البوديتشيتا الأساسية والأعمق

لغات اخرى

أرغب في شرح نص غاية في الأهمية في التقليد البوذي التبتي، يُطلق عليه النقاط السبع لتدريب الذهن. كتبه العلامة العظيم بتقليد الكادام، الغيشي تشِكاوا.

هذه التعاليم مُستندة بالأساس على تدريب تغيير منظور الذات والآخرين، والتي تعني أنه بدلًا من التفكير الدائم بأنفسنا وإيثار ذواتنا، وتجاهل الآخرين، نقوم باستبدال هذا عبر إيثار الآخرين والتفكير بهم طيلة الوقت، بدون التفكير الأناني بأنفسنا.

هناك مصدران لهذه التعاليم بسوترات بوذا، الأولى هي سوترات غاندافياها، والتي هي جزء من نص أكبر يُطلق عليه سوترا أفاتامساكا. تتحدث سوترا غاندافياها عن شخصٍ يسعى للاستنارة، ويذهب إلى خمسين بوديساتفا، وكل منهم يعلّمه نوعًا مختلفًا من مسارات البوديساتفات. هذا النص والنص الآخر الأطول، سوترا غاندافياها، هما إحدى النصوص القليلة التي تم ترجمتها من الصينية إلى التبتية، لأن النسخة السنسكريتية فُقدت في وقت نقل السوترات، وقال تسونغكابا أنه لولا تلك الأدبيات، لما تمكّن التبتيون من الحصول على كامل تعاليم مسار البوديساتفات. السوترا الأخرى التي يستند عليها هذا النص، هي سوترا فاجرادفاجا باريبريتكا. وهي السوترا التي طلبها شخص يُدعى فاجرادفاجا، لذا فمصدرها هو تعاليم السوترا. كان العديد من الأشخاص يسألون من أين أتت هذه التعاليم في السوترات وهكذا شرح سيركونغ رينبوتشي مصدرها.

تم شرح هذه التعاليم بشكل مكثّف في نص الانخراط بسلوك البوديساتفات لشانتيديفا، كما رأينا في الفصل الخاص بالتركيز في قسم الثبات الذهني. والذي، بالمناسبة، درسناه سابقًا، لسنوات عديدة هنا سويًا بهذا المركز، لذا العديد منكم لن يجدوا تلك التعاليم غريبة عنهم. تأتي سلالة معلمي أتيشا من المعلم دارماراكشيتا، وهو مؤلف نص عجلة الأسلحة الحادة، والذي يعرفه العديد منكم. وجلب أتيشا تلك التعاليم لاحقًا إلى التبت، ونقلها إلى تقليد الكادام الذي تأسس خلفًا له، لذا فقد انتقلت تلك التعاليم إلى تلميذه الأساسي درومتونبا، ومنه إلى الغيشي بوتاوا.

كان للغيشي بوتاوا، والذي كان ذائع الصّيت أيضًا، تلميذين أساسيين، أحدهما هو لانغري تانغبا، الذي كتب نص الأبيات السبعة لتدريب الذهن. كان الأكبر سنًا، والتلميذ الأصغر سنًا كان الغيشي تشِكاوا. مؤلف هذا النص.

وجد الغيشي تشِكاوا نصًا ينتمي لهذا النوع من التعاليم بمنزل غيشي آخر يُدعى تشاغشينبا، والذي كان منجذبًا للشطر الذي يقول: "اِمنح النصر للآخرين واقبل على نفسك الخطأ". سأل من الغيشي تشِكاوا عن كاتب هذا النص وقيل له أن اسمه لانغري تانغبا. ذهب إلى لاسا ليجده، ولكن لانغري تانغبا كان قد توفي، وقيل للغيشي تشِكاوا أنه يمكن أن يحصل على تلك التعاليم من تلميذ آخر، هو الغيشي شاراوا فقام بمكاتبته.

هذه قصة طويلة، لكن في النهاية استطاع إقناع الغيشي شاراوا أن يعلّمه، وقام بذلك فعلًا. وقال الغيشي شاراوا أن هذا البيت مصدره نص الحلية الثمينة، راتنافالي بالسنسكريتية، لناغرجونا، وهو نص آخر مشهور. قضى الغيشى تشِكاوا ست سنوات في دراسة تلك التعاليم مع الغيشي شاراوا، ثم كتب هذا النص الذي يبن أيدينا.

ثم انتقلت تلك التعاليم إلى لادينغبا، ومنه تأتي سلالتي معلمين. انتقلت بعد ذلك تلك التعاليم إلى تلميذه توغمي زانغبو، الذي كتب نص السبعة وثلاثون تدريبًا للبوديساتفات.

