إعادة الميلاد البشري الثمين
من المهم للغاية تقدير حقيقة أنه لدينا جسد بشري ثمين كأساس للعمل، وأنه يستمتع بكل الراحات المختلفة من المواقف الصعبة التي ليس فيها فرصة للتدرب، وأن فيه أيضًا العوامل المُثرية للفرص المختلفة لتحسين أنفسنا. إنه على أساس من هذا يمكننا التدرب على الأخلاق ونتصرف دائمًا بشكل بنَّاء، لأنه إذا أُعيد ميلادنا كحيوانات، على سبيل المثال، لما أمكننا اتباع أي نوع من أنواع السلوك الأخلاقي. هذا الجسد البشري الذي لدينا ليس شيئًا يمكننا الذهاب إلى المحل لشرائه. ليس شيء يمكننا حيازته عبر الذهاب إلى العمل كل يوم، ادخار المال من راتبنا ثم شراؤه من مكان ما. إنه شيء يصعب للغاية الحصول عليه.
إعادة الميلاد كإنسان من أجل حيازة الجسد البشري الثمين يتطلب سبب، والسبب في هذا هو المحافظة على الالتزام الذاتي الأخلاقي. حقيقة أنه لدينا الجسد البشري الآن هي مؤشر على أننا في الماضي تصرفنا بطريقة أخلاقية تمامًا. لهذا، بملاقتنا الآن لكل هذه الإجراءات الوقائية للدارما، في هذه الحياة، من المهم للغاية المحافظة على سلوك أخلاقي نقي. بالإضافة إلى هذا، من الضروري الاستمرار في التدرب على أشياء مثل الكرم، الصبر، المثابرة المتحمسة المفعمة بالحيوية لما هو إيجابي، الثبات الذهني أو التركيز والوعي التمييزي. هذه الأشياء ضرورية أيضًا.
إذا نظرنا إلى أنفسنا، سنجد أنه، بدلًا من أن نكون كرماء ومعطائين، نحن على العكس من هذا، نحن بدلًا من هذا بخلاء؛ بدلًا من أن نكون صبورين ومتحملين للغاية، نحن عرضة للغضب ولدينا القليل من التحمل. إذا تصرفنا بهذه الطريقة، سيكون من الصعب للغاية الاستمرار في الحصول على إعادات الميلاد البشرية الثمينة في المستقبل.
بالإضافة إلى هذه العوامل، كسبب إضافي، نحتاج لأن نكرر بإخلاص ترديدات بناء الإلهام من أجل الحصول على إعادات الميلاد البشري الثمين. لكن إذا نظرنا إلى أنفسنا، نادرًا جدًا ما نكرر ترديدات بناء الإلهام، وحتى إذا قمنا بذلك، نبني الإلهام لأشياء في هذه الحياة فقط: أن تكون صحتنا جيدة، ألا نمرض، أن نعيش طويلًا وما شابه. مرة أخرى، يوضح هذا كم سيكون من الصعب الحصول على إعادة ميلاد بشري ثمين آخر في المستقبل.
من النادر جدًا أن نجد شخصًا لديه توجهًا روحانيًا حقيقيًا، بكل ما يحمله التدرب الروحاني على الدارما من معنى: شخص مهتم بنفع حيواته المستقبلية. إذا نظرنا إلى المناطق التي حولنا، كم من البشر مهتمون حتى بهذه المسائل؟ إذا قمنا بحصرهم، فقط أربعة عشر أو خمسة عشر شخصًا جاؤوا لهذه التعاليم من بين كل الناس الذين يعيشون هنا.
لهذا، ننظر لما حققناه بالفعل ونُدرك أنه لدينا الآن إعادة الميلاد البشري الثمين. هذا نتيجة قدر هائل من العمل والجهد وضعناه أثناء حيواتنا الماضية. ما لم نقم بشيء بشأن هذا الأمر، سيكون من الصعب للغاية تحقيق هذا مرة أخرى في الحيوات المستقبلية. إذا عملنا جاهدين جدًا، سنُعِد كل الأسباب للاستمرار في إعادة الميلاد بهذا الجسد البشري الثمين المُعزز بكل الإمكانات. إذا لم نقم بشيء بشأن هذا، عندها سيكون في غاية الصعوبة علينا أن يعاد ميلادنا بمثل هذه الفرصة الجيدة مرة أخرى في المستقبل.
علاوة على هذا، يمكننا تحقيق أكثر بكثير مع الجسد البشري الثمين الذي لدينا، لأنه في الحقيقة، يمكننا أن نصبح واضحي الذهن بالكامل، يمكن أن نصبح متطورين كليًا ونصل لأكمل إمكاناتنا عبر أن نصبح بوذات مستنيرة. إذا سألنا "حسنًا، كيف يمكننا حقًا أن نقوم بهذا؟" عندها لدينا مثال ميلاريبا الذي أصبح مستنيرًا في ذات نفس الحياة.
أما عن أساس العمل، الجسد البشري، الذي كان لدى ميلاريبا ولدينا أيضًا، ليس هناك فرق بينها. هذه الأجساد متماثلة بالضبط: كلها أجساد بشرية. لكن ميلاريبا كان شخصًا وضع تركيزه الرئيسي على الحيوات المستقبلية بدلًا من وضعه على أشياء من هذه الحياة؛ والذي، بين الاعتناء بالذات والاعتناء بالآخرين، وضع تركيزه الأساسي على العمل لأجل الآخرين؛ وبين الأنشطة الدنيوية والروحانية، وضع تركيزه الأساسي على المسائل الروحانية. عبر وضع أولوياته بهذه الأشياء، كان قادرًا على تحقيق الاستنارة في ذات نفس الحياة.
ذهب إلى معلمه، المترجم ماربا، وبدأ تدربه ودراسته عندما كان بالفعل وصل لسن الأربعين وبدأ تدربه واستمر من هذه النقطة. إذا فكرنا في مثاله، عندها لدينا جميعًا القدرة على العمل بجد شديد، ليس هناك عذر. يمكننا جميعًا تحقيق ذات تحققات ميلاريبا وأن نصبح جميعًا مستنيرين بنفس هذه الحياة. كل هذا يمكن تحقيقه على أساس من حيازتنا للجسد البشري الثمين.
نحتاج للتفكير بشأن تلك الأشياء التي تحدثنا عنها في سياق الهجر، الامتناع عن ارتكاب أي من الأفعال العشرة الهدَّامة وأن نحاول دائمًا التصرف بشكل بنَّاء، القيام بالأفعال العشرة البنَّاءة، المحافظة على هذا الالتزام الأخلاقي الصارم والاستفادة الكاملة من إعادة الميلاد البشري الثمين. عبر بناء الخطوات أو المراحل سنكون قادرين حقًا على تحقيق الاستنارة بناءً على هذا الأساس.
الحضور الذهني بحتمية الموت
إذا كان أساس العمل المتميز، جسدنا البشري، سيدوم لفترة طويلة جدًا، لَجلسنا مسترخين؛ لكن حيث أن هذا ليس هو الوضع، من الضروري العمل بجد للاستفادة منه. علاوة على هذا، إذا كان هذا الجسد ليس شيئًا خاضعًا للموت، عندها لما كان هناك حاجة لاتخاذ الإجراءات الوقائية للمستقبل في سياق التدرب على الدارما، أو حتى إذا تم اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية فيمكن القيام بهذا وقتما تشاؤون. ومع ذلك، كنا ناقشنا سابقًا، حتى بوذا نفسه أظهر وفاته. إذا نظرنا لكل المعلمي الماضي العِظام، كل البانديات المتعلمين، الماهاسيدات، كل علامات الهند ذوو الإدراك السامي، ونظرنا لكل علامات التبت ذوو الإدراك السامي، من كل التقاليد المختلفة، الكاغيو، النييغما، الغيلوك والساكيا، كان هناك معلمون بعدد النجوم في السماء. مع ذلك لم نسمع أن أي معلم منهم لم توافِه المنية، لم يمت. حتى في سياق الكائنات العادية، هناك الآلاف من الشخصيات التاريخية العظيمة، الملوك وما شابه، لكن لا يوجد أحد منهم لم يمت. ما أن تولدوا، لا يتبقى شيء سوى الموت. لم يُسمع أبدًا عن شخص وُلد ولم يمت.
هناك أشياء تحتاجوا لأن تضعوها باعتباركم وتفكروا بها. عندما ترغبون في التأمل على شيء، هناك أشياء يجب عليكم التأمل عليها. يجب أن تبنوا العادات النافعة للذهن عبر التفكير مرارًا وتكرارًا بأنه لا شيء يبقى ثابتًا؛ كل شيء متغير، خاصة حياتنا.
بخصوص هذا الأمر، ما هو الغرض من التأمل وبناء عادة الحضور الذهني المستمر بحتمية التغيير؟ الغرض من هذا هو، إذا فكرتم في كل الإمكانات السلبية التي قمتم ببنائها وطبقتم القِوى المضادة المختلفة لتنقية أنفسكم من العواقب الكارثية التي ستنتج عن تلك الإمكانات، حينها عندما يأتي وقت موتكم الفعلي، لن يكون لديكم خوف. عندما يأتي وقتكم وهو فعلًا وقت موتكم، لن يشكل أي فارق كم عدد المستشفيات الجيدة الموجودة، لن يكون لها نفع. سواءً كنتم في الهند ورغبتم في العودة إلى الغرب لتلقي العلاج، أو ذهبتم إلى المستشفيات الغربية هناك، أو ذهبتم إلى الطبيب التبتي، كل هذا لن يشكل أي فارق، لأنه عندما ينتهي الوقت، فقط انتهى، وليس هناك مستشفى ستكون ذات فائدة. لن يشكل فارقًا عدد الأصدقاء والأقارب الذين لديكم، حتى إذا كنت مَلِك ولديك عدد هائل من الرعية والأشخاص تحت سلطانك. كمَلك أو حاكم، قد يكون تحت يدك جيشًا كاملًا، لكن لن يشكل هذا أي فارق. عندما يأتي وقت الموت، لن تكون قادرًا على أخذ أي شخص معك.
لذا إذا كان الاستنتاج الذي ستتوصلون إليه عندما تفكرون في كل هذا هو: "الآن يجب حقًا أن اتخذ بعض الإجراءات الوقائية وأتدرب على الدارما؛ غيرها، لن تكون هناك أداة أو طريقة للتعامل مع موقف موتي القادم"، فهذا سيكون جيدًا، وستكونون قد حققتم بعض التقدم. لكن إذا فكرتم في وضع اتخاذ الإجراءات الوقائية لأجل موتكم جانبًا حتى يوم الغد، الأسبوع القادم، العام القادم، أو شيئًا كهذا، لا يمكنكم تأجيل هذا لأنه ليس هناك يقين بشأن الوقت المحدد الذي ستموتون فيه.
ليس هناك يقين بشأن متى سيأتي الموت. يمكن بسهولة شديدة أن تموتوا في حادث سيارة في ريعان شبابكم. الموت يأتي بشكل غير متوقع في أي وقت. على سبيل المثال، هناك أشخاص كانوا أحياءً بالأمس ماتوا اليوم؛ هناك أشخاص كانوا أحياءً هذا الصباح سيموتون هذا المساء. هذا سهل جدًا وليس هناك طريقة يمكن أن نعرف بها بالضبط متى سيأتي الموت.
إذا فكرتم في أنكم لا زلتم تتمتعون بالشباب وفي أزهى مراحل حياتكم وليس من الضروري أن تتخذوا الإجراءات الوقائية لأجل المستقبل، أنه من الممكن تركها لوقت لاحق، فأنتم ترتكبون خطأ كبيرًا. أنتم ليس من الممكن فقط أن تموتوا وأنتم صغار السن، بل يمكن على سبيل المثال أن تُجَنون وتجدون أنفسكم في مصحة نفسية لبقية حياتكم، أو قد تُصابون بمرض بشع وتجدون أنفسكم في المستشفى، وفي هذه المواقف لن تكونوا قادرين على التعامل معه على الإطلاق. لذا عندما تفكرون في اتخاذ الإجراءات الوقائية للدارما، من الضروري أن تقوموا بها فورًا، بدءً من الآن.
إذا كانت أجسادنا بقوة الماس أو صلبة كالصخر، لكان هذا شيء آخر. لكن إذا فكرنا في هذا الأمر، أجسادنا مصنوعة من اللحم والعظام والدم؛ داخل أجسادنا أشبه بالساعة بالغة الدقة، شيء أقل ارتجاج يكسره. لذا فكروا في كيف أن كل أعضائكم الداخلية، قلبكم، رئتكم، كبدكم، كل الأوردة والشرايين المختلفة بجسدكم، النظام العصبي وما شابه، مثل ساعة في غاية الدقة والحساسية والتي يمكن بسهولة شديدة أن تنكسر.
علاوة على هذا، أنتم بحاجة لأن تفكروا كم هناك من ظروف يمكنها أن تتسبب في موتكم، بينما الشروط التي تتسبب في البقاء على قيد الحياة نادرة للغاية وقليلة. إذا مرضتم وذهبتهم إلى المستشفى، لربما قد يبقيكم الدواء أحياءً، لكن عملية شفاءكم من بعض الأمراض الخطيرة قد تكون طويلة وصعبة جدًا. بينما إذا فكرتم فيما قد يتسبب في وفاتكم، حتى الطعام، والذي قد تفكرون فيه أنه شيء من الطبيعي أن يُبقيكم أحياء -مجرد تناول كمية صغيرة من الشيء الخاطئ يمكن أن يقتلكم. مزارع البطاطس أعرفه في الهند وضع بعض الزيت في المقلاة وكان يقلي بعض قطع الخبز لغدائه، وعندما وضع الخبز على النار، وقف في الخارج وسقط ميتًا.
لذا فكروا في الأشياء بهذه الطريقة، كيف يمكن أن تسقطوا موتى في أي لحظة أثناء قيامكم بأي شيء، أنتم بحاجة لأن تتخذوا قرارًا حاسمًا أنه الآن، بدءً من هذه اللحظة، ستبدؤون في اتخاذ الإجراءات الوقائية للدارما، أنكم ستبدؤون في التدرب. ما يشار إليه بالتدرب هنا هو، من الآن فصاعدًا سأكون شخصًا أخلاقيًا للغاية. سأتوقف عن التصرف شكل هدَّام. سأحاول أن أكون بنَّاءً وإيجابيًا في كل شيء أقوم به، أقوله وأفكر به، وأحاول أن يكون لدي قلب طيب دافئ. التدرب واتخاذ الإجراءات الوقائية لا يعني أن نجلس في وضع مَهيب ونتظاهر بالتأمل، لكن بدلًا من هذا تغيير نوعية الشخص الذي أنتم عليه وأن تكون لديكم أفكارًا طيبة وقلوبًا دافئة.
على سبيل المثال، نحن جميعًا خائفون من مخاطر حرب هائلة قادمة، لكن عندما نفكر في الأمر، ليس هناك طريقة لنتأكد منها ما إذا كانت الحرب العالمية ستحدث أم لا. موتكم، مع ذلك، ليس مماثلًا لها. هو شيء سيأتي حتمًا؛ هذه ليست مسألة للتساؤل والتخمين ما إذا كان العالم سينتهي بالحرب العالمية القادمة أم لا. لا يمكن الهرب من الموت بالرشوة. ستموتون مهمًا حدث، وبالتالي الأمر ببساطة يدور حول اتخاذ الإجراءات الوقائية حتى يمكنكم الموت بشكل ملائم دون أن تجدوا أنفسكم في فوضى مرعبة. لهذا، اتخذوا قرارًا حاسمًا بأنه، من الآن فصاعدًا، لن تضيعوا أي وقت؛ وستبدؤون في اتخاذ الإجراءات الوقائية والتدرب على الدارما في التو واللحظة.
عندما يأتي الموت سيكون عليكم ترك جسدكم. سيكون عليكم ترك كل الممتلكات المادية، المال والثراء الذي لديكم. سيكون عليكم ترك كل أصدقائكم وأقاربكم. حتى إذا كان لديكم مئات الآلاف من الدولارات، لا توجد طريقة يمكنكم بها أخذ أصغر ورقة منها معكم. الشيء الوحيد الذي ستكونون قادرين على أخذه معكم، هو إمكانياتكم الإيجابية التي قمتم ببنائها من التصرف بشكل بنَّاء والإمكانيات السلبية التي قمتم ببنائها من التصرف بشكل هدَّام. تلك هي الأشياء الوحيدة التي ستأتي معكم، الإمكانات التي قمتم ببنائها. حيث أن الدارما، اتخاذ تلك الإجراءات الوقائية، هو الطريقة التي يمكنكم من خلالها بناء الإمكانات الإيجابية، فعليكم اتخاذ قرارًا حاسمًا بأن هذا ما ستكرسون له كل وقتكم وطاقتكم: التدرب الروحاني لبناء الإمكانات الإيجابية، وأنكم لن تضيعوا وقتكم في مجرد المساعي الدنيوية الحياتية.
على الرغم من أنكم قد تقررون تكريس كامل حياتكم للسعي الروحاني، قد يكون البعض منكم لديه قدرًا هائلاً من الثراء الذي حصلتم عليه نتيجة بناء إمكانات إيجابية في الحيوات السابقة. إذا كنت شخصًا ثريًا للغاية، قد تعتقد أنه من أجل أن تتبع السعي الروحاني، يجب عليك أن ترمي كل أموالك وممتلكاتك في النهر، لكن لا داعي لهذا. هذا غير ملائم على الإطلاق. ما عليك القيام به بأي مال قد يكون معك نتيجة للإمكانات الإيجابية التي قمت ببنائها في الحيوات الماضية، هو ألا تضيعه، لكن أن تستخدمه بشكل ملائم. استخدمه لمساعدة الفقراء والمحتاجين، أو استخدمه لتقديم الهِبات للجواهر الثلاث، وخاصة، لا تصبح بخيلًا به. استفد بحكمة وملاءمة، من الثراء والممتلكات التي لديك من أجل التقدم أكثر في سعيك الروحاني.
إذا فكرتم في الممتلكات والثراء المادي الذي قد تحظون به، على المستوى النهائي هي ليست أشياء يمكنها مساعدتكم في النهاية؛ على العكس، هي أشياء يمكنها التسبب في قدر هائل من المشاكل والأذى. على سبيل المثال، ما أن تحظوا بقدر كبير من المال والممتلكات، كل ما ستحصلون عليه منها هو كم هائل من القلق بشأنها والمشاكل القائمة على الثراء الذي قمتم بجمعه. فكروا في مثال شكياموني بوذا. وُلد أميرًا، لكنه هجر وتخلى عن حياته الملكية وكرس نفسه بالكامل للسعي الروحاني.
على الرغم من أن ميلاريبا كانت لديه كل الإدراكات الضرورية ليكون قادرًا على القيام بكل أنواع القدرات الاستثنائية، إلا أنه لم يستخدمها لجمع المال. قضى كل وقته في تدرب مكثف بالمعتزلات في الكهوف. كما ترون من صُوره، جسده تحول لونه إلى أخضر مزرق لأنه كان يقتات على حساء مصنوع من نبات القراص. ولم يكن لديه أي ملح، لم يكن لديه أي لحم أو دهن أو أي شيء لذيذ آخر ليأكله، لكنه قام بتدرب مكثف عبر العيش بالكاد على حساء القراص. لهذا، التأمل على حتمية الموت والتغيير وتعلمهما هو شيء ليس عليكم تعلمه من الكتب؛ ليس عليكم الاعتماد على اكتساب الخبرة وفهم ذلك من النصوص. بدلاً من هذا، فقط أنظروا حولكم. عندما تسيرون وتعبرون، على سبيل المثال، في المقابر، فكروا في أنها مسألة وقت قبل أن ينتهي كلٌّ منا في المقبرة.
عند التفكير بتلك الطريقة قد ينتابكم شعورًا قويًا بخشية الموت. هذا شيء إيجابي للغاية لأنه سيدفعكم إلى أن تتخذوا فعليًا الإجراءات الوقائية والتدرب على الدارما. إذا نظرتم إلى صورة ميلاريبا، لديه جمجمة على هيئة وعاء، والتي يُبقيها في يده ويأكل منها طعامه. سبب هذا هو أن يظل دائمًا حاضر الذهن بحتمية الموت والتغيير. إذا أبقينا حقيقة حتمية الموت والتغيير حاضرة بأذهاننا، أنه يمكن أن نموت في أي وقت، حقيقة أنه لدينا في هذه اللحظة إعادة ميلاد بشري ثمين، لكن يمكن أن نفقده، فهذه أسس مهمة للغاية لأنها ستدفعنا للقيام فعليًا بشيء، أن نتدرب حقًا على الدارما.
مَن وما الذي يمكنه منحنا التوجه الآمن أو الملجأ؟
إذا لم يكن هناك خطر إعادات الميلاد السيئة ينتظرنا حتى إذا قضينا حياتنا دون أن نقوم ببناء أي إمكانات إيجابية فلن يكون هناك داعٍ للخوف أثناء الموت. لكن لأننا أثناء حيواتنا معظم الوقت كنا نبني الإمكانات السلبية نتيجة لكوننا هدَّامين وسلبيين للغاية، وما سينتظرنا عندما نموت هو إعادة الميلاد بإحدى الحالات الأسوأ الممكنة، العوالم الدنيا. في موقف كهذا، من الصعب للغاية إعادة اكتساب الجسد البشري الثمين كالذي لدينا الآن. إعادة الميلاد بالحالات الأسوأ ليس بشيء بعيد؛ هو شيء يمكن أن يحدث، قد نُخرج هذا الزفير ولا نأخذ شهيق أخر؛ وحينها، انتهى الأمر، أنت في العوالم الدنيا. هذا ليس شيئًا بعيدًا على الإطلاق؛ أنتم على الحافة.
على الرغم من أننا لا يمكننا رؤية أو تقدير أنواع المعاناة والرعب الذي تقاسيه كائنات الناركا والبريتا، نحن نرى أشكال المعاناة، المشاكل والصعوبات التي تمر بها الحيوانات. هذا واضح ومرئي جدًا لنا. نفكر في كم سيكون من السيئ لنا أن نختبر تلك المشاكل والصعوبات إذا ما ولدنا كحيوانات، ولذا ننظر لمََن وما يمكنه أن يوفر لنا التوجه الآمن أو الملجأ من أن نختبر تلك الأشياء. هناك عندها الجواهر الثلاث، وهم البوذات، الإجراءات الوقائية (الدارما التي علموها)، ومجتمع العزيمة الميحط بهم (السانغا)، ليس هناك شيء آخر يمكنه أن يوفر لنا توجهًا آمنًا وسالمًا مِن حدوث هذا.
فكروا في الشرافاكات، المستمعون للتعاليم، الذين خلَّصوا أنفسهم من مواقفهم الداخلية المزعجة أو الأوهام واكتسبوا قدرًا هائلًا من القِوى الاستثنائية، قِوى التجسد وخلافه. على الرغم من أن لديهم كل تلك القوى، لا يمكنهم، بشكل نهائي، أن يقودوننا خارج ورطتنا هذه. هناك حكاية تقول أن أم الشرافاكا العظيم، مادغاليايانا ذو الإدراك السامي، أُعيد ميلاده في أحد عوالم الناركا الواقع أسفل عالم بعيد للغاية. حيث أنه لا يزال كائن محدود بذهن محدد، ليس بوذا كامل الاستنارة، قِواه كانت محدودة. على الرغم من أن كان لديه بصيرة استثنائية، لم يمكنه رؤية ما يتجاوز هذا العالم البعيد للغاية حيث أعيد ميلاد أمه بعالم الناركا. مع ذلك، بوذا بقواه الاستثنائية غير المحدودة كان يمكنه رؤيتها بلا جهد.
مادغاليايانا، الذي لم يستطع رؤية أين أُعيد ميلاد أمه، سأل بوذا عنها وقال بوذا له: "أمك أُعيد ميلادها في عالم الناركا الواقع أسفل هذا العالم البعيد للغاية". كانت الأم بهذا العالم تعيش داخل منزل، موجود داخل منزل، والذي كان بدوره داخل منزل آخر، وكل تلك المنازل موصدة الأبواب والنوافذ ومصنوعة من حديد أحمر ملتهب. استخدم مادغاليايانا قواه ليذهب هناك ليرى هذا الموقع، لكنه لم يمكنه الاستدلال على طريقه أو تحرير أمه. عاد إلى بوذا وسأله عما يمكنه القيام به. أشار بوذا إلى عصاة الرهاب الخاصة به وقال، "إذا رجعت هناك وأخذت معك هذه العصاة ودققت بها على الأرض ثلاث مرات، ستكون قادرًا على التعامل مع الموقف". لذا عاد مادغاليايانا ومعه عصا بوذا ودق بها على الأرض ثلاث مرات والمنزل الذي كانت أمه عالقة فيه تهدّم. إذا بوذا هو شخص يمتلك قدرات هائلة لمعرفة طرق التعامل مع جميع المواقف رؤية كل الأشياء. لذا، فقط بوذا هو مَن يمكنه منحنا التوجه الآمن والسالم تمامًا في الحياة، فقط بوذا المستنير يمكنه أن يمنح الملجأ. بالمثل، نحن أنفسنا يمكن أن نصبح مستنيرين بالكامل ونصبح أيضًا مثل بوذا. البوذات المستقبليون يمكنهم أيضًا توفير التوجه الآمن والسالم لنذهب إليه.
من الضروري التفكير في حتمية الموت والتغيير وإمكانية إعادة الميلاد بكل تلك المواقف وتنمية شعورًا قويًا بالخشية من وقوع هذا. هذا شيء من المهم جدًا تنميته لأنه بشعور الخشية هذا، ستبحثون عن ملجأ أو توجه آمن لتتخذوه والذي سيحميكم من اختبار تلك الأشياء البشعة. ثم عندما تنظرون حولكم وتتحرون الأمر، ستكتشفون أنه فقط البوذات وفقط الإجراءات الوقائية للدارما التي علموها وسانغا مجتمع العزيمة هم من لديهم القدرة على أن يوفروا فعليًا التوجه الآمن لنا لنتخذه، يمكنهم أن يوفروا لنا الملجأ. لهذا، التفكير بكيف يحدث هذا، في الحقيقة، لديهم القدرة على القيام بهذا، تنمون شعورًا عميقًا بالثقة في قدرتنا على أن نستطيع التوجه إليهم وسيكونون قادرين فعليًا على توفير الملجأ الآمن والسالم لنا لنتخذه.
علاوة على هذا، عليكم أن تفكرا، ليس فقط في أن تتخذوا هذا التوجه الآمن لأنفسكم، ولكن لكل شخص بحاجة لتوجه آمن وسالم في حياته؛ الجميع بحاجة إلى ملجأ. بهذا المعنى، عندما يكون لديكم كل هذا كأسباب لكم، والتي هي أسباب الذهن الشاسع أو طريقة الماهايانا في اتخاذ التوجه الآمن في الحياة، ثم فعليًا توجهوا أذهانكم بالكامل إلى هذا الاتجاه الذي يُوفرونه ويشيرون إليه. هذا هو في الحقيقة ما يُعرف باتخاذ الملجأ، أو التوجه الآمن والسالم في الحياة.
خصال ومزايا بوذا
أما بخصوص الخصال والمزايا الجيدة لبوذا، الذهن الواضح كليًا والكائن المتطور بالكامل، فهي تشمل، فيما يخص جسده، الاثنين والثلاثين علامة مميزة والثمانين خاصية مثالية، مثل، لديه هذا الشيء البارز أعلى رأسه. لديه شعرة تنبت بين حاجبيه وهي ملتفة، وعندما تُشد، تمتد لمسافة لا نهائية. لديه عجلة مرسومة على كف يديه وراحة قدميه وعلامات أخرى مشابهة؛ لديه الكثير من الخصال الجسدية الاستثنائية.
فيما يخص الخصال الجيدة لحديث بوذا، فتشتمل على الستين ميزة للحديث المستنير. على سبيل المثال، لن يُشكل فارقًا ما إذا كنت تجلس قريبًا أو بعيدًا عن بوذا؛ عندما يتحدث يمكن للجميع سماعه بنفس مستوى الصوت، وعلاوة على هذا، الجميع يمكنهم فهم حديث بوذا بلغتهم: لدى بوذا القدرة على الحديث بكل اللغات.
في سياق الذهن المستنير لبوذا، يمتلك بوذا المعرفة الكلية التي تُمكِّنه من معرفة كل الظواهر أيًا كانت. لذا بوذا يمكنه رؤية كل شيء بوضوح كما بإمكاننا نحن رؤية الأشياء الصغيرة التي نمسكها براحة يدنا.
كل خصال الجسد، الحديث والذهن المستنير هذه نتيجة أسباب. بوذا نفسه، في مناسبات تاريخية مختلفة وصف الخمسمائة حياة غير النقية بالأجساد غير النقية، والخمسمائة حياة النقية بالأجساد النقية التي عاشها بالمسارات، حتى كيف تدرب وبنى كمًا هائلًا من الإمكانات الإيجابية أثناء تلك الحيوات. على سبيل المثال، تحدثنا هذا الصباح عن الوقت الذي كان بوذا فيه، في حياته السابقة، قرد ضخم استخدم جسده ليمنح جسرًا للحيوانات كي تعبر عليه النهر. بالمثل، هناك العديد من الأحداث التي أعطى فيها بوذا أجزاءً مختلفة من جسده في تدربه على كرم المنح. أعطى رأسه، نُحرت عنقه، وقدَّم عينيه، وما شابه، وكل هذا فعله من أجل مساعدة الكائنات المحدودة. كنتيجة لهذا، أصبح ذو ذهنٍٍٍ صافٍ تمامًا ونَمَا بالكامل ككائن مستنير.
تدرب بهذه الطريقة من أجل نفع الجميع، بدون تحيز. لم يكن يتدرب نتيجة لتعلقه بأصدقائه وأقاربه، ونتيجة للعداء والكراهية تجاه أعدائه، واللامبالاة للغرباء. عمل بكرم تام، مانحًا الجميع بشكل متساوٍ ومتبعًا كامل تدرب المنح والالتزام الأخلاقي. كنتيجة لهذا، هجر أو تخلص من كل النقائص، اكتسب كل الخصال الجيدة وأصبح كائنًا مستنيرًا بالكامل متغلبًا على كل الخوف الذي قد يكون لديه على نفسه. هذه هي نوعية الشخص الذي نحتاج أن نتجه إليه من أجل أن يوفر لنا التوجه الآمن والسالم لنتخذه في حياتنا. هو شخص يمكنه أن يوفر لنا الملجأ الآمن والسالم.
علاوة على هذا، بوذا ليس فقط حرًا من كل الخوف، لكن بالإضافة لهذا، أي شخص سنتجه إليه من أجل التوجه الآمن ويمكنه أن يوفر لنا هذا التوجه الآمن يجب أن تكون لديه كل الأدوات الضرورية لمساعدة الجميع على أن يصبحوا أحرارًا من مخاوفهم. في حيواته الماضية، ولد بوذا بهيئة كائن أشبه بالأسد يشع ضوء بهي من كل شعرة في جسده. في إحدى المرات، كان في غابة كثيفة ورأى شخصًا سقط من جرف وكان حقًا في موقف صعب لأنه كان في مكان وحيد ومعزول في الغابة الكثيفة، ولا أحد هناك حوله ليساعده وليست لديه طريقة ليتسلق صاعدًا. هذا الوحش البري في الغابة، الذي كان بوذا في حياة سابقة، كان لديه اهتمام مُحب عميق بهذا الشخص وقفز ليساعده وينقذه من المكان الذي كان محاصرًا فيه بِقاع الجرف. لكن هذا الأسد في البداية لم تكن لديه القوة ليحمل الرجل صاعدًا، لذا درَّب نفسه بحمل الصخور على ظهره. أولًا حمل حجرًا صغيرًا ثم حمل حجرًا أكبرًا وأكبرًا حتى كسب قوة وقدرة حمل رجل على ظهره، وبهذه الطريقة درَّب نفسه لينقذ هذا الرجل. بعد أن درب نفسه كان قادرًا أخيرًا على مساعدة الرجل وصعد به إلى الأعلى. لذا قفز الأسد للأسفل، وبشفقة واهتمام عظيمين تجاه هذا الشخص، صعد حاملًا إياه. ثم، بعد أن أنقذه، قال الأسد للرجل، "لا تخبر أي شخص عني، بأنني هنا في الغابة".
حدث أن كان هناك ملكًا بمملكة قريبة، حَلُم في إحدى الليالي أن هناك حيوان رائع في الغابة، وأمر كل صيادي المملكة أن يذهبوا لاصطياد هذا الوحش. لكن الصيادين لم يتمكنوا من القبض عليه. عندها نشر الملك منشورًا رسميًا في كل أنحاء المملكة أنه إذا تمكن أحد من اصطياد هذا الوحش، سيمنحه جائزة كبيرة. الشخص الذي أنقذه الأسد رأى بالطبع هذا الحيوان، وبما أنه كان راغبًا في الحصول على المكافأة، ذهب إلى الملك وقال أنه رأى الوحش. اتبع الصيادون التوجيهات التي أعطاها إياهم ليعثروا على الحيوان وقتلوه ورجعوا بجلده إلى الملك. هكذا عمل بوذا بحيوات عديدة سابقة ليساعد الكائنات المختلفة، حتى هؤلاء الذين لم يُظهروا له أبدًا العرفان.
الآن هذه قصص لبوذا قبل أن يصبح مستنيرًا. بعد أن أصبح مستنيرًا، كم ساعد من كائنات بغض النظر عما قامت به له. في إحدى المرات كانت هناك عائلة ثرية، كان ابنها مشوهًا تمامًا وقبيحًا. عندما أصبح الطفل أكبر قليلًا في السن، أخذته عائلته لمكان بعيد في الغابة وتركته هناك. بقى الولد الصغير في الغابة وكان مكتئبًا بالكامل لأن عائلته لم ترغب فيه ولا أحد يريده لأنه كان قبيحًا وبشع الهيئة. على الرغم من أنه كان إنسانًا، أي موضع تقع عليه العين بجسده كان مشوهًا وقبيحًا. وعاش في هكذا في الغابات، وفي أحد الأيام، بينما كان يسير قابل شخصًا كان حتى أقبح وأكثر تشوهًا منه. أصبح أكثر سعادة وابتهج لأنه لم يكن الأسوأ على مستوى العالم. لذا بدأ في التنمر على هذا الشخص ليصبح خادمه. هذا الشخص الأقبح كان تجسدًا لبوذا والذي قام بهذا ليساعد الطفل الصغير. بمرور الوقت، أظهر بوذا نفسه بهيئة مثالية أكثر وأكثر وقدم التعاليم للطفل، والذي في النهاية كان قادرًا هو أيضًا على تحويل نفسه لدرجة أن جسده لم يعد قبيحًا وبشع المنظر.
توضح هذه القصة كيف أن بوذا ماهر في انتقاء الأدوات لمساعدة الآخرين للتغلب على كل مخاوفهم ومشاكلهم. هناك العديد من الأمثلة والقصص التي يمكن أن تُحكى لتوضح هذا. يساعد بوذا الجميع بغض النظر عما إذا كان الشخص الآخر قدم المساعدة لبوذا أم لا؛ ليس كأن بوذا لا يساعد فقط هؤلاء الذين ساعدوه ويتجاهل هؤلاء الذين لم يقوموا بشيء من أجله. علاوة على هذا، بوذا ليس لديه تفضيل وانحياز، ليس هناك مجموعة من البشر الذين يعتبرهم قريبين منه، مثل أصدقائه وأقاربه الذين يعتني بهم، وآخرين الذين يعتبرهم بعيدين عنه ولذا ينساهم. هو ليس على هذه الشاكلة إطلاقًا. بوذا ليس لديه تفضيل؛ هو يتعامل مع الجميع بالطريقة ذاتها.
على سبيل المثال، فكروا في ابن عم بوذا، دِفاداتّا، الذي كان يشعر بالغيرة من بوذا ودائمًا ينافسه، وكان هدفه أن يجعل من نفسه ندًا لبوذا في محاولة منه للتعليم والحصول على الاتباع. كان هناك أيضًا ملك اسمه أجاتاشاترو، الذي اغتال والده من أجل الاستيلاء على المملكة. كلاهما، أجاتاشاترو وابن عم بوذا، دِفاداتّا، خططا دائمًا سويًا للقيام بأشياء سيئة لبوذا. على سبيل المثال، حاولا أن يُلقيا الصخور والأحجار الضخمة على بوذا باستخدام المقاليع وكل أنواع المعدات العسكرية، مثلما لدينا هذه الأيام مدافع وأشياء مشابهة والتي يمكنها قذف أشياء ثقيلة. استخدما أيضًا كل أنواع الأدوات المختلفة لإيذاء بوذا؛ لكن بالطبع، لكون بوذا كائن مستنير، لم يمكن إيذاءه بمثل هذه الوسائل. عمل بوذا بشكل متساوٍ لأجل الجميع، حتى تلك الكائنات العدائية.
جسد بوذا في غاية القوة؛ لديه على سبيل المثال قوة أن يصرع فيل بنقرة من أصبعه. كان هناك في المملكة فيل ضخم وعندما مات هذا الفيل، لم تكن هناك وسيلة لتحريك جسده لأنه لم تكن هناك آلات ضخمة أو عربات أو أشياء كهذه لتحمله. كانت جثة هذا الفيل تتعفن وتخرج منها رائحة كريهة جدًا وتتسبب في الكثير من الأمراض بالمنطقة. لذا جاء بوذا وبنقرة واحدة من قدمه كان قادرًا على ركل الجثة لمكان بعيد.
كان هناك أطباء عظام في زمن بوذا وقدموا لبوذا بعض الدواء، ولأن بوذا كانت لديه قوة جسدية لا تصدق، قدموا له جرعة قوية للغاية. دِفاداتّا، الذي دائمًا ما كان ينافس بوذا، أصر على أن يعطيه هؤلاء الأطباء نفس الجرعة التي قدموها لبوذا، قائلًا أنه يرغب في أخذ جرعة دواء بنفس قوة تلك التي أخذها بوذا. قال الأطباء لدِفاداتّا أن بوذا يمكنه أخذ جرعة قوية وكبيرة للغاية لأن لديه جسد ذو قوة هائلة، لكن "أنت ليست لديك بأي شكل من الأشكال ذات القوة لتأخذ مثل هذه الجرعة".
دِفاداتّا تضايق جدًا من الأطباء واستمر على إصراره بأن يمكنه حقًا أخذ مثل هذه الجرعة. حيث أن دِفاداتّا رفض الاستماع لنصائحهم، قدم الأطباء في النهاية جرعة ضخمة لم يكونوا ليعطوها في العادة للأشخاص العاديين، وتناولها دِفاداتّا. بالطبع، لأن الدواء كان قويًا جدًا، أصبح دِفاداتّا في غاية المرض وكان على وشك الموت. كان مستلقيًا على ظهره، يتقلب على جانبيه ويتأوه ويئن، مريض على حافة الموت. جاء بوذا حيثما كان دِفاداتّا يتلوى على الأرض، وقال، "إذا لم يكن هناك أي فرق في مشاعري بين ابني راهولا وبينك، أنت الذي تحاول دائمًا إيذائي ومنافستي، ودائمًا كنت كائنًا مُسيئًا؛ إذا لم يكن لدي اختلاف في موقفي الداخلي بينك وبين ابني، فلتشفى عندها". وجلس بجواره واضعًا يده على رأس دِفاداتّا الذي شُفي في الحقيقة. فاق من مرضه، ورفع رأسه نحو بوذا والكلمة الوحيدة التي قالها لبوذا هي "ارفع يدك القذرة عن رأسي".
لذا بوذا هو شخص ليس لديه تفضيل ومستعد لمساعدة الجميع بغض النظر عن كم كانوا سيئين تجاهه. فقط هذا النوع من الأشخاص، بوذا كامل الاستنارة، الذي يمكنه توفير الملجأ، التوجه الآمن والسالم في الحياة. لذا، هناك كل أنواع الخصال التي لا تصدق للجسد، الحديث والذهن المستنيرين لبوذا. يمكنكم أن تتعلموا هذه الأشياء من دراسة النصوص المختلفة. كلما تعرفتم عليها، تعاظم لديكم الاقتناع الواثق، اليقين والاحترام الذي سيكون لديكم لبوذا كشخص يمكن حقًا أن يوفر الملجأ والتوجه الآمن والسالم في الحياة.
أما بشأن الأنواع المختلفة من الكايات أو أجساد بوذا، ناقشنا بالفعل الدارماكايا، الجسد المُكون لكل شيء، والأنواع المختلفة من أجساد الهيئة، سامبوغاكايا، والتي هي جسد الاستفادة الكاملة، والنرماناكايات، الأنواع المختلفة من أجساد التجسدات. ليس هناك داعٍ للخوض في هذا مرة أخرى. يمنكم بالفعل إدراك ومعرفة ماهية بوذا عبر، على سبيل المثال، التفكير في شخص مثل قداسة الدالاي لاما.
علاوة على هذا، من المهم أن نتعرف وننظر لكل التمثيلات الفنية المختلفة لبوذا، مثل الرسومات والتماثيل، باحترام شديد. حتى أصغر تمثال لبوذا الذي بحجم الظفر، ننظر إليه ونشعر بأنه بوذا حقيقي، لأنه عندما تُنمون المسار الروحاني الحقيقي للذهن، ستتحدث معكم هذه التماثيل والرسومات. هناك فعليًا خمسة مسارات للذهن. أولها المعروف بمسار الجمع أو المراكمة الذهني، وينقسم إلى ثلاثة أجزاء: مسار المراكمة الذهني الصغير، المتوسط والعظيم. عندما تحققون مرحلة مسار المراكمة الذهني العظيم، في هذه النقطة ستكونون قادرين على تلقي التعاليم من كل تلك التمثيلات المختلفة التي نظرتم إليها وتعرفتم عليها بأنها بوذا؛ ستتحدث معكم فعليًا. لذا، من المهم أن تؤسسوا الآن هذا الإدراك تجاه كل التمثيلات الفنية على أنها بوذات فعليون. قيل أن مقابلة التمثيلات الفنية المختلفة، تلك التي أدركتموها على أنها بوذات، تحمل فائدة أكبر من مقابلة بوذا ذات نفسه.
جوهرتي الدارما والسانغا
أما بالنسبة لماسة أو جوهرة الدارما النادرة والثمينة، الخصال الفعلية بالاستمرارية الذهنية لبوذا، تم تحديدها بأنها ملجأ الدارما أو جوهرة الدارما. عندما تتدربون، عندها يمكنكم النظر إلى الكتب المختلفة، والتي مصدرها خصال الذهن تلك، على أنها جوهرة الدارما.
أما بالنسبة لجوهرة السانغا، مجتمع العزيمة، يشير هذا إلى مجتمع الأريات، أو الكائنات سامية الإدراك، الكائنات التي رأت الواقع. حتى إذا كان هناك رب أسرة من غير الرهبان ورأى الواقع بشكل غير مفاهيمي، هذا الشخص سيكون عضو في جوهرة السانغا، حيث أنه دخل مَصاف مجتمع العزيمة كائنات الأريا.
ما بالنسبة لتمثيلات جوهرة السانغا، كائنات الأريا، فهذا يشير إلى جماعة تتكون على الأقل من، على سبيل المثال، أربع رهبان يعملون سويًا نحو هدف روحاني. إذا كان لديكم راهب أو اثنين فقط، فهذا لا يمكن اعتبارهم يشكلوا سانغا أو مجتمع العزيمة، يمكن فقط النظر إليهما على أنهما راهب أو اثنين.
القواعد التي تنفرد بها كل جوهرة من الجواهر الثلاثة
البوذات هم حقًا مَن يعلمونكم ويظهرون التوجه الآمن والسالم الذي تتخذون به الملجأ، عبر، على سبيل المثال، تعليمنا هجر الأفعال العشرة الهدَّامة والتدرب على الأفعال العشرة البنَّاءة. سيكون التوجه الآمن والسالم الفعلي الذي نتخذه، على سبيل المثال، دارما اتباع الالتزام الأخلاقي بهجر الأفعال الهدَّامة والتدرب على العشرة أفعال البنَّاءة. هذا ما عمله بوذا، والتنمية الحقيقية لهذا الالتزام الذاتي الأخلاقي باستمراريتكم الذهنية سيكون هو التوجه الآمن والسالم أو الملجأ. السانغا، أو مجتمع العزيمة، هم الأصدقاء الذين سيساعدونكم في سعيكم نحو اتخاذ التوجه الآمن.
هناك قصة عن ابن الديفات، ستِراماتي، ستساعدكم على فهم الفرق بين الجواهر الثلاث. بإحدى عوالم الديفات، عالم الديفات الثلاثة وثلاثون، كان هناك ابن الديفات الذي يُطلق عليه ستِراماتي، والذي يمكن ترجمة اسمه إلى "العنيد". في عالم الديفات هذا، الأرض وكل شيء كان مذهلاً وفي غاية الروعة، مرصعًا بكل أنواع الجواهر والأحجار الثمينة. وبالتالي كان ابن الديفات هذا محاطًا طيلة حياته بكل شيء في غاية الروعة والجمال وكان سعيدًا جدًا دون أي قلق.
مع ذلك، قُرب وقت الوفاة في عوالم الديفات، يتلقون علامات مختلفة أنهم سيموتون وعندما يتلقون تلك العلامات، يختبرون قدرًا هائلًا من المعاناة. كيف تظهر تلك العلامات؟ حسنًا، على سبيل المثال، يرتدي الديفات أكاليل من الزهور حول أعناقهم، وتكون نضرة دائمًا، لكن سبعة أيام قبل وفاتهم، تلك الأكاليل فجأة تبدأ في الذبول وتخرج منها رائحة سيئة. بشكل مشابه، الديفات، الذين تفوح منهم دائمًا رائحة عطرة، عندما يكونون على وشك الموت تنبعث منهم رائحة نتنة، عندها لا أحد من أصدقائهم الديفات، الذين اعتادوا أن يأتوا ويلعبوا معهم الألعاب المختلفة ويقضون معهم وقتًا جيدًا، لا أحد منهم سيقترب منهم. مِن بين الديفات، هناك بعض الأصدقاء هم أكثر ثباتًا من البعض الآخر، لكن حتى الأكثر ثباتًا، على الأكثر، سيلقون نظرة من بعيد على الديفا الذي شارف على الموت ويرحلون؛ لن يكون لهم أي علاقة بهم.
علاوة على هذا، عندما يكون أحد الديفات على وشك الموت، يستنزف كل الإمكانات الإيجابية التي قام ببنائها، ويكون قادرًا على رؤية حياته التالية التي تنتظره، المكان الذي سيعاد ميلاده به. هذه النوعية من البصيرة التي لدى كائنات الديفا مشابهة للبصيرة الاستثنائية. لذا فإن ابن الديفات هذا، ستِراماتي، تلقى علامات موته الوشيك وكان قادرًا على رؤية أنه سيعاد ميلاده أولًا بإحدى عوالم الناركا، عوالم المعاناة القصوى، ثم بعد ذلك سيعاد ميلاده كخنزير. كان العذاب الذهني الذي عانى منه لا يمكن تصوره. المعاناة الجسدية والألم الذي بعوالم الناركا هي من أشد أنواع المعاناة الجسدية، لكن في سياق المعاناة والعذاب الذهني، لا أحد يختبر معاناة أكثر مِن المعاناة التي يختبرها الديفات عندما يتلقون تلك الرؤى قبل وقت وفاتهم.
ستِراماتي لم يعد بإمكانه تحمل هذا ولذا ذهب إلى ملك كائنات الديفا، أندرا، وقال، "أنا بائس جدًا. لديّ هذا العذاب بإعادات الميلاد تلك التي تنتظرني، رجاءً، هل يمكنك مساعدتي؟ هل لديك أي وسيلة يمكنني بها الخروج من هذا المأزق"؟ قال أندرا، "لا، أنا آسف، لا يمكنني مساعدتك، لا أعرف أي وسيلة، لكن سآخذك إلى بوذا ونسأله". لذا ذهبوا إلى بوذا وقال بوذا للديفا أنه يجب عليه القيام بالتأمل الخاص بإحدى تمثيلات جوانب شخصية بوذا والتي يُطلق عليها أُشنيشافيجاوا, أو نامغيالما بالتبتية.
أُشنيشافيجاوا هي تمثيل أنثوي لأحد جوانب شخصية بوذا. لها ثلاثة أوجه وثمانية أذرع؛ الوجه الذي بالمنتصف أبيض، الذي على اليمين أصفر، وعلى اليسار أزرق. بأول مجموعة من الأذرع تُمسك بفاجرا متقاطعة في اليد اليمنى بينما اليد اليسرى في وضعية، مودرا، التهديد الفاتن ومُمسكة بلاسو. في الثلاث أيادي اليمنى التالية، تُمسك بأولهم تمثال صغير لأميتابا بوذا، ثم سهم، ثم، في السفلى، في وضعية، مودرا، المنح السامي. ثم في الثلاثة أيادي التي باليسار، اليد الأول تُمسك أولًا بوعاء، الثانية قرب منطقة القلب في وضعية، مودرا، المنح السامي، اليد الثالثة، السفلى على اليسار، في وضعية الاستغراق التام وموضوعة على منطقة الحجر مُمسكة بوعاء ممتلئ برحيق. قال بوذا لستِراماتي ابن الديفات أن يتأمل ويقوم بكل التدريبات الطقوسية لتمثيل جوانب شخصية بوذا هذه.
في الرسمة، تانكا بالتبتية، الخاصة بهذا التدريب، على اليمين من مركز أُشنيشافيجاوا، على قمر بهيئة قرص مسطح، يجلس تشينرِزيغ أو أفالوكيتشفارا، جسده أبيض ويمسك في يده اليمنى مروحة مصنوعة من ذيل حيوان الياك الأبيض ولوتس بيضاء في يده اليسرى. على يسارها، على شمس بهيئة قرص مسطح، يجلس فاجراباني ممسكًا في يده اليمنى مروحة مصنوعة من ذيل حيوان الياك وفي يده اليسرى أُتبالا الزنبق الأزرق وعليها علامة الفاجرا. في الشرق، بالأمام، أحد تمثيلات جوانب شخصية بوذا العنيفة المُسماه أتشالا، ويمسك فاجرا، على اليمين جهة الجنوب، تاكّيراجا، وهو أيضًا أحد تمثيلات جوانب شخصية بوذا العنيفة، والذي يمسك جوهرة. في المؤخرة تمثيل آخر لأحد جوانب شخصية بوذا العنيفة ويُطلق عليه نيلاداندا، ممسكًا بعصا زرقاء، في جهة الشمال، على اليسار، التمثيل العنيف لأحد جوانب شخصية بوذا ماهابالا مُمسكًا برمح. في الأعلى هناك تمثيلان آخران لجوانب شخصية بوذا يمسكان بآنية مرصعة بالجواهر ممتلئة بالرحيق ويقومان بصب الرحيق منها مُقدمين بهذا وهب الاغتسال. بالتالي لدينا بهذه الرسمة تسعة تمثيلات لجوانب شخصية بوذا.
قام ابن الديفات بكل التدريبات لهذه المجموعة من تمثيلات جوانب شخصية بوذا وكان قادرًا على تنقية كل إمكاناته السلبية التي كانت ستؤدي إلى ميلاده كخنزير. علاوة على هذا، قام ببناء كم هائل من الإمكانات الإيجابية، وكنتيجة لهذا أُعيد ميلاده في عالم الهناء العظيم المسمى توشيتا، وهو عالم للديفات أسمى من عالم الديفات الثلاثة وثلاثون.على الرغم من امتلاك كائنات الديفا للبصيرة الاستثنائية التي تُمكنهم من رؤية العوالم الأدنى من عوالمهم، إلا أنهم يفتقدون القدرة على رؤية أيٍّ من العوالم الأسمى مِن العالم الذي هم فيه. لهذا، أندرا، ملك كائنات الديفا وحاكم عالم الديفات الثلاثة وثلاثون، لم يكن قادرًا على رؤية أن ستِراماتي أُعيد ميلاده في عالم توشيتا، العالم الأسمى من عالمه، لذا سأل بوذا أين وُلد ستِراماتي. لذا كان عليه الاعتماد على بوذا ليعرف، وبوذا كان قادرًا على إخباره.
كما يمكنكم أن ترون من هذا المثال، بوذا لديه القدرة على تعليم كل الأنواع المختلفة من الكائنات حتى يمكنها تجنب إعادة الميلاد بعوالم الناركا، عوالم المعاناة القصوى. لهذا، بوذا هو الذي يمكنه أن يوفر لنا الاتجاه الآمن والسالم؛ يمكنه أن يُوفر لنا الملجأ لنتجنب تلك الشدائد. أما الشيء الذي يمكنه بالفعل أن يوفر لنا الاتجاه السالم أو الملجأ فسيكون، على سبيل المثال في هذا المثال، القيام بالتدريبات المختلفة لأُشنيشافيجاوا، تمثيل أحد جوانب شخصية بوذا، لأنه عبر القيام بهذا، كان ابن الديفات قادرًا على تجنب إعادة الميلاد بعالم الناركا. أما عن مجتمع العزيمة، أو السانغا، هؤلاء مَن يساعدونا على اتخاذ التوجه الآمن، في المثال هنا سيكون أندرا الذي ساعد ابن الديفات على الذهاب إلى بوذا وتعلم تلك الأدوات.
تدرب الملجأ
الطريقة التي يمكنكم بها بناء تلك العادة النافعة لاتخاذ الملجأ، اتخاذ التوجه الآمن والسالم، هي أن تتخيلوا أمامكم، على سبيل المثال، هيئة بوذا وأن تُكرروا تلك الصيغة، "اتخذ التوجه الآمن من المعلمين؛ اتخذ التوجه الآمن من البوذات؛ اتخذ التوجه الآمن من الإجراءات الوقائية للدارما؛ اتخذ التوجه الآمن من مجتمع العزيمة، السانغا". تكرروا هذا ثلاث مرات. ثم تتخيلوا ضوءًا ورحيقًا يأتي من بوذا الذي تتخيلونه أمامكم وينقيكم أنتم وجميع الكائنات المحدودة التي تتخيلونها تحيط بكم. هذه هي الطريقة التي تتدربون بها فعليًا على اتخاذ التوجه الآمن.
إذا كررتم "اتخذ الملجأ الآمن من المعلمين" سبع مرات، على سبيل المثال، تخيلوا أثناء تلك السبع ترديدات، ضوء يأتي تجاهكم من جسد بوذا ويدخل جسدكم، يملؤكم بالكامل، يُنقيكم، يمسح كل تلك الإمكانات السلبية التي قمتم ببنائها مِن الأفعال الهدَامة للجسد. تخيلوا أن كل تلك الإمكانات السلبية، المعيقات والحواجز التي لديكم قد غادرتكم على شكل سخام أسود وفحم سائل يخرج من جسدكم، وأيضًا، على سبيل المثال، كمياه اغتسال قذرة -مثل تلك التي تنتج عن غسل ملابس قذرة جدًا وتكون لديكم مياه متبقية سوداء قذرة. إذًا تتخيلون كل هذه الإمكانات السلبية تغادر جسدكم في هذه الهيئة. ثم أيضًا كل الأشكال المختلفة للتلوث والوسخ التي قد يكون لديكم بجسدكم كنتيجة للأشياء السلبية المختلفة التي قمتم بها في الماضي، تخيلوا أن كل هذا يغادر جسدكم في هيئة غائط، بول، مخاط وما شابه. في النهاية تخيلوا كل أنواع الأمراض التي قد تكون لديكم، هذه الأنواع المختلفة من الصعوبات، تغادركم في هيئة ثعابين، عقارب، عناكب وضفادع.
ثم، عندما تقومون بهذا في الدورة التالية من السبع ترديدات وتستمروا في ترديد "اتخذ التوجه الآمن من المعلمين الروحانيين"، تخيلوا ضوءًا يأتيكم، مرة أخرى، وينقيكم الآن من كل الإمكانات السلبية، الحواجز، الملوثات، الأمراض وما شابه، فيما له علاقة بالأفعال الهدَّامة لحديثكم. تخيلوا كل تلك الأشياء تخرج منكم الآن مِن الأسفل إلى الأعلى، وتخرج من الفتحات العلوية للوجه.
في الدورة الثالثة من السبع ترديدات، تخيلوا مرة أخرى أن هذا الضوء يأتيكم والآن ينقي كل الإمكانات السلبية وما شابه، التي قمتم ببنائها في سياق أفعال الذهن الهدَّامة، فيما له علاقة بما كان لديكم مِن أفكار جشعة، أفكار حقودة ورؤى مُحَرّفة. تخيلوا أن كل الإمكانات السلبية من هذا النوع من الأفعال الهدَّامة للأفكار هذه موجودة بقلبكم على هيئة تكتل أسود بشع ضخم. ثم تخيلوا أن هذا الضوء القادم إليكم، وبوميض مبهر، يُبخر ويحلل كامل هذا التكتل.
ثم في الترديدة الرابعة لهذه الصيغة من بين ذات السبع ترديدات، تخيلوا مرة أخرى أن الضوء يأتيكم، وهذه المرة، كل التخيلات الثلاثة السابقة تحدث كلها في نفس الوقت، لتزيل كل ملوثات الجسد، الحديث والذهن. وفي النهاية تشعرون، كما لو أنكم انتهيتم من تنظيف كأس بلوري الذي أصبح الآن نظيفًا، نقيًا وشفافًا بالكامل، بشكل مشابه، الآن كامل جسدكم أصبح نظيفًا، نقيًا وشفافًا. في النهاية، مرة أخرى تخيلوا الضوء والرحيق يأتياكم ويملآن جسدكم بالكامل، وتخيلوا أنكم الآن أصبح كل الهناء والطموح يملؤكم لتصبحوا قادرين على أن يكون لديكم الإمكانات الإيجابية، الحياة، الحكمة، البصيرة الكاملة وما شابهها.
يمكنكم القيام بهذا التكرار لتلك المجموعات الرباعية سواءً سبع مرات لكل واحدة منها، والذي يجعل مجموعها ثمانية وعشرين تكرارًا، أو كل واحدة منها ثلاث مرات، مما يجعل المجموع اثني عشر، أو مائة مرة، والذي يجعل مجموعها أربعمائة مرة. بغض النظر عن العدد الذي نقوم به، هذه هي النوعية الأساسية من التدريبات الخاصة باتخاذ الملجأ. عندما تقومون بهذا التدريب يمكنكم أن تتخيلوا ببساطة هيئة بوذا أمامكم، مستشعرين أن بوذا يُجسد كل جوانب التوجه الآمن والملجأ بشكل مكثف مرة واحدة. بدلًا من هذا، يمكن أن نقوم بتخيل مفصل لكل المعلمين، البوذات، البوديساتفات، الداكا، الداكيني، حماة الدارما، اليّدام، وما شابه. يمكنكم إما أن تقوموا بتخيل مفصل للغاية به العديد والعديد من الشخصيات، أو ببساطة تخيل شخصية واحدة، أيًا كان ما يناسبكم، لن يُشكل هذا أي فارق. بالقيام بهذا، يمكنكم أن تتخذوا الملجأ ثلاث مرات في النهار وثلاث في الليل، وبهذه الطريقة تُعيدون التأكيد على التوجه الآمن الذي اتخذتموه في حياتكم.
الوهب والتدريبات الأخرى
بالمثل، يجب أن تقدموا الوهب بشكل يومي للبوذات. يمكنكم القيام بهذا بطريقة بسيطة، فقط استخدام كوب القهوة الخاص بكم أو أيًا كان، تملؤونه بالماء وتقدمونه كوهب، أو تقديم وهب من الخبز أو الكعك، أو أيًا كان الذي تتناولونه. جميعكم تأكلون ثلاث مرات كل يوم ولذا، قبل أن تأكلوا، خذوا طعامكم أو كوب شرابكم وقدموه كوهب قبل أن تبدؤوا في تناوله. هذه طريقة بسيطة للغاية للقيام بهذا التدرب. يكفي جدًا أن تقولوا، بلغتكم، "رجاءً تقاسموا هذا معي، معلميني رجاءً شاركوني هذا، أيها البوذات رجاءً شاطروني هذا، الدارما الثمينة رجاءً تقاسمي هذا معي، المجتمع الثمين رجاءً شاركوني هذا"، وبهذه الطريقة تقدمون الوهب. ليس عليكم القيام بهذا بلغة آسيوية غريبة.
عندما يكون لديكم التمثيلات الفنية المختلفة لبوذا والجواهر الثلاث، لا يجب أن تغطوهم بشيء: ليس بملابسكم أو المسبحة أو أي شيء كهذا، هذا عدم احترام. أيضًا عندما تنظرون إلى رسومات بوذا، يجب ألا تنتقدوها، تقولون هذا بوذا لديه عيون معوجة أو أنفه شكله طريف أو ما شابه. إذا وجدتم خطأ تقولون، على سبيل المثال، أن الرسام لم يكن جيدًا؛ يمكن قول هذا، لكن يجب ألا تقولوا أن بوذا عينه معوجة أو أن هذا بوذا رديئ، لأن هذا حط من بوذا. علاوة على هذا، لا يجب أن تستخدموا تماثيل بوذا والأشياء المشابهة كضمانة حتى تحصلوا على المال، لنفترض، من متجر للرهانات.
هناك قصة عن شخص وجد تمثالاً لبوذا من الطمي موضوع على الأرض، وحيث أن السماء بدأت تمطر، كان يخشى أن تذيب الأمطار تمثال بوذا فقام بوضع حذائه أعلى التمثال ليحميه. جاء شخص آخر ورأى هذا، وفكر في أن وضع التمثال على رأس بوذا شيء خاطئ تمامًا، ولذا أزال الحذاء. عندما ننظر إلى هاذين الشخصين، كلاهما لديه ذهن نقي جدًا فيما كانوا يقومون به. علاوة على هذا يجب أن نستخدم الحس السليم، على سبيل المثال، عادة يجب ألا تضعوا المسبحة على النصوص، لكن إذا كانت هناك رياح قوية، عندها فالظروف تدعو لأن تضعوا شيئًا أعلى الصفحات حتى لا تطير. في هذه الحالة أن تكون لديكم أفكارًا نقية وسبب، بالتالي يمكنكم وضع المسبحة أعلى النصوص على الرغم مِن أن في العادة هذا شيء لا يُسمح به. لذا عليكم أن تستخدموا الحس السليم.
في العموم يجب ألا تستخدموا أي نوع من الورق عليه كتابة أو كلمات مطبوعة لأي أغراض غير نظيفة. على سبيل المثال، استخدام ورق الجرائد، والذي به كلمات مطبوعة، لتغليف القمامة أو الحذاء يعتبر من عدم الاحترام للكلمات المطبوعة. وضع كتبكم على الأرض دون وضع قماش أسفلها هي من عدم الاحترام كذلك. علاوة على هذا، عندما تقلبون صفحات كتاب يجب ألا تقوموا ببل أصابعكم بلعابكم. إذا كان عليكم ترطيب أصابعكم من أجل تقليب الصفحات، يجب أن تضعوا وعاءً صغيرًا به ماء، أو إسفنجة مبلولة أو شيء قريب منكم لاستخدامه في هذا الغرض؛ لا تستخدموا اللعاب. وعلاوة على هذا، بيع الكتب للربح وما شابه هو أيضًا شيء غير ملائم. إذا كنتم تديرون مطبعة، من الملائم استخدام المال الذي تجنونه من بيع الكتب من أجل طباعة ونشر المزيد من الكتب، لكن استخدام ربح بيع الكتب ببساطة لأجل شراء طعامكم وتغطية نفقاتكم فهذا شيء غير ملائم.
من المهم التفكير بشأن كل تلك النقاط، بشأن الميلاد البشري الثمين الذي لديكم؛ حقيقة أنه يمكن أن تفقدوه، وستفقدونه بالموت؛ أنه ليس هناك موقف يظل ثابتًا؛ أن موتكم قادم بالتأكيد؛ وفكروا في السقوط في كل إعادات الميلاد السيئة الممكنة تلك. أنظروا لكل هذا حتى تولدوا الدافع داخلكم كي تعثروا على توجهٍ أمنٍ وسالمٍ في حياتكم هذه، اُعثروا على ملجأ ما.
إذًا تفكرون، على سبيل المثال، كيف سيكون الأمر إذا مت في هذه اللحظة وتم إعادة ميلادي في عالم حار محاط بالحرائق؟ أو إذا وُلدت داخل مرجل ساخن يغلي، ماذا سأفعل حينها؟ فكروا في حدوث هذا لكم، ستختبرون قدرًا هائلًا من الخشية والرعب، استخدموا هذا ليدفعكم إلى ترديد، "يا كل المعلمين امنحوني التوجه الآمن للخروج من هذا، وجهوني"، تدربوا بهذه الطريقة.
أول خطوة هي بالتفكير أنكم بالفعل أُعيد ميلادكم في إحدى عوالم الناركا وتطلبون التوجه الآمن للخروج منه. في الترديد التالي فكروا في أنكم لم يُعَد ميلادكم بعد بإحدى تلك العوالم، لكن هذا على وشك الوقوع، أنتم على وشك الوفاة والسقوط بهذا الميلاد، ثم مرة أخرى كرروا واطلبوا التوجه الآمن للخروج من هذا. ثم، في الترديد الثالث، فكروا في أنكم لستم بهذه العوالم بالفعل، ولا على وشك الذهاب إليها، لكن لديكم شهر أو ما يقاربه قبل أن تسقطوا، ثم، على هذا أساس، فكروا بشكل قوي للغاية، "معلميني، امنحوني التوجه الآمن للخروج من هذا". هذه الأفكار توفر لكم دافعًا قويًا. ثم مرة أخرى كرروا صيغة الملجأ هذه وولدوا بشكل قوي الدافع داخلكم لأن تتخذوا كل الإجراءات الوقائية. هذه طريقة تقومون بها بتدريب جيد على اتخاذ التوجه الآمن والسالم في الحياة، بوضع هذا التوجه في حياتكم واَخذه من المعلمين، البوذات، الدارما والسانغا.
التدرب على توليد البوديتشيتا
بعد قيامكم بكل هذا، يجب عليكم تكريس قلوبكم بالكامل لتحقيق حالة الاستنارة. يجب أن تكرسوا قلوبكم بالكامل للآخرين ولتحقيق حالة الاستنارة من أجل أن تكونوا قادرين على مساعدتهم جميعًا. بعبارة أخرى، يجب أن تنموا البوديتشيتا. طريقة التدرب على هذا هي عبر القيام بالتكرارات المختلفة التي يأتيكم فيها الرحيق والضوء، لاتخاذ التوجه الآمن والسالم في الحياة، وبعد هذا، تكرسون قلوبكم كليًا للآخرين ولتحقيق الاستنارة. في الختام، تتخيلون أن بوذا الذي تتصورونه أمامكم يأتي ويتحلل داخلكم وتصبحون مستنيرين. تصبحون بوذات بالكامل، وتتخيلون أنفسكم في هيئة بوذا شكياموني. ثم تتخيلون أن أشعة ضوء وما شابه تخرج منكم، تذهب إلى جميع الكائنات حولكم.
سابقًا، عندما قمتم بتدريب اتخاذ التوجه الآمن والسالم، كنتم تقومون بهذا من أجل مساعدة الجميع. ثم تكرسون قلوبكم لتكونوا قادرين على مساعدة الجميع عبر وصولكم للاستنارة، والآن تخيلوا أنكم أصبحتم مستنيرين، أصبحتم بوذا شكياموني مانحين كل أشعة الضوء تلك، وأنكم حقًا تأخذون بكل من حولكم إلى الاستنارة وتزيلون عنهم مشاكلهم. جميعهم يتحولون لبوذا شكياموني، وتتخيلون أن الجميع بهذه الهيئة. إذا قمتم بهذا النوع من التدرب ستجدونه مفيدًا للغاية. هل هناك أي أسئلة؟
يعود هذا السؤال إلى النقطة التي كان يتحدث فيها رينبوتشي سابقًا عن أنه بفضل الأنواع المختلفة من الأفعال الجيدة التي قمت بها سابقًا، أنت الآن في حالة جيدة، لديك المال أو الممتلكات أو أيًا كان، وأنه ليس من الملائم أن نتخلص منها.
دكتور بيرزين: إلقاؤها في النهر على حد تعبير رينبوتشي.
صحيح. ثم مثال شكياموني بوذا عندما هجرها خطر بذهني، هو لم يُلقِها في النهر لكن تخلى عنها. غادر ولم يطالب بها بأي شيء منها، وهذا أربكني قليلًا. أيضًا، معلم الزن دوغِن، الذي نقل سوتو زن لليابان وكان يعتبر أحد أعظم معلمي اليابان، استخدم هذا المثال ليشرح الذهن ذو التخلي الحاسم. تاجر ثري حقق الذهن المهتم بالدارما أخذ كل تلك اللوحات الثمينة، وضعها في عربة ضخمة وبدأ بالسير بها نحو المحيط، والذي هو أمر مماثل لإلقائها بالنهر. شخص أوقفه وأخبره كم هو غبي وكم عدد الأشخاص الذين يمكن أن ينتفعوا بها، وقال التاجر، "حسنًا، أرى هذا كعبء. لماذا أرغب في أن ألقي بهذا العبء على أي شخص آخر؟" كانت هذه القصة تُروى كمثال عظيم على الانخراط التام في الدارما.
قبل أي شيء، المثال الأول الخاص بتخلي بوذا عن كل شيء ورحيله: هو لم يأخذ كل ثراءه ويلقيه في القمامة، لكنه تركه لزوجته وابنه، وهكذا تركه. هذا لا يعني أنه ألقاه بعيدًا، لأنه وفر سبل العيش لزوجته وعائلته. المثال الذي ذكرته لمعلم الزن الغرض منه نقطة مختلفة. أنت بحاجة لأن تحاول أن تفهم أن التعاليم المختلفة تُعطى لتوضيح نقاط مختلفة، وكلها صحيحة بشكل متساوٍ. النقطة التي كنت أحاول توضيحها سابقًا هي أنه يجب ألا تفكروا في أن تلقوا بكل شيء تمتلكونه في القمامة من أجل أن تتدربوا على الدارما. هذا سيكون إهدارًا وقد فاتكم الغرض من حديثي. تحتاجون لأن تستخدموا ما لديكم بشكل بنَّاء، هذه هي الفكرة التي أود توضيحها هنا. بينما مثال الزن يوضح فكرة أخرى.
في التبت هناك أيضًا معلمين مختلفين لهم طرقًا مختلفة في التعليم، ويقومون بأشياء مختلفة من أجل توضيح النقاط المختلفة. على سبيل المثال، كان هناك معلم يعيش في الجبل وعندما كان يُقدَّم له الوهب يقوم بإلقائه من على الجبل في مكان لم يكن به أحد. رأى المعلم أن الشخص الذي قدم هذا الوهب لم يكن لديه دافع نقي والفكرة من إلقاء الوهب هي أن مثل هذا الوهب ليس من ورائه فائدة. على الجانب الآخر، المثال السابق كان يتحدث عنا نحن كأشخاص عاديين. يجب ألا نفكر في أنه من أجل التدرب على الدارما يجب علينا أن نأخذ كل شيء نملكه ونلقيه في القمامة؛ هذه ليست طريقة معقولة للمضي قدمًا. لكن إذا، مثل دوغِن، ألقيتم بشيء تعتقدون أنه فقط يتسبب لكم في المشاكل والصعوبات، وأن الأمر سيكون كمنح المشاكل لأي شخص سيأخذه، فهذه نقطة مختلفة تمامًا. هذه أيضًا طريقة للتدرب على الدارما؛ وهو موقف داخلي روحاني ملائم. لكن إذا استخدمتم ثراءكم من أجل دعم بعض المجتمعات الروحانية التي تواجه صعوبات حتى يستطيعون الحصول على طعام ليأكلونه وأن يكون لديهم ظروفًا ملائمة للتدرب، فهذا استخدام جيد جدًا لثروتكم. لهذا السبب كنت أقول سابقًا أن هناك شخص خلع حذاءه ووضعه على تمثال بوذا المصنوع من الطمي، وكان هناك شخص آخر أنزله من على التمثال، كلاهما كان يقوم بتدرب مخلص ونقي على الدارما، على الرغم من أنهما كانت لديهما بأذهانهما أفكارًا مختلفة تمامًا.