تنمية الكرامة الذاتية والعزيمة

مراجعة: الميلاد البشري الثمين

كنا قد بدانا بالأمس في مراحل المسار المتدرج، لام ريم، من منظور كيف يمكن لهذه الأدوات أن تساعدنا على تنمية حسًا صحيًا بالذات. ورأينا أن التفكير في سياق الميلاد البشري الثمين يعطينا موقفًا داخليًا إيجابيًا للغاية تجاه أنفسنا لأننا نرى كم نحن بالفعل محظوظين. رأينا كيف إنه من النادر أن يكون لدى الشخص كل تلك الميزات التي لدينا، نحن بشكل مؤقت أحرارًا من حالات الميلاد الأسوأ ومتاح لدينا العديد من الفرص، خاصة عندما نقارن حالنا بالأغلبية العظمى. أيضًا إذا قارنا أنفسنا بكل أشكال الحياة الأخرى، حيث نفكر في سياق عوالم الوجود الستة، أو إذا كنا نجد صعوبة بعد في أخذ هذا على محمل الجد عندها على الأقل سنقارن أنفسنا مع أشكال الأخرى للحياة على هذا الكوكب، رأينا أننا لدينا في الحقيقة حالة غاية في النُدرة.

لذا، ننمي شعورًا عظيمًا بالتقدير؛ نحن ممتنون للغاية لحقيقة أن لدينا الآن هذا الميلاد البشري الثمين. نُثّمِن هذا ونُدرك أنه لن يدوم للأبد. سنتقدم في السن؛ قد نصاب أيضًا بالمرض؛ وحتمًا سنموت. وبعد وفاتنا إذا كنا نفكر في سياق الذات الأبدية، الـ"أنا"، عندها سنستمر في شكل ما للحياة حيث نختبر فيه المزيد من الأشياء. لربما قد لا يكون معروفًا لنا الآن، لكنه بالتأكيد يمكن أن يكون أسوأ بكثير.

أشكال الحياة الأخرى ومستويات السعادة والتعاسة

أحد النقاط الصعبة هي التفكير في أشكال الوجود المختلفة التي تؤكد عليها البوذية. لكن طريقة تقدير أنفسنا هي بالتفكير في سياق، مرة أخرى، الأنشطة الذهنية، مثلما تحدثنا من قبل. "أنا" هي مسمى نعنون به الاستمراريات الفردية لأنشطة الخبرة الذهنية، وتلك الأنشطة الذهنية يصاحبها العديد من العوامل الذهنية المختلفة وأنواع مختلفة من الوعي -الأشكال المختلفة من وعي الحواس، الوعي الذهني، وأيضًا العوامل الذهنية، خاصة السعادة، التعاسة: مستوى ما من السعادة. وحدود ما نحن قادرين على اختباره في كل مجال -سواء كنا نتحدث عن المشاعر الجسدية أو الإبصار أو كنا نتحدث عن السعادة ،التعاسة وخلافه- سيكون ذا صلة كبيرة بالشكل الجسدي الذي لدينا، الأجهزة أو المعدات الجسدية.

كمثال بسيط نحن نعرف أنه بواسطة المخ يتمكن البشر من فهم ما هو أكثر مما تستطيع الذبابة فهمه، هذا واضح -على الرغم من أن كليهما لديهما أمخاخًا. لكن قدرات تلك الأجهزة التي ستكون متاحة لنا للفهم إذا كنا ذبابًا لن تأخذ بنا بعيدًا، هل ستفعل؟ وأنواع الأعين المختلفة لدى الحيوانات -البعض يمكنه الرؤية في الظلام؛ أعين البشر لا يمكنها رؤية الكثير في الظلام. عين الصقر يمكنها أن ترى لمسافات بعيدة؛ أعين البشر لا يمكنها الرؤية من على هذه المسافات. أنف الكلب لديها قدرة أكبر من البشر على الشم مما لدى البشر -يجب أن أقول أكثر بكثير جدًا. العديد من الحيوانات بإمكانها السماع أفضل من البشر. لذا، فإن نطاق ما يمكننا أن نختبره يختلف بشدة اعتمادًا على الأساس الجسدي الذي لدينا، الأجهزة الجسدية، المعدات.

لذا، يجب أن يكون هذا أيضًا هو الوضع فيما يتعلق بالمشاعر الجسدية، فيما له علاقة باللذة والألم. بعد مستوى معين من الألم، بهذا الجسد البشري، نفقد الوعي لأننا غير قادرين على اختبار ما يتجاوز قدرة هذا الجسد على التحمل. وأيضًا بالمثل، مشاعر السعادة والتعاسة. عندما نتحدث عن المعاناة، نحن نتحدث على مستوى الإحساس الجسدي بالألم ؛ نحن نتحدث عن العامل الذهني للسعادة أو التعاسة. السعادة: الرغبة في الاستمرار في الخبرة أو عدم الرغبة في مفارقتها. التعاسة: الرغبة في عدم استمرار الخبرة، الرغبة في مفارقتها.

نبدأ حقًا في التساؤل، هل مقدار التعاسة والسعادة يتناسبان أو يعتمدان أيضًا على الأساس الجسدي الذي لدينا لاختبار الحالات الذهنية أو الجسدية؟ يجب أن أقول أن هذا يصبح مثيرًا جدًا للاهتمام. حاولوا أن تقارنوا مستويات التعاسة. دعونا نفترض أن شخصًا ما لديه متلازمة داون وليس واعيًا حتى بالموقف الذي هو فيه؛ وشخصًا آخرًا ذا ذكاء حاد وقدرة تحليلية شديدة، لكنه يعاني من اكتئاب شديد وانهيار عصبي وما شابه. دائمًا ما يُقال في التعاليم أن المعاناة الذهنية هي الأسوأ بكثير من المعاناة الجسدية.

فكروا بهذه الطريقة، أعتقد أن مستوى السعادة والتعاسة التي يمكن أن نُدركها -أطيافهم- تختلف بشدة بناء على نوع الجسد وشكل الحياة الذي نتخذه. بالمثل يمكننا القيام بمد نطاق تفكيرنا ليشمل كامل أطياف السعادة/التعاسة، المتعة/الألم، ونتخيل إمكانية وجود أسس جسدية تمتلك القدرة على اختبار أي مقدار من تلك الأطياف.

لذا، إذا كنا سنصبح لاشيء، إذا كان هذا ما نُصدق به، بعد وفاتنا، ها أنا "أنا ميت الآن"، فسيكون من غير المعلوم كيف ستكون بالفعل خبرتنا -هذا مخيف للغاية. عندما نكون لاشي، هل هذا اِكتئاب؟ كيف هي هذه الحالة؟ نبدأ في التساؤل ما خصائص هذا "اللاشيء"، عن خبرة "اللاشيء"؟

إذا لم يكن هناك شيئًا يحدث في "اللاشيء"، هل نشعر بالملل؟ نكون تعساء عندما لا يحدث شيئ؛ هل تتخيلوا عدم حودث أي شيء للأبد، كم ستشعرون بالملل. هل ستشعرون بالتعاسة. الآن أنا لا أعرف إذا كان هذا منطقيًا أم نحن فقط نمزح بشأنه، لكن أعتقد أن هذه المناقشة مفيدة لتنمية الحس بالرغبة في "بعد وفاتي أريد أن أتجنب أن تصبح الأمور أسوأ مما هي عليه الآن". نحن لا نرغب في أن نَعَلق في اللاشيء الهائل للأبد. وإذا اِتبعنا التعاليم البوذية، بالتأكيد لن نرغب في أن نولد بأساس جسدي، أو حتى على هيئة بشرية، يكون بها معاناة ومشاكل أكثر، ولن نكون قادرين بها على الاستمرار في مسارنا الروحي.

