شرح "الجوانب الرئيسية الثلاث للمسار" – الدالاي لاما

يشرح تسونغكابا أن التخلي، البوديتشيتا والرؤية الصحيحة للخلو هي مسارات الذهن الثلاث الضرورية للوصول إلى الاستنارة من خلال ناقلة تدرب السوترا وناقلة تدرب التانترا.

مقدمة

نحن هنا في مكان خاص، بودغايا، يجب أن نوَلد دافعًا خاصًا: هدف البوديتشيتا للوصول إلى الاستنارة من أجل صالح جميع الكائنات. يجب أن يكون هذا مخلصًا. بوذا ذاته حقق استنارته عبر قوة هدف البوديتشيتا النقي الخاص به. جميع الخصال والتحققات كانت معتمدة على دافع الاستنارة. للوصول لذات التحقق، نحتاج أن نكرر ترديدات بناء الإلهام بكل إخلاص وبقدر استطاعتنا لأجل تنمية مثل هذا الذهن بأنفسنا.

في الأيام الثلاث الأخيرة قمنا ببناء بعض القوى الإيجابية عبر تلك التعاليم. دعونا نستمر اليوم مع نص الجوانب الرئيسية الثلاث للمسار لجى تسونغكابا. الجوانب الثلاث هي التخلي، البوديتشيتا والرؤية الصحيحة للخلو.

التخلي قائم على الموقف الداخلي الذي نبعد به أذهاننا بالكامل عن كل أمنيات السامسارا، الوجود الدائري غير المتحكم به. تحقيقنا للتحرر يعتمد على أن يكون لدينا مثل هذا التخلي. البوديتشيتا هي الموقف الداخلي أو النية لتحقيق الاستنارة من أجل نفع جميع الكائنات المحدودة (الكائنات الواعية). الرؤية الصحيحة للخلو هي إدراك الطبيعة الأساسية الفعلية للواقع.

فيما يتعلق بالرؤية الصحيحة أو فهم خلو الواقع، الوجود غير المتأصل، إذا حملها ذهن متخلٍ، فإنها تجلب التحرر. تجلب التحرر عبر إزالة المعيقات التي تحول دون التحرر، أي المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة، العوامل الذهنية التي تبقينا مقيدين للوجود القهري للسامسارا. إذا فهم الرؤية الصحيحة للخلو، حملها ذهن البوديتشيتا، فإنها تزيل أيضًا المعيقات الخاصة بكل ما يُعرف، والتي تحول دون كلية المعرفة -أي، عادات التشبث بالوجود الحقيقي والمتأصل. إزالتها تجلب تحقيق الاستنارة. لذا، الفهم الصحيح للخلو هو النقطة الأساسية لتدمير مجموعتي المعيقات، ويساعده إما التخلي أو كلٌ من التخلي والبوديتشيتا.

تحتوي تعاليم الهينايانا على التخلي والرؤية الصحيحة للخلو من أجل تحقيق هدفها، التحرر. تضيف الماهايانا لهما البوديتشيتا لتزيل بالكامل كل المعيقات. وبالتالي، الجوانب الرئيسية الثلاث للمسار -التخلي، البوديتشيتا والخلو- تشكل جوهر كل تعاليم الهينايانا والماهايانا.

تدريبات التانترا الشهيرة، والتي لديها المحل العميق الخاص بالأجساد، طاقة الرياح، طاقة القنوات وطاقة القطرات، أساسها هو ذات الجوانب الرئيسية الثلاث للمسار -التخلي، هدف بوديتشيتا في غاية القوة، وفهم كامل للخلو كما علمه ناغرجونا وإبناه الروحانيان. بالإضافة لهذا، في التانترا نُحدد كبرياءنا وكرامتنا على أساس إمكانية ما يمكن أن نحققه من الرياح والوعي الخافتين. بهذه الطريقة، نُمسك بكرامة إما هيئة جسدية أو الوعي العميق لجسد دارما الخاص ببوذا، أو كليهما. على الرغم من أنه ليس لدينا بعد أجساد بوذا تلك في وقت التدرب، مع ذلك، بناءً على هدف البوديتشيتا القوي لتحقيق هذه الحالة المستنيرة من أجل نفع جميع الكائنات المحدودة، نصبح تدريجيًا قادرين على تحقيقها. يمكننا تحقيقها عبر التدريبات التي نحافظ بها على كرامة أجساد بوذا تلك.

بالتالي، الجوانب الرئيسية الثلاث للمسار هي أساس لكامل مسارات السوترا والتانترا. على أي حال، يجب دائمًا أن نحاول اتباع تدريبات تدمج الأداة والحكمة، نحاول مساعدة الآخرين، بناء القوى الإيجابية، وما شابه.

