الإعداد لجلسة التأمل

Week%203%20preliminaries%20to%20meditation%20%281%29

البيئة المُساعدة على التأمل

حتى يمكننا الانخراط في التأمل حقًا، فنحن بحاجة لظروف مساعدة. هناك العديد من القوائم للعوامل المُساعدة على التأمل، إلا أن تلك العوامل عادة لا تُناقش أو تُعرض إلا في سياق القيام بمعتزل للتأمل، بينما أغلبنا يتأمل في المنزل.

حتى في المنزل ما سوف يكون عظيم الفائدة هو ألا يكون لدينا مُشتِتات. نحن نحتاج لبيئة محيطة هادئة بقدر الإمكان. العديدون منَّا يعيشون في شوارع صاخبة بالسيارات العابرة، ولذا فالتأمل في الصباح الباكر أو متأخر ليلًا، عندما تكون الضوضاء أقل هو الأفضل. بالإضافة إلى ذلك، مكان التأمل يجب أن يكون خالي من الموسيقى وصوت التلفاز في الغرفة المجاورة. هذه الأشياء غاية في الأهمية. إذا لم يكن من المُتاح الحصول على مكان هادئ للتأمل عندها بإمكاننا أن نُجرِّب سدادات الأُذُن، التي ليست بالضرورة ستعزِل الضوضاء نهائيًا، إلا أنها بالتأكيد ستجعلها أقل.

العديدون منَّا ليس لديهم رفاهية امتلاك غرفة منفصلة للتأمل. بإمكاننا استخدام أي مساحة متاحة لدينا. تأمَّلوا على أسِرَاَكُم إذا احتجتم لذلك، فهذه ليست بمشكلة. أغلب التبتيين الذين يعيشون في الهند يتأملون على أسِرَتَهُم.

عامل آخر في غاية الأهمية هو أن تكون الغرفة نظيفة ومنظمة. إذا كانت البيئة المُحيطة نظيفة ومُنظمة فهي تؤثر على الذهن بأن يكون نظيف ومُنظم. أما إذا كانت الغرفة مُهمَلة وغير مُرتبة وغير نظيفة، يميل الذهن لأن يكون على نفس الشاكلة. لهذا، أحد الإعدادات التمهيدية التي يُنَّض عليها يتم قبل التأمل هو تنظيف الغرفة التي سيتم التأمل بها، والقيام ببعض الوهب حتى وإن كان مجرد كأس من الماء. نحن نرغب في إبداء الاحترام لما نقوم به، وإذ كنَّا نفكر في سياق تخيُل أننا ندعو البوذات والبوديساتفات كي يحضَروا، فسنرغب في دعوتهم إلى غرفة نظيفة غير مُرتبة أو متسخة. حتى على المستوى النفسي، فمن المهم أن يكون لدينا احترام لما نقوم به ونعامله على أنه شيء خاص. ولا تعني كلمة "خاص" هنا إعداد بيئة محيطة مليئة بالتفاصيل مثل أفلام هوليود المليئة بالشموع والبخور، لكنها تحتاج لأن تكون بسيطة، عادية، مُرتبة، نظيفة وتعكس احترامنا لما نقوم به.

وضع الجلوس

 تتعدد أوضاع الجلوس التي يتم استخدامها في التأمل عبر الثقافات الآسيوية المختلفة، فأوضاع الجلوس المُستخدمة للتأمل في الهند / التبت، الصين/ اليابان، وتايلاند مختلفة عن بعضها البعض تمامًا، لذا ليس بالإمكان القول بأن أحد تلك الأوضاع هو الصحيح. الهنود والتبتيون يجلسون مُتشابكي الأرجل. اليابانيون وبعض الصينيين غالبًا ما يجلسون بينما يطوون أرجلهم أسفلهم. التيلانديون يجلسون واضعين أرجلهم على الجانبَين. أما بالنسبة لتدريبات التانترا والتي نعمل بها على طاقة الجسد، عندها جلسة اللوتس الكاملة تعتبر مطلب أساسي، لكننا جميعًا لسنا في هذا المستوى العالي من التدرُّب. وعلى أية حال، إذا كنت طامح لأن تكون قادر على القيام بتلك التدريبات فمن الموصى به بشدة أن تبدأ تلك التدريبات في سن صغير حتى تتمكن من الجلوس في وضع اللوتس الكامل، لأنه من الصعب أن تبدأ في استخدام وضع الجلوس هذا في سن متأخر. للغربيين إذا أمكنكم الجلوس في أي من الأوضاع الآسيوية السابقة، فهذا سيعمل بشكل جيد، إما إذا لم تستطيعوا إذًا فالجلوس على المقعد جيد أيضًا. النقطة الأهم هنا هو أن يكون الظهر مستقيم في أي من تلك الأوضاع.