التوجه الآمن

إذًا، نعمل على تنمية حس بالخوف الصحي من تلك المواقف الأسوأ. من المهم أن نفهم أن هناك نوعين من الخوف.

  • الأول هو الشعور بأنه ليس هناك شيئًا يمكننا القيام به، الشعور بأننا "عاجزين ويائسين". وهذا شعورًا بشعًا بالخوف يصعب تحمله.
  • لكن هناك حس صحي بالخوف والذي به نعرف أن هناك شيئًا يمكننا القيام به لتجنب هذا الموقف البشع، ولذا نكون حريصين. مثل إذا كنا نقود السيارة -"أخشى أن أتسبب في حادثة ولذا أكون حريصًا أثناء قيادتي". إذا لم أهتم بما إذا كنت سأصاب في حادثة أم لا، إذا لم أخشى الوقوع في حادثة، عندها سأتصرف باستهتار ويمكن أن تحدث كارثة.

لذا، عندما نتحدث عن أسباب اِتخاذ الملجأ، والذي أُفضل أن أُطلق عليه "التوجه الآمن"، يُقال أن أحد تلك الأسباب هو هذا الشعور بالخوف -الشعور الصحي بالخوف. وعلى أساس من الشعور الصحي بالـ"أنا"، الـ"أنا" الشائعة -"أنا مهتم بما سيحدث لي ولا أرغب في أن يحدث موقف بشع لا يمكنني به تحقيق المزيد من التقدم، وأرى أن هناك طريقة يمكنني بها تجنب هذا. لذا سأتخذ تلك الوِجهة". وهذه نقطة من المهم جدًا فهمها، إنه بدون الحس الصحي بالـ"أنا"، لن يمكننا أبدًا التفكير في وضع توجه آمن إيجابي في حياتنا، والذي يُشار إليه بـ"الملجأ".

إذا لم أهتم بنفسي، فلن أرغب حتى في بذل أي جهد لتجنب المعاناة. لن أهتم. أتعرفون، ترون هذا النوع من المواقف الداخلية لدى هؤلاء الأشخاص الذين لا يرغبون في التوقف عن التدخين، "أنا لا يهمني إن أصبت بالسرطان. لا يهمني ما سيحدث؛ أنا أرغب فقط في التدخين". لذا، هم لا يهتمون حقًا بأنفسهم. المدخنون من بين الجمهور الآن على وجوههم ابتسامة مذنبة -شعورًا حقيقيًا بالإحراج- لكن، إذا فكرتم بجدية في كل هذا، "أنا لديّ تلك الحياة البشرية الثمينة، أنا لا أرغب في أن أفقدها؛ أرغب في القيام بشيء يجعلني أُطيل حياتي بقدر الإمكان حتى أستفيد من الفرصة التي لديّ قبل أن أفقدها وأن أحاول تجنب عدم حصولي على المزيد من الفرص في المستقبل". هذا هو الموقف الداخلي الذي نتحدث عنه والذي هو قائم بالكامل على الحس الصحي بالـ"أنا".

الآن، هناك شيئ يمكننا القيام به؛ من أجل تجنب حالات إعادة الميلاد الأسوأ في المستقبل وهو أن نضع توجهنا الآمن في حياتنا في بوذا، الدارما والسانغا. وعلينا أن نفهم ماهية هذا التوجه، الماهية الحقيقية لتلك الجواهر الثلاثة. هناك العديد من المستويات لكل من بوذا، الدارما والسانغا، لكن إذا تفحصنا المستوى الأعمق، فستشير جوهرة الدارما إلى كل من الإيقاف الحقيقي للمشاكل، للمعاناة، لكل أشكال المعاناة، وإلى المسار المؤدي لهذا الإيقاف الحقيقي للمشاكل بحيث لا تتكرر مرة أخرى أبدًا. لذا، جوهرة الدارما هي الحقيقة النبيلة الثالثة والرابعة.

هذا هو التوجه الذي أرغب في اتخاذه.أرغب في أن أسير في التوجه الذي أحاول فيه تحقيق الإيقاف الحقيقي لأسباب المعاناة والمشاكل وأرغب في أن أصل للفهم أو المسار الذهني للفهم الذي سيجلب هذا الإيقاف الحقيقي. هذا هو التوجه، وهو توجه إيجابي للغاية. توجه منطقي. البوذات هم هؤلاء من حققوا هذا بالكامل وعلَّموا وبَينُوا لنا الطريق لتحقيق ذلك بأنفسنا والأريا سانغا هم هؤلاء من بدئوا في تحقيق الإيقاف الحقيقي والفهم الحقيقي. حققوهم جزئيًا. وهم مفيدون لنا للغاية لأن هناك العديد من المراحل المختلفة، فيمنحوننا التشجيع بأن تلك المراحل شيئًا يمكن العمل عليه تدريجيًا. لذا، يبدو الأمر قابلًا أكثر للتحقيق وبالتالي معرفة أن هناك مثل هؤلاء الأريات يمنحنا الدعم.

حسنًا، هناك ثلاث جواهر؛ هذا هو التوجه الذي نرغب في الخوض فيه، ونحن معتنون بأنفسنا، ونأخذ أنفسنا على محمل الجد ولهذا هناك ذلك التوجه الذي يمكن اتخاذه لتجنب المعاناة. حسنًا، أرغب في أن أكون سعيدًا. لا أرغب في أن أكون تعيسًا، لذا سأحاول أن أتخذ هذا التوجه. ترون إنه ممكن. فكروا في هذا لبعض الدقائق.

من السيئ للغاية أن البعض يستهين بالملجأ، يفكرون بتلك الطريقة لأنهم لم يفهمونه تمامًا على المستوى الأعمق. لذا، التأمل الذي أوصي به في المراحل المتأخرة بالمسار المتدرج مفيد للغاية في هذا. ما سنقوم به هو إننا نتأمل عبر تخيل أننا نسقط من جرف إلى العوالم الدنيا -إعادات الميلاد الأكثر بشاعة- وكم سيكون هذا شيئًا سيئًا. ثم إذا عرفنا أن هناك طريقًا لإنقاذ أنفسنا -أن نفتح مظلة أو ما شابه- فهذا ما سنقوم به بكل تأكيد. ثم نتخيل أننا على وشك السقوط. على الحافة تمامًا وسنسقط. ستتملكنا بالكامل مشاعر الفزع لأننا سنسقط ونتمنى لو كان لدينا القوة العضلية بمنطقة الوسط لنستطيع استعادة توازننا ولا نسقط. ثم نتخيل أننا مستلقون على سير متحرك سيلقينا من حافة جرف، وكم سنرغب بقوة في أن ننهض لنقفز من عليه.

هذه تخيلات غاية في القوة يمكن أن نستخدمها لنستثير حس الخوف، وهذا ما سيحرك داخلنا غريزة أساسية شديدة القوة. إنها غريزة البقاء وعدم السقوط في النار أو ما شابه. هذا النوع من دافع الغريزة الأساسية يجعلنا نرغب في استخدام التوجه الآمن بحياتنا حتى تصبح تلك الرغبة شيئًا أساسيًا بداخلنا. كنتيجة للتفكير بتلك الطريقة، نرغب في أن نزيل أسباب إعادات الميلاد الأسوأ بطريقة ما؛ أو نزيل أسباب العذاب الأبدي في الجحيم؛ أو نزيل أسباب الموت بندم وخوف من الانتقال إلى المجهول.