هذا النص تحديدًا قصير للغاية، فقط بعض الأبيات. درسته أولًا مع الرينبوتشي تاغترا ولاحقًا مع عديدين آخرين، بما فيهم تريجونغ دورجيتشانغ. نحتاج لأن نولد الدافع الملائم للاستماع لهذه التعاليم. إذا ولّدنا قلبًا طيبًا كدافع لنا، فهذا هو مصدر كل السعادة. إذا كان ينقصنا هذا القلب، وبدلًا منه كان لدينا كبرياء، تظاهر، وما شابه، فهذا فقط يجلب التعاسة والقلق، ويلقي بآثاره على حيواتنا المستقبلية سواءً كنا أشخاصًا مهذبين دمثين أو كائنات قاسية عنيفة سنراها من خلال سلوكنا في هذه الحياة. حتى إذا لم نقبل وجود حيوات مستقبلية، مع ذلك أن يكون لدينا قلبًا طيبًا، أو على الجانب الآخر أن نكون كائنات غليظة فظة، سيجلب علينا هذا في المقابل إما السعادة أو التعاسة، الآن.

أن نكون أشخاصًا طيبين ولطفاء

الأكثر أهمية هو سلوكنا اليومي. حتى إذا لم يكن هناك حيوات مستقبلية، ليس هناك ضرر من أن نكون كائنات لطيفة؛ هذا مفيد في حياتنا اليومية. إذا كانت هناك حيوات مستقبلية، عندها سنستفيد أكثر بكوننا أشخاص طيبين لطفاء. لذا كونوا ودودين، طيبين مع بعضكم البعض، وليس فقط على المستوى النظري. نحتاج أن نقوم بهذا في سياق البشر الفعليين والمواقف الفعلية التي نصادفها في حياتنا اليومية. هذا جوهر الدارما ولا يصعب اتباعه. ليس شيئًا نذهب لشرائه من السوق، لكنه شيئ نُدرب أنفسنا عليه.

اُنظروا للصينيين، على سبيل المثال. هم محال ملائمة لشفقتنا. لا يعرفون ما هو صحيح وما هو خاطئ؛ لا يعرفون عواقب أفعالهم، لذا نحتاج أن نظهر لهم الشفقة. أنتم أنفسكم، علينا جميعًا محاولة أن نكون طيبين وأنقياء. أنظروا لشاربي التشانغ (الجُعَة)، والكحول -هذه عادة سيئة جدًا. يصبحون سكارى، صاخبين، فظين، وقحين، ويتسببون في الكثير من الإزعاج. قال بوذا أنه نتيجة لشرب الكحول، عادة ما نرتكب العديد من أفعال الجسد، الحديث والذهن الهدَّامة. لذا، ليس من المقبول على الإطلاق شرب الكحول.

ذات الشيء مع التدخين. على الرغم من أن بوذا لم يصفه على سبيل التحديد وتعاليم بوذا لم تذكر على وجه التحديد مساوئه، مع ذلك نرى ما يقوله الأطباء الغربيون أنه مضر جدًا بالصحة. إذا كان هناك بعض الأغراض الخاصة من التدخين، لكان هذا مقبولًا. لكن، إذا لم يكن هناك، كما هو في معظم الأحيان، عندها من الأفضل ألا ندخن. ذات الشيء ينطبق على تعاطي السَعُوط، وما شابه، من الأفضل ألا نستخدم تلك الأشياء على الإطلاق.

بهذه الطرق، عبر هجر نوعية العادات الفّجة تلك، سنصبح، بشكل تدريجي، أشخاصًا أكثر لطفًا، أكثر تهذبًا ونقاءً. كلما تمكنا من القيام بهذا، كلما كان أفضل. إذا رأينا السيدات والسادة المهذبين الآخرين، يجب أن نبتهج لمثالهم ونحاول أن نكون نحن أنفسنا لطفاء ومهذبين بقدر إمكاننا. هل تفهمون؟ أجعلوا أذهانكم حاضرة أكثر وأكثر لتكونوا لطفاء، مهذبين، محبين، ولديكم قلوبًا دافئة. انظروا إذن لعيوب أن يكون المرء فظًا، صاخبًا، أنانيًا وقاسيًا. نحتاج دائمًا أن نذكر أنفسنا بهذه العيوب. إذا كان لدينا قلبًا طيبًا، فهذا يجلب السعادة، التوفيق، الصحة وراحة البال. هذا ساعدني كثيرًا. جميعنا متشابهون؛ جميعنا نرغب في السعادة؛ لذا، علينا جميعًا القيام بذات الشيء: أن نكون لطفاء وطيبين.

انظروا لهؤلاء الذين يأتون إلى هنا من التبت. هم لا يشتكون بشأن كل الصعاب التي كانت لديهم خلال العشرين سنة الغريبة الأخيرة ويقولون كم هم بائسون ويشعرون بالأسى على أنفسهم. بدلًا من هذا، يأتون إلى هنا وهم في غاية الاهتمام بالدارما. نحن التبتيون، من عاشوا هنا أيضًا علينا ألا نحمل مشاعر الضغينة تجاه الصينيين. نحتاج لأن نشعر بكم نحن محظوظون بأنه كانت لدينا الفرصة لنكون في الهند وأن نتدرب على الدارما. اَعرف العديد الذين اضطهدهم الصينيون، سجنوا، ويفتقدون لأي تدريب بوذي، أصيبوا بالجنون من الكراهية والغضب. لذا، من الأكثر أهمية ألا نغضب بهذه الطريقة، لكن أن نكون مهذبين ونحاول أن ننمي قلبًا طيبًا. سيشكل هذا فرقًا هائلًا في وقت موتنا.