اتجاه النظر

فيما يتعلق بالعَين، فبعض أنواع التأمل تتم والأعين مُغلقة، والبعض الآخر وهي مفتوحة، وأخرى تتجه الأعين بالنظر لأسفل، والبعض والأعين تنظر لأعلى، فالأمر يعتمد على نوع التأمل. عامة، التبتيون لا يُشجعون على التأمل والأعين مُغلقة. بجانب أنه يسُل النوم وأعيُننا مُغلقة، فهي أيضًا تجعلنا نميل لبناء عائق ذهني حيث نشعر بأننا كي نتأمل يجب أن نُغلق أعيُنَنا. إذا كنَّا نشعر بذلك، سيكون من الصعب إدماج ما نميناه في التأمل بحياتنا اليومية. على سبيل المثال، إذا كنت تتحدث إلى شخص ما، وحتى تتمكن من توليد شعور الحب تحتاج لغلق عينيك، سيكون هذا في منتهى الغرابة. لذا، في التقليد التبتي، لمعظم أنواع التأمل، نحتفظ بأعيننا نصف مُغلقة، مُركِزة باسترخاء، تنظر إلى الأسفل تجاه الأرض.

وسائد الجلوس

 إذا كنت تجلس متشابك الأرجل، فمن المهم أن تختار وسادة ملائمة للجلوس عليها. البعض يستطيعون الجلوس على الأرض مباشرة ويكونوا مُستريحين ودون أن تُصاب أرجلهم بالخِدر. على سبيل المثال، فالدالاي لاما يجلس مباشرة على مقعد التدريس عندما يقوم بتقديم أي من تعاليمه، لكن للكثير منَّا إذا جلسنا كذلك بدون وسادة فستُصاب أرجلنا بالخِدر أسرع. لذا، إذا كانت لديك تلك المشكلة، فحاول الجلوس على وسادة بحيث تكون الأفخاذ أعلى من الركبة. اختر الوسادة الأكثر ملائمة لك: سميكة أو الرفيعة، الصلبة أو الطرية، وهكذا. فكل شخص يختلف عن الآخر. الأهم هو أن تشعر بالراحة، وأن الوسادة التي تستخدمها تمنع أرجلك من الشعور بالخِدر، لأن هذا من المُمكن أن يكون شيء مؤلم للغاية. العديد من المراكز البوذية بها وسائد سميكة، مستديرة أو مُربعة، لكن وسائد تقليد الزِن مُجهزة بحيث تناسب وضع الجلوس المُستخدم في اليابان حيث الأرجل مطوية لأسفل. قد يكون هناك البعض ممن يرتاحون في الجلوس على تلك الوسائد متشابكي الأرجل، لكن للعديدين تلك الوسائد عالية وصلبة للغاية. إذا كان المركز الذي تذهب له يوفر فقط الوسائد السميكة وأنت تجلس متشابك الأرجل، قد ترغب في إحضار وسادتك الخاصة معك.

اختيار وقت التأمل

للعديدين، أفضل وقت للتأمل إما أول شيء في الصباح أو آخر شيء في المساء، حتى تكون المشوشات أقل ما يكون فيما له علاقة بالأنشطة اليومية. البعض يكون أكثر يقظة في الصباح والبعض الآخر يكون أكثر يقظة في الليل – ما يُطلق عليه "الأشخاص الصباحيين" و"البوم الليلي". أنت تعرف نفسك وأسلوب حياتك أفضل من أي شخص آخر، لذا فبإمكانك تحديد أفضل وقت في اليوم للتأمل بالنسبة لك.