رجاء فكروا في هذا. "أرغب في تجنب إعادات الميلاد الأسوأ وللقيام بهذا أحتاج لأن أتجنب ولأن أتخلص من أسباب إعادات الميلاد تلك. أرغب في أن أتخذ إجراءات وقائية" –مصطلح "الإجراءات الوقائية" هو الترجمة الحرفية لكلمة "دارما".

حسنًا، الآن، أول شيء نرغب في القيام به بعدها فيما له علاقة باتخاذ الملجأ الآمن هو أن نزيل أسباب المعاناة الأكثر وضوحًا، معاناة المعاناة -أي أسباب التعاسة- وأسباب اختبار إعادات الميلاد الأسوأ وكل أنواع الأشياء غير السارة التي تحدث لنا. ووفقًا لتعاليم البوذية، والتعاليم الخاصة بالكارما، هذا النوع من المعاناة الأكثر وضوحًا، إذا اختبرناه، فوفقًا للقانون الأول للكارما فهذا نتيجة للسلوكيات الهدَّامة.

الكارما

عندما نتحدث عن الكارما -أرغب في أن أشير إلى تلك النقطة- نحن لا نتحدث عن الفعل، على الرغم من أن الكلمة التبتية لكلمة "كارما" هي الكلمة العامية التبتية لكلمة "فعل". وبالتالي عادة عندما يتحدث التبتيين بالإنجليزية، يترجمون كلمة "كارما" إلى فعل. هي لا تعني فعل. إذا كانت تعني الفعل، ففكروا فيما سيترتب عليه هذا. نرغب في تحقيق الإزالة الكاملة لكل الكارما -نرغب في التخلص من كل الكارما- إذا كان معنى كارما هو الفعل، فهذا معناه أن نتوقف عن القيام بأي شيء وسنكون قد تحررنا حينها. لذا هذا بالتأكيد ليس معنى مصطلح كارما.

هذه طريقة أخرى للتحليل نستخدمها في البوذية. أن نرى ما إذا كانت هناك نتائج غير منطقية تتبع الادعاء. إذا كان الادعاء هو أن "الكارما هي الفعل". إذا كانت الكارما هي الأفعال، فسيكون عندها (معنى) التخلص من كل الكارما هو التخلص من كل الأفعال. إذا تخلصنا من كل الأفعال، هل أكون قد تحررت؟ لا. لذا، ادعاء أن الكارما تعني الأفعال هو ادعاء خاطئ. هي إشكالية في الترجمة.

ما تتحدث عن الكارما هو القهرية. هناك جانب قهري في سلوكنا، سبب القهرية هو العادات، الميول التي قمنا ببنائها والقائمة على مشاعرنا الهدَّامة وارتباكنا. ولهذا نتصرف بطريقة قهرية. لا تحكم لدينا. أتعرفون، الأكل القهري، النقر العصبي بالأصابع -وهذا النوع من الأشياء.

ما هو الفارق بين "الباعث" و"القهرية"؟

"الباعث" معناه أن شيئًا ما خطر بذهني أن أقوم به. "القهرية" (تعني ألا تحكم لنا في الفعل، على سبيل المثال أن يكون الشخص) كاذبًا بشكل قهري، أكولًا بشكل قهري. "القهرية" هنا عندما نتحدث عن الكارما يجب أن تشمل كلًا مما هو إيجابي وسلبي. لذا هي لا تشمل فقط الكذب أو السرقة القهريين أو ما شابههم. هي تشمل أيضًا الهوس بالكامل، والذي هو عادة عصبية للغاية. "يجب أن أصل للكمال؛ يجب أن أكون جيدًا". لذا فهذا السلوك القهري قائم بالكامل على "أنا" متضخمة للغاية. (أساسها) هو المشاعر المزعجة، وقهريتها. الهوس بالكمال -هو مثال مناسب تمامًا. شخص يُنظف منزله بشكل قهري، يغسل يديه بشكل قهري. هو شيء إيجابي؛ ليس هناك شيئ خطأ في هذا، لكنه فاقد تمامًا للتحكم بنفسه وعصبي للغاية. أو القهرية في تصحيح الآخرين.

إذًا، هذه هي الكارما. هذا هو ما نتحدث عنه عندما نتحدث عن الكارما. ما نرغب في التخلص منه هو تلك القهرية. وليس كأننا نرغب في التوقف عن القيام بأي شيء. دعونا نأخذ بعض الدقائق لاستيعاب هذا لأنه لربما قد يكون مفهومًا جديدًا.

وهذا المفهوم يلائم تمامًا التعريف. وهذا شيء مهم -يكون لدينا التعريف ثم نحاول أن نفهم ما يتحدث عنه. لذا عندما نشعر بالرغبة في الكذب أو نشعر بالرغبة في الذهاب إلى البرَّاد، فهذا إثمار لميول الكارما. نشعر بالرغبة في القيام بهذا؛ نريد القيام بهذا. لذا الكارما -هي القهرية التي تدفعنا للقيام بالفعل.

حسنًا، الآن، العرض التقليدي هنا في النطاق الأوَّلي بمراحل المسار المتدرج -العرض التقليدي للكارما- هو أن المشكلة هي، أسباب معاناة المعاناة، هي عدم وعينا بقانون الأسباب والنتائج، قانون الأسباب والنتائج السلوكية. كما أننا لا نعرف أننا إذا كنا تعساء ونعاني، فإن هذا هو نتيجة السلوك الهدام. نحن فقط لا نعرف أو أن لدينا رؤية خاطئة بأن التعاسة والمعاناة ينتجان عن لا شيء أو عن سبب عديم الصلة. لذا فنحن نعمل على التخلص من المستوى الأول من عدم الوعي أو الجهل -عدم الوعي بقانون الأسباب والنتائج السلوكية. ولا نتحدث هنا عن الأسباب والنتائج مثل تحرك الكرة نتيجة ركلها؛ نحن نتحدث عن الأسباب والنتائج في سياق سلوكياتنا وخبراتنا.

إذًا العرض التقليدي هو "أنا لا أرغب في أن أكون تعيسًا، أنا أرغب في التخلص من المعاناة الأكثر ظهورًا وأفهم إنها ناتجة عن التصرف بشكل هدام. لذا، عندما نشعر بالرغبة في التصرف بشكل هدام -لأن هذا الشعور هو نتاج أسباب سابقة- أنا فقط لا أتصرف وفقًا لهذه الرغبة. سأمتنع". هذه هي التعاليم تقليدية لهذا النطاق الأوَّلي في التعامل مع الكارما. كنت أدرس تعاليم نص اللام ريم، [العرض الكبير للمراحل المتدرجة للمسار] والذي هو النص الخاص بلاما تسونغكابا، ببطء شديد للغاية؛ دَرَّسْته لمدة أربع سنوات، مرة في الأسبوع، وعندما وصلت لهذا القسم سئلت تلاميذي "لماذا لا تكذبون؟ لماذا لا تغشون؟ ما هو السبب؟"

أسباب عدم التصرف بشكل هدام

لذا رجاءً فكروا بأنفسكم للحظات. لربما تغشون أن تتنمرون وتكذبون، لكن إذا كنتم لا تفعلون هذا، فلماذا؟ هل هذا لأنكم خائفون من عوالم إعادة الميلاد الأسوأ والتعاسة التي ستنتج عن هذا ولذا تمنعون أنفسكم عن هذا؟ كونوا أمناء في تفحص أنفسكم. لماذا لا تغشون وتؤذون الآخرين؟

لا نرغب في أن يفكر فينا الآخرين بشكل سيء.