اُنظروا إلى هتلر. على الرغم مِن أنه كان قويًا للغاية في حياته، كراهيته تغلبت عليه وفي وقت وفاته كان يائسًا وتعيسًا وتناول السم ليقتل نفسه. ستالين بالمثل مات في حالة عظيمة من الخوف وماو تسي تونغ توفي في حالة شديدة من الضيق. لذا، من المهم أن نكون طيبين ولدينا قلوبًا دافئة طيلة حياتنا. ثم، في وقت الموت، يمكننا أن نموت بذهن مرتاح.

في جميع البلاد التي سافرت إليها، أُعلم بالضبط ذات النقطة. سواءً كنت في الغرب أو حتى في الاتحاد السوفييتي، أخبر الجميع أن تكون لديهم قلوبًا طيبة، ودودين تجاه الجميع بطريقة غير منحازة: نكون محبين للجميع بذات القدر. أينما ذهبت للأماكن المختلفة، أرى أشخاصًا من أعراق، ألوان، جنسيات وديانات مختلفة، وأفكر نحن جميعًا بشر. إذا أخذنا بعض الوقت للتحدث إليهم، سنكتشف أن الجميع لديه ذات القيم الإنسانية. الجميع يرغبون في السعادة ولا أحد يتمنى التعاسة. لذا، جميعنا نحتاج لأن نحاول أن نكون طيبين ولدينا قلوبًا جيدة.

هل تفهمون؟ ما أقوله لا يصعب فهمه، أليس كذلك؟ هل تتابعوني؟ كونوا أشخاصًا طيبة. لقد جئتم هنا لبودغايا لكي تتلقوا تعاليم الدارما من الدالاي لاما. هذه رسالتي الرئيسية، كونوا أشخاصًا طيبين. الآن، اُنصتوا مثل الأرانب واستمعوا لتعاليم الجوانب الرئيسية الثلاث للمسار لجي تسونغكابا.

الخصائص الرئيسية للنص

ولد تسونغكابا في أمدو وذهب ليدرس مع العديد من المعلمين في مقاطعات يو وتسانغ بالتبت الوسطى. درس كلًا من السوترا والتانترا وأصبح كامل الإدراك. كتب ثمانية عشر مجلدًا متميزًا للتعاليم، والتي استمدها من مصادر متعددة من النصوص الهندية والشروح. وجّه هذا النص تحديدًا لأحد أقرب تلاميذه، نغاوانغ دراغبا.

هناك اختلاف بسيط في أسلوب تسونغكابا في التعليم هنا بالجوانب الرئيسية الثلاث للمسار وفي نصوص اللام ريم أو المسار المتدرج. هنا في الجوانب الرئيسية الثلاث، شرح التخلي جاء في قسمين. الأول الابتعاد عن الهوس بهذه الحياة عبر تذكر الميلاد البشري الثمين وحتمية التغيير. الثاني الابتعاد عن هوسنا بالحيوات المستقبلية عبر تذكر طبيعة معاناة كل السامسارا. هناك القليل من التركيز على اتخاذ التوجه الآمن. في نصوص اللام ريم، على الجانب الآخر، هناك مناقشة للنطاقات الثلاث للدافع. حيث أن كون الشخص في النطاق الأولي هو أساس المستويات الأكثر تقدمًا، هناك أولًا تنمية الاهتمام بفوائد الحيوات المستقبلية، ثم في هذا السياق، تأتي تعاليم اتخاذ التوجه الآمن. هناك فرق طفيف، أليس كذلك؟

دعونا نبدأ النص.

أبيات الإجلال، الوعد بالتأليف والحث على الاِنصات جيدًا

أنحني للأرض احترامًا لكل اللامات النبلاء الخالين المنزهين عن كل خطأ.

مصطلحا النبلاء والمنزهين عن الأخطاء في التبتية "جِتسون"، والذي يحمل دلالة أن الشخص قد أدار ظهره لكل أشياء السامسارا وتوجه بالكامل نحو التحرر. "لاما" تعني شخصًا ساميًا، بمعنى شخص لديه كلٌ من البوديتشيتا والفهم الصحيح للخلو، والذي يجلبه أو يجلبها إلى حالة الاستنارة السامية. هنا، اللامات النبلاء المنزهين عن الأخطاء تشير إلى معلمي تسونغكابا الذين علموه اللام ريم، وخاصة معلمه الخاص، مانجوشري.

البيت التالي، الوعد بتأليف النص.

(1) سأحاول أن أشرح، بأفضل ما عندي، المعنى الجوهري لكل النصوص المرجعية للمُظفرين، المسار الذي مدحه ورثة المُظفرين، المسار العابر لكل الموفقين الراغبين في التحرر.

المعنى الجوهري لكل النصوص المرجعية للمُظفرين يشير إلى التخلي. المسار الذي مدحه ورثة المُظفرين، أي البوديساتفات، يشير إلى البوديتشيتا. المسار العابر لكل الُموَفّقِين الراغبين في التحرر هو فهم الخلو، والذي يجلب التحرر. بالتالي، في الوعد بالتأليف، وضح المؤلف أنه سيشرح تلك الجوانب الثلاث الرئيسية للمسار. بأفضل ما عندي معناها أنه سيقوم بهذا بطريقة مختصرة بقدر الإمكان.