لذا، كما ترون، كل تلك النصوص القديمة عن تدريبات البوديساتفات، ينتمي مؤلفوها بالأساس لذات سلسلة المعلمين. هناك سلسة معلمين الأخرى ينتمي إليها لادينغبا، ليس لدي بالضبط قائمة بهؤلاء التلاميذ، لكنها سلسلة أخرى منفصلة، بعد قرنين من الزمن انتقلت تعاليمها إلى تسونغكابا. سلسلة المعلمين توغمي زانغبو، تتبعها تقاليد الساكيا، النغييما والكاغيو، وسلسلة المعلمين التي انتقلت إلى تسونغكابا هي تقليد الغيلوك. نقل تسونغكابا تلك التعاليم إلى تلميذه نامكابِل، مؤلف نص تدريب الذهن المماثل لأشعة الشمس، وهو نص آخر معروف وقد تكونون قد سمعتم به. وهكذا، تتوافق كل تلك التقاليد سويًا.

هناك شيء آخر يلاحَظ بشأن هذا النص، هناك العديد والعديد من النسخ والإصدارات المختلفة له. هناك نسخ سلسلة معلمين توغمي زانغبو ونسخ سلسلة معلمين تسونغكابا، وهناك العديد من الأبيات المختلفة أو المعدّلة تعديلًا طفيفًا -أبياتٌ تم إضافتها أو حذفها. وفي كل سلالة من سلالة المعلمين تلك هناك العديد من النسخ باختلافات صغيرة وقليلة. خاصةً التي أنا أكثر اعتيادًا عليها بسلسلة معلمين تقليد الغيلوك، ستجدون هناك العديد من النسخ والنصوص المختلفة التي تظهر بهذا التقليد، ودائمًا هناك اختلاف طفيف بينها. عند قراءة النص يمكن لهذا أحيانًا أن يكون مثير جدًا للارتباك، لأن هناك العديد من الشروح المقدّمة من قِبل معلمين مختلفين، والتي تم ترجمتها ومُتاحة باللغات الأوربية، وستكون مُربكة للغاية، لأن عند قراءة كلٍّ منها ستجدون الأبيات مختلفة قليلًا، وترتيب الأبيات مختلف بعض الشيء.

سُئل الدالاي لاما عن هذا الأمر فقال، خاصةً فيما يتعلّق بتقليد تعاليم تدريب الذهن، لوجونغ، أن هذا يحدث أحيانًا مع نقل النصوص وأنه لا يشكل أي فارق. الهدف الأساسي لتلك التعاليم واحد، يقومون فقط بإضافة أو حذف بعض الأشياء القليلة من التقليد الشفهي، ويمكننا دائمًا إعادة ترتيب الأبيات بطريقة أو بأخرى. يجب أن أقول أن هذا غير مُعتاد بالمرة. يمكن لهذا أن يكون مربكًا للغاية. لكن قداسته قال أن هذا مقبول؛ وإلا سنُدخل أنفسنا في الكثير من الجدال حول "أيهما الصحيح"، ولن نستطيع أبدًا أن نصل إلى نتيجة، لأن كامل التقليد قائم بالأساس على التدرب والتطبيق العملي في الحياة. لذا، عندما علّم أشخاصٌ مختلفون تلك التعاليم وكتبوا تلك النسخ والشروح المختلفة عبر التاريخ، فمن الواضح إنه عندما تتدربوا على تلك النصوص لم تقوموا بهذا فقط كباحثين ودارسين مهتمين بهذا النص، ولكن من منظور كيف يمكنكم تطبيقه، وهذا مدخل أكثر منطقية في إيجاد التوافق بين كل تلك النصوص. ولربما هكذا تولّدت كل تلك النسخ والشروح المختلفة.

معلمي الشخصي، الرينبوتشي سيركونغ، أحد معلّمي الدالاي لاما، علّم نسخة توغمي زانغبو، النسخة الأقدم، وتلك هي النسخة التي اتّبعها وأعلّمها هنا، متبعًا في هذا بشكل أساسي الطريقة التي شرح بها. على الرغم من أني تلقيت تلك التعاليم من قداسة الدالاي لاما والغيشي ناغوانغ دارغيي، معلميني الرئيسيين الآخرين، لكني اتّبع في شرحي هنا طريقة الرينبوتشي سيركونغ.

