فرهبان منغوليا – مثلاً – التحقوا بـقسم هاردونغ. وبعد ذلك بزمن كبير كان هناك اثنا عشر قسمًا فقط؛ حيث أُلغِيَ قِسمَا: باتي ونغاري، وأضيف قسم بارا، وامتلك كل قسم عدة بيوت، قُسِّمت أيضًا طِبقًا للأوطان الأصلية للرهبان الذين يعيشون فيها.

أما كلية شارتسي فكان فيها أحد عشر قسمًا (كانغتسين) : (١) دوكانغ. (٢) بوكانغ. (٣) نياغ-ره. (٤) لهوبا. (٥) زونغتشو. (٦) تيبو. (٧) تشوني. (٨) تا-أون. (٩) نغاري. (١٠) سوغبا. (١١) غونغرو.

وقد كان لكلٍّ من كُليتَيْغاندين: جانغتسي وشارتسي، برنامج دراسة دمج السوترا والتانترا، وهذا مختلف عن ديري الغيلوغ الرئيسين الآخرين في منطقة لاسا: دير سيرا ودير دريبونغ. وبالنسبة للكليات الأربع في دريبونغ فكليتا لوسيل-لينغ وغومانغ تدرسان السوترا فقط، وكلية نغاغبا تدرس التانترا فقط، في حين تدرس كلية دييانغ كلاًّ من السوترا والتانترا، وبالنسبة للكليات الثلاث في سيرا،فكليتا جي وماي تدرسان السوترافقط، وكلية نغاغبا تدرس التانترا فقط. وفي الهند كليتا نغاغبا دريبونغ ونغاغبا سيرا أضافتا تدريس السوترا إلى برنامجهما، أما كلية دييانغ دريبونغ فلم يُعَدْ تأسيسها.

تُدرِّس كلية جانغتسي كتب السوترا المدرسية لـ جيتسونباتشوكيي-غيالتسين (١٤٦٩ – ١٥٤٤ م)، وذلك بشكل مشترك مع كُليتَيْ: جي سيرا ونغاغبا سيرا، في حين تُدرِّس كلية شارتسي الكتب المدرسية لـ الغاندين تريبا الخامس عشر: بانتشينسونام-دراغبا (١٤٧٨ – ١٥٥٤ م)، وهكذا الحال في كُليتَيْ لوسيل-لينغ دريبونغ ونغاغبا دريبونغالتانتريتين. أما الكليات الأخرى في أديرة الغيلوغ الرئيسة الثلاثة في منطقة لاسا، فقد دَرَّست كلية ماي سيرا كتب السوترا المدرسية التي كتبها كايدروب تينداروا (١٤٩٣ – ١٥٦٨ م)، ودَرَّست كليتا غومانغ دريبونغ ودييانغ دريبونغ الكتب المدرسية التي كتبها كونكيينجاميانغ-شيباالنغاوانغ-تسوندرو الأول (١٦٤٨ – ١٧٢١ م). جميع الكليات تَدرُس النصوص التي كَتَبها تسونغكاباوغيالتسابجي وكايدروبجي فقط، وتختلف كتبهم المدرسية المتنوعة في طرق التفسير فقط.

الدراسة هناك تتم من خلال الاستظهار والمنطق والجدل، ويدرس الرهبان الموضوعات التمهيدية للمنطق مدة ثلاث سنوات، لكن الدراسة الأساسية للنصوص الرئيسة الخمسة تستغرق إحدى عشرة سنة إضافية، وفي نهاية كل سنة دراسية يجب على الرهبان اجتياز امتحان للانتقال إلى الصف التالي. أما أولئك الذين أنهوا دراساتهمللسوترا في تمام السنوات الـ ١١، وقَدَّموا الجدل الرسمي للجمعية المختلطة لكليتهم كاملة، فيتسلمون شهادةغيشي تسوغرامبا. وأما أولئك الذين يدرسون مدة خمس سنوات إضافية، ويتقدمون للجدل الرسمي أمام الجمعية المجتمعة للرهبان، من جميع أديرة غيلوغ الرئيسة الثلاثة لمنطقة لاسا، خلال الاحتفال الصلاة الكبير في لاسا جوكانغ، فيحصلون على اللقب غيشي لهارامبا. وأما الرهبان الذين اجتازوا امتحانات استظهار النصوص الرئيسة فقط، ودون إكمال تعليم غيشي الخاص بهم، فيحصلون على شهادة كييريمبا.