إذًا إذا تمكنتم من الإفلات بفعلتكم، فهل سيكون مقبولًا طالما لم يعرف أحد بها؟

أن نكذب لهو فقط شيئ عديم المعنى لأنه لا يهم ما إذا كان هناك شخص آخر سيعرف بهذا أم لا. هو فقط فعل ذو فائدة قصيرة الأمد. على المدى البعيد هو لا ينجح.

حسنًا؛ إذًا أنت ليس لديك أي قدر من التصديق فيما له علاقة بقانون الأسباب والنتائج.

وبعض الإحساس بالذنب لأني أشعر بالسوء تجاه نفسي.

حسنًا، الآن بدئنا نسير في الوجهة التي سار بها تلاميذي. أي شخص آخر يرغب في المشاركة بأسبابه؟

أنا لا أكذب لأني لا أرغب في أن يكذب علي الآخرين.

صحيح، هذا ذو صلة أكثر بالتعاليم التقليدية بأن نتيجة كذبنا هو أن الآخرين أيضًا سيكذبون علينا. كنتيجة للغش الآخرين أيضًا سيغشوننا. نتيجة المقاطعة الدائمة للآخرين والتحدث بالتفاهات هي أن الآخرين لن يأخذوننا على محمل الجد.

حسنًا؛ إذا كنا أمناء في أننا لا نرغب في العواقب، لا نرغب في أن نتسبب في المشاكل وما شابه -هذا حسن؛ هذا يلائم تمامًا تعاليم الدارما. لكن ما وجدته بتلاميذي ومن خلال تفكيري أيضًا بنفسي، كان السؤال عادة "أنا فقط لا أشعر بأن هذا شيئًا صحيحًا". لا أشعر إنه من الصحيح أن أغش، أن أكون شخصًا سيئًا. إجابة غاية في البساطة، لكنها غاية في العمق. أشعر بعدم الراحة. ألا توافقون؟

إذًا الآن، نحن نضيف لإطارنا النظري المواقف الداخلية الذهنية الواحد والخمسين، ونرى أيًا منها هو هذا. كيف يمكننا أن نصف ظاهرة "أشعر بأن هذا شيء غير صحيح"؟ سنجد عاملًا ذهنيًا يُطلق عليه "الحس بالكرامة الذاتية". نحن نهتم بما يحدث لنا وكيف يؤثر علينا. لذا هو شعور بالكرامة، القيمة الذاتية. "أشعر بقيمتي الذاتية بشكل يجعلني لا انحطَّ لأتصرف بتلك الطريقة. لديّ حس بالكرامة الذاتية، لا أشعر بأنه من الصحيح أن أتصرف بتلك الطريقة المنحطة. لدي الكثير من الاحترام لنفسي؛ وهذا ليس ما أرغب في أن أكون عليه".

نجد أن فاسوبَندو في كتابه أبيدارماكوشا (منزل كنوز موضوعات المعرفة الخاصة) يقول أن هذا العامل الذهني يصاحب كل السلوكيات البنَّاءة. نتصرف بطريقة هدَّامة عندما لا يكون لدينا هذا العامل الذهني؛ عندما يكون غائبًا، عندما لا يكون لدينا حسًا بالكرامة الذاتية. لا نهتم بالكيفية التي ستنعكس بها أفعالنا علينا. لذا فالأمر لا يتعلق كثيرًا بكيف سيفكر بنا الآخرين، ولكن كيف سنفكر نحن في أنفسنا هو ما سيؤثر على سلوكنا. هذا حس صحي للغاية بالـ"أنا"، نحن نحترم أنفسنا. ويمكننا أن نرى كيف أن هناك نموًا تدريجيًا للموقف الداخلية أكثر إيجابية تجاه أنفسنا. هذا ما أناقشه مع التلاميذ الغربيين في سياق "الحس الصحي بالذات". فكروا في هذا.

حسنًا، العامل الذهني الثاني الذي يُصاحب كل السلوكيات البنَّاءة ذو صلة أكثر بالسياق الاجتماعي الآسيوي. وعلينا أن نتفحص إذا كان ذو صلة بنا. إنه الاهتمام بالكيفية التي ستنعكس بها أفعالنا على الآخرين. الآسيويين لا يفكرون في أنفسهم تلقائيًا كأفراد، ولكن يفكرون في أنفسهم كأعضاء في أسرة أو ما شابه، "الطريقة التي سأتصرف بها ستنعكس على أفعالي على شرف عائلتي، كامل عائلتي. ولذا لا أرغب في أجلب عليهم العار أو السمعة السيئة وخلافه على قطاع كبير من عائلتي". أو قد يكون هذا في سياق القرية، أو يمكن أن يكون في سياق الولاء للدولة -ما الذي سيفكر فيه الآخرين عن أبناء بلدي، لاتفيا، ما الذي سيفكر فيه الآخرين عن الألمان والأمريكيين أو عن البوذيين. لذا الطريقة التي سينعكس بها سلوكي على الآخرين. إذا كنا نهتم بهذا، فعندها سنمتنع أيضًا عن السلوكيات الهدَّامة. لذا، هذا يدخل وفقًا لفاسوبَندو في الحالة الذهنية للامتناع عن السلوكيات الهدَّامة، وهي طريقة تعريف "السلوكيات البنَّاءة".

كما قلت، في المجتمع الغربي، بسبب شدة التركيز على الهوية الفردية، أتسائل كم سيكون هذا العامل الذهني حاضرًا في السلوكيات البنَّاءة. لا أعرف. على كل منكم أن يتفحص نفسه، هل هناك حس قوي بهذه الـ"أنا" الصحية الشائعة، والتي، في السياق الآسيوي، قد تتضمن كامل العائلة، فيما له علاقة بموضوع مناقشتنا؟ بالأساس هل هناك وحدة أكبر اشعر أنها جزء من هويتي؟ أعتقد أن هذا أمر شخصي، لكن من المثير للاهتمام أن نفكر في كم قد يكون هذا ذا صلة بنا.

قد يكون، على سبيل المثال، إذا كنتي امرأة، كيف سينعكس هذا على النساء؟ قد تفكرون في أنه "إذا تصرفت المرأة بهذه أو بتلك الطريقة فسيكون لدى الآخرين رؤية متدنية للنساء ولذا علي أن أتصرف بتلك الطريقة التي ستجلب الاحترام الاجتماعي للنساء بحيث يعاملون بمساواة". هذا قد يكون عاملًا. قد لا نرى كيف أن هذا في الحقيقة ذي صلة بسلوكنا الأخلاقي.

أعتقد أنه في حالة الأشخاص المنخرطين بشكل أكبر في البوذية فالاحتمال الأكبر إنهم لن يرغبوا في الآخرين أن يفكروا بالسوء تجاه البوذية.

صحيح، كيف سيفكر الناس في الطريقة التي يتصرف بها البوذيين؟ ماذا سيفكر الناس ببلدة صغيرة كلاتفيا؟ أتعرفون، ما الذي يفكر فيه العالم "ببلدة صغيرة للغاية، ما الفارق الذي سيشكله هذا؟" لذا، تكونون مدفوعون بأن "إذا كنت ناجحًا، إذا قمت بشيء صحيح ويستحق الثناء، فهذا سينعكس على بلدي". كما قلت، سيختلف هذا بين الأشخاص.