ما هو غير مُفضَّل تمامًا التأمل وأنت في حالة نُعاس. إذا كان يغلبك النوم في الليل، لكنك تحاول التأمل قبل الخلود للنوم، فقد يغلبك النوم في منتصف التأمل، وهذا لا يُفيد في أي شيء. وبالمثل في الصباح الباكر: إذا كنت لا تزال في حالة نُعاس، فلن يكون التأمل فعَّال. أُحكم بنفسك لما هو أفضل لك. ليس هناك مشكلة أن تشرب فنجان القهوة أو الشاي الصباحي قبل التأمل في الصباح الباكر، على الرغم من أن التبتيون ليس لديهم مثل تلك العادة.

مُعلمي الرينبوتشي تسينشاب سيركونغ، كان أحد مُعلمي قداسة الدالاي لاما، يصف الطريقة التي كانوا يتأملون بها في معابد كلية التانترا التي تدرب بها بالتبت: كان الرهبان يجلسون في قاعة التأمل، وينامون جالسين في أماكنهم، بشكل ما يضعون رؤوسهم على رجل زميلهم بجانبهم. التبتيون ليس لديهم مشاكل في التلامس الجسدي. يرن الجرس لإيقاظهم في الصباح الباكر جدًا، ومن المفترض بهم الاستيقاظ والجلوس والبدء في التأمل والترديد وغير ذلك على الفور. لكن باستثناء أن تكون طبيبًا معتادًا على أن تستيقظ في منتصف الليل وتنهض فورًا للقيام بعملية جراحية أو شيءٍ من هذا القبيل، فسيكون من الصعب أن تبدأ التأمل فور استيقاظك من النوم.

مدة التأمل

عندما تبدأ في التدرُّب على التأمل، من المهم أيضًا أن تكون جلسات التأمل مُختصَرَة ولكن متكررة. كمبتدئين، محاولة الجلوس لمدة ساعة ستُصبح عذاب. في بعض الأماكن يتبعون هذا النظام، لكن في العموم التبتيون لا يُشجعون على ذلك، لأن التأمل عنها سيُصبح جلسة تعذيب ولن ترغب في القيام به! وستنتظر نهاية الجلسة بلهفة. لذا في البداية تأمل فقط لخمس دقائق أو شيء من هذا القبيل – ما يكفي. في معابد الثيرافادا يستبدلون التأمل أثناء الجلوس بالتأمل أثناء المشي، لذا فلا يقومون بنفس نوع التدرُّب لمدة طويلة.

المثال التبتي المُستخدم بهذا الخصوص هو عندما يزورك صديق أو صديقة وتظل لفترة طويلة، تُصبح نافذ الصبر وترغب في رحيله أو رحيلها. وعندما يغادر فلن تكون متلهف لرؤيته أو رؤيتها مرة أخرى. لكن إذا غادر هذا الصديق أو الصديقة بينما أنت ترغب في الاستمرار في قضاء الوقت معه أو معها، عندها فستكون سعيد للغاية لرؤيته أو رؤيتها مرة أخرى قريبًا. بالمثل، وضع التأمل، وسادة التأمل، ومدة جلسة التأمل يجب أن يكونوا جميعًا مُريحين لنا، حتى نكون متحمسين بشأن تدرُّبنا.

تحديد النية

من المهم قبل التأمل أن تقوم بتحديد نيتك. في الحقيقة، تحديد النية هو شيء من المُفضَّل أن يتم القيام به كأول شيء في الصباح بمجرد أن تفتح عينيك. بمجرد استيقاظك، بينما لا زلت جالس على الفراش بإمكانك تحديد نيتك لليوم القادم. يُمكنك التفكير في: “اليوم سوف أحاول ألا أغضب. سأحاول أن أكون أكثر تحمُلًا. سأحاول تنمية مشاعر إيجابية تجاه الآخرين. سأحاول أن أجعل هذا اليوم له معنًا، ولن أُضيعه”.