(2) استمع (بذهن) صافٍ، أيها المُوفّق، الذي سيعتمد ذهنه على المسار الذي يُسعد المُظفرون، عبر عدم التعلق بمتع الوجود القهري والتوق لجعل حياتك المعززة بالراحات والمثريات ذات معنى.

هذا طلب الاستماع الجيد. يظهر نوعية الدافع الذي نحتاجه عندما نسمع هذه التعاليم. المسار الذي يسعد المُظفرون هو الخالي من الأخطاء والكامل، ليس به شيء ناقص. عندما نتبع مثل هذا المسار الكامل الخالي من الأخطاء، فهذا يسعد البوذات.

الصلة بين المسارات الثلاث

الشرح الحقيقي للجزء الرئيسي من النص مُقسم إلى ثلاثة: شرح التخلي، البوديتشيتا والرؤية الصحيحة للخلو. هذه الأقسام الثلاثة تشكل مستويات متدرجة للفهم.

كلما كان التخلي أقوى عما يُطلق عليه الأشياء الجيدة بالسامسارا، كلما كانت شفقتنا تجاه الآخرين أقوى. في محطات القطار الهندية، على سبيل المثال، نرى أشخاصًا مكفوفين، أشخاصًا فاقدي الأطراف، متسولين وما شابه، ومن الأسهل نسبيًا أن ننمي الشفقة اتجاههم. لكن إذا لم يكن لدينا التخلي، عندها عندما نصل، على سبيل المثال، إلى مدينة كبيرة، بدلًا من الشفقة سنشعر فقط بالغيرة من الأشياء التي نراها أو الكبرياء بالأشياء التي لدينا. على الجانب الآخر، إذا عوّدنا أذهاننا على التخلي، مع فكرة أنه كيف أن ما يطلق عليه أشياء جيدة بالسامسارا هي في النهاية عديمة المعنى، عندها عندما نذهب إلى مكان مثل نيويورك، على سبيل المثال، ونرى كل هؤلاء الناس، فكرتنا الأولى ستكون تلقائيًا هي الشعور بالشفقة تجاههم.

للتخلي اتجاهين للنظر. من جانب، مع مثل هذا الموقف الداخلي، ننظر للأسفل إلى معاناة السامسارا، دون أدنى اهتمام بها، ونشعر بالتقزز وأمنية التخلص منها بالكامل. من الجانب الآخر، ننظر للأعلى إلى التحرر ونتمنى تحقيقه. كلما كان هاذان الموقفان الداخليان أقوى، كلما كان هدف البوديشيتا أقوى، والذي بدوره ذو اتجاهين للنظر، للأعلى والأسفل. عندها، بناءً عليهم، إذا كان لدينا الرؤية الصحيحة للخلو، سنتمكن من تحقيق إما التحرر أو الاستنارة.

الرؤية الصحيحة هي في سياق الحقيقتين، واللتين يأتيان من الحقائق الأربع النبيلة. بوذا، مصدر التوجه الآمن، علم الدارما بحديثه. خاصة، علم الحقائق الأربع والحقيقتان، والتي هي غير مُضللة. غير كاذبة أبدًا.

لذا، من المهم أن نفهمها وندركها. مع البوديتشيتا، فهم الخلو سيجلب لنا حالة بوذا كلية المعرفة. إذا صاحب فهم الخلو التخلي فقط، عندها سيجلب لنا هذا التحرر. هنا في هذا النص، يتم مناقشة التخلي أولًا.

التخلي

(3) حيث أن الاهتمام القوي بمتع ثمار محيط الوجود القهري، دون تخلٍ نقي ليس بأداة (تحقيق) سلام (التحرر) -في الحقيقة، عبر التعطش لما يوجد بالمواقف القهرية، الكائنات المحدودة مقيدة بالكامل- أولًا، أسعى للتخلي.

عبارة التخلي النقي مذكورة هنا. التخلي يجب أن يكون نقي بمعنى أن عدم الاهتمام التام بأمجاد ما يُطلق عليه الأشياء الجيدة بالسامسارا. إذا كان ينقصنا التخلي النقي وكنا مهووسين بالاهتمامات الدنيوية، فمن المحال تحقيق التحرر. إذا كانت لدينا الرغبة والتعلق، عندها بغض النظر عن كم الكارما الإيجابية التي قد تكون لدينا، لن نكون قادرين على قطع جذور إعادة الميلاد المتكرر غير المتحكم فيه. لذا، نحتاج لأن ننمي التخلي. كيف ننميه؟

(4) عبر تعويد ذهنك على أنه ليس هناك وقت لإضاعته عندما يصعب العثور على الحياة المعززة بالراحات والمثريات، اُهجر هوسك بمظاهر هذه الحياة. بالتفكير مرة بعد الأخرى بشأن مشاكل إعادة الميلاد المتكرر وأن (قانون) الأسباب والنتائج السلوكية ليس مضلل، اُهجر هوسك بمظاهر (الحيوات) المستقبلية.