على أي حال، ما سننميه من هذا هو الحس بالمسئولية عن أفعالنا. هذا يبني حسًا صحيًا بالـ"أنا" -لطريقة تصرفنا، طريقة تحدثنا، طريقة تفكرينا. "أنا لا أرغب في أن أكون تعيسًا؛ أنا أرغب في أن أكون سعيدًا. وليس فقط الآن -ولكن في المستقبل أيضًا. وأنا عازم على تأجيل المكاسب الآنية من أجل تأمين السعادة المستقبلية" -مثل ادخار المال حتى نتقدم في السن، أو فقط شراء ما في متناولنا بدلًا من شراء كل الأشياء ببطاقات الدَّيْن ويكون علينا أن نقلق لعدم قدرتنا على السداد وفقدان كل شيء. إذا رغبنا في استعمال الأمثلة الحديثة.

إذًا هو حس بالمسئولية قائم على حس بالـ"أنا" الصحية [والذي يمنعني من التصرف بطريقة هدَّامة]. هذا الحس بالمسئولية [يأتي من معرفة] أننا سنختبر -أعني أن هذا أول اهتماماتنا- عواقب سلوكياتنا. وعلينا أن نفهم أننا سنشعر بالسوء عندما نغش ونكذب، عندما نتسبب في المشاكل للآخرين. وليس الآن فقط ولكن في المستقبل أيضًا؛ أنا أشعر بالسوء عندما أتصرف بتلك الطرق.

مثال جيد جدًا هو القلق، القلق القهري. هل ستكونون سعداء عندما تشعرون بالقلق؟ لا، بالطبع لا. وهي تعاسة طويلة؛ قد تقود للاكتئاب. نحن نقلق بشكل قهري طيلة الوقت، فيتكرر الأمر ويستمر. نحتاج لأن نرى العلاقة بين هذا النوع من السلوك المدمر للذات المسبب لتعاستي. لذا نتحمل مسئوليتنا عن هذا. "أرغب في تجنب هذا؛ أرغب في إيقافه". قد لا يكون هذا سهلًا؛ السلوك القهري يصعُب للغاية إيقافه. ويتطلب تحكم بالذات.

التحكم بالنفس

هذه هي كامل استراتيجية النطاق الأوَّلي من المسار المتدرج: الاستراتيجية هي أن نتحكم بأنفسنا. عندما تشعر بالرغبة في في القيام بشيء هدام، نفهم أن هذا سيؤدي إلى تدمير الذات وسيتسبب لنا في المزيد من المشاكل، فنتحكم بأنفسنا ولا نتصرف وفقًا لما نشعر بالرغبة في القيام به. إذا حاولتم أبدًا إتباع حمية غذائية فستعرفون جيدًا ما أتحدث عنه. تتبعون الحمية: "أرغب في أن أفقد بعض الوزن" لأي كان السبب: الصحة، مظهر أفضل، أي كان. لكن لمجرد اِتخاذ قرار إتباع الحمية لا يعني أنني سأتوقف عن الرغبة في تناول الطعام. سأشعر بالرغبة في تناول الطعام. هذا هو إثمار عادات الكارما السابقة: أن أتجه إلى المخبز وأرى الكعك واشعر برغبة جارفة في تناول قطعة منه. هذا سيحدث تلقائيًا. هذا هو إثمار الكارما. ولن نستطيع التخلص منها في هذه المرحلة. لذا، لا تشعرون بالسوء لهذا. الفكرة هنا هو أن نتحكم بأنفسنا في اللحظة التي نشعر فيها بالرغبة في الذهاب إلى المتجر وشراء الكعك، ولا نقوم بهذا، بدلًا من التوجه للمتجر بشكل قهري أو الذهاب إلى البراد.

هذا ليس سهلًا، أليس كذلك؟ لكن ما الذي يعتمد عليه التحكم في النفس؟ لا يعتمد فقط على الوعي التمييزي بين ما هو مفيد وما هو مؤذي. تعرفون، "إذا تصرفت بهذه الطريقة الهدَّامة فسيؤدي هذا إلى المشاكل"، لذا فنميز هذا كشيء علينا ألا نقوم به. أعرف إنكم لربما قد تقولون، "حسنًا أنا أعرف هذا، ولكني لا يمكنني التحكم بنفسي". يحدث هذا، صحيح؟ كما يقول البعض، "أعرف أني لا يجب أن أدخن وأحاول الإقلاع عن التدخين ولكني اشعر بالرغبة فيه". هذا الشعور، هذه الرغبة، ستظل تأتينا. لذا، الآن، بالإضافة لمعرفة ما هو بنَّاء وما هو هدام، سنحتاج إلى حس صحي بالـ"أنا" -إن لدي هذا الشعور باحترام الذات؛ لديّ شعورًا إيجابيًا تجاه نفسي بحيث إنه على أساس من هذا يمكنني استخدام عزيمة الذات الشائعة، "أنا".

المدخنون منكم بالغرفة الآن يشعرون بعدم الراحة ووشوشهم تخضبت بالحمرة. لكن على أي حال أعتقد أنه صحيحًا للغاية أننا فقط سنكون قادرين على التحكم بأنفسنا وعزيمتنا بطريقة إيجابية إذا كان لدينا موقفًا داخليًا إيجابيًا تجاه أنفسنا -هذا هو الحس بالكرامة الذاتية. وإلا، كما تعرفون، "أنا لا يهمني". إذا لم نهتم فعندها لن نتحكم في أنفسنا. لن يكون لدينا أي عزيمة. هذا شيء من المثير جدًا تحليله، ما الذي سيقوي التحكم بالذات والعزيمة؟

الآن، يجب أن نكون حذرين بعض الشيء لأنه على الرغم من قيامنا ببناء حس صحي بالـ"أنا" الشائعة لنكون قادرين على التحكم بأنفسنا وما شابه، فإن هذا يمكنه أيضًا أن يدعم الحس المتضخم بالذات. لذا، بينما نقوم ببناء الـ"أنا" الشائعة وقد قمنا حتى الآن بالفعل ببذل بعض الجهد لتحقيق هذا، الآن علينا أن نبدأ في الحذر من الحس المتضخم بالـ"أنا". هذا الحس المتضخم بالـ"أنا" هو فهم الذات الذي سنفكر معها "أنا يجب أن أكون قادرًا على التحكم بنفسي"؛ الذات التي يمكنها ويجب عليها أن تتحلى بقوة التحكم بالنفس ولأني لا أقوم بهذا فأنا مذنب. هذا حس متضخم بالذات. تعرفون جميعًا مثل هؤلاء الأشخاص الذين يصبحون كضباط الشرطة بتحكمهم بأنفسهم ويصبحون متشددين مع أنفسهم للغاية وما شابه. هذا غير صحي. ثم عندما يخطئون ولا يتحكمون في أنفسهم، يشعرون حينها بذنب شديد، "كان يجب أن أتحكم بنفسي"، ويؤنبون أنفسهم نفسيًا بشدة.

بالطبع، عندما ننظر إلى التعاليم والأمثلة التي تحتويها يمكننا أن نفكر في كم من السهل الوصول إلى هذا التطرف. أفكر في مثال بِن غيانغيال -هذا اسم تبتي- الذي كان لديه مجموعة من الحِصِّى البيضاء والسوداء وفي نهاية كل يوم بمراجعة ما حدث وكل الأفكار السلبية والأشياء الهدَّامة التي قام بها. كان يضع حجرًا أسودًا لكل منهم؛ ولكل شيء بنَّاء، يضع حجرًا أبيضًا. وإذا كان هناك أحجارًا سوداء أكثر من الأحجار البيضاء يوبخ نفسه، وإذا كان الأبيض أكثر من الأسود يهنئ نفسه ويعزم على القيام بما هو أفضل في المستقبل. حسنًا، قد يصبح هذا نوعًا من الثنائية، أليس كذلك؟

طريقة التفحص الذاتي بنهاية اليوم بالطبع مفيدة إذا كنا غير واعيين بما يحدث في حياتنا. كم نتصرف عادة بطريقة بنَّاءة أو هدَّامة؟ لذا هي طريقة مفيدة؛ لكن، كونوا حذرين من الوصول لتطرف "أنا" الراسخة الشرطية التي تضع "أنا" تحت المحاكمة -الرؤية الثنائية. قال أحد المعلمين العظام إننا إذا فحصنا حياتنا بأمانة لنرى كم مرة غضبت أو كنت سيئًا وقاسٍ، وكم مرة في حياتي كنت طيبًا وقمت بشيء لنفع الآخرين -قمنا بعمل قائمة- عندها سيكون واضحًا أمامنا ما سيحدث لنا في حيواتنا المستقبلية.