هناك مقولة رائعة بتقليد الزن، وهي المفضَّلة لديَّ تقول: “سيأتي الموت في أي وقت:استرخِ!” إذا فكرت في تلك المقولة فستجدها في غاية العمق. إذا كنت متوترًا للغاية وعصبي ومُنزعج لأن الموت قد يأتي في أي وقت، فلن يكون بمقدورك تحقيق أي شيء. قد يكون لديك أفكارًا مثل هذه: “أنا لا أقوم بما هو كافٍ، أنا لست جيدًا بما يكفي". لكن إذا علمت أن الموت سيأتي في أي وقت، وأصبحت مُسترخي في هذه الفكرة، عندها ستفعل أي شيء بطريقة ذات معنًا وواقعية دون أن تكون متوتر أو عصبي أو مُنزعج. لذا حاول أن تتذكر أن الموت سيأتي في أي وقت واسترخِ!

قبل التأمل نحن نُحدد نيتنا "سأحاول أن أتأمل على "س" لمدة هذه الدقائق. سأحاول أن أُركِّز. إذا وجدت نفسي بدأت في النُعاس سأُوقِظ نفسي. إذا بدأ انتباهي في التشتت سأسعى لاستعادته مرة أخرى". خُذ ذلك على محمل الجِد، لا تُردد الكمات فقط – حاول بالفعل الحفاظ على نيتك، وثابر عليها. أن تكون أمينًا لنيتك من الممكن أن تكون شيئًا في غاية الصعوبة. إذا اعتدت على استخدام جلسات التأمل للتفكير في قضايا أخرى، حتى وإن كانت مبادئ أخرى للدارما، فهذه ستكون عادة من الصعب جدًا كسرها. أنا أتحدث من خلال خبرتي الشخصية: فحقيقي من الصعب جدًا كسر تلك العادة، لذا حاولوا تحديد وإتبَّاع نيتكم الصحيحة قبل البدء في جلسة التأمل.

الدافع

بعد ذلك يأتي الدافع. في سياق البوذية التبتية، يتكون الدافع من جزأين. الأول هو الهدف: ما الذي نسعى لتحقيقه؟ الأهداف الأساسية كما تم شرحها في كتب "المراحل المتدرجة للمسار" (لام-ريم) هي: (أ) تحسين الحيوات المستقبلية (ب) الحصول على التحرر الكامل من إعادة الميلاد (جـ) بلوغ الاستنارة حتي يكون بالإمكان مساعدة الجميع على التحرر من إعادة الميلاد. الجزء الثاني من الدافع هو المشاعر التي تقودنا للوصول إلى الهدف.

بالتفكير في دوافعنا من الهام أن نكون صادقين مع أنفسنا. هل حقًا نصدق في إعادة الميلاد؟ معظمنا لا يُصدق ذلك، لذا فقولنا "نحن نقوم بذلك حتى نضمن حصولنا على حياة بشرية ثمينة أخرى في حيواتنا القادمة"، أو "نحن نقوم بذلك حتى نحصل على التحرر الكامل من إعادة الميلاد"، أو "نحن نقوم بذلك حتى نبلغ الاستنارة ونستطيع مساعدة الآخرين في الحصول على التحرر من إعادة الميلاد" – كل ذلك ما هو إلا مجرد كلمات فارغة إذا لم نكن نُصدِّق في إعادة الميلاد.

لذا، إذا كنت تتدرَّب على التأمل كجزء مما أُطلق عليه "دارما-لايت"، والتي هي البوذية بدون إعادة الميلاد، هذا على ما يرام تمامًا. ليس عليك أن تخبر أحدًا، لكن كُن صادقًا مع نفسك فيما يخُص دافعك: “أنا أقوم بذلك لتحسين وضعي في الحياة الحالية". فهذا دافع مشروع، طالما نحن صادقون به. على الناحية أخرى، من المهم أن يكون لدينا احترام للدافع الأصلي طويل الأمد وهو ما أسميه "الدارما الشاملة"، وألا نعتقد أن التدرُّب البوذي لتحسين الأشياء في الحياة الحالية فقط.

