مراجعة
هذا الصباح سنبدأ في جلستنا الرابعة من مناقشتنا لأداة تأمل الأجزاء السبعة للسبب والنتيجة لتنمية هدف البوديتشيتا. ناقشتنا المستوى الأرضي، أو الخطوة رقم صفر، لهذه العملية، وهي تنمية المساواة. هذه المساواة هي الحالة الذهنية الخالية من المشاعر المزعجة تجاه الآخرين، أي التعلق والانجذاب نحو هؤلاء من نحبهم، النفور أو العداء تجاه هؤلاء من لا نحبهم، واللامبالاة تجاه هؤلاء من نعتبرهم أغراب -والتي هي قائمة على الغُفل، عدم الوعي بإمكانية أنه يمكنهم أن يصبحوا أصدقاءنا وما شابه.
هذه المشاعر المزعجة التي نحن أحرار منها -التعلق أو التشبث، والنفور أو العداء، والغُفل- هي تلك المتعلقة بالأشخاص. هذا لأننا نتعامل مع المساواة المشتركة مع تعاليم الهينايانا. هدف تعاليم الهينايانا هو تحقيق التحرر، ومن منظور تلك التعاليم، كل ما نحتاجه لتحقيق التحرر من أن يكون لدينا فهمًا لانعدام الذات المستحيلة، أوالروح للشخص. وفقًا لنظم معتقدهم -إذن، هنا نحن لا نتحدث من منظور براسانغيكا مدياميكا وفقًا لتقليد الغيلوك- هذا الانعدام أو الغياب، أو خلو الشخص يُعرف بشكل مختلف عن خلو كل الظواهر. إذن، من أجل أن تكون هذه المساواة مشتركة بين كل من الهينايانا والماهايانا، وتقليد الغيلوك لمدرسة براسانغيكا وما شابه، يجب أن تكون المساواة التي تتعامل مع المشاعر المزعجة الموجهة تحديدًا للأشخاص. لذا، نحن لا نتحدث هنا عن الغضب من جهاز الحاسب الآلي الخاص بنا أو النفور من أطعمة بعينها أو الشعور بالتعلق ببرامج بعينها على التلفاز.
من أجل تحقيق المساواة، نحتاج لأن نُخلّص أذهاننا -على الأقل لدرجة معينة- من هذه المشاعر المزعجة المختلفة الموجهة نحو الأشخاص. رأينا أن حالة المساواة هذه ليست حالة عدمية، لا شعورية، إنها -باستخدام تعبير تقليد النييغما- حالة من "التفتح". إنها مثل أرض رحبة يمكنها أن تصبح الأساس الذي نبني عليه المشاعر الإيجابية التي تقودنا لتنمية هدف البوديتشيتا.
رأينا أيضًا أنه ما أن يكون لدينا هذا الأساس، المساواة، أول شيء نقوم به في هذا التتابع المحدد لخطوات التأمل، هو محاولة اكتساب الوعي والمحافظة عليه بالحضور الذهني -الحضور الذهني هو الغراء الذهني- أن جميع الكائنات كانوا أمهاتنا بأحدى حيواتنا السابقة. رأينا أن إمكانية أن جميع الكائنات كانوا أمهاتنا في وقت أو آخر هي إمكانية يمكن إثباتها عبر الإثبات المنطقي. إنه شيء منطقي وفقًا للافتراضات البوذية، أي الزمن الذي بلا بداية، عدد محدد من الكائنات، وتساوي الجميع -متساوون بمعنى أنه في كل حياة، عدا تلك التي ولدنا بها من الرطوبة والحرارة ومن زهرة اللوتس، كل الكائنات لها أمهات والجميع متساوون في بناء أسباب حصولهم على إعادات الميلاد كذكور وإناث. يأخذنا هذا لكامل المناقشة الخاصة بماهية أسباب إعادة الميلاد كذكر أو أنثى. طبعًا، يجب أن نكون إناث من أجل أن نكون أمهات.