لذا هذا تقييم بسيط ليدفعنا للقيام بشيء ما. لذا، التحكم في النفس والعزيمة قائمين على الوعي التمييزي -التقييم الصحيح لكيف كنا نتصرف- يجب تنميته على أساس من حس صحي بالـ"أنا" والحذر من الحس المتضخم بالـ"أنا". لذا رجاءً فكروا في هذا.

ولكن أرغب هنا في أن أشير إلى أن هناك نقطة يجب أن نحذر منها؛ في الحقيقة بالنطاق الأوَّلي لتسلسل تنمية أنفسنا، تنمية حس صحي بالذات عبر مراحل المسار المتدرج، سيكون التحكم بالنفس والعزيمة بلا شك قائمين على حس متضخم بالـ"أنا"، أنه "أنا يجب أن أكون متحكمًا بنفسي". فقط عندما نصل إلى النطاق الأوسط سنتعامل مع تلك القضية تحديدًا (الذات المتضخمة)؛ لذا في البداية سيكون من الطبيعي تمامًا أن تكون تلك هي الطريقة التي نتعامل بها مع هذا الأمر. حسنًا؟ هكذا تبدئون. ثم نقوم بتحسين الطريقة التي نطبق بها الالتزام الذاتي.

الأسئلة

تحليل ميول الكارما

في قصة المخبز -التي نمر بها بجوار المخبز ونشم الرائحة، ونرى شكل الكعك. وكانت هذه هي النهاية؛ لا يمكننا القيام بأي شيء عند هذه النقطة، صحيح؟ لذا، ما هي استراتيجية التعامل مع هذا الموقف؟ لربما نختار طريقًا مختلفًا، لربما نقوم بشيء آخر… ما الذي تقترحه؟

توغمي زانغبو في كتابه السبعة وثلاثين تدريبًا للبوديساتفات يتحدث عن مغادرة البوديساتفات لموطنهم. هذا عندما تجذبهم الرغبة الجارفة تجاه شيء أو شخص ما والغضب يتسبب لهم في أن يكونوا هدَّامين -نسيت نص البيت- لكن النقطة هي عندما يكون الموقف قويًا من حيث كونه ظرفًا أو شرطًا لنشوء المشاعر الهدامة، عندها، إذا لم نتمكن من التعامل معه، نتجنبه. هذا لا يحل المشكلة لكن على الأقل يعطينا مساحة لنعمل فيها على تلك المشكلة.

كما ترون، عندما يكون لدينا هذا النوع من المواقف ونأخذ وقتًا مستقطعًا ونتجنب ما يستثير سلوكياتنا القهرية ومشاعرنا السلبية، عندها نبدأ في تحليل ما يحدث. نتساءل: كيف نتعامل مع هذا، ونحاول الإجابة على هذا السؤال. لذا نحصل الآن على هذا الوقت المستقطع ونحاول أن نحلل ونرى ما الذي يحدث. وكما ذكرت بالأمس، تحليل الأسباب والشروط شيء مفيد للغاية. تذكروا، نحن نتحدث عن الحالة التي نجد فيها أنفسنا بموقف ما، نرى أنه لم ينشأ فقط من أسباب الكارما، ولكن أيضًا من العديد والعديد من الشروط.

لذا نحتاج أن نرى أن هناك العديد من الشروط التي ستتسبب في استثارة ميل الكارما للإفراط في الأكل، في شراء الكعك، وهذا النوع من السلوكيات. سيكون هناك العديد من الشروط المسببة لإثمار ذلك الميل للشعور بالرغبة في تناول الكعك. وبالطبع أحد تلك الشروط هو المثير الخارجي الخاص بوجد الكعك ذاته، وعرض أحدهم لقطعة الكعك علينا -هذا سيجعل الأمر أسوأ. وإذا حللنا سنرى أن هناك العديد والعديد من الشروط المشاركة في شعورنا بالرغبة في الأكل: هناك الضغط الاجتماعي -لنفترض أنه مع شخص يتناول الكعك وتم تقديم قطعة له، سيكون هذا ضغطًا اجتماعيًا لتناول الكعك؛ قد تكون هذا بسبب اِتباعنا لحمية غذائية- أو كوننا جائعين؛ قد يكون هناك الوضع الاقتصادي حيث يكون الكعك فيه متوفر كما كان في أوقات الاتحاد السوفيتي. يمكن أن يكون هناك العديد والعديد من الشروط المشاركة غير فقط وجود ميل كارما الإفراط في تناول الطعام الذي لدي وقوة ميل كارما الرغبة الجارفة للمسرات الحسية.

تحليل الأمر بتلك الطريقة يساعدنا في التغلب على إحدى تلك العقبات، والتي كما كنت أقول، هذا الحس المتضخم بالـ"أنا" -أنه "يجب علي أن أكون متحكمًا في نفسي، ولكنني فاقد للتحكم". "أشعر بالذنب لذا يجب أن أهرب بعيدًا". تعرفون هذا النوع من المشاعر، حينها، نأخذ وقتًا مستقطعًا؛ ولكن خلال هذا الوقت المستقطع نشعر بالسوء تجاه أنفسنا. لذا، علينا أن نعمل على هذا. هذا الوقت المستقطع ليس عقابًا؛ يمكن أن نراه كعقاب -هذه ستكون طريقة غير صحيحة تمامًا للنظر إلى الأمر. "أنا لست جيدًا كفاية لأكون قادرًا على أن أكون بهذا المكان وأتحمل وجودي بقرب تلك المخابز لذا يجب أن أهرب بعيدًا". هناك شعورًا شديدًا بتدني الثقة في الذات في تلك الطريقة.

 لذا علينا أن نعمل قليلًا على تفكيك هذا الشعور المتضخم بالـ"أنا"؛ أننا لسنا جيدين كفاية، ليس لدينا تحكم بأنفسنا. نحن نعمل على هذا ونرى القدرة على التحكم بالنفس والشعور بالرغبة في تناول الطعام وما شابه -كل هذا قائم على العديد من الأسباب والشروط. ولأنه قائم على أسباب وشروط، فهذا لا يعفينا بالكامل من كل المسئولية، لكنه يسمح لنا أن نرى تلك المسئولية من منظور أوسع.

أعتقد أن مثالًا أوضح، يسهل فهمه، هو لنفترض أننا في علاقة غير صحية مع شخص ما؛ دائمًا ما نتجادل مع شريكنا وكلانا يُسيء إلى الآخر لفظيًا وجسديًا. ولسنا قادرين على التعامل مع هذا. لذا أفضل استراتيجية هي أن نفترق، أن نترك هذا الشخص. هذه هي نفس استراتيجية التعامل مع المخبز. علينا أن نكسر المتلازمة برحيلنا؛ لكن سيتبقى لدينا شعور "كان هذا خطئي" أو "كان هذا خطئك بالكامل" وتمسكنا بهذا، عندها فلن نتعافى بسهولة وفي الأغلب سندخل بنفس النمط في العلاقة التالية.

