ما أن نتعامل مع نسخة الدارما المُخففة للتخلي عن التشبث بالنفع قصير الأمد بهذه الحياة، ونفكر في النفع طويل الأمد بهذه الحياة، عندها نكون مستعدين للدارما الحقيقية، وهذا هو النطاق الأولي للدافع في المراحل المتدرجة بالمسار، لام ريم. التخلي عن التشبث بالأشياء الممتعة بهذه الحياة وجعل اهتمامنا الأساسي منصب على الحيوات المستقبلية.
التفكير في الأجيال المستقبلية
هناك مستوى أوسط بين هذا الموضوع وما ناقشناه سابقًا، والذي لم أخطط لمناقشته بشكل منفصل. نطاقنا الزمني قد نحصره فقط في حياتنا الشخصية، في سياق آثار سلوكنا، لكن قد نمد نطاق هذا ونفكر في الأجيال المستقبلية. بعبارة أخرى، لا نفكر في سياق إعادة ميلادنا، لكن نكون عازمين هنا على ألا نفكر فقط في سياق جيلنا الحالي، ولكن ما الذي سنتركه للأجيال المستقبلية -على سبيل المثال، الاحتباس الحراري.
قد نعتقد أن ارتفاع مستوى المحيطات لن يحدث لمستوى مؤثر بحياتنا، لكنه بالتأكيد سيؤثر على حياة أطفالي؛ وإذا لم يؤثر على أطفالي، على أحفادي. لذا، يمكن أن نفكر في الأثر طويل الأمد لهذا النوع من الاحتمالات المستقبلة.
النطاق الأولي في اللام ريم
لكن دعونا نتجاوز هذا المستوى وننتقل مباشرة للنطاق الأولي لتأمل اللام ريم -أن لا يكون تركيزنا فقط على هذه الحياة، لكن نحوِّل تركيزنا بدلًا من هذا إلى الحيوات المستقبلية، والذي هو الخط الفاصل للتدرب الحقيقي على الدارما.
نطبق نفس منهجية التحليل. لا اعتقد أنه من الضروري الخوض في الكثير من التفاصيل كما فعلنا في أول مستوى من التخلي، حيث أن هناك العديد من المستويات للعزم على التحرر التي سنتعامل معها. لذا، سنستعرض هذه النقاط سريعًا، حتى تكون عندنا فكرة عامة عن كيفية التعامل مع هذا الموضوع.
المدخل الشعوري العاطفي والعقلاني
اعتقد أنه من المهم أن ندرك هذا، على الرغم من أننا نتبع هنا مدخلًا عقلانيًا للغاية، والذي قد يُعرف بأنه غربي تمامًا، فهذا لا يتعارض مع المدخل العاطفي، والذي يُستخدم كمقاربة في المجتمعات غير الغربية. المدخل العاطفي لا يعني ببساطة أن تكون متحمسًا –المدخل العاطفي معناه وجود مشاعر قوية يتم وضعها في التدرب، ممزوجة بالإخلاص وهذا النوع من الخصال.
مثل هذه المقاربة لا يجب أن تكون متعارضه مع النهج العقلاني. المدخل العاطفي الشعوري يمكن أن يكون قائمًا على اعتبارات عقلانية أو غير عقلانية. اِتباع المقاربة العقلانية فقط دون أن يكون بها أي عواطف أو مشاعر لن يكون مؤثرًا بشكل كبير؛ بالمثل، اِتباع مقاربة التدرب القائم على عاطفة ومشاعر قويين، دون أساس عقلاني، أيضًا لن يكون مؤثرًا بشكل كبير. لهذا السبب لدي في الموقع بعض المقالات التي تتعامل مع أهمية التدرب بطريقة متوازنة تُساوي بين المقاربات القائمة على العاطفة، الإخلاص والعقلانية -بعبارة أخرى، التناغم بين تلك المقاربات الثلاث، وألا يكون لدينا أحدهم أكثر من الاثنين الآخرين.