أسباب إعادة الميلاد كذكور أو إناث لم يتم توضحيها بشكل كبير في النصوص. تعاليم اللام ريم تذكر ثمانية ظروف مواتية بالحياة البشرية الثمينة والتي تسمح للشخص أن يحظى بتأثير أعظم على الآخرين أكثر من هؤلاء مَن ليست لديهم تلك الظروف المواتية. أحد تلك الثمانية ظروف هي الميلاد كذكر. كون هذه الرؤية قاصرة على زمن بعينه وثقافة بعينها هو شيء يمكن الجدال فيه.
ما وجدته مثير للاهتمام هو شيء قاله الدالاي لاما في مؤتمر الراهبات، البيكشوني، والذي تم انعقاده في هامبروغ هذا الصيف -على الرغم من أن تعليقاته كانت أكثر عمومية ولم تكن لها صلة محددة بتعاليم اللام ريم بخصوص إعادة الميلاد كذكور أو إناث. قال أنه عندما ننظر لتطور المجتمع البشري على هذا الكوكب، نجد أنه في المراحل السابقة، عندما كانت هناك حيوانات برية وأشكال المخاطر الجسدية الأخرى التي كان يجب مواجهتها، القوة، القوة الوحشية كانت ضرورية لبقاء المجتمع. في هذا النوع من الظروف، كان إعادة الميلاد كذكور هو الظرف الأفضل. في مراحل لاحقة، عندما، كان الذكاء هو الضروري لبقاء المجتمع. في هذا النوع من الظروف، لن يُشكل أي من الميلاد كذكر أو كأنثى ظرفًا أفضل من الأخر. في الوقت الراهن، حيث هناك الكثير من الكراهية والإرهاب وتخرج الأمور أكثر وأكثر عن السيطرة، اعتقد أن الشفقة هي الأكثر ضرورية لبقاء المجتمع. في هذا الموقف، يعتقد قداسته، نتيجة للغريزة التي لدى النساء بشكل طبيعي، إعادة الميلاد كأنثى هو الأكثر فاعلية.
قال أنه يؤسس كل هذا، بالكامل، على علم الأحياء. عندما يأتي الأمر للقوة الجسدية، الرجال لديهم الأفضلية. عندما يأتي الأمر للذكاء، النوع الاجتماعي لن يُشكل فارقًا؛ على مستوى الذكاء، كلاهما متساويان. عندما يأتي الأمر للشفقة، النساء لديهن الأفضلية، فقط أحيائيًا، لأن النساء تحمل أطفالها برحمها، ترضعهم -على الأقل في المجتمعات التقليدية- لذا، تكون لديهم مشاعر الاعتناء، مشاعر الدفء وحس الاتصال مع إنسانية الآخرين. هذه الخصال المُشفقة، كما قال قداسته، هي الأكثر احتياجًا لحل مشاكل المجتمع والبيئة التي لدينا بالحقبة المعاصرة.
معنى هذا -على الرغم أن هذا ليس شيئًا يتم مناقشته في تعاليم الدارما- هو أن نوعية إعادة الميلاد التي ستكون أكثر فاعلية في التأثير على الآخرين بطرق إيجابية، يمكن أن تعتمد على الحقبة التي يمر بها العالم ومرحلة نمو المجتمع. هذا بالتأكيد منطقي أكثر في سياق تعاليم النشوء الاعتمادي -أنه ليس هناك شيئًا متأصلًا في نوع اجتماعي بعينه يجعله أفضل أو أسوأ.
على أي حال، التعاليم المتعلقة بأساس إعادة الميلاد كذكور بشكل رئيسي، تقول أن الإعجاب بالهيئة الذكورية واحتقار الهيئة الأنثوية هو سبب الحصول على إعادة الميلاد كذكور. قد نتساءل، مع ذلك، ما إذا كان هذا أيضًا سبب إعادة الميلاد على هيئة مثلية جنسيًا. لكن لنضع هذا جانبًا، يبدو أن الرغبة في الجسد الأنثوي هو ما يؤدي إلى إعادة الميلاد كأنثى. ثم، كأنثى، الرغبة في الجسد الذكوري، هو سبب إعادة الميلاد كذكر. إذا كان هذا هو الحال، يمكننا حينها القول بأنه كان لدى الجميع، في وقت أو آخر، أساسًا أنثويًا.