نحن بحاجة للتدبر بشأن الميلاد البشري الثمين الذي لدينا المعزز بالحريات والمثريات، وأيضًا بشأن حقيقة، أننا سنفقده، لأنه غير ثابت، وكيف أن الموت قادم بالتأكيد. بهذه الطريقة، سندرك كم أن الفرصة التي لدينا الآن نادرة وكيف أننا لا يمكننا إضاعة أي وقت. هكذا نهجر اهتمامنا فقط بهذه الحياة.

فيما يتعلق بالموت وحتمية التغيير، هناك العديد من النقاط للتأمل، مثل حقيقة أن الموت مؤكد، بينما توقيته غير مؤكد على الإطلاق. الموت قد يحدث في أي لحظة، وما عدا الدارما، لا شيء آخر سيساعدنا عند حدوث هذا. إذا لم نقم بشيء الآن بشأن موتنا وحيواتنا المستقبلية القادمين، فإن هذا لن يفيد مُطلقًا. كلما فكرنا في الموت بهذه الطريقة، كلما قللنا مِن هوسنا فقط بهذه الحياة.

التالي، نحتاج لأن نفكر بشأن حتمية قانون الأسباب والنتائج السلوكية، قانون الكارما. فهم قانون الأسباب والنتائج السلوكية بكل تفاصيله هو أحد أصعب الأشياء. لكن، بشكل مبسط، من الجيد يأتي الجيد، من السيئ يأتي السيئ: الكارما حتمية. من الأفعال البنَّاءة، السعادة نتيجة حتمية. من الأفعال الهدَّامة، التعاسة نتيجة حتمية عاجلًا أم آجلًا.

بالتالي، إذا كانت لدينا أسباب المعاناة باستمراريتنا الذهنية، كيف لنا أن نستريح برضى ونسترخي؟ إنها مثل القنبلة الموقوتة: إنها فقط مسألة وقت، لكنها بالتأكيد ستنفجر. إذا لم نُزل الأسباب، لن نتمكن من أن نستريح في سلام. عندما نفكر بعناية بشأن قانون الأسباب والنتائج السلوكية بهذه الطريقة، ننمي أمنية قوية أن نزيل كل أسباب معاناتنا.

في أوقات مختلفة، نختبر معاناة الميلاد، الموت، الشيخوخة والمرض. بغض النظر عن كمية الدواء الذي نتناوله، لا يمكننا علاج التقدم في السن ولا يمكننا أن نمنع أنفسنا أبدًا من المرض. معاناة الميلاد، المرض، الشيخوخة والموت مصادرها في الحقيقة هو أن لدينا أجسادًا تخضع للميلاد، المرض، الشيخوخة والموت. أجسادنا هي شبكات من التجمعات الملوثة. بعبارة أخرى، نحصل عليها مُلوثة بالكارما والمشاعر والمواقف الداخلية المزعجة. إذا لم نُخلص أنفسنا من سببهم الأعمق، سنعاني دائمًا.

أجسادنا هي شبكات من القوى المتصارعة المتناقضة. على سبيل المثال في قوى السخونة والبرودة في الجسد. إذا كانت لدينا حمى، نأخذ دواء خافض للحرارة، وإذا أخذنا الكثير من هذا الدواء، نلتقط مرضًا من النوعية الباردة. إذا أخذنا دواءً مُدفئًا لمعالجة أنفسنا من البرد، وأخذنا الكثير منه، مرة أخرى سنقلب الموازين وسيكون لدينا مرض السخونة. فقط عندما يكون لدينا توازن بين قوى السخونة والبرودة بأجسادنا، حينها، وبشكل مؤقت، يمكننا أن نقول أننا أصحاء. لكن هذا لا يدوم أبدًا. إنها حالة غير مستقرة على الإطلاق وعند أدنى اضطراب فيها، تنقلب الموازين. يشير أرياديفا لهذا في نصه أطروحة الأربعمائة بيت. في هذا النص، يشرح كيف أن الجسد إناء للمتناقضات، قوى تستبعد بعضها بعضًا؛ بالتالي، يمكنه فقط أن يجلب المشاكل والمعاناة.

نفكر في أن هذا الجسد في غاية الجمال. لكن، نحتاج لأن نقوم بتشريحه في أذهاننا وننظر لكل جزء منه على حدة. مثل الرأس، على سبيل المثال، أو شعرة ببصيلتها الصغيرة في النهاية. انظروا للأذن، انظروا للعين فقط، انظروا لجزء من الجلد، انظروا للقلب، انظروا للرئة. إذا كانوا موضوعين على طاولة وحدهم، سيكونون شيئًا مثيرًا جدًا للغثاء وليس جميلًا بالمرة. ذات الشيء فيما يخص المواد التي تخرج من الجسد -البول، البراز، المخاط وما شابه. نراهم على الأرض أثناء سيرنا فنمسك بأنوفنا لنحمي أنفسنا من رائحتهم القذرة. من أين تأتي تلك المواد الكريهة؟ لم تنمو وحدها على الأرض؛ جاءت من أجسادنا.