عندما تقف هيكلية منطقية خلف تدربنا، يكون هناك أساسًا ثابتًا لاندماجنا الشعوري فيما نقوم به. يمكننا رؤية هذا في مثال بسيط، مثل التدرب على رفع الأثقال. إذا كان لدينا أساس عقلاني للقيام بهذا -أن هذا سيحسن صحتي، وأمل أنه سيساعد على إطالة حياتي، وما شابه- يكون من الأسهل أن أقوم برفع الأثقال بشغف، عن أن أقوم به فقط لبناء عضلات قوية. المدخل المتوازن مهم للغاية، وهو مهم بشكل عملي عندما نتعامل مع موضوعات مثل التخلي.
التخلي عن التشبث بالأشياء الممتعة بهذه الحياة وعدم القيام بدحض أكثر أو أقل من اللازم
بالنسبة للتشبث بالأشياء الممتعة بهذه الحياة، ما نرغب في أن نكون عازمين على التحرر منه هو التشبث بالمال، الممتلكات، الأصدقاء، الشهرة، الشباب، المظهر الحسن، العضلات، صيحات الموضة -نتخلى عن جعل تلك الأشياء الاهتمام الأساسي لنا أو كهدف أساسي في الحياة.
الدحض الأكثر من اللازم سيكون قول أننا لا نحتاج أي من هذه الأشياء، وبالتالي نتجاهلها بالكامل. نتجاهل احتياجات هذه الحياة، مثل التدرب الرياضي والحمية الصحية، وما شابه، ونشعر بأننا يجب أن نصبح رهبانًا أو راهبات ونذهب للعيش في الكهوف -هذا دحض أكثر من اللازم فيما يتعلق بالأشياء في هذه الحياة. إذا رغبنا في الذهاب للعيش في كهف والتخلي عن كل شيء، حسنًا -لكن أن نعتقد أنه علينا القيام بهذا فنفسد زيجتنا، ندمر منزلنا، وما شابه، فهذا حقًا دحض أكثر من اللازم. لدينا مسئوليات في هذه الحياة والتي يجب أن نعتني بها.
اعتقد مثال جيد على هذا، والذي لاقيته مع معلمي الرينبوتشي سيركونغ. كان هناك شاب يرغب في أن يصبح راهبًا، والذي جاء لمقابلة رينبوتشي. في الحقيقة، كنا مسافرين في الغرب، وكان رينبوتشي يقيم في منزل عائلة هذا الشاب. رغب هذا الشاب في أن يصبح راهبًا، لكن والدته كانت في بداية إصابتها بالعمى والأب لم يكن مفيدًا بشكل كبير. نصح الرينبوتشي سيركونغ الشاب بألا يصبح راهبًا وقال له، "يجب أن تبقى بقرب منزلك لتعتني بوالدتك -هذه مسئوليتك. ما أن لا يحتاج والديك مساعدتك، عندها يمكنك أن تصبح راهبًا إذا كنت لا تزال راغبًا في القيام بهذا". مثل هذا المثال، نرغب في ألا ندحض أكثر من اللازم التخلي عن أشياء هذه الحياة. لدينا مسئوليات، لدينا أشياء نحتاج لأن نعتني بها.
الدحض الأقل من اللازم سيكون التخلي عن بعض الأشياء التي نحن مدمنين عليها مثل التدخين والكحول، دون الأخرى، مثل الإدمان على شبكات التواصل الاجتماعي، تصفح الإنترنت، الاستماع للموسيقى طيلة الوقت -فقط عقد العزم على التحرر من بعض اهتمامات هذه الحياة، لكن ليس تلك التي نحبها جدًا. لكن الأغلب هنا هو أن نتشبث بأشياء مثل شبابنا، صحتنا، وهذا النوع من الأشياء. سبب هذا النوع من التشبب هو النظرة الخاطئة تجاه هذه الأشياء بأنها غير متغيرة، لا تنتهي أبدًا، سنحظى بها دائمًا، وستجلب لنا السعادة الدائمة، مثل سوء الفهم الخاص بأن كلما حصلنا على المزيد من المال، كلما أصبحنا أسعد.