إذا لم يكن الكعك متوافر أمامنا الآن، فنحن لا نتناوله بشكل قهري، ولكننا نتناول شيئًا آخر بشكل قهري. نحن لم نتعامل مع المشكلة. لذا، عندما نبتعد بأنفسنا بعيدًا عن العلاقة غير الصحية، فسيكون علينا مرة أخرى أن نُحلل الموقف برؤية "أنا أتصرف بتلك الطريقة بسبب طيف شاسع من الأسباب والشروط. الشخص الآخر يتصرف بتلك الطريقة بسبب طيف شاسع من الأسباب والشروط وكامل الموقف يحدث في بيئة، في مجتمع، ووقت وظرف اقتصادي والذين نشئوا جميعًا من ملايين الأسباب والشروط". نقوم بالتفكيك؛ ليس خطأ شخص بعينه، على الرغم من أننا مسئولون عن طريقة تصرفنا. لذا، الحس الصحي بالـ"أنا"؛ وليس الحس المتضخم بأن "كل هذا خطئي أنا" أو "كل هذا خطئك أنت".

لربما عبر الخروج من العلاقة غير الصحية نحن في الحقيقة لم نقم بحل المشكلة مع هذا الشخص ثم بعدما نبتعد لربما ننخرط في علاقة تالية، والتي ستتبع ذات النمط، وبهذه الطريقة لن نحل الموقف.

لهذا السبب قلت أنه عندما نأخذ هذا الوقت المستقطع، عندما نبتعد بأنفسنا عن الموقف، نستخدم هذا الوقت في التحليل ومحاولة فهم حقيقة ما يحدث؛ وحقيقة ما يحدث هو إنه ينشأ اعتمادًا على عدد هائل من الأسباب والشروط، وليس فقط بسبب "أنت شخص بشع" أو "أنا لست جيدًا" أو "لقد كنت دائمًا على حق" -أيًا كان نوع التضخم الذي لدينا عن أنفسنا أو عن الشخص الآخر. لذا، ليس علينا فقط أن نهرب بعيدًا ثم نهرع لعلاقة أخرى. علينا أن نستغل تلك المساحة لنحلل، لنحاول أن نفهم. نعمل على أنفسنا.

الآن، بعد العمل على أنفسنا سيكون علينا أن نقرر ما إذا كنا نرغب في العودة مرة أخرى لتلك العلاقة أم لا. هناك علاقات يمكننا تركها وليس هناك أي قيود عليها؛ لكن هناك علاقات أخرى مثل آبائنا أو أبنائنا والتي لا يمكننا أن نرحل ونتركها للأبد. أعني إنه يمكننا هذا، ولكنه لن يكون بالشيء اللطيف. لذا، هذا يعتمد على نوع العلاقة. لكن إذا احتجنا أن نرجع وننخرط مرة أخرى مع هذا الشخص، فقط عملنا على أنفسنا لا يعني أنهم أيضًا قاموا ببذل جهد مماثل. لذا يجب أن نتعامل مع هذا.

أو أفكر في مثال صديق لي كان يعمل في مكتب، وكانت بيئة العمل مليئة بالفوضى والضغوط بها كانت بشعة ووصل إلى نقطة أنه لم يعد يستطيع تحمل هذا الوضع. كان متضايقًا بشدة -نوبات هلع وكل هذه الأشياء. لذا، ترك عمله. حسنًا، لقد أخذ وقتًا مستقطعًا ويمكنه العمل على نفسه؛ لكن إذا كان سيعود مرة أخرى للعمل فليس عليه أن يعود لذات الوظيفة. ليس هناك ما يُلزمه بهذا. لكن ليس عليه أن يتوقع أنه بذهابه لمكتب آخر ووظيفة أخرى أن كل شيء سيكون رائعًا. ليس بالضرورة؛ سيكون هناك ضغوطًا مختلفة. لذا يحتاج الشخص لأن يكون واقعيًا في سياق، كما قال شانتيديفا، عندما نتعامل مع الآخرين، فهم جميعًا كالأطفال، جميعهم كالرضع، يجب أن نكون قادرين على التعامل معهم بصبر عظيم.

لذا نعمل على تنمية الخصال الضرورية للصبر والتحمل، تفهم الآخرين، إلخ. لأن العالم ملئ بالرُضَّع. هذا سبب لتنمية الشفقة. لكن ننمي الشفقة يجب أن يكون لدينا قدرًا كبيرًا من الحس الصحي بالـ"أنا": أن "لدي من الثقة والقوة ما يجعلني قادرًا على تقديم المساعدة الفعلية للآخرين في تعاملهم مع معاناتهم". ولكنها يجب أن تكون قائمة على أساس من الحس الصحي بالـ"أنا"، وليس تضخم "أنا سأنقذ العالم" وهذا النوع من التعقيد.

نشوء الميول والعوامل الذهنية

ما هو مصدر الأفكار؟ لأنه على سبيل المثال في القصة الشهيرة للمخبز، مرة أخرى، يمكن أن تتولد فكرة "يمكنني أن أشتري الكعكة لأشبع رغبتي". وفكرة أخرى يمكن أن تكون "يمكنني أن أشتري تلك الكعكة لإسعاد شخص آخر". وفكرة ثالثة عديمة الصلة قد تكون "السماء زرقاء". وهكذا، فمن أين تأتي تلك الأفكار وأي نوع من عمليات التفكير هو الذي يولدها؟ كيف يمكن تحديد هذا؟

نصل الآن لتحليل أكثر عمقًا للسببية. نتحدث في البوذية عما أحب أن أترجمه إلى "الميول". الترجمة الحرفية ستكون "البذور"، لكن لا يجب أن نفكر في هذا المصطلح كأنه بذورًا مادية نزرعها في أذهاننا؛ أعني أن الصياغة الأصلية هي مثال مُبسط للفلاحين ليتمكنوا من فهم المصطلح. لذا فقد قمنا لحيوات لا بداية لها ببناء أنواع مختلفة من الميول. إذًا هناك ميول كارما من السلوك، ويتكررون على هيئة الشعور بالرغبة في تكرار ذات نوعية السلوك، حرفيًا الرغبة في تكراره. هم يثمرون أيضًا على هيئة مشاعر السعادة والتعاسة؛ ويثمرون على الهيئة التي نختبر بها تصرفات الآخرين تجاهنا.

إذا كنا سنشتري الكعكة، ستأتي أولًا فكرة شراء الكعك، ثم الرغبة الفعلية في الذهاب إلى المتجر وشراءها. أعني أن هناك تعاقب وستأتي الفكرة أولًا -الباعث الذهني لقهرية فكرة التفكير في الذهاب للمتجر وشراء الكعك. لكن كل العوامل الذهنية المختلفة ستبدأ في العمل تدريجيًا على أساس من نظام الميول هذا. العامل الذهني للكرم أو الجشع -الرغبة الجارفة. كل تلك العوامل الذهنية لن تُثمر باستمرار وبدون توقف؛ فقط تُثمر أحيانًا.

لذا، كل هذا -الميل لنشوء العامل الذهني الخاص بالكرم؛ الميل لنشوء العامل الذهني للجشع؛ العامل الذهني لمجرد الشرود الذهني في أشياء تافهة الذي ينشأ عن الثرثرة في التفاهات وما شابه- كل منهم سيكون له درجة قوة مختلفة بناء على كم قمنا عادة بالتصرف على أساسه ولأي درجة كنا نتبع هذا العامل الذهني إلخ. هناك ثلاثة عشر متغير مختلف يؤثر على قوته.

