أَسَّسَ الدالاي لاما الثالث سونام-غياتسو (١٥٤٣ – ١٥٨٨ م) دير كومبوم جامبا-لينغ عام ١٥٨٣ م، وقد بُنِيَ الديرُ في مقاطعة آمدو قرب بحيرة كوكونور، وهو المكان ذاته الذي ولدفيه تسونغكابا (١٣٥٧ – ١٤١٩ م)، وهو مُؤسِّس تقليد غيلوغ، وقد تُنِبِّئ به في عدة نصوص لمعلمي الكادام.
وحينما وُلِد تسونغكابا سقطت قطرة دم من الحبل السري عندما قطع بعد ولادته، ومن هذه القطرة نمت شجرة خشب صندل أبيض عجيبة، كان لها جذعٌ عريض جدًّا، ومئة ألف ورقة لم تتساقط أبدًا – ويدل الرقم "مئة ألف" في اللغة التبتية على المبالغة في كثرة العدد، ولا يدل على العدد بالضبط – وعلى كل ورقة تظهر صورة لبوذا سينهانادا، وعلى لحاء الفروع والجذع تصاميم لبذور المقاطع اللفظية والوسائل اليدوية لهذا البوذا، وفي المستقبل سيولد تسونغكابا بوصفه سينهانادا،أ ي البوذا الحاديعشر من الألف بوذا، الذين سيشرفون الأرض خلال هذا العصر الميمون.
وقد بنت والدة تسونغكابا في عام ١٣٧٩ م بمساعدة امرأة مؤمنة من السكان المحليينالمعبدَ الصغير مع الضريح حول هذه الشجرة، وهو باقٍ حتى اليوم، وهذا كان المعبدَ الأول في كومبوم. وفي عام ١٤٨١ مبنى النبلاء والبدو الرُّحَّل لمنطقة كوكونور المعبد الضخم لتقديم القرابين عند الشجرة المقدسة، وفي عام ١٥٦٠ م بنى المتأمِّل رينتشين-تسوندرو-غيالتسينالدير الصغير هناك، وسمِّاه غونبالونغ، وذلك لممارسة التأمل المركَّز. وقد ضم الدير في البداية سبعة رهبان في ذلك الوقت، ثم توسَّع فضم خمسة عشرراهبًا بعد ذلك.
وفي عام ١٥٧٦ م دعا آلتان خان (١٥٠٧ – ١٥٨٣ م) زعيم المنغوليين التوميد، وهو الدالاي لاما الثالث المستقبلي: سونام-غياتسو؛وذلك لنشر البوذية في منغوليا. وكان سونام-غياتسو معرفوا في ذلك الوقت بوصفه الـ غيالوا رينبوتشي، أو تولكو دريبونغ، وهو التجسد الثالث في خط اللامات المتناسخين الأُوَل في تقليد غيلوغ، وبعد اعتناق آلتان خان للبوذية منح غيالوا سونام-غياتسو لقب: الدالاي لاما . و"دالاي" هي الترجمة المنغولية لـ غياتسو، التي تعني: "المحيط" . وهكذا أصبح غيالوا سونام-غياتسو الدالاي لاما الثالثَ.
وفي طريقه للاجتماع مع آلتان خان قرب كوكونور توقَّف غيالوا سونام-غياتسو في الملجأ المنعزل بجانب الشجرة المقدسة، التي تحدد مكان ميلاد تسونغكابا، فطلب من رينتشين-تسوندرو-غيالتسين بناء دير أكبر في هذا الموقع، وجعلهالكاهن الرئيس له، ثم اكتمل الدير عام ١٥٨٣ م، وافتُتِح مهرجان الصلاة السنوي (مون-لام)، وهو مثل الذي يُقام في لاسا.
وسُمِّي الدير الجديد: كومبوم جامبا-لينغ، وتعني "كومبوم": مئة ألف جسد متنوِّر لبوذا. وسُمِّي الدير نسبة إلى المئة ألف صورة لبوذا سينهانادا على أوراق شجرة خشب الصندل المقدسة. وتعني "جامبا لينغ": "دير مايتيرييا". وهذا يشير إلى أن معبد مايتيريا قد بناه رينتشين-تسوندرو-غيالتسين يمينَالشجرة المقدسة، وعلاوة على ذلك يُعتبَرتسونغكابا متشابهًا في الطبيعة مع بوذا مايتيرييا، وأيًّا كانت الممارسات الروحية التي ينجزها المرء في هذا الموقع فهي – كما يقال – لجلب الانبعاث (الولادة الجديدة) في أرض مايتيرييا الطاهرة.