لكن هناك العديد من الأمثلة التي تعارض هذه النظرة الخاطئة تجاه الأشياء. إذا كنا متعلقين للغاية بشبابنا، مظهرنا الحسن، عضلاتنا وما شابه، الحقيقة هي أنهم لن يدوموا أبدًا. عندما نتشبث بالشباب، على سبيل المثال، فهذا سيجلب لنا فقط معاناة الإحباط عندما نتقدم في السن. أحد الأمثلة البشعة التي يمكنني التفكير بها هو لامرأة شابة كانت تعيش في درامصالا بينما كنت أعيش هناك، وكانت متعلقة للغاية بمظهرها الجميل وخائفة للغاية من التقدم في السن وفقدان جمالها. قامت بمعتزل فاجرايوغيني، وفي نهاية المعتزل، عند القيام بوهب النار حيث يتم إلقاء مواد مختلفة في النار، صبت الكيروسين على جسدها وأشعلت فيه النار، واهبة نفسها. انتحرت بهذه الطريقة لأنها لم تستطع تحمل فكرة أنها ستتقدم في العمر وتفقد جمالها. هذا تطرف شديد، لذا لا نرغب بالتأكيد في الذهاب لهذا التطرف عندما نتحدث عن هجر التشبث بأشياء هذه الحياة. هذه استراتيجية غير ناجحة.
مساوئ التشبث بمتع هذه الحياة
مساوئ التشبث بأشياء هذه الحياة كاهتمام أساسي هي أننا نرتكب الأفعال الهدامة، مثل إشعال النار بأنفسنا. توضح نصوص اللام ريم هذه النقطة بالعديد من الأمثلة على السلوك الهدام، مثل السرقة لأجل الحصول على المزيد من المال والأشياء بهذه الحياة، على أمل أن هذا سيجلب سعادة دائمة، لكن يجلب لنا هذا فقط الخوف من أن يُقبض علينا. أو الخيانة الجنسية في سعي للإشباع الجنسي الفوري، لكن عندها نعيش في الذعر من أن يكتشف شريكنا ما قمنا به. لذا نحتاج لأن نكذب، ثم تكون هناك كل الصعوبات التي ستنتج إذا أكتشف شريك الشخص الأخر ما يحدث. مثال آخر هو معاناة إضاعة وقتنا في الأشياء التافهة، فنفقد الفرص.
يمزح قداسة الدالاي لاما عادة مع النساء بين الحضور عن أنهن يقضين الكثير من الوقت في الاعتناء بمظهرهن الخارجي ومساحيق التجميل. يقول أننا بحاجة للعمل على جمالنا الداخلي، بدلًا من مظهرنا الخارجي. الجمال الخارجي يزول، بينما الجمال الداخلي يدوم طيلة حياتنا. أيضًا، إذا قضينا كل وقتنا في محاولة الوصول للشهرة أو الحصول على الكثير من المال، هذه الأشياء لا تُشبع أبدًا وسريعًا ما نشعر بأن حياتنا عديمة المعنى، ليس هناك هدفًا مشبعًا من الحياة. اُنظروا لمشاهير الغناء: مشهورون للغاية ولديهم الكثير من المال، ومع ذلك هم بائسون. يتعاطون المخدرات بشكل مستمر ويموت الكثير منهم نتيجة للجرعات الزائدة. هذا مثال واضح على أن المال والشهرة ليسا مصدر السعادة النهائية.
استهداف الظروف المساعدة في الحيوات المستقبلية وعدم المبالغة أو التقليل منها
هدفنا، عندها، هو أن نحصل على إعادات ميلاد أفضل، العمل على أن تكون لدينا ظروفًا مساعدة وشروطًا أفضل في حيواتنا المستقبلية. المبالغة في تقدير هذا ستكون أنه لن تكون لدينا المزيد من المشاكل بحيواتنا المستقبلية، ستكون جنة مثالية ويمكننا فقط أن نسترخي ونستمتع. التقليل من قدر ما نهدف إليه سيكون التفكير في أنه سيكون من السهل جدًا الحصول على إعادة الميلاد البشري الثمين مرة أخرى، وبالتالي لا نحتاج لبناء الأسباب الكافية للحصول عليه.