هناك عوامل وشروط مشتركة في التسبب بإثمار هذا الميل تحديدًا في تلك اللحظة. يجب أن تكون هناك شروطًا موائمة لهذا. لذا الشروط يمكن أن تكون شيئًا غير شخصي بالكامل مثل حالة الطقس: تمطر فأرغب في أن أخرج لأستمتع بالمطر وأقرب شيء لي كان هذا المخبز، فاذهب للمخبز. هذه إحدى الشروط، ثم نرى الكعك ونرغب حقًا في الحصول عليه؛ وإلا فستسير فقط بجوار المخبز.

كنت أضحك الآن لأني أفكر في قصة شخصية. لديّ صلة كارما قوية للغاية بالطعام التبتي، واحبه -خاصة المومو، زَلَابِيَة اللحوم. وقد انتقلت إلى شقة صديق لي ببرلين التي لم أراها حتى قبل الانتقال إليها. كان هناك فرصة المشاركة في تلك الشقة مع صديقي بشكل مؤقت وكان هذا ما قررت القيام به، بغض النظر عن رؤيتي لها من عدمها. وهل تعرفون ماذا كان الحي الذي انتقلت إليه؟ حي به أربع مطاعم لتقديم الأكلات التبتية، المومو التبتي، على مسافة قريبة من تلك الشقة. كيف حدث هذا؟ ليس واحد، أربعة محال! هذا في منتهى الغرابة. لذا، إذا لم يكن هذا مثالًا على إثمار نوع من الكارما لاختبر استمراري في الحصول على هذا الطعام التبتي… أعني كان حتى هناك مطعمًا لتقديم الشاي التبتي! كم هذا غريب.

لذا، النقطة هنا هي إنه سواء ذهبت إلى المخبز، سواء كان الكرم هو ما تولَّد وفكرت في شراء الكعك لأقدمها إلى شخص آخر، أو تولد فقط شرودًا ذهنيًا -كل شيء يعتمد على قوة كل من تلك الميول لهذا النوع من العوامل الذهنية أو عمليات التفكير بالإضافة لأي من الظروف التي ستساهم من الخارج. أي كان فهو سينشأ اعتماديًا على تجمع كل تلك الأشياء، وأي منها قوي وأي منها ضعيف.

الحدس

أحيانًا يتم الاختيار بناء على الحدس؛ لذا، ما هو الحدس من وجهة نظر البوذية؟

الحدس بالأساس هو التصرف وفقًا لما نشعر به، أليس كذلك؟ ينشأ الحدس، ومعه عادة يكون هناك قدرًا من الثقة التي تعتمد على كم نثق بالحدس. هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن يكون لدينا حدسًا بشأنها؛ هذا لا يسهُل تحليله. يمكن أن يكون لدينا حدسًا حول كيفية تصليح شيئ ما. هناك شيء خطأ في جهاز الحاسب الآلي، وأعرف بالحدس أي زر أنا بحاجة لأن أضغط عليه. لكن هذا منبعه بالأساس الخبرات السابقة مع الأنواع الأخرى من الآلات وطريقة عملها، أليس كذلك؟ قد لا نعرف بشكل محدد كيف نتعامل مع تلك المشكلة في جهاز الحاسب الآلي، لكننا نتوصَّل بالحدس بناء على معرفتنا وخبرتنا التي اكتسبناها من الأشياء الأخرى المشابهة.

هناك العديد من الأفعال التي ننخرط بها بعد تدبر طويل -سنجد هذا في عرض الكارما- وأفعالًا أخرى لا نقوم قبلها بمثل هذا التدبر. الأفعال "بدون تدبر مُسبق" ستكون "لم أفكر بالأمر: ما إذا عليَّ أن أفعله؟ هل أفعله بتلك الطريقة أم بتلك الطريقة؟" نحن فقط نقوم بها، لذا نقول حينها أن هذا تم وفقًا إلى الحدس. لم نمعن في التدبر أو التفكير بهذا الشأن وأعملنا بها أذهاننا قبل التنفيذ. لكن من الواضح أن هذا تم بناء على خبراتنا السابقة.

لكن عندما يكون لدينا حدسًا بشأن أن السماء ستمطر -حدسًا بشأن المستقبل، حدث مستقبلي- فهذا تحليله أصعب قليلًا. تعرفون، "كان لدي حدس أنك ستتصل بي"، ثم أتصلت بي -أو شيئًا مشابه. لا أعرف ما إذا اختبرتم شيئًا كهذا. أنا اختبرته، كنت افكر في شخص ما ثم أتصل بي. لذا، من الواضح أننا لا نضخم من شأن أنفسنا لنكن مثل أبطال حرب النجوم -"استخدم القوة يا لوك؛ الآن ستتصل بي!" أعني إننا لا نقوم بشيء كهذا- أننا باستخدام الطاقة نجعل الآخرين يتصلون بنا.

لكني لا أعرف؛ لا أعرف مصدر هذا الحدس لأنه أحيانًا يمكن الاعتماد عليه، أحيانًا لا يمكن الاعتماد عليه. هل هو قائم على نوع من الاستدلال؟ هل هو قائم على نوع من الرابط التخاطري؟ لا أعرف؛ لكنني بالتأكيد لا أعتقد أنني أتسبب في جعل الشخص الآخر يتصل بي -ليس لدينا هذا المستوى من التأثير- إذا كان لدينا تركيزًا ساميًا متميزًا والقوى التي تأتي معه سيكون بإمكاننا التأثير على الآخرين؛ لكن لسنا بهذا المستوى الآن.

أحيانًا عندما نتواصل بالحدس مع شخص آخر، يحدث أن تتصلا ببعضكم في نفس الوقت بدون اتفاق مُسبق. يبدو أن بعض الأشخاص يدخلون في حالة من التزامن والتي يمكن أن تحدث بشكل طبيعي.

 حسنًا، ما هذا؟ تعرفون، عندما يُدرب قردان على القيام بذات الأشياء في نفس الوقت. هو نوع من التدريب، صحيح؟ إذا كانت لديكم عادة التواصل كثيرًا والحديث وما شابه، الاحتمال الأكبر أنكم في نقطة ما ستتصلون ببعضكم في نفس اللحظة. إحصائيًا هذا شيء قابل للحدوث. أن نُؤول الأمر برؤية مدارس الروحانيات الجديدة "نحن على نفس موجة الذبذبات" وهذا النوع من التفكير فهذا يحمل قدرًا من التضخيم. نحن معتادون على بعضنا البعض لدرجة إنه من المحتمل أننا سنشعر في الرغبة في التواصل في نفس الوقت. هذا ليس بشيء غير عادي.

أنا معجب جدًا بأحد مُعلميني الذي دائمًا ما يؤكد على أنه "ليس هناك شيئًا ذو أهمية خاصة". نتصل ببعضنا البعض في ذات الوقت -ليس هذا بشيء ذو أهمية خاصة. لا أصنع جلبة حول هذا؛ "يالا السحر! قدرنا واحد" -وكل هذه الأشياء.

يبدو هذا طبيعي…

صحيح، يبدو هذا طبيعي، وليس ذو أهمية خاصة. لذا، فقط دعوا الأمور تحدث. المشكلة بالطبع هي عندما نتوقع هذا؛ وإذا توقعنا أن يحدث هذا دائمًا ثم لا يحدث، عندها تكون هناك مشكلة. لذا، أن نفكر في أنه "لا شيء ذو أهمية خاصة" غاية في

Top