مسألة أن الجميع، في وقت أو آخر، ولدوا كإناث، في غاية الأهمية بسبب الاعتراضات التي يمكن أن يتم إبداؤها على أن الجميع كانوا أمهاتنا، "ألم يكن من الممكن أن يعاد ميلادك دائمًا كذكر، وفي هذه الحالة أنت لم تكن أبدًا أمي؟" إذن، يجب علينا أن نُحلل الأمر -بالوضع في الاعتبار أن هناك متطلبات بعينها ليصبح الشخص أمًا لنا، وهي إعادة الميلاد كأنثى. إذن، إذا كان السبب الرئيسي لإعادة الميلاد كذكر أو أنثى هو الرغبة الجنسية تجاه نوع بعينه من الأجساد، عندها لربما تلك الرغبة تتبدل أيضًا في سياق العوامل البيولوجية، إذا تفحصنا الأمر في هذا السياق. في الحقيقة، كل هذه النقاط مهمة للغاية لإقناع أنفسنا بأن هذه أداة من المنطقي استخدامها -كي نعرف أنها ليست مجرد عملية غسيل دماغ.
عندها، بالتعرف على أن الجميع كانوا أمهات لنا، نُذكّر أنفسهم ونحافظ على الحضور الذهني -الحضور الذهني هو الغراء الذهني الذي يتمسك بالفكرة- بالطيبة التي أظهروها لنا عندما كانوا أمهاتنا. المستوى الأقل من هذه الطيبة التي أظهروها لنا كانت بعدم إجهاضهم لنا -لقد كنا بحاجة لكل أنواع إعادات الميلاد التي حصلنا عليها في الماضي من أجل أن نكون في المكان الذي نحن فيه الآن. يمكننا تقدير هذا، حتى عندما كنا حيوانات وعوالم إعادة الميلاد الأسوأ الأخرى، الأمهات اللواتي كن لدينا بإعادات الميلاد هذه، كنّ في غاية الطيبة تجاهنا لأنهن منحننا الفرصة كي نتخلص من الكارما السلبية التي كانت لدينا، والتي سمحت للكارما الإيجابية حينها بأن تثمر على هيئة الميلاد البشري الثمين الذي لدينا الآن. إذن، الأم السلحفاة والأم العنكبوت كانتا في غاية الطيبة معنا.
بالطبع، كانت هناك أوقات تمّ فيها إجهاضنا. عندما لم يتم إجهاضنا، تم التهامنا من قبل أمهاتنا -على سبيل المثال، العنكبوت قد تأكل أحيانًا صغارها. هناك اعتراضات تم إبداؤها في المناقشة التي حظينا بها بعد المحاضرة المتعلقة بإدراك الجميع كأمهاتنا. "ماذا عن الأم التي أكلتنا عندما ولدنا؟" لكن بشكل ما وصلنا هنا لهذا الميلاد البشري الثمين. هذا نتاج كل إعادات الميلاد السابقة التي حدثت. فقط على هذا الأساس، الجميع كانوا أمهات طيبيات للغاية معنا. قدموا لنا فرصة الوصول لما نحن عليه الآن وللتعامل مع الكارما المختلفة التي قمنا ببنائها عبر الزمن الذي لا بداية له. من المفيد للغاية القيام بتأمل تحليلي -أن نفكر بشأن كل هذا ونحل كل الاعتراضات التي لدينا.
عندما نتأمل على طيبة الأمهات، نبدأ بأمنا في هذه الحياة. يمكننا أن نستخدم طريقة تقسيم حياتنا لفترات مختلفة، كل منها مدتها خمس سنوات، ونفكر في الطيبة التي أظهرتها لنا أمنا في كل فترة من تلك الفترات. إذا رغبنا في مد نطاق تأملنا ونضم الأدوات الأخرى لتنمية البوديتشيتا، يمكننا أيضًا التفكير في الطيبة التي تلقيناها من الأشخاص المختلفين خلال تلك الفترات. القيام بهذا سيؤدي بنا إلى الخطوة التالية، وهي تقدير الطيبة التي تلقيناها، الشعور بالامتنان العميق.
هذا ما وصلنا له بالأمس.