هذا هو الفرق الضخم الذي وجدته بين التبتيين وغير التبتيين. نحن، غير التبتيين، غير البوذيين بشكل تقليدي، نفكر كثيرًا، "حسنًا، بالطبع، في حياتي التالية سأكون إنسانًا، لذا أرغب في أن أكون إنسانًا بظروف جيدة". لا نأخذ احتمالية أن نصبح حشرة أو ما هو أسوأ على محمل الجد، بينما التبتيون لا يأخذون هذا الأمر كشيء مسلَّم به. يفكرون، "بالطبع سأكون في إعادة ميلاد بشع. من النادر بشكل لا يصدق أن أكون إنسانًا، ناهيك عن إعادة ميلاد بشري ثمين". هناك فارق ضخم.
هذا حقيقي تمامًا، أليس كذلك، عندما نفكر في إعادة الميلاد، ألا تفكرون دائمًا، "بالطبع سأكون إنسانًا". لا نفكر أبدًا، "سأكون صرصورًا". هذا هو التقليل، التفكير بأنه سيكون من السهل الحصول على إعادة الميلاد البشري الثمين مرة أخرى. هو ليس سهلًا.
الفوائد العمل على نفع الحيوات المستقبلية وأداة تحقيق هذا
ما هي فوائد العمل من أجل نفع الحيوات المستقبلية؟ سنكون قادرين على الموت دون ندم؛ سنشعر بأننا سنكون قادرين على الاستمرار على المسار لأننا اتخذنا إجراءات حاسمة وخطوات لبناء أسباب إعادة الميلاد البشري الثمين في المستقبل.
ما الذي نفعله ما أن نحوز إعادة الميلاد البشري الثمين مرة أخرى؟ نستمر في العمل من أجل التحرر والاستنارة. هذا هو كامل الغرض من الحصول على المزيد من إعادات الميلاد البشرية الثمينة، لأن تحقيق التحرر والاستنارة سيتطلب وقتًا طويلًا للغاية.
ما هي أداة تحقيق إعادة الميلاد البشري الثمين مرة أخرى؟ تم توضيح هذا بشدة في كل تعاليم المستوى الأولي للمسار المتدرج، لام ريم. نُدرك ونُقدر إعادة الميلاد البشري الثمين الذي لدينا الآن والفرص التي يوفرها لنا، وإدراك أنه سينتهي في وقت ما، وسيتبع هذا حيوات مستقبلية. وندرك أنه إذا لم نقم بأي شيء لنعمل على نفع الحيوات المستقبلية، وننظر لأنماطنا الحالية، سنجد أن سلوكنا السلبي يفوق بكثير سلوكنا الإيجابي، لذا النتيجة ستكون إعادات الميلاد الأسوأ، هذا واضح.
بالإضافة لهذا، نحتاج لأن ندرك أن أي شيء ممتعة بهذه الحياة سينتهي. سيتوجب علينا ترك كل أموالنا، ممتلكاتنا، أصدقائنا، عدد تأشيرات الإعجاب التي حصلنا عليها بصفحة الفيس بوك -نحتاج لأن نترك كل هذا خلفنا. لذا، نحتاج لأن نكون راضين بما هو كافٍ لنعمل على المسار وندعم أنفسنا وعائلاتنا.
الرضا في غاية الأهمية. هذا لا يعني أننا لا نعتني باحتياجاتنا، لكن أن نكون راضين عندما يكون ما لدينا كافيًا. أنا وصديق دارما ألماني كانت هناك مزحة نشاركها بيننا: الكلمة الألمانية لكفاية هي غينوغ، ولذا، بدلًا من أن نقول أننا اَتباع تقليد الغيلوك، فنحن نرغب في أن نصبح أتباع لتقليد الغينوغ. عندما نتبادل هذه المزحة، يصبح من الأسهل قليلًا أن نصبح أكثر تقبلًا. خاصة عندما نذهب إلى تلك المطاعم التي يمكنكم تناول كل ما ترغبون فيه من طعام، لمتبعي تقليد الغينوغ، طبق واحد كفاية، لا نحتاج لطبقين.