كان دولدزين أوزير-غياتسو (ولد عام ١٥٥٧ م) حاملَ عرش كومبوم الأول، وفي عام ١٦٠٣ م توقَّف الدالاي لاما الرابع: يونتين-غياتسو (١٥٨٩ – ١٦١٦ م) في كومبوم، وهو في طريقه من موطنه منغوليا إلى التبت المركزية، وقد أعلن في ذلك الوقت عن حاجته لبناء قسم الدراسة، وإلى تعيين دولدزين أوزير-غياتسو رئيسًا للدير كله، وفي مهرجان صلاة مونلامكومبوم عام ١٦١٢ م اعتلى دولدزين أوزير-غياتسو – أول مرة – عرش رئيس الدير، وفتح كلية الجدل بالدين شايدروبلينغدراتسانغ.
وقد ضمَّ دير كومبوم أربع كليات رهبانية، أكبرها كلية الجدل، ومعظم أقسامها تستعمل الكتب الدراسية لـجيتسونبا تشوكيي-غيالتسين (١٤٦٩ – ١٥٤٤ م)، وكذلك كليات جانغتسي غاندينوجي سيرا قرب لاسا، وهناك بضعة أقسام تدرس الكتب الدراسية لـ كونكيين جاميانغ-شايبا نغاوانغ-تسوندرو (١٦٤٨ – ١٧٢٢ م)، مثلها مثل كلية غومانغ لدير دريبونغودير لابرانغ، وتُمنَح الشهادات العليا: غيشي رابجامبا وغيشيشايرامبا في مهرجان صلاة مونلام كومبوم كلَّ سنة.
أَسَّستشوجي ليغبا-غياتسو عام ١٦٤٩ مالكلية التانترية: غيو، أو سانغنغاغ ديتشينلينغ داتسانغ، ويتبعمنهجها الدراسي منهج كلية التانترية السفلى غيومايلـ لاسا، وبعد دراسة النصوص الرئيسة، والتعليقات على الـ غوهياساماجا وتشاكراسامفارا وأنظمة فاجرابايرافا، يحصل الرهبان على شهادة غيشينغاغرامبا.
وفي عام ١٧١١ م بَنى تشوزانغ لوزانغ-تينباي-غيالتسين الكلية التانترية الجديدة: نغاغبا دراتسانغ. وفي عام ١٧٢٣ م خَرَّبت جيوش المانتشو والصين المتحدة الأديرة العظيمة الأربعة لمنطقة كوكونور: كومبوم وغونلونغ وسيركوغ وتشوزانغ، تخريبًا شديدًا، وهرب العديد من الرهبان، ثم طلب قائد المانتشو بعد ذلك من حامل العرش الحادي والعشرين تحويل نغاغبا دراتسانغ الجديدة إلى الكلية الطبية، وهذا ما حدث. وبعد تعيين عدة أطباء مشهورين افتُتحِت الكلية الطبية: مينبا دراتسانغ سوريغ-دارغيي-شينبن-نوربولينغ، وذلك عام ١٧٢٥ م، ثم أصبحت كلية مستقلة خلال زمن حامل العرش الثاني والعشرين، وقد حصل الأطباء المتخرِّجون على شهادة مينرامبا.
الكلية الرابعة في كومبوم هي كلية الكالاتشاكرا: دوكور دراتسانغ ريغدين لوسيل-لينغ، وقد أَسَّسهانغاوانغ-شايدروب-تينباي-نييماعام ١٨٢٠ م، ويدرس الرهبان في هذه الكلية علم التنجيم، ويحصلون على شهادة تسيرامبا بعد اكتمال تعليمهم.
وقد ضم الدير قبل عام ١٩٥٨ م ٣٦٠٠ راهب، ويضم حاليًّا ٤٠٠ راهب، منهم ٣٠٠ في كلية الجدل، وتفرَّق بقيتهم بالتساوي بين الكليات الثلاث الأخرى. وتبعا للتقاليد فإنأغلبية رهبان كومبوم تبتيون من مقاطعة آمدو، وهذا هو الحالفي دير لابرانغ، والبقية من منغول منغوليا الخارجية، ومنغول منغوليا الداخلية، ومنغول كوكونور من مقاطعة آمدو شرق كومبوم، والمونغوريين من مقاطعة آمدو شمال كومبوم، واليوغوريين الصفر من مقاطعة قانسو، والكالميك المنغوليين من مقاطعة شينجيانغ، ومن الصينيين.