بالنسبة للجزء الثاني من الدافع – المشاعر التي تقودنا في اتجاه هدفنا - المستوى الأول من دافع الدارما الشاملة هو: “أنا أهدف إلى إعادة ميلاد بشري ثمين في حيواتي المستقبلية (الهدف)، لأنني خائف من بشاعة أن أولد كذبابة أو صرصار، أو أي صورة أخرى من إعادات الميلاد المتدنية (الشعور). أنا حقًا أرغب في تجنب مثل ذلك المستقبل، ولديَّ ثقة بأن هناك طرق لتجنُب ذلك". أما فيما يخص الدارما-لايت فقد يكون هكذا: “أنا أهدف لأن تستمر الأشياء جيدة فيما بعد في هذه الحياة أو حتى تُصبح أفضل (الهدف)، لأنني أخاف كم سيكون الوضع بشع إذا ساءت الأمور (الشعور) وأعرف أن هناك أشياء إيجابية من الممكن أن أقوم بها تُجنبني ذلك". في كلا الحالتين، هذا النوع ليس نوع الخوف الذي يُسبب الشلل، كما لو أن "الوضع ميؤوس منه، أنا ملعون"، لكن بدلًا من ذلك هو إحساس صحي "أنا أرغب في هذا حقًا، وأرى أن هناك طريقة لتجنب ذلك". هذا مشابه للخوف من حدوث حادثة تصادم بينما أقود السيارة – سأكون حريص، لكنني لست مشلولًا بالخوف لدرجة تمنعني من عدم قيادة السيارة تمامًا.

المستوى الثاني من الدارما الشاملة هو "أنا مُتقزز تمامًا، ضّجِر، واكتفيت من كل تلك المعاناة المُتضَمَنة في إعادة الميلاد (الشعور) وأرغب في أن أخرج من كل ذلك (الهدف)”. جوهر الشعور خلف التخلي هو "إن هذا مُمِل لحد لا يصدق أن أعود رضيعًا مرة أخرى، وأتعلم كل شيء من البداية، وأحصل على درجة علمية واكتشف طريقة للعَيش. إنه شيء مُمل وشاق أن أكون مضطرًا للتعامل مع المرض والشيخوخة مرة تلو الأخرى. إن هذا مثل مشاهدة فيلمًا سينمائيًا سيئًا مرة تلو الأخرى تلو الأخرى. أعني، كم أن هذا مُمل. لقد اكتفيت".

الدافع الأكثر تقدمًا هو الاستهداف المصاحب للبوديتشيتا كي نُصبح مستنيرين (الهدف) ويكون ذلك مُحفَزًا بالشفقة (الشعور): “أنا لم أعد احتمل أن الجميع يعانون بشدة هكذا. يجب أن أكون قادرًا على بلوغ الحالة التي أكون بها قادرًا على مساعدة الجميع للتغلب على معاناتهم".

الدافع سيكون مشمولًا لما سوف نقوم به بمجرد تحقيقنا لهدفنا. فعندما نتدرب بتقليد الماهايانا كل مستوى من مستويات الدافع يكون بالنهاية في سياق العمل في اتجاه الاستنارة كهدف نهائي نسعى إليه. بعد ذلك، بلوغ الاستنارة يُصبِغ ما سوف نقوم به بمجرد وصولنا لهدفنا.

على مستوى الدارما-لايت، سنرغب في القيام بتقدم كبير تجاه الاستنارة بقدر الإمكان في الحياة الحالية، دون أن نكون غافلين ونُفكر أن هذا سيكون سهل وبعدها نُحبَّط وتخيب آمالنا عندما يُدركنا الموت ولم نزل غير مستنيرين.