عندها لنحصل على إعادة الميلاد البشري الثمين، نحتاج لأن نضع توجهًا آمنًا بحياتنا -هذا هو الملجأ- والامتناع عن السلوك الهدام. هذا هو التحكم بالذات، الالتزام الذاتي. نحتاج لأن ندعم هذا بالتدرب على المواقف الداخلية الأخرى التي ستحملنا بعيدًا: الكرم، الصبر، المثابرة، الثبات الذهني أو التركيز، والوعي التمييزي أو الحكمة. التدريبات الثلاثة السامية متضمنة في تلك المواقف الداخلية التي ستحملنا بعيدًا: الالتزام الذاتي، التركيز والوعي التمييزي.
كل هذا يحتاج لأن يتم دعمه بتكرار ترديدات بناء الإلهام، والتي نكرس فيها بالأساس أي قوة إيجابية قمنا ببنائها لنستمر في الحصول على إعادات الميلاد البشرية الثمينة حتى يمكننا أن نستمر على المسار بأفضل شروط مساعدة على تحقيق التحرر والاستنارة.
نحتاج لأن نكون حذرين للغاية عندما نقوم بتكرار ترديدات التكريس. أوسكار وايلد، المؤلف البريطاني الشهير، كانت له مقولة رائعة، "اِحذر مما تتمناه؛ فقد يعاقبك الرب بتحقيقه".
هناك قصة تبتية جميلة: في أحد المعابد الكبرى بدير غاندِن في التبت، كان هناك عرش يجلس عليه رئيس تقليد الغيلوك أثناء المراسم. يُطلق عليه عرش الغاندِن. في أحد الأيام في المعبد الذي فيه العرش، سارت بقرة وكانت تتكئ على العرش. رأى أحد الرهبان هذا وكان في غاية التعجب، فذهب لمعلمه ليسأله، "ما هذا؟ كيف يمكن أن تكون هناك بقرة متكئة على العرش؟" شرح له المعلم، "في الحياة السابقة، ردد أحد الرهبان ترديدة بناء إلهام أن يكون قادرًا على الجلوس على عرش الغاندِن، لكن لم يحدد شكل الحياة الذي يرغب فيها ليكون قادرًا على الجلوس على العرش". لذا، نحتاج لأن نكون حذرين للغاية مما ننمي الإلهام إليه -لأنه "قد يعاقبك الرب بتحقيقه". لهذا السبب، عندما نقوم بتكرار ترديدات التكريس، نحتاج لأن نكون محددين للغاية. نحتاج لأن نكرس قوتنا الإيجابية لتحقيق إعادة الميلاد البشري الثمين في كل حيواتنا المستقبلية، كي نكون قادرين على الاستمرار في المسار طيلة الطريق للاستنارة.
إذا امتنعنا عن السلوك الهدام ووضعنا المواقف الداخلية التي ستحملنا بعيدًا موضع التدرب ورددنا ترديدات بناء الإلهام الملائمة، يمكننا أن نكون واثقين من النجاح في هذا عبر التفكير في: إذا كان ما علمه بوذا بشأن أن كل الظواهر تنشأ اعتماديًا ولهذا فإن كونها خالية من طبيعة الذات المثبتة أمر صحيح -ويمكننا إثبات هذا عبر المنطق وتأملنا الشخصي- يمكن أن تكون لدينا ثقة في أن ما علمه بوذا بشأن الكارما هو صحيح أيضًا.
يقول تسونغكابا هذا بشكل واضح للغاية في نص "مديح النشوء الاعتمادي":
(30) عبر ذات هذا المسار الخاص بالنشوء الاعتمادي، والذي هو سبب أن حديثك يُرى بأنه ليس له نظير، يمكن [للمرء] أن ينمي الثقة بأن تأكيداتك الأخرى صحيحة أيضًا.