نحتاج أن نفهم أن مصطلح "لوجونغ"، عادة ما يُترجم إلى "تدريب الذهن"، ولكن "لو" لا تعني فقط "الذهن"، وليس فقط "المشاعر"، ولكن أيضًا "المواقف الذهنية"، و"المواقف الشعورية" تجاه الحياة وتجاه طريقة تعاملنا مع المواقف -هناك تحديدًا مواقف صعبة نقابلها. بينما للشق "جونغ" معنيين. أولهما "تنظيف". ننظفهم لا يعني أن نغسلهم؛ ولكن يعني أن "نزيل"، مثل تنظيف الشيء بإزالة الأتربة عنه. هذا لا يجعل الأتربة نظيفة، ولكنها إزالة للأتربة، بحيث لا تعد موجودة عليه. نفس المعنى عندما نتحدث عن تنظيف الذهن من المواقف الداخلية السلبية. المعنى الآخر للشق "جونغ" هو "تدريب"، بحيث نقوم ببناء، نتعلم، ننمي، ونتدرب على المواقف الداخلية الإيجابية. لذا مصطلح لوجونغ هو تنظيف المواقف الداخلية السلبية، والتدرب على الإيجابية. هذا هو معنى لوجونغ -وليس بالمصطلح الذي يسهل ترجمته في اللغات الغربية بكلمة أو اثنتين.

بالمناسبة، هذه التعاليم متقدمة للغاية؛ هي ليست تعاليم للمبتدئين. لمن يتبع هذه التعاليم، يبدو أنهم حقًا متبعين بالفعل مسار البوديساتفات بهدف البوديتشيتا. البوديتشيتا هي الذهن والقلب الهادفين لاستنارتنا المستقبلية التي لم تتحقق بعد، ولكن ننوي تتحقيقها، والنية لنفع جميع الكائنات. لأننا نرغب في نفع جميع الكائنات، نرغب حينها في تحقيق الاستنارة. ما إن نُحققها، الأمر الذي سنقوم به هو نفع جميع الكائنات. تفترض [هذه التعاليم] أننا بالفعل نرغب حقًا في القيام بهذا، لذا هي لا تذكر الكثير من التفاصيل بشأن التدريبات التمهيدية الخاصة بتلك النقطة، الطريقة الفعلية لتنمية البوديتشيتا. تبدأ من تلك النقطة.

لأن النص فيه العديد والعديد من النقاط، لا أرغب في تقديم شرحٍ تفصيلي لكل تلك التدريبات التمهيدية لتنمية البوديتشيتا، لأن أغلبكم قد تلقى بالفعل تلك التعاليم. سأذكرها فقط باختصار شديد، بحيث ننتقل إلى الأجزاء الرئيسية من النص التي تأتي بعدها.

يبدأ النص:

اَنحني للأرض احترامًا للشفقة العظيمة،

الشفقة هي أساس كل تدريبات البوديساتفات. الشفقة في العموم، هي الأمنية للآخرين أن يكونوا أحرارًا من معاناتهم، ومشكلاتهم، وأسبابهما. الشفقة العظيمة هي الموجّهة للجميع، وليس فقط لمجموعة محددة، هذا يعني كل الحشرات، هذا يعني أن يتحرر كل كائن بهذا الكون. وهي دون تحيز، متساوية نحو الجميع، وتشتمل أيضًا على الاستعداد للقيام بشيء تجاه هذا. على الرغم من أن هذا الاستعداد يظهر بشكل أقوى في العزيمة الاستثنائية، أني سأقوم حقًا بشيء، ولكن العزيمة والشجاعة من أجل مساعدة موجودون أيضًا بشكل ضمني. هذه هي الشفقة العظيمة.

أوّل تلك النقاط السبع هي التدريبات التمهيدية. وهذا هو البيت الأول:

تدرّب أولًا على [التدريبات] التمهيدية.

هذا كل ما يذكره النص. يشير هذا إلى التدريبات التمهيدية التي نجدها في جميع التقاليد، وهي التدريبات التمهيدية للبوديتشيتا. في تعاليم المسار المتدرج، اللام ريم، يغطي هذا النطاق الأولي والأوسط. تبدأ بتعاليم الحياة البشرية الثمينة، ثم حتمية التغيير والموت. ولأن الأشياء لن تدوم إلى الأبد، نتخذ التوجّه الآمن، أو الملجأ، ثم نفكر في الكارما، قانون الأسباب والنتائج السلوكية ونعقد العزم على أن نتصرف بطريقة إيجابية وأن نتجنب الطرق السلبية من أجل تحسين حيواتنا المستقبلية. ثم، نفكر في مساوئ إعادة الميلاد غير المتحكم به في كامل عوالم السامسارا، ننمي التخلي لأجل تحقيق التحرر من السامسارا. هذه هي التدريبات التمهيدية المُشار إليها هنا.