  • من الثلاثة مستويات للدافع في الدارما الشاملة، الأول هو:"أنا أرغب في اكتساب ميلاد بشري ثمين مرة أخرى حتى أتمكن من الاستمرار على المسار تجاه الاستنارة، لأن هدفي سيتطلب تحديده العديد من الحيوات".
  • الثاني هو:”أنا أرغب في التحرر من الكارما والمشاعر المُزعجة، لأنني لن أستطيع مساعدة الآخرين إذا كنت أغضب منهم، أو إذا أصبحت متعلقًا بهم، أو إذا كان لديَّ سلوكيات قهرية. لا أستطيع فعليًا مساعدة الآخرين إذا كنت مُتكبرًا ومغرورًا بهذا الشأن؛ لذا فأنا بحاجة لاكتساب تحرري الشخصي".
  • المستوى الأعلى للدافع هو:”أريد أن أبلغ الاستنارة كي يكون لديَّ المعرفة الكاملة عن أفضل الطرق لمساعدة الآخرين كل على حدة.

الدافع مهم للغاية، ولقد أكدَّ على ذلك المعلم تسونغكابا حيث قال أن الدافع هو شيء نحتاج لأن نمتلكه خلال يومنا بأكمله، وليس فقط في بداية جلسة التأمل, وأن الدافع يجب ألا يكون مجرد كلمات لطيفة وإنما يجب أن نعني تلك الكلمات حقًا. فما هو المقصود بأن نعني ما نقوله؟ هذا يعني أننا حولنا الدافع لجزء من شخصيتنا، من خلال التدرُّب على التأمل، بحيث يكون الدافع حقيقي وشعور طبيعي ويُصبح جزءًا متكاملًا من الطريقة التي نعيش بها حياتنا في كل يوم.

تهدئة الذهن قبل جلسة التأمل

بمجرد تهيئتنا لبيئة محيطة مناسبة وتحديد نيتنا ودافعنا، نحتاج لأن نهدأ. غالبًا ما يتم ذلك بأحد أنواع تأمل التنفُّسْ، مثل عَّدْ التنفُّسْ. هناك تدريبات عديدة أخرى أكثر تفصيلًا من الممكن القيام بها من خلال التنفُّسْ، لكن ببساطة التنفُّسْ بشكل طبيعي من خلال الأنف و عَّدْ مجموعات، كل منها تتكون من إحدى عشر مرة من الشهيق والزفير، عادة ما يكون هذا كافيًا. تهدئة أذهاننا بهذه الطريقة يصنع مساحة هادئة بين ما كنَّا نقوم به حتى هذه اللحظة وبين جلسة التأمل التي سنقوم بها الآن. إنشائنا لتلك المساحة يساعد على الانتقال بين حياتنا المليئة بالانشغال والتأمل.

فيديو: د. ثشونى تايلور – "تأمّل موجّه قصير"
لتشغيل الترجمة، رجاءً أضغط على علامة "CC" أو "الترجمة والشرح" بالركن السفلي على يمين شاشة عرض الفيديو. لتغير لغة الترجمة،  يُرجى  الضغط على علامة "Settings" أو "إعدادات"، ثم أضغط على علامة "Subtitles" أو "ترجمة"، واختار لغتك المفضل

تدريب السبعة أفرع

غالبًا ما يُنصح ببناء بعض الطاقة الإيجابية في بداية جلسة التأمل، ولهذا نستخدم ما يُعرف بـ "صلاة السبعة أفرع" أو "تدريب السبعة أفرع" في هذا السياق "أفرع" تعني "خطوات".

(١) الانحناء احترامًا، ويصاحبه اتخاذ الملجأ وتوليد البوديتشيتا

الخطوة الأولى الانحناء احترامًا، التي تعني إبداء الاحترام لهؤلاء من بلغوا الاستنارة، إبداء الاحترام لاستنارتنا المستقبلية، والتي نطمح لتحقيقها بالبوديتشيتا، وإبداء الاحترام لطبيعة بوذا بداخلنا، والتي ستُمكننا من الوصول إلى هذا الهدف. بالتالي، الانحناء احترامًا يتم في سياق وضع التوجه الآمن للملجأ وهدف البوديتشيتا في حياتنا. التوجه الآمن الذي نرغب في الذهاب إليه يُرمَّز له بالبوذات، وتعاليمهم للدارما وتحققاتهم، ومجتمع السانجا لمن هم متقدمين على طريق تحقيق التحرر والاستنارة. مع هدف البوديتشيتا نحن نعتزم ذهنيًا وقلبيًا أن نُصبح بوذات.