أيضًا عبر التفكير في الحجج المنطقية الخاصة بأن الذهن لا بداية له، في سياق منطقية العلاقة السببية، يمكننا أن نكون واثقين بأننا سنحظى بإعادة ميلاد وسيكون أحد إعادات الميلاد الأفضل إذا تجنبنا السلوك الهدَّام. باختصار، إذا كنا سنتخلى عن جعل الأشياء السارة بهذا الحياة اهتمامنا الأساسي، نحتاج لأن نتخلى عن السلوك الهدَّام.
التدبر بشأن العمل على نفع الحيوات المستقبلية
لنفكر في هذا للحظات، ثم سأجيب على بعض الأسئلة. الشيء الأساسي هو: ما الذي سنفعله حقًا لنضمن أننا سنحظى بإعادات ميلاد أفضل في المستقبل ولنكون قادرين على الاستمرار بالمسار؟ هل فقط نفكر في الحيوات المستقبلية، أم نأخذ التدابير لأجلها؟ عادة ما أشرح للناس أن دافعي للعمل بجد شديد على موقعي الإلكتروني هو أني إذا وضعت جهدًا وشغفًا كبيرين في العمل عليه، سيكون لدي، نتيجةً لهذا، صلة قوية به في حيواتي المستقبلية، إذا تمت إعادة ميلادي بميلاد بشري ثمين، ساَنجذب بشكل غير إرادي للموقع. سأجده بسهولة في سن صغير جدًا وسيثير اهتمامي مجددًا بالدارما.
بهذه الطريقة، أحاول بشكل واعٍ تمامًا أن أكون شخصًا ذو مستوى الدافع الأولي فيما يخص عملي بالموقع. لبدء الموقع الجديد -سنبدأ بشكل بسيط للغاية في العمل على الإصدار الأول- اخترت من الموقع القديم الخمسين المقالة التي أحب للغاية أن تكون متاحة لي في حياتي التالية. ما هي المقالات الخمسين الأكثر أهمية التي أرغب في أن أكون قادرًا على أن اتصل بها؟ هذه هي الاستراتيجية التي استخدمها في اختيار ما أضعه في الإصدار الأول من الموقع. يجب أن أقول أن اختيارها كان ممتعًا للغاية.
فكروا بشأن هذا، ما الذي أقوم به للاستعداد للحيوات المستقبلية؟ جمع الإعجابات على صفحتي بالفيس بوك؟ أم ماذا؟
[وقفة للتدبر]
ما الأسئلة التي لديكم؟
الأسئلة
إذا قمنا بتنمية التخلي عن هذه الحياة، وكل الأشياء المادية، الأصدقاء وبالأساس كل شيء بهذه الحياة، كيف نحافظ على استمراريتنا وحماسنا تجاه هذه الحياة ولا نفقد قدرتنا على الشعور بقيمة هذه الحياة؟ تتكون هذه الحياة من لحظات هي بالأساس فريدة -كيف لا نفقد قدرتنا على تقدير قيمة هذا؟
نتجنب هذا التطرف عبر تحليل معنى الدحض الأكثر من اللازم للمحل الذي نحن عازمون على التحرر منه. الدحض الأكثر من اللازم سيكون ألا يكون لدينا أي اهتمام بأشياء هذه الحياة. ليس هذا ما نتحدث عنه. الفكرة هي ألا يكون هذا هو اهتمامنا الأساسي.
كل شيء يتعلق بدافعنا ونطاقه. يمكننا تنمية الصداقات وأن نكون شغوفين بصداقاتنا، إما فقط كي نكون محبوبين من الجميع بهذه الحياة، أو يمكننا التفكير في سياق نفع هؤلاء الأشخاص، والذي بالتأكيد لا يتعارض مع العمل من أجل الحيوات المستقبلية. نرغب حتى في أن نكون قادرين على نفع المزيد من الأشخاص في الحيوات المستقبلية. لكن لا نتجاهل هؤلاء من لدينا صلة بهم في هذه الحياة.
إذا كان هدفنا هو أن نكون قادرين على دعم أنشطة الدارما، دعم الآخرين، وما شابه، أن نكون قادرين على الاستمرار بالقيام بهذا على نطاق أكبر في المستقبل، حينها كسب المال لن يكون فقط من أجل شراء سيارة فارهة بهذه الحياة. بل هو من أجل أن نكون قادرين على نفع الآخرين، وكي نكون قادرين على الاستمرار في القيام بهذا في المستقبل.