الهام هنا هو أننا لا نبدأ بتلك التدريبات التمهيدية كمبتدئين، ننتقل من نقطة إلى أخرى لنطور أنفسنا من البداية، كما لو أنه ليست لدينا أي معرفة مسبقة بها. ولكننا نعود إليها مرة أخرى ونحن لدينا هدف البوديتشيتا، ونعود إلى كل تلك النقاط في سياق هدف البوديتشيتا. هذا مهم. نحن لا ندرس تعاليم المسار المتدرج، اللام ريم، مرة واحدة فقط، تلك المراحل المتدرجة، نخوض فيها مرة بعد الأخرى بفهم أعمق، بناءً على ما تعلمناه في المرة السابقة التي درسناها فيها. كل مرة نفهمها بشكل أكثر عمقًا، وتتوافق تلك التعاليم سويًا أكثر وأكثر.

إذًا، الميلاد البشري الثمين، ما الذي يجعله ثمينًا؟ أن يكون مُعزّزًا بكل الحريات من المواقف التي تمنعنا من التدرب وتنمية أنفسنا، والذي فيه كل الفرص التي تسمح لنا [أن نتدرب وننمو]. ما هو ثمين بإعادة الميلاد هذا هو أننا يمكننا استخدامه مع البوديتشيتا لأجل أن نعمل على تحقيق الاستنارة ومساعدة الآخرين بقدر استطاعتنا. أعني، لن يمكننا تقديم الكثير من المساعدة إذا ما كان ميلادنا على هيئة حيوان، أو إذا ما كنا نموت جوعًا، وما شابه، ولكن يمكننا أن نستخدم هذه الحياة البشرية الثمينة لأجل نفع الآخرين، ولنعمل على الوصول إلى الاستنارة، لذا فهو الثمين بالبوديتشيتا.

هذا الميلاد لن يدوم للأبد، ويمكن للموت أن يأتي في أي لحظة، وبالتالي، لأن الموت قد يأتي في أي لحظة، نحن لا نرغب في إضاعة وقتنا. الجميع يختبر الظروف الصعبة، المواقف الصعبة مع عدم الدوام، ولذا يجب أن نكون قادرين على تحويلها. بدافع البوديتشيتا، نحصل على المزيد من الطاقة للقيام بهذا النوع من تدريب المواقف الداخلية، نتيجة للوضوح الذي نكتسبه عن سبب قيامنا بهذا ولماذا هذا الوقت ثمين. هذا هو سبب في أنه لدينا توجهًا آمنًا أو ملجأً. ليس فقط خوفًا من إعادات الميلاد الأسوأ والثقة في أن هذا التوجّه سيمكننا من التحسّن، ولكن بشفقة تجاه الآخرين، أنه باتخاذنا لهذا التوجه من حياة لأخرى، بعملنا نحو الاستنارة، أن هذا هو الطريق الذي وصل به بوذا لاستنارته، وتُعَلِمَهُ الدارما، وحققه جزئيًا الأريا سانغا. "هذا ما أرغب في القيام به، بسبب البوديتشيتا".

لدينا تلك الظروف السلبية، لذا علينا أن نحوّلها، مثل حتمية التغيير والموت. لذا، نفكر عندها في سياق الحيوات المستقبلية، والرغبة في الاستمرار في الحصول على الظروف التي تمكّننا من العمل نحو الاستنارة -لأنها تتطلب الكثير من الوقت- كي نستمر في نفع الآخرين. ما نحتاجه عندها هو أن نقوم بأفضل ما يمكننا لنمتنع عن التصرف بطريقة هدَّامة وأن نقوم فعليًا بما هو مفيد. لذا، مرة أخرى، لدينا هنا كامل المناقشة الخاصة بالكارما، والرغبة في تحسين حيواتنا المستقبلية، ومحاولة العمل لتحقيق هذا، والتي هي أشياء ذات صلة شديدة بالبوديتشيتا، ووثيقة الصلة بمستوى التطبيق العملي.

سيتطلب الأمر وقتًا طويلًا، العديد من الحيوات، ولذا نحتاج أن نتأكد أننا مستمرون في الحيوات المستقبلية في الحصول على ذات الفرص. ولا نترك الأمر مبهمًا، ولكن نكون حريصين للغاية في استعداداتنا، نخلق صلة قوية بمعلمينا، صلة قوية بالدراسة، بالتدرب، بالتأمل، بالمساعدة الفعلية للآخرين، بحيث ننجذب غريزيًا في حيواتنا القادمة كأطفال -نحن نُكرر ترديدات الإلهام مرة بعد أخرى لأجل الحصول على حياة بشرية- لتكون لدينا طبيعة طيبة، ولأن غريزتنا قوية للغاية، غريزة أن نكون طيبين، ونرغب في مساعدة الآخرين، سنرغب في تنمية أنفسنا أكثر وأكثر في المسار الروحاني، وسنكون مهتمين بهذه الأشياء، بدلًا من أن نولد -إذا ولدنا كبشر- كأشخاصٍ، بشكل غريزي، قاسين، أنانيين، وما شابه. لذا، فكامل التدريبات التمهيدية الخاصة بالتفكير في الكارما، قانون الأسباب والنتائج السلوكية، تؤكد بشدة على هذا، ونقوم بهذا وهدف البوديتشيتا حاضرًا بأذهاننا.