(٢) الوهب

الخطوة الثانية الوهب، والذي هو أيضًا إبداء الاحترام.

(٣) الاعتراف بالنقائص

التالي هو الاعتراف بأمانة بأخطائنا ونقائصنا. هذا لا يعني الشعور بالذنب تجاه أخطائنا، فالشعور بالذنب غير ملائم. الذنب هو التمسك بالشيء الذي قمنا به والتمسك بأنفسنا على أننا من قمنا بهذا الفعل، أي عنونة الشيء وذواتنا على أنهما شيئين سيئين، وعدم التخلي عن تلك الفكرة. إن هذا مثل عدم إلقاء القمامة في الخارج، لكن بدلًا من ذلك نحتفظ بها داخل المنزل والتفكير بهذا الشكل:”تلك القمامة رائحتها سيئة جدًا"، بدلًا من الشعور بالذنب، الخطوة الثالثة هي الندم على أخطائنا:”أنا أندم على أفعالي، وسوف أفعل ما بوسعي حتى لا أكررها. سوف أسعى بكل جَهدي للتغلب على نقائصي".

(٤) الابتهاج بالأشياء الإيجابية

الخطوة الرابعة هي الفرح بالأشياء الإيجابية التي قمنا بها أو قام بها الآخرون، حتى يكون لدينا موقف داخلي أكثر إيجابية تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين.

(٥) طلب التعاليم

بعد ذلك نحن ننشُد التعاليم والبوذات كي يقوموا بالتعليم:”من فضلكم علمونا دائمَا، فنحن منفتحون ومتقبلون".

(٦) التماس بقاء المعلمين على قيد الحياة

الخطوة التالية":لا تذهبوا بعيدًا، لا تموتوا. نحن جادون جدًا برغبتنا في التعلُّم، وأرجوكم أن تبقوا معنا".

(٧) التكريس

في النهاية يأتي التكريس. التكريس أحد معانيه هي، توجيه الطاقة بطريقة معينة. نحن نُفكر:”أيًا كانت القوى الإيجابية والفهم الذي تم بناؤه، لعله يساهم في تحقيق نيتي". المثال الذي أحب استخدامه هو حفظ العمل على الحاسوب. إذا لم نقم بحفظ العمل في ملف خاص بملف "التحرر" أو "الاستنارة" فسيتم حفظها تلقائيًا طبقًا للإعدادات الافتراضية في ملف "تحسين السامسارا". حفظ أعمالنا في ملف "تحسين السامسارا" شيئ جيد، لكن إذا لم يكن هذا هدفنا، ونحن نرغب لأعمالنا أن يتم إعدادها في اتجاه اكتساب التحرر والاستنارة، عندها سنحتاج لأن نحفظه عمدًا في ملف "التحرر" أو "الاستنارة". هذا هو التكريس. ونحن نعني ذلك حقًا، نحن لا نردد فقط كلمات جوفاء، بل نحن نُكرِّس الطاقة الإيجابية مع بعض المشاعر خلفها، مع الشفقة وغير ذلك.

بعد صلاة السبع أجزاء يأتي التأمل الفعلي. وعند اختتام جلسة التأمل، نقوم بتكريس آخر.

الخلاصة

التأمل عملية معقدة للغاية وإرشادات كيفية القيام بها دقيقة للغاية. تم هنا عرض احد الإرشادات العامة، فكل نوع تأمل لديه الإرشادات المحددة له، لكن في جميع الحالات، من المهم للغاية أن نعرف ما الذي نفعله، وكيف نفعله، ولماذا نفعله.

هناك بعض التقاليد البوذية، مثل الزن، تقول فقط"اجلس، وستكتشف بينما أنت مستمر". على الرغم من أن هذا قد ينجح مع البعض، إلا إنه قد يكون صعب على آخرين. العديدون يجدون هذا المدخل صعب للغاية، لذا فما تم عرضه هنا هو التقليد الهندي-التبتي في التأمل.

Top