دافعنا والنطاق الذي نقوم به بالأشياء في غاية الأهمية. لماذا نرغب في أن يحبنا الكثير من الناس؟ فقط من أجل صورة الإفطار الرائع الذي قمنا بإعداده لأنفسنا التي وضعناها على شبكة التواصل الاجتماعي؟ لا، هذا شيء تافه. لكن كلما أحبنا المزيد من الناس لأجل ما نقوم به حقًا في حياتنا، أصبح لنا تأثيرًا إيجابيًا على المزيد منهم، في كلٍّ من هذه الحياة والحيوات المستقبلية.
أنا متعلق بفكرة أني ألِكسيا. ليس لدي اهتمام بحيواتي المستقبلية، لذا من الصعب أن أخلص نفسي من التعلق والتشبث بمنافع هذه الحياة. نتيجة لهذا، أنا مهتم أكثر بالأدوات التي قد تكون أسرع، أكثر فاعلية، أكثر من تلك التي ستجلب لي نتائج بعد ثلاثة زليون دهر. أنا مهتم بالأدوات التي يمكنها أن تؤتي نتائجها في هذه الحياة. لماذا اَحتاج التفكير في الحيوات المستقبلية والعمل من أجل ما سيأتي بعد ثلاثة زليون دهر؟
إذا كنا نبحث عن مساومة، أن نحصل على التحرر والاستنارة بسعر بخس، بأقل سعر ممكن، فلن تكون هذه مقاربة مفيدة جدًا للدارما. عندما يتم الترويج لتعاليم الدارما كما في المحال التجارية، "تخفيضات على الاستنارة. عرض خاص، خصم 20% يمكنك أن تحصل عليها أرخص وأسرع عبر هذه الأداة" -هناك شيء مثير للريبة بشأن هذا.
أما فيما يخص هويتك كألِكسيا، هذه فقط هويتك بهذه الحياة. نحتاج للقيام بالكثير من التأمل على المنطق الخاص بإثبات أن الذهن لا بداية له، في سياق منطقية العلاقة السببية. بدون التأمل على الخلو -أنه لا وجود لشيء مماثل لتلك الطرق المستحيلة للوجود التي تقوم أذهاننا بإسقاطها- سيكون من الصعب للغاية الوصول لاقتناع عميق بالعمل لنفع الحيوات المستقبلية.
فقط استخدام أدوات النطاق الأولي الخاص بالتفكير بشأن إعادة الميلاد البشري الثمين، حتمية الموت والتغيير، إعادات الميلاد الأسوأ التي يمكن أن تأتي بعد وفاتنا، وما شابه -تلك الأشياء يمكن أن تكون فعالة، لكنها ليست أقوى دواء نستخدمه هنا لتنمية الاقتناع بوجود الحيوات المستقبلية. لدينا عدد هائل من المعيقات الذهنية والشعورية التي تحول بيننا وبين فهم الخلو، أو فهم أي شيء، فيما يخص هذه المسألة، ولنتغلب على تلك المعيقات، نحتاج لبناء كم هائل من القِوى الإيجابية. على سبيل المثال، عندما نتأمل على الأربعة المتعذر قياسهم: الحب، الشفقة، البهجة والمساواة المتعذر قياسهم، نفتح أذهاننا وقلوبنا للتفكير في كل الكائنات. يساعدنا هذا على تفتح أذهاننا، ألا نكون منغلقين ونفكر فقط في أنفسنا. يساعدنا هذا على فهم الخلو وألا نكون متشبثين بهويتنا بهذه الحياة.
عندما نتحدث عن بناء القوى الإيجابية، نحن لا نتحدث عن جمع النقاط والفوز إذا ما جمعنا عددًا كافيًا من النقاط. مدخلنا منطقي تمامًا. وليس هناك مجالًا للمساومة - لا يمكن الحصول على الاستنارة بثمن بخس، أنا آسف.