آخر التدريبات التمهيدية هو التفكير في أنه بغض النظر عن نوعية إعادة الميلاد التي سنحظى بها، ستكون دائمًا مليئة بمشاكل السامسارا، الصعود والهبوط، وأي موقف، حتى أكثر المواقف مثالية، لن يكون خاليًا أبدًا من المشاكل -سنمرض، سنتقدم في السن وكل تلك الأشياء، وسيكون علينا أن نكسب رزقنا بطريقة ما، وما شابه. الجميع لديهم تلك المشاكل وهذا يشكّل خطرًا على قدرتنا على مساعدة الجميع بالكامل، أنه في كل حياة سيكون علينا البدء مرة أخرى كأطفال، لن يمكننا حينها القيام بالكثير لأجل مساعدة الآخرين عندما نكون أطفالًا رُضّع، على سبيل المثال، أو عندما نكون متقدمين للغاية في السن ونصاب بالخرف أو المرض وهذا النوع من الأشياء. ولذا علينا أن نتغلب على كل تلك الأشياء ونحقق التحرر.

"يجب عليّ أن أتغلّب حقًا على كل تلك الظروف المعاكسة لأي ميلاد بالسامسارا، وأن أحوّلها، وأن أعمل من خلال التخلي على تحقيق التحرر منها جميعًا، لأنه ما إن أتحرر من ميلاد السامسارا، من الميلاد الدائري غير المتحكم به، عندها سأتمكن حقًا، بدون أن يكون علي أن أخوض في كل هراء السامسارا، أن أعمل لبقية المسار للوصول فعلًا للاستنارة لأجل أن أنفع الجميع بالكامل". لذا، مرة أخرى، ما يتم تغطيته في النطاق الأوسط للمسار المتدرج، لام ريم، يمكننا القيام به مرة أخرى مع التأكيد على هدف البوديتشيتا.

تلك هي النقطة الأولى من النقاط السبع لتدريب الذهن، القيام بالتدريبات التمهيدية. ولكن كما نرى، يمكننا القيام بها من منظور البوديتشيتا، ويعزز هذا حقًا تدرب البوديساتفات أكثر فأكثر. لذا هذا في غاية الأهمية، لأن الكثير منا يدرسون تلك المراحل المتدرجة للمسار، اللام ريم، ليس فقط ليفكروا، "حسنًا لقد درستها الآن، وأنا في المستوى المتقدّم، ولذا سأبقى في تدريب الماهايانا"، ولكن من المهم للغاية أن نعود مرة بعد أخرى للمراحل السابقة ونعززها، لأنها تعزّز البوديتشيتا ومفيدة للغاية.

النقطة الثانية هي التدرب الفعلي على البوديتشيتا. لدينا هنا طريقتين في التدرب على البوديتشيتا؛ هناك نوعان من البوديتشيتا. هناك البوديتشيتا النسبية أو الشائعة، والتي هي القلب أو الذهن الذي لديه النية لنفع جميع الكائنات بقدر الإمكان، وبالتالي يهدف للاستنارة المستقبلية بنية تحقيقها وبالتالي يُحقق أقصى نفع ممكن لجميع الكائنات. ثم هناك البوديتشيتا الأعمق، والتي تستهدف الخلو، الطريقة التي توجد بها الأشياء، وأيضًا بالطبع الهدف هو فهم الخلو، ولكنها في النهاية بفهم الخلو. لدينا هنا مناقشة ضخمة عن هذين الاثنين، لكننا بالأساس نتعامل هنا مع أسباب بناء الدارماكايا، ذهن بوذا المُثبت دائمًا على الخلو، فهم جميع الظواهر، والبوديتشيتا النسبية، ستكون السبب الرئيسي للراتناكايا، جسد هيئات بوذا التي تقوم بتقديم المساعدة الفعلية للآخرين -أعني، سنحتاج كلاهما لتحقيق كلا النتيجتين، ذهن وجسد بوذا. لذا، نحتاج الاثنين.

هناك ترتيبان لتنميتهما. الأول، والذي نجده في نصوص المسار المتدرج، لام ريم هو، على الرغم من أننا من أجل تحقيق التحرر نحتاج لفهم الخلو، ولكن لن نرغب في التأكيد كثيرًا عليه هنا، وإنما نتقدم في تنمية هدف البوديشيتا ثم نعمل على فهم الخلو. لأن هذا يمنحنا طاقة أعظم لفهم الخلو، بحيث نستطيع كسر المعيقات، ليس فقط معيقات التحرر، ولكن أيضًا المعيقات التي تقف حائلًا بيننا وبين أن نصبح بوذات، الوصول إلى كلية المعرفة. هذا أحد الترتيبين.