ويجب على حملة شهادتَيِ الـ غيشي تسوغرامبا والـ غيشي لهارامبا في وقت لاحق مواصلة دراساتهم التانترية في كلٍّ من الكلية التانترية السفلى غيوماي، أو الكلية التانترية العليا غيوتو، اللتينِ يذهب المرء إليهما اعتمادًا على موطنهم الأصلي، وبعد إكمالدراساتهم للتانترا، ومن خلال الجدل أيضًا، وتقديم جدل التانترا الرسمي، يحصلون على شهادة غيشي نغاغرامبا. ويبقونإما في الكلية التانترية، أو يعودون إلى غاندين، وإذا عادوا يجب عليهم تقديم جدل تانترا رسمي آخر في كلية موطنهم.

قد يدرس الرهبان الذين يحملون شهادة كييريمبا فقط التانترا في كليتهم الخاصة، ويدرس الرهبان في جانغتسي الكتب الدراسية لـ غيوماي، التي كتبها رغيو شيراب-سينغغي (١٣٨٣ – ١٤٤٥ م)، بينما يدرس الرهبان في شارتسي الكتب الدراسية لـ غيوتو، التي كتبها غيوتشينكونغا-دوندروب (١٤١٩ – ١٤٨٦ م). ويحصل الرهبان من جانغتسي، الذين قدموا جدل التانترا الرسمي، على شهادة غيشي نغاغرامبا، ويحصل الرهبان من شارتسي على شهادة أوما-شايرينغ.

كلية جانغتسي كلها كانت مسئولة عن الحفاظ على الأداء السنوي للطقوس الكاملة لشكل آكشوبيا لـ غوهياساماجا، في حين كانت شارتسي مسئولة عن الحفاظ على أزواج فاجرابايرافا الثلاث عشرة. بالإضافة إلى ذلك فكل قسم ضمن الكليتيْنِ مسئول عن الأداء السنوي للطقوس الكاملة لآلهة تانترية محددة من فئات التانترا الأربع. ففي جانغتسي غاندين، وضمن فئة الأنوتاريوغا للتانترا، حافظت بارا وكونغبو ودرانيي على شكل آكشوبيا لـ غوهياساماجا، في حين حافظت هاردونغ على شكل الماهاتشاكرا لـ فاجراباني. وحافظة لومبوم وتساوا ضمن تانترا يوغا على طقوس الفاجراداتو، وقد حافظت سيركونغ ودورا وساملوه ضمن تانترا تشاريا (السلوك) على فايروتشانا آبيسامبودي، أما غوهوه وتريهور وغيالرونغ فقد حافظت ضمن تانترا كرييا (الفعل)على آكشوبيا.

وفي شارتسي غاندين حافظت دوكانغ وتا-أون وقونغرو، ضمن فئة أنوتاريوغا للتانترا، على أزواج فاجرابايرافا الـ ١٣، وحافظت تيبو ولهوبا على سلالة لويبا لـ تشاكراسامفارا،وحافظت نياغ-ره على كالاتشاكرا، وحافظت تشوني وسوغبا ضمن فئة اليوغاعلى سامفيد،وحافظت زونغتشو ضمن فئة الكرييا على شكل الآلهة التسعة لـ أميتايوس، وحافظت نغاري على ممارسة السوغاتا الثمانية لـ بايشاجا (طب بوذا)، وحافظت بوكانغ على الآرهاتات الستة عشر.