كيف يمكن لأجسادنا أن تكون نظيفة، بينما هي فقط مصدر للقذارة؟ أجسادنا تأتي من الحيوان المنوي والبويضة الخاصين بوالدينا. إذا أخذنا تلك المادتين، ووضعناهما على الطاولة أمامنا، ونظرنا إليهما، أي شخص سيشعر بالغثاء. نحن متعلقون بهما لأنهما يصبحان مصدرًا للمكونات المادية لأجسادنا، مع ذلك هما في ذاتهما مُقَزّزين. إذا عشنا أربعين سنة، على سبيل المثال، فكروا -من جانب- في كل الطعام الذي تناولناه طيلة تلك الأعوام، ومن جانب آخر، في كل البول والبراز الذي حولت أجسادنا هذا الطعام إليه. كيف يمكن لهذا الجسد أن يكون نظيفًا إذا كان يقوم بمثل هذه العملية؟

لذا يجب أن نهجر تعلقنا بهذا الجسد. مصدره الكارما والمشاعر والمواقف الداخلية المزعجة، ويجلب فقط المعاناة. إذا قضينا أو أزلنا الكارما والمواقف والمشاعر الداخلية المزعجة، لن نأخذ مرة أخرى تلك التجمعات الملوثة أو نختبر المعاناة. المواقف والمشاعر الداخلية المزعجة مصدرها الأفكار وأشكال سوء الفهم التي نُسقطها، والتي تتولد جميعها من عدم الوعي فيما يخص كون الأشياء موجودة بشكل متأصل. إذا أدركنا أن كل شيء يفتقد لمثل هذا الوجود، مشاعرنا ومواقفنا الداخلية المزعجة ستتحلل. ستستنزف نفسها في فضاء الخلو. لذا، هذا ما نحتاجه.

(5) عندما، عبر تعويد نفسك بهذه الطريقة، لا توَلد أبدًا، ولو حتى للحظة، ذهنًا يطمح لأُبّهَة السامسارا المتكررة، وتنمي موقفًا داخليًا يهتم بإخلاص، ليل نهار، بالتحرر، تكون حينها قد ولّدت التخلي.

بالتالي، نحتاج لتنمية التخلي. بعدها، نحتاج لهدف البوديتشيتا.

البوديتشيتا

(6) لكن حيث أن حتى التخلي، إذا لم يدعمه تنمية لهدف البوديتشيتا النقي، لن يكون سببًا لروعة وهناء حالة (الاستنارة) النقية التي لا مثيل لها، ذو العقل الراجح يولّد هدف البوديتشيتا.

كما ذكرنا سابقًا، إذا افتقدنا البوديتشيتا، لن يمكننا تحقيق الاستنارة.

(7) محمولون بتيارات الأنهار الأربعة العنيفة، مقيدون بأصفاد الكارما المُحْكَمة، التي يصعب عكسها، مُلقون في حفرة الشبكة الحديدية للتشبث بالهويات الحقيقية، غارقون تمامًا في الكآبة الثقيلة لظلام عدم الوعي.
(8) معذبون بقسوة بالأنواع الثلاثة للمعاناة، حياة بعد حياة في وجود قهري لا نهائي -بالتفكير بظروف أمهاتك اللواتي وجدن أنفسهن في مواقف مثل هذه، نمي هدف البوديتشيتا السامي.

محمولون بتيارات الأنهار الأربعة العنيفة تشير إلى المعاناة الأربعة للميلاد، الموت، الشيخوخة والمرض. نحن مُقيدون بالأصفاد المُحْكَمة للقوى السلبية الناتجة عن أفعال الكارما الهدَّامة، وتلك القوى السلبية حتمًا ستثمر يومًا ما. نحن في حفرة الشبكة الحديدية لعدم الوعي، وفي الكآبة الثقيلة لظلام عدم رؤية الطبيعة الحقيقية للواقع. يبدو أنه كلٌ من الأشخاص والظواهر ذوي وجود متأصل، لكنهما لا يوجدان بهذه الطريقة على الإطلاق.

لدينا استمرارية من عناصر التجمعات المتغيرة دائمًا و"أنا" هي مجرد شيء نعنونه على هذه الاستمرارية من عناصر التجمعات المتغيرة والتي هي أساس لهذه العنونة. بسبب عدم وعينا، مع ذلك، نتشبث بهذه الـ"أنا"، والتي هي عنونة على شبكة من الظواهر المتغيرة، والتي نظن خطأً إنها دائمة، ثابتة، وقابل للعثور عليها كـ"أنا" متأصلة حقيقية. ظلام عدم الوعي هذا يتسبب لنا في بناء كم هائل من القوى السلبية. تلك القوة السلبية تُلقي بنا في حفرة الشبكة الحديدية للكارما، حيث نُقيد بأصفاد كلٍ من هذه الكارما ومشاعرنا ومواقفنا الداخلية المزعجة. نتيجة لهذا، نختبر بشكل طبيعي الأنواع الثلاثة من المعاناة حياة بعد حياة، كما ورد هنا. تلك الأنواع الثلاثة هي معاناة المعاناة، معاناة التغيير، والمعاناة التي تجتاح كل شيء. حيث أن هذا حال كل أمهاتنا أيضًا، نحتاج لأن نعمل على مساعدتهن عبر تنمية هدف البوديتشيتا.