الترتيب الثاني هو أن نبدأ أولًا بالبوديتشيتا الأعمق، نكتسب فهم الخلو أولًا، ثم ننمي البوديتشيتا النسبية. يشرح قداسة الدالاي لاما هذا بطريقة لطيفة للغاية. الشرح الذي سمعته منه هو أنه من خلال فهم الخلو، نصبح مقتنعين بالطبيعة الخالية للذهن وكل المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة، وأنه من الممكن أن نتخلص منها جميعًا، وأنه من الممكن بالفعل أن نحقق التحرر والاستنارة. إذا لم يكن لدينا هذا الاقتناع الناتج عن فهم الخلو، أنه من الممكن تحقيق التحرر والاستنارة، سيكون من الصعب حقًا أن نُكرّس قلوبنا للعمل على تحقيق الاستنارة بالبوديتشيتا النسبية.

لذا، بالنسبة للتلاميذ الأكثر ذكاءً، بدلًا من التلاميذ الأكثر عاطفة، يُفضل أن ينمّوا البوديتشيتا الأعمق أولًا، على الأقل لمستوى ما. ثم يمكنهم عندها أن أكثر ثقة أنه من الممكن تحقيق التحرر والاستنارة، ومن ثمة ينمون دافعًا قويًا لتحقيقها لأجل نفع جميع الكائنات، وبعدها يمكنهم العمل على المستوى الأخير من فهم الخلو.

في ترتيب هذا النص، النسخة القديمة لتوغمي زانغبو، فهم الخلو والبوديتشيتا الأعمق، يتم شرحهما أولًا، ثم البوديتشيتا النسبية، لكن تسونغكابا، الذي أكّد كثيرًا على المراحل المتدرجة للمسار، اتّبع الترتيب الآخر. يقول أنه وفقًا للتقليد الشفهي الذي يتبعه، الذي تلقى تعاليمه، ننمي أولًا البوديتشيتا النسبية. لذا عندما كتب تلميذه نامكابل نص تدريب الذهن المماثل لأشعة الشمس، والذي هو بالأساس شرح لنص النقاط السبع لتدريب الذهن، وضع الأبيات الخاصة بالبوديتشيتا الأعمق في نهاية النص، بعد كل النقاط السبع. بابونغكا، الذي عاش في النصف الأول من القرن الماضي، قام بوضع نسخة لذات النص وحاول أن يضمّنه جميع النسخ المختلفة، ولذا قام بعقد مقارنة بينها، وضع داخل النقطة الثانية أبيات البوديتشيتا النسبية أولًا ثم أبيات البوديتشيتا الأعمق.

وهكذا وصلت لنا تلك التنويعات الثلاثة، لكن الرينبوتشي سيركونغ شرح هذه، والتي تتبعها تقاليد الساكيا، النييغما، والكاجيو. قام بشرح أبيات البوديتشيتا الأعمق أولًا، وسنقوم بذات الشيء.

توغمي زانغبو، كما قلت، مؤلف السبعة وثلاثون تدريبًا للبوديساتفات، كتب أيضًا نصًّا شهورًا للغاية يشرح فيه نص شانتيديفا، الانخراط في سلوك البوديساتفات. كان بالأساس من تقليد الساكيا، لذا شرح تلك الأبيات وفقًا لمعايير هذا التقليد في التأمل على هذا النص، بينما لتقليد الغيلوك طريقة أخرى في شرح تلك الأبيات. لذا، الأبيات هنا هي:

تدبّر في [كيف] أن كل الظواهر مثل الحلم؛ مَيِّز الطبيعة الأساسية للوعي الذي بلا نشوء؛ المُضاد ذاته يحرّر ذاته في نفس موضعه؛ الطبيعة الأساسية للمسار هي أن تهدأ في حالة الأساس المُكوّن لكل شيء.

شرح تقليد الساكيا للبيت الأول، والذي يتبعه الأغلبية، والمختلف عما بتقليد الغيلوك، يقول:

تدبّر في [كيف] أن كل الظواهر مثل الحلم

هذا بالأساس موقف مدرسة التشيتاماترا، مدرسة الذهن فقط، الذي يبدأ منه تقليد الساكيا تأمله على الخلو. كل الأشياء هي مجرد مظاهر تنشأ من ذات مصدر كارما المولّد للوعي بها، لذا مصدرها الذهن، مثل الحلم، الظواهر التي نتلقاها، تلك المجسمات الذهنية. الشخص أيضًا الذي يتلقى تلك الظواهر هو أيضًا شيء يمكن عنونته بالذهن على أساس من التجمعات التي تخلق خبرتنا هذه. أيضًا يمكن أن يُفهم هذا في سياق أن الذهن هو الذي يقوم بالعنونة، وبالتالي انعدام ثنائية كلٌّ من المُتَلَقِّي، مَن يَتَلَقَّى الأشياء، والظاهر محل التَلَقَّي، والأشياء التي يتم تلقيها، مثل الحلم، منشئهم جميعًا هو الذهن.