الحامي الخاص للجمعية العامة لدير غاندينكاملاً هو تشوغيال (دارما راجا)، بينما الحامي الخاص لـ جانغتسي غاندين هو بالدين لهامو. ويؤدي رهبان جانغتسي يوميًّا، وبشكل أوسع في مناسبات خاصة، الطقوس لهذا الحامي، وذلك لصالح الدالاي لاما والحكومة التبتية. فحماة الدالاي لاما الخَوَاص هم بالدين لهامو ونيتشونغ، في حين أن حماة الحكومة التبتية هم بالدين لهامو وجامسينغ، وقد سُمِّي كِلا الزوجين: الزوج الأسود والأحمر، فبالدين لهامو هو الأسود من حيث اللون، في حين أن نيتشونغ وجامسينغ كلاهما أحمر اللون، أما الحامي الخاص لـ شارتسي غاندينفهو سيتراب.

في اليوم التاسع والعشرين والثلاثين من كل شهر تبتي يؤدي رهبان الجانغتسي طوال اليوم الطقوس الكاملة لحاميهم، في حين يفعل رهبان شارتسي الشيء نفسه في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين، ولكل قسم (كانغتسين) أيضًا حاميه الخاص، ويؤدي الطقوس الكاملة لحاميه في يوم كامل، وذلك في اليوم الخامس عشر من كل شهر تبتي.

بالنسبة لديرَيْ غيلوغ الرئيسين الآخرين في منطقة لاسا، فالحامي الخاص للجمعية العامة لـ دريبونغ هو نيتشونغ، وكذلك هو حاميلوسيل- لينغ دريبونغ، وبالنسبة لـ غومانغ دريبونغ فهو ماهاكالا ذو الأذرع الست، في حين أن الحامي الخاص للجمعية العامة لـ سيرا هو جامسينغ، ولـ جي أيضًا. بالإضافة إلى شكل اليانغسانغ (المخفي على نحو استثنائي) لـ هاياغريفا، وبالنسبة لـ ماي سيرا فهو تيو.

ومنذ زمن الغاندين تريباالثامن تتابععلى منصب الغاندين تريبا كلٌّ من التشوجي جانغتسي والتشوجي شارتسي، فالتشوجي جانغتسي، أو معلم دهارما جانغتسي، هو رئيس الدير المتقاعد الأرفع مقامًا الكلية التانترية السفلى غيوماي، ومقره في كلية جانغتسي.في حين أن التشوجي شارتسي، معلم دارما شارتسي، هو رئيس الدير المتقاعد الأرفع مقامًا الكلية التانترية العليا غيوتو، ومقره في كلية شارتسي.

وتبع كلٌّ من دير غاندينودير سيرا ودير دريبونغ عزلة أوائل الصيف، بداية من اليوم السادس عشرمن الشهر التبتي السادس إلى اليوم الثلاثين من الشهر السابع. وخلال فترة العزلة تُلقَى بشكل تقليدي محاضرات عن"الـ لام ريم-تشينمو" لـ تسونغكابا ("لتقديم الكبير للمراحل المتدرجة للطريق"). ويلقي تعاليم المجال الأولي التشوجيات (معلمو الدهارما) الصغار فيجانغتسي وشارتسي، والمجال المتوسط يعطيه التشوجيات الأقدم للكليتين، أما المجال المتقدم فيعطيه الغاندين تريبا.

عدد السكان الرهبان لـ غاندين المسجل رسميًّا: ٣٣٠٠، لكن قبل عام ١٩٥٩ م كان عددهم ٧٥٠٠ راهب، وقد دمَّر الصينيون الدير تمامًا، ويعاد بناؤه جزئيًّافي الوقت الحالي في التبت، أما في الهند فقد أُعيد إنشاء الدير في موندغود بولاية كارناتاكا.

Top