الجزء التالي يتعلق بالخلو.

الرؤية الصحيحة للخلو

(9) حتى إذا قمت ببناء التخلي وهدف البوديتشيتا كعادات، يظل، إذا كنت تفتقد للوعي التمييزي لإدراك طبيعة وجود الواقع، لن تكون قادرًا على قطع وجودك القهري. لذا، اُبذل الجهد في أدوات إدراك النشوء الاعتمادي.

النقطة الرئيسية التي يتحدث عنها تسونغكابا هنا هي أن فهم الخلو يتولد كمعنى للنشوء الاعتمادي، وفهم النشوء الاعتمادي يتولد كمعنى للخلو. بالتالي، نحتاج لبذل الجهد لإدراك الخلو كوجه آخر للنشوء الاعتمادي. كيف نقوم بهذا؟

(10) أي شخص رأى أن (قانون) الأسباب والنتائج السلوكية فيما يتعلق بكل ظواهر السامسارا والنرفانا هو (قانون) غير مُضلل، وحطم السند الداعم (لإدراكه أو لإدراكها للوجود المتأصل)، أيًا كان هذا الشخص، فقد دخل المسار الذي يُسعد البوذات.

كل ظواهر السامسارا والنرفانا تحدث نتيجة قانون الأسباب والنتائج. هذا شيء غير مُضلل، غير كاذب. عندما نفهم هذا، وبالإضافة له، عندما يتحطم السند الداعم خلف الوجود المتأصل، عندها فقد دخلنا المسار الذي يُسعد البوذات. عندما نفهم الخلو، لن يكون لدينا بعد ذلك إدراك موجه نحو الوجود المتأصل. بهذه الطريقة، أسباب نشوء أخطاء المعرفة تلك -أساسها الداعم، والذي هو التشبث بالوجود المتأصل- سيتحطم أو يختفي.

(11) المظاهر هي النشوء الاعتمادي غير المضلل والخلو مختلف عن أي تأكيدات (للطرق المستحيلة للوجود). طالما كان هاذان الفهمان يبدوان لك منفصلان، فأنت لم تُدرك بعد مقصد القدير.

عندما نفهم الخلو، سنرى أنه ليس هناك شيئ يمكننا أن نشير إليه بأصبعنا ونقول هذا شيء. كل الأشياء غير قابلة للعثور عليها عند إخضاعها للتحليل النهائي. مع ذلك، على الجانب الآخر، نرى الأشياء كمجرد مظاهر. أن نعتقد أن هاذين الاثنين بصيرتين منفصلتين لا صلة بينهما -كون الأشياء لا يمكن العثور عليها من جانب وأنها فقط مظاهر من جانب آخر- فهذا ليس مقصد بوذا فيما يتعلق بالخلو والحقيقتين.

(12) لكن عندما، وليس بشكل تبادلي، تضعهما سويًا في ذات الوقت، ثقتك الناشئة مِن مجرد رؤية النشوء الاعتمادي غير المُضلل ستتسبب في تحطم كل طرقك في تناول الأشياء (كموجودة بشكل متأصل)، وبهذا تكون قد أكملت فهم الرؤية الصحيحة.

عندها، ما نحتاجه هو أن نرى أنه بسبب أن الأشياء تنشأ بشكل اعتمادي -لأن مظاهرها تعتمد على أسباب وشروط في نشوئها- فهي خالية من الوجود المتأصل؛ هي خالية من الوجود المستقل. حقيقة أنها تنشأ بشكل اعتمادي على أسباب وشروط هي ببساطة نتيجة أنها خالية من الوجود المستقل. بالتالي، كلما قوي فهمنا وقناعتنا بأن الأشياء تنشأ بشكل اعتمادي، أن الأشياء تعتمد على الأسباب والشروط، كلما قوي فهمنا وقناعتنا بأن الأشياء غير موجودة بشكل متأصل مستقل؛ والعكس صحيح. لفهم هاذين الاثنين معًا سويًا بذات الوقت فهذا يعني أننا أكملنا التحليل الصحيح للخلو.

(13) علاوة على هذا، عندما تعرف كيف أن المظاهر تزيل تطرف الوجود والخلو يزيل تطرف العدمية، وكيف أن الخلو يبزغ كأسباب وشروط، لن تسرقك مرة أخرى الرؤى المتشبثة بالتطرفين.

عادة ما نجد شرح أن حقيقة المظاهر تزيل تطرف العدمية الكاملة -أن الأشياء ليست غير موجودة على الإطلاق، لأنها تظهر. وأيضًا، حقيقة الخلو تزيل تطرف الوجود المتأصل -أن الأشياء ليست موجودة بشكل متأصل، لأنها خالية من الوجود بالطرق المستحيلة.

هنا، مع هذا، لدينا طريقة إثبات مختلفة. حقيقة المظاهر تزيل تطرف الوجود المتأصل. هذا لأنه، كي تظهر الأشياء، يجب أن تكون خالية من الوجود المتأصل. يجب أن تكون ظاهرة تنشأ بشكل اعتمادي. لهذا، حقيقة أنها تظهر تزيل إمكانية إنها يمكن أن توجد بشكل متأصل.

علاوة على هذا حقيقة الخلو تزيل تطرف العدمية الكاملة. حقيقة أن شيئًا ما هو خالٍ من الوجود المتأصل تعني أنه يمكن أن يظهر عبر النشوء الاعتمادي: لا يمكن أن تكون الظاهرة غير موجودة على الإطلاق. لذا، حقيقة الخلو تزيل تطرف العدمية الكاملة.

هذه هي طريقة تسونغكابا الخاصة في الإثبات وهي متوافقة مع شرح رينبوتشي تشونيى لنص تسونغكابا "مديح النشوء الاعتمادي".بالتالي، فهم أن الأشياء خالية من الوجود المتأصل لأنها تنشأ بشكل اعتمادي، وأن الأشياء تنشأ بشكل اعتمادي لأنها خالية من الوجود المتأصل، تمنعنا من السقوط في أيٍّ من تطرفي التشبث بالوجود المتأصل الحقيقي أو العدمية الكاملة.

التالي هو الحث على التدرب

الحث على التدرب

(14) عندما يكون لديك فهمًا لنقاط تلك الجوانب الثلاث الرئيسية للمسار، كما هي، اعتمد على العزلة، وعبر توليد قوة المثابرة بابتهاج، أدرك سريعًا، بني، هدفك الأزلي.

عندما نكتسب فهمًا للتخلي، البوديتشيتا والخلو، عبر قوة الاستماع للتعاليم الصحيحة الخاصة بهم والتفكير بهم وتحليلهم حتى نكتسب الثقة في معناهم، نحتاج بعد ذلك أن نحيا في عزلة ونكرس أنفسنا بشكل مركز للتأمل عليهم وإدراكهم. نحتاج لأن نقوم بهذا بالمثابرة بابتهاج كما قام بهذا معلمو الماضي العظام، على سبيل المثال ميلاريبا الشهير، غيالوا إنسابا العظيم وأبناؤه الروحانيون، كِدروب سانغّيى يشي، وغيرهم. عندها سنصل إلى هدفنا الأزلي للاستنارة. "بني" هنا تشير للتلميذ المقرب لتسونغكابا، نغاوانغ دراغبا، مَن ذكرته سابقًا.

ملاحظات ختامية على عدم الطائفية

هذا ختام الشرح المختصر للجوانب الثلاث الرئيسية للمسار. إنه نص في غاية الأهمية، ويتضمن كامل جوهر مسارات السوترا والتانترا. التعاليم الخاصة بالخلو صعبة بعض الشيء، أليس كذلك؟ ما لم تكونوا معتادين للغاية على المصطلحات التقنية، عندها عندما نتحدث عن الرؤية الصحيحة، الحقيقتين، الخلو وما شابه، يكون الأمر مربكًا. هناك طريقة مميزة لتعريف وإثبات تلك المصطلحات في مدارس المعتقد الفلسفي الهندية البوذية للسوترا، وطرق مختلفة في طبقات التانترا الأربع. أيضًا هناك طرق مختلفة لتعريف تلك المصطلحات في التقاليد البوذية الأربعة في التبت وفقًا لسياقاتها ونظمها المحددة.

نحتاج لأن نحاول فهمها جميعًا حتى نعرف دلالات تلك المصطلحات، وفقًا لسياقاتها، ولا نصبح مرتبكين. فقط معرفة نظام واحد ثم انتقاد النظم الأخرى لأنها مختلفة ولا نفهمها وفقًا لمصطلحاتها الخاصة لهو شيء هدَّام للغاية. كما قال ناغرجونا في الإكليل الثمين وشانتيديفا في الانخراط بسلوك البوديساتفات، في مثل تلك الأوقات من الأفضل أن تبقوا غير منحازين وصامتين، ولا تقولوا أي شيء.

حتى داخل تعاليم التقليد الواحد، الغيلوك على سبيل المثال، هناك إثباتات لفهم الخلو وفقًا للسوترا ووفقًا للتانترا. ليس هناك فرق في المستوى الأكثر دقة فيما يتعلق بالخلو، سواءً في السوترا أو التانترا. يكمن الفرق في الذهن الذي يفهم الخلو. علاوة على هذا، في كلٍ من السوترا والتانترا، هناك فروق في التعريفات والشروح للحقيقة الشائعة والأعمق وطريقة التأمل عليهما. حتى داخل طبقة تانترا أنوتّارايوغا، هناك نظم مختلفة. على سبيل المثال، الطرق المحددة في نظام غوهياساماجا مختلفة تمامًا عن التي في تعاليم كالاتشاكرا. نجد أيضًا فروق في طرق القيام بالتأمل التثبيتي (التأمل بشكله التقليدي) والتأمل عميق الفهم (التأمل التحليلي). إذا لم ندرس كل تلك الأنظمة، سنكون في غاية الارتباك.

باختصار، إذا كنت لا تعرف شيئًا عن نظام معين، لست بحاجة لأن تقول أي شيء حياله وبالتأكيد لا تنتقده. فقط على أساس من عدم الطائفية ستكون قادرًا على تقدير كامل نطاق تعاليم بوذا.

اِطلع على النص الأصلي "الجوانب الرئيسية الثلاث للمسار" لتسونغكابا.

Top