إنها ظاهرة منعدمة الثنائية. كلٌّ من المحل الذي يتم تلقيه والشخص الذي يتلقى هذا المحل هما اِلْتِماعَة وضوح الذهن، وظيفة خلق المظهر -الرؤية الأساسية لمدرسة التشيتاماترا، التي درسها العديدون منكم معي في محاضرات شانتيديفا. هذا لا يعني أن كليهما واحد -المحل والمُتَلَقِّي للمحل- ولكن كليهما من طبيعة الذهن، مظهر يخلقه الذهن.

البيت الثاني:

مَيِّز الطبيعة الأساسية للوعي الذي بلا نشوء.

الذهن ذاته، وظيفة خلق المظاهر تلك، لا يمكن العثور عليها -ليس لها نشوء حقيقي، مكان تواجد حقيقي وتوقف حقيقي، تفتقد للوجود القابل للعثور عليه- هذا الفهم الأساسي لمدرسة باراسانغيكا، والتي هي الخطوة الثانية في طريقة تأمل تقليد الساكيا على الخلو. كل الأشياء هي مظاهر منشأها الذهن، نتيجة للكارما؛ ومن ثمة: الذهن ذاته ليس له وجود حقيقي قابل للعثور عليه -منتقلين بهذه الطريقة إلى فهم باراسانغيكا.

كل هذا، بالطبع، مهم للغاية، وذو صلة أيضًا بالبوديتشيتا النسبية. نرغب في مساعدة الآخرين، ولذا نُدرك أن مظاهر ما يقومون به، وما أقوم به، و"أنا" كشخص، والآخرين كأشخاص، كل هذا مصدره الكارما والعنونة الذهنية وما شابه، ويقوم الذهن بخلق كل تلك الأشياء -مظهر مساعدتي للآخرين، ومظهر تلقي الآخرين لمساعدتي، وما شابه- إلا أن الذهن ذاته ليس له وجودٌ حقيقيٌ يمكن العثور عليه، لذا تصبح مساعدة الآخرين خالية من كل التشبث والتمسك. هذا شديد الصلة بمسار البوديساتفات، أي أن مظاهر الوجود الحقيقي خالية من أي أساس، وأن الذهن يخلقها، وأنه ما يتم خلقه والذهن الذي يقوم بخلقه وكل تلك المظاهر -"أنا البوديساتفا العظيم الذي يساعد الجميع، وأنت ذلك الشخص البائس الذي يتلقى مساعدتي، والموقف الذي أرى فيه نفسي أقدّم المساعدة"، كل هذا- جميعها منشأه الذهن، من بذور الكارما، وما شابه. ما يحدث لهم، وحدوثه نتيجة لما أقوم به من تدرب وما شابه، والذهن ذاته، جميعهم ليس لهم وجود حقيقي. لا شيئ من هذا له وجودٌ حقيقيٌ يمكن العثور عليه.

لذا، لا نصبح متعلقين، ثم نغضب لأن ما نقوم به لا ينجح أو ما شابه. أو "كل مشكلاتي، كل مشاعري المزعجة، وأنا، أنا البائس الذي يعاني من كل هذا"، هذا أيضًا منشأه الكارما، ينشأ من الذهن والذهن ليس له وجودٌ حقيقيٌ قابل للعثور عليه. ولذا من الممكن التخلص منها جميعًا وأن نصل فعليًا للتحرر والاستنارة. هناك العديد من الطرق ذات صلة بمسار البوديساتفات، وتلك الطريقة التي ننتقل بها من رؤية مدرسة التشيتاماترا إلى رؤية مدرسة البراسانغيكا مفيدة للغاية -هذا هو تأمل تقليد الساكيا على الخلو.

