شرح مستفيض لعهود البوديساتفا من العهد الحادي عشر إلى الثامن عشر والانتهاكات

(١١) تعليم الخلو لذوي الأذهان غير المدربة 

لقد كنا نراجع عهود البوديساتفا. غطينا عشرة عهود من الثمانية عشر ووصلنا إلى العهد الحادي عشر. ما علينا تجنبه في هذا العهد هو تعليم الخلو لذوي الأذهان غير المدربة. هذا يتحدث عن تعليم المستوى الأعمق للخلو على وجه التحديد لشخص لديه دافع البوديتشيتا ولكنه غير مستعد لفهم هذه التعاليم، والذي سيرتبك ويخاف بسببها، وبالتبعية قد يهجر مسار البوديساتفات ويتبع فقط تحرره الشخصي. هذا محدد للغاية. في الشرح يتحدث عن أن مثل هذا الشخص قد يُفكر أن الخلو يعني أن لا أحد يوجد. وقد يفكر: إذا كان لا أحد يوجد فلماذا إذن أكلف نفسي عناء نفع أي أحد آخر؟ فيسعى فقط نحو تحرره الشخصي. 

يمكننا فهم هذا الشرح ليس فقط في سياق الماديامكا ولكن أيضًا مع التشيتاماترا. لأنه مع التشيتاماترا، قد يرتبك الأشخاص -دعونا نقول أن شخصًا ما سيرتبك- بشأن تعاليم التشيتاماترا حول الخلو، ويعتقدون أن كل شيء يوجد في رؤوسهم، لا يوجد واقع على الإطلاق سوى ذلك الموجود في رؤوسنا، في أذهاننا. وبالتالي الأشخاص يوجدون في ذهني، إذن فإنهم غير موجودين، إذن لماذا أتكلف عناء مساعدتهم؟ وبالطبع مع الماديامكا قد يعتقدون أنه لا شيء يوجد على الإطلاق. لكن هذا قد يتضمن أيضًا تعليم الخلو لأي أحد سيُسيئ فهمه وبالتالي يتخلى عن الدارما تمامًا. على سبيل المثال، قد يعتقدون أنه لأن البوذية تُعلِّم أن لا شيء يوجد تمامًا، فما هذا إلا هراء. لذا من المهم إعطاء بعض الخلفية لهذه التعاليم، مما يسمح بقيادة الآخرين نحوها بشكل تدريجي، وإذا كنا سنُعلِّم الخلو، فيجب تعليمه باستخدام مصطلحات بسيطة جدًا لا تتسبب في إرباك الآخرين أو إعطائهم فكرة خاطئة. هذا شيء صعب للغاية، لأننا ما لم يكن لدينا إدراك استثنائي، فسيكون من الصعب معرفة ما إذا كان الشخص سيفهم ما شرحناه أو ما إذا كان مستعدًا للفهم.

لكن إذا نظرنا إلى مختلف النصوص التي كُتِبَت، فسنجد أن العلَّامات الهنود العِظام (ناغارجونا، تشاندراكيرتي...إلخ) كتبوا العديد من النصوص عن الخلو وكانوا بالتأكيد يتبعون مسار الماهايانا، ويُعلِّم قداسة الدالاي لاما الخلو طوال الوقت لجمهور كبير جدًا. فالسؤال إذن هل هم يُنكثون بعهد البوديساتفا هذا. هل يُعلمون الخلو لشخص ذهنه غير مُدرَّب؟ وهذا سؤال صعب، لكن شيء واحد قد يكون مفيدًا هنا هو إدراك أن طريقة تعليمهم شديدة التعقيد وصعب فهمها، لذا فأولئك غير المستعدين للفهم لن يفهموا أي شيء. إذن ليس الأمر أنهم سيحصلون على فكرة خاطئة، لكنهم سيحصلون على فكرة "أنا لا استطيع فهم ذلك". لذا إذا كنا نُعلِّم شخصًا ما بشكل فردي عندها بالطبع علينا دائمًا التحقق من فهمه. لكن عندما نعلم مجموعة كبيرة، فهذا أكثر صعوبة. لكن بإمكانكم رؤية أنه من الطريقة الرئيسية للشرح هنا، أن النقطة الأساسية هي أننا نتحدث عن شخص لديه دافع البوديتشيتا بالفعل، وأن تعاليم الخلو قد تتسبب في تخليه عنه. 

(١٢) إبعاد الآخرين عن الاستنارة الكاملة

العهد الثاني عشر هو إبعاد الآخرين عن الاستنارة. مرة أخرى محَل هذا الفعل هو الأشخاص الذين نموا بالفعل دافع البوديتشيتا وبالفعل يعملون نحو بلوغ الاستنارة. ونخبرهم أنهم غير قادرين على التصرف طوال الوقت بكرم وصبر وما إلى ذلك. نحن نُحبطهم ونقول لهم أنهم لن يتمكنوا أبدًا من أن يكونوا بوذات، وأن الأمر شديد الصعوبة، وسيكون من الأفضل لكم العمل فقط على تحرركم الشخصي. لكن ما لم يبتعدوا بالفعل عن العمل لبلوغ الاستنارة، فلن يكون هذا الفعل مكتملًا. كبوديساتفا فنحن نحاول

مساعدة الآخرين لبلوغ الاستنارة، إذن فنحن لا نرغب في التسبب في ابتعاد الآخرين عنها. 

(١٣) إبعاد الآخرين عن عهود البراتيموكشا الخاصة بهم 

بعدها رقم ثلاثة عشر هو إبعاد الآخرين عن عهود البراتيموكشا الخاصة بهم، هذا يشير إلى أي مستوى من عهود البراتيموكشا للتحرر الفردي، سواءً كانوا أشخاصًا عاديين أم رهبانًا أم راهبات. المحَل هنا هو شخص يحافظ على واحد من مجموعات عهود البراتيموكشا ونخبره أنه لا فائدة من القيام بذلك بما أنك بوديساتفا، لأنه بالنسبة للبوديساتفات جميع أفعالهم نقية، وأي شيء جيد. من أجل أن تكتمل تلك السقطة، يجب على هذا الشخص أن يتخلى عن عهوده فعليًا. بالطبع أساس بلوغ التحرر أو الاستنارة هو الحفاظ على مستوى ما من عهود البراتيموكشا. هناك عهد ثانوي مشابه يُطلق عليه "نبذ الشرافاكا أو ناقلة الهينايانا". هنا نعتقد أو نقول للبوديساتفا أنه لا يوجد فائدة من الاستماع إلى تعاليم ناقلة الهينايانا، أو نقول له أنه ليس هناك حاجة للحفاظ على ذلك أو التدرب عليه. هذا كافٍ للنكوث بهذا العهد الثانوي، لا يوجد حاجة لأن يتركوا بالفعل العهود. في العهد الجذري فقط الذي عليهم فيه التخلي عن العهد فعليًا. 

البعض يعتقدون أن عهود البوديساتفا كافية، أو قد يعتقدون حتى أن عهود التانترا كافية -فلا تحتاجون لعهود البوديساتفا أو عهود البراتيموكشا. كان تسونغكابا معارضًا لذلك بقوة. دائمًا ما وجد تسونغكابا مختلف السوترات وما شابه والتي تدعم وضع عهود البراتيموكشا وتقول أنها جوهرية لتحقيق التحرر أو الاستنارة لأي متدرب، مستوى ما منها، ويشير إلى أن بوذا شدَّد على هذا بشدة. لذا بشكل عام، تجنب أنواع مختلفة من، على الأقل، الأنواع المدمرة للسلوكيات، مثل الكذب والسرقة...إلخ، شيء في غاية الأهمية. 

(١٤) التقليل من شأن ناقلة الشرافاكا 

التالي، الرابع عشر، التقليل من شأن ناقلة الشرافاكا. ناقلة الشرافاكا هي اسم آخر لناقلة الهينايانا. لذلك مع السقطة الجذرية السادسة لعهود البوديساتفا، إنكارنا أن نصوص ناقلة الهينايانا هي الكلمات الأصلية لبوذا. إنما هنا نحن نقبل أنها كلمات بوذا، لكننا ننكر فعالية التدرب على التعاليم الموجودة فيها. نحن نعتقد أنه من المستحيل تخليص أنفسنا من المشاعر المزعجة عن طريق أدواتها. لذلك هذا شيء يمكن أن يحدث بسهولة. لدينا في الوقت الحاضر العديد من دورات الفيباسانا المختلفة، والتي تأتي أساسًا من تقليد الثيرافادا، وبصفتنا متدربين على الماهايانا، فقد نقول إن هذه الدورات غير فعالة، ونسخر منها، ونقول إن التدرب عليها أمر سخيف. لن يساعد في التغلب على المشاعر المزعجة -ما فائدة الجلوس ومراقبة تنفسك؟ لكني اعتقد أن المشكلة هنا هي أننا عادة لا نتعمق أكثر في هذه التعاليم. نحن ننظر إليها بشكل سطحي للغاية ونرفضها، ولا ننظر إلى السياق الكامل الذي يتم فيه التدرب عليها وسلسلة التأملات التي تقود إليها هذه التعاليم. لذلك يجب على المرء أن يكون حذرًا جدًا بشأن وجود هذه المواقف الداخلية السلبية تجاه أنواع التدرب الأخرى، لا سيما التدريبات التي يتم تدريسها في ناقلة الهينايانا. تعتمد ناقلة الماهايانا على كل تعاليم الهينايانا. إنها فقط تُضيف المزيد لذلك هناك دائمًا تشديد كبير على إظهار الاحترام لتعاليم الهينايانا. على الرغم من أننا نجد أنه من بين العهود الثانوية، أننا أيضًا لن نقضي كل وقتنا في التدرب على أدوات الهينايانا عندما تكون لدينا أدوات الماهايانا للشيء نفسه.

لتشغيل الترجمة، رجاءً أضغط على علامة "CC" أو "الترجمة والشرح" بالركن السفلي على يمين شاشة عرض الفيديو. لتغير لغة الترجمة،  يُرجى  الضغط على علامة "Settings" أو "إعدادات"، ثم أضغط على علامة "Subtitles" أو "ترجمة"، واختار لغتك المفضل

عندما تكون لدينا إرشادات بالامتناع عن البقاء لأكثر من سبع ليال بين متدربي الهينايانا، مرة أخرى علينا فهم ذلك بشكل صحيح. نحن نتحدث عن أولئك الذين يعملون من أجل استنارتهم فقط، ولا يهتمون بالعمل من أجل الآخرين، والذين سيسخرون من تدريبات الماهايانا وتدريبات التانترا، ويحاولون إحباطنا ويقولون لنا كم هو سخيف ما نتدرب عليه: "هذه ليست البوذية". وإذا قضينا معهم وقتًا طويلًا فهذا قد يتسبب في تخلينا عن تدريباتنا. لكن بالطبع هناك العديد من الثيرافادا وأنواع أخرى من -حسنًا متدربو الثيرافادا هم الوحيدون من تقليد الهينايانا الموجودون حاليًا. هناك العديد من متدربي الثيرافادا الذين بالتأكيد ليس لديهم هذا الموقف الداخلي نحو متدربي الماهايانا. ولذا فهذه الإرشادات لا تُشير إلى مثل هؤلاء المتدربين، مثل متدربي الثيرافادا. 

لذلك بإمكاننا رؤية الموضوع العام هنا إذا كنا كبوديساتفات، أو بوديساتفات محتملين، نعمل نحو استنارتنا واستنارة الجميع، لا نرغب في الانخراط في موقف ما قد نتأثر فيه ونبتعد عن هذا الهدف، ولا نرغب في التسبب لأن يبتعد الآخرون عن هذا الهدف -سواءً بإخبارهم تحديدًا أن يبتعدوا، أو تعليمهم شيئًا ما قد يتسبب في ابتعادهم عن العمل لبلوغ الاستنارة. 

(١٥) الادعاء الزائف بامتلاك إدراك كامل للخلو

رقم خمسة عشر هو الادعاء الزائف بامتلاك إدراك كامل للخلو. هذا يشير إلى الوضع الذي لا نكون فيه قد وصلنا إلى الإدراك الكامل للخلو، ومع ذلك، نُدرسه كما لو أننا بلغنا هذا الإدراك الكامل، لأننا نشعر بالغيرة من المعلمين العِظام. المعلمون العِظام يعلمونه وفي الأغلب يعلمونه بشكل صحيح ونحن نشعر بالغيرة من ذلك. لذا برغم أننا لا نفهمه، نتصرف مثل معلم عظيم مدعين أننا نفهمه. والأشخاص الذين نعطيهم هذا الانطباع الزائف، بأننا نفهم الخلو، عندما نعلمهم عليهم أن يفهموا ما شرحناه، وسواءً خدعهم ادعاؤنا أو أدركوا أننا نخدعهم فلا يوجد فرق. فقد يعتقدون، أوه، أنا رائع للغاية، أنا أفهمه حقًا. أو يفكرون أن هذا الشخص أحمق تمامًا ويدعي فقط أنه يفهم. لا يهم. إذا لم يفهموا أو لم يمكنهم الاستماع لشرحنا، عندها يكون فعلنا غير مكتمل. 

إذن هذا يشير تحديدًا إلى اِدعاء إدراك غير حقيقي للخلو. بالتأكيد نحن بحاجة لتجنب الشيء نفسه فيما يتعلق بالبوديتشيتا أو النقاط الأخرى للدارما. لا تتدعوا أن لديكم إدراكًا كاملًا لها وتُدرِّسونها كما لو أن لديكم هذا الإدراك بينما لستم كذلك، لأننا نحاول مساعدة الآخرين ليبلغوا الاستنارة لذا فنحن نعطيهم معلومات ناقصة أو مغلوطة. لكن ليس هناك خطأ في تعليم الخلو ونحن لم نصل إلى إدراك كامل له، طالما نُقر بذلك ونقول "أنا لا افهمه بالكامل – لكن من المستوى الذي فهمته حتى الآن، هذا ما اعتقد أنه المعنى المقصود". هذا مناسب تمامًا طالما نحن لا ندعي شيئًا غير صحيح. 

حتى قداسة الدالاي لاما سيقول "حسنًا، أنا حقًا لا أفهم هذا بالكامل، وهكذا، لكن هذا ما افهمه حتى الآن". إنه أمر رائع مشاهدة قداسته وهو يُعلم أكثر نصوص الخلو صعوبة. أحيانًا يصل إلى أبيات معينة ويقول "أنا لا أفهم ذلك حقًا". ويقول هذا الشرح يقول كذا وذاك الشرح يقول كذا، لكن هذا غير منطقي، وبعدها يسأل الغيشي أو الكينبو الأكثر تعلمًا بين الحضور عن المعنى المقصود (الكينبو هو اللقب الموازي للغيشي في الأنظمة من غير الغيلوك). أولئك الشُجعان بالقدر الكافي للتحدث وقول شيء ما. أحيانًا يناديهم باسمهم، وعليهم عندها قول شيء ما، حتى وإن كان هناك عشرون ألف شخص في الحضور، وبعدها عادة ما يبدأ قداسته مناظرة معهم قائلًا "حسنًا، لكن هذا ليس حقًا المقصود بسبب كذا، وكذا، وكذا". وبعدها يسأل شخصًا آخرًا، لأن ما يحدث عادة أن النصوص المتعددة المُستخدمة في الأقسام المختلفة في الأديرة لها تفسيرات متنوعة. 

أتذكر أنه كان هناك نقاشًا مثل هذا حدث في التعاليم التي أعطاها قداسته عن طبيعة بوذا، عن الأشياء التي يتم تضمينها في أي نوع من طبيعة بوذا والطريقة التي تمت بها استخدام مصطلحات معينة، كان هذا غير واضح تمامًا. وبعد هذه المناقشة الكبيرة مع اللامات الأكثر تعلمًا هناك، لم يتوصلوا في الواقع إلى أي نتيجة. لكن ما هو واضح جدًا من هذا المثال هو أن قداسته لا يتظاهر أبدًا بفهم شيء ما لا يفهمه، ويمنحك قدرًا كبيرًا من الثقة بأن كل شيء آخر، هو يفهمه حقًا. هذا أمر مذهل للغاية عندما يقدم نقلًا شفهيًا لنص يقرأه بسرعة فائقة، وبينما هو يواصل القراءة، بنفس السرعة، ثم فجأة يتوقف لأنه وصل إلى نقطة لا يفهمها ثم يطرح هذه الأسئلة على الأشخاص من حوله. ومن غير المعقول أن يتمكنوا حتى من متابعة المكان في النص حيث توقف عن القراءة لأنه يقرأ بسرعة كبيرة، ولكن بشكل مثير للدهشة يستطيعون تقديم الإجابة. لذلك على الرغم من أن قداسته يقرأ بسرعة فائقة، فمن الواضح أنه يقرأ أيضًا بفهم. عليّ الاعتراف، هذا مثير جدًا للإعجاب.

(١٦) قبول ما تم سرقته من الجواهر الثلاث

رقم ستة عشر هو قبول ما تم سرقته من الجواهر الثلاث. وهنا -تتذكرون أنه لدينا عهد جذري بألا نسرق من الجواهر الثلاث وألا نتسبب في جعل شخص ما يسرق وهبًا تم تقديمه لبوذا، دارما وسانغا- لكن هنا نحن نقبله كهدية أو كوهب، أو نقبله كراتب أو مكافأة، وعلينا القيام بهذا بشكل شخصي أو من خلال شخص آخر. هنا، ما نقبله لا يقتصر فقط على ما ينتمي إلى أربعة أعضاء أو أكثر من المجتمع الرهباني، كما هو الحال مع العهد الجذري الآخر، هنا قد ينتمي فقط لواحد أو اثنين أو ثلاثة من الرهبان أو الراهبات.

الآن أنا لم أرَ شرحًا لهذا، سواءً كان علينا أن نعرف أن هذا الشيء سُرق من الجواهر الثلاث أم لا، لكن اعتقد أنه علينا أن نكون على معرفة بذلك. بالتأكيد إذا علمنا لاحقًا، يجب أن نحاول إعادة ما أخذناه. لذلك مرة أخرى قد نتساءل لماذا هناك تشديد كبير على موضوع عدم السرقة من الجواهر الثلاث، لكن إذا فكرنا في الأمر، المال، الأشياء التي تم وهبها لتعزيز الدارما، لنقل الطباعة، ترجمة النصوص أو بناء تماثيل للأديرة، إطعام الرهبان والراهبات -كل هذه الأشياء الغرض منها هو توفير الظروف الملائمة للآخرين كي يصلوا إلى الاستنارة. وبالتأكيد نحن لا نرغب -كبوديساتفات لدينا طموح التدرب على عهود البوديساتفا- في القيام بأي شيء قد يسلب فرص الآخرين في بلوغ الاستنارة. 

(١٧) تأسيس سياسات غير عادلة 

بعد ذلك رقم سبعة عشر هو تأسيس سياسات غير عادلة. هذا يشير إلى التصرف بنوع معين من التحيز أو المحاباة. هناك بعض المتدربين الجادين للغاية لكننا لا نحبهم، أو غاضبين منهم، ونأخذ شيئًا منهم، أو نعاملهم بشكل غير عادل لصالح من لديهم إنجازات أقل لأننا متعلقين بهم.

مثال على ذلك، قد نشعر بالتهديد من بعض المتأملين في مركزنا البوذي، وننظر إلى مركز الدارما بشكل أساسي كمكان للفعاليات الاجتماعية، نذهب هناك كي نكون مع أصدقائنا الذين لديهم اهتمامات مشابهة لنا. شخص ما يقدم وهبًا للمركز، وبدلًا من استخدامه لبناء مرافق لمعتزل التأمل، نستخدمها لعمل استراحة شاي، استراحة قهوة، للأشخاص كي يسترخوا بعد تلقي التعاليم وليتقابلوا اجتماعيًا. هذا ما نعنيه بتأسيس سياسات غير عادلة. بعبارة أخرى، علينا بالتأكيد محاولة التركيز على التلاميذ والمتدربين الجادين وتلبية احتياجاتهم، وأن نبذل جهدنا في مساعدتهم بدلًا من عدم مساعدتهم ومساعدة أولئك غير الجادين تمامًا: الذين جاؤوا فقط لأغراض اجتماعية. والذين توجهوا نحو الدارما لأنها لطيفة، وهكذا، بدلًا من العمل الجاد لتحقيق التحرر والاستنارة. 

لكن لاحظوا أن الدافع موضح هنا، أننا لا نحب، أو نشعر بالتهديد، أو أننا غاضبون من أولئك التلاميذ الأكثر جدية، ربما لأننا نشعر بعدم الراحة لأنهم يحاولون ويقومون بالكثير وأننا لا نقوم بالكثير على الإطلاق في دراستنا وتدربنا. فنحن متعلقون أكثر بالتلاميذ غير المنتظمين، إنهم أصدقاؤنا، من اللطيف أن نكون معهم ونشرب القهوة والشاي سويًا، لذا نضع كل جهدنا معهم على حساب التلاميذ الأكثر جدية. أليس كذلك؟ إذا فكرنا في هذا الأمر، سنجد العديد من الأمثلة المشابهة في الأديرة كذلك: التركيز أكثر على استخدام الأموال لبناء بيت ضيافة للزائرين في الدير بدلًا من استخدامها لتحسين التعليم، على سبيل المثال. 

(١٨) التخلي عن البوديتشيتا 

الأخير، الثامن عشر، هو التخلي عن البوديتشيتا. هذا يعني التخلي عن أمنية بلوغ الاستنارة لنفع الجميع. تتذكرون أننا لدينا مستويين من البوديتشيتا: طموح البوديتشيتا وانخراط البوديتشيتا. حالة التمني أو الطموح كانت لتحقيق الاستنارة لنفع الآخرين، وحالة الانخراط كانت بأخذ عهود البوديساتفا والانخراط فعليًا في التدرُّب. هذا يشير إلى التخلي عن الحالة الأولى، طموح أو تمني البوديتشيتا، لأننا إذا تخلينا عن أمنية تحقيق الاستنارة لنفع الآخرين فعندها سنتخلى عن الثاني أيضًا، الحفاظ على عهود البوديساتفا...إلخ. 

حسنًا، هذه هي قائمة عهود البوديساتفا للأشياء المتنوعة التي يجب علينا تجنبها. البعض قد يشتكون قائلين "أوه، هناك العديد من القواعد، العديد من الأشياء الواجب اتباعها، هذا كثير جدًا". لكن المثال الواضح عن قدرتنا على الحفاظ على مجموعة كاملة من الإجراءات في أذهاننا هو قيادة السيارة. هناك مجموعة كاملة من القوانين التي نحتاج اتباعها عند قيادة السيارة، وكيفية قيادة السيارة فعليًا هو أمر في غاية التعقيد. وفي أغلب الدول عليكم دراسة القواعد والنجاح في الاختبار قبل أن تتمكنوا من الحصول على رخصة قيادة، برغم أنكم بالتأكيد في بعض الدول تستطيعون دفع رشوة والحصول على الرخصة. لن نذكر أسماء الدول. لكن بمجرد معرفتكم لهذه القواعد، تحتفظون بها في أذهانكم أثناء القيادة، كما نأمل، وتكونوا قادرين على مراقبة سلوكياتكم والتوقف عند الضوء الأحمر أو علامة التوقف، والانتقال إلى الممر الصحيح، وكل تلك الأشياء. بالتأكيد هناك أشخاص لا يقومون بذلك. 

لقد لاحظت شيئًا هنا في موسكو مع الاختناقات المرورية الهائلة التي جعلتني أضحك. لقد كانت مشابهة جدًا لما نراه في الهند عندما يكون هناك اختناقات مرورية، وهو عندما يكون أحد الممرات والذي تكون فيه أنتَ ممتلئًا تمامًا فيتوقف ولا يتحرك تمامًا، لاحظت أن سيارة أو سيارتين تسيران في المسار الخطأ الذي يسير في الاتجاه الآخر والقيادة في هذا الممر لأن حركة المرور فيه منخفضة. لكن معظم الأشخاص في معظم البلدان يتبعون قواعد الطريق. أذهب كثيرًا إلى المكسيك وهناك مقولة مضحكة للغاية. يقولون أن الضوء الأحمر هو مجرد اقتراح. 

لكن الغرض من كل ذلك هو أنه لا يوجد سبب للشكوى من وجود كل هذه العهود المختلفة وما إلى ذلك. إنها مفيدة للغاية. في تقليد الغيلوك، على الأقل، هناك شيء يسمى يوغا الست جلسات، والتي إذا تلقيتم التمكين الخاص بها، أو تعزيز المستوى الأعلى للتانترا، فإن أحد التدريبات الإلزامية هو ترديد هذا كل يوم ست مرات، وكجزء منه قراءة هذه العهود، لذا فهو يساعدنا على تذكرها -ما لم تفعلوا ذلك بسرعة كبيرة بحيث يتحول إلى "بلا-بلا". لكن، على أي حال، إذا لم نحفظها بالفعل، وهو ما سيفعله الشخص التبتي، فنحن بحاجة إلى تذكير أنفسنا مرارًا وتكرارًا بما هي، حتى نتذكرها. 

قبل الخوض في مناقشة كيف نُضعف أو نفقد العهود، هل لدى أي منكم أسئلة عن أي عهد من العهود؟ 

إذا سرق شخص ما مالًا من الجواهر الثلاث وبعدها قدَّمه وهبًا، كيف نعرف أن هذه النقود التي وهبها هي المال نفسه الذي سرقه، خاصة إذا لم تكن نقدًا، إذا تم الدفع من خلال الحساب البنكي؟ فمن المستحيل قول أن هذه هي الأموال نفسها لأن هذا الشخص لديه أمواله الخاصة بالإضافة إلى المال الذي سرقه.

لم يتم تحديد هذا في النصوص التي رأيتها ما إذا كان يتعين علينا معرفة أنه مسروق أم لا. لذلك من الواضح أنه من الصعب جدًا معرفة ذلك من جانبنا. عندما يكون شيئًا ماديًا، يكون واضحًا تمامًا. على سبيل المثال في حالة تمثال مسروق أو تانكا. هذا مثال جيد. سرق الكثير من الناس خلال الثورة الثقافية اللوحات والتماثيل وما إلى ذلك من الأديرة في التبت ثم باعوها للغربيين في هونغ كونغ وما إلى ذلك. لذلك إذا علمنا أن أحد هذه الأشياء التي سُرقت من الأديرة، فمن الواضح جدًا أننا إذا اشتريناها، فإننا نخالف هذا العهد. لذلك قد يكون أي من هذه التانكات القديمة معروضًا في السوق، وقد لا نعرف بالضبط أنها تمت سرقتها خلال الثورة الثقافية، ولكن ربما تم أخذها بلا شك من أحد الأديرة. فالدير لن يبيع هذه الأشياء.

لأن هناك بالتأكيد أديرة ومعلمون عظماء يقدمون هدايا من التماثيل أو التانكات، ولكن الأديرة صارمة جدًا بشأن ما هو للدير بشكل عام وما هو ملكية خاصة. عندما تقدمون وهبًا لمنزل، دعونا نقول منزل رينبوتشي في دير تبتي -أو ربما لا يعيشون في الدير، الآن في المنفى- عليكم أن تكونوا محددين للغاية عند تقديم هذا الوهب. هل هو للمنزل -يطلق عليه "لابرانغ" في التبت- وهو مخصص لمن يعيشون بشكل عام في المنزل، أم أنكم تمنحونه على وجه التحديد لشخص في المنزل لاستخدامه الشخصي. "المنزل": المنزل بأكمه. منزلي -لنفترض أن منزل الرينبوتشي فيه مختلف المرافقين والتلاميذ الذين يعيشون في المنزل، كل هذا هو اللابرنغ في التبت. أحاول ترجمة ذلك ببعض الكلمات، لذلك نسميه "منزل". راعي المنزل هو شخص آخر. إنه شخص عادي ليس براهب. لذلك إذا كنتم تقدمون هذا المال للابرانغ، للمنزل نفسه، فلا يمكن استخدامه إلا للمطبخ بشكل عام لإطعام الجميع، أو لتحسين المنزل، وتحسين المبنى، ولن يتم استخدامه لأي فرد معين من الأفراد المقيمين فيه، بما في ذلك الرينبوتشي، لشراء أردية جديدة أو القيام بشيء ما فقط لأنفسهم أو لاستخدامهم الخاص. وقد يستخدمونه للبيت للتكفُّل بمراسم معينة، أو بوجا أو ما إلى ذلك، لتقديم الوهب على الطاولة المخصصة، وما شابه. لذا فيتم تطبيق هذا بصرامة شديدة في اللبرانغ.

لكن سؤالك أكثر صعوبة. عندما يسرق شخص ما المال من الجواهر الثلاث، فلنفترض أن أحدهم يعطي المال لمركز بوذي -على الرغم من أن المراكز البوذية ليست مدرجة هنا على وجه التحديد، نحن نتحدث عن الأديرة، فيما يتعلق بالسانغا. أنا أقول إن الموقف الأكثر شيوعًا في الغرب هو أننا نتحدث عن مراكز الدارما، ليس لدينا الكثير من الأديرة في الغرب. وفي الغرب، نستخدم كلمة "سانغا" بشكل فضفاض للغاية بطريقة لا يستخدمها أي شخص تبتي أو بوذي تقليدي -للإشارة فقط إلى مركز دارما في مجتمع عادي، هؤلاء بالتأكيد ليسوا سانغا. إذن نحن الآن نسأل هل ينطبق هذا العهد على سرقة الأموال التي تُمنح لمركز دارما لأغراضنا الخاصة؟ حسنًا، من الناحية التقنية، وفقًا للشروح، عندما نتحدث عن السرقة من السانغا، فإننا نشير إلى أربعة رهبان أو راهبات أو أكثر. ثم هناك عهد منفصل للسرقة من راهب أو راهبة أو راهبين أو ثلاثة. بالمعنى الدقيق للكلمة، عندما تمت صياغة هذه العهود، لم تكن هناك بالتأكيد مراكز دارما عادية. لذا، سواءً كانت سرقة الوهب

 المقدم إلى مركز دارما يشكل انتهاكًا لعهد البوديساتفا هذا أم لا، فمن المؤكد أنه شيء نريد تجنبه.

ما قد يحدث بشكل أكثر شيوعًا في الغرب هو أن شخص ما يقدم وهبًا من الأموال لمركز دارما، وبعدها المدير أو أمين الصندوق أو الشخص المسئول يأخذ هذا المال ويضعه في حسابه الخاص. نحن هنا لا نتحدث، كما ذكرت، عن شخص ما يأخذ راتبًا من هذا المال والذي بالفعل يعمل. حسنًا، الآن هذا المال مع الكثير من النقود الأخرى في الحساب البنكي، وهذا الشخص أهدانا، أعطانا شيئًا ما، بعض المال. هذا شيء من العسير قوله، سواءً كان هذا الشخص يقول بوعي "أنا استخدم هذا المال الذي سرقته لأعطيه لك" أو أضافه إلى حسابه البنكي ولم يُفرق ماله الأصلي والمال المسروق. لذا، بالأساس، سيكون من الأفضل تجنب أخذ أي شيء من شخص نعرف أنه يسرق أو يختلس المِنَح من مركز الدارما أو الدير أو أي مشروع دارما. 

هل سيكون الأمر مشابه إذا سرق شخص ما تماثيل أو تانكا، وباعها وأعطى المال لشخص ما، أو اشترى بهذا المال شيئًا ما وأعطاه لشخص ما؟ هل هذا مشابه؟

بالتبعية، نعم. 

ماذا إذا سرق شخص ما، على سبيل المثال، تمثال وبعدها اعترف أو ندم. وبما أنه لم يعد يرغب في التمثال ثانية، فعليه أن يعطيه لشخص ما أو يضعه في مركز دارما؟

نظريًا، مثل هذا الشخص يجب أن يُعيده إلى المكان الذي سرقه منه، تتذكرون، في سياق السرقة من الجواهر الثلاث، يجب أن تتم مع الشعور بـ "الآن هذا لي". إذن إذا شعر شخص ما بالندم على السرقة ولم يعد ينظر إلى هذا الشيء على أنه "له"، بعدها بالتأكيد يحاول الشخص إرجاع هذا الشيء. لكن لن يبيعه لشخص آخر بالتأكيد. 

لكننا ليست لدينا هذه الفرصة دائمًا. على سبيل المثال، إذا ذهبنا إلى بلد آخر وسرقنا هناك، وبعدها عدنا إلى بلدنا ومرت السنوات. ما أقصده هنا هو الدافعين المختلفين. في الحالة الأولى، أنت سرقت شيئًا خاصًا لتهبه لشخص آخر، والحالة الأخرى عندما تغير تفكيرك، تغير نفسك، وبعدها تقوم بذلك. الدافعان مختلفان.

نعم، الدافع مختلف. اعتقد أن في الحالة التي ذكرتها، دعونا نقول أن لديك تانكا أو تمثال في منزلك وبعد مرور العديد والعديد من السنوات وجدت أنها كانت مسروقة خلال الثورة الثقافية من الدير. وليس لدينا الفرصة لإرجاعها للدير الذي سُرقت منه، ربما هذا الدير لم يعد موجودًا. لكن اعتقد أنكم إذا كانت لديكم إشكالية فيما الذي عليكم فعله بالتانكا أو التمثال، فاعتقد، وهذا رأيي الشخصي، ربما نأخذ الشيء ونهديه إلى مركز دارما، بالتأكيد ليس بيعه، لكن وضحوا الوضع. أو إعطائه إلى دير، مع شرح الموقف، فنحن بشكل ما نُعيده مرة أخرى للجواهر الثلاث. هذه هي الإمكانية الوحيدة التي استطيع التفكير فيها. 

حسنًا، هناك مواقف تكون فيها الأديرة شديدة الفقر ويبيعون كنوزهم لتجار الأعمال الفنية، الذين يتربحون منها لاحقًا. الآن هل هذا أخلاقي أم لا؟ أنا لا أعرف حقًا. إنهم لا يسرقون، لكنهم يستخدمونها للتربح. إذا كانوا يتربحون بأرقام غير منطقية، بشكل عام، سواءً مواد دارما أو أشياء عادية يبيعونها، فهذه تصرفات مدفوعة بالجشع. وهي غير جيدة. 

بالتأكيد بإمكان الشخص دراسة الفينايا وكل تلك الأشياء مثل المحامي ويحاول العثور على كل التفاصيل الصغيرة والاستثناءات وما شابه، وبالتأكيد هناك باحثين قاموا بذلك وسيستمرون في القيام بذلك. لكن كما شرحت في بداية نقاشنا عن الأخلاق البوذية، ما نرغب في القيام به هو تنمية وعينا التمييزي ومحاولة فهم ما هو الوضع بالفعل وما هي الطريقة الأفضل للتعامل معه -مثل الحالة التي أدرك فيها أن شيئًا ما في منزلي مسروق من دير- ومحاولة تقليل ثِقَل انتهاك العهد. 

النقطة المهمة هي أن هذه العهود هي هيئات شديدة الخفاء، تتذكرون أننا تحدثنا عن هيئات غير كاشفة في استمراريتنا الذهنية تعمل على تشكيل سلوكنا. يمكن أن تكون قوة هذه الهيئة الخفية سليمة تمامًا وقوية أو قد تكون ضعيفة. اعتقد أن هذا يعتمد، في البداية على أخذ العهود، على قوة دافعنا. إذا أخذنا العهود لمجرد أن أصدقاءنا يفعلون ذلك ولا نريد أن نُستبعد، فبالتأكيد قوة هذا العهد ستكون أضعف بكثير مما لو كنا حقًا، لدينا تخلٍ أو لدينا حقًا بوديتشيتا. لهذا السبب في تدريباتنا اليومية فيما يتعلق بعهود البوديساتفا، نجددها ونقويها كل يوم لمحاولة جعلها أقوى من خلال إعادة التأكيد على دوافعنا. إذا انتهكنا هذه العهود، وهو ما نفعله جميعًا حتمًا، ففي معظم الأوقات نُضعِف قوة العهد. هناك عدد كبير من الأشياء التي يجب أن تكون مكتملة كي نفقد العهود من استمراريتنا الذهنية - بالإضافة إلى أن مجرد قولكم "أنا أتخلى عنها. لا أريدها بعد الآن "، بالتأكيد ستفقدونها بهذه الطريقة.

مبدئيًا العديد من النصوص تُدرِج العوامل التي بها ننتهك عهودنا. أحدها قد لا نعلم العهد. نحن فقط لا نعرف ذلك. والثاني عدم الاهتمام. بعبارة أخرى، الإهمال. "أنا لا اهتم بسلوكي، لا اهتم بالعهود، هذا غير مهم". سبب آخر قد يكون أننا غارقين في بعض المشاعر المزعجة، لذلك نحن غاضبون جدًا أو نشعر بالشهوة لدرجة أننا ننسى العهد، وننتهكه. سبب آخر سيكون بسبب عدم الاحترام. نحن لا نحترم العهود ولا نحترم من يحافظ عليها. سبب آخر هو نسيانها، النسيان. آخر سيكون ضعف الحضور الذهني. لذلك لدينا ذاكرة ضعيفة ونحن ضعفاء في الاهتمام بسلوكنا.

الآن بين تلك العهود الثمانية عشر، جميعها ما عدا "التمسك بمنظور مُعادٍ مشوه" و"التخلي عن البوديتشيتا"، باقي العهود تتطلب -كي تفقدوا عهود البوديساتفا بشكل كامل- اكتمال العوامل الأربعة الإلزامية. إذا كان لدينا التفكير المعادي المشوه "كل ذلك غباء"، وما إلى ذلك "سأجادل أي شخص يعتقد أن سلوك البوديساتفا ليس له أي قيمة". بمجرد تفكيرنا بهذا الشكل، أو بمجرد تخلينا عن طموح البوديتشيتا، نفقد العهود. 

بالنسبة للعهود الستة عشر الأخرى، هذه العوامل الأربعة الإلزامية يجب التمسك بها والحفاظ عليها من اللحظة التالية لتنمية الدافع وحتى انتهاك العهد -من تلك اللحظة، وحتى اللحظة التالية لاكتمال فعل الانتهاك. إلا إذا حدث في منتصف الانتهاك، ندمنا على ما نقوم به، عندها لا يكتمل الفعل. يجب أن نتمسك بالأربعة جميعها أثناء قيامنا بالفعل فعليًا للانتهاك. 

إذن الأول هو: عدم النظر إلى ما نفعله على أنه مؤذٍ. بعبارة أخرى نرى أنه لا يوجد شيء خاطئ فيما نقوم به، نرى فقط المزايا، ونقوم بالفعل دون الشعور بندم. والثاني: قيامنا بالانتهاك من قبل، وليست لدينا رغبة أو نية في منع أنفسنا الآن أو في المستقبل من تكراره. والثالث: نحن سعداء بما نقوم به ونقوم به بابتهاج. نحن سعداء بما نقوم به والذي هو انتهاك للعهد. والرابع هو: ليس لدينا أي حِس بالكرامة الأخلاقية الذاتية ولا نهتم بكيفية انعكاس سلوكنا على الآخرين. لذلك أنا لا اهتم بسمعتي. أنا لا اهتم بالعواقب التي تقع عليّ -لا أشعر بالكرامة الأخلاقية الذاتية. والجزء الآخر هو، لا يهمني كيف ينعكس تصرفي بهذه الطريقة على معلمي أو على البوذية أو على أي شخص آخر. إذا كانت جميع المواقف الأربعة موجودة، فإننا نفقد العهد، كل عهود البوديساتفا. إذا لم تكتمل المواقف الداخلية الأربعة، يَضعُف العهد فقط.

لذا دعونا نأخذ مثالًا. نحن لا نُقرض كتابنا البوذي لشخص ما، لأننا متعلقين به وبُخلاء. نحن لا نرى شيئًا خاطئًا في هذا لأن الشخص الآخر قد يسكب القهوة عليه أو لا يُعيده إلينا. نحن لم نُقرض كُتبنا من قبل، كتب الدارما الخاصة بنا، وليست لدينا النية في تغيير هذه السياسة الآن ولا في المستقبل. وعندما نرفض، نحن سعداء بقرارنا. نحن لا نخجل من قول لا، على الرغم من حقيقة أننا من المفترض بنا مساعدة الآخرين لبلوغ الاستنارة -فكيف لا نرغب في مشاركة كتاب الدارما؟ وغير محرجين ولو بقدر ضئيل من هذا الأمر ولا نأبه لكيف سينعكس ذلك على معلمين البوذية الخاصين بنا. وليست لدينا النية للقيام بأي شيء لموازنة هذا التصرف الأناني. كان هذا جزءًا من العوامل الأربعة، غفلت عن ذكرها – أننا ليست لدينا النية لموازنة ما فعلناه. لذا إذا اكتملت كل تلك المواقف الداخلية عندما نرفض إعارة كتابنا لشخص ما، عندها نكون قد فقدنا عهود البوديساتفا خاصتنا. لكن إذا لم يكن أحد تلك المواقف الداخلية موجودًا عندها فنحن نُضعف العهود فقط، الأمر يعود للعدد الحاضر من تلك المواقف الداخلية.

لكن لنفترض أننا نبذنا أحد العهود، لكن دون أن تكون تلك العوامل الإلزامية الأربعة حاضرة. في هذه الحالة لا نُضعف العهود فعليًا. لذا على سبيل المثال، نحن لا نُقرض كتاب الدارما الخاص بنا أو ملاحظتنا لشخص طلبها منَّا. هذا عدم مشاركة الدارما. لكننا نعلم أن هذا خطأ بالأساس، ولا ننوي القيام بذلك كسياسة. نحن غير راضين عن قول لا، ونحن قلقون بشأن وفائنا بوعدنا وكيف سينعكس هذا على معلمينا، ولكن لدينا سبب وجيه لرفض القرض. على سبيل المثال، لدينا حاجة قوية لاستخدام الكتاب، فلنفترض أننا نقوم بترجمة دارما وطلب شخص ما استعارة قاموسنا لبضعة أيام. حسنًا، أحتاج القاموس للترجمة، لذلك لديَّ حاجة ملحة لذلك، أو ربما وعدنا بالفعل بإعارته لشخص آخر. لذا فإن دافعنا هنا ليس التعلق بالكتاب أو البخل، ونحاول موازنة ذلك، لذلك نعتذر عن عدم قدرتنا على إقراضه الآن ونوضح السبب، ونؤكد للشخص أننا سنُقرضه له في أسرع وقت ممكن. لتعويض الخسارة، يمكننا أن نعرض مشاركة ملاحظاتنا عن الكتاب، أو شرح شيء ما من الكتاب، أو السماح لهم باستخدامه في منزلنا عندما لا نستخدمه، وما إلى ذلك. وبهذه الطريقة نحافظ تمامًا على عهد البوديساتفا، على الرغم من أنه من الناحية الفنية يبدو أننا ننتهكه لأننا لا نعير كتاب دارما.

هناك قائمة كاملة بكيفية تفاوت القوة، كم ما يزال العهد قويًا، لأي مدى أضعفناه، يعتمد الأمر على أي عامل من تلك العوامل الأربعة حاضر، وأي مزيج، وما إلى ذلك. ليس هناك حاجة للخوض في جميع هذه التفاصيل. لذا، كما هو الحال في جميع العهود، أو حتى السلوك المدمر الذي لم نتعهد بتجنبه، من المهم محاولة إضعاف قوة الكارما السلبية، القوة السلبية بقدر الإمكان. نحاول ألا نجعل الوضع سيئًا بشدة، لنضعها بلغة بسيطة. لأن قوة عواقب الكارما ستعتمد على العديد والعديد من العوامل، وليس على هذه الأربعة فقط. ما مدى قوة المشاعر المزعجة التي تنطوي عليها؟ كم مرة نفعل هذا. أيضًا من حيث الحالة، الحالة الروحانية، بمعنى الشخص المنخرط في الأمر (المحَل) وأنفسنا.

إذا رفضنا إقراض كتاب الدارما الخاص بنا، دعونا نقول، لمعلم الدارما الذي يحتاج إلى البحث عن شيء ما لشرح ذلك لتلاميذه، فهذا أثقل بكثير من عدم إعارته لشخص لديه فقط فضول لإلقاء نظرة عليه. بدون سبب وجيه معين. كما سيعتمد الثِّقل على حالتنا الروحانية. هل أخذت عهدًا بعدم القيام بذلك أم لا؟ لهذا السبب إذا لم نتمكن من الوفاء بالعهود، لا نأخذها. هذا هو السبب في أنه من المفيد جدًا في العهود الخمسة للأشخاص العاديين أن يكون لدينا خيار أخذ العدد الذي يمكننا الحفاظ عليه. لذلك إذا لم يكن من الممكن تجنب الكحول أو تجنب أشكالاً معينة من السلوك الجنسي، السلوك الجنسي غير اللائق، فلا تأخذوا العهد. كل هذه الأشياء المنخرطة في جعل تأثير فعل الكارما قويًا، يمكننا أن نجدها بالتفصيل في التعاليم الخاصة بالكارما، هناك قائمة طويلة كاملة. لذلك نحاول أن نضعف قدر الإمكان القوة السلبية من انتهاك العهد.

نحاول أن نفعل عكس هذه العوامل الإلزامية. لذا بدلاً من التفكير في أنه لا يوجد شيء خاطئ في ذلك، فإننا نعترف صراحةً بأن هذا كان غير صحيح، وكان هذا خطأ، ونأسف على فعلنا بدلاً من الابتهاج والفرح به. الندم لا يعني الشعور بالذنب، إنه يعني فقط أنني أتمنى لو لم أفعل ذلك، أو لو لم اضطر إلى القيام بذلك -مثل كم يؤسفني أنني لا استطيع إعارة كتابي لك. وقررنا عدم تكرار هذا الانتهاك- سأبذل قصارى جهدي لعدم تكراره -بدلاً من عدم وجود نية للتوقف. ونعيد التأكيد على أساسنا، أساسنا الروحاني، وهو التوجه الآمن أو الملجأ والبوديتشيتا، بدلاً من عدم الشعور بالكرامة الذاتية الأخلاقية أو الاهتمام بكيفية انعكاس أفعالنا على الآخرين، على معلمينا. بعبارة أخرى، أنا الآن اهتم بمستقبلي وما سأختبره، فأنا اهتم بأساتذتي وما إلى ذلك، ولذا سأضع هذا التوجه الآمن والبوديتشيتا مرة أخرى باعتبارهما الشيء المركزي في حياتي. نتخذ بعض الإجراءات المُضادة أو العلاجية لموازنة هذا الانتهاك، بدلاً من عدم وجود نية لإصلاح الضرر الذي سببناه لأنفسنا. لذلك، على هذا النحو، نطبق القوى المضادة الأربعة على أنها معاكسة للعوامل الإلزامية الأربعة.

حسنًا، هذه هي التعاليم الأساسية عن عهود البوديساتفا. نحن نرى أنه من أجل أخذها يجب أن يكون لدينا الدافع الملائم، الإعداد الملائم، وبإمكاننا تقويتها بأخذها مرة تلو الأخرى، سواءً بأنفسنا أو مع معلم روحاني. من المهم للغاية أن تتذكروا ما هي -وإذا لم نذكِّر أنفسنا يوميًا، فعلى الأقل أحيانًا نقرأ القائمة الخاصة بكل من العهود الجذرية والثانوية. وإذا وجدنا أننا بحاجة للتخلي عنها لسبب أو لآخر، حاولوا ألا تجعلوا العوامل الإلزامية تلك مكتملة. حاولوا جعل الانتهاك أضعف قدر الإمكان وبعدها حاولوا تقوية عهودكم ثانية. 

هل هناك أي أسئلة أخيرة؟

لدي سؤال حول حقوق النشر. هناك حقوق طبع ونشر لكتب الدارما، وبالتالي لا يمكننا نسخها في منشور. هل يعني ذلك أيضًا أنك إذا نسختها لبعض الاستخدامات الشخصية، فأنت تسرق من الجواهر الثلاث؟ وأيضًا ماذا عن مواقع الإنترنت، أو أي صفحات على الإنترنت -عندما تبيعها؟

بمعنى أنه يتعين علينا استشارة محامٍ بشأن هذا الأمر، لأنه فيما يتعلق بالإنترنت، بقدر ما أفهم، فهو في المجال العام وبالتالي يمكن لأي شخص قص ولصق أي شيء، ولذا إذا كان هناك شخص ما على الإنترنت لا يريدكم أن تصلوا إلى المواد الخاصة به، عندها سيجعلكم تدفعون، وإذا لم تدفعوا فلن تتمكنوا من الوصول إلى تلك المواد. حسنًا، بالتأكيد هناك قراصنة إنترنت قادرون على الالتفاف على ذلك، ومن الواضح أن هذا يسرق الدارما إذا كانت النية هي أن عليكم الدفع مقابل المادة.

لكن مع الكتب المحمية بحقوق الطبع والنشر، فهذه مشكلة قانونية. هناك جدل قانوني كبير يدور حاليًا مع جوجل. أنهم يريدون وضع جميع الكتب في متناول اليد. لست متأكدًا تمامًا إذا كانوا يريدون ذلك أن يكون مجانًا أم أنهم سيطالبون برسوم، ولكن لنشر الأشياء على الإنترنت -عادة ما تكون الأشياء التي نفذت طبعتها، ولكن لا يزال الناشر أو المؤلف يمتلك حقوق الطبع والنشر. وهناك الكثير من الجدل القانوني حول ذلك، وشركة جوجل على استعداد لدفع القليل للمؤلفين، وليس من الواضح على الإطلاق ما الذي سيحدث في هذا الأمر.

الآن، القضية الكاملة لجني الأموال من الدارما وجني الأرباح من الدارما، هذه مسألة أخلاقية مختلفة تمامًا وليس لدينا وقت للدخول فيها. لكن شانتيديفا يقول أنه إذا قام الخادم بعمل جيد، فمن المهم أن يُدفع للخادم ما يحتاجه. لكن إذا كان الخادم لا يعمل بشكل جيد، أو لا يعمل على الإطلاق، فليس من اللائق دفع أجر ذلك الخادم. من الواضح أنه يمكننا استخدام نفس المثال لشخص يعمل لدينا، موظفنا. ما يماثل هذا هو أننا إذا كنا بوديساتفات ونقدم أنفسنا كخادمين لخدمة جميع الكائنات الواعية. لذلك، على سبيل المثال، نحن نكرس حياتنا لعمل ترجمات لكتب الدارما أو إتاحتها وما إلى ذلك، وإذا كنا نقوم بالفعل بهذا العمل، فلا بأس من أن ندفع لأنفسنا، لكي "ندفع للخادم"، وإذا كنا لا نقوم بالعمل، لا ندفع. لا أن نصبح أثرياء من ذلك، ولكن فقط لرعاية أنفسنا. يبدو أن هذا يتناسب مع نصيحة شانتيديفا. لذا، إذا كان الناس يتقاضون رسومًا مقابل كتب الدارما من أجل أن يدفعوا لأنفسهم، وأن يدفعوا للناس الآخرين الذين يعملون عليها، وأن يدفعوا للمؤلف وما إلى ذلك، حسنًا، من الواضح أن عدم الدفع لهم - لمجرد نسخ الكتاب - يمثل مشكلة.

لكن هذا الشيء أصبح صعبًا للغاية. هل نقوم بمسح الكتاب ضوئيًا أم بنسخه من المكتبة؟ حسنًا، تمتلك الجامعات آلات نسخ هناك في المكتبة للطلاب لعمل نُسَخ. يقولون لكم أنه ليس من المفترض بكم أن تنسخوا العمل بأكمله. حسنًا، ما الحجم الذي يمكنكم نسخه؟ لذا فإن الأمر برمته يبدأ في التحول إلى نزاع قانوني. اعتقد أن الكثير يعتمد على دوافعنا. إذا كان لدينا المال وقادرين على شرائه بأنفسنا ولم نفعل ذلك، فقط لأننا نفكر في مدى ذكائنا في خداع شركة النشر، أو أننا أشُحاء أو بُخلاء، فهذا يختلف تمامًا عن كوننا متدربي دارما مخلصين جدًا جدًا ونحتاج إلى المواد الموجودة في هذا الكتاب لتدربنا، وليس لدينا المال لشرائه بأنفسنا. اعتقد أن هذا مختلف تمامًا. لذا اعتقد أن كل شيء يعتمد على الدافع. وسواءً كان هناك انتهاك فعلي للعهد أم لا، فإن الهدف هو جعل أي كارما سلبية قد تأتي منه ضعيفة قدر الإمكان.

لذا مرة أخرى التدرب على الالتزام الذاتي الأخلاقي في البوذية، متصل جدًا جدًا بالوعي التمييزي والدافع وكل تلك العوامل، إنه ليس فقط "اتبعوا القانون. كونوا مُطيعين". 

Top