البيت الثالث:

المُضاد ذاته يحرّر ذاته في نفس موضعه

يتحدث هذا البيت عن المضاد، والذي هو الخلو. الخلو أيضًا هو شيء معنون بالكلمات والمفاهيم، والفهم النظري لهذا أيضًا، يجب أن يكون… يجب أن تتجاوزوا هذا لتصلوا إلى الإدراك غير النظري للخلو، والذي يحرّر ذاته بمكانه، والذي يعني أن هذا الفهم، هذا الفهم النظري، ينشأ، يوجد، ويؤدي لنتائجه، يحدث ثلاثتهم سويًا وبشكل تلقائيًا ومتجاوز للكلمات والمفاهيم. هذه هي الرؤية الأساسية لمدخل الماهامودرا والدزوغتشين، الماهامودرا موجودة أيضًا في تقليد الساكيا، ولذا فهذا الإدراك هو إدراك غير النظري للخلو -وهذا هو المضاد.

الفهم النظري للخلو يحرّر نفسه بذات موضعه، ومن هنا يمكننا أن نصل إلى الإدراك غير النظري للخلو، والذي هو الخطوة التالية في تأمل تقليد الساكيا على الخلو. هذا الفهم ذاته، متجاوز لكل تطرفات الوجود الحقيقي، اللاوجود الحقيقي، كلاهما، وانعدامهما، وبالتالي نصل إلى، ما يُطلقون عليه في تقليد الساكيا، "الإدراك غير النظري"، والذي هو الخلو المتجاوز للكلمات والمفاهيم، هذا ما يُطلق عليه تقليد الغيلوك "خلو الخلو".

البيت الرابع:

الطبيعة الأساسية للمسار هي أن تهدأ في حالة الأساس المُكوّن لكل شيء.

ما هو التأمل غير النظري على الخلو؟ هو الاستقرار بالذهن الصافي النقي وخلوّه. هذا ما يطلق عليه تقليد الساكيا "الألايا السببية"، الأساس السببي المكوّن لكل شيء، هذه هي كلمة "ألايا" والتي تشير إلى الذهن الصافي النقي الأساسي، الذي هو سبب كل المظاهر، بنوعيها النقي وغير النقي. هذه هي الخطوة الرابعة في تأمل تقليد الساكيا على الخلو، لذا هذه الأبيات من الواضح بشدة أنها من تقليد الساكيا.

يشرح تقليد الغيلوك تلك الأبيات بشكل مختلف، يشير البيت:

تدبّر في [كيف] أن كل الظواهر مثل الحلم.

إلى أن كل الظواهر تُعرف فقط من خلال الذهن -هي مفتقدة للوجود الحقيقي القابل للعثور عليها، ويشير البيت:

مَيِّز الطبيعة الأساسية للوعي الذي بلا نشوء

إلى خلو الذهن، ويشير البيت:

المُضاد ذاته يحرّر ذاته في نفس موضعه.

المضاد هنا هو مَن يقوم بالتأمل. أي الشخص، لذا فهذا البيت يشير إلى خلو الشخص الذي يقوم بالتأمل.

تشير كل تلك الأبيات إلى التأمل التحليلي، أو ما أُطلق عليه التأمل عميق الفهم، والبيت الأخير:

الطبيعة الأساسية للمسار هي أن تهدأ في حالة الأساس المُكوّن لكل شيء.

هذا هو التأمل التثبيتي على الخلو. يُتخذ الخلو هنا كالأساس المُكوّن لكل شيء، وبهذا تكونوا قد تعرفتم أيضًا على رؤية الغيلوك التقليدية لطريقة تفسير تلك الأبيات.

هذه هي مناقشة البوديتشيتا الأعمق. وما تعلمناه تحديدًا هو أن كل الأقسام الأخرى، إلى بجانب التعاليم الفعلية عن البوديتشيتا النسبية، من المسار المتدرج، لام ريم، بما في ذلك التعاليم السابقة بالنطاق الأولي والأوسط، وتعاليم الخلو التي جاءت بعدها، جميعها هي أشياء يجب علينا أن نُدمجها في تدرب البوديساتفات الخاص بنا.

تعاليم الخلو هذه شديدة الصلة بشكل خاص. نحتاج لأن نصل لقناعة بأنه من الممكن أن نُحقق الاستنارة، مما يعني أن نصبح مقتنعين أنه من الممكن أن نزيل المواقف الداخلية السلبية وأن ننمي مواقف داخلية إيجابية. سيكون هذا مستحيلًا إذا لم يكن الذهن ذاته طبيعته الخلو، لا وجود حقيقي يمكن العثور عليه. مظاهر كل تلك الأشياء المزعجة -حتى بينما نقدّم المساعدة- كل هذا مصدره الذهن، الكارما. الشخص الذي يقوم بالتصرف هو أيضًا خالٍ، والذهن ذاته خالٍ. عندها يمكن لمسار البوديساتفات أن ينجح، وينجح بالفعل، فقط، بالأساس، بسبب خلو الذهن. لا تكتفوا بمجرد الفهم النظري، ولكن تقدموا للفهم غير النظري. كل هذا شديد الصلة